فصل: باب السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ

وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏السهو في الفرض والتطوع‏)‏ أي هل يفترق حكمه أم يتحد‏؟‏ إلى الثاني ذهب الجمهور، وخالف في ذلك ابن سيرين وقتادة ونقل عن عطاء، ووجه أخذه من حديث الباب من جهة قوله ‏"‏ وإذا صلى ‏"‏ أي الصلاة الشرعية وهو أعم من أن تكون فريضة أو نافلة‏.‏

وقد اختلف في إطلاق الصلاة عليهما هل هو من الاشتراك اللفظي أو المعنوي‏؟‏ وإلى الثاني ذهب جمهور أهل الأصول لجامع ما بينهما من الشروط التي لا تنفك، ومال الفخر الرازي إلى أنه من الاشتراك اللفظي لما بينهما من التباين في بعض الشروط، ولكن طريقة الشافعي ومن تبعه في أعمال المشترك في معانيه عند التجرد تقتضي دخول النافلة أيضا في هذه العبارة، فإن قيل أن قوله في الرواية التي قبل هذه ‏"‏ إذا نودي للصلاة ‏"‏ قرينة في أن المراد الفريضة وكذا قوله ‏"‏ إذا ثوب ‏"‏ أجيب بأن ذلك لا يمنع تناول النافلة لأن الإتيان حينئذ بها مطلوب لقوله ‏"‏ بين كل أذانين صلاة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسجد ابن عباس سجدتين بعد وتره‏)‏ وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي العالية قال ‏"‏ رأيت ابن عباس يسجد بعد وتره سجدتين ‏"‏ وتعلق هذا الأثر بالترجمة من جهة أن ابن عباس كان يرى أن الوتر غير واجب ويسجد مع ذلك فيه للسهو، وقد تقدم الكلام على المتن في الباب الذي قبله‏.‏

*3*باب إِذَا كُلِّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَأَشَارَ بِيَدِهِ وَاسْتَمَعَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا كلم‏)‏ بضم الكاف في الصلاة ‏(‏واستمع‏)‏ أي المصلي لم تفسد صلاته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ بُكَيْرٍ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَزْهَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَرْسَلُوهُ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالُوا اقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنَّا جَمِيعًا وَسَلْهَا عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَقُلْ لَهَا إِنَّا أُخْبِرْنَا عَنْكِ أَنَّكِ تُصَلِّينَهُمَا وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكُنْتُ أَضْرِبُ النَّاسَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ عَنْهَا فَقَالَ كُرَيْبٌ فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَبَلَّغْتُهَا مَا أَرْسَلُونِي فَقَالَتْ سَلْ أُمَّ سَلَمَةَ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَأَخْبَرْتُهُمْ بِقَوْلِهَا فَرَدُّونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ بِمِثْلِ مَا أَرْسَلُونِي بِهِ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْهَا ثُمَّ رَأَيْتُهُ يُصَلِّيهِمَا حِينَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ وَعِنْدِي نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي حَرَامٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ الْجَارِيَةَ فَقُلْتُ قُومِي بِجَنْبِهِ فَقُولِي لَهُ تَقُولُ لَكَ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُكَ تَنْهَى عَنْ هَاتَيْنِ وَأَرَاكَ تُصَلِّيهِمَا فَإِنْ أَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخِرِي عَنْهُ فَفَعَلَتْ الْجَارِيَةُ فَأَشَارَ بِيَدِهِ فَاسْتَأْخَرَتْ عَنْهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ سَأَلْتِ عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ فَشَغَلُونِي عَنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني عمرو‏)‏ هو ابن الحارث وبكير بالتصغير هو ابن عبد الله بن الأشج، ونصف هذا الإسناد المبدأ به مصريون والثاني مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد بلغنا‏)‏ فيه إشارة إلى أنهم لم يسمعوا ذلك منه صلى الله عليه وسلم فأما ابن عباس فقد سمى الواسطة وهو عمر كما تقدم في المواقيت من قوله ‏"‏ شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر ‏"‏ الحديث، وأما المسور وابن أزهر فلم أقف عنهما على تسمية الواسطة، وقوله قبل ذلك ‏"‏ وإنا أخبرنا ‏"‏ بضم الهمزة ولم أقف على تسمية المخبر وكأنه عبد الله بن الزبير فسيأتي في الحج من روايته عن عائشة ما يشهد لذلك، وروى ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن الحارث قال ‏"‏ دخلت مع ابن عباس على معاوية فأجلسه على السرير ثم قال‏:‏ ما ركعتان يصليهما الناس بعد العصر‏؟‏ قال ذلك ما يفتي به الناس ابن الزبير، فأرسل إلى ابن الزبير فسأله فقال‏:‏ أخبرتني بذلك عائشة، فأرسل إلى عائشة فقالت‏:‏ أخبرتني أم سلمة، فأرسل إلى أم سلمة فانطلقت مع الرسول ‏"‏ فذكر القصة، واسم الرسول المذكور كثير بن الصلت سماه الطحاوي بإسناد صحيح إلى أبي سلمة ‏"‏ إن معاوية قال وهو على المنبر لكثير بن الصلت‏:‏ اذهب إلى عائشة فاسألها، فقال أبو سلمة‏:‏ فقمت معه‏.‏

وقال ابن عباس لعبد الله بن الحارث‏:‏ اذهب منه، فجئناها فسألناها ‏"‏ فذكره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تصلينهما‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ تصليهما ‏"‏ بحذف النون وهو جائز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس كنت أضرب الناس مع عمر عنها‏)‏ أي لأجلها في رواية الكشميهني ‏"‏ عنه ‏"‏ وكذا في قوله ‏"‏ نهى عنها ‏"‏ وكأنه ذكر الضمير على إرادة الفعل، وهذا موصول بالإسناد المذكور، وقد روى ابن أبي شيبة من طريق الزهري عن السائب هو ابن يزيد قال ‏"‏ رأيت عمر يضرب المنكدر على الصلاة بعد العصر‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال كريب‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقالت سل أم سلمة‏)‏ زاد مسلم في روايته من هذا الوجه ‏"‏ فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة ‏"‏ وفي رواية أخرى للطحاوي ‏"‏ فقالت عائشة ليس عندي، ولكن حدثتني أم سلمة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر ثم دخل علي‏)‏ أي فصلاهما حينئذ بعد الدخول‏.‏

وفي رواية مسلم ‏"‏ ثم رأيته يصليهما، أما حين صلاهما فإنه صلى العصر ثم دخل عندي فصلاهما‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من بني حرام‏)‏ بفتح المهملتين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأرسلت إليه الجارية‏)‏ لم أقف على اسمها، ويحتمل أن تكون بنتها زينب لكن في رواية المصنف في المغازي ‏"‏ فأرسلت إليه الخادم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال يا ابنة أبي أمية‏)‏ هو والد أم سلمة واسمه حذيفة - وقيل سهيل - ابن المغيرة المخزومي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الركعتين‏)‏ أي اللتين صليتهما الآن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإنه أتاني ناس من عبد القيس‏)‏ زاد في المغازي ‏"‏ بالإسلام من قومهم فشغلوني ‏"‏ وللطحاوي من وجه آخر ‏"‏ قدم علي قلائص من الصدقة فنسيتهما ثم ذكرتهما فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يرون فصليتهما عندك ‏"‏ وله من وجه آخر ‏"‏ فجاءني مال فشغلني ‏"‏ وله من وجه آخر ‏"‏ قدم علي وفد من بني تميم، أو جاءتني صدقة ‏"‏ وقوله ‏"‏ من بني تميم ‏"‏ وهم وإنما هم من عبد القيس وكأنهم حضروا معهم بمال المصالحة من أهل البحرين كما سيأتي في الجزية من طريق عمرو بن عوف ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي وأرسل أبا عبيدة فأتاه بجزيتهم ‏"‏ ويؤيده أن في رواية عبد الله بن الحارث المتقدم ذكرها أنه كان بعث ساعيا وكان قد أهمه شأن المهاجرين، وفيه ‏"‏ فقلت ما هاتان الركعتان‏؟‏ فقال‏:‏ شغلني أمر الساعي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهما هاتان‏)‏ في رواية عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم سلمة عند الطحاوي من الزيادة ‏"‏ فقلت أمرت بهما‏؟‏ فقال‏:‏ لا، ولكن كنت أصليهما بعد الظهر فشغلت عنهما فصليتهما الآن ‏"‏ وله من وجه آخر عنها ‏"‏ لم أره صلاهما قبل ولا بعد ‏"‏ لكن هذا لا ينفي الوقوع فقد ثبت في مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عنهما فقالت ‏"‏ كان يصليهما قبل العصر فشغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما، وكان إذا صلى صلاة أثبتها ‏"‏ أي داوم عليها‏.‏

ومن طريق عروة عنها ‏"‏ ما ترك ركعتين بعد العصر عندي قط ‏"‏ ومن ثم اختلف نظر العلماء فقيل‏:‏ تقضى الفوائت في أوقات الكراهة لهذا الحديث، وقيل هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل هو خاص بمن وقع له نظير ما وقع له‏.‏

وقد تقدم البحث في ذلك مبسوطا في أواخر المواقيت‏.‏

وفي الحديث من الفوائد سوى ما مضى جواز استماع المصلي إلى كلام غيره وفهمه له ولا يقدح ذلك في صلاته‏.‏

وأن الأدب في ذلك أن يقوم المتكلم إلى جنبه لا خلفه ولا أمامه لئلا يشوش عليه بأن لا تمكنه الإشارة إليه إلا بمشقة، وجواز الإشارة في الصلاة وسيأتي في باب مفرد‏.‏

وفيه البحث عن علة الحكم وعن دليله، والترغيب في علو الإسناد، والفحص عن الجمع بين المتعارضين، وأن الصحابي إذا عمل بخلاف ما رواه لا يكون كافيا في الحكم بنسخ مرويه، وأن الحكم إذا ثبت لا يزيله إلا شيء مقطوع به، وأن الأصل اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله، وأن الجليل من الصحابة قد يخفى عليه ما اطلع عليه غيره، وأنه لا يعدل إلى الفتوى بالرأي مع وجود النص، وأن العالم لا نقص عليه إذا سئل عما لا يدري فوكل الأمر إلى غيره‏.‏

وفيه قبول إخبار الآحاد والاعتماد عليه في الأحكام ولو كان شخصا واحدا رجلا أو امرأة لاكتفاء أم مسلمة بإخبار الجارية‏.‏

وفيه دلالة على فطنة أم سلمة وحسن تأتيها بملاطفة سؤالها واهتمامها بأمر الدين، وكأنها لم تباشر السؤال لحال النسوة اللاتي كن عندها فيؤخذ منه إكرام الضيف واحترامه، وفيه زيارة النساء المرأة ولو كان زوجها عندها، والتنفل في البيت ولو كان فيه من ليس منهم، وكراهة القرب من المصلي لغير ضرورة، وترك تفويت طلب العلم وإن طرأ ما يشغل عنه، وجواز الاستنابة في ذلك، وأن الوكيل لا يشترط أن يكون مثل موكله في الفضل، وتعليم الوكيل التصرف إذا كان ممن يجهل ذلك، وفيه الاستفهام بعد التحقق لقولها ‏"‏ وأراك تصليهما ‏"‏ والمبادرة إلى معرفة الحكم المشكل فرارا من الوسوسة، وأن النسيان جائز على النبي صلى الله عليه وسلم لأن فائدة استفسار أم سلمة عن ذلك تجويزها إما النسيان وإما النسخ وإما التخصيص به، فظهر وقوع الثالث‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب الْإِشَارَةِ فِي الصَّلَاةِ

قَالَهُ كُرَيْبٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الإشارة في الصلاة‏)‏ قال ابن رشيد‏:‏ هذه الترجمة أعم من كونها مرتبة على استدعاء ذلك أو غير مرتبة، بخلاف الترجمة التي قبلها فإن الإشارة فيها لزمت من الكلام واستماعه فهي مرتبة‏.‏

‏(‏قاله كريب عن أم سلمة‏)‏ يشير إلى حديث الباب الذي قبله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَهُ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ كَانَ بَيْنَهُمْ شَيْءٌ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْلِحُ بَيْنَهُمْ فِي أُنَاسٍ مَعَهُ فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ فَجَاءَ بِلَالٌ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ حُبِسَ وَقَدْ حَانَتْ الصَّلَاةُ فَهَلْ لَكَ أَنْ تَؤُمَّ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ إِنْ شِئْتَ فَأَقَامَ بِلَالٌ وَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَبَّرَ لِلنَّاسِ وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي فِي الصُّفُوفِ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ فَأَخَذَ النَّاسُ فِي التَّصْفِيقِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يَلْتَفِتُ فِي صَلَاتِهِ فَلَمَّا أَكْثَرَ النَّاسُ الْتَفَتَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَشَارَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يُصَلِّيَ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَرَجَعَ الْقَهْقَرَى وَرَاءَهُ حَتَّى قَامَ فِي الصَّفِّ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى لِلنَّاسِ فَلَمَّا فَرَغَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا لَكُمْ حِينَ نَابَكُمْ شَيْءٌ فِي الصَّلَاةِ أَخَذْتُمْ فِي التَّصْفِيقِ إِنَّمَا التَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ حِينَ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ إِلَّا الْتَفَتَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ لِلنَّاسِ حِينَ أَشَرْتُ إِلَيْكَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

حديث سهل بن سعد في الإصلاح بين بني عمرو بن عوف، وفيه إرادة أبي بكر الصلاة بالناس، وشاهد الترجمة قوله فيه ‏"‏ فأخذ الناس في التصفيق ‏"‏ فإنه صلى الله عليه وسلم وإن كان أنكره عليهم لكنه لم يأمرهم بإعادة الصلاة، وحركة اليد بالتصفيق كحركتها بالإشارة، وأخذه من جهة الالتفات والإصغاء إلى كلام الغير لأنه في معنى الإشارة، وأما قوله ‏"‏ يا أبا بكر ما منعك أن تصلي بالناس حين أشرت إليك ‏"‏ فليس بمطابق للترجمة لأن إشارته صدرت منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم بالصلاة كما تقدم في الكلام على حديث سهل مستوفى في أبواب الإمامة، ويحتمل أن يكون فهم من قوله ‏"‏ قام في الصف ‏"‏ الدخول في الصلاة لعدوله صلى الله عليه وسلم عن الكلام الذي هو أدل من الإشارة، ولما يفهمه السياق من طول مقامه في الصف قبل أن تقع الإشارة المذكورة، ولأنه دخل بنية الائتمام بأبي بكر، ولأن السنة الدخول مع الإمام على أي حالة وجده لقوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏فما أدركتم فصلوا‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهِيَ تُصَلِّي قَائِمَةً وَالنَّاسُ قِيَامٌ فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ فَقُلْتُ آيَةٌ فَقَالَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ

الشرح‏:‏

حديث أسماء في الصلاة في الكسوف، أورده مختصرا جدا، وشاهد الترجمة قولها فيه ‏"‏ فأشارت برأسها ‏"‏ وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في الكسوف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاكٍ جَالِسًا وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا

الشرح‏:‏

حديث عائشة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته جالسا، وشاهدها قوله فيه ‏"‏ فأشار إليهم أن اجلسوا ‏"‏ وقد تقدم مستوفى في أبواب الإمامة أيضا، وفيه رد على من منع الإشارة بالسلام وجوز مطلق الإشارة لأنه لا فرق بين أن يشير آمرا بالجلوس أو يشير مخبرا برد السلام‏.‏

والله أعلم‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتملت أبواب السهو من الأحاديث المرفوعة على تسعة عشر حديثا، منها اثنان معلقان بمقتضى حديث كريب عن أم سلمة وابن عباس وعبد الرحمن بن أزهر والمسور بن مخرمة أربعة أحاديث لقولهم فيه - سوى أم سلمة - ‏"‏ بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ‏"‏ وجميعها مكررة فيه وفيما مضى سواه، إلا أنه تكرر منه في المواقيت طرف مختصر عن أم سلمة، وسوى حديث أبي هريرة ‏"‏ فليسجد سجدتين وهو جالس ‏"‏ وقد وافقه مسلم على تخريجها جميعها، وفيه من الآثار عن الصحابة وغيرهم خمسة آثار‏:‏ منها أثر عروة الموصول في آخر الباب، ومنها أثر عمر في ضربه على الصلاة بعد العصر‏.‏

والله الهادي إلى الصواب، ومنه المبدأ وإليه المآب‏.‏