فصل: بَابُ الْإِقْرَارِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.بَابُ الْإِقْرَارِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْ غَيْرِهِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ فَادَّعَى عَلَيْهِ الشَّرِيكُ نِصْفَ الثَّوْبِ وَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ فِي يَدِهِ وَإِقْرَارُهُ بِالْأَخْذِ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالثَّوْبِ غَيْرِ مُتَوَلَّدٍ مِنْ الدَّارِ بَلْ مَوْضُوعٌ فِيهَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ سَاكِنٌ فِي الدَّارِ يَضَعُ أَمْتِعَتَهُ فِيهَا، ثُمَّ يَأْخُذُهَا مِنْهَا فَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِالْيَدِ لَلشَّرِيكِ فِي الثَّوْبِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مِنْ بَيْتِ فُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ هُوَ لِي فَالْمَالُ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَخْذِ مِنْ بَيْتِهِ فَهُوَ كَإِقْرَارِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّ مَا فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ يَكُونُ فِي يَدِهِ حُكْمًا لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ غَيْرُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَيُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الْمِلْكِ لِنَفْسِهِ.
وَكَذَلِكَ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِآخَرَ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُ لِلثَّانِي مِثْلَهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَقَدْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِلْكَهُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهُ فَيَضْمَنُ لَهُ مِثْلَهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ صُنْدُوقِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ مِنْ كِيسِهِ أَوْ سَفَطِهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا أَوْ مِنْ قَرْيَتِهِ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ مِنْ نَخْلِهِ كُرًّا مِنْ تَمْرٍ أَوْ مِنْ زَرْعِهِ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ أَخَذَ مَا كَانَ فِي يَدِ فُلَانٍ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ.
وَلَوْ قَالَ قَبَضْتُ مِنْ أَرْضِ فُلَانٍ عِدْلَ زُطِّيٍّ، ثُمَّ قَالَ مَرَرْتُ فِيهَا مَارًّا فَنَزَلْتُهَا لَمْ يُصَدَّقْ إذَا لَمْ يُعْرَفْ نُزُولُهُ فِيهَا وَيُقْضَى بِالزُّطِّيِّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ طَرِيقًا مَعْرُوفًا لِلنَّاسِ أَوْ يَكُونَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ حِينَئِذٍ.
وَكَذَلِكَ الْقَرْيَةُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالنُّزُولِ فَيَكُونُ قِيَاسُ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الَّتِي يُمْكِنُ كُلُّ شَرِيكٍ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا فَلَا يَتَضَمَّنُ كَلَامُهُ الْإِقْرَارَ بِأَنَّهُ آخِذٌ لِلْعَدْلِ مِنْ صَاحِبِ الْأَرْضِ.
وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ مِنْ دَارِ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ كُنْت فِيهَا سَاكِنًا بِأُجْرَةٍ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَوْ بَيَّنَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ الْمَالِ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَأُمِرَ بِرَدِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ سَبَبُ يَدِهِ عَلَى الدَّارِ فِي وَقْتٍ مَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِأَخْذِ الْمِائَةِ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ.
وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ فُلَانًا أَتَى أَرْضَ فُلَانٍ هَذِهِ فَاحْتَفَرَ فِيهَا وَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَلْفَ دِرْهَمٍ وَزْنَ سَبْعَةٍ وَادَّعَاهَا رَبُّ الْأَرْضِ وَجَحَدَ الْحَافِرُ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمَالَ لَهُ فَإِنِّي أَقْضِي بِهَا لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ مِلْكِهِ كَشَهَادَتِهِمْ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ يَدِهِ أَرَأَيْتَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ ضَرَبَ صَاحِبَ الْأَرْضِ حَتَّى أَوْقَعَهُ أَوْ قَاتَلَهُ حَتَّى غَلَبَهُ، ثُمَّ احْتَفَرَ الْأَرْضَ وَأَخْرَجَ الْمَالَ أَمَا كَانَ يُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ فَهَذَا مِمَّا لَا يُشْكِلُ عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَنْزِلِهِ كَذَا أَوْ مِنْ حَانُوتِهِ أَوْ أَخَذَ دُهْنًا مِنْ قَارُورَتِهِ أَوْ سَمْنًا مِنْ زِقِّهِ فَهَذَا وَشَهَادَتُهُمْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ يَدِهِ سَوَاءٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ سَرْجًا كَانَ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ أَوْ لِجَامًا أَوْ حِمْلًا مِنْ حِنْطَةٍ كَانَتْ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ أَوْ طَعَامًا كَانَ فِي جُوَالِقِ فُلَانٍ قُضِيَ بِهِ لَهُ لِإِقْرَارِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ دَابَّةَ فُلَانٍ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ يَدِهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ بِطَانَةَ جُبَّتِهِ أَوْ سِتْرَ بَابِهِ فَالْإِضَافَةُ لِمِلْكِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ رَكِبَ دَابَّةَ فُلَانٍ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَ فُلَانٍ أَوْ اسْتَخْدَمَ خَادِمَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فُلَانٌ آخَرُ مِنْهُ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِفِعْلٍ هُوَ غَصْبٌ مِنْ مِلْكِ الْأَوَّلِ فَيُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ كَانَ ضَامِنًا.
وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ حَمَلَنِي عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ فِي سَفِينَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِفِعْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجَبٍ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُمِلَ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ هَذَا فِعْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُضِيفًا لِلْحَمْلِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مُوجَبٍ لِلضَّمَانِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثِيَابًا مِنْ حَمَّامِ فُلَانٍ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَدْخُلُونَ الْحَمَّامَ فَيَضَعُونَ ثِيَابَهُمْ فِيهَا، ثُمَّ يَأْخُذُونَهَا فَلَا يَتَضَمَّنُ هَذَا اللَّفْظُ الْإِقْرَارَ بِيَدٍ أَصْلِيَّةٍ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ فِي الثِّيَابِ.
وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَالْكَعْبَةُ وَالْخَانُ وَالْأَرْضُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْأَمْتِعَةَ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ فُلَانٍ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ إنْ ادَّعَاهُ رَبُّ الْبَيْتِ وَيَضْمَنُهُ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ إذَا قَالَ أَسْكَنْتُهُ دَارِي، ثُمَّ أَخَذْتهَا مِنْهُ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ فِنَاءِ فُلَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِنَاءَ اسْمُ لِسَعَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مِلْكِهِ مُعَدَّةٍ لِمَنَافِعِهِ مِنْ كَسْرِ الْحَطَبِ وَإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ عَلَى الْخُصُوصِ بَلْ لِلنَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا.
وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ.
وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ ثَوْبًا مِنْ أَجِيرِ فُلَانٍ فَهُوَ لِلْأَجِيرِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ يَدِهِ وَيَدُ الْأَجِيرِ فِي أَمْتِعَتِهِ يَدُ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ نَازَعَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ مَسْجِدِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ لَهُ خَاصَّةً فِي دَارِهِ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مِلْكِهِ وَمَا فِيهِ يَكُونُ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الْبِيعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ أَوْ بَيْتِ النَّارِ أَوْ الْقَنْطَرَةِ أَوْ الْجِسْرِ أَوْ كُلِّ مَوْضِعٍ لِلْعَامَّةِ مِمَّا لَا يَدَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا حَدَّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقُّ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلَا يَتَضَمَّنُ كَلَامُهُ الْإِقْرَارَ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِ إنْسَانٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.بَابُ إقْرَارِ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ، وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ الْآخَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْخَبَرِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ حُجَّةٌ، وَعَلَى الْآخَرِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى اثْنَيْنِ مَعَهُ لَزِمَهُ الثُّلُثُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ سَمَّى عَبْدًا مَحْجُورًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ رَجُلًا لَا يُعْرَفُ فَعَلَى الْمُقِرِّ حِصَّتُهُ عَلَى عَدَدِهِمْ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ سَمَّى ذِمَّتُهُ صَالِحُهُ لِالْتِزَامِ الْمَالِ فَيَتَحَقَّقُ الِاشْتِرَاكُ وَيَكُونُ مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِحِصَّتِهِ خَاصَّةً.
وَلَوْ قَالَ إنَّ لِفُلَانٍ عَيْنًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدًا، ثُمَّ قَالَ عَنَيْتُ فُلَانًا وَفُلَانًا لَزِمَهُ الْمَالُ كُلُّهُ إنْ ادَّعَاهُ الطَّالِبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا حِصَّتُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَحَقِيقَةُ لَفْظِ الْجَمْعِ لَا تَتَنَاوَلُ الْمُفْرَدَ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي بَيَانِ الْعَدَدِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّ إبْهَامَ الْعَدَدِ فِي الْمُقَرِّ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَتِهِ فِي الْمُقَرِّ بِهِ فَيَرْجِعُ فِي بَيَانِهِ إلَيْهِ وَكُنَّا تَرَكْنَا هَذِهِ الْحَقِيقَةَ لِدَلِيلِ عُرْفِ النَّاسِ فَقَدْ يُخْبِرُ الْوَاحِدُ عَنْ نَفْسِهِ بِعِبَارَةٍ الْجَمْعِ تَارَةً وَبِعِبَارَةِ الْمُفْرَدِ أُخْرَى.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْعُظَمَاءَ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ فَعَلْنَا كَذَا وَأَمَرْنَا بِكَذَا وَنَحْنُ نَقُولُ كَذَا وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ أَنْفُسَهُمْ وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ إنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} وقَوْله تَعَالَى {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ} وقَوْله تَعَالَى {إنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ} وقَوْله تَعَالَى {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}، فَإِذَا كَانَ عُرْفٌ ظَاهِرٌ جَعَلْنَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيْنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى آخَرِينَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِلَفْظِهِ لَا بِإِشَارَتِهِ فَوُجُودُ هَذِهِ الْإِشَارَةِ كَعَدَمِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ رَهْطٌ قُعُودٌ، فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَوْ عَلَيْنَا كُلِّنَا وَأَشَارَ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَيْهِمْ فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا حِصَّتُهُ عَلَى عَدَدِ الْقَوْمِ الَّذِينَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَ بِكَلَامِهِ لَفْظًا يَمْنَعُنَا أَنْ نَحْمِلَ كَلَامَهُ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ نَفْسِهِ خَاصَّةً، وَهُوَ قَوْلُهُ كُلُّنَا فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مُضِيفٌ الْإِقْرَارَ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ هُمْ جُلُوسٌ مَعَهُ، وَقَدْ أَظْهَرَ ذَلِكَ بِإِشَارَتِهِ إلَيْهِمْ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا حِصَّتُهُ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى رَجُلٍ مِنَّا كُرٌّ أَوْ رَجُلَيْنِ مِنَّا كُرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمُقَرَّ عَلَيْهِ مُنَكَّرًا، وَهُوَ مَعْرِفَةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ لَفْظُهُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِهِ.
وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الْمَالُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ خَاطَبَ الْمُقَرَّ لَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَقَدْ يُخَاطَبُ الْمُفْرَدُ بِعِبَارَةِ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ أَنْتُمْ يَا فُلَانُ لَكُمْ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ نَحْنُ يَا فُلَانُ لَكَ عَلَيْنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ إقْرَارٌ لَهُ بِالْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ لِمَا قُلْنَا.
وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ لَكُمَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ كَانَ لِفُلَانٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ الْمُفْرَدُ بِعِبَارَةِ التَّثْنِيَةِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ فَإِنَّ فِي عِبَارَةِ الْجَمْعِ لِلْمُفْرَدِ مَعْنَى التَّعْظِيمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ التَّثْنِيَةِ فَإِنَّمَا صَارَ مُقِرًّا لَهُ وَلِمَجْهُولٍ آخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نِصْفُ الْأَلْفِ وَبَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ لَهُ فَخِطَابُ التَّثْنِيَةِ لِلْمُفْرَدِ يُوجَدُ فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ}، وَقَالَ تَعَالَى {فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ}، وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ أَبْقَى الْجَوَابَ عَلَى مَا هُوَ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ الْعَوَامّ مِنْ النَّاسِ.
وَلَوْ قَالَ أَقْرَضَنَا فُلَانٌ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَوْ اسْتَوْدَعَنَا أَوْ أَعَارَنَا أَوْ غَصَبْنَا مِنْهُ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْمَالِ وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ غَيْرَهُ مَعَهُ لِمَا قُلْنَا.
وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُ وَمَعِي فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَمَعِي فُلَانٌ جَالِسٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ لِلثَّانِي خَبَرًا لَا يَكُونُ اشْتِرَاكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ فِي الْخَبَرِ، وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خَبَرًا تَحَقَّقَ الِاشْتِرَاكُ لِلْعَطْفِ كَمَا إذَا قَالَ زَيْنَبُ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَعَمْرَةُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ فِضَّةً، ثُمَّ قَالَ هِيَ سُودٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَيَانَهُ مُقَرِّرٌ لِأَوَّلِ كَلَامِهِ فَإِنَّ اسْمَ الْفِضَّةِ يَتَنَاوَلُ السُّودَ وَالْبِيضَ عَلَى السَّوَاءِ فَيَكُونُ بَيَانُهُ مَقْبُولًا.
وَلَوْ قَالَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضًا، وَلَمْ أَقْبِضْهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ وَصَلَ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْقَرْضِ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَانَ هَذَا رُجُوعًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ لَمْ أَقْبِضْهَا لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَصِيرُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ وَلَا غَصْبًا قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَتَاعٍ بَاعَنِيهِ وَنِسَائِي إلَى الْعَطَاءِ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْأَجَلِ إذَا أَنْكَرَهُ الطَّالِبُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَجَلًا صَحِيحًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ، فَإِذَا ادَّعَى أَجَلًا فَاسِدًا كَانَ ذَلِكَ أَوْلَى.
وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى فِيهِ شَرْطًا يُفْسِدُهُ أَوْ زَادَ مَعَ ذَلِكَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا وَأَوْرَدَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ زُيُوفٌ، وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ هِيَ جِيَادٌ فَعِنْدَنَا يَلْزَمُهُ الْمَالُ كَمَا أَقَرَّ بِهِ، وَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ إقْرَارُهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ رَدَّ إقْرَارَهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا آخَرَ فَقِيَاسُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُنَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ بَاطِلًا وَأَوْرَدَ أَيْضًا، ثُمَّ إنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ هَذَا الْعَبْدِ لَا بَلْ ثَمَنُ جَارِيَةٍ وَادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَاحِدٍ، وَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُهُ أَلْفَانِ وَلَوْ قَالَ لَا بَلْ هِيَ ثَمَنُ جَارِيَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَلْفٌ وَاحِدٌ بِالِاتِّفَاقِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ فِي اسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ بِقَوْلِهِ لَا بَلْ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ بَلْ هِيَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ فَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَبْطُلُ إقْرَارُهُ، وَعِنْدَنَا يَكُونُ الْمَالُ الثَّانِي اسْتِحْسَانًا وَنَظَائِرُ هَذَا الْفَصْلِ قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي الْجَامِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.بَابُ الْإِقْرَارِ فِي غَيْرِ الْمَرَضِ:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَإِقْرَارُ الصَّحِيحِ بِالدَّيْنِ وَالْقَرْضِ وَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ لِوَارِثِهِ وَغَيْرِ وَارِثِهِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَإِقْرَارُ الْمُكَاتَبِ لِمَوْلَاهُ جَائِزٌ كُلُّهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي مَالِ الصَّحِيحِ وَلَا تُهْمَةَ فِي إقْرَارِهِ فَإِنَّهُ مُمَكَّنٌ مِنْ تَحْصِيلِ مَقْصُودِهِ بِطَرِيقِ الْإِنْشَاءِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ، فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَصَدِّقُوهُ فِيمَا قَالَ، ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَفِي الْقِيَاسِ لَا يُصَدَّقُ عَلَى مَا يَدَّعِي فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ بِخِلَافِ حُكْمِ الشَّرْعِ فَإِنَّ مِنْ حُكْمِ الشَّرْعِ أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي دَعْوَاهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَوْ أُعْطِيَ النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» الحديث وَوَصِيَّتُهُ بِخِلَافِ الشَّرْعِ بَاطِلَةٌ، وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ، فَقَالَ يُصَدَّقُ الطَّالِبُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى مَالِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مَالِكٌ لِتَسْلِيطِهِ عَلَى قَدْرِ الثُّلُثِ فِي مَالِهِ إيجَابًا لَهُ فَكَذَلِكَ يَصِحُّ تَسْلِيطُهُ إيَّاهُ عَلَى قَدْرِ الثُّلُثِ إخْبَارًا بِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ ثُلُثَ الْمَالِ حَقًّا لِلْمَرِيضِ لِيَفُكَّ بِهِ نَفْسَهُ وَيَصْرِفَهُ فِي حَوَائِجِهِ وَمِنْ حَوَائِجِهِ تَفْرِيغُ ذِمَّتِهِ وَرُبَّمَا يَعْلَمُ بِوُجُوبِ الْحَقِّ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِ وَيَشْتَبِهُ عَلَيْهِ مِقْدَارُهُ فَيُقِرُّ بِهِ وَيُفَوِّضُ بَيَانَ الْمِقْدَارِ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ لِعِلْمِهِ بِأَمَانَتِهِ فَلِهَذَا صَحَّحْنَا وَصِيَّتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَكِنْ يُحَلِّفُ الْوَرَثَةَ عَلَى عِلْمِهِمْ؛ لِأَنَّا كُنَّا نُصَدِّقُهُ بِاعْتِبَارِ وَصِيَّةِ الْمُوصِي وَوَصِيَّتُهُ لَا تَكُونُ مُلْزِمَةً فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ مُسَمًّى بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الدَّيْنُ الْمُسَمَّى أَوْلَى فِي جَمِيعِ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ صَاحِبِ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى مَعْلُومٌ ثَابِتٌ بِمَا هُوَ حُجَّةٌ، وَهُوَ الْإِقْرَارُ وَحَقُّ الْآخَرِ مَجْهُولٌ وَيُشْبِهُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ الضَّعِيفِ مِنْ السَّبَبِ وَبَيْنِ الْقَوِيِّ فَلِهَذَا كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْمُسَمَّى أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِدَيْنٍ مُسَمًّى، وَلَكِنَّهُ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ مَعْلُومٌ مُسَمًّى وَالْمَجْهُولُ لَا يُزَاحِمُ الْمَعْلُومَ فَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فِي الْكِتَابِ وَأَوْرَدَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إذَا أَخَذَ الثُّلُثَ يُقَالُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ لِآخَرَ فَنُعْطِيَهُ ثُلُثَ ذَلِكَ مِمَّا فِي يَدِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْآخَرِ الْوَارِثِ، وَقَدْ أَقَرَّ الْمَيِّتُ لِلْآخَرِ بِدَيْنٍ مَجْهُولٍ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ فَلَا بُدَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ يُبَيِّنَ كَمَا لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ لِلْوَارِثِ، وَلَكِنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ هُنَاكَ فِيمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ فَصَدِّقُوهُ وَهُنَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَصَدِّقُوهُ فَمَا زَادَ عَلَى هَذَا مِنْ الْكَلَامِ فِيهِ فَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا أَمْلَيْنَاهُ مِنْ شَرْحِ الزِّيَادَاتِ.
وَلَوْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِدَيْنٍ، ثُمَّ بِدَيْنٍ آخَرَ تَخَاصَمُوا جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ فَقَدْ صَارَ مَالُهُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْغَرِيمِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَ حَقِّهِ عَنْهُ فَإِقْرَارُهُ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَهُوَ كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ غَيْرَ دِرْهَمٍ أَوْ نُقْصَانَ دِرْهَمٍ كَانَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ حَقِيقَةً فَتَصْرِيحُهُ فِي الْمُسْتَثْنَى بِالدَّرَاهِمِ يَكُونُ بَيَانًا فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَنَّهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ.
وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا تِسْعَمِائَةٍ فَعَلَيْهِ مِائَةٌ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ صَحِيحٌ مَتَى بَقِيَ وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى شَيْئًا قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ كَانَتْ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ الْعَشَرَةَ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِالدِّرْهَمِ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَقَدْ بَيَّنَّا نَظَائِرَهُ فِي قَوْلِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ إلَى أَجَلٍ بَطَلَ الْأَجَلُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْغَرِيمِ صَارَ كَالْعَيْنِ فِي التَّرِكَةِ وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ الْآجَالَ فَلَا فَائِدَةَ فِي إبْقَاءِ الْأَجَلِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَهُ وَلَا لِوَارِثِهِ لِأَنَّهُ يَبْقَى مُرْتَهَنًا بِالدَّيْنِ وَلَا تَنْبَسِطُ يَدُ وَارِثِهِ فِي التَّرِكَةِ لِمَكَانِ الدَّيْنِ.
وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ لِقَابِلِهِ وَلَا لِعَبْدِ قَابِلِهِ وَلَا لِمُكَاتَبِ قَابِلِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِيمَا سَبَقَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالدَّيْنِ لِلْقَابِلِ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ لِلْوَارِثِ عَلَى قِيَاسِ الْوَصِيَّةِ فَكَذَلِكَ لِعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ لِمُكَاتَبِ نَفْسِهِ بِدَيْنٍ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَ كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَحَقَّ بِنَفْسِهِ وَمَكَاسِبِهِ، وَهُوَ مِنْ مَوْلَاهُ بِمَنْزِلَةِ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِي أَنَّهُ يَثْبُتُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهُ أَيْضًا كَمَا يَصِحُّ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ، وَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِهِ إيَّاهُ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَهُ بِالدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ، وَهَذَا لِأَنَّ تُهْمَةَ الْمُوَاضَعَةِ تَتَمَكَّنُ بَيْنَهُمَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْمَرَضِ فَلِهَذَا جَعَلْنَا ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إعْتَاقِهِ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَثْبَتَهُ أَنَّ مِثْلَ الْكِتَابَةِ عِتْقٌ وَسَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِمَا قُلْنَا.
وَإِذَا أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ عَلَى أَبِيهِ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ دَيْنًا، وَفِي دَارٍ لِأَبِيهِ، وَعَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ مَعْرُوفٌ فِي الصِّحَّةِ فَدَيْنُهُ الَّذِي فِي الصِّحَّةِ أَوْلَى بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى أَبِيهِ فِي مَرَضِهِ كَإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ دُونَ ذَلِكَ فَيُقَدِّمُ دَيْنَ الصِّحَّةِ وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ بِذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ كَانَ دَيْنُ الْأَبِ أَوْلَى فِي تَرِكَةِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالْعَيْنِ فَإِنَّ حَقَّ غُرَمَاءِ الْأَبِ يَتَعَلَّقُ بِتَرِكَتِهِ وَصِحَّةُ إقْرَارِ الِابْنِ عَلَى الْأَبِ بِاعْتِبَارِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِذَا حَصَلَ إقْرَارُهُ فِي الصِّحَّةِ صَارَ ذَلِكَ مُسْتَحَقًّا لِغُرَمَاءِ الْأَبِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ غُرَمَاءِ الِابْنِ.
وَإِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، وَفِي يَدِهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ، فَقَالَ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ عَلَى أَبِي وَلِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَوَصَلَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ فِي آخَرِ كَلَامِهِ مَا يُغَايِرُ أَوَّلَهُ فَتَوَقَّفَ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ وَصَارَ هَذَا كَقَوْلِهِ لَهُمَا عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهَذِهِ وَدِيعَةٌ عِنْدَ أَبِي لِفُلَانٍ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَ الْإِقْرَارَ بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ بِوَدِيعَةٍ مُسْتَهْلَكَةٍ فَيَتَحَاصَّانِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْعَدَمَ الْإِقْرَارُ الْوَدِيعَةِ.
وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ تَرَكَ عَبْدًا، فَقَالَ رَجُلٌ لِي عَلَى أَبِيكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْعَبْدُ قَدْ أَعْتَقَنِي أَبُوكَ، فَقَالَ صَدَقْتُمَا فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ الدَّيْنُ أَوْلَى، وَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يَسْعَى فِي عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ نُفُوذَ الْعِتْقِ عِنْدَ إقْرَارِ الْوَارِثِ كَنُفُوذِهِ لَوْ بَاشَرَهُ الْأَبُ فِي مَرَضِهِ فَيَكُونُ مُؤَخَّرًا عَنْ الدَّيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَمْ يَصِرْ إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَتِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَقِيقَةِ تَنْبَنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ وَدِيعَةً فِي يَدِ أَبِيهِ بِعَيْنِهَا وَادَّعَى الْآخَرُ دَيْنًا فَصَدَّقَهُمَا الْوَارِثُ وَهُنَاكَ عِنْدَهُمَا مُدَّعِي الْعَيْنِ أَوْلَى فَكَذَلِكَ هُنَا الْعَبْدُ بِمَنْزِلَةِ مُدَّعِي الْعَيْنِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُنَاكَ يَتَحَاصَّانِ وَصَارَتْ دَعْوَى الْعَيْنِ كَدَعْوَى الدَّيْنِ حِينَ أَقَرَّ الْوَارِثُ بِهِمَا مَعًا فَهُنَا أَيْضًا يَصِيرُ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ وَالتَّبَرُّعِ فَيُقَدَّمُ الدَّيْنُ عِنْدَهُ.
وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنًا وَدَفَعَهَا إلَيْهِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، ثُمَّ أَقَرَّ لِآخَرَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ مَا صَارَ مُتْلِفًا شَيْئًا مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ وَالدَّفْعُ حَصَلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ دَفَعَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ضَمِنَ الثَّانِي خَمْسَمِائَةٍ بِإِقْرَارِهِ حَقَّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي خَمْسِمِائَةٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ بِالدَّفْعِ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ صَارَ مُتْلِفًا حَقَّ الثَّانِي فَيَضْمَنُ لَهُ نَصِيبَهُ.
وَلَوْ كَانَ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَى أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَالْأَلْفُ لِلْأَوَّلِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُقِرِّ لِلثَّانِي وَرُجُوعُهُ فِي إبْطَالِ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ بَاطِلٌ، وَلَكِنَّهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ صَحِيحٌ، فَإِذَا دَفَعَهَا بِغَيْرِ قَضَاءٍ صَارَ مُتْلِفًا جَمِيعَ الْأَلْفِ عَلَى الثَّانِي بِزَعْمِهِ فَيَضْمَنُ لَهُ مِثْلَهَا.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِهَذَا لَا بَلْ لِهَذَا فَالثُّلُثُ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَفَعَ الثُّلُثَ إلَى الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ فَحِينَئِذٍ يَغْرَمُ لِلثَّانِي مِثْلَهُ، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْفَعُ ثُلُثًا إلَى الْأَوَّلِ وَثُلُثًا إلَى الثَّانِي.
وَلَوْ كَانَ قَالَ أَوْصَى أَبِي بِثُلُثِ مَالِهِ لِفُلَانٍ لَا بَلْ لِفُلَانٍ فَعِنْدَ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَدْفَعُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثَ الْمَالِ وَيَخْرُجُ مِنْ الْوَسَطِ، وَعِنْدَنَا الثُّلُثُ لِلْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْآخَرَيْنِ إذَا دَفَعَهُ بِقَضَاءٍ وَهَذَا قِيَاسُ مَا سَبَقَ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ فَخَاصَمَهُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِأَنْ يُوَفِّيَهُ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُوجَبَ لِلْمَالِ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُبْطِلُ لَهُ، وَهُوَ مَوْتُهُ مِنْ مَرَضِهِ مَوْهُومٌ وَالْمَوْهُومُ لَا يُعَارِضُ الْمَعْلُومَ فَيَأْمُرُهُ بِالْقَضَاءِ، فَإِنْ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ بَطَلَ إقْرَارُهُ حِينَئِذٍ فَيَأْمُرُ الْوَارِثَ بِرَدِّ الْمَقْبُوضِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.