فصل: باب لَعْقِ الْأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الْمَضْمَضَةِ بَعْدَ الطَّعَامِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب المضمضة بعد الطعام‏)‏ ذكر فيه حديث سويد بن النعمان في المضمضة بعد السويق، وساقه بسند واحد بلفظين قال في أحدهما ‏"‏ فأكلنا ‏"‏ وزاد في الآخر ‏"‏ فلكناه ‏"‏ وقد تقدم بإسناده ومتنه في أوائل الأطعمة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ فَأَكَلْنَا فَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا قَالَ يَحْيَى سَمِعْتُ بُشَيْرًا يَقُولُ حَدَّثَنَا سُوَيْدٌ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ قَالَ يَحْيَى وَهِيَ مِنْ خَيْبَرَ عَلَى رَوْحَةٍ دَعَا بِطَعَامٍ فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ فَلُكْنَاهُ فَأَكَلْنَا مَعَهُ ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ ثُمَّ صَلَّى بِنَا الْمَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَقَالَ سُفْيَانُ كَأَنَّكَ تَسْمَعُهُ مِنْ يَحْيَى

الشرح‏:‏

حديث سويد بن النعمان في المضمضة بعد السويق، وساقه بسند واحد بلفظين قال في أحدهما ‏"‏ فأكلنا ‏"‏ وزاد في الآخر ‏"‏ فلكناه ‏"‏ وقد تقدم بإسناده ومتنه في أوائل الأطعمة‏.‏

وقال في آخره هناك ‏"‏ قال سمعته منه عودا على بدء ‏"‏ وقال في آخره هنا ‏"‏ قال سفيان‏:‏ كأنك تسمعه من يحيى بن سعيد ‏"‏ وهو محمول على أن عليا وهو ابن المديني سمعه من سفيان مرارا فربما غير في بعضها بعض الألفاظ‏.‏

*3*باب لَعْقِ الْأَصَابِعِ وَمَصِّهَا قَبْلَ أَنْ تُمْسَحَ بِالْمِنْدِيلِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب لعق الأصابع ومصها قبل أن تمسح بالمنديل‏)‏ كذا قيده بالمنديل، وأشار بذلك إلى ما وقع في بعض طرق الحديث كما أخرجه مسلم من طريق سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر بلفظ ‏"‏ فلا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه لكن حديث جابر المذكور في الباب الذي يليه صريح في أنهم لم يكن لهم مناديل، ومفهومه يدل على أنهم لو كانت لهم مناديل لمسحوا بها، فيحمل حدث النهي على من وجد ولا مفهوم له بل الحكم كذلك لو مسح بغير المنديل، وأما قوله في الترجمة ‏"‏ ومصها ‏"‏ فيشير إلى ما وقع في بعض طرقه عن جابر أيضا، وذلك فيما أخرجه ابن أبي شيبة من رواية أبي سفيان عنه بلفظ ‏"‏ إذا طعم أحدكم فلا يمسح يده حتى يمصها ‏"‏ وذكر القفال في ‏"‏ محاسن الشريعة ‏"‏ أن المراد بالمنديل هنا المنديل المعد لإزالة الزهومة، لا المنديل المعد للمسح بعد الغسل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَمْسَحْ يَدَهُ حَتَّى يَلْعَقَهَا أَوْ يُلْعِقَهَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن عمرو بن دينار عن عطاء‏)‏ في رواية الحميدي ومن طريقه الإسماعيلي ‏"‏ حدثنا عمرو بن دينار أخبرني عطاء‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ في رواية ابن جريج عند مسلم ‏"‏ سمعت عطاء سمعت ابن عباس ‏"‏ زاد ابن أبي عمر في روايته عن سفيان سمعت عمر بن قيس يسأل عمرو بن دينار عن هذا الحديث فقال‏:‏ هو عن ابن عباس، قال‏:‏ فإن عطاء حدثناه عن جابر، قال حفظناه عن عطاء عن ابن عباس قبل أن يقدم علينا جابر ‏"‏ ا ه‏.‏

وهذا إن كان عمر بن قيس حفظه احتمل أن يكون عطاء سمعه من جابر بعد أن سمعه من ابن عباس، ويؤيده ثبوته من حديث جابر عند سلم وإن كان من غير طريق عطاء، وفي سياقه زيادة ليست في حديث ابن عباس، ففي أوله ‏"‏ إذا وقعت لقمة أحدكم فليمط ما كان بها من أذى ولا يدعها للشيطان ‏"‏ ثم ذكر حديث الباب، وفي آخره زيادة أيضا سأذكرها، فلعل ذلك سبب أخذ عطاء له عن جابر‏.‏

قوله ‏(‏إذا أكل أحدكم‏)‏ زاد مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وآخرين عن سفيان ‏"‏ طعاما‏"‏‏.‏

وفي رواية ابن جريج ‏"‏ إذا أكل أحدكم من الطعام‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏فلا يمسح يده‏)‏ في حديث كعب بن مالك عند مسلم ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع، فإذا فرغ لعقها ‏"‏ فيحتمل أن يكون أطلق على الأصابع اليد، ويحتمل وهو الأولى أن يكون المراد باليد الكف كلها فيشمل الحكم من أكل بكفه كلها أو بأصابعه فقط أو ببعضها‏:‏ وقال ابن العربي في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏‏:‏ يدل على الأكل بالكف كلها أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعرق العظم وينهش اللحم، ولا يمكن ذلك عادة إلا بالكف كلها‏.‏

وقال شيخنا‏:‏ فيه نظر لأنه يمكن بالثلاث، سلمنا لكن هو ممسك بكفه كلها لا آكل بها، سلمنا لكن محل الضرورة لا يدل على عموم الأحوال‏.‏

ويؤخذ من حديث كعب بن مالك أن السنة الأكل بثلاث أصابع وإن كان الأكل بأكثر منها جائزا، وقد أخرج سعيد بن منصور عن سفيان ‏"‏ عن عبيد الله ابن أبي يزيد أنه رأى ابن عباس إذا أكل أصابعه الثلاث ‏"‏ قال عياض‏:‏ والأكل بأكثر منها من الشره وسوء الأدب وتكبير اللقمة، ولأنه غير مضطر إلى ذلك لجمعه اللقمة وإمساكها من جهاتها الثلاث، فإن اضطر إلى ذلك لخفة الطعام وعدم تلفيفه بالثلاث فيدعمه بالرابعة أو الخامسة، وقد أخرج سعيد بن منصور من مرسل ابن شهاب ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أكل بخمس ‏"‏ فيجمع بينه وبين حديث كعب باختلاف الحال‏.‏

قوله ‏(‏حتى يلعقها‏)‏ بفتح أوله من الثلاثي أي يلعقها هو ‏(‏أو يلعقها‏)‏ بضم أوله من الرباعي أي يلعقها غيره، قال النووي‏:‏ المراد إلعاق غيره ممن لا يتقذر ذلك من زوجة وجارية وخادم وولد، وكذا من كان في معناهم كتلميذ يعتقد البركة بلعقها، وكذا لو ألعقها شاة ونحوها‏.‏

وقال البيهقي‏:‏ إن قوله ‏"‏ أو ‏"‏ شك من الراوي، ثم قال‏:‏ فإن كانا جميعا محفوظين فإنما أراد أن يلعقها صغيرا أو من يعلم أنه لا يتقدر بها، ويحتمل أن يكون أراد أن يلعق إصبعه فمه فيكون بمعنى يلعقها، يعني فتكون ‏"‏ أو ‏"‏ للشك‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ جاءت علة هذا مبينة في بعض الروايات فإنه ‏"‏ لا يدري في أي طعامه البركة ‏"‏ وقد يعلل بأن مسحها قبل ذلك فيه زيادة تلويث لما يمسح به مع الاستغناء عنه بالريق، لكن إذا صح الحديث بالتعليل لم يعدل عنه‏.‏

قلت‏:‏ الحديث صحيح أخرجه مسلم في آخر حديث جابر ولفظه من حديث جابر ‏"‏ إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط ما أصابها من أذى وليأكلها، ولا يمسح يده حتى يلعقها أو يلعقها، فإنه لا يدري أي طعامه البركة ‏"‏ زاد فيه النسائي من هذا الوجه ‏"‏ ولا يرفع الصحفة حتى يلعقها أو يلعقها ‏"‏ ولأحمد من حديث ابن عمر نحوه بسند صحيح، وللطبراني من حديث أبى سعيد نحوه بلفظ ‏"‏ فإنه لا يدري في أي طعامه يبارك له ‏"‏ ولمسلم نحوه من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة أيضا، والعلة المذكورة لا تمنع ما ذكره الشيخ، فقد يكون للحكم علتان فأكثر، والتنصيص على واحدة لا ينفي غيرها، وقد أبدى عياض علة أخرى فقال‏:‏ إنما أمر بذلك لئلا يتهاون بقليل الطعام‏.‏

قال النووي‏:‏ معنى قوله ‏"‏ في أي طعامه البركة ‏"‏‏:‏ أن الطعام الذي يحضر الإنسان فيه بركة لا يدري أن تلك البركة فيما أكل أو فيما بقي على أصابعه أو فيما بقي في أسفل القصعة أو في اللقمة الساقطة، فينبغي أن يحافظ على هذا كله لتحصيل البركة ا ه‏.‏

وقد وقع لمسلم في رواية أبي سفيان عن جابر أول الحديث ‏"‏ إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه، حتى يحضره عند طعامه، فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان ‏"‏ وله نحوه في حديث أنس وزاد ‏"‏ وأمر بأن تسلت القصعة ‏"‏ قال الخطابي‏:‏ السلت تتبع ما بقي فيها من الطعام، قال النووي‏:‏ والمراد بالبركة ما تحصل به التغذية وتسلم عاقبته من الأذى ويقوى على الطاعة، والعلم عند الله‏.‏

وفي الحديث رد على من كره لعق الأصابع استقذارا، نعم يحصل ذلك لو فعله في أثناء الأكل لأنه يعيد أصابعه في الطعام وعليها أثر ريقه، قال الخطابي‏:‏ عاب قوم أفسد عقلهم الترفه فزعموا أن لعق الأصابع مستقبح، كأنهم لم يعلموا أن الطعام الذي علق بالأصابع أو الصحفة جزء من أجزاء ما أكلوه، وإذا لم يكن سائر أجزائه مستقذرا لم يكن الجزء اليسير منه مستقذرا، وليس في ذلك أكبر من مصه أصابعه بباطن شفتيه‏.‏

ولا يشك عاقل في أن لا بأس بذلك، فقد يمضمض الإنسان فيدخل إصبعه في فيه فيدلك أسنانه وباطن فمه ثم لم يقل أحد إن ذلك قذارة أو سوء أدب‏.‏

وفيه استحباب مسح اليد بعد الطعام، قال عياض‏:‏ محله فيما لم يحتج فيه إلى الغسل مما ليس فيه غمر ولزوجة مما لا يذهبه إلا الغسل، لما جاء في الحديث من الترغيب في غسله والحذر من تركه‏.‏

كذا قال وحديث الباب يقتضي منع الغسل والمسح بغير لعق لأنه صريح في الأمر باللعق دونهما تحصيلا للبركة، نعم قد يتعين الندب إلى الغسل بعد اللعق لإزالة الرائحة، وعليه يحمل الحديث الذي أشار إليه، وقد أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي هريرة رفعه ‏"‏ من بات وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه ‏"‏ أخرجه الترمذي دون قوله ‏"‏ ولم يغسله ‏"‏ وفيه المحافظة على عدم إهمال شيء من فضل الله كالمأكول أو المشروب وإن كان تافها حقيرا في العرف‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ وقع في حديث كعب بن عجرة عند الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ صفة لعق الأصابع ولفظه ‏"‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلاث‏:‏ بالإبهام والتي تليها والوسطى، ثم رأيته يلعق أصابعه الثلاث قبل أن يمسحها‏:‏ الوسطى، ثم التي تليها، ثم الإبهام ‏"‏ قال شيخنا في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ كأن السر فيه أن الوسطى أكثر تلويثا لأنها أطول فيبقى فيها من الطعام أكثر من غيرها، ولأنها لطولها أول ما تنزل في الطعام، ويحتمل أن الذي يلعق يكون بطن كفه إلى جهة وجهه، فإذا ابتدأ بالوسطى انتقل إلى السبابة على جهة يمينه وكذلك الإبهام، والله أعلم

*3*باب الْمِنْدِيلِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب المنديل‏)‏ ترجم له ابن ماجه ‏"‏ مسح اليد بالمنديل‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ فَقَالَ لَا قَدْ كُنَّا زَمَانَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نَجِدُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الطَّعَامِ إِلَّا قَلِيلًا فَإِذَا نَحْنُ وَجَدْنَاهُ لَمْ يَكُنْ لَنَا مَنَادِيلُ إِلَّا أَكُفَّنَا وَسَوَاعِدَنَا وَأَقْدَامَنَا ثُمَّ نُصَلِّي وَلَا نَتَوَضَّأُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثني محمد بن فليح‏)‏ أي ابن سليمان المدني‏.‏

قوله ‏(‏حدثني أبي عن سعيد بن الحارث‏)‏ أي ابن يحيى المعلى الأنصاري، وقد أخرجه ابن ماجه من رواية ابن وهب عن محمد بن أبي يحيى عن أبيه عن سعيد، فجزم أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ بأن محمد بن أبي يحيى هو ابن فليح لأن فليحا يكنى أبا يحيى وهو معرف بالرواية عن سعيد بن الحارث‏.‏

وقال غيره‏:‏ هو محمد بن أبي يحيى الأسلمي والد إبراهيم شيخ الشافعي، واسم أبي يحيى سمعان، وكأن الحامل على ذلك كون ابن وهب يروي عن فليح نفسه فاستبعد قائل ذلك أن يروى عن ابنه محمد بن فليح عنه، ولا عجب في ذلك‏.‏

والذي ترجح عندي الأول فإن لفظهما واحد‏.‏

قوله ‏(‏سأله عن الوضوء مما مست النار‏)‏ في رواية الإسماعيلي من طريق أبي عامر عن فليح عن سعيد ‏"‏ قلت لجابر‏:‏ هل علي فيما مست النار وضوء ‏"‏‏؟‏ وقد تقدم حكم المسح في الباب الذي قبله، وحكم الوضوء مما مست النار في كتاب الطهارة‏.‏

*3*باب مَا يَقُولُ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ما يقول إذا فرغ من طعامه‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ اتفقوا على استحباب الحمد بعد الطعام، ووردت في ذلك أنواع، يعني لا يتعين شيء منها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏سفيان‏)‏ هو الثوري، وثور بن يزيد هو الشامي، وأول اسم أبيه ياء تحتانية‏.‏

وقد أورد البخاري هذا الإسناد عن ثور نازلا ثم أورده عاليا عنه ومداره في أكثر الطرق عليه، وقد تابعه بعضه عامر بن جشيب وهو بفتح الجيم وكسر الشين المعجمة وآخره موحدة وزن عظيم، أخرجه الطبراني وابن أبي عاصم من طريقه فقال في سياقه ‏"‏ عن عامر عن خالد قال‏:‏ شهدنا صنيعا - أي وليمة - في منزل عبد الأعلى ومعنا أبو أمامة ‏"‏ وذكره البخاري في تاريخه من هذا الوجه فقال ‏"‏ عبد الأعلى بن هلال السلمي‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏إذا رفع مائدته‏)‏ قد ذكره في الباب بلفظ ‏"‏ إذا فرغ من طعامه ‏"‏ وأخرجه الإسماعيلي من طريق وكيع عن ثور بلفظ ‏"‏ إذا فرغ من طعامه ورفعت مائدته ‏"‏ فجمع اللفظين، ومن وجه آخر عن ثور بلفظ ‏"‏ إذا رفع طعامه من بين يديه ‏"‏ ووقع في رواية عامر بن جشيب بسنده عن أبي أمامة ‏"‏ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أقول عند فراغي من الطعام ورفع المائدة ‏"‏ الحديث، وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط، وقد فسروا المائدة بأنها خوان عليه طعام، وأن بعضهم أجاب أن أنسا ما رأى ذلك ورواه غيره، والمثبت مقدم على النافي، أو المراد بالخوان صفة مخصوصة، والمائدة تطل على كل ما يوضع عليه الطعام لأنها إما من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم، ولا يختص ذلك بصفة مخصوصة، وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام أو بقيته أو إناؤه، وقد نقل عن البخاري أنه قال‏:‏ إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع قيل رفعت المائدة‏.‏

قوله ‏(‏الحمد لله كثيرا‏)‏ في رواية الوليد عن ثور عند ابن ماجه ‏"‏ الحمد لله حمدا كثيرا‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏غير مكفي‏)‏ بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية، قال ابن بطال يحتمل أن يكون من كفأت الإناء، فالمعنى‏:‏ غير مردود عليه إنعامه‏.‏

ويحتمل أن يكون من الكفاية أي أن الله غير مكفي رزق عباده، لأنه يكفيهم أحد غيره‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ أي غير محتاج إلى أحد، لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم، وهذا قول الخطابي‏.‏

وقال القزاز‏:‏‏.‏

معناه أنا غير مكتف بنفسي عن كفايته‏.‏

وقال الداودي‏:‏ معناه لم أكتف من فضل الله ونعمته‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ وقول الخطابي أولى لأن مفعولا بمعنى مفتعل فيه بعد وخروج عن الظاهر، وهذا كله على أن الضمير لله، ويحتمل أن يكون الضمير للحمد‏.‏

وقال إبراهيم الحربي‏:‏ الضمير للطعام، ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب غير أنه لا يكفي الإناء للاستغناء عنه‏.‏

وذكر ابن الجوزي عن أبي منصور الجواليقي أن الصواب غير مكافأ بالهمزة، أي أن نعمة الله لا تكافأ‏.‏

قلت‏:‏ وثبتت هذه اللفظة هكذا في حديث أبي هريرة، لكن الذي في حديث الباب غير مكفي بالياء، ولكل معنى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ وَقَالَ مَرَّةً إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَقَالَ مَرَّةً الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى رَبَّنَا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏كفانا وأروانا‏)‏ هذا يؤيد الضمير إلى الله تعالى لأنه تعالى هو الكافي لا المكفي، وكفانا هو من الكفاية، وهي أعم من الشبع والري وغيرهما، فأروانا على هذا من الخاص بعد العام‏.‏

ووقع في رواية ابن السكن عن الفربري ‏"‏ وأوانا ‏"‏ بالمد من الإيواء‏.‏

ووقع في حديث أبي سعيد عند أبي داود ‏"‏ الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين ‏"‏ ولأبي داود والترمذي من حديث أبي أيوب ‏"‏ الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجا ‏"‏ وأخرج النسائي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة ما في حديث أبي سعيد وأبي أمامة وزيادة في حديث مطول، وللنسائي من طريق عبد الرحمن بن جبير المصري أنه حدثه رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين أنه ‏"‏ كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرب إليه طعامه يقول‏:‏ بسم الله، فإذا فرغ قال‏:‏ اللهم أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت ‏"‏ وسنده صحيح‏.‏

قوله ‏(‏ولا مكفور‏)‏ أي مجحود فضله ونعمته، وهذا مما يقوى أن الضمير لله تعالى‏.‏

قوله ‏(‏ولا مودع‏)‏ بفتح الدال الثقيلة أي غير متروك، ويحتمل كسرها على أنه حال من القائل أي غير تارك‏.‏

قوله ‏(‏ولا مستغنى عنه‏)‏ بفتح النون وبالتنوين‏.‏

قوله ‏(‏ربنا‏)‏ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي هو ربنا، أو على أنه مبتدأ خبره متقدم، ويجوز النصب على المدح أو الاختصاص أو إضمار أعنى، قال ابن التين ويجوز الجر على أنه يدل على الضمير في عنه‏.‏

وقال غيره على البدل من الاسم في قوله ‏"‏ الحمد لله ‏"‏ وقال ابن الجوزي ‏"‏ ربنا ‏"‏ بالنصب على النداء مع حذف أداة النداء‏.‏

قال الكرماني‏:‏ بحسب رفع غير أي ونصبه ورفع ربنا ونصبه، والاختلاف في مرجع الضمير يكثر التوجيهات في هذا الحديث‏.‏

*3*باب الْأَكْلِ مَعَ الْخَادِمِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الأكل مع الخادم‏)‏ أي على قصد التواضع، والخادم يطلق على الذكر والأنثى أعم من أن يكون رقيقا أو حرا، محله فيما إذا كان السيد رجلا أن يكون الخادم إذا كان أنثى ملكه أو محرمه أو ما في حكمه وبالعكس

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ زِيَادٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏محمد بن زياد‏)‏ هو الجمحي‏.‏

قوله ‏(‏إذا أتى أحدكم‏)‏ بالنصب ‏(‏خادمه‏)‏ بالرفع‏.‏

قوله ‏(‏فإن لم يجلسه معه‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ فليقعده معه فليأكل ‏"‏ وفي رواية إسماعيلي بن أبي خالد عن أبيه عن أبي هريرة عند أحمد والترمذي ‏"‏ فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه فليناوله ‏"‏ وفي رواية لأحمد عن عجلان عن أبي هريرة ‏"‏ فادعه فإن أبي فأطعمه منه ‏"‏ ولابن ماجه من طريق جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة ‏"‏ فليدعه فليأكل معه، فإن لم يفعل ‏"‏ وفاعل أبي وكذا إن لم يفعل يحتمل أن يكون السيد، والمعنى إذا ترفع عن مؤاكلة غلامه، ويحتمل أن يكون الخادم إذا تواضع عن مؤاكلة سيده، ويؤيد الاحتمال الأول أن في رواية جابر عند أحمد ‏"‏ أمرنا أن ندعوه، فإن كره أحدنا أن يطعم معه فليطعمه في يده ‏"‏ وإسناده حسن‏.‏

قوله ‏(‏فليناوله أكلة أو أكلتين‏)‏ بضم الهمزة أي اللقمة، وأو للتقسيم بحسب حال الطعام وحال الخادم، وقوله ‏"‏أو لقمة أو لقمتين ‏"‏ هو شك من الراوي وقد رواه الترمذي بلفظ ‏"‏ لقمة ‏"‏ فقط وفي رواية مسلم تقييد ذلك بما إذا كان الطعام قليلا ولفظه ‏"‏ فإن كان الطعام مشفوها قليلا ‏"‏ وفي رواية أبي داود ‏"‏ يعني قليلا فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين ‏"‏ قال أبو داود‏:‏ يعني لقمة أو لقمتين، ومقتضى ذلك أن الطعام إذا كان كثيرا فإما أن يقعده معه وإما أن يجعل حظه منه كثيرا‏.‏

قوله ‏(‏فإنه ولي حره‏)‏ أي عند الطبخ ‏(‏وعلاجه‏)‏ أي عند تحصيل آلاته، وقبل وضع القدر على النار، ويؤخذ من هذا أن في معنى الطباخ حامل الطعام لوجود المعنى فيه وهو تعلق نفسه به، بل يؤخذ منه الاستحباب في مطلق خدم المرء ممن يعاني ذلك، وإلى ذلك يومئ إطلاق الترجمة، وفي هذا تعليل الأمر المذكور، وإشارة إلى أن للعين حظا في المأكول فينبغي صرفها بإطعام صاحبها من ذلك الطعام لتسكن نفسه فيكون أكف لشره‏.‏

قال المهلب‏:‏ هذا الحديث يفسر حديث أبي ذر في الأمر بالتسوية مع الخادم في المطعم والملبس، فإنه جعل الخيار إلى السيد في إجلاس الخادم معه وتركه‏.‏

قلت‏:‏ وليس في الأمر في قوله في حديث أبي ذر ‏"‏ أطعموهم مما تطعمون ‏"‏ إلزام بمؤاكلة الخادم، بل فيه أن لا يستأثر عليه بشيء بل يشركه في كل شيء، لكن بحسب ما يدفع به شر عينه‏.‏

وقد نقل ابن المنذر عن جميع أهل العلم أن الواجب إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله في تلك البلد، وكذلك القول في الأدم والكسوة، وأن للسيد أن يستأثر بالنفيس من ذلك وإن كان الأفضل أن يشرك معه الخادم في ذلك والله أعلم‏.‏

واختلف حكم هذا الأمر بالإجلاس أو المناولة، فقال الشافع بعد أن ذكر الحديث‏:‏ هذا عندنا والله أعلم على وجهين‏:‏ أولهما بمعناه أن إجلاسه معه أفضل، فإن لم فعل فليس بواجب، أو يكون بالخيار بين أن يجلسه أو يناوله، وقد يكون أمره اختيارا غير حتم ا ه‏.‏

ورجح الرافعي الاحتمال الأخير، وحمل الأول على الوجوب، ومعناه أن الإجلاس لا يتعين، لكن إن فعله كان أفضل وإلا تعينت المناولة، ويحتمل أن الواجب أحدهما لا بعينه‏.‏

والثاني أن الأمر للندب مطلقا‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ في قوله في رواية مسلم ‏"‏ فإن كان الطعام مشفوها ‏"‏ بالشين المعجمة والفاء فسره بالقليل، وأصله الماء الذي تكثر عليه الشفاه حتى يقل إشارة إلى أن محل الإجلاس أو المناولة ما إذا كان الطعام قليلا وإنما كان كذلك لأنه إذا كان كثيرا وسع السيد والخادم، وقد تقدم أن العلة في الأمر بذلك أن تسكن نفس الخادم بذلك، وهو حاصل مع الكثرة دون القلة، فإن القلة مظنة أن لا يفضل منه شيء‏.‏

ويؤخذ من قوله ‏"‏ فإن كان مشفوها ‏"‏ أن الأمر الوارد لمن طبخ بتكثير المرق ليس على سبيل الوجوب، والله أعلم‏.‏

*3*باب الطَّاعِمُ الشَّاكِرُ مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ

فِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر‏.‏

فيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا الحديث من الأحاديث المعلقة التي لم تقع في هذا الكتاب موصولة، وقد أخرجه المصنف في ‏"‏ التاريخ ‏"‏ والحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من رواية سليمان بن بلال عن محمد بن عبد الله بن أبي حرة بضم المهملة وتشديد الراء عن عمه حكيم بن أبي، حرة عن سليمان الأغر عن أبي هريرة ولفظه ‏"‏ إن للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر ‏"‏ وقد اختلف فيه على محمد فأخرجه ابن ماجه من رواية الدراوردي عنه عن عمه حكيم عن سنان بن سنة الأسلمي وقيل عن الدراوردي عن موسى بن عقبة عن محمد عن عمه عن رجل من أسلم، لكن صرح الدراوردي في رواية أحمد بأن محمد بن أبي حرة أخبره، فلعله كان حمله عن موسى بن عقبة عنه ثم سمعه منه، وقد رجح أبو زرعة رواية الدراوردي هذه، وذكر البخاري في التاريخ من رواية وهيب عن موسى بن عقبة عن حكيم بن أبي حرة عن بعض الصحابة‏.‏

وأخرج ابن خزيمة وابن ماجه من رواية محمد بن معن بن محمد الغفاري عن أبيه عن حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة، وأخرجه الترمذي وابن ماجه والحاكم من رواية محمد بن معن عن أبيه عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، وأخرجه ابن خزيمة من رواية عمر بن علي عن معن بن محمد عن سعيد المقبري قال ‏"‏ كنت أنا وحنظلة بن علي الأسلمي بالبقيع مع أبي هريرة، فحدثنا أبو هريرة به ‏"‏ وهذا محمول على أن معن بن محمد حمله عن سعيد ثم حمله عن حنظلة، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من رواية معتمر بن سليمان عن معمر عن سعيد المقبري به لكن هذه الرواية انقطاع خفي على ابن حبان فقد رويناه في ‏"‏ مسند مسدد ‏"‏ عن معتمر عن معمر عن رجل من بني غفار عن المقبري، وكذلك أخرجه عبد الرزاق في جامعه عن معمر، وهذا الرجل هو معن بن محمد الغفاري فيما أظن لاشتهار الحديث من طريقه، قال ابن التين‏:‏ الطاعم هو الحسن الحال في المطعم وقال ابن بطال‏:‏ هذا من تفضل الله على عباده أن جعل للطاعم إذا شكر ربه على ما أنعم به عليه ثواب الصائم الصابر‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ التشبيه هنا في أصل الثواب لا في الكمية ولا الكيفية، والتشبيه لا يستلزم المماثلة من جميع الأوجه‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ ربما توهم متوهم أن ثواب الشكر بقصر عن ثواب الصبر فأزيل توهمه، أو وجه الشبه اشتراكهما في حبس النفس، فالصابر يحبس نفسه على طاعة المنعم والشاكر يحبس نفسه على محبته ا ه‏.‏

وفي الحديث الحث على شكر الله على جميع نعمه إذ لا يختص ذلك بالأكل‏.‏

وفيه رفع الاختلاف المشهور في الغنى الشاكر والفقير الصابر وأنهما سواء، كذا قيل، ومساق الحديث يقتضي تفضيل الفقير الصابر لأن الأصل أن المشبه به أعلى درجة من المشبه، والتحقيق عند أهل الحذق أن لا يجاب في ذلك بجواب كلي، بل يختلف الحال باختلاف الأشخاص والأحوال‏.‏

نعم عند الاستواء من كل جهة، وفرض رفع العوارض بأسرها، فالفقير أسلم عاقبة في الدار الآخرة، ولا ينبغي أن يعدل بالسلامة شيء، والله أعلم‏.‏

وسيكون لنا عودة إلى الكلام على هذه المسألة في كتاب الرقاق إن لله تعالى‏.‏

وقد تقدم القول فيها في أواخر صفة الصلاة قبيل كتاب الجمعة في الكلام على حديث ‏"‏ ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى‏"‏‏.‏

*3*باب الرَّجُلِ يُدْعَى إِلَى طَعَامٍ فَيَقُولُ وَهَذَا مَعِي

وَقَالَ أَنَسٌ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى مُسْلِمٍ لَا يُتَّهَمُ فَكُلْ مِنْ طَعَامِهِ وَاشْرَبْ مِنْ شَرَابِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الرجل يدعى إلى طعام فيقول‏:‏ وهذا معي‏)‏ ذكر فيه حديث أبي مسعود في قصة الغلام اللحام، وقد مضى شرحه مستوفى قبل أكثر من عشرين بابا، واعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ ترجم الباب بالطاعم الشاكر ولم يذكر فيه شيئا وقال ‏"‏ وهذا معي ‏"‏ ثم نازعه في أن القصة ليس فيها ما ذكر، وأن الرجل تبعهم من تلقاء نفسه‏.‏

قلت‏:‏ أما الجواب عن الأول فكأنه سقط من روايته قول البخاري ‏"‏ فيه عن أبي هريرة ‏"‏ وأما الثاني فأشار به البخاري إلى حديث أنس في قصة الخياط الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏ وهذه ‏"‏ يعني عائشة، وقد تقدم شرح ذلك مستوفى، وإنما عدل البخاري عن إيراد حديث أنس هنا إلى حديث أبي مسعود إشارة منها إلى تغاير القصتين واختلاف الحالين‏.‏

قوله ‏(‏وقال أنس إذا دخلت على مسلم لا يهتم فكل من طعامه واشرب من شرابه‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق عمير الأنصاري ‏"‏ سمعت أنسا يقول مثله ‏"‏ لكن قال ‏"‏ على رجل لا تتهمه ‏"‏ وجاء نحو ذلك عن أبي هريرة مرفوعا أخرجه أحمد والحاكم والطبراني من طرق أبي صالح عن أبي هريرة بلفظ ‏"‏ إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عن ‏"‏ قال الطبراني‏:‏ تفرد به مسلم بن خالد‏.‏

قلت‏:‏ وفيه مقال لكن أخرج له الحاكم شاهد من رواية ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رواية بنحوه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة من هذا الوجه موقوفا، ومطابقة الأثر للحديث من جهة كون اللحام لم يكن متهما، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من طعامه ولم يسأله وعلى هذا القيد يحمل مطلق حديث أبي هريرة، والله أعلم

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا شَقِيقٌ حَدَّثَنَا أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ كَانَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يُكْنَى أَبَا شُعَيْبٍ وَكَانَ لَهُ غُلَامٌ لَحَّامٌ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي أَصْحَابِهِ فَعَرَفَ الْجُوعَ فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَهَبَ إِلَى غُلَامِهِ اللَّحَّامِ فَقَالَ اصْنَعْ لِي طَعَامًا يَكْفِي خَمْسَةً لَعَلِّي أَدْعُو النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَامِسَ خَمْسَةٍ فَصَنَعَ لَهُ طُعَيِّمًا ثُمَّ أَتَاهُ فَدَعَاهُ فَتَبِعَهُمْ رَجُلٌ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا شُعَيْبٍ إِنَّ رَجُلًا تَبِعَنَا فَإِنْ شِئْتَ أَذِنْتَ لَهُ وَإِنْ شِئْتَ تَرَكْتَهُ قَالَ لَا بَلْ أَذِنْتُ لَهُ

الشرح‏:‏

حديث أبي مسعود في قصة الغلام اللحام، قد مضى شرحه مستوفى قبل أكثر من عشرين بابا‏.‏

*3*باب إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ فَلَا يَعْجَلْ عَنْ عَشَائِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب إذا حضر العشاء فلا يعجل عن عشائه‏)‏ قال الكرماني العشاء في الترجمة يحتمل أن يراد به ضد الغداء وهو بالفتح، ويحتمل أن يراد به صلاة العشاء وهي بالكسر ولفظ ‏"‏ عن عشائه ‏"‏ بالفتح لا غير‏.‏

قلت‏:‏ الرواية عندنا بالفتح، وإنما في الترجمة عدول عن المضمر إلى المظهر لمعنى قصده، ويبعد الكسر أن الحديث إنما ورد في صلاة المغرب، وقد ورد النهي عن تسميتها عشاء، ولفظ هذه الترجمة وقع معناه في حديث أورده المصنف في الصلاة في أوائل صلاة الجماعة من طريق ابن شهاب عن أنس بلفظ ‏"‏ إذا قدم العشاء فابدؤوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم ‏"‏ وأورده فيه من حديث ابن عمر بلفظ ‏"‏ إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجل حتى يفرغ منه‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي جَعْفَرُ بْنُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّ أَبَاهُ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ فِي يَدِهِ فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ الَّتِي كَانَ يَحْتَزُّ بِهَا ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏وقال الليث حدثني يونس‏)‏ أي ابن يزيد ‏(‏عن ابن شهاب‏)‏ وصله الذهلي في الزهريات عن أبي صالح عن الليث، وأخرجه الإسماعيلي من رواية أبي ضمرة عن يونس‏.‏

قوله ‏(‏فألقاها‏)‏ أي القطعة اللحم التي كان احتزها‏.‏

وقال الكرماني‏:‏ الضمير للكتف، وأنث باعتبار أنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه أو هو مؤنث سماعي، قال‏:‏ ودلالته على الترجمة من جهة أنه استنبط من اشتغاله صلى الله عليه وسلم بالأكل وقت الصلاة‏.‏

قلت‏:‏ ويظهر لي أن البخاري أراد بتقديم هذا الحديث بيان أن الأمر في حديث ابن عمر وعائشة بترك المبادرة إلى الصلاة قبل تناول الطعام ليس على الوجوب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَعَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَعَشَّى مَرَّةً وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏وعن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه‏)‏ هو معطوف على السند الذي قبله، وهو من رواية وهيب عن أيوب، وكذا أثر ابن عمر أنه تعشى، مرة وهو يسمع قراءة الإمام، وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن سهل بن عسكر عن معلى بن أسد شيخ البخاري فيه بهذا الإسناد الثاني ولفظه ‏"‏ إذا وضع العشاء ‏"‏ الحديث‏.‏

وأخرج أثر ابن عمر من طريق عبد الوارث عن أيوب ولفظه ‏"‏ قال فتعشى ابن عمر ليلة وهو يسمع قراءة الإمام‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَحَضَرَ الْعَشَاءُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ قَالَ وُهَيْبٌ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامٍ إِذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ

الشرح‏:‏

قوله في رواية عائشة ‏(‏قال وهيب ويحيى بن سعيد عن هشام‏)‏ يعني ابن عروة ‏(‏إذا وضع العشاء‏)‏ يعني أن هذين روياه عن هشام بلفظ ‏"‏ إذا وضع ‏"‏ بدل ‏"‏ إذا حضر ‏"‏ وهي التي وصلها في الباب من رواية سفيان وهو الثوري عن هشام، فأما رواية وهيب فوصلها الإسماعيلي من رواية يحيى بن حسان ومعلى بن أسد قالا حدثنا وهيب به ولفظه ‏"‏ إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ‏"‏ وأما رواية يحيى بن سعيد وهو القطان فوصلها أحمد عنه بهذا اللفظ أيضا، وقد أخرجها المصنف بلفظ ‏"‏ إذا حضر ‏"‏ وفي بعض الروايات عنه ‏"‏ وضع ‏"‏ وأخرجه الإسماعيلي من رواية عمرو بن علي الفلاس عن يحيى بن سعيد بلفظ ‏"‏ إذا أقيمت الصلاة وقرب العشاء فكلوا ثم صلوا ‏"‏ وذكر الإسماعيلي أن أكثر أصحاب هشام رووه عنه بلفظ ‏"‏ إذا وضع ‏"‏ وأن بعضهم قال ‏"‏ إذا حضر ‏"‏ وجاء عن شعبة وضع وحضر‏.‏

وقال ابن إسحاق ‏"‏ إذا قدم‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ قدم وقرب ووضع متقاربات المعنى، فيحمل حضر عليها، وإن كان معناها في الأصل أعم، والله أعلم‏.‏

*3*باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب قول الله تعالى‏:‏ فإذا طعمتم فانتشروا‏)‏ ذكر فيه حديث أنس في قصة زينب بنت جحش والبناء عليها ونزول آية الحجاب وقوله ‏"‏ أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب ‏"‏ العروس نعت يستوي فيه الرجل والمرأة والعرس مدة بناء الرجل بالمرأة وأصله اللزوم، وقد تقدم بيان الاختلاف في الأمر بالانتشار بعد صلاة الجمعة في أول البيع في قوله تعالى ‏(‏فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض‏)‏ وأما الانتشار هنا بعد الأكل فالمراد به التوجه عن مكان الطعام للتخفيف عن صاحب المنزل هو مقتضى الآية، وقد مر مستوفى في تفسير سورة الأحزاب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ أَنَسًا قَالَ أَنَا أَعْلَمُ النَّاسِ بِالْحِجَابِ كَانَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ يَسْأَلُنِي عَنْهُ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَكَانَ تَزَوَّجَهَا بِالْمَدِينَةِ فَدَعَا النَّاسَ لِلطَّعَامِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَلَسَ مَعَهُ رِجَالٌ بَعْدَ مَا قَامَ الْقَوْمُ حَتَّى قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَشَى وَمَشَيْتُ مَعَهُ حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ ثُمَّ ظَنَّ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ بَابَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَرَجَعَ وَرَجَعْتُ مَعَهُ فَإِذَا هُمْ قَدْ قَامُوا فَضَرَبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ سِتْرًا وَأُنْزِلَ الْحِجَابُ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة زينب بنت جحش والبناء عليها ونزول آية الحجاب وقوله ‏"‏ أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عروسا بزينب ‏"‏ العروس نعت يستوي فيه الرجل والمرأة والعرس مدة بناء الرجل بالمرأة وأصله اللزوم، وقد تقدم بيان الاختلاف في الأمر بالانتشار بعد صلاة الجمعة في أول البيع في قوله تعالى ‏(‏فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض‏)‏ وأما الانتشار هنا بعد الأكل فالمراد به التوجه عن مكان الطعام للتخفيف عن صاحب المنزل هو مقتضى الآية، وقد مر مستوفى في تفسير سورة الأحزاب‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب الأطعمة من الأحاديث المرفوعة على مائة حديث واثني عشر حديثا، المعلق أربعة عشر طريقا والباقي موصول، المكرر منه فيه وفيما مضى تسعون حديثا والخالص اثنان وعشرون حديثا، وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي هريرة في استقرائه عمر الآية، وحديث أنس ‏"‏ ما رأى شاة سميطا‏"‏، وحديث أبى جحيفة ‏"‏ لا آكل متكئا‏"‏، وحديث سهل ‏"‏ ما رأى النقى‏"‏، وحديث جابر في وفاء دينه لما تقرر أنها قصة له غير قصته في وفاء دين أبيه، وحديث أنس ‏"‏ إذا حضر الطعام والصلاة‏"‏، وحديث جابر في المناديل، وحديث أبي أمامة في الدعاء بعد الأكل، وحديث أبي هريرة في الطاعم الشاكر‏.‏

وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم ستة آثار‏.‏

والله أعلم‏.‏