فصل: باب المساقاة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الشامل



.باب المساقاة:

فالمساقاة إجارة على عمل في حائط وشبهه بجزء من غلته، وهي جائزة فيما لم يطب، فإن طاب ولو بعضه منعت على الأصح كمع سنة أخرى، وكذا ما يخلف عَلَى الْمَشْهُورِ، إلا تبعاً من نخل وشجر وإن بعلاً أو ذا بطنين، أو ذا زهر أو ورق منتفع به كوردٍ وآس، وكذا ما ظهر من زرع وَمَقْثَأَة على الأشهر إن عجز عنه ربه، وبرز، وفيه كلفة، وخيف موته ولم يطب، وثالثها: الكراهة، وهل يجوز القطن مطلقاً أو مع عجز ربه؟ تأويلان.
واغتفر طيب نوع قل في حائط، وشبهه كبياض نخل، وزرع لم يزد على ثلث بقيمة الجميع، وألغي لعامله إن سكتا عنه، وقيل: إن لم يزد على ثلث نصيبه، وقيل: لربه، وإن أدخلاه فبجزئها وبذره عامله وإلا فسد، ولو اشترطه ربه منع على المعروف بخلاف عامله.
وجاز شجر وزرع وإن غير تبع، وبجزء متحد، ولزم دخول الشجر التبع له، ولا يلغى لعامله على المعروف.
ومنع كقضب، وكزبرة، وقيل: يجوز إن ثبت، وعجز عنه ربه، ولم يحل بيعه، ومغيب كجزر ولفت وكذا بصل، وفيها: جوازه إن عجز عنه ربه، وفي قصب السكر الجواز، ومنعه ابْنُ الْقَاسِمِ، وعلى الأول لا يشترط خلفته، وفي الريحان قولان.
وصحت إن وقعت بلفظها، لا بكعاملتك خلافاً لسحنون في مدة علمت قبل طيب بجزء شائع علم قدره، لا بشيء معين لأحدهما ثمرة أو غيرها.
وتمنع مشاركة ربه وكذا اشتراط عمله، وقيل: إن صغر الحائط، وإلا جاز كشرط دابته وغلامه في الكبير.
وساقط النخل من ليف وجريد ونحوهما كالثمرة، ولزم عاملها ما يفتقر له عرفاً بلا تحديد، كإبارٍ، وقيل: على ربه، وهل خلاف أو مراد الأول الفعل، والثاني ما يذكر به؟ خلاف.
وعليه لقط الزيتون كعصره إن كان العرف، ولو شرط عليه حيث لا عرف جاز، ولو شرط على ربه، وله قدر لم يجز، ورد عامله لأجرة مثله، وفيها: لو شرط على ربه صرام النخل لم ينبغ.
ولو ترك العامل بعض ما شرط عليه حط من نصيبه نسبته من جميع العمل، وإن خلفه بسماوي فلا حظ إلا في الإجارة.
وعليه حصاد ودرس ويبس ثمرة وتنقية ودابة وأجير، وكذا نفقة وكسوة على الأصح، لا نقص من في الحائط، ولا زيادة العامل عليه ما ليس فيه إلا كدابة في الكبير، فإن سكت عما في الحائط جهلاً، وقال ربه ساقيتك بغيرهم حلفا وفسخت.
وقيد إن لم يقر المالك أنهم كانوا فيه حين العقد، وإلا صدق العامل، ولا أن يشترط ربه عليه عملاً يبقى بعد الثمرة وإن تعلق بها مما له قدر إلا كإصلاح جدار، وكنس عين، ورمِّ حوض ولا أجرة من كان فيه.
وقيد إن كانت وجيبة أو ما بقي منها وإلا فعلى العامل، ورجع على ربه مطلقاً، ولا خلف من مات إلا ما رث على الأصح، وعلى ربه خلف ما سرق، فإذا مضى قدر الانتفاع بالمسروق فالقولان، وخلف من مات أو مرض أو غاب أو أبق فإن شرط خلفهم على العامل لم يجز.
وأقتت بجذاذ لا أهلة، وحملت على واحد إن أطلقا، وجاز سنين ما لم يكثر جداً بلا تحديد والآخرة بالجذاذ، ولزمه العمل إن تأخر البعض وكذا العدائم، وقيل: إلا أن يقل فعلى ربه السقي، وإن تناصفا فعليهما، فإن كان مختلفاً سقى الآخرة كالعدائم، وقيل: ينقضي سقي كل نوع بقطعه ويلزم بالعقد عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: بالشروع وتستحق ثمرتها بظهورها اتفاقاً بخلاف القراض.
وجاز شرط الزكاة على أحدهما عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: إلا على ربه، ورابعها: إلا على العامل، وهل يحمل المشهور على الحائط الكبير والشاذ على الصغير أو هما على ظاهرهما؟ خلاف، ولو شرطت على العامل فلم تجب فله نصف الغلة كأن سكتا عنها، وقيل: أربعة أعشارها، وقيل: أربعة أتساعها، وقيل: تسعة أجزاء من عشرين، وزكي على ملك ربه.
وجاز حوائط ولو مختلفة بجزء متحد لا مختلف إلا في صفقات، وغائب إن وصف وأمكن وصول عامله قبل طيبه لا إن لم يمكن على المنصوص، أما لو توانى حتى طاب لم تفسد، ولهما الترك مجاناً، فإن دفع العامل جعلاً رد إن عثر عليه قبل الجذاذ ورجع لمساقاته، وبعد الجذاذ فله نصف الثمرة وعليه أجرة ما عمل عنه فيهما، وقيل: يجوز إن كان على جزء مسمى قبل طيب الثمرة، وقبل العمل، وكذا بعده على الأصح.
ومساقاته لعامل غيره ولو دون أمانته، وفيها: في مثل أمانته، وحمل الثاني على عدمها حتى تثبت بخلاف الورثة، وضمن إن ساقي غير أمين، فإن عجز ولم يجد أميناً تركه مجاناً، وهل يشترط رضا ربه؟ تأويلان، ولو دخل على النصف.
ودفعه لآخر على الثلثين أخذ ربه إن كان عالماً النصف لا الثلث على المنصوص، ورجع الثاني على الأول بما بقي له كالعامل الثاني، ولا تنفسخ بظهور عامله سارقاً كمكتر منه، وكبائع جهل فلس المبتاع، وليتحفظ منه، وقيل: تكرى الدار ويساقى الحائط، ويرد البيع إن شاء ولا يفلس ربه، وإن قبل العمل وبيع مساقى وإن قبل الإبار على الأصح، وثالثها: إن كانت لسنة وإلا فلتمامها.
وجاز مساقاة وصي كمديان قبل الحجر ودفعه لذمي لم يعصر نصيبه خمراً، ودفع شجر لم يطعم خمس سنين وهي تطعم بعد عامين، وتفسخ قبل الإطعام، وللعامل نفقته وأجر مثله، وبعده يبقى لتمامها وله مساقاة مثله.
وقال ابن حبيب: يرد إن نزل لأجر مثله، ولا يجوز دفع أرض لتغرس فإذا بلغ كذا ساقاه فيه، ويفسخ ما لم يثمر الشجر، ويعمل بعد ذلك فله أجر مثله، وفي سنين السقي مساقاة مثله، وقيل: له قيمة الغرس يوم غرسه وأجرة عمله لحين الإطعام.
وتفسخ قبل العمل، فإن عمل فله مساقاة مثله في عام، ويفسخ ما بعده، وكرهت لمسلم من مالك ذمي، وفسخت فاسدة قبل العمل أو في أثنائه أو بعد سنة من سنين إن وجب أجر مثله وإلا مضت، وله بعد العمل أجر مثله إن خرجا عن معناها كشرط زيادة لأحدهما من عين أو عرض وإلا فمساقاة مثله كجمعه مع بيع أو مع تمر أطعم، أو شرط عمل ربه أو دابته أو غلامه في حائط صغير، أو يكفيه كلفة أخرى، ويحمله لداره أو بجزء مختلف في حوائط أو سنين أو اختلفا ولم يشبها.
وقيل: في الفاسدة مطلقاً ثلاثة أجرة المثل، ومساقاة المثل ما لم تزد على ما شرط ربه أو تنقص عما شرط العامل.
وصدق مدعي الصحة بعد العمل وإلا تحالف وفسخت، والعامل بيمينه إن قال ربه بعد الجذاذ لم أقبض من الثمرة شيئاً أو جد بعضها رطباً وبعضها تمراً فقال قبل جذاذ الثمرة لم أقبض من الرطب ولا ثمنه شيئاً، والوكيل إن قال ساقيته لهذا وصدقه وكذبه الموكل.
ولا تفسخ بموت أحدهما، ويقال لورثة العامل اعملوا كعمله، فإن أبوا لزم في ماله، فإن كانوا غير مأمونين أتوا بأمين.

.باب الإجارة:

الإجارة بيع منفعة معلومة، وحكمها كالبيع فيما يحل ويحرم، وعاقد بها كالمتبايعين، وتجوز مع البيع على الأصح، كأن يبيع له ثوباً وينسج له آخر بدرهم أو جلوداً ليحذوها له نعالاً، ويمنع الجعل معهما أو مع أحدهما عَلَى الْمَشْهُورِ، ولو باعه نصفاً بأن يبيع له النصف الآخر أو على أن يبيعه له منع، وثالثها: إن لم يؤجلا والبيع بنقد البلد، ورابعها: عكسه، وقيل: إن أجلا كره، وعلى الصحة لو مضى الأجل ولم يقع فله عمله، وحوسب بما بقي منه، فإن كان مما لا يعرف بعينه فثالثها: فيها إن كان أجلاً جاز وإلا فلا، واستظهر المنع مطلقاً.
وشرط المنفعة أن تكون متقومة، فلا تصح فيما لا يعرف بعينه كالدنانير والدراهم للتزين وإن لازمها ربها على الأصح، وقيل: إن لم يغب عليها صح اتفاقاً، ولا إن عمله اليوم فبكذا وإلا فبكذا، ولا تعليم غناء بناء على أن منفعته غير متقومة وهي أيضاً غير شرعية فمنعت لذلك، ولا في قدور فخار، وفي صحاف الحنتم قولان، كشجر لتجفيف ثياب بناء على أنها متقومة أو لا، والأظهر الجواز كإجارة مصحف عَلَى الْمَشْهُورِ وبيعه اتفاقاً.
وكره بيع كتب فقه وفرائض على الأصح، وأجرة على تعليمها، وصوب الجواز بخلاف تعليم شعر ونحوه على الأصح.
وكره قراءة بلحن، وكراء دفٍ، ومعزف لعرس، وعبدٍ لكافر، وبناء مسجد لكراء وسكنى فوقه بأهل غير متضمنة استيفاء عين قصداً لا كشجرة لثمرة، وحيوان لنسله وصوفه بخلاف الثياب.
واغتفر للضرورة ثمرة شجر بأرض مؤجرة إن اشترط جملتها وطيبها قبل مضي مدة الكراء، وقصد بذلك دفع الضرر وهي دون الثلث، وروي: الثلث فأقل بالتقويم لا بالمسمى.
وإجارة ظئرٍ وإن على الرضاع خاصة إن حضر الصبي أو ذكر سنه كالتعليم والأحسن تجربة رضاعه، وقيل: لا بد من معرفته، ولا يلزم الأب خلف الصبي إن مات عَلَى الْمَشْهُورِ.
وحملت في دهانه، وغسل خِرَقِهِ وغيرها على العرف، وقيل: عليها، وترضعه حيث اشترطوا وإلا فعند الأبوين إلا من لا يرضع مثلها عند الناس، أو يكون الأب دنياً فذلك لها ولزوجها الفسخ إن لم يأذن، وإن أذن منع من وطئها، وقيل: إن تبين ضرر الصبي وإلا جاز.
وليس له السفر بها ولا لها أن ترضع مع الصبي غيره، ولا لأبويه أن يأخذاه إن سافرا حتى يدفعا لها جميع الأجرة، وإن مرضت مرضاً تعجز معه على الرضاع أو حملت فسخت الإجارة، ولا تلزم بإحضار مرضعة على الأصح، وأجبرت على التمام إن صحت قبل مضي المدة، ولها من الأجرة بقدر ما أرضعت، ولا يلزمها أن ترضع قدر ما مرضت، وقيل: لا تعود إن فسخ الكراء بينهما، وهل خلاف أو وفاق؟ تأويلان.
وأقامت ببيت زوجها إن مات، وللأب إن تفاسخا لمرض، وكذا في سجن يطول، فإن صحت أو خرجت من السجن ففي إمضائه خلاف، فلو ماتت أو سجنت فيما يطول أو مات الصبي انفسخت.
ولا يستلزم إرضاع حضانة ولا بالعكس، فإن عقد عليهما معاً فانقطع اللبن - وهو وجه الصفقة - انفسخت في الجميع.
مقدوراً على تسليمها فلا يصح كراء أرض غرقة لزرع وانكشافها نادر، وفيها: الجواز إن لم ينقد كأن استوى الاحتمالان، والأظهر خلافه، فأما أرض نيل ريها غالب عادة وأرض مطر كذلك، فيصح كراؤهما وإن بنقد على الأصح.
غير حرام فلا تؤجر حائض لكنس مسجد بنفسها، ولا مسلم لخدمة كنيسة أو رعي خنزير أو عصر خمر ونحوه، ويؤدب إن لم يعذر بجهل، وهل له أخذ الأجرة كما لو باع داره أو أكراها ممن يبنيها كنيسة، أو يتصدق بفضل الثمن وفضل الكراء، أو بفضل الثمن وفضل الكراء كله؟ أقوال.
ولا واجبة فلا يصح فيما يتعين عليه من العبادة كصلاة وصيام وتقدم الحج، وتجوز في غسل ميت وحمله، وحفر قبر، وطرح ميتة، وقصاص، وأدب، وكذا أرض لتتخذ مسجداً مدة، فإذا انقضت فالنقض لربه، وحمل طعام لبلدة بنصفه إن قبضه الآن، فإن وقع العقد مبهماً فسد على الأصح، فإن حمله فهل له كراء مثله - وصوب - أو له نصفه ونصف كرائه، ويغرم مثل نصفه في الموضع الأول؟ خلاف.
وعلى الأذان والقيام بالمسجد، وعلى الإمامة إن انضم إليها أحدهما وإلا فلا، وبه العمل، وجوزها ابن عبد الحكم مطلقاً، خلافاً لابن حبيب، وروي الجواز في الفرض دون النفل، وفي قيام رمضان روايتان، فإن كانت أجرة الإمام من الأحباس أو بيت المال كره خاصة، وقيل: يجوز ويحسب عليه الكثير من مرضه أو مغيبه لا القليل كالجمعة ونحوها، فإن استؤجر على الإمامة والأذان فترك الصلاة لأمر عرض له فهل يسقط عنه ذلك أم لا؟ قولان للمتأخرين.
وليس لأهل المسجد إخراجه بغير قادح، وقيل: إلا أن يكونوا هم الذين أقاموه دون صاحب الأحباس، وقيل: إن أقام الكل أو جلهم أو أهل العدالة والخير وإلا فبإثبات قادح، وبه القضاء.
وأن تكون معلومة، فإن كان فيها ما تقع فيه المشاحة وجب بيانها إلا لعرف منضبط، فإن كان على صنعة فبالزمان كخياطة يوم أو بمحل العمل كثوب وإن جمع بينهما فسد، وإن كان الزمان أوسع من العمل عَلَى الْمَشْهُورِ، وإن احتمل منع اتفاقاً، وقيل: إن كان أوسع جاز اتفاقاً، أو أضيق منع وفاقاً، وفي المساوي قولان.
وفي التعليم بالعرف أو حصر ما يعلم، وقيل: إنما يجوز على مدة معلومة.
وحرم إجارة سَلاخ بالجلد على المنصوص، ونساج بجزء الثوب لا جزء الغزل، فلو دخل على جزء غير معين منع خلافاً لابن حبيب، فإن وقعت فاسدة فقال أصبغ: له أجر مثله، والجلد والثوب لربهما.
وعليه فلو فات الجلد بيده بعد دبغه فله نصفه يوم فراغه، ولربه نصفه الآخر، وعليه أجرة المثل في دفع الجميع، ولو دفع له نصفه أولاً ليدبغ جميعه ففات بالدبغ فله نصفه بقيمته يوم قبضه وأجر عمله في نصفه الآخر، وفي ضمانه خلاف، كفوات نصفه بالشروع.
وجاز طحن بجزء من دقيقه على الأصح، لا بالنخلة أو صاع منها، وجاز بدرهم وصاع منها، وجاز بدرهم وصاع دقيق، وقسط من زيت زيتون قبل عصره عَلَى الْمَشْهُورِ إن علم خروجه، وعليه لو ضاع قبل طحنه وقيمة الجزء أقل من الدرهم انفسخت الأجرة في مناب الجزء لا مناب الدرهم، وعلى رب القمح أن يأتي بمثله ليطحنه له، وهل يغرمه الأجير ويطحن جميعه ويأخذ منابه منه إن لم يعلم الضياع إلا منه، أو يحلف ويغرمه ولا يطحن إلا ما قابل الدرهم؟ قولان لابن القاسم.
ولو طحنه ثم ادعى ضياعه لم يصدق وغرمه مطحوناً واستوفى ماله منه، ولو شهدت بينة بضياعه فلا ضمان ولا أجر، ويطحن لربه مناب الدرهم، وقيل: وأخذ الدرهم وأجرة المثل في مناب الجزء.
ومنع ابن حبيب: اطحنه ولك نصفه، كقوله: علمه ولك نصفه.
ولو قبض الآن فإن شرط قبضه بعد سنة فسخ، فإن علمه سنة فلم يفت فهو لسيده، وللمعلم قيمة تعليمه فإن فات بعد السنة بيد المعلم فهو بينهما، وعلى ربه قيمة تعليمه، وعلى الآخر قيمته معلماً رأس السنة، وإن شرط قبضه الآن، وفات قبل السنة بيد المعلم فله نصف قيمة تعليمه، وعليه نصف قيمته يوم قبضه وهو بينهما.
والأجرة ما صح أن يكون ثمناً دون مانع، ولو منفعة كسكنى بسكنى، وعمل بعمل وإن اختلف أولهما وعجلت إن عينت أو اشترط أو لعرف، وكذا في مضمونة لم يشرع فيها على المنصوص إلا كراء حج فالسير، ورجع إليه، وإلا فَمُيَاوَمَةً وإلا لصانع على المنصوص فبتمام عمله.
وفسدت بعرض معين مع عرف تأخير، ولم يشترط التعجيل ككراء راحلة إن لم يكن العرف التقديم على الأصح، وقيل: يعجل المعين جبراً وتصح.
وجاز بيعه سلعة ليتجر بثمنها لا بربحها سنة بشرط الخلف، وإحصاره في نوع معين ينقطع في المدة وهو مدين، وكراء جانبي نهرك ليبني بيتاً، وطريق بدار، ومسيل مصب مرحاض لا ميزاب إلا لمنزلك في أرضه، وقيل: إن طال الأمد جاز مطلقاً، وكراء رحى ماء بطعام وغيره، ويفسخ بقطع مائها، فإن رجع في المدة عادت وصدق ربها، فإن اختلفا في انقطاعه وتصادقا في أول المدة وآخرها، والمكتري إن اختلفا في انقضائها ولو دخل على جميع الأجرة إن انقطع قبل كمالها لم يجز، وإجارة ماعون كصحاف وقدور.
وجاز: احصد زرعي هذا أو جدَّ نخلي هذا أو ألقط زيتوني هذا ولك نصفه على الأصح، وتهذيبه عليهما، ولو شرط في الزرع قسمه حباً منع، وإن كان إنما يجب له بالحصاد جاز.
وفي جواز ما قسمته حزماً خلاف فلو حصد نصفه أو لم يحصد شيئاً فتلف فمنهما، واستعمله في مثله أو مثل ما بقي عليه، وقيل: عليه نصف قيمته فقط.
سحنون: ولو قال احصد منه ما شئت ولك نصفه فما تلف بعد حصاده فمنهما، وقبله من ربه، وجاز على الأصح، فما حصدت فله نصفه، وله الترك لأنها جعالة لا إجارة، ولو قال: اعصره فما خرج فلك نصفه لم يجز، كانفض شجري أو حركها، فما نفضت أو سقطت فلك نصفه، وكاحصد اليوم أو ألقط بنصفه إن فهمت الإجارة اتفاقاً، وإن كان على أن يترك متى شاء جاز على الأصح.
ولو قال اطحن قمحي هذا ولك نصفه جاز عند ابن حبيب، وحمل على أنه ملكه الآن، والأظهر خلافه، كاعصر زيتوني هذا ولك نصفه.
ولو قال: احصد زرعي وادرسه ولك نصف ما يخرج لم يجز، وقيل: إن قال: ولك نصفه جاز، وهل وفاق ويحمل في الأول على أنه يدرس جميعه على ملك ربه بنصف ما يخرج وهو مجهول، وفي الثاني على أنه ملك نصفه الآن وهو معلوم أو خلافٌ؟ تأويلان.
وإن قال ذو شجر طاب: احرسه واجنه ولك نصفه، جاز كاعمل على دابتي أو اسق ولك نصف الحطب والماء، بخلاف نصف ثمنه أو أجرته، فإن وقع فاسداً فالكسب للعامل، وعليه كراء المثل كاعمل لي عليها، وقيل: له أجر مثلها، والكسب لربها، وإن أخذ دابتك أو دارك أو حانوتك أو سفينتك ليكريها وله نصف الكراء منع، فإن نزل فله أجر مثله، والكراء لك كبع سلعتي والثمن بيننا، أو ما زاد على كذا، وفرق ابن حبيب فقال: في الدور والحوانيت كذلك، وفي الدابة والسفينة الكسب للعامل، وعليه كراء مثلها.
ومنع كراء أرض بطعام وإن لم تنبته، وبما تنبته ولو غير طعام إلا القصب والحطب ونحوه.
سحنون: ويجرح فاعله ولا يؤكل طعامه، ولا يشترى منه من ذلك شيئاً، وحمل على الورع، وقيل: يجوز بكل شيء.
وروي: إلا ما ينبت فيها إن أعيد، وقيل: إن لم يزرع فيها إلا حنطة وشعيراً وسلتاً، وتكرى بالماء، وقيل: والخضر، وحمل على الكلاء، فإن وقع فاسداً فلربها كراؤها بالدراهم.
ويجوز كراء الدار وشبهها إن عينت بمدة تبقى فيها غالباً، والنقد فيها إن لم تتغير غالباً، وهي ملك للأجراء، وله منفعتها حياته، وروي: جواز النقد فيما قرب فقط.
ابْنُ الْقَاسِمِ: والقريب سنة ونحوها.
وقال ابن ميسر: لم أر بأساً بالثلاث سنين والأربع.
قيل: والقضاء في الرباع جوازه لعشرين سنة وأزيد، وتعجل الوجيبة كلها.
ابن حبيب: ويجوز الكراء فيما بعد إلا النقد، ولو وقعت على سنين بكذا جاز، وإن لم يسم لكل سنة منها كالأشهر من السنة، ويرجع إلى التقويم إن حصل مانع، فإن شرطا ذلك في العقد جاز اتفاقاً، وإن شرطا الرجوع للتسمية منع وفاقاً، وإن سكتا رجع للقيمة.
وقيل: يفسخ وتلزم الوجيبة.
وفي أكريتها منك شهر كذا، أو سنة كذا، أو هذه السنة وهذا الشهر، أو سنتين، أو ثلاثاً، أو إلى وقت كذا، فإن قال كل سنة أو شهر بكذا صح، ولا يلزم عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: إلا أن يشرع فأقل ما سمى، وفي السنة أو الشهر بكذا تأويلان.
فلو نقد شيئاً لزم ما يقابله اتفاقاً، وعليه لو قال: كل شهر بكذا، ونقد كراء نصف شهر لزم في النصف فقط عَلَى الْمَشْهُورِ.
ويجوز لمعلم القرآن أخذ الأجرة وإن بلا شرط، فإن شرط كل شهر بكذا أو على الحذاق فكذلك، وقيل: إنما يجوز مشاهرة ونحوها، ولا يُقضى له بهدية عيد ولا جمعة، بخلاف حذقة اعتيدت خلافاً لبعضهم.
سحنون: وتقدر بحال الأب، قال: وليس له أخذه إن بلغ ثلاثة أرباع القرآن، ووجبت الختمة لمعلمه، ووقف في الثلاثين.
وتكره على تعليم فقه وفرائض وشعر ونحوٍ وكتابة ذلك، وقيل: تجوز في الفقه والنحو والرسائل وأيام العرب، ومنع ابن القاسم ذلك على تعليم شعر ونحوٍ، فأما على الهجو والغناء فممنوع باتفاق.
وتصح إجارة المستأجر والمستثنى منفعته مدة لا يتغير فيها غالباً، وكذا إجارة عبد أو دابة على أن تقبض بعد شهر عَلَى الْمَشْهُورِ، لا على النقد، وقيد إن لم تكن الدابة في سفر، وفيها: جواز كراء الدار والنقد فيها على أن يقبض بعد سنة لا منها، فإن نقد جاز الكراء، وفيها: ولا أحب النقد.
فإن أمن بقاء الرقبة جاز النقد فيها، ولهذا استكثر عشرة أيام في الحيوان، فإن نقض جاز الكراء عشرة أيام في الحيوان، واستخفت في العقار سنون كبيعه ليبقى في يد بائعه تلك المدة، وفيها: جواز نقد كراء العبد خمس عشرة سنة، ومنعه غيره، وقيل: يجوز لعشرة فقط، ويجوز استثناء منفعة الأرض عشر سنين، وفي ذلك خمسة أقوال: سنة، وسنة ونصف، وسنتان، وثلاث، وخمس.
وقيل: في حال.
وجازت على رعي غنم ونحوها إن شرط الخلف، وقيل: مطلقاً، وعليه ففي تعيينها وخلفها إن هلكت قولان، وقيل: يجوز إن قربت المدة، وقيل: إن كان شرط الخلف من المالك، ولا يلزمه رعي الولد إلا لعرف أو شرط، وليس له رعي غيرها إن لم يقو إلا بمشارك أو تقل ولم يشترط غيرها، وإلا فأجره لربه كأجير خدمة آجر نفسه، وقيل: إن قصر في رعاية الأولى فله أجر الثانية، وضمن إن خالف مرعًى عين له، أو إنزاء بلا إذن على الأصح، لا إن فعل بها ما يجوز فعله فتعيبت خلافاً لابن حبيب.
وصدق في دعوى موت فنحر أو سرقة منحورة على الأصح فيهما، وإن اكترى شهراً ولم يذكر المدة لزمه شهر من يوم العقد بالهلال إن سكن أوله، وإلا فثلاثون يوماً، وعليه كراؤه كاملاً، وكذا في السنة إن سكن في أول شهر لزمه اثني عشر شهراً بالهلال، ولو نقص، فإن سكن في أثناء شهر فأحد عشر شهراً بالأهلة، وشهر بالعدد ثلاثون يوماً.
ولمكتري الدار وشبهها غلقها، وإن أبى ربها، وله أن يسكنها لغيره إلا لضرر بين، وأجازه ابْنُ الْقَاسِمِ من غير نظر لكثرة عيال في دار أو صناعة في حانوتٍ، وقال غيره: لا يجوز إلا بعد معرفة ذلك، وفيها: وله أن يدخل في الدار الدواب والأمتعة، وينصب الحدادين والقصارين والأرحية ما لم يضر بها، وقيل: أو يخالف العرف فيمنع.
وفي الجواهر: لو قال له انتفع بالأرض كيف شئت جاز.
وتردد فيه التونسي.
ولو اكتريا حانوتاً وأراد كل مقدمه قسم إن أمكن وإلا أكري عليهما، وله ما يشبه من بناء وزرع وغرس وشجر وغيره في أرض إن لم يعين، وبعضه أضر، فإن أشبه الجميع فسد، ولزمه الكراء بالتمكن، وإن بورها لعدم بذر أو سجنه سلطان وإن عطش بعضها أو غرق أو لم يأت بسلم للأعلى فبحسابه، وإن غارت عين مكري سنين بعد أن زرع أو انهدمت بئرها وأبى ربها أن ينفق عليها، فللمكتري أن ينفق عليها حصة سنة فقط، وقيل: قدر الحاجة لا إن زرع بعده.
ولو اكتراها وعليه حرثها ثلاثاً أو يزبلها إن عرف وأمنت جاز ككرائها لذي شجر بها وغيره سنين مستقبلة، فإن كان ليزرعها عشر سنين فأراد أن يغرس فيها شجراً، فإن كان ذلك أضر منع وإلا فلا، وزرع ما سمى، ومثله ودونه لا أضر، ولو شرط زرع شيء دون غيره، منع خلافاً لابن المواز، فإن نزل فله قيمة الكراء، ولو زرع الأضر فللمالك أخذ ما بين القمتين مع الكراء الأول منه إن مضت مدة الزراعة وطاب الزرع وإلا فله ذلك، أو قلعه، ولو قصد قبل الزرع أن يزرع الأضر بإذن المالك فظاهرها الجواز، وتردد فيه بعض القرويين.
ومنع كراؤها لغرس مدة، فإذا انتهت فهو لربها أو نصفه، وإن سمى مقدار الشجر على الأصح، إذ لا يدري أيكون شجراً أم لا وكذا وكيل يكري بعرض أو محاباة إذ لا تكرى الدور والأرضون بالعروض عرفاً.
ولو أراد نقل الأجير إلى مثل المشترط برضاه جاز وأجبر عليه إن تساويا جنساً ومشقة، وإلا جاز في اليسير لا الكثير على الأصح، وثالثها: يمنع فيهما، وهل له صرفه من جهة إلى غيرها إن تراضيا؟ فأجازه ابْنُ الْقَاسِمِ ومنعه غيره إلا بعد الإقالة، وقيل: للأجير ذلك إن استوى الطريقان، وإن أبى الأجير، ولو اكترى جداراً ليبني عليه؛ لزم تعيين البناء قدراً وصفة، لا في أرض، والدابة للركوب تعين أو يذكر جنسها ونوعها، وذكر هي أم أنثى.
محمد: وإن أطلقا فمضمون حتى يدل على التعيين دليل، قال: ولو اكترى منه دابة أو سفينته ليحمله لبلد كذا، ولا يعلم له غيرها، وقد أحضرها ولم يقل تحملني على هذه فهلكت بعد ركوبه، فهي على الضمان، وعلى الكري خلفها ولا توصف إلا في حمل زجاج ونحوه، وعلى ربها سرجها أو برذعتها وشبهها وإعانة راكبها في ركوبه، ونزوله، ورفع أحمالها ووضعها بالعرف، فإن فقد فهل على ربها أو الراكب؟ خلاف، ولو اكتراها لمكان معين، وشرط إن وجد حاجته دونه حاسبه جاز، وكذا في زيادة عرفت أو سماها.
والخيط على رب الثوب إلا لعرف، وفيها: والأداة والفؤوس والقفاف والدلاء والماء على ما تعارف الناس، وحثيان التراب على حافر القبر، ونقش الرحى على ربه، وليس لرب دابة عينت حمل متاع مع متاع مكتريها ولا إرداف غيره، فإن فعل فكراء الزائد للمكتري إلا أن يكتريها لحمل أرطال مسماة فلربها، ولا يصح أن يكريها بمثل كراء الناس أو ليحمل عليها ما شاء، أو لموضع أراد، أو لتشييع رجل أو إن وصلت في كذا فبكذا، ولا أثر لتعيين راكب ولابس، وله حمل مثله ودونه وكرهه في الدابة خاصة إلا أن يموت أو يقيم، فإن أكراها فيما اكترى له من مثله حالاً، وأمانة وخفة لم يفسخ ولا ضمان، وفي ضمانه في الثوب قولان لابن القاسم وغيره، ولو زاد ما تعطب به الدابة فلربها إن عطبت كراء الزائد محمله مع المسمى أو قيمتها يوم تعديه دون كراء، وقيد إن كان التعدي أول المسافة وإلا لزم كراء ما قبله من التسمية، وإن لم تكن تعطب بمثله فكراء الزائد فقط، وكذا إن كان ممن لا تعطب بمثله فعطبت على الأصح، وضمن بزيادة المسافة مطلقاً وإن لم تعطب عَلَى الْمَشْهُورِ، وعليه العمل، وإذا صح ردت بحالها بعد زيادة ميل أو ميلين أو حبسها أياماً يسيرة فكراء الزيادة فقط، وإن كثرت الزيادة أو حبسها شهراً ونحوه فلربها أخذ المسمى أو قيمتها يوم تعديه وكرائها فيما حبسها فيه ما بلغ، وقيل: له الأكثر مطلقاً، وثالثها: إن كان ربها حاضراً فنسبة المسمى وإلا فالأكثر، وقيل: كراء المثل مطلقاً، وكذا في حبس الثوب، ولو كانت المدة غير معينة فكذلك، والكراء الأول باق، ويسقط نقصها
بتقدير الاستعمال على الأصح، ولو هلكت بعد رجوعها ورفع الزيادة عنها فعليه كراء الزيادة فقط، ولا ضمان إن قلت الزيادة وإلا فقولان، ولك بيعها واستثناء ركوبها ثلاثة لا جمعة، وكره المتوسط، وكراؤها على أن عليك علفها أو طعام ربها، أو عليه طعامك أو لتركبها في حوائجك إن عرف، وقيل: للضرورة.
وجاز على حمل آدمي، ولا يلزمه الفادح بخلاف ولد تلده الراكبة، واشتراط هدية مكة إن عرفت، وعقبة الأجير لا حمل من مرض، وشرط إن ماتت معينة أتاه بغيرها كدواب لأشخاص مختلفة الحمول أو لأمكنة وعين محمل ومعاليق أو توصف إلا لعرف فيصار إليه كالسير والمنازل ومحمول بروية أو كيل ووزن وعددٍ وجنسه فيما لم يتقارب، فإن لم يسم ما يحمل منع، وفيها: إلا لعرف، وقال غيره: إن قال: احمل عليها حمل مثلها مما شئت لم يجز، وهل خلاف أو وفاق؟ تأويلان.
وأرض لحرث بتعريف صلابة ورخوٍ، وبعد وقرب، وسقي على دابة بتعريف قدر الدلاء وعددها، وبُعد الرشاء، وموضع البئر إلا لعرف، ورجع في خلف طعام محمول فني إلى العرف، فإن لم يكن عرف فقيل: له حمل الوزن الأول إلى غايته، فإن زاد لمطر ونحوه.
فقال سحنون: لا يلزمه إلا حمل الوزن الأول، فإن كان في الطريق نهر لا يجاز إلا بمركب كالنيل، فأجرة المتاع على ربه، وكراء الدابة على ربها، فإن كان يخاض عادة فزاد ومنع من خوضه، فأجرة الجميع على رب الدابة إلا أن يعلموا به في الأول.
ووفى مستأجر بالعرف كنزع ثوب ليلاً وقائلة، وإن تزوج ذات بيت فلا كراء لها إلا أن تبين، وكذا لو كان بكراء، وقيل: عليه الأقل من كراء المثل، وما اكترت به، وإذا كان بالدار وشبهها هدم يسير وشبهه لا يضر ولا ينقص قيمة كرائها كشراء ريفها لزم الكراء بجميع الأجرة وإن نقص لزم الكراء، وحط ما قابل النقص إن لم يصلحها ربها، ولا يلزمها ذلك، فإن سكن وسكت فلا شيء له، فإن كان يضر ولا يبطل منفعتها كهطلٍ وشبهه خُير الساكن في السكنى، ولا يجبر ربها على الإصلاح على الأصح، وإن كان الهدم كثيراً لم يلزم ربها الإصلاح أيضاً، ثم إن كان يفيت السكنى وينقص قيمة الكراء ولا يبطل منفعته منها كذهاب جص وبلاط خُير في السكنى بجميع الكراء أو يخرج ما لم يصلحها ربها، فإن سكن وسكت لزمه جميع الكراء على الأصح.
وفي هدم بيت منها يلزم السكنى ويحط ما قابل المنهدم وإن أبطل جل منافعها أو منفعة بيت هو وجهها أو هدم حائط يكشفها وشبهه خُير في السكنى والخروج، وإن أراد أن يسكن ويحط عنه ما يقابل المنهدم لم يكن إلا برضا ربها، فإن بناها المالك قبل خروجه لزمه السكنى والكراء، وبعد خروجه لم يكن له الرجوع إلا برضا ربها، فإن سكنها مهدومة ساكتاً لزمه جميع الأجرة على الأصح، ولو قال ربها: أنا أصلح وعلى ساكنها ضرر لكثرة هدم أو لطول مدة خُير أيضاً.
وجاز شرط كنس مرحاضٍ أو مَرَمَّةٍ، وتطيين من أجرة وجبت لا إن لم تجب، ولا من عند المكتري أو حميم أهل في حمام أو نورتهم، وقيل: يجوز إن عرف، ولا تسقط أجرة في زرع بجائحة بخلاف فساده لكثرة دود أرضه وفأرها وعطشها، وكذا غرقها حتى فات الإبان، فإن زال قبل الإبان أو حدث بعده لزم الكراء، ولو حصد ما لا بال له، فلا كراء كخمسة أفدنة أو ستة من مائة، وقيل: قدر الزَّرِيعَة مرة، وقيل: مرتين، وقيل: ما نقص عن إصابة متوسطة تسقط من الكراء نسبة المسمى.
وإن اكترى أرضاً سنة تمت بالحصاد إن كانت ذات مطر، وفي ذات السقي بتمامها، فإن تمت والزرع باق، وكان ربه يظن تمامه فزاد الشهر ونحوه لزم رب الأرض تركه لتمامه بكراء المثل فيما زاد، وقيل: نسبة المسمى وإن بعد الأمد وعلم ربه فلربها قلعه أو تركه بالأكثر من المسمى، وكراء المثل، وليس له شراؤه على الأصح، ولو مضت سنو بناء أو غرس فلرب الأرض أخذه بقيمته مقلوعاً بعد وضع غرم قلع وقطع وإخلاء، وله أمر ربه بقلعه إن لم يكن في الشجر تمرٌ مأبور وإلا وجب بقاؤه بقيمة الكراء.
ولو انتثر بذر لمكترٍ فنبت قابلاً فهو لرب الأرض كما لو انتثر لمطر ونحوه على الأصح، وكذا لو جرَّه السيل إليها عَلَى الْمَشْهُورِ، وثالثها: إن لم يكن نبت وإلا فهو لربه، وحيث حكم به لربه لزمه كراء الأرض ما لم يزد على قيمة الزرع.
وإن أيس من نبات بذر فأكرى الأرض لمن بذر فيها غيره فنبتا معاً فلكلٍّ زرعه إن عرف، وفض الكراء عليهما، فإن تلف الثاني دون الأول لزم الأول جميع الكراء وإن نقص الثاني فبحسابه، وليس لربه قلع الأول.
وانفسخت بعفو ذي القصاص وسكون ألم السن وتلف مؤَجر كهدم دار وموت دابة معينة، وحسب الماضي، وبأمر السلطان بغلق الحوانيت عَلَى الْمَشْهُورِ، وكذا بغصب دار أو منفعتها خلافاً لسحنون، وثالثها: إن غصب الرقبة فكذلك وإلا لزم الكراء ورابعها: إن غصبها سلطان ليس فوقه غيره فكذلك، وإلا لزم الكراء.
وبموت مستحق أخذه ومات قبل كمالها، وقيل: إن أكرى مدة يجوز له الكراء فيها لزم باقيها، وله أن يؤجره سنين، وإن كثرت إذا كان منجماً لا بالنقد إلا سنة أو سنتين.
وبمرض عبد وهروبه لدار حرب، إلا أن يرجع أو يصح في بقيته بخلاف مرض دابة بسفر، ثم تصح فلا عود.
وبلوغ صبي قبل مدة أخذه فيها وليه إلا أن يبقى كشهر، وظن أنه لا يبلغ قبله، وله إيجار نفسه في نفقته، وكذا الأب والمنفق عَلَى الْمَشْهُورِ.
وقيل: إن كان الأب أو الصبي غنيين لم يجز.
وأسلمه لتعليم قرآن أو تجارة ونحوها، وهل له أن ينتفع بفاضل خراجه عن نفقته أو لا؟ قولان.
وفي ربعه أو دابته يلزم الباقي وإن كثر، وإن بعد إن ظن أنه لا يبلغ قبله، وقيل: ينفسخ إلا فيما قل، وإن آجره مدة يعلم أنه يبلغ قبلها لم يلزمه في نفسه وملكه، ولزم في ربع بالغ سفيه سنتين وثلاثاً، وإن رشد ونحوها، وقيل: سنة ونحوها.
ولا تنفسخ بموت عبد وهو في شهادته وقصاصه كالقن، وكراؤه لربه إن قصد تحريره بعد المدة لانقضاء الإجارة، وفيها: إلا أن يترك المستأجر والمخدم العبد بقية المدة وتعجل عتقه، وقيل: لا لأن للسيد حقاً في الجناية عليه في المدة، ولا بتخلف رب دابة، ولو فات مقصد مكتريها إلا في كراء حج على الأصح، أو يوم معين، ولا بفسق مستأجر كشربه وسرقته وأوجرت عليه إن لم يكف، وقال اللخمي: يخرج إن لم يمكن كراؤها من يومه ونحوه، ويخلى حتى يكرى، فإن لم يأت مكتر حتى مضت المدة لزم الكراء.
قال مالك: وإن كانت في ملكه ثم أعلن بفسقه عوقب، فإن لم ينته بيعت عليه، ورأى اللخمي أن يعاقب أولاً، فإن لم ينته أكريت عليه، فإن لم ينته بيعت.
ولا بإقرار ربها ببيعها ونحوه، وللمقر له الفسخ إن كان الإقرار حين الكراء، وزاد الثمن على القيمة، أو أخذ المسمى أو قيمته إن كانت أكثر، وإن أقر بعد مضي المدة فلا مقال للمشتري في رد البيع، وله الأكثر من المسمى، وكراء المثل، ولا بهلاك ما تستوفى به المنفعة إلا صبي تعليم ورضاع وفرس نزو ورياضة، أو أرض لحرث وحصد - وليس له غيرها - أو جدار لبناء في دار فيمنع منه مانع، أو ثوب لخياط على الأصح للبس أو حياكة - وليس له غيره - وبموت مريض قبل برئه، وهلاك جوهرة نفيسة قبل الصنعة، ولا بموت مستأجر، ولا آجر وقام الوارث مقامهما.
ولك فسخ كراء عضوض وأعشى وعثور وجموح وذي دبرة فاحشة، وفيه إن كان بمستعيب وإلا تمادى وحط عنه قيمة العيب كما لو لم يعلم به حتى وصل، فإن كان يطحن لك كل يوم كذا فتجده لا يطحن إلا نصفه، وعليك نصف الكراء وما يشبه زيادة الكيل ونقصه فلا أثر له، ويجوز للآجر أن يستأجر منه، وهي على حفر بئر إجارة وجعالة.
وكراء السفن على البلاغ فلا شيء لربها إن منع من بلوغها مانع، وغرق ولو بساحل البحر إلا أن يفرط رب المتاع فيلزمه الكراء أو ينتفع بحملانها فيقدر ما انتفع، وقيل: كالدابة يلزمه بحساب سيرها، وقيل إن وصل لمكان يمكن السفر منه أو حاذاه فكالدابة وإلا فعلى البلاغ.
ويجوز طرح ما يرجى به نجاتها غير آدمي لخوف غرق وإن لم يأذن ربه، وبدئ بما ثقل أو عظم، وفض على مال تجر وإن عبيداً أو جوهراً، وكذا ناضاً على الأصح، وشارك قيمة المطروح متاعه رب السالم فيه، فإن استويا قيمة فله نصفه أو قيمة نصف قيمة السالم فثلثه، ولا شركة بين من لم يطرح لهم شيء بعضهم مع بعض، ولا تدخل سفينة وعبيدها على الأصح، وما ليس للتجر كالعدم يخرج أولا.
وصدق رب مطروح في ثمنه إن أشبه بيمين، وقيل: إن اتهم وإلا بتغير يمين لا في صنعته، وحلف الباقون، فإن جهلوا صدق بيمين، فإن ذكر قدراً رجع إلى ما في تنزيل رب السفينة، فإن كان مما يخفى في المتاع ولم يذكر في التنزيل صدق ربه إن أشبه بيمين -واختير خلافه - فإن زعم رب السفينة أنه طرح بعض ما فيها لهولٍ صدق في العروض لا في الطعام إلا ببينة، وفي صفه الفض خمسة قيمته يوم تلفه وأقرب موضع ومكان حمل منه وإليه وما اشترى به دون محاباة من مكان واحد، فلو اشترى من أماكن أو فيهم من لم يشتر أو طال مكثه، وحال سوقه قوم هو والسالم بموضع ركوبه يوم ركبوا، واشتركا ببلد القيمة في السالم، ولا ضمان على مستأجر على الأصح، ولو مما يغاب عليه.
ابن القاسم: وعليه جميع الكراء ما لم تقم بينة على وقت الضياع أو مسافرون معه يشهدون أنه أعلمهم بالضياع، وطلبه بمحضرهم فيحلف، ويسقط عنه من يومئذ ما بقي من المدة، وقيل: لا يلزمه إلا ما قال أنه انتفع به.
وضمن صانع كخياط وصباغ - وقضى به الخلفاء الأربعة وعليه الإجماع - عمل في بيته أو حانوته لا ببيت ربه أو بحضرته عمل بأجر أو بغير أجر وتلف بغير صنعة كسرقته، أو بصنعة إلا في مثل: نقش فص، وثقب لؤلؤ، وتقويم سيف ن وحرق خبز بفرن، وثوب بقدر صباغ فلا ضمان، إلا أن يأخذ الصنعة من غير وجهها إذا انتصب للصنعة، لا صانع خاص لرجل أو جماعة أو أجير كذلك فلا ضمان.
وقيد إن عمل بغير أجر وإلا ضمن، ولو دق ثوباً مع ربه فانخرق، فإن كان من ربه لم يضمن، وإن جهل فبينهما نصفين، وإن انفرد الصانع بدقة ضمن وإن لم يفرط على الأصح.
والواجب القيمة يوم دفعه، وليس لربه أخذ قيمته معمولاً، ودفع أجرته، إلا أن يقول الصانع تلف معمولاً، وخرج لزوم القيمة لآخر رؤية رئي عنده، وضمن الثوب خياطه إن قطعه ثم غاب عليه، ولو قطع شقة ثوبين، وتلف أحدهما ضمن نصفها صحيحة لا قيمة نصف صحيح، وقيل: قيمته مقطوعاً كما لو أفسده بقطع أو خياطة، وقيل: إن فسد بالخياطة وإلا فقيمته صحيحاً، واستمر ضمانه، ولو دعا ربه لأخذه بعد فراغه فأبى، وقيل: إن أحضره مصنوعاً على شرطه ورآه ودفع أجرته، وقال: اتركه عندك يصدق في ضياعه، قيل: وهو وفاق.
وضمن قصار قرض فأر إلا ببينة أنه لم يفرط، وقال ابن حبيب: إن ثبت أنه قرْض فأرٍ أو لحس سوس فلا ضمان، وإن قال المالك: إنه ضيع وأنكر الصانع صدق، وعلى المالك البيان.
قيل: وظاهر المذهب أن على الصانع البينة أنه ما فرط، ولو ضاع بعد عمله ببينة فلا أجرة خلافاً لابن المواز، ولا ضمان، وقيل: إن لم تقم له بينة بذلك فلا أجرة وإلا فله، وقيل: له الأجرة شهدت بينة بضياعه قبل عمله أم لا.
ولا ينفعه شرط نفي الضمان على الأصح، وهما روايتان، وقيد الخلاف بالواحد، وأما لو تمالأ عليه الصناع لم يفدهم اتفاقاً، ولو شرط نقله من محل اتفقوا عليه فيه لم يفده، وإلا أفاد، فإن اتفق فيه عندنا دون غيرنا فقولان.
ولو باع دقيق حنطة على الكيل والطحن فعليه الضمان وإن قامت بينة، وكذلك إن تلف ببينة، وكذا لو باع حنطة وعليه طحنها، وقيل: إن ضاع بغير بينة وإلا سقط، ولو تلف بيده ما ليس محلاً للصنعة لم يضمنه إن لم يحتج إليه، فإن كانت محتاجة إليه كظرف قمح وكتاب نسخ ففي ضمانه قولان.
والأجير والصانع فيما تحت يده أمين له ما لم يغب على السلع، وقيل: إن واجره مقاطعة فكذلك، وإن كان في كرائه يوماً أو شهراً فأمين، وكذا لو دفع له ثوباً يكمله في بيته ليلاً، وقيد إن عمل جله في حانوت الصانع بحضرته وإلا ضمنه، فلو دفع رب الثوب للصانع أجرته ولم يدفع لأجيره شيئاً فلرب الثوب أخذه من الأجير بلا أجرة، ويتبع الأجير الصانع إن ثبت أن رب الثوب دفع له الأجرة، وقيل: الأشبه ألا يأخذه حتى يدفع له أجرته، فإن لم تقم بينة لرب الثوب حلف الأجير أنه لم يقبض أجرته، ورجع على رب الثوب بالأقل من أجرة مثله ومن أجرة الصانع، ويتبع الصانع ببقية أجرته.
ولا ضمان على أجير حمل غير طعام إن لم يفرط أو يَغُرَّ بفعل كعِلمه بِضَعْفِ الأَحْبُلِ فَرَبَطَ بها فانقطعت.
وفي الغرور بالقول قولان، كدفعه الأحبل لرب المتاع فتولى ربطها وسيرها، وعلى ضمانه يلزمه المثل أو القيمة بموضع الهلاك، وله من الكراء بحسب سيره، وقيل: يخير في تضمينه قيمته يوم تعدى أو يوم هلك، وضمن طعاماً وإداماً مطلقاً عَلَى الْمَشْهُورِ، وإن لم يفرط إلا ببينة أو يصحبه ربه ولو فارقه، وقيل: إن نوى العود وإلا ضمن، والحضر كالسفر خلافاً لابن كنانة، ولو حمله ببحر وربه غائب عنه ولا تدعو الحاجة إليه ضمنه على المعروف، فإن صحبه فنقص أو ذهب بعضه ففي ضمانه قولان، إلا من علم منه الخيانة أو أكرى معه لشدة أو دفعاً لشر غيره به فيضمن.
واختار اللخمي الضمان في القمح والشعير والسلت وشبهه وإن صحبه ربه إذا نقص.
ولابن حبيب: يضمن ما كان قوتاً فقط كحنطة وشعير وسلتٍ وعلس ودقيق ودخن وذرة وكرسنة وفول وعدس وحمص ولوبياء وجلجلان وزيت وعسل وسمن وخل وملح لا أرز - قيل: ولعله في بلد يقتاتونه - ولا ترمس ومري وأشربة ورُبٌّ وجبن ولبن وزبد ودهن ولحم وبيض وأبازير، ولا خضر فاكهة ورطبها ويابسها إلا التمر والزبيب والزيتون خاصة.
وصدق في تلف ما لم يضمنه كالعرض وأنكره بعضهم، وقيل: هو استحسان، ولا يضمن حارس نخل أو طعام وإن غاب عليه، وكذا لو أخذه ببيعه فضاع هو أو ثمنه إلا أن هذا لا أجر له، ولو نام فسرق منه لم يضمن وله الأجرة كلها، ولو أخذ عبداً يبيعه بموضع كذا بأجر فنام فأبق منه حوسب، وإن مات فله الأجرة كلها، وقيل: كالإباق.
وقال ابْنُ الْقَاسِمِ: الأجرة كلها في الوجهين، ويستعمل في مثل ذلك حتى يتم أو يبلغ.
واختلف قوله في السمسار، وأفتى بتضمينه استحساناً إلا أن يشتهر بخير، وقضي به للمصلحة العامة، ولا يضمن حمامي الثياب.
وقيل: إلا إن قام حارساً وإلا ضمن.
ابن عبد الحكم: وحارسها أمين.
وقيل: إن إكراه الحمامي لحفظها بشيء في ذمته لم يضمن اتفاقاً إلا أن يفرط، وإن كان بأجرة من الداخل فلا ضمان على الأصح، ولو قال: دفعت ثيابك لمن شبهته بك ضمن، وكذا إن رأى من أخذها ظاناً أنه أنت.
وكل من أوصل لك نفعاً بعمل أو مال وإن بغير قصد أو لم تأمره به مما لا بد لك منه بغرم لَزِمَكَ أجرة العمل، ومثل المال كأن حرث أرضك أو سقاها أو حصد زرعك أو طحن حبك أو أنفق على زوجتك وولدك وعبدك، فإن كان عملاً لا يحتاج له أو يليه بنفسه دون غرم، أو أنفق على من لا تلزمك نفقته فلا شيء عليك، ولا في زائد إن أنفق أكثر من قوت محتاج إليه، وقال المازري: إن خاط قربة وهو ممن لا يتولاه بنفسه فقال سحنون: لا أجرة له.
وقال غيره: عليه الأقل من قيمة خياطته أو ما يخيطه هو به.
وإن قال الصانع لرب الثوب استعملتني فيه، وقال هو: بل سرق مني، وأراد تضمينه، فإن طاع الصانع بدفعه قيمته أبيض سقطت اليمين عنهما، وإن أبى تحالفا، وقيل لربه: ادفع له قيمة عمله، فإن أبى قيل للصانع: ادفع قيمته بلا عمل، فإن أبى اشتركا بالقيمة والعمل، وإن أراد أخذه وقيمته مثل دعوى الصانع أو أكثر، دفع قيمة الصبغ وأخذ ثوبه بلا يمين، وإن كانت أقل فيمين، وقيل: الصانع
مدع فيحلف ربه أنه ما دفعه له، ويغرم قيمته جبراً، والقول للصانع إن قال أودعتكه، وقيل: هو مدع فعليه البينة، وإلا حلف ربه وأخذه بغير شيء إن لم ينقصه الصبغ وإلا غرم قيمته، وقيل: مدع في الأجرة، فإن ادعى أكثر من أجرة المثل وحلف على ذلك لم يستحقه، وحلف ربه، وسقط عنه ما زاد على أجرة المثل، فإن نكل أخذ الصانع ما حلف عليه، وإن نكل وحلف ربه أخذ ثوبه مصبوغاً ولا شيء عليه.
وصدق الصائغ بيمينه إن صاغ سوارين، وقيل له: أمرت بخلخالين، وهل يأخذ المسمى أو الأقل منه، ومن أجرة المثل قولان، وفيما يشبه إن قال بأربعة، والمصنوع بيده، وقيل: له بثلاثة، فإن لم يشبه حلف ربه إن أشبه وإلا فللصانع أجر مثله، وإن لم يكن بيده صدق ربه كأن اختلفا في رده.
وقال ابن الماجشون: إن قبضه بغير بينة صدق وإلا فلا.
وصدق حجام في قلع ضرس إن ادعى عليه الخطأ بما يليه، ولا أجر له إن وافق ربه ولزمه القود في العمد والعقل في الخطأ، وقيل: هو مدع، وقيل: يتحالفان، وله أجر مثله إن لم يزد على المسمى، وقيد الخلاف بالمعيبين، فلو كانت الباقية سالمة دون المقلوعة فالقول للحجام اتفاقاً، وبالعكس فلربه اتفاقاً.
ولو لتَّ سويقاً بدهن، فقال ربه لم آمرك بشيء، قيل له: إن شئت فادفع له ما قال، وخذه ملتوتاً، فإن أبى قيل للاتِّ: ادفع له مثله غير ملتوت، وإلا فسلمه إليه ولا شيء لك.
وقيل: يُقضى عليه بمثله إن امتنع ربه من دفع لتاته، وهل وفاق أو خلاف؟ تأويلان.
فإن قال لَتَتُّهُ بعشرة بأمره، وقال ربه إنما أمرتك بخمسة أو قال كان لي فيه لتات فاللاتُّ مصدق بيمينه إن أشبه وائتمنه عليه.
وإن قال رب الدابة أكتريك بمائة لبرقة، وقلت أنت لإفريقية حلفتما وفسخ إن لم يسر أو قل انتقد الكراء أم لا.
وقال غيره: إن نقد صدق ربها فيما يشبه كقولك بعتك هذا الثوب بهذه المائة التي قبضتها، وصدق في المسافة فقط من أشبه قوله انتقد أم لا، وإن أشبها معاً صدق رب الدابة إن نقد وإلا حلف الراكب، ولزم رب الدابة ما قال الراكب، إلا أن يحلف على ما ادعاه فله حصة المسافة على دعوى الراكب ويفسخ الباقي، وإن لم يشبها معاً حلفا، وفسخ بكراء المثل فيما مشى، وأيهما نكل قُضِيَ عليه للحالف.
وقال ابن المواز: إن اختلفا في قلة الكراء وكثرته أو في المسافة في البلد وقربه تحالفا وتفاسخا في الدابة المعينة، وكذا في المضمونة بقرب العقد بدون شهر، ويبدأ الراكب باليمين، وإن اختلفا بعد طول السفر في المعينة والمدة في المضمونة وإن لم يشرعا فيه صدق الكري في المسافة، والراكب في الثمن إن لم ينقد إذا أشبه بعد التحالف ويبلغ من المسافة ما يقول الكري، وإن فات بعد السفر صدق المكري.
وإن قال رب دابة أكريتك بمائة للمدينة وقد بلغتها، وقلت أنت بخمسين لمكة ونقدته الخمسين صدق فيما يشبه، وحلفت أنت على الخمسين الأخرى، وحلف هو أنه لم يكرك لمكة وفسخ، وإن لم تنقده شيئاً صدق في المسافة وأنت في حصتها من الكراء الذي يذكر بعد أيمانكما، وإن أشبه قوله فقط صدق بيمين وإن أقمتما بينتين قضي بأعدلهما، وإن تكافتا سقطتا.
وقيل: يُقْضَى بأبعد المسافتين وأكثر الثمنين انتقد أم لا.
وقال محمد: يفسخ ما بقي بعد أيمانهما وليس له غير ما قبض، ولا يرد منه شيئاً، ولا يلزمه التمادي إلا في الحج فلمكة بما انتقد فإن لم ينقتد فبالكراء الذي يقر به المكتري.
مالك: ويصدق الكري على حمل رجل أو أحمال في الغاية إلا في الحج، وقيل: يصدق المكتري في الحج إن اكترى محامل أو زوامل وإن اكترى أعكاماً صدق الكري بيمينه إذا انتقد.
وإن قال: أكريتك خمس سنين بمائة، وقلت أنت: بل عشراً بخمسين حلفتما وفسخ.
وإن زرعت بعضها ولم تنقده شيئاً فله فيما مضى ما أقررت به إن أشبه وإلا صدق بيمين إن أشبه، وإلا فله كراء المثل فيما مضى وفسخ الباقي بكل حال، وتردد فيها بعض المتأخرين مع النقد.