فصل: باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب قِصَّةُ الْأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قصة الأسود العنسي‏)‏ بسكن النون، وحكى ابن التين جواز فتحها ولم أر له في ذلك سلفا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَرْمِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عُبَيْدَةَ بْنِ نَشِيطٍ وَكَانَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ بَلَغَنَا أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَنَزَلَ فِي دَارِ بِنْتِ الْحَارِثِ وَكَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ كُرَيْزٍ وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ فَأَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضِيبٌ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَكَلَّمَهُ فَقَالَ لَهُ مُسَيْلِمَةُ إِنْ شِئْتَ خَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْأَمْرِ ثُمَّ جَعَلْتَهُ لَنَا بَعْدَكَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ سَأَلْتَنِي هَذَا الْقَضِيبَ مَا أَعْطَيْتُكَهُ وَإِنِّي لَأَرَاكَ الَّذِي أُرِيتُ فِيهِ مَا أُرِيتُ وَهَذَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ وَسَيُجِيبُكَ عَنِّي فَانْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَنْ رُؤْيَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي ذَكَرَ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُرِيتُ أَنَّهُ وُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَفُظِعْتُهُمَا وَكَرِهْتُهُمَا فَأُذِنَ لِي فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِيُّ الَّذِي قَتَلَهُ فَيْرُوزُ بِالْيَمَنِ وَالْآخَرُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سعيد بن محمد الجرمي‏)‏ بفتح الجيم وسكون الراء، كوفي ثقة مكثر، ويعقوب بن إبراهيم هو ابن سعد الزهري، وصالح هو ابن كيسان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن عبيدة بن نشيط‏)‏ بفتح النون وكسر الشين المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان في موضع آخر اسمه عبد الله‏)‏ أراد بهذا أن ينبه على أن المبهم هو عبد الله بن عبيدة لا أخوه موسى، وموسى ضعيف جدا وأخوه عبد الله ثقة، وكان عبد الله أكبر من موسى بثمانين سنة‏.‏

وفي هذا الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق‏:‏ صالح بن كيسان وعبد الله بن عبيدة وعبيد الله بن عبد الله وهو ابن عتبة بن مسعود‏.‏

وساق البخاري عنه الحديث مرسلا‏.‏

وقد ذكره في الباب الذي قبله موصولا لكن من رواية نافع بن جبير عن ابن عباس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في دار بنت الحارث وكان تحته ابنة الحارث بن كريز‏)‏ وهي أم عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، والذي وقع هنا أنها أم عبد الله بن عامر، قيل‏:‏ الصواب أم أولاد عبد الله بن عامر لأنها زوجته لا أمه، فإن أم ابن عامر ليلى بنت أبي حثمة العدوية‏.‏

وهو اعتراض متجه‏.‏

ولعله كان فيه أم عبد الله بن عبد الله بن عامر فإن لعبد الله بن عامر ولدا اسمه عبد الله كاسم أبيه، وهو من بنت الحارث واسمها كيسة بتشديد التحتانية بعدها مهملة وهي بنت عبد الله بن عامر بن كريز، ولها منه أيضا عبد الرحمن وعبد الملك، وكانت كيسة قبل عبد الله بن عامر بن كريز تحت مسيلمة الكذاب، وإذا ثبت ذلك ظهر السر في نزول مسيلمة وقومه عليها لكونها كانت امرأته وأما ما وقع عند ابن إسحاق أنهم نزلوا بدار بنت الحارث وذكر غيره أن اسمها رملة بنت الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن زيد وهي من الأنصار ثم من بني النجار ولها صحبة وتكنى أم ثابت، وكانت زوج معاذ بن عفراء الصحابي المشهور، فكلام ابن سعد يدل على أن دارها كانت معدة لنزول الوفود، فإنه ذكر في وفد بني محارب وبني كلاب وبني تغلب وغيرهم أنهم نزلوا في دار بنت الحارث، وكذا ذكر ابن إسحاق أن بني قريظة حبسوا في دار بنت الحارث وتعقب السهيلي ما وقع عند ابن إسحاق في قصة مسيلمة بأن الصواب بنت الحارث، وهو تعقب صحيح إلا أنه يمكن الجمع بأن يكون وفد بني حنيفة نزلوا بدار بنت الحارث كسائر الوفود ومسيلمة وحده نزل بدار زوجته بنت الحارث‏.‏

ثم ظهر لي أن الصواب ما وقع عند ابن إسحاق، وأن مسيلمة والوفد نزلوا في دار بنت الحارث وكانت دارها معدة للوفود، وكان يقال لها أيضا بنت الحارث، كذا صرح به محمد بن سعد في طبقات النساء فقال‏:‏ رملة بنت الحارث ويقال لها ابنة الحارث بن ثعلبة الأنصارية؛ وساق نسبها‏.‏

وأما زوجة مسيلمة وهي كيسة بنت الحارث فلم تكن إذ ذاك بالمدينة وإنما كانت عند مسيلمة باليمامة، فلما قتل تزوجها ابن عمها عبد الله بن عامر بعد ذلك‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم جعلته لنا بعدك‏)‏ هذا مغاير لما ذكر ابن إسحاق أنه ادعى الشركة، إلا أن يحمل على أنه ادعى ذلك بعد أن رجع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال ابن عباس ذكر لي‏)‏ كذا فيه بضم الذال من ذكر على البناء للمجهول، وقد وضح من حديث الباب قبله أن الذي ذكر له ذلك هو أبو هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إسواران‏)‏ يكسر الهمزة وسكون المهملة تثنية إسوار وهي لغة في السوار، والسوار بالكسر ويجوز الضم، والأسوار أيضا صفة للكبير من الفرس‏:‏ وهو بالضم والكسر معا بخلاف الإسوار من الحلي فإنه بالكسر فقط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ففظعتهما وكرهتهما‏)‏ بفاء وظاء مشالة مكسورة بعدها عين مهملة، يقال فظع الأمر فهو فظيع إذا جاوز المقدار، قال ابن الأثير‏:‏ الفظيع الأمر الشديد، وجاء هنا متعديا، والمعروف فظعت به وفظعت منه فيحتمل التعدية على المعنى أي خفتهما، أو معنى فظعتهما اشتد علي أمرهما‏.‏

قلت‏:‏ يؤيد الثاني قوله في الرواية الماضية قريبا ‏"‏ وكبرا علي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال عبيد الله أحدهما العنسي الذي قتله فيروز باليمن، والآخر مسيلمة الكذاب‏)‏ أما مسيلمة فقد ذكرت خبره، وأما العنسي وفيروز فكان من قصته أن العنسي وهو الأسود واسمه عبهلة بن كعب وكان يقال له أيضا ذو الخمار بالخاء المعجمة لأنه كان يخمر وجهه، وقيل هو اسم شيطانه‏.‏

وكان الأسود قد خرج بصنعاء وادعى النبوة وغلب على عامل صنعاء المهاجر بن أبي أمية، ويقال إنه مر به فلما حاذاه عثر الحمار فادعى أنه سجد له، ولم يقم الحمار حتى قال له شيئا فقام، وروى يعقوب بن سفيان والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ من طريقه من حديث النعمان بن بزرج بضم الموحدة وسكون الزاي ثم راء مضمومة ثم جيم قال‏:‏ خرج الأسود الكذاب وهو من بني عنس يعني بسكون النون وكان معه شيطانان يقال لأحدهما سحيق بمهملتين وقاف مصغر والآخر شقيق بمعجمة وقافين مصغر، وكانا يخبرانه بكل شيء يحدث من أمور الناس، وكان باذان عامل النبي صلى الله عليه وسلم بصنعاء فمات، فجاء شيطان الأسود فأخبره، فخرج في قومه حتى ملك صنعاء وتزوج المرزبانة زوجة باذان، فذكر القصة في مواعدتها دادويه وفيروز وغيرهما حتى دخلوا على الأسود ليلا؛ وقد سقته المرزبانة الخمر صرفا حتى سكر، وكان على بابه ألف حارس‏.‏

فنقب فيروز ومن معه الجدار حتى دخلوا فقتله فيروز واحتز رأسه، وأخرجوا المرأة وما أحبوا من متاع البيت، وأرسلوا الخبر إلى المدينة فوافى بذلك عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قال أبو الأسود عن عروة‏:‏ أصيب الأسود قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة، فأتاه الوحي فأخبر به أصحابه، ثم جاء الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقيل وصل الخبر بذلك صبيحة دفن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

*3*باب قِصَّةِ أَهْلِ نَجْرَانَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قصة أهل نجران‏)‏ بفتح النون وسكون الجيم بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن يشتمل على ثلاثة وسبعين قرية مسيرة يوم للراكب السريع، كذا في زيادات يونس بن بكير بإسناد له في المغازي، وذكر ابن إسحاق أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهم حينئذ عشرون رجلا، لكن أعاد ذكرهم في الوفود بالمدينة فكأنهم قدموا مرتين‏.‏

وقال ابن سعد‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم فخرج إليه وفدهم في أربعة عشر رجلا من أشرافهم، وعند ابن إسحاق أيضا من حديث كرز بن علقمة أنهم كانوا أربعة وعشرين رجلا، وسرد أسماءهم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ جَاءَ الْعَاقِبُ وَالسَّيِّدُ صَاحِبَا نَجْرَانَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدَانِ أَنْ يُلَاعِنَاهُ قَالَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ لَا تَفْعَلْ فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّا لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا قَالَا إِنَّا نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَنَا وَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمْ رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ فَاسْتَشْرَفَ لَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ فَلَمَّا قَامَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عباس بن الحسين‏)‏ هو بغدادي ثقة، ليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وآخر تقدم في التهجد مقرونا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى بن آدم‏)‏ في رواية الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ عن الأصم عن الحسن بن علي بن عفان عن يحيى بن آدم بهذا الإسناد عن ابن مسعود يدل حذيفة، وكذلك أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه من طرق أخرى عن إسرائيل، ورجح الدار قطني في ‏"‏ العلل ‏"‏ هذه وفيه نظر، فإن شعبة قد روى أصل الحديث عن أبي إسحاق فقال‏:‏ ‏"‏ عن حذيفة ‏"‏ كما في الباب أيضا، وكأن البخاري فهم ذلك فاستظهر برواية شعبة، والذي يظهر أن الطريقين صحيحان، فقد رواه ابن أبي شيبة أيضا والإسماعيلي من رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جاء السيد والعاقب صاحبا نجران‏)‏ أما السيد فكان اسمه الأيهم بتحتانية ساكنة ويقال شرحبيل، وكان صاحب رحالهم ومجتمعهم ورئيسهم في ذلك، وأما العاقب فاسمه عبد المسيح وكان صاحب مشورتهم، وكان معهم أيضا أبو الحارث بن علقمة وكان أسقفهم وحبرهم وصاحب مدراسهم‏.‏

قال ابن سعد‏:‏ دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، وتلا عليهم القرآن فامتنعوا، فقال‏:‏ إن أنكرتم ما أقول فهلم أباهلكم، فانصرفوا على ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يريدان أن يلاعناه‏)‏ أي يباهلاه، وذكر ابن إسحاق بإسناد مرسل أن ثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في ذلك، يشير إلى قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم‏)‏ الآية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال أحدهما لصاحبه‏)‏ ذكر أبو نعيم في الصحابة بإسناد له أن القائل ذلك هو السيد‏.‏

وقال غيره‏:‏ بل الذي قال ذلك هو العاقب لأنه كان صاحب رأيهم، وفي زيادات يونس بن بكير في المغازي بإسناد له أن الذي قال ذلك شرحبيل أبو مريم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فوالله لئن كان نبيا فلاعنا‏)‏ في رواية الكشميهني فلاعننا بإظهار النون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا‏)‏ زاد في رواية ابن مسعود ‏"‏ أبدا‏"‏، وفي مرسل الشعبي عند ابن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران لو تموا على الملاعنة‏.‏

ولما غدا عليهم أخذ بيد حسن وحسين وفاطمة تمشي خلفه للملاعنة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إنا نعطيك ما سألتنا‏)‏ وفي رواية يونس بن بكير أنه صالحهم على ألفي حلة‏:‏ ألف في رجب وألف في صفر ومع كل حلة أوقية، وساق الكتاب الذي كتبه بينهم مطولا‏.‏

وذكر ابن سعد أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما، زاد في رواية ابن مسعود ‏"‏ فأتياه فقالا‏:‏ لا نلاعنك، ولكن نعطيك ما سألت ‏"‏ وفي قصة أهل نجران من الفوائد أن إقرار الكافر بالنبوة لا يدخله في الإسلام حتى يلتزم أحكام الإسلام‏.‏

وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب، وقد تجب إذا تعينت مصلحته‏.‏

وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة‏.‏

وقد دعا ابن عباس إلى ذلك ثم الأوزاعي، ووقع ذلك لجماعة من العلماء‏.‏

ومما عرف بالتجربة أن من باهل وكان مبطلا لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة‏.‏

ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة فلم يقم بعدها غير شهرين‏.‏

وفيها مصالحة أهل الذمة على ما يراه الإمام من أصناف المال، ويجري ذلك مجرى ضرب الجزية عليهم، فإن كلا منهما مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار في كل عام‏.‏

وفيها بعث الإمام الرجل العالم الأمين إلى أهل الهدنة في مصلحة الإسلام‏.‏

وفيها منقبة ظاهرة لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه‏.‏

وقد ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم، وهذه القصة غير قصة أبي عبيدة لأن أبا عبيدة توجه معهم فقبض مال الصلح ورجع، وعلي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة‏.‏

والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ

الشرح‏:‏

أورد المصنف حديث أنس أن أمين هذه الأمة أبو عبيدة إشارة إلى أن سببه الحديث الذي قبله، وقد تقدم في مناقب أبي عبيدة‏.‏

*3*باب قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قصة عمان والبحرين‏)‏ أما البحرين فبلد عبد القيس، وقد تقدم بيانها في كتاب الجمعة‏.‏

وأما عمان فبضم المهملة وتخفيف الميم، قال عياض‏:‏ هي فرضة بلاد اليمن لم يزد في تعريفها على ذلك‏.‏

وقال الرشاطي‏.‏

عمان في اليمن سميت بعمان بن سبأ، ينسب إليها الجلندي رئيس أهل عمان‏.‏

ذكر وثيمة أن عمرو بن العاص قدم عليه من عند النبي صلى الله عليه وسلم فصدقه، وذكر غيره أن الذي آمن على يد عمرو بن العاص ولدا الجلندي عياذ وجيفر، وكان ذلك بعد خيبر، ذكره أبو عمرو انتهى‏.‏

وروى الطبراني من حديث المسور بن مخرمة قال‏:‏ ‏"‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك ‏"‏ فذكر الحديث‏.‏

وفيه‏:‏ ‏"‏ وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعياذ ابني الجلندي ملك عمان وفيه‏:‏ فرجعوا جميعا قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمرا فإنه توفي وعمرو بالبحرين ‏"‏ وفي هذا إشعار بقرب عمان من البحرين، وبقرب البعث إلى الملوك من وفاته صلى الله عليه وسلم فلعلها كانت بعد حنين فتصحفت، ولعل المصنف أشار بالترجمة إلى هذا الحديث لقوله في حديث الباب ‏"‏ فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وروى أحمد من طريق أبي لبيد قال ‏"‏ خرج رجل منا يقال له بيرح بن أسد، فرآه عمر فقال‏:‏ ممن أنت‏؟‏ قال‏:‏ من أهل عمان، فأدخله على أبي بكر فقال‏:‏ هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر، لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر ‏"‏ وعند مسلم من حديث أبي برزة قال‏:‏ ‏"‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى قوم فسبوه وضربوه، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ لو أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك‏"‏‏.‏

‏(‏تنبيهان‏)‏ ‏:‏ بعمل الشام بلدة يقال لها عمان لكنها بفتح العين وتشديد الميم، وهي التي أرادها الشاعر بقوله‏:‏ في وجهه خالان لولاهما ما بت مفتونا بعمان وليست مرادة هنا قطعا، إنما وقع اختلاف للرواة فيما وقع في صفة الحوض النبوي كما سيأتي في مكانه حيث جاء في بعض طرقه ذكر عمان‏.‏

وجيفر مثل جعفر إلا أن بدل العين تحتانية، وعياذ بفتح المهملة وتشديد التحتانية وآخره معجمة، والجلندي بضم الجيم وفتح اللام وسكون النون والقصر، وبيرح بموحدة ثم تحتانية ثم مهملة بوزن ديلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعَ ابْنُ الْمُنْكَدِرِ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ قَدْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثًا فَلَمْ يَقْدَمْ مَالُ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ أَوْ عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي قَالَ جَابِرٌ فَجِئْتُ أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ جَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ثَلَاثًا قَالَ فَأَعْطَانِي قَالَ جَابِرٌ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَسَأَلْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُعْطِنِي فَقُلْتُ لَهُ قَدْ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي ثُمَّ أَتَيْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي فَقَالَ أَقُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ قَالَهَا ثَلَاثًا مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلَّا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ وَعَنْ عَمْرٍو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ جِئْتُهُ فَقَالَ لِي أَبُو بَكْرٍ عُدَّهَا فَعَدَدْتُهَا فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِائَةٍ فَقَالَ خُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو ابن عيينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمع ابن المنكدر جابر بن عبد الله‏)‏ بنصب جابر على أنه مفعول سمع‏.‏

وفي رواية الحميدي في مسنده ‏"‏ حدثنا سفيان قال‏:‏ سمعت ابن المنكدر قال‏:‏ سمعت جابرا ‏"‏ وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في الكفالة وفي الشهادات وفي فرض الخمس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن عمرو‏)‏ هو معطوف على الإسناد الأول، وعمرو هو ابن دينار، ومحمد بن علي هو المعروف بالباقر، وأبوه هو زين العابدين بن الحسين بن علي، ووهم من زعم أن محمد بن علي هو ابن الحنفية، ووقع في رواية الحميدي ‏"‏ حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني محمد بن علي ‏"‏ فذكره‏.‏

*3*باب قُدُومِ الْأَشْعَرِيِّينَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ

وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن‏)‏ هو من عطف العام على الخاص لأن الأشعريين من أهل اليمن، ومع ذلك ظهر في أن في المراد بأهل اليمن خصوصا آخر، وهو ما سأذكره من قصة نافع بن زيد الحميري أنه قدم وافدا في نفر من حمير، وبالله التوفيق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هم مني وأنا منهم‏)‏ هو طرف من حديث أوله‏:‏ ‏"‏ أن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو جمعوا ثم اقتسموا بينهم، فهم مني وأنا منهم ‏"‏ الحديث، وقد وصله المؤلف في الشركة وشرح هناك، والمراد بقوله ‏"‏ هم مني ‏"‏ المبالغة في اتصال طريقهما واتفاقهما على الطاعة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنْ الْيَمَنِ فَمَكَثْنَا حِينًا مَا نُرَى ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُمَّهُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِهِمْ وَلُزُومِهِمْ لَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا ابن أبي زائدة‏)‏ هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، والإسناد كله كوفيون سوى شيخي البخاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن الأسود‏)‏ في المناقب من طريق يوسف بن أبي إسحاق ‏"‏ حدثني الأسود سمعت أبا موسى‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قدمت أنا وأخي من اليمن‏)‏ تقدم بيان اسم أخيه في غزوة خيبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما نرى‏)‏ بضم النون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ابن مسعود وأمه‏)‏ اسم أمه أم عبد بنت عبد ود بن سواء، ولها صحبة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏من أهل البيت‏)‏ أي بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وتقدم في المناقب بلفظ ‏"‏ من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وتقدم الحديث في مناقب ابن مسعود‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ سقط شيخا البخاري من أول هذا الإسناد من رواية أبي زيد المروزي، وابتداء الإسناد ‏"‏ حدثنا يحيى بن آدم ‏"‏ وثبتا عند غيره وهو الصواب، ولم يدرك البخاري يحيى بن آدم لأنه مات في ربيع الأول سنة ثلاث ومائتين بالكوفة، والبخاري يومئذ ببخارى ولم يرحل منها وعمره يومئذ تسع سنين، وإنما رحل بعد ذلك بمدة كما بينته في ترجمته في المقدمة‏.‏

‏(‏تنبيه آخر‏)‏ ‏:‏ كان قدوم أبي موسى على النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح خيبر لما قدم جعفر بن أبي طالب، وقيل إنه قدم عليه بمكة قبل الهجرة ثم كان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الأولى، ثم قدم الثانية صحبة جعفر‏.‏

والصحيح أنه خرج طالبا المدينة في سفينة فألقتهم الريح إلى الحبشة، فاجتمعوا هناك بجعفر ثم قدموا صحبته‏.‏

وعلى هذا فإنما ذكره البخاري هنا ليجمع ما وقع على شرطه من البعوث والسرايا والوفود ولو تباينت تواريخهم، ومن ثم ذكر غزوة سيف البحر مع أبي عبيدة بن الجراح وكانت قبل فتح مكة بمدة‏.‏

وكنت أطن أن قوله‏:‏ ‏"‏ وأهل اليمن ‏"‏ بعد الأشعريين من عطف العام على الخاص‏.‏

ثم ظهر لي أن لهذا العام خصوصا أيضا، وأن المراد بهم بعض أهل اليمن وهم وفد حمير، فوجدت في ‏"‏ كتاب الصحابة لابن شاهين ‏"‏ من طريق إياس بن عمير الحميري أنه ‏"‏ قدم وافدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من حمير فقالوا‏:‏ أتيناك لنتفقه في الدين ‏"‏ الحديث، وقد ذكرت فوائده في أول بدء الخلق، وحاصله الترجمة مشتملة على طائفتين، وليس المراد اجتماعهما في الوفادة، فإن قدوم الأشعريين كان مع أبي موسى في سنة سبع عند فتح خيبر، وقدوم وفد حمير في سنة تسع وهي سنة الوفود، ولأجل هذا اجتمعوا مع بني تميم‏.‏

وقد عقد محمد بن سعد في الترجمة النبوية من الطبقات للوفود بابا وذكر فيه القبائل من مضر ثم من ربيعة ثم من اليمن وكاد يستوعب ذلك بتلخيص حسن‏.‏

وكلامه أجمع ما يوجد في ذلك ومع أنه ذكر وفد حمير لم يقع له قصة نافع بن زيد التي ذكرتها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ زَهْدَمٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَبُو مُوسَى أَكْرَمَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ جَرْمٍ وَإِنَّا لَجُلُوسٌ عِنْدَهُ وَهُوَ يَتَغَدَّى دَجَاجًا وَفِي الْقَوْمِ رَجُلٌ جَالِسٌ فَدَعَاهُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُهُ يَأْكُلُ شَيْئًا فَقَذِرْتُهُ فَقَالَ هَلُمَّ فَإِنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُهُ فَقَالَ إِنِّي حَلَفْتُ لَا آكُلُهُ فَقَالَ هَلُمَّ أُخْبِرْكَ عَنْ يَمِينِكَ إِنَّا أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنْ الْأَشْعَرِيِّينَ فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَأَبَى أَنْ يَحْمِلَنَا فَاسْتَحْمَلْنَاهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَحْمِلَنَا ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُتِيَ بِنَهْبِ إِبِلٍ فَأَمَرَ لَنَا بِخَمْسِ ذَوْدٍ فَلَمَّا قَبَضْنَاهَا قُلْنَا تَغَفَّلْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمِينَهُ لَا نُفْلِحُ بَعْدَهَا أَبَدًا فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ حَلَفْتَ أَنْ لَا تَحْمِلَنَا وَقَدْ حَمَلْتَنَا قَالَ أَجَلْ وَلَكِنْ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ مِنْهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد السلام‏)‏ هو ابن حرب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن زهدم‏)‏ بزاي وزن جعفر وهو ابن مضرب بالضاد المعجمة وكسر الراء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما قدم أبو موسى‏)‏ أي إلى الكوفة أميرا عليها في زمن عثمان، ووهم من قال‏:‏ أراد قدم اليمن لأن زهد ما لم يكن من أهل اليمن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أكرم هذا الحي من جرم‏)‏ بفتح الجيم وسكون الراء‏:‏ قبيلة شهيرة ينسبون إلى جرم بن ربان براء ثم موحدة ثقيلة ابن ثعلبة حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقذرته‏)‏ بفتح القاف وكسر الذال المعجمة، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الأطعمة، وعلى باقي الحديث في كتاب الإيمان والنذور إن شاء تعالى‏.‏

وكان الوقت الذي طلب فيه الأشعريون الحملان من النبي صلى الله عليه وسلم عند إرادة غزوة تبوك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرَةَ جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيُّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَتْ بَنُو تَمِيمٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبْشِرُوا يَا بَنِي تَمِيمٍ قَالُوا أَمَّا إِذْ بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْبَلُوا الْبُشْرَى إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ قَالُوا قَدْ قَبِلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ

الشرح‏:‏

حديث عمران، أورده مختصرا، وقد تقدم بتمامه في بدء الخلق، والغرض منه قوله‏:‏ ‏"‏ فجاء ناس من أهل اليمن فقال اقبلوا البشرى ‏"‏ واستشكل بأن قدوم وفد بني تميم كان سنة تسع وقدوم الأشعريين كان قبل ذلك عقب فتح خيبر سنة سبع، وأجيب باحتمال أن يكون طائفة من الأشعريين قدموا بعد ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ هَا هُنَا وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الْيَمَنِ وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ

الشرح‏:‏

حديث أبي مسعود ‏(‏الإيمان هاهنا وأشار بيده إلى اليمن‏)‏ أي إلى جهة اليمن؛ وهذا يدل على أنه أراد أهل البلد لا من ينسب إلى اليمن ولو كان من غير أهلها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ فِي أَصْحَابِ الْإِبِلِ وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَقَالَ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سليمان‏)‏ هو الأعمش وذكوان هو ابن صالح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال غندر عن شعبة إلخ‏)‏ أورده لوقوع التصريح بقول الأعمش‏:‏ ‏"‏ سمعت ذكوان ‏"‏ وقد وصله أحمد عن محمد بن جعفر غندر بهذا الإسناد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي أويس، وأخوه هو أبو بكر عبد الحميد، وسليمان هو ابن بلال، وثور بن زيد هو المدني، وأما ثور بن يزيد الشامي فأبوه بزيادة تحتانية مفتوحة في أوله، وأبو الغيث اسمه سالم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الإيمان يمان‏)‏ في رواية الأعرج التي بعدها ‏"‏ الفقه يمان ‏"‏ وفيها وفي رواية ذكوان ‏"‏ والحكمة يمانية ‏"‏ وفي أولها وأول رواية ذكوان ‏"‏ أتاكم أهل اليمن ‏"‏ وهو خطاب للصحابة الذين بالمدينة، وفي حديث أبي مسعود ‏"‏ والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين إلخ ‏"‏ وفي رواية ذكوان عن أبي هريرة ‏"‏ والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل ‏"‏ وزاد فيها ‏"‏ والسكينة والوقار في أهل الغنم‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْغَيْثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِتْنَةُ هَا هُنَا هَا هُنَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ

الشرح‏:‏

وزاد في رواية أبي الغيث ‏"‏ والفتنة هنا حيث يطلع قرن الشيطان ‏"‏ وهذا هو الحديث السادس، وسيأتي شرحه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏.‏

وتقدم شرح سائر ذلك في أول المناقب وفي بدء الخلق، وأشرت هناك إلى أن الرواية التي فيها ‏"‏ أتاكم أهل اليمن ‏"‏ ترد قول من قال‏:‏ إن المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ الأنصار وغير ذلك‏.‏

وقد ذكر ابن الصلاح قول أبي عبيد وغيره‏:‏ إن معنى قوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ أن مبدأ الإيمان من مكة لأن مكة من تهامة وتهامة من اليمن، وقيل‏:‏ المراد مكة والمدينة، لأن هذا الكلام صدر وهو صلى الله عليه وسلم بتبوك، فتكون المدينة حينئذ بالنسبة إلى المحل الذي هو فيه يمانية، والثالث واختاره أبو عبيد أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره‏.‏

وقال ابن الصلاح‏:‏ ولو تأملوا ألفاظ الحديث لما احتاجوا إلى هذا التأويل، لأن قوله ‏"‏ أتاكم أهل اليمن ‏"‏ خطاب للناس ومنهم الأنصار، فيتعين أن الذين جاءوا غيرهم، قال‏:‏ ومعنى الحديث وصف الذين جاءوا بقوة الإيمان وكماله ولا مفهوم له، قال‏:‏ ثم المراد الموجودون حينئذ منهم لا كل أهل اليمن في كل زمان انتهى‏.‏

ولا مانع أن يكون المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ ما هو أعم مما ذكره أبو عبيد وما ذكره ابن الصلاح، وحاصله أن قوله ‏"‏ يمان ‏"‏ يشمل من ينسب إلى اليمن بالسكنى وبالقبيلة، لكن كون المراد به من ينسب بالسكنى أظهر‏.‏

بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان جهة اليمن وجهة الشمال، فغالب من يوجد من جهة اليمن رقاق القلوب والأبدان، وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والأبدان، وقد قسم في حديث أبي مسعود أهل الجهات الثلاثة‏:‏ اليمن والشام والمشرق، ولم يتعرض للمغرب في هذا الحديث، وقد ذكره في حديث آخر، فلعله كان فيه ولم يذكره الراوي إما لنسيان أو غيره، والله أعلم‏.‏

وأورد البخاري هذه الأحاديث في الأشعريين لأنهم من أهل اليمن قطعا، وكأنه أشار إلى حديث ابن عباس ‏"‏ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قال‏:‏ الله أكبر، إذا جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمن نقية قلوبهم، حسنة طاعتهم‏.‏

الإيمان يمان والفقه يمال والحكمة يمانية ‏"‏ أخرجه البزار‏.‏

وعن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب، هم خير أهل الأرض ‏"‏ الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني، وفي الطبراني من حديث عمرو بن عبسة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعيينة بن حصن‏:‏ أي الرجال خير‏؟‏ قال رجال أهل نجد، قال‏:‏ كذبت بل هم أهل اليمن، الإيمان يمان ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرجه أيضا من حديث معاذ بن جبل، قال الخطابي‏:‏ قوله ‏"‏ هم أرق أفئدة وألين قلوبا ‏"‏ أي لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول وخلص إلى ما وراءه؛ وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل، وإذا كان القلب لينا علق كل ما يصادفه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَضْعَفُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ

الشرح‏:‏

وزاد في رواية أبي الغيث ‏"‏ والفتنة هنا حيث يطلع قرن الشيطان ‏"‏ وهذا هو الحديث السادس، وسيأتي شرحه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏.‏

وتقدم شرح سائر ذلك في أول المناقب وفي بدء الخلق، وأشرت هناك إلى أن الرواية التي فيها ‏"‏ أتاكم أهل اليمن ‏"‏ ترد قول من قال‏:‏ إن المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ الأنصار وغير ذلك‏.‏

وقد ذكر ابن الصلاح قول أبي عبيد وغيره‏:‏ إن معنى قوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ أن مبدأ الإيمان من مكة لأن مكة من تهامة وتهامة من اليمن، وقيل‏:‏ المراد مكة والمدينة، لأن هذا الكلام صدر وهو صلى الله عليه وسلم بتبوك، فتكون المدينة حينئذ بالنسبة إلى المحل الذي هو فيه يمانية، والثالث واختاره أبو عبيد أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره‏.‏

وقال ابن الصلاح‏:‏ ولو تأملوا ألفاظ الحديث لما احتاجوا إلى هذا التأويل، لأن قوله ‏"‏ أتاكم أهل اليمن ‏"‏ خطاب للناس ومنهم الأنصار، فيتعين أن الذين جاءوا غيرهم، قال‏:‏ ومعنى الحديث وصف الذين جاءوا بقوة الإيمان وكماله ولا مفهوم له، قال‏:‏ ثم المراد الموجودون حينئذ منهم لا كل أهل اليمن في كل زمان انتهى‏.‏

ولا مانع أن يكون المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ الإيمان يمان ‏"‏ ما هو أعم مما ذكره أبو عبيد وما ذكره ابن الصلاح، وحاصله أن قوله ‏"‏ يمان ‏"‏ يشمل من ينسب إلى اليمن بالسكنى وبالقبيلة، لكن كون المراد به من ينسب بالسكنى أظهر‏.‏

بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان جهة اليمن وجهة الشمال، فغالب من يوجد من جهة اليمن رقاق القلوب والأبدان، وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والأبدان، وقد قسم في حديث أبي مسعود أهل الجهات الثلاثة‏:‏ اليمن والشام والمشرق، ولم يتعرض للمغرب في هذا الحديث، وقد ذكره في حديث آخر، فلعله كان فيه ولم يذكره الراوي إما لنسيان أو غيره، والله أعلم‏.‏

وأورد البخاري هذه الأحاديث في الأشعريين لأنهم من أهل اليمن قطعا، وكأنه أشار إلى حديث ابن عباس ‏"‏ بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قال‏:‏ الله أكبر، إذا جاء نصر الله والفتح، وجاء أهل اليمن نقية قلوبهم، حسنة طاعتهم‏.‏

الإيمان يمان والفقه يمال والحكمة يمانية ‏"‏ أخرجه البزار‏.‏

وعن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب، هم خير أهل الأرض ‏"‏ الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني، وفي الطبراني من حديث عمرو بن عبسة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعيينة بن حصن‏:‏ أي الرجال خير‏؟‏ قال رجال أهل نجد، قال‏:‏ كذبت بل هم أهل اليمن، الإيمان يمان ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرجه أيضا من حديث معاذ بن جبل، قال الخطابي‏:‏ قوله ‏"‏ هم أرق أفئدة وألين قلوبا ‏"‏ أي لأن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول وخلص إلى ما وراءه؛ وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل، وإذا كان القلب لينا علق كل ما يصادفه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ خَبَّابٌ فَقَالَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ قَالَ أَجَلْ قَالَ اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا قَالَ أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى قَالَ قَدْ أَحْسَنَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلَّا وَهُوَ يَقْرَؤُهُ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى قَالَ أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَيَّ بَعْدَ الْيَوْمِ فَأَلْقَاهُ رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجاء خباب‏)‏ بالمعجمة والموحدتين الأول ثقيلة، وهو ابن الأرت الصحابي المشهور‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا أبا عبد الرحمن‏)‏ هو كنية ابن مسعود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمرت بعضهم فيقرأ عليك‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فقرأ ‏"‏ بصيغة الفعل الماضي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال زيد بن حدير‏)‏ بمهملة مصغر أخو زياد بن حدير، وزياد من كبار التابعين أدرك عمر وله رواية في سنن أبي داود ونزل الكوفة وولي إمرتها مرة، وهو أسدي من بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، وأما أخوه زيد فلا أعرف له رواية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أما‏)‏ بتخفيف الميم ‏(‏إن شئت أخبرتك بما قال النبي صلى الله عليه وسلم في قومك وفي قومه‏)‏ كأنه يشير إلى ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على النخع لأن علقمة نخعي، وإلى ذم بني أسد وزياد بن حدير أسدي، فأما ثناؤه على النخع ففيما أخرجه أحمد والبزار بإسناد حسن عن ابن مسعود قال‏:‏ ‏"‏ شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع أو يثني عليهم، حتى تمنيت أني رجل منهم ‏"‏ وأما ذمه لبني أسد فتقدم في المناقب حديث أبي هريرة وغيره ‏"‏ إن جهينة وغيرها خير من بني أسد وغطفان ‏"‏ وأما النخعي فمنسوب إلى النخع قبيلة مشهورة من اليمن، واسم النخع حبيب بن عمرو بن علة بضم المهملة وتخفيف اللام ابن جلد بن مالك بن أدد بن زيد، وقيل له النخع لأنه نخع عن قومه أي بعد‏.‏

وفي رواية شعبة عن الأعمش عند أبي نعيم في المستخرج ‏"‏ لتسكتن أو لأحدثنك بما قيل في قومك وقومه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقرأت خمسين آية من سورة مريم‏)‏ في رواية شعبة ‏"‏ فقال عبد الله رتل فداك أبي وأمي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عبد الله كيف ترى‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور، وخاطب عبد الله بذلك خبابا لأنه هو الذي سأله أولا، وهو الذي قال‏:‏ قد أحسن، وكذا ثبت في رواية أحمد عن يعلى عن الأعمش ففيه ‏"‏ قال خباب أحسنت‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال عبد الله‏)‏ هو موصل أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما أقرأ شيئا إلا وهو يقرأه‏)‏ يعني علقمة، وهي منقبة عظيمة لعلقمة حيث شهد له ابن مسعود أنه مثله في القراءة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال‏:‏ ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى‏)‏ بضم أوله وفتح القاف أي يرمى به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه غندر عن شعبة‏)‏ أي عن الأعمش بالإسناد المذكور، وقد وصلها أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق أحمد بن حنبل ‏"‏ حدثنا محمد بن جعفر ‏"‏ وهو غندر بإسناده هذا وكأنه في الزهد لأحمد إلا فلم أره في مسند أحمد إلا من طريق يعلى بن عبيد عن الأعمش، ووهم بعض من لقيناه فزعم أن هذا التعليق معاد في بعض النسخ وأن محله عقب حديث أبي هريرة، وقد ظهر لي أن لا إعادة وأنه في جميع النسخ، وأن الذي وقع في الموضعين من رواية غندر عن شعبة صواب، وأن المراد في الموضع الثاني أن شعبة رواه عن الأعمش بالإسناد الذي وصله به من طريق أبي حمزة عن الأعمش، وقد أثبت الإسماعيلي في مستخرجه رواية غندر عن شعبة فقال بعد أن أخرجه من طريق ابن شهاب عن الأعمش بالإسناد الذي وصله به ‏"‏ رواه جماعة عن الأعمش، ورواه غندر عن شعبة ‏"‏ وفي الحديث منقبة لابن مسعود وحسن تأنيه في الموعظة والتعليم، وأن بعض الصحابة كان يخفى عليه بعض الأحكام فإذا نبه عليها رجع، ولعل خبابا كان يعتقد أن النهي عن لبس الرجال خاتم الذهب للتنزيه، فنبهه ابن مسعود على تحريمه، فرجع إليه مسرعا‏.‏

*3*باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي‏)‏ بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مهملة، تقدم نسبهم في غزوة ذي الخلصة، والطفيل بن عمرو أي ابن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس، كان يقال له ذو النور آخره راء؛ لأنه لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم بعثه إلى قومه فقال‏:‏ اجعل لي آية، فقال‏:‏ اللهم نور له، فسطع نور بين عينيه، فقال‏:‏ يا رب أخاف أن يقولوا إنه مثلة، فتحول إلي طرف سوطه، وكان يضيء في الليلة المظلمة؛ ذكره هشام بن الكلبي في قصة طويلة، وفيها أنه دعا قومه إلى الإسلام فأسلم أبوه ولم تسلم أمه، وأجابه أبو هريرة وحده‏.‏

قلت‏:‏ وهذا يدل على تقدم إسلامه، وقد جزم ابن أبي حاتم بأنه قدم مع أبي هريرة بخيبر وكأنها قدمته الثانية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ ذَكْوَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن ذكوان‏)‏ هو عبد الله أبو الزناد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم اهد دوسا وائت بهم‏)‏ وقع مصداق ذلك، فذكر ابن الكلبي أن حبيب بن عمرو بن حثمة الدوسي كان حاكما على دوس، وكذا كان أبوه من قبله، وعمر ثلاثمائة سنة، وكان حبيب يقول‏:‏ إني لأعلم أن للخلق خالقا لكني لا أدري من هو، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليه ومعه خمسة وسبعون رجلا من قومه فأسلم وأسلموا‏.‏

وذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الطفيل بن عمرو ليحرق صنم عمرو بن حثمة الذي كان يقال له ذو الكفين بفتح الكاف وكسر الفاء، فأحرقه‏.‏

وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أن الطفيل بن عمرو استشهد بأجنادين في خلافة أبي بكر، وكذا قال أبو الأسود عن عروة، وجزم ابن سعد بأنه استشهد باليمامة، وقيل باليرموك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ وَأَبَقَ غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْتُهُ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ فَقُلْتُ هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتَقْتُهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي خالد ‏(‏عن قيس‏)‏ هو ابن أبي حازم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما قدمت‏)‏ أي أردت القدوم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت في الطريق‏)‏ تقدم شرحه مستوفى في كتاب العتق، وقوله في هذه الرواية‏:‏ ‏"‏ وأبق غلام لي ‏"‏ لا يغاير قوله في الرواية الماضية في العتق ‏"‏ فأضل أحدهما صاحبه ‏"‏ لأن رواية أبق فسرت وجه الإضلال، وأن الذي أضل هو أبو هريرة، بخلاف غلامه فإنه أبق أبو هريرة مكانه لهربه، فلذلك أطلق أنه أضله، فلا يلتفت إلى إنكار ابن التين أنه أبق، وأما كونه عاد فحضر عند النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينافيه أيضا لأنه يحمل على أنه رحم عن الإباق وعاد إلى سيده ببركة الإسلام، ويحتمل أن يكون أطلق أبق بمعنى أنه أضل الطريق فلا تتنافى الروايتان‏.‏

*3*باب قِصَّةِ وَفْدِ طَيِّئ وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفد طيئ وحديث عدي بن حاتم‏)‏ أي ابن عبد الله بن سعد بن الحشرج بمهملة ثم معجمة ثم راء ثم جيم بوزن جعفر ابن امرئ القيس بن عدي الطائي، منسوب إلى طيئ بفتح المهملة وتشديد التحتانية المكسورة بعدها همزة ابن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، يقال كان اسمه جلهمة فسمي طيئا لأنه أول من طوى بئرا، ويقال أول من طوى المناهل‏.‏

وأخرج مسلم من وجه آخر عن عدي بن حاتم قال‏:‏ ‏"‏ أتيت عمر فقال‏:‏ إن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طيئ، جئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ وزاد أحمد في أوله‏:‏ ‏"‏ أتيت عمر في أناس من قومي، فجعل يعرض عني، فاستقبلته فقلت‏:‏ أتعرفني‏؟‏ ‏"‏ فذكر نحو ما أورده البخاري ونحو ما أورده مسلم جميعا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ أَتَيْنَا عُمَرَ فِي وَفْدٍ فَجَعَلَ يَدْعُو رَجُلًا رَجُلًا وَيُسَمِّيهِمْ فَقُلْتُ أَمَا تَعْرِفُنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ بَلَى أَسْلَمْتَ إِذْ كَفَرُوا وَأَقْبَلْتَ إِذْ أَدْبَرُوا وَوَفَيْتَ إِذْ غَدَرُوا وَعَرَفْتَ إِذْ أَنْكَرُوا فَقَالَ عَدِيٌّ فَلَا أُبَالِي إِذًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الملك‏)‏ هو ابن عمير، وعمرو بن حريث بالمهملة وبالمثلثة مصغر هو المخزومي صحابي صغير، وفي الإسناد ثلاثة من الصحابة في نسق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتيت عمر‏)‏ أي في خلافته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعل يدعو رجلا رجلا يسميهم‏)‏ أي قبل أن يدعوهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بل أسلمت إذ كفروا إلخ‏)‏ يشير بذلك إلى وفاء عدي بالإسلام والصدقة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه منع من أطاعه من الردة، وذلك مشهور عند أهل العلم بالفتوح قوله‏:‏ ‏(‏فقال عدي‏:‏ فلا أبالي إذا‏)‏ أي إذا كنت تعرف قدري فلا أبالي إذا قدمت على غيري، وفي ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ للبخاري ‏"‏ أن عمر قال لعدي‏:‏ حياك الله من معرفة ‏"‏ وروى أحمد في سبب إسلام عدي أنه قال ‏"‏ لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته، فانطلقت إلى أقصى الأرض مما يلي الروم، ثم كرهت مكاني فقلت‏:‏ لو أتيته، فإن كان كاذبا لم يخف علي، فأتيته فقال‏:‏ أسلم تسلم‏.‏

فقلت‏:‏ إن لي دينا ‏"‏ وكان نصرانيا فذكر إسلامه‏.‏

وذكر ذلك ابن إسحاق مطولا، وفيه أن خيل النبي صلى الله عليه وسلم أصابت أخت عدي وأن النبي صلى الله عليه وسلم من عليها فأطلقها بعد أن استعطفته بإشارة علي عليها فقالت له‏:‏ هلك الوالد وغاب الوافد، فامنن علي من الله عليك‏.‏

فقال ومن وافدك‏؟‏ قالت عدي بن حاتم، قال‏:‏ الفار من الله ورسوله‏؟‏ فلما قدمت بنت حاتم على عدي أشارت عليه بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم وأسلم وروى الترمذي من وجه آخر عن عدي بن حاتم قال‏:‏ ‏"‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال‏:‏ هذا عدي بن حاتم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يقول‏:‏ إني لأرجو الله أن يجعل يده في يدي‏"‏‏.‏