فصل: 41- استدلال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.41- استدلال:

1- التعريف:
الاستدلال لغة: طلب الدليل، وهو من دله على الطريق دلالة: إذا أرشده إليه. قال ابن فارس: الدال واللام، أصلان: أحدهما إبانة الشيء بأمارةٍ تتعلمها، والآخَر اضطرابٌ في الشيء؛ فالأوَّل قولهم: دلَلْتُ فلاناً على الطريق، وَالدليل: الأمارة في الشيء، وهو بيّن الدَّلالة وَالدِّلالة.
وفي الاصطلاح: عرفه أبو الوليد الباجي: بأنه التفكر في حال المنظور فيه طلباً للعلم بما هو نظر فيه، أو لغلبة الظن إن كان مما طريقه غلبة الظن.
والاستدلال في المصطلح الجنائي: هو جمع المعلومات عن الجريمة ومرتكبيها، ويتولى القيام به رجال الضبط الجنائي.
2- أهمية مرحلة الاستدلال:
الاستدلال يساهم بشكل كبير في سرعة الإجراءات الجنائية، فهو يفيد في تهيئة أدلة الدعوى نفيا أو إثباتا، ومرحلة الاستدلال تسهل مهمة التحقيق الابتدائي في كشف الجريمة.
3- طبيعة الاستدلال:
الاستدلال إجراء أولي يسبق مرحلة التحقيق وتحريك الدعوى، ولهذا فإن النتائج المترتبة عليه يكون حكمها كالتالي:
1- ما ينشأ عن الاستدلال لا يصح اعتباره دليلا نظاميا يبنى عليه الاتهام، ولا يجوز بناء الحكم عليه.
2- الدعوى الجنائية لا يحركها أي إجراء من إجراءات الاستدلال بينما تحركها إجراءات التحقيق المختلفة.
3- إجراء الاستدلال يتجرد من كل ما يمس الحريات الفردية.
4- السلطة المختصة بالاستدلال:
السلطة المختصة بالاستدلال هم: رجال الضبط الجنائي، وقد بينت المادة الرابعة والعشرون من نظام الإجراءات الجزائية أن رجال الضبط الجنائي هم: الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام.

.42- استرداد:

1- التعريف:
الاسترداد مصدر استَرَدَّ، جاء في لسان العرب: واستَرَدَّ الشيء وارْتَدَّه: طلب رَدَّه عليه. واستَرَدَّ ه: استرجعه، واستَرَدَّ فلاناً الشيء: سأله أن يرده عليه.
وفقهاء الإسلام رحمهم الله يعبرون بالاسترداد عن طلب استعادة الشيء فيقولون استرداد ثمن المبيع، ويقولون: استرداد المغصوب، أو المسروق.
والاسترداد الذي نحن بصدد بحثه هو: الطلب الذي تتقدم به دولة إلى دولة أخرى وفق اتفاقيات سابقة ليتم بموجبه تسليمها شخص مطلوب للتحقيق أو المحاكمة.
2- مشروعية الاسترداد:
تسليم الأشخاص المطلوبين للدول التي طلبتهم من أجل التحقيق أو المحاكمة يتم وفق ضوابط واتفاقيات موقعة بين الدول أصبحت الضرورة تفرضها، لاسيما مع اتساع دائرة الإجرام وسرعة التنقل بين الدول مما قد يفوت تقديم الجاني للعدالة، فإذا كان الشخص الجاني المطلوب تسليمه سوف يجرى له محاكمة عادلة لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية، فيجوز تسليمه للدولة التي طلبته، شرط أن تكون المحاكمة على جريمة وقعت فعلاً لا على جريمة متوقعة، وأن يثبت قيامه بارتكابها أو المشاركة فيها.
3- ضوابط طلب تسليم المطلوبين:
1- قيام شخص ما بارتكاب واقعة مجرمة شرعاً أو نظاماً وتمكنه من الهرب خارج حدود الدولة التي ارتكب الجريمة على إقليمها.
2- أن تقدم الدولة طالبة التسليم- التي ارتكبت الجريمة على إقليمها- طلباً إلى الدولة المطلوب منها التسليم- التي هرب إليها الشخص المطلوب- توضح فيه رغبتها في استرداد الشخص المطلوب.
3- أن تكون هناك اتفاقية سابقة موقعة من الدولتين متعلقة بتسليم المطلوبين.
4- تنظيم ملف الاسترداد:
أولاً: يجب أن يشتمل ملف الاسترداد على النقاط التالية:
أ- بيانات تتعلق بالشخص المطلوب:
1- بيان مفصل عن هوية الشخص المطلوب تسليمه وأوصافه وجنسيته.
2- في حالة وجود جواز سفر للشخص المطلوب يرفق صورة منه، موضحاً فيها الرقم والتاريخ، ومكان الإصدار، وعمل الشخص المطلوب.
3- في حالة وجود الإقامة- لغير السعودي- يرفق صورة منها.
4- في حالة توفر صور فوتوغرافية للمطلوب ترفق بالملف ويكتب اسمه أسفل الصورة.
5- إرفاق خمس وأربعين صورة شخصية مستنسخة للمطلوب ويكتب اسمه اسفل كل صورة.
6- صورة للبطاقة الشخصية للمواطنين.
7- إرفاق كرت من بصمات المطلوب في حالة وجودها.
8- تعبئة النموذج المخصص للأسلوب الإجرامي للشخص المطلوب.
9- إيضاح كيفية خروجه من المملكة، وواسطة سفره، والمدينة التي توجه إليها، وعنوانه في بلاده والأماكن المحتمل زيارته لها وإقامته بها، أو يكثر تردده عليها.
10- صورة من أمر القبض الصادر من قبل المحقق المختص بهيئة التحقيق والادعاء العام.
ب- المعلومات المتعلقة بالواقعة الجرمية المرتكبة:
1- صورة واضحة من أوراق التحقيق في الواقعة الجرمية، تشتمل على الأدلة التي تثبت نسبة الجريمة للمطلوب، ومحاضر الضبط والمعاينة والتفتيش، وشهادة الوفاة، والتقارير الطبية والمخبرية، وغيرها مما له علاقة بالواقعة الجرمية.
2- إذا كان المطلوب قد صدر بحقه حكم غيابياً- كما هو الحال في بعض الدول- أو حضورياً فيجب إرفاق نسخة مصدقة من الحكم.
3- مذكرة تتضمن: تاريخ ومكان ارتكاب الأفعال المطلوب التسليم من أجلها، وبيان للجريمة المرتكبة وتكييفها، وتوضيح المقتضيات الشرعية أو النظامية المطبقة عليها، والعقوبة المترتبة على ارتكابها.
ثانياً: بعد استكمال وثائق ملف الاسترداد يتم فحصه ودراسته من قبل الجهة المختصة- هيئة التحقيق والادعاء العام- وعند توفر أدلة اتهام ضد الشخص المطلوب تتخذ الإجراءات التالية:
1- إصدار قرار يتضمن توجيه الاتهام للشخص المطلوب والأدلة القائمة ضده.
2- المصادقة على الوثائق التي تضمنها ملف الاسترداد.
3- إصدار أمر توقيف للمتهم المطلوب.
وفي حالة عدم استكمال وثائق الاسترداد يطلب استكمال النواقص من قبل الجهة المختصة.

.43- استشمام:

1- التعريف:
الاستشمام لغة: مصدر شَممتُ، وهو حس الأنف، واشْتمَّ الشيء أدناه منه ليجتذب رائحته. قال ابن فارس: الشين والميم أصلٌ واحد يدلُّ على المقاربَة والمداناة. تقول: شَممت الشيءَ فأنا أشمُّه، والمشامَّة: المفاعلة من شاممته، إذا قاربتَه ودنوتَ منه.
وفي الاصطلاح: لا يخرج معنى الاستشمام عند الفقهاء عن معناه اللغوي، لكنهم يعبرون عنه في أغلب الأحيان بلفظ الاستنكاه.
المراد بالاستشمام هنا: هو استنكاه فم المتهم بشرب المسكر لمعرفة ما إذا كانت رائحة الخمر تنبعث من أنفاسه أم لا.
2- هل يثبت شرب الخمر بالاستشمام؟:
إثبات شرب الخمر بالاستشمام مسألة خلافية بين العلماء، فعند الإمام مالك، وأحمد، في إحدى الروايات عنه، إذا استنكه الشخص ووجدت رائحة الخمر منه وجب عليه الحد؛ ودليلهم في ذلك، ما جاء في قصة ماعز الأسلمي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد فيه ريح الخمر».
ولما رواه البخاري ومسلم، عن علقمة قال: كنا بحمص، فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل: ما هكذا أنزلت، قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنت؛ ووجد منه ريح الخمر، فقال: أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر؟ فضربه الحد.
قال ابن القيم رحمه الله: (وحكم عمر وابن مسعود، ولا يعرف لهما مخالف بوجوب الحد برائحة الخمر من فيء الرجل أو قيئه خمرا اعتمادا على القرينة الظاهرة).
فهذه الأحاديث والآثار دليل على إقامة الحد بوجود الرائحة.
وهذا هو المعمول به اليوم في محاكم المملكة استنادا لما ذكر من أحاديث وآثار. وجاء في الفقرة الثالثة من قرار هيئة كبار العلماء رقم (53) وتاريخ 4/4/1397هـ النص التالي:- (قرر المجلس بالأغلبية ثبوت الحد بوجود رائحة الخمر أو قيئه مع وجود قرينة أخرى يقتنع بها القاضي). (انظر: نص القرار في مصطلح: مسكر).
3- العدد المجزئ في الاستشمام:
قال ابن فرحون رحمه الله: (وأما العدة فلا يخلو أن يكون الحاكم أمر الشهود بالاستنكاه, أو فعلوا هم ذلك ابتداء فإن كان الحاكم أمرهم بذلك, فقد روى ابن حبيب عن أصبغ أنه يستحب أن يأمر شاهدين, فإن لم يكن إلا واحد وجب به الحد, وأما إن كان الشهود فعلوا ذلك من قبل أنفسهم, فلا يجزئ أقل من اثنين كالشهادة على الشرب).
ويقوم بالاستشمام رجلان عدلان، لأنه شهادة على إثبات حد، ولا يصح قيام النساء به لعدم قبول شهادتهن في الحدود، وعلى هذا إذا كان المراد استشمامه امرأة فإن الرجال لا يقومون باستشمامها لما في ذلك من مفسدة.
4- إذا شك المستشمون في الرائحة هل هي رائحة خمر أم لا؟
بيَّن ابن فرحون رحمه الله حكم ذلك بقوله: (إن شك الشهود في الرائحة هل هي رائحة مسكر أو غيره نظرت حاله، فإن كان من أهل السفه نكل، وإن كان من أهل العدل خلى سبيله، حكاه ابن القاسم في العتبية والموازية، ووجه ذلك أن من عرف بالسفه والشرب والتخليط، خيف أن يكون ما شك فيه ما حرم عليه ووجب أن يزجر عن التسمية بذلك لئلا يتطرق بذلك إلى إظهار معصية، وأما من كان من أهل العدل فتبعد عنه الريبة، والله أعلم).

.44- استشهاد:

1- التعريف:
الاستشهاد في اللغة: طلب الشهادة من الشهود، فيقال: استشهده: إذا سأله تحمل أو أداء الشهادة، قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة آية 282]؛ واستعمل في القتل في سبيل الله، فيقال: استشهد: قتل في سبيل الله.
وفي اصطلاح الفقهاء لا يخرج استعمالهم عن هذين المعنيين؛ إلا أنهم في الغالب يستعملون لفظ إشهاد، ويريدون به: الاستشهاد على حق من الحقوق. (للمزيد أنظر مصطلح: شهادة).

.45- استغاثة:

1- التعريف:
الاستغاثة لغة: طلب الغوث والنصر، قال تعالى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ} [القصص الآية 15]. جاء في لسان العرب: وغَوَّثَ الرجلُ، واسْتَغاثَ: صاحَ واغَوثاه والاسمُ: الغَوْث، والغُواثُ، والغَواثُ.
والاستغاثة في الاصطلاح: لا تخرج في المعنى عن التعريف اللغوي، فهي بمعنى العون، وتفريج الكروب.
والمراد بها هنا: طلب المجني عليه أو المضرور النجدة ومد يد العون له لتخليصه مما أصابه.
2- حكم إغاثة المستغيث:
إذا استغاث المسلم لدفع شر وجبت إغاثته، لما رواه ابن حبان عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس من نفس ابن آدم إلا عليها صدقة في كل يوم طلعت فيه الشمس»؛ قيل: يا رسول الله، ومن أين لنا صدقة نتصدق بها؟ فقال: «إن أبواب الخير لكثيرة: التسبيح، والتحميد، والتكبير، والتهليل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وتميط الأذى عن الطريق، وتسمع الأصم، وتهدي الأعمى، وتدل المستدل على حاجته، وتسعى بشدة ساقيك مع اللهفان المستغيث، وتحمل بشدة ذراعيك مع الضعيف، فهذا كله صدقة منك على نفسك». وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه: «من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر على مسلم ستر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه».
وتجب إغاثة المستغيث إذا لم يخش المغيث على نفسه ضرراً، لأن له الإيثار بحق نفسه دون حق غيره. أما رجال الأمن والدفاع المدني، والإسعاف، فتجب عليهم الإغاثة ولو مع الخشية على النفس، لأن ذلك مقتضى واجباتهم الوظيفية.
3- استغاثة المُكْرَه:
يرى الفقهاء أن الاستغاثة من المكرَه علامة من علامات الإكراه التي تُسقط الحد عنه، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «تجاوز الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».