فصل: فصل: إذا قال لامرأته‏:‏ أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم ولم يطلقها طلقت

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن قال‏:‏ إن طلقت حفصة فعمرة طالق ثم قال‏:‏ إن طلقت عمرة فحفصة طالق ثم طلق حفصة طلقتا معا حفصة بالمباشرة وعمرة بالصفة‏,‏ ولم تزد كل واحدة منهما على طلقة وإن بدأ بطلاق عمرة طلقت طلقتين وطلقت حفصة طلقة واحدة لأنه إذا طلق حفصة طلقت عمرة بالصفة لكونه علق طلاقها على طلاق حفصة‏,‏ ولم يعد على حفصة طلاق آخر لأنه ما أحدث في عمرة طلاقا إنما طلقت بالصفة السابقة على تعليقه طلاقها وإن بدأ بطلاق عمرة طلقت حفصة لكون طلاقها معلقا على طلاق عمرة‏,‏ ووقوع الطلاق بها تطليق منه لها لأنه أحدث فيها طلاقا بتعليقه طلاقها على تطليق عمرة بعد قوله‏:‏ إن طلقت حفصة فعمرة طالق ومتى وجد التعليق والوقوع معا‏,‏ فهو تطليق فإن وجدا معا بعد تعليق الطلاق بطلاقها وقع الطلاق المعلق بطلاقها وطلاق عمرة ها هنا معلق بطلاقها فوجب القول بوقوعه ولو قال لعمرة‏:‏ كلما طلقت حفصة‏,‏ فأنت طالق ثم قال لحفصة‏:‏ كلما طلقت عمرة فأنت طالق ثم قال لعمرة‏:‏ أنت طالق طلقت طلقتين وطلقت حفصة طلقة واحدة وإن طلق حفصة ابتداء‏,‏ لم يقع بكل واحدة منهما إلا طلقة لأن هذه المسألة كالتي قبلها سواء فإنه بدأ بتعليق طلاق عمرة على تطليق حفصة ثم ثنى بتعليق طلاق حفصة على تطليق عمرة ولو قال لعمرة‏:‏ إن طلقتك‏,‏ فحفصة طالق ثم قال لحفصة‏:‏ إن طلقتك فعمرة طالق ثم طلق حفصة طلقت طلقتين‏,‏ وطلقت عمرة طلقة وإن طلق عمرة طلقت كل واحدة منهما طلقة لأنها عكس التي قبلها ذكر هاتين المسألتين القاضي في ‏"‏ المجرد ‏"‏ ولو قال لإحدى زوجتيه‏:‏ كلما طلقت ضرتك‏,‏ فأنت طالق ثم قال للأخرى مثل ذلك ثم طلق الأولى طلقت طلقتين‏,‏ وطلقت الثانية طلقة وإن طلق الثانية طلقت كل واحدة منهما طلقة وإن قال‏:‏ كلما طلقتك فضرتك طالق ثم قال للأخرى مثل ذلك ثم طلق الأولى‏,‏ طلقت كل واحدة منهما طلقة طلقة وإن طلق الثانية طلقت طلقتين وطلقت الأولى طلقة‏,‏ وتعليل ذلك على ما ذكرنا في المسألة الأولى‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان له ثلاث نسوة فقال‏:‏ إن طلقت زينب فعمرة طالق وإن طلقت عمرة فحفصة طالق‏,‏ وإن طلقت حفصة فزينب طالق ثم طلق زينب طلقت عمرة ولم تطلق حفصة لأنه ما أحدث في عمرة طلاقا بعد تعليق طلاق حفصة بتطليقها‏,‏ وإنما طلقت بالصفة السابقة على ذلك فيكون وقوعا للطلاق وليس بتطليق وإن طلق عمرة‏,‏ طلقت حفصة ولم تطلق زينب لذلك وإن طلق حفصة طلقت زينب‏,‏ ثم طلقت عمرة فيقع الطلاق بالثلاث لأنه أحدث في زينب طلاقا بعد تعليقه طلاق عمرة بطلاقها فإنه علق طلاقها بعد ذلك على تطليق حفصة‏,‏ ثم طلق حفصة والتعليق مع تحقق شرطه تطليق وقد وجد التعليق وشرطه معا بعد تعليقه طلاق عمرة بتطليقها‏,‏ فكان وقوع الطلاق بزينب تطليقا فطلقت به عمرة بخلاف غيرها وإن قال لزينب‏:‏ إن طلقت عمرة فأنت طالق ثم قال لعمرة‏:‏ إن طلقت حفصة فأنت طالق ثم قال لحفصة‏:‏ إن طلقت زينب فأنت طالق ثم طلق زينب‏,‏ طلق الثلاث زينب بالمباشرة وحفصة بالصفة ووقوع الطلاق بحفصة تطليق لها‏,‏ وتطليقها شرط طلاق عمرة فتطلق به أيضا والدليل على أنه تطليق لحفصة أنه أحدث فيها طلاقا‏,‏ بتعليقه طلاقها على تطليق زينب بعد تعليق طلاق عمرة بتطليقها وتحقق شرطه‏,‏ والتعليق مع شرطه تطليق وقد وجدا معا بعد جعل تطليقها صفة لطلاق عمرة وإن طلق عمرة طلقت هي وزينب‏,‏ ولم تطلق حفصة وإن طلق حفصة طلقت هي وعمرة ولم تطلق زينب لما ذكرنا في المسألة التي قبلها وإن قال لزينب‏:‏ إن طلقتك فضرتاك طالقتان‏,‏ ثم قال لعمرة مثل ذلك ثم قال لحفصة مثل ذلك ثم طلق زينب‏,‏ طلقت كل واحدة منهن طلقة واحدة لأنه لم يحدث في غير زينب طلاقا إنما طلقتا بالصفة السابقة على تعليق الطلاق بطلاقها وإن طلق عمرة طلقت زينب طلقة‏,‏ وطلقت عمرة وحفصة كل واحدة منهما طلقتين لأن عمرة طلقت واحدة بالمباشرة وطلقت زينب وحفصة بطلاقها واحدة واحدة وطلاق زينب تطليق لهما لأنه وقع بها بصفة أحدثها بعد تعليق طلاقهما بتطليقها‏,‏ فعاد على عمرة وحفصة بذلك طلقتان ولم يعد على زينب بطلاقهما طلاق لما تقدم وإن طلق حفصة طلقت ثلاثا لأنها طلقت واحدة بالمباشرة‏,‏ فطلقت بها ضرتاها ووقوع الطلاق بكل واحدة منهما تطليق لأنه بصفة أحدثها فيهما بعد تعليق طلاقها بطلاقهما‏,‏ فعاد عليها من طلاق كل واحدة منهما طلقة فكمل لها ثلاث وطلقت عمرة طلقتين‏,‏ واحدة بتطليق حفصة وأخرى بوقوع الطلاق على زينب لأنه تطليق لزينب لما ذكرناه وطلقت زينب واحدة لأن طلاق ضرتها بالصفة‏,‏ ليس بتطليق في حقها وإن قال لكل واحدة منهن‏:‏ كلما طلقت إحدى ضرتيك فأنت طالق ثم طلق الأولى طلقت ثلاثا‏,‏ وطلقت الثانية طلقتين والثالثة طلقة واحدة لأن تطليقه للأولى شرط لطلاق ضرتيها ووقوع الطلاق بهما تطليق بالنسبة إليها‏,‏ لكونه واقعا بصفة أحدثها بعد تعليق طلاقها بطلاقهما فعاد عليها من تطليق كل واحدة منهما طلقة فكمل لها الثلاث‏,‏ وعاد على الثانية من طلاق الثالثة طلقة ثانية لذلك ولم يعد على الثالثة من طلاقهما الواقع بالصفة شيء لأنه ليس بتطليق في حقها وإن طلق الثانية طلقت أيضا طلقتين وطلقت الأولى ثلاثا‏,‏ والثالثة طلقة وإن طلق الثالثة طلقت الأولى طلقتين وطلقت كل واحدة من الباقيتين طلقة طلقة‏.‏

فصل‏:‏

ولو قال لامرأته‏:‏ إن طلقتك فعبدي حر ثم قال لعبده‏:‏ إن قمت فامرأتي طالق فقام‏,‏ طلقت المرأة وعتق العبد ولو قال لعبده‏:‏ إن قمت فامرأتي طالق ثم قال لامرأته‏:‏ إن طلقتك فعبدي حر فقام العبد طلقت المرأة‏,‏ ولم يعتق العبد لأن وقوع الطلاق بالصفة إنما يكون تطليقا مع وجود الصفة ففي الصورة الأولى وجدت الصفة والوقوع بعد قوله‏:‏ إن طلقتك فعبدي حر وفي الصورة الأخرى لم يوجد بعد ذلك إلا الوقوع وحده فكانت الصفة سابقة‏,‏ فلذلك لم يعتق العبد ولو قال لعبده‏:‏ إن أعتقتك فامرأتي طالق ثم قال لامرأته‏:‏ إن حلفت بطلاقك فعبدي حر ثم قال لعبده‏:‏ إن لم أضربك فامرأتي طالق عتق العبد وطلقت المرأة‏.‏

فصل‏:‏

ومتى علق الطلاق على صفات فاجتمعن في شيء واحد‏,‏ وقع بكل صفة ما علق عليها كما لو وجدت مفترقة وكذلك العتاق‏,‏ فلو قال لامرأته‏:‏ إن كلمت رجلا فأنت طالق وإن كلمت طويلا فأنت طالق وإن كلمت أسود فأنت طالق فكلمت رجلا أسود طويلا‏,‏ طلقت ثلاثا وإن قال‏:‏ إن ولدت بنتا فأنت طالق وإن ولدت سوداء فأنت طالق وإن ولدت ولدا فأنت طالق فولدت بنتا سوداء‏,‏ طلقت ثلاثا وإن قال‏:‏ إن أكلت رمانة فأنت طالق وإن أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت اثنتين وإن قال‏:‏ كلما أكلت رمانة فأنت طالق‏,‏ وكلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت ثلاثا لأن كلما تقتضي التكرار وفي الرمانة نصفان‏,‏ فتطلق بأكلهما طلقتين وبأكل الرمانة طلقة فإن نوى بقوله‏:‏ نصف رمانة نصفا مفردا عن الرمانة المشروطة أو كانت مع الكلام قرينة تقتضي ذلك‏,‏ لم يحنث حتى تأكل ما نوى تعليق الطلاق به لأن مبنى الأيمان على النية‏.‏

فصل‏:‏

فإن قال‏:‏ إن دخل الدار رجل فعبد من عبيدي حر وإن دخلها طويل فعبدان حران وإن دخلها أسود فثلاثة أعبد أحرار‏,‏ وإن دخلها فقيه فأربعة أعبد أحرار فدخلها فقيه طويل أسود عتق من عبيده عشرة وإن كان له أربع نسوة فقال‏:‏ إن طلقت امرأة منكن فعبد من عبيدي حر‏,‏ وإن طلقت اثنتين فعبدان حران وإن طلقت ثلاثة فثلاثة أعبد أحرار‏,‏ وإن طلقت أربعا فأربعة أعبد أحرار ثم طلق الأربع مجتمعات أو متفرقات عتق من عبيده عشرة بالواحدة واحد‏,‏ وبالاثنتين اثنان وبالثلاث ثلاثة وبالأربع أربعة لاجتماع هذه الصفات الأربع فيهن ولو علق ذلك بلفظة ‏"‏ كلما ‏"‏‏,‏ فقد قيل‏:‏ يعتق عشرة أيضا والصحيح أنه يعتق خمسة عشر عبدا لأن فيهن أربع صفات هن أربع فيعتق أربعة‏,‏ وهن أربعة آحاد فيعتق بذلك أربعة وهن اثنتان واثنتان‏,‏ فيعتق بذلك أربعة وفيهن ثلاث فيعتق بهن ثلاثة وإن شئت قلت‏:‏ يعتق بالواحدة واحد‏,‏ وبالثانية ثلاثة لأن فيها صفتين هي واحدة وهي مع الأولى اثنتان ويعتق بالثالثة أربعة لأنها واحدة‏,‏ وهي مع الأولى والثانية ثلاث ويعتق بالرابعة سبعة لأن فيها ثلاث صفات هي واحدة‏,‏ وهي مع الثالثة اثنتان وهي مع الثلاث التي قبلها أربع وهذا أولى من الأول لأن قائله لا يعتبر صفة طلاق الواحدة في غير الأولى ولا صفة التثنية في الثالثة والرابعة‏,‏ ولفظ ‏"‏ كلما ‏"‏ يقتضي التكرار فيجب تكرار الطلاق بتكرار الصفات وقيل‏:‏ يعتق سبعة عشر لأن صفة التثنية قد وجدت ثلاث مرات فإنها توجد بضم الثانية إلى الثالثة وقيل‏:‏ يعتق عشرون وهو قول أبي حنيفة لأن صفة الثلاث وجدت مرة ثانية بضم الثانية والثالثة إلى الرابعة‏,‏ وكلا القولين غير سديد لأنهما عدوا الثانية مع الأولى في صفة التثنية مرة ثم عدوها مع الثالثة مرة أخرى وعدوا الثانية والثالثة في صفة التثليث مرتين‏,‏ مرة مع الأولى ومرة مع الرابعة وما عد في صفة مرة‏,‏ لا يجوز عده في تلك الصفة مرة أخرى ولذلك لو قال‏:‏ كلما أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة لم تطلق إلا اثنتين لأن الرمانة نصفان ولا يقال‏:‏ إنها تطلق ثالثة بأن يضم الربع الثاني إلى الربع الثالث فيصيران نصفا ثالثا‏,‏ وكذلك في مسألتنا لم تضم الأولى إلى الرابعة فيصيران اثنتين وعلى سياق هذا القول‏,‏ ينبغي أن يعتق اثنان وثلاثون واحد بطلاق واحدة وثلاثة بطلاق الثانية وثمانية بطلاق الثالثة لأنها واحدة وهي مع ما قبلها ثلاثة‏,‏ وهي مع ضمها إلى الأولى اثنتان ومع ضمها إلى الثانية اثنتان ففيها صفة التثنية مرتان‏,‏ ويعتق بطلاق الرابعة عشرون لأن فيها ثماني صفات هي واحدة وهي مع ما قبلها أربع‏,‏ وفيها صفة التثليث ثلاث مرات هي مع الأولى والثانية ثلاث ومع الثانية والثالثة ثلاث‏,‏ ومع الأولى والثالثة ثلاث فيعتق بذلك تسعة وفيها صفة التثنية ثلاث مرات‏,‏ هي مع الأولى اثنتان وهي مع الثانية اثنتان وهي مع الثالثة اثنتان‏,‏ فيعتق بذلك ستة ويصير الجميع اثنين وثلاثين وما نعلم بهذا قائلا وهذا مع الإطلاق فأما إن نوى بلفظه غير ما يقتضيه الإطلاق‏,‏ مثل أن ينوي بقوله‏:‏ اثنتين غير الواحدة فيمينه على ما نواه ومتى لم يعين العبيد المعتقين‏,‏ أخرجوا بالقرعة ولو قال‏:‏ كلما أعتقت عبدا من عبيدي فامرأة من نسائي طالق وكلما أعتقت اثنين فامرأتان طالقتان ثم أعتق اثنين طلق الأربع‏,‏ على القول الصحيح وعلى القول الأول يطلق ثلاث‏,‏ ويخرجن بالقرعة ولو قال‏:‏ كلما أعتقت عبدا من عبيدي فجارية من جواري حرة وكلما أعتقت اثنين فجاريتان حرتان وكلما أعتقت ثلاثة فثلاث أحرار‏,‏ وكلما أعتقت أربعة فأربع أحرار ثم أعتق أربعة عتق من جواريه بعدد ما طلق من النساء على ما ذكرنا وإن أعتق خمسا فعلى القول الأول‏,‏ يعتق من جواريه ها هنا خمس عشرة وعلى القول الثاني يعتق إحدى وعشرون لأن عتق الخامس عتق به ست لكونه واحدا‏,‏ وهو مع ما قبله خمسة ولم يمكن عده في سائر الصفات لأن ما قبله قد عد في ذلك مرة‏,‏ فلا يعد ثانية‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا قال‏:‏ إن لم أطلقك فأنت طالق ولم ينو وقتا ولم يطلقها حتى مات أو ماتت وقع الطلاق بها في آخر أوقات الإمكان‏]‏

وجملة ذلك أن حرف ‏"‏ إن ‏"‏ موضوع للشرط‏,‏ لا يقتضي زمنا ولا يدل عليه إلا من حيث إن الفعل المعلق به من ضرورته الزمان وما حصل ضرورة لا يتقيد بزمن معين‏,‏ ولا يقتضي تعجيلا فما علق عليه كان على التراخي سواء في ذلك الإثبات والنفي فعلى هذا إذا قال‏:‏ إن لم أطلقك فأنت طالق ولم ينو وقتا‏,‏ ولم يطلقها كان ذلك على التراخي ولم يحنث بتأخيره لأن كل وقت يمكن أن يفعل ما حلف عليه‏,‏ فلم يفت الوقت فإذا مات أحدهما علمنا حنثه حينئذ لأنه لا يمكن إيقاع الطلاق بها بعد موت أحدهما فتبين أنه وقع‏,‏ إذ لم يبق من حياته ما يتسع لتطليقها وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم فيه بين أهل العلم خلافا ولو قال‏:‏ إن لم أطلق عمرة فحفصة طالق فأي الثلاثة مات أولا وقع الطلاق قبيل موته لأن تطليقه لحفصة على وجه تنحل به يمينه‏,‏ إنما يكون في حياتهم جميعا وكذلك لو قال‏:‏ إن لم أعتق عبدي أو إن لم أضربه فامرأتي طالق وقع بها الطلاق في آخر جزء من حياة أولهم موتا فأما إن عين وقتا بلفظه‏,‏ أو بنيته تعين وتعلقت يمينه به قال أحمد‏,‏ -رحمه الله-‏:‏ إذا قال‏:‏ إن لم أضرب فلانا فأنت طالق ثلاثا فهو على ما أراد من ذلك وذلك لأن الزمان المحلوف على ترك الفعل فيه تعين بنيته وإرادته فصار كالمصرح به في لفظه فإن مبنى الأيمان على النية‏,‏ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إنما لامرئ ما نوى‏)‏‏.‏

فصل‏:‏

ولا يمنع من وطء زوجته قبل فعل ما حلف عليه وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وقال سعيد بن المسيب‏,‏ والحسن والشعبي ويحيى الأنصاري‏,‏ وربيعة ومالك وأبو عبيد‏:‏ لا يطأ حتى يفعل لأن الأصل عدم الفعل‏,‏ ووقوع الطلاق وروى الأثرم عن أحمد مثل ذلك وقال الأنصاري وربيعة ومالك‏:‏ يضرب له أجل المولي‏,‏ كما لو حلف أن لا يطأها ولنا أنه نكاح صحيح لم يقع فيه طلاق ولا غيره من أسباب التحريم‏,‏ فحل له الوطء فيه كما لو قال‏:‏ إن طلقتك فأنت طالق وقولهم‏:‏ الأصل عدم الفعل ووقوع الطلاق قلنا‏:‏ هذا الأصل لم يقتض وقوع الطلاق فلم يقتض حكمه‏,‏ ولو وقع الطلاق بعد وطئه لم يضر كما لو طلقها ناجزا وعلى أن الطلاق ها هنا إنما يقع في زمن لا يمكن الوطء بعده‏,‏ بخلاف قوله‏:‏ إن وطئتك فأنت طالق‏.‏

فصل‏:‏

إذا كان المعلق طلاقا بائنا فماتت لم يرثها لأن طلاقه أبانها منه فلم يرثها‏,‏ كما لو طلقها ناجزا عند موتها وإن مات ورثته نص عليه أحمد في رواية أبي طالب إذا قال لزوجته‏:‏ أنت طالق ثلاثا إن لم أتزوج عليك ومات ولم يتزوج عليها‏,‏ ورثته وإن ماتت لم يرثها وذلك لأنها تطلق في آخر حياته فأشبه طلاقه لها في تلك الحال ونحو هذا قال عطاء‏,‏ ويحيى الأنصاري ويتخرج لنا أنها لا ترثه أيضا وهذا قول سعيد بن المسيب والحسن والشعبي‏,‏ وأبي عبيد لأنه إنما طلقها في صحته وإنما تحقق شرط وقوعه في المرض فلم ترثه‏,‏ كما لو علقه على فعلها ففعلته في مرضه وقال أبو حنيفة إن حلف إن لم تأت البصرة فأنت طالق فلم تفعل فإنهما لا يتوارثان وإن قال‏:‏ إن لم آت البصرة فأنت طالق فمات‏,‏ ورثته وإن ماتت لم يرثها لأنه في الأولى علق الطلاق على فعلها فإذا امتنعت منه فقد حققت شرط الطلاق‏,‏ فلم ترثه كما لو قال‏:‏ إن دخلت الدار فأنت طالق فدخلتها وإذا علقه على فعل نفسه فامتنع‏,‏ كان الطلاق منه فأشبه ما لو نجزه في الحال ووجه الأول أنه طلاق في مرض موته فمنعه ميراثه‏,‏ ولم يمنعها كما لو طلقها ابتداء ولأن الزوج أخر الطلاق اختيارا منه حتى وقع ما علق عليه في مرضه‏,‏ فصار كالمباشر له فأما ما ذكر عن أبي حنيفة فحسن إذا كان الفعل مما لا مشقة عليها فيه لأن تركها له كفعلها لما حلف عليها لتتركه وإن كان مما فيه مشقة‏,‏ فلا ينبغي أن يسقط ميراثها بتركه كما لو حلف عليها لترك ما لا بد لها من فعله ففعلته‏.‏

فصل

إذا حلف ليفعلن شيئا‏,‏ ولم يعين له وقتا بلفظه ولا بنيته فهو على التراخي أيضا فإن لفظه مطلق بالنسبة إلى الزمان كله فلا يتقيد بدون تقييده‏,‏ ولذلك لما قال الله تعالى في الساعة‏:‏ ‏{‏قل بلى وربي لتأتينكم‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم‏}‏ ولما قال‏:‏ ‏{‏لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين‏}‏ كان ذلك على التراخي فإن الآية أنزلت في نوبة الحديبية في سنة ست وتأخر الفتح إلى سنة ثمان ولذلك روي ‏(‏عن عمر أنه قال‏:‏ قلت للنبى -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به‏؟‏ قال بلى فأخبرتك أنك آتيه العام‏؟‏ قلت‏:‏ لا قال‏:‏ فإنك آتيه‏,‏ ومطوف به‏)‏ وهذا مما لا خلاف فيه نعلمه‏.‏

فصل‏:‏

إذا قال لامرأته‏:‏ أنت طالق اليوم إن لم أطلقك اليوم ولم يطلقها طلقت إذا بقي من اليوم ما لا يتسع لتطليقها فيه‏,‏ على مقتضى هذه المسألة وهذا اختيار أبي الخطاب وقول أصحاب الشافعي وحكى القاضي فيها وجهين هذا ووجها آخر أن الطلاق لا يقع وحكي ذلك عن أبي بكر‏,‏ وابن سريج لأن محل الطلاق اليوم ولا يوجد شرط طلاقها إلا بخروجه‏,‏ فلا يبقى من محل طلاقها ما يقع الطلاق فيه ولنا أن خروج اليوم يفوت به طلاقها فوجب وقوعه قبله في آخر وقت الإمكان كموت أحدهما في اليوم وذلك لأن معنى يمينه إن فاتني طلاقك اليوم فأنت طالق فيه فإذا بقي من اليوم ما لا يتسع لتطليقها‏,‏ فقد فاته طلاقها فيه فوقع حينئذ كما يقع طلاقه في مسألتنا في آخر حياة أولهما موتا وما ذكروه باطل بما لو مات أحدهما في اليوم فإن محل طلاقها يفوت بموته‏,‏ ومع ذلك فإن الطلاق يقع قبيل موته كذا ها هنا ولو قال لها‏:‏ أنت طالق اليوم إن لم أتزوج عليك اليوم‏,‏ أو إن لم اشتر لك اليوم ثوبا ففيه الوجهان والصحيح منهما وقوع الطلاق بها إذا بقي من اليوم ما لا يتسع لفعل المحلوف عليه فيه وإن قال لها‏:‏ أنت طالق إن لم أطلقك اليوم طلقت بغير خلاف وفي محل وقوعه وجهان أحدهما‏,‏ في آخر اليوم والثاني بعد خروجه وإن قال لها‏:‏ أنت طالق اليوم إن لم أطلقك فهو كقوله‏:‏ أنت طالق اليوم‏,‏ إن لم أطلقك اليوم لأنه جعل عدم طلاقها شرطا لطلاقها اليوم والشرط يتقدم المشروط‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال لعبده‏:‏ ‏[‏ إن ‏]‏ لم أبعك اليوم فامرأتي طالق اليوم ولم يبعه حتى خرج اليوم‏,‏ ففيه الوجهان وإن أعتق العبد أو مات أو مات الحالف‏,‏ أو المرأة في اليوم طلقت زوجته حينئذ لأنه قد فات بيعه‏,‏ وإن دبره أو كاتبه لم تطلق امرأته لأن بيعه جائز ومن منع بيعهما قال‏:‏ يقع الطلاق بذلك‏,‏ كما لو مات وإن وهب العبد لإنسان لم يقع الطلاق لأنه يمكن عوده إليه فيبيعه‏,‏ فلم يفت بيعه ولو قال‏:‏ إن لم أبع عبدي فامرأتي طالق ولم يقيده باليوم فكاتب العبد‏,‏ لم يقع الطلاق لأنه يمكن عجزه فلم يعلم فوات البيع فإن عتق بالكتابة أو غيرها‏,‏ وقع الطلاق حينئذ لأنه فات بيعه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإن قال‏:‏ كلما لم أطلقك فأنت طالق‏]‏

‏(‏وقع بها الثلاث في الحال إذا كان مدخولا بها‏]‏ إنما كان كذلك‏,‏ لأن كلما تقتضي التكرار قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏كلما جاء أمة رسولها كذبوه‏}‏ وقال‏:‏ ‏{‏كلما دخلت أمة لعنت أختها‏}‏ فيقتضي تكرار الطلاق بتكرر الصفة والصفة عدم تطليقه لها‏,‏ فإذا مضى بعد يمينه زمن يمكن أن يطلقها فيه فلم يطلقها فقد وجدت الصفة‏,‏ فيقع طلقة وتتبعها الثانية والثالثة إن كانت مدخولا بها‏,‏ وإن لم تكن مدخولا بها بانت بالأولى ولم يلزمها ما بعدها لأن البائن لا يلحقها طلاق فأما إن قال‏:‏ إذا لم أطلقك فأنت طالق أو‏:‏ متى لم أطلقك فأنت طالق أو‏:‏ أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فإنها تطلق واحدة‏,‏ ولا يتكرر إلا على قول أبي بكر في ‏"‏ متى ‏"‏ فإنه يراها للتكرار فيتكرر الطلاق بها مثل ‏"‏ كلما ‏"‏ إلا أن ‏"‏ متى ‏"‏ و ‏"‏ أي وقت ‏"‏ يقتضيان الطلاق على الفور فمتى مضى زمن يمكن أن يطلقها فيه‏,‏ ولم يطلقها في الحال وأما ‏"‏ إذا ‏"‏ ففيها وجهان أحدهما هي على الفور لأنها اسم وقت فهي كمتى والثاني أنها على التراخي لأنها كثر استعمالها في الشرط‏,‏ فهي كإن فعلى هذا إذا قال‏:‏ إذا لم أطلقك فأنت طالق ولم ينو وقتا لم تطلق إلا في آخر جزء من حياة أحدهما وإن قال‏:‏ متى لم أحلف بطلاقك فأنت طالق أو‏:‏ أي وقت لم أحلف بطلاقك فأنت طالق وكرره ثلاثا متواليات طلقت مرة واحدة لأنه لم يحنث في المرة الأولى‏,‏ ولا الثانية لكونه حلف عقيبيهما وحنث في الثالثة وإن سكت بين كل يمينين سكوتا يمكنه الحلف فيه طلقت ثلاثا وإن قال ذلك بلفظة إذا‏,‏ وقلنا‏:‏ هي على الفور فهي كمتى وإلا لم تطلق إلا واحدة في آخر حياة أحدهما‏.‏

فصل‏:‏

والحروف المستعملة للشرط وتعليق الطلاق بها ستة إن وإذا‏,‏ ومتى ومن وأي وكلما فمتى علق الطلاق بإيحاد فعل بواحد منها كان على التراخي‏,‏ مثل قوله‏:‏ إن خرجت وإذا خرجت ومتى خرجت‏,‏ وأي حين وأي زمان وأي وقت خرجت‏,‏ وكلما خرجت ومن خرجت منكن وأيتكن خرجت فهي طالق فمتى وجد الخروج طلقت وإن مات أحدهما‏,‏ سقطت اليمين فأما إن علق الطلاق بالنفي بواحد من هذه الحروف كانت ‏"‏ إن ‏"‏ على التراخي ومتى‏,‏ وأي ومن وكلما‏,‏ على الفور لأن قوله‏:‏ متى دخلت فأنت طالق يقتضي أي زمان دخلت فأنت طالق وذلك شائع في الزمان كله فأي زمن دخلت وجدت الصفة وإذا قال‏:‏ متى لم تدخلي فأنت طالق فإذا مضى عقيب اليمين زمن لم تدخل فيه وجدت الصفة لأنها اسم لوقت الفعل‏,‏ فيقدر به ولهذا يصح السؤال به فيقال‏:‏ متى دخلت‏؟‏ أي‏:‏ أي وقت دخلت وأما ‏"‏ إن ‏"‏ فلا تقتضي وقتا‏,‏ فقوله‏:‏ إن لم تدخلي لا يقتضي وقتا إلا ضرورة أن الفعل لا يقع إلا في وقت فهي مطلقة في الزمان كله وأما إذا‏,‏ ففيها وجهان أحدهما هي على التراخي وهو قول أبي حنيفة ونصره القاضي لأنها تستعمل شرطا بمعنى إن قال الشاعر‏:‏

استغن ما أغناك ربك بالغنى ** وإذا تصبك خصاصة فتجمل

فجزم بها كما يجزم بأن‏,‏ ولأنها تستعمل بمعنى متى وإن وإذا احتملت الأمرين فاليقين بقاء النكاح‏,‏ فلا يزول بالاحتمال والوجه الآخر أنها على الفور وهو قول أبي يوسف ومحمد وهو المنصوص عن الشافعي لأنها اسم لزمن مستقبل فتكون كمتى وأما المجازاة بها فلا تخرجها عن موضوعها‏,‏ فإن متى يجازى بها ألا ترى إلى قول الشاعر‏:‏

متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ** تجد خير نار عندها خير موقد

و ‏"‏ من ‏"‏ يجازى بها أيضا وكذلك ‏"‏ أي ‏"‏ وسائر الحروف وليس في هذه الحروف ما يقتضي التكرار إلا كلما‏,‏ وذكر أبو بكر في ‏"‏ متى ‏"‏ أنها تقتضي التكرار أيضا لأنها تستعمل للتكرار بدليل قوله‏:‏ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد أي‏:‏ في كل وقت ولأنها تستعمل في الشرط والجزاء ومتى وجد الشرط ترتب عليه جزاؤه والصحيح أنها لا تقتضيه لأنها اسم زمن بمعنى أي وقت‏,‏ وبمعنى إذا فلا تقتضي ما لا يقتضيانه وكونها تستعمل للتكرار في بعض أحيانها‏,‏ لا يمنع استعمالها في غيره مثل إذا وأي وقت فإنهما يستعملان في الأمرين‏,‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم‏}‏ ‏{‏وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها‏}‏ وقال الشاعر‏:‏

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه ** لهم ساروا إليه زرافات ووحدانا

وكذلك أي‏:‏ وقت وأي زمان فإنهما يستعملان للتكرار وسائر الحروف يجازى بها‏,‏ إلا أنها لما كانت تستعمل للتكرار وغيره لا تحمل على التكرار إلا بدليل كذلك متى‏.‏

فصل‏:‏

وهذه الحروف إذا تقدم جزاؤها عليها‏,‏ لم تحتج إلى حرف في الجزاء كقوله‏:‏ أنت طالق إن دخلت الدار وإن تأخر جزاؤها احتاجت في الجزاء إلى حرف الفاء إذا كان جملة من مبتدإ وخبر‏,‏ كقوله‏:‏ إن دخلت الدار فأنت طالق وإنما اختصت بالفاء لأنها للتعقيب فتربط بين الجزاء وشرطه وتدل على تعقيبه به فإن قال‏:‏ إن دخلت الدار أنت طالق لم تطلق حتى تدخل وبه قال بعض الشافعية‏,‏ وقال محمد بن الحسن‏:‏ تطلق في الحال لأنه لم يعلقه بدخول الدار لأنه إنما يعلق بالفاء وهذه لا فاء فيها‏,‏ فيكون كلاما مستأنفا غير معلق بشرط فيثبت حكمه في الحال ولنا أنه أتى بحرف الشرط‏,‏ فيدل ذلك على أنه أراد التعليق به وإنما حذف الفاء وهي مرادة كما يحذف المبتدأ تارة‏,‏ ويحذف الخبر أخرى لدلالة باقي الكلام على المحذوف ويجوز أن يكون حذف الفاء على التقديم والتأخير‏,‏ فكأنه أراد‏:‏ أنت طالق إن دخلت الدار فقدم الشرط ومراده التأخير ومهما أمكن حمل كلام العاقل على فائدة‏,‏ وتصحيحه عن الفساد وجب وفيما ذكرنا تصحيحه‏,‏ وفيما ذكروه إلغاؤه وإن قال‏:‏ أردت الإيقاع في الحال وقع لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ وإن قال‏:‏ أنت طالق وإن دخلت الدار وقع الطلاق في الحال لأن معناه أنت طالق في كل حال ولا يمنع من ذلك دخولك الدار كقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏"‏ من قال‏:‏ لا إله إلا الله دخل الجنة‏,‏ وإن زنى وإن سرق ‏"‏ وقال‏:‏ ‏"‏ صلهم وإن قطعوك وأعطهم وإن حرموك ‏"‏ وإن قال‏:‏ أردت الشرط‏,‏ دين وهل يقبل في الحكم‏؟‏ يخرج على روايتين فإذا قال‏:‏ إن دخلت الدار فأنت طالق وإن دخلت الأخرى فمتى دخلت الأولى طلقت سواء دخلت الأخرى أو لم تدخل ولا تطلق بدخول الأخرى وقال ابن الصباغ‏:‏ تطلق بدخول كل واحدة منهما وقد ذكرنا أن مقتضى اللغة ما قلناه وإن قال‏:‏ أردت جعل الثاني شرطا لطلاقها أيضا طلقت بكل واحد منهما لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ وإن قال‏:‏ أردت أن دخول الثانية شرط لطلاق الثانية‏,‏ فهو على ما أراده وإن قال‏:‏ أنت طالق إن دخلت الدار وإن دخلت الأخرى طلقت بدخول إحداهما لأنه عطف شرطا على شرط فإن قال‏:‏ أردت أن دخول الثانية يمنع وقوع الطلاق قبل منه لأنه محتمل وطلقت بدخول الأولى وحدها وإن قال‏:‏ إن دخلت الدار وإن دخلت هذه الأخرى فأنت طالق فقد قيل‏:‏ لا تطلق إلا بدخولهما لأنه جعل طلاقها جزاء لهذين الشرطين ويحتمل أن تطلق بأحدهما أيهما كان لأنه ذكر شرطين بحرفين فيقتضي كل واحد منهما جزاء‏,‏ فترك ذكر جزاء الأول وكان الجزاء الآخر دالا عليه كما لو قال‏:‏ ضربت وضربني زيد قال الفرزدق‏:‏

ولكن نصفا لو سببت وسبني ** بنو عبد شمس من قريش وهاشم

والتقدير سبني هؤلاء وسببتهم وقال الله تعالى‏:‏ ‏{‏عن اليمين وعن الشمال قعيد‏}‏ أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد وإن قال‏:‏ إن دخلت الدار وأنت طالق طلقت لأن الواو ليست للجزاء‏,‏ وقد تكون للابتداء فإن قال‏:‏ أردت بها الجزاء أو قال‏:‏ أردت أن أجعل دخولها في حال كونها طالقا شرطا لشيء ثم أمسكت دين وهل يقبل في الحكم‏؟‏ يخرج على روايتين وإن جعل لهذا جزاء فقال‏:‏ إن دخلت الدار وأنت طالق فعبدي حر صح‏,‏ ولم يعتق العبد حتى تدخل الدار وهي طالق لأن الواو ها هنا للحال كقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم‏}‏ وقوله‏:‏ ‏{‏فقد رأيتموه وأنتم تنظرون‏}‏ ولو قال‏:‏ أنت طالق إن دخلت الدار طالقا فدخلت وهي طالق طلقت أخرى‏,‏ وإن دخلتها غير طالق لم تطلق لأن هذا حال فجرى مجرى قوله‏:‏ أنت طالق إن دخلت الدار راكبة وإن قال‏:‏ أنت طالق لو قمت كان ذلك شرطا بمنزلة قوله‏:‏ إن قمت وهذا يحكي عن أبي يوسف‏,‏ ولأنها لو لم تكن للشرط كانت لغوا والأصل اعتبار كلام المكلف وقيل‏:‏ يقع الطلاق في الحال وهذا قول بعض أصحاب الشافعي لأنها بعد الإثبات تستعمل لغير المنع كقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وإنه لقسم لو تعلمون عظيم‏}‏ ‏{‏ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون‏}‏ وإن قال‏:‏ أردت أن أجعل لها جوابا دين وهل يقبل في الحكم‏؟‏ يخرج على روايتين‏.‏