فصل: باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ

وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ إِدْرِيسَ الرِّكَازُ دِفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْخُمُسُ وَلَيْسَ الْمَعْدِنُ بِرِكَازٍ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَعْدِنِ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ وَأَخَذَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ الْمَعَادِنِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْنِ خَمْسَةً وَقَالَ الْحَسَنُ مَا كَانَ مِنْ رِكَازٍ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ فَفِيهِ الْخُمُسُ وَمَا كَانَ مِنْ أَرْضِ السِّلْمِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ وَجَدْتَ اللُّقَطَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ فَعَرِّفْهَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْعَدُوِّ فَفِيهَا الْخُمُسُ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ الْمَعْدِنُ رِكَازٌ مِثْلُ دِفْنِ الْجَاهِلِيَّةِ لِأَنَّهُ يُقَالُ أَرْكَزَ الْمَعْدِنُ إِذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ قِيلَ لَهُ قَدْ يُقَالُ لِمَنْ وُهِبَ لَهُ شَيْءٌ أَوْ رَبِحَ رِبْحًا كَثِيرًا أَوْ كَثُرَ ثَمَرُهُ أَرْكَزْتَ ثُمَّ نَاقَضَ وَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْتُمَهُ فَلَا يُؤَدِّيَ الْخُمُسَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب في الركاز الخمس‏)‏ الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاي المال المدفون مأخوذ من الركز بفتح الراء يقال ركزه يركزه ركزا إذا دفنه فهو مركوز، وهذا متفق عليه، واختلف في المعدن كما سيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال مالك وابن إدريس‏:‏ الركاز دفن الجاهلية إلخ‏)‏ أما قول مالك فرواه أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير عن مالك قال‏:‏ المعدن بمنزلة الزرع، تؤخذ منه الزكاة كما تؤخذ من الزرع حتى يحصد، قال‏:‏ وهذا ليس بركاز إنما الركاز دفن الجاهلية الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال ولا يتكلف له كثير عمل انتهى‏.‏

وهكذا هو في سماعنا من ‏"‏ الموطأ ‏"‏ رواية يحيى بن بكير، لكن قال فيه ‏"‏ عن مالك عن بعض أهل العلم ‏"‏ وأما قوله ‏"‏ في قليله وكثيره الخمس ‏"‏ فنقله ابن المنذر عنه كذلك وفيه عند أصحابه عنه اختلاف، وقوله ‏"‏دفن الجاهلية ‏"‏ بكسر الدال وسكون الفاء الشيء المدفون كذبح بمعنى مذبوح، وأما بالفتح فهو المصدر ولا يراد هنا‏.‏

وأما ابن إدريس فقال ابن التين قال أبو ذر‏:‏ يقال أن ابن إدريس هو الشافعي، ويقال عبد الله بن إدريس الأودي الكوفي وهو أشبه، كذا قال، وقد جزم أبو زيد المروزي أحد الرواة عن الفربري بأنه الشافعي، وتابعه البيهقي وجمهور الأئمة، ويؤيده أن ذلك وجد في عبارة الشافعي دون الأودي، فروى البيهقي في ‏"‏ المعرفة ‏"‏ من طريق الربيع قال قال الشافعي‏:‏ والركاز الذي فيه الخمس دفن الجاهلية ما وجد في غير ملك لأحد، وأما قوله ‏"‏ في قليله وكثيره الخمس ‏"‏ فهو قوله في القديم كما نقله ابن المنذر واختاره، وأما الجديد فقال‏:‏ لا يجب فيه الخمس حتى يبلغ نصاب الزكاة، والأول قول الجمهور كما نقله ابن المنذر أيضا وهو مقتضى ظاهر الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في المعدن جبار وفي الركاز الخمس‏)‏ أي فغاير بينهما، وهذا وصله في آخر الباب من حديث أبي هريرة، ويأتي الكلام عليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأخذ عمر بن عبد العزيز من المعادن من كل مائتين خمسة‏)‏ وصله أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ من طريق الثوري عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم نحوه، وروى البيهقي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن عمر بن عبد العزيز جعل المعدن بمنزلة الركاز يؤخذ منه الخمس، ثم عقب بكتاب آخر فجعل فيه الزكاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏:‏ ما كان من ركاز في أرض الحرب ففيه الخمس، وما كان في أرض السلم ففيه الزكاة‏)‏ وصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عنه بلفظ ‏"‏ إذا وجد الكنز في أرض العدو ففيه الخمس، وإذا وجد في أرض العرب ففيه الزكاة ‏"‏ قال ابن المنذر‏:‏ ولا أعلم أحدا فرق هذه التفرقة غير الحسن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإن وجدت اللقطة في أرض العدو فعرفها وإن كانت من العدو ففيها الخمس‏)‏ لم أقف عليه موصولا وهو بمعنى ما تقدم عنه قوله‏:‏ ‏(‏وقال بعض الناس‏:‏ المعدن ركاز إلخ‏)‏ قال ابن التين‏:‏ المراد ببعض الناس أبو حنيفة‏.‏

قلت‏:‏ وهذا أول موضع ذكره فيه البخاري بهذه الصيغة، ويحتمل أن يريد به أبا حنيفة وغيره من الكوفيين ممن قال بذلك، قال ابن بطال‏:‏ ذهب أبو حنيفة والثوري وغيرهما إلى أن المعدن كالركاز، واحتج لهم بقول العرب‏:‏ أركز الرجل إذا أصاب ركازا، وهي قطع من الذهب تخرج من المعادن‏.‏

والحجة للجمهور تفرقة النبي صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح أنه غيره، قال وما ألزم به البخاري القائل المذكور قد يقال لمن وهب له الشيء أو ربح ربحا كثيرا أو كثر ثمره‏:‏ أركزت حجة بالغة، لأنه لا يلزم من الاشتراك في الأسماء الاشتراك في المعنى، إلا إن أوجب ذلك من يجب التسليم له، وقد أجمعوا على أن المال الموهوب لا يجب فيه الخمس، وإن كان يقال له أركز فكذلك المعدن‏.‏

وأما قوله ‏"‏ ثم ناقض ‏"‏ إلى آخر كلامه فليس كما قال، وإنما أجاز له أبو حنيفة أن يكتمه إذا كان محتاجا، بمعنى أنه يتأول أن له حقا في بيت المال ونصيبا في الفيء فأجاز له أن يأخذ الخمس لنفسه عوضا عن ذلك لا أنه أسقط الخمس عن المعدن ا هـ‏.‏

وقد نقل الطحاوي المسألة التي ذكرها ابن بطال ونقل أيضا أنه لو وجد في داره معدنا فليس عليه شيء، وبهذا يتجه اعتراض البخاري‏.‏

والفرق بين المعدن والركاز في الوجوب وعدمه أن المعدن يحتاج إلى عمل ومئونة ومعالجة لاستخراجه بخلاف الركاز، وقد جرت عادة الشرع أن ما غلظت مؤونته خفف عنه في قدر الزكاة وما خفت زيد فيه‏.‏

وقيل إنما جعل في الركاز الخمس لأنه مال كافر فنزل من وجده منزلة الغنائم فكان له أربعة أخماسه‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ كأن الركاز مأخوذ من أركزته في الأرض إذا غرزته فيها، وأما المعدن فإنه ينبت في الأرض بغير وضع واضع‏.‏

هذه حقيقتهما، فإذا افترقا في أصلهما فكذلك في حكمهما‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ وَالْبِئْرُ جُبَارٌ وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏العجماء جبار‏)‏ في رواية محمد بن زياد عن أبي هريرة ‏"‏ العجماء عقلها جبار ‏"‏ وسيأتي في الديات مع الكلام عليه إن شاء الله تعالى، وسميت البهيمة عجماء لأنها لا تتكلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والمعدن جبار‏)‏ أي هدر، وليس المراد أنه لا زكاة فيه، إنما المعنى أن من استأجر رجلا للعمل في معدن مثلا فهلك فهو هدر ولا شيء على من استأجره، وسيأتي بسطه في الديات‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي الركاز الخمس‏)‏ قد تقدم ذكر الاختلاف في الركاز، وأن الجمهور ذهبوا إلى أنه المال المدفون، لكن حصره الشافعية فيما يوجد في الموات، بخلاف ما إذا وجده في طريق مسلوك أو مسجد فهو لقطة، وإذا وجده في أرض مملوكة فإن كان المالك الذي وجده فهو له، وإن كان غيره فإن ادعاه المالك فهو له وإلا فهو لمن تلقاه عنه إلى أن ينتهي الحال إلى من أحيا تلك الأرض، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العبد‏:‏ من قال من الفقهاء بأن في الركاز الخمس إما مطلقا أو في أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث، وخصه الشافعي أيضا بالذهب والفضة‏.‏

وقال الجمهور‏:‏ لا يختص، واختاره ابن المنذر‏.‏

واختلفوا في مصرفه فقال مالك وأبو حنيفة والجمهور‏:‏ مصرفه مصرف خمس الفيء، وهو اختيار المزني‏.‏

وقال الشافعي في أصح قوليه‏:‏ مصرفه مصرف الزكاة‏.‏

وعن أحمد روايتان‏.‏

وينبني على ذلك ما إذا وجده ذمي فعند الجمهور يخرج منه الخمس وعند الشافعي لا يؤخذ منه شيء، واتفقوا على أنه لا يشترط فيه الحول بل يجب إخراج الخمس في الحال‏.‏

وأغرب ابن العربي في ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ فحكى عن الشافعي الاشتراط، ولا يعرف ذلك في شيء من كتبه ولا من كتب أصحابه‏.‏

*3*باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَمُحَاسَبَةِ الْمُصَدِّقِينَ مَعَ الْإِمَامِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قول الله تعالى ‏(‏والعاملين عليها‏)‏ ومحاسبة المصدقين مع الإمام‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ اتفق العلماء على أن العاملين عليها السعاة المتولون لقبض الصدقة‏.‏

وقال المهلب‏:‏ حديث الباب أصل في محاسبة المؤتمن، وأن المحاسبة تصحيح أمانته‏.‏

وقال ابن المنير في الحاشية‏:‏ يحتمل أن يكون العامل المذكور صرف شيئا من الزكاة في مصارفه فحوسب على الحاصل والمصروف‏.‏

قلت‏:‏ والذي يظهر من مجموع الطرق أن سبب مطالبته بالمحاسبة ما وجد معه من جنس مال الصدقة وادعى أنه أهدي إليه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا مِنْ الْأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ

الشرح‏:‏

حديث أبي حميد في قصة ابن اللتبية وفيه ‏"‏ فلما جاء حاسبه ‏"‏ سيأتي الكلام عليه حيث ذكره المصنف مستوفى في الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

وابن اللتبية المذكور اسمه عبد الله فيما ذكر ابن سعد وغيره، ولم أعرف اسم أمه‏.‏

وقوله ‏"‏على صدقات بني سليم ‏"‏ أفاد العسكري بأنه بعث على صدقات بني ذبيان، فلعله كان على القبيلتين‏.‏

واللتبية بضم اللام وسكون المثناة بعدها موحدة من بني لتب حي من الأزد قاله ابن دريد، قيل إنها كانت أمه فعرف بها، وقيل اللتبية بفتح اللام والمثناة‏.‏

*3*باب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ غرض المصنف في هذا الباب إثبات وضع الصدقة في صنف واحد خلافا لمن قال يجب استيعاب الأصناف الثمانية، وفيما قال نظر لاحتمال أن يكون ما أباح لهم من الانتفاع إلا بما هو قدر حصتهم‏.‏

على أنه ليس في الخبر أيضا أنه ملكهم رقابها، وإنما فيه أنه أباح لهم شرب ألبان الإبل للتداوي، فاستنبط منه البخاري جواز استعمالها في بقية المنافع إذ لا فرق، وأما تمليك رقابها فلم يقع، وتقدير الترجمة استعمال إبل الصدقة وشرب ألبانها، فاكتفى عن التصريح بالشرب لوضوحه، فغاية ما يفهم من حديث الباب أن للإمام أن يخص بمنفعة مال الزكاة - دون الرقبة - صنفا دون صنف بحسب الاحتياج، على أنه ليس في الخبر أيضا تصريح بأنه لم يصرف من ذلك شيئا لغير العرنيين، فليست الدلالة منه لذلك بظاهرة أصلا بخلاف ما ادعى ابن بطال أنه حجة قاطعة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا مِنْ عُرَيْنَةَ اجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَرَخَّصَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْتُوا إِبِلَ الصَّدَقَةِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُتِيَ بِهِمْ فَقَطَّعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ وَتَرَكَهُمْ بِالْحَرَّةِ يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ تَابَعَهُ أَبُو قِلَابَةَ وَحُمَيْدٌ وَثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه أبو قلابة وحميد وثابت عن أنس‏)‏ أما متابعة أبي قلابة فتقدمت في الطهارة، وأما متابعة حميد فوصلها مسلم والنسائي وابن خزيمة، وأما متابعة ثابت فوصلها المصنف في الطب‏.‏

وقد سبق الكلام على الحديث مستوفى في كتاب الطهارة‏.‏

*3*باب وَسْمِ الْإِمَامِ إِبِلَ الصَّدَقَةِ بِيَدِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب وسم الإمام إبل الصدقة بيده‏)‏ ذكر فيه طرفا من حديث أنس في قصة عبد الله بن أبي طلحة، وفيه مقصود الباب‏.‏

وسيأتي في الذبائح من وجه آخر عن أنس أنه رآه يسم غنما في آذانها، ويأتي هناك النهي عن الوسم في الوجه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَوَافَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ

الشرح‏:‏

قوله في الإسناد ‏(‏حدثنا الوليد‏)‏ هو ابن مسلم، وأبو عمرو هو الأوزاعي كما ثبت في رواية غير أبي ذر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفي يده الميسم‏)‏ بوزن مفعل مكسور الأول وأصله موسم لأن فاءه واو لكنها لما سكنت وكسر ما قبلها قلبت ياء، وهي الحديدة التي يوسم بها أي يعلم، وهو نظير الخاتم‏.‏

والحكمة فيه تمييزها، وليردها من أخذها ومن التقطها، وليعرفها صاحبها فلا يشتريها إذا تصدق بها مثلا لئلا يعود في صدقته‏.‏

ولم أقف على تصريح بما كان مكتوبا على ميسم النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن ابن الصباغ من الشافعية نقل إجماع الصحابة على أنه يكتب في ميسم الزكاة ‏"‏ زكاة ‏"‏ أو ‏"‏ صدقة‏"‏‏.‏

وفي حديث الباب حجة على من كره الوسم من الحنفية بالميسم لدخوله في عموم النهي عن المثلة، وقد ثبت ذلك من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه مخصوص من العموم المذكور للحاجة كالختان للآدمي، قال المهلب وغيره‏:‏ في هذا الحديث أن للإمام أن يتخذ ميسما وليس للناس أن يتخذوا نظيره، وهو كالخاتم، وفيه اعتناء الإمام بأموال الصدقة وتوليها بنفسه، ويلتحق به جميع أمور المسلمين‏.‏

وفيه جواز إيلام الحيوان للحاجة‏.‏

وفيه قصد أهل الفضل لتحنيك المولود لأجل البركة‏.‏

وفيه جواز تأخير القسمة لأنها لو عجلت لاستغني عن الوسم‏.‏

وفيه مباشرة أعمال المهنة وترك الاستنابة فيها للرغبة في زيادة الأجر ونفي الكبر‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ

وَرَأَى أَبُو الْعَالِيَةِ وَعَطَاءٌ وَابْنُ سِيرِينَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فَرِيضَةً

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب فرض صدقة الفطر‏)‏ كذا للمستملي، واقتصر الباقون على ‏"‏ باب ‏"‏ وما بعده، ولأبي نعيم ‏"‏ كتاب ‏"‏ بدل باب، وأضيفت الصدقة للفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس، مأخوذة من الفطرة التي هي أصل الخلقة‏.‏

والأول أظهر‏.‏

ويؤيده قوله في بعض طرق الحديث كما سيأتي ‏"‏ زكاة الفطر من رمضان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورأى أبو العالية وعطاء وابن سيرين صدقة الفطر فريضة‏)‏ وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء، ووصله ابن أبي شيبة من طريق عاصم الأحول عن الآخرين‏.‏

وإنما اقتصر البخاري على ذكر هؤلاء الثلاثة لكونهم صرحوا بفرضيتها، وإلا فقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، لكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرض على قاعدتهم في التفرقة‏.‏

وفي نقل الإجماع مع ذلك نظر لأن إبراهيم بن علية وأبا بكر بن كيسان الأصم قالا إن وجوبها نسخ، واستدل لهما بما روى النسائي وغيره عن قيس بن سعد بن عبادة قال ‏"‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله ‏"‏ وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا، وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول، لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر‏.‏

ونقل المالكية عن أشهب أنها سنة مؤكدة، وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية، وأولوا قوله ‏"‏ فرض ‏"‏ في الحديث بمعنى قدر، قال ابن دقيق العيد‏:‏ هو أصله في اللغة، لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى انتهى‏.‏

ويؤيده تسميتها زكاة، وقوله في الحديث ‏"‏ على كل حر وعبد ‏"‏ والتصريح بالأمر بها في حديث قيس بن سعد وغيره، ولدخولها في عموم قوله تعالى ‏(‏وآتوا الزكاة‏)‏ فبين صلى الله عليه وسلم تفاصيل ذلك ومن جملتها زكاة الفطر‏.‏

وقال الله تعالى ‏(‏قد أفلح من تزكى‏)‏ وثبت أنها نزلت في زكاة الفطر، وثبت في الصحيحين إثبات حقيقة الفلاح لمن اقتصر على الواجبات، قيل وفيه نظر لأن في الآية ‏(‏وذكر اسم ربه فصلى‏)‏ فيلزم وجوب صلاة العيد، ويجاب بأنه خرج بدليل عموم ‏"‏ هن خمس لا يبدل القول لدي‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَهْضَمٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن جهضم‏)‏ بالجيم والضاد المعجمة وزن جعفر، وعمر بن نافع هو مولى ابن عمر ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في النهي عن القزع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زكاة الفطر‏)‏ زاد مسلم من رواية مالك عن نافع ‏"‏ من رمضان ‏"‏ واستدل به على أن وقت وجوبها غروب الشمس ليلة الفطر لأنه وقت الفطر من رمضان، وقيل وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم العيد لأن الليل ليس محلا للصوم، وإنما يتبين الفطر الحقيقي بالأكل بعد طلوع الفجر، والأول قول الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي في الجديد وإحدى الروايتين عن مالك، والثاني قول أبي حنيفة والليث والشافعي في القديم والرواية الثانية عن مالك، ويقويه قوله في حديث الباب ‏"‏ وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ‏"‏ قال المازري‏:‏ قيل إن الخلاف ينبني على أن قوله ‏"‏ الفطر من رمضان ‏"‏ الفطر المعتاد في سائر الشهر فيكون الوجوب بالغروب، أو الفطر الطارئ بعد فيكون بطلوع الفجر‏.‏

وقال ابن دقيق العيد الاستدلال بذلك لهذا الحكم ضعيف لأن الإضافة إلى الفطر لا تدل على وقت الوجوب بل تقتضي إضافة هذه الزكاة إلى الفطر من رمضان، وأما وقت الوجوب فيطلب من أمر آخر، وسيأتي شيء من ذلك في ‏"‏ باب الصدقة قبل العيد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صاعا من تمر أو صاعا من شعير‏)‏ انتصب ‏"‏ صاعا ‏"‏ على التمييز أو أنه مفعول ثان، ولم تختلف الطرق عن ابن عمر في الاقتصار على هذين الشيئين إلا ما أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما من طريق عبد العزيز بن أبي داود عن نافع فزاد فيه السلت والزبيب، فأما السلت فهو بضم المهملة وسكون اللام بعدها مثناة‏:‏ نوع من الشعير، وأما الزبيب فسيأتي ذكره في حديث أبي سعيد، وأما حديث ابن عمر فقد حكم مسلم في كتاب التمييز على عبد العزيز فيه بالوهم، وسنذكر البحث في ذلك في الكلام على حديث أبي سعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏على العبد والحر‏)‏ ظاهره إخراج العبد عن نفسه ولم يقل به إلا داود فقال‏:‏ يجب على السيد أن يمكن العبد من الاكتساب لها كما يجب عليه أن يمكنه من الصلاة، وخالفه أصحابه والناس واحتجوا بحديث أبي هريرة مرفوعا ‏"‏ ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر ‏"‏ أخرجه مسلم‏.‏

وفي رواية له ‏"‏ ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة الفطر في الرقيق ‏"‏ وقد تقدم من عند البخاري قريبا بغير الاستثناء، ومقتضاه أنها على السيد، وهل تجب عليه ابتداء أو تجب على العبد ثم يتحملها السيد‏؟‏ وجهان للشافعية، وإلى الثاني نحا البخاري كما سيأتي في الترجمة التي تلي هذه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والذكر والأنثى‏)‏ ظاهره وجوبها على المرأة سواء كان لها زوج أم لا وبه قال الثوري وأبو حنيفة وابن المنذر‏.‏

وقال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق تجب على زوجها إلحاقا بالنفقة، وفيه نظر لأنهم قالوا إن أعسر وكانت الزوجة أمة وجبت فطرتها على السيد بخلاف النفقة فافترقا، واتفقوا على أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة مع أن نفقتها تلزمه، وإنما احتج الشافعي بما رواه من طريق محمد بن علي الباقر مرسلا نحو حديث ابن عمر وزاد فيه ‏"‏ ممن تمونون ‏"‏ وأخرجه البيهقي من هذا الوجه فزاد في إسناده ذكر علي وهو منقطع أيضا‏.‏

وأخرجه من حديث ابن عمر وإسناده ضعيف أيضا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والصغير والكبير‏)‏ ظاهره وجوبها على الصغير، لكن المخاطب عنه وليه فوجوبها على هذا في مال الصغير وإلا فعلى من تلزمه نفقته وهذا قول الجمهور‏.‏

وقال محمد بن الحسن‏:‏ هي على الأب مطلقا فإن لم يكن له أب فلا شيء عليه، وعن سعيد بن المسيب والحسن البصري لا تجب إلا على من صام، واستدل لهما بحديث ابن عباس مرفوعا ‏"‏ صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث ‏"‏ أخرجه أبو داود‏.‏

وأجيب بأن ذكر التطهير خرج على الغالب كما أنها تجب على من لم يذنب كمتحقق الصلاح أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة، ونقل ابن المنذر الإجماع على أنها لا تجب على الجنين قال‏:‏ وكان أحمد يستحبه ولا يوجبه، ونقل بعض الحنابلة رواية عنه بالإيجاب، وبه قال ابن حزم لكن قيده بمائة وعشرين يوما من يوم حمل أمه به، وتعقب بأن الحمل غير محقق وبأنه لا يسمى صغيرا لغة ولا عرفا، واستدل بقوله في حديث ابن عباس ‏"‏ طهرة للصائم ‏"‏ على أنها تجب على الفقير كما تجب على الغني، وقد ورد ذلك صريحا في حديث أبي هريرة عند أحمد وفي حديث ثعلبة بن أبي صعير عند الدارقطني، وعن الحنفية لا تجب إلا على من ملك نصابا، ومقتضاه أنها لا تجب على الفقير على قاعدتهم في الفرق بين الغني والفقير واستدل لهم بحديث أبي هريرة المتقدم ‏"‏ لا صدقة إلا عن ظهر غنى ‏"‏ واشترط الشافعي ومن تبعه أن يكون ذلك فاضلا عن قوت يومه ومن تلزمه نفقته‏.‏

وقال ابن بزيزة‏:‏ لم يدل دليل على اعتبار النصاب فيها لأنها زكاة بدنية لا مالية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من المسلمين‏)‏ فيه رد على من زعم أن مالكا تفرد بها، وسيأتي بسط ذلك في الأبواب التي بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأمر بها إلخ‏)‏ استدل بها على كراهة تأخيرها عن ذلك، وحمله ابن حزم على التحريم، وسيأتي البحث في ذلك بعد أبواب‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين‏)‏ ظاهره أنه يرى أنها تجب على العبد وإن كان سيده يتحملها عنه، ويؤيده عطف الصغير عليه فإنها تجب علبه وإن كان الذي يخرجها غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏من المسلمين‏)‏ قال ابن عبد البر‏:‏ لم تختلف الرواة عن مالك في هذه الزيادة، إلا أن قتيبة بن سعيد رواه عن مالك بدونها، وأطلق أبو قلابة الرقاشي ومحمد بن وضاح وابن الصلاح ومن تبعه أن مالكا تفرد بها دون أصحاب نافع، وهو متعقب برواية عمر بن نافع المذكورة في الباب الذي قبله، وكذا أخرجه مسلم من طريق الضحاك بن عثمان عن نافع بهذه الزيادة‏.‏

وقال أبو عوانة في صحيحه‏:‏ لم يقل فيه ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ غير مالك والضحاك ورواية عمر بن نافع ترد عليه أيضا‏.‏

وقال أبو داود بعد أن أخرجه من طريق مالك وعمر بن نافع‏:‏ رواه عبد الله العمري عن نافع فقال ‏"‏ على كل مسلم ‏"‏ ورواه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع فقال فيه ‏"‏ من المسلمين‏"‏، والمشهور عن عبيد الله ليس فيه ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ انتهى‏.‏

وقد أخرجه الحاكم في ‏"‏ المستدرك ‏"‏ من طريق سعيد بن عبد الرحمن المذكورة‏.‏

وأخرج الدارقطني وابن الجارود طريق عبد الله العمري؛ وقال الترمذي في ‏"‏ الجامع ‏"‏ بعد رواية مالك‏:‏ رواه غير واحد عن نافع ولم يذكر فيه من المسلمين‏.‏

وقال في ‏"‏ العلل ‏"‏ التي في آخر الجامع‏:‏ روى أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد من الأئمة هذا الحديث عن نافع ولم يذكر فيه من المسلمين، وروى بعضهم عن نافع مثل رواية مالك ممن لا يعتمد على حفظه انتهى‏.‏

وهذه العبارة أولى من عبارته الأولى، ولكن لا يدري من عنى بذلك‏.‏

وقال النووي في شرح مسلم‏:‏ رواه ثقتان غير مالك عمر بن نافع والضحاك انتهى‏.‏

وقد وقع لنا من رواية جماعة غيرهما منهم كثير بن فرقد عند الطحاوي والدارقطني والحاكم ويونس بن يزيد عند الطحاوي والمعلى بن إسماعيل عند ابن حبان في صحيحه وابن أبي ليلى عند الدارقطني أخرجه من طريق عبد الرزاق عن الثوري عن ابن أبي ليلى وعبيد الله بن عمر كلاهما عن نافع، وهذه الطريق ترد على أبي داود في إشارته إلى أن سعيد بن عبد الرحمن تفرد بها عن عبيد الله بن عمر، لكن يحتمل أن يكون بعض رواته حمل لفظ ابن أبي ليلى على لفظ عبيد الله، وقد اختلف فيه على أيوب أيضا كما اختلف على عبيد الله بن عمر‏:‏ فذكر ابن عبد البر أن أحمد بن خالد ذكر عن بعض شيوخه عن يوسف القاضي عن سليمان بن حرب عن حماد عن أيوب فذكر فيه ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ قال ابن عبد البر‏:‏ وهو خطأ والمحفوظ فيه عن أيوب ليس فيه من المسلمين انتهى‏.‏

وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عبد الله بن شوذب عن أيوب وقال فيه أيضا ‏"‏ من المسلمين‏"‏‏.‏

وذكر شيخنا سراج الدين بن الملقن في شرحه تبعا لمغلطاي أن البيهقي أخرجه من طريق أيوب بن موسى وموسى بن عقبة ويحيى بن سعيد ثلاثتهم عن نافع وفيه الزيادة، وقد تتبعت تصانيف البيهقي فلم أجد فيها هذه الزيادة من رواية أحد من هؤلاء الثلاثة‏.‏

وفي الجملة ليس فيمن روى هذه الزيادة أحد مثل مالك، لأنه لم يتفق على أيوب وعبيد الله في زيادتها، وليس في الباقين مثل يونس، لكن في الراوي عنه وهو يحيى بن أيوب مقال‏.‏

واستدل بهذه الزيادة على اشتراط الإسلام في وجوب زكاة الفطر ومقتضاه أنها لا تجب على الكافر عن نفسه وهو أمر متفق عليه، وهل يخرجها عن غيره كمستولدته المسلمة مثلا‏؟‏ نقل ابن المنذر فيه الإجماع على عدم الوجوب، لكن فيه وجه للشافعية ورواية عن أحمد‏.‏

وهل يخرجها المسلم عن عبده الكافر‏؟‏ قال الجمهور‏:‏ لا، خلافا لعطاء والنخعي والثوري والحنفية وإسحاق، واستدلوا بعموم قوله ‏"‏ ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر ‏"‏ وقد تقدم‏.‏

وأجاب الآخرون بأن الخاص يقضي على العام، فعموم قوله ‏"‏ في عبده ‏"‏ مخصوص بقوله ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ وقال الطحاوي قوله من المسلمين صفة للمخرجين لا للمخرج عنهم، وظاهر الحديث يأباه لأن فيه العبد وكذا الصغير في رواية عمر بن نافع وهما ممن يخرج عنه، فدل على أن صفة الإسلام لا تختص بالمخرجين، ويؤيده رواية الضحاك عند مسلم بلفظ ‏"‏ على كل نفس من المسلمين حر أو عبد ‏"‏ الحديث وقال القرطبي‏:‏ ظاهر الحديث أنه قصد بيان مقدار الصدقة ومن تجب عليه ولم يقصد فيه بيان من يخرجها عن نفسه ممن يخرجها عن غيره بل شمل الجميع‏.‏

ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي فإنه دال على أنهم كانوا يخرجون عن أنفسهم وعن غيرهم لقوله فيه ‏"‏ عن كل صغير وكبير ‏"‏ لكن لا بد من أن يكون بين المخرج وبين الغير ملابسة كما بين الصغير ووليه والعبد وسيده والمرأة وزوجها‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ قوله من المسلمين حال من العبد وما عطف عليه، وتنزيلها على المعاني المذكورة أنها جاءت مزدوجة على التضاد للاستيعاب لا للتخصيص، فيكون المعنى فرض على جميع الناس من المسلمين، وأما كونها فيم وجبت وعلى من وجبت‏؟‏ فيعلم من نصوص أخرى انتهى‏.‏

ونقل ابن المنذر أن بعضهم احتج بما أخرجه من حديث ابن إسحاق ‏"‏ حدثني نافع أن ابن عمر كان يخرج عن أهل بيته حرهم وعبدهم صغيرهم وكبيرهم مسلمهم وكافرهم من الرقيق ‏"‏ قال‏:‏ وابن عمر راوي الحديث، وقد كان يخرج عن عبده الكافر، وهو أعرف بمراد الحديث‏.‏

وتعقب بأنه لو صح حمل على أنه كان يخرج عنهم تطوعا ولا مانع منه واستدل بعموم قوله من المسلمين على تناولها لأهل البادية خلافا للزهري وربيعة والليث في قولهم إن زكاة الفطر تختص بالحاضرة، وسنذكر بقية ما يتعلق بزكاة الفطر عن العبيد في أواخر أبواب صدقة الفطر إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر صاع من شعير‏)‏ أورد فيه حديث أبي سعيد مختصرا من رواية سفيان وهو الثوري، وسيأتي بعد بابين من وجه آخر عنه تاما، وقد أخرجه ابن خزيمة عن الزعفراني عن قبيصة شيخ البخاري فيه تاما وقوله فيه ‏"‏ كنا نطعم الصدقة ‏"‏ اللام للعهد عن صدقة الفطر‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر صاع من طعام‏)‏ في رواية غير أبي ذر ‏"‏ صاعا ‏"‏ بالنصب، ووجه الرفع ظاهر على أنه الخبر، وأما النصب فبتقدير فعل الإخراج، أي باب إخراج صدقة الفطر صاعا من طعام، أو على أنه خبر كان الذي حذف أو ذكر على سبيل الحكاية مما في لفظ الحديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ الْعَامِرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏صاعا من طعام أو صاعا من شعير‏)‏ ظاهره أن الطعام غير الشعير وما ذكر معه، وسيأتي البحث فيه بعد باب‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر صاعا من تمر‏)‏ كذا وقع عند أبي ذر بالنصب كرواية الجماعة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَجَعَلَ النَّاسُ عِدْلَهُ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا الليث عن نافع‏)‏ لم أره إلا بالعنعنة، وسماع الليث من نافع صحيح، ولكن أخرجه الطحاوي والدارقطني والحاكم وغيرهم من طريق يحيى بن بكير عن الليث عن كثير بن فرقد عن نافع وزاد فيه ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ كما تقدم، فإن كان محفوظا احتمل أن يكون الليث سمعه من نافع بدون هذه الزيادة ومن كثير بن فرقد عنه بها، وقد وقع عند الإسماعيلي من طريق أبي الوليد عن الليث عن نافع في أول هذا الحديث ‏"‏ أن ابن عمر كان يقول‏:‏ لا تجب في مال صدقة حتى يحول الحول عليه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصدقة الفطر ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أمر‏)‏ استدل به على الوجوب‏.‏

وفيه نظر لأنه يتعلق بالمقدار لا بأصل الإخراج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال عبد الله فجعل الناس عدله‏)‏ بكسر المهملة أي نطيره، وقد تقدم القول على هذه المادة في ‏"‏ باب الصدقة من كسب طيب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مدين من حنطة‏)‏ أي نصف صاع، وأشار ابن عمر بقوله ‏"‏ الناس ‏"‏ إلى معاوية ومن تبعه، وقد وقع ذلك صريحا في حديث أيوب عن نافع أخرجه الحميدي في مسنده عن سفيان بن عيينة حدثنا أيوب ولفظه ‏"‏ صدقة الفطر صاع من شعير أو صاع من تمر، قال ابن عمر‏:‏ فلما كان معاوية عدل الناس نصف صاع بر بصاع من شعير ‏"‏ وهكذا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه من وجه آخر عن سفيان، وهو المعتمد وهو موافق لقول أبي سعيد الآتي بعده وهو أصرح منه، أما ما وقع عند أبي داود من طريق عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع قال فيه ‏"‏ فلما كان عمر كثرت الحنطة، فجعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء ‏"‏ فقد حكم مسلم في كتاب التمييز على عبد العزيز فيه بالوهم وأوضح الرد عليه‏.‏

وقال ابن عبد البر‏:‏ قول ابن عيينة عندي أولى‏.‏

وزعم الطحاوي أن الذي عدل عن ذلك عمر ثم عثمان وغيرهما فأخرج عن يسار بن نمير أن عمر قال له ‏"‏ إني أحلف لا أعطي قوما ثم يبدو لي فأفعل، فإذا رأيتني فعلت ذلك فأطعم عني عشرة مساكين لكل مسكين نصف صاع من حنطة أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير ‏"‏ ومن طريق أبي الأشعث قال‏:‏ خطبنا عثمان فقال ‏"‏ أدوا زكاة الفطر مدين من حنطة ‏"‏ وسيأتي بقية الكلام على ذلك في الباب الذي بعده‏.‏

*3*باب صَاعٍ مِنْ زَبِيبٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صاع من زبيب‏)‏ أي إجزائه، وكأن البخاري أراد بتفريق هذه التراجم الإشارة إلى ترجيح التخيير في هذه الأنواع، إلا أنه لم يذكر الأقط وهو ثابت في حديث أبي سعيد، وكأنه لا يراه مجزئا في حال وجدان غيره كقول أحمد، وحملوا الحديث على أن من كان يخرجه كان قوته إذ ذاك أو لم يقدر على غيره، وظاهر الحديث يخالفه، وعند الشافعية فيه خلاف، وزعم الماوردي أنه يختص بأهل البادية وأما الحاضرة فلا يجزئ عنهم بلا خلاف، وتعقبه النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ وقال‏:‏ قطع الجمهور بأن الخلاف في الجميع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَكِيمٍ الْعَدَنِيَّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ حَدَّثَنِي عِيَاضُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ وَجَاءَتْ السَّمْرَاءُ قَالَ أُرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ تقدم في رواية مالك بلفظ ‏"‏ أنه سمع أبا سعيد‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنا نعطيها‏)‏ أي زكاة الفطر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في زمان النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ هذا حكمه الرفع لإضافته إلى زمنه صلى الله عليه وسلم ففيه إشعار باطلاعه صلى الله عليه وسلم على ذلك وتقريره له ولا سيما في هذه الصورة التي كانت توضع عنده وتجمع بأمره وهو الآمر بقبضها وتفرقتها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏صاعا من طعام أو صاعا من تمر‏)‏ هذا يقتضي المغايرة بين الطعام وبين ما ذكر بعده، وقد حكى الخطابي أن المراد بالطعام هنا الحنطة وأنه اسم خاص به قال‏:‏ ويدل على ذلك ذكر الشعير وغيره من الأقوات والحنطة أعلاها فلولا أنه أرادها بذلك لكان ذكرها عند التفصيل كغيرها من الأقوات ولا سيما حيث عطفت عليها بحرف ‏"‏ أو ‏"‏ الفاصلة‏.‏

وقال هو وغيره‏:‏ وقد كانت لفظة ‏"‏ الطعام ‏"‏ تستعمل في الحنطة عند الإطلاق حتى إذا قيل اذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح، وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه، لأن ما غلب استعمال اللفظ فيه كان خطوره عند الإطلاق أقرب انتهى‏.‏

وقد رد ذلك ابن المنذر وقال‏:‏ ظن بعض أصحابنا أن قوله في حديث أبي سعيد ‏"‏ صاعا من طعام ‏"‏ حجة لمن قال صاعا من حنطة، وهذا غلط منه، وذلك أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره، ثم أورد طريق حفص بن ميسرة المذكورة في الباب الذي يلي هذا وهي ظاهرة فيما قال ولفظه ‏"‏ كنا نخرج صاعا من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ‏"‏ وأخرج الطحاوي نحوه من طريق أخرى عن عياض وقال فيه ‏"‏ ولا يخرج غيره ‏"‏ قال وفي قوله ‏"‏ فلما جاء معاوية وجاءت السمراء ‏"‏ دليل على أنها لم تكن قوتا لهم قبل هذا، فدل على أنها لم تكن كثيرة ولا قوتا فكيف يتوهم أنهم أخرجوا ما لم يكن موجودا‏؟‏ انتهى كلامه‏.‏

وأخرج ابن خزيمة والحاكم في صحيحيهما من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم عن عياض بن عبد الله قال‏:‏ قال أبو سعيد وذكروا عنده صدقة رمضان فقال ‏"‏ لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط، فقال له رجل من القوم‏:‏ أو مدين من قمح، فقال‏:‏ لا تلك قيمة معاوية مطوية لا أقبلها ولا أعمل بها ‏"‏ قال ابن خزيمة ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم، وقوله ‏"‏فقال رجل إلخ ‏"‏ دال على أن ذكر الحنطة في أول القصة خطأ إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا لما كان الرجل يقول له‏:‏ أو مدين من قمح، وقد أشار أبو داود إلى رواية ابن إسحاق هذه وقال‏:‏ إن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ، وذكر أن معاوية بن هشام روى في هذا الحديث عن سفيان ‏"‏ نصف صاع من بر ‏"‏ وهو وهم وإن ابن عيينة حدث به عن ابن عجلان عن عياض فزاد فيه ‏"‏ أو صاعا من دقيق ‏"‏ وأنهم أنكروا عليه فتركه، قال أبو داود‏:‏ وذكر الدقيق وهم من ابن عيينة‏.‏

وأخرج ابن خزيمة أيضا من طريق فضيل ابن غزوان عن نافع عن ابن عمر قال ‏"‏ لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة ‏"‏ ولمسلم من وجه آخر عن عياض عن أبي سعيد ‏"‏ كنا نخرج من ثلاثة أصناف‏:‏ صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من شعير ‏"‏ وكأنه سكت عن الزبيب في هذه الرواية لقلته بالنسبة إلى الثلاثة المذكورة‏.‏

وهذه الطرق كلها تدل على أن المراد بالطعام في حديث أبي سعيد غير الحنطة، فيحتمل أن تكون الذرة فإنه المعروف عند أهل الحجاز الآن وهي قوت غالب لهم‏.‏

وقد روى الجوزقي من طريق ابن عجلان عن عياض في حديث أبي سعيد ‏"‏ صاعا من تمر، صاعا من سلت أو ذرة ‏"‏ وقال الكرماني‏:‏ يحتمل أن يكون قوله ‏"‏ صاعا من شعير إلخ ‏"‏ بعد قوله ‏"‏ صاعا من طعام ‏"‏ من باب عطف الخاص على العام، لكن محل العطف أن يكون الخاص أشرف، وليس الأمر هنا كذلك‏.‏

وقال ابن المنذر أيضا‏:‏ لا نعلم في القمح خبرا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة، فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم‏.‏

ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطر نصف صاع من قمح انتهى‏.‏

وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية، لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر، فلا إجماع في المسألة خلافا للطحاوي‏.‏

وكأن الأشياء التي ثبت ذكرها في حديث أبي سعيد لما كانت متساوية في مقدار ما يخرج منها مع ما يخالفها في القيمة دل على أن المراد إخراج هذا المقدار من أي جنس كان، فلا فرق بين الحنطة وغيرها‏.‏

هذه حجة الشافعي ومن تبعه، وأما من جعله نصف صاع منها بدل صاع من شعير فقد فعل ذلك بالاجتهاد بناء منه على أن قيم ما عدا الحنطة متساوية، وكانت الحنطة إذ ذاك غالية الثمن، لكن يلزم على قولهم أن تعتبر القيمة في كل زمان فيختلف الحال ولا ينضبط، وربما لزم في بعض الأحيان إخراج آصع من حنطة، ويدل على أنهم لحظوا ذلك ما روى جعفر الفريابي في ‏"‏ كتاب صدقة الفطر ‏"‏ أن ابن عباس لما كان أمير البصرة أمرهم بإخراج زكاة الفطر وبين لهم أنها صاع من تمر، إلى أن قال‏:‏ أو نصف صاع من بر‏.‏

قال‏:‏ فلما جاء علي ورأى رخص أسعارهم قال‏:‏ اجعلوها صاعا من كل، فدل على أنه كان ينظر إلى القيمة في ذلك، ونظر أبو سعيد إلى الكيل كما سيأتي‏.‏

ومن عجيب تأويله قوله‏:‏ أن أبا سعيد ما كان يعرف القمح في الفطرة، وإن الخبر الذي جاء فيه أنه كان يخرج صاعا أنه كان يخرج النصف الثاني تطوعا، وأن قوله في حديث ابن عمر ‏"‏ فجعل الناس عدله مدين من حنطة ‏"‏ أن المراد بالناس الصحابة، فيكون إجماعا‏.‏

وكذا قوله في حديث سعيد عند أبي داود ‏"‏ فأخذ الناس بذلك ‏"‏ وأما قول الطحاوي‏:‏ إن أبا سعيد كان يخرج النصف الآخر تطوعا فلا يخفى تكلفه‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما جاء معاوية‏)‏ زاد مسلم في روايته ‏"‏ فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر ‏"‏ وزاد ابن خزيمة ‏"‏ وهو يومئذ خليفة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وجاءت السمراء‏)‏ أي القمح الشامي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعدل مدين‏)‏ في رواية مسلم ‏"‏ أرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر ‏"‏ وزاد ‏"‏ قال أبو سعيد‏:‏ أما أنا لا أزال أخرجه أبدا ما عشت ‏"‏ وله من طريق ابن عجلان عن عياض ‏"‏ فأنكر ذلك أبو سعيد وقال‏:‏ لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ ولأبي داود من هذا الوجه ‏"‏ لا أخرج أبدا إلا صاعا ‏"‏ وللدارقطني وابن خزيمة والحاكم ‏"‏ فقال له رجل مدين من قمح، فقال‏:‏ لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها ‏"‏ وقد تقدم ذكر هذه الرواية وما فيها‏.‏

ولابن خزيمة ‏"‏ وكان ذلك أول ما ذكر الناس المدين ‏"‏ وهذا يدل على وهن ما تقدم عن عمر وعثمان إلا أن يحمل على أنه كان لم يطلع على ذلك من قصتهما، قال النووي‏:‏ تمسك بقول معاوية من قال بالمدين من الحنطة، وفيه نظر، لأنه فعل صحابي قد خالفه فيه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم، وقد صرح معاوية بأنه رأي رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وفي حديث أبي سعيد ما كان عليه من شدة الاتباع والتمسك بالآثار وترك للعدول إلى الاجتهاد مع وجود النص، وفي صنيع معاوية وموافقة الناس له دلالة على جواز الاجتهاد وهو محمود‏.‏

لكنه مع وجود النص فاسد الاعتبار‏.‏

*3*باب الصَّدَقَةِ قَبْلَ الْعِيدِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصدقة قبل العيد‏)‏ قال ابن التين‏:‏ أي قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، وبعد صلاة الفجر‏.‏

وقال ابن عيينة في تفسيره‏:‏ عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال‏:‏ يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته، فإن الله يقول ‏(‏قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى‏)‏ ‏.‏

ولابن خزيمة من طريق كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال‏:‏ نزلت في زكاة الفطر ‏"‏ ثم أخرج المصنف في الباب حديث ابن عمر، وقد تقدم مطولا في الباب الأول‏.‏

وحديث أبي سعيد وقد تقدمت الإشارة إليه في الباب الذي قبله‏.‏

وقوله في الإسناد ‏"‏ حدثنا أبو عمر ‏"‏ هو حفص بن ميسرة، وزيد هو ابن أسلم‏.‏

ودل حديث ابن عمر على أن المراد بقوله ‏"‏ يوم الفطر ‏"‏ أي أوله، وهو ما بين صلاة الصبح إلى صلاة العيد‏.‏

وحمل الشافعي التقييد بقبل صلاة العيد على الاستحباب لصدق اليوم على جميع النهار، وقد رواه أبو معشر عن نافع عن ابن عمر بلفظ ‏"‏ كان يأمرنا أن نخرجها قبل أن نصلي، فإذا انصرف قسمه بينهم وقال‏:‏ أغنوهم عن الطلب ‏"‏ أخرجه سعيد بن منصور، ولكن أبو معشر ضعيف‏.‏

ووهم ابن العربي في عزو هذه الزيادة لمسلم، وسيأتي بقية حكم هذه المسألة في الباب الذي يليه‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِي الْمَمْلُوكِينَ لِلتِّجَارَةِ يُزَكَّى فِي التِّجَارَةِ وَيُزَكَّى فِي الْفِطْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر على الحر والمملوك‏)‏ قيل‏:‏ هذه الترجمة تكرار لما تقدم من قوله ‏"‏ باب صدقة الفطر على العبد وغيره من المسلمين ‏"‏ وأجاب ابن رشيد باحتمالين‏:‏ أحدهما أن يكون أراد تقوية معارضة العموم في قوله ‏"‏ والمملوك ‏"‏ لمفهوم قوله ‏"‏ من المسلمين ‏"‏ أو أراد أن زكاة العبد من حيث هو مال لا من حيث هو نفس، وعلى كل تقدير فيستوي في ذلك مسلمهم وكافرهم‏.‏

وقال الزين بن المنير‏:‏ غرضه من الأولى أن الصدقة لا تخرج عن كافر، ولهذا قيدها بقوله ‏"‏ من المسلمين‏"‏، وغرضه من هذه تمييز من تجب عليه أو عنه بعد وجود الشرط المذكور ولذلك استغنى عن ذكره فيها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الزهري إلخ‏)‏ وصله ابن المنذر في كتابه الكبير ولم أقف على إسناده، وذكر بعضه أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ قال ‏"‏ حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث عن يونس عن ابن شهاب قال‏:‏ ليس على المملوك زكاة ولا يزكي عنه سيده إلا زكاة الفطر ‏"‏ وما نقله المصنف عن الزهري هو قول الجمهور‏.‏

وقال النخعي والثوري والحنفية‏:‏ لا يلزم السيد زكاة الفطر عن عبيد التجارة لأن عليه فيهم الزكاة، ولا تجب في مال واحد زكاتان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ أَوْ قَالَ رَمَضَانَ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِي التَّمْرَ فَأَعْوَزَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ التَّمْرِ فَأَعْطَى شَعِيرًا فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُعْطِي عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ حَتَّى إِنْ كَانَ لِيُعْطِي عَنْ بَنِيَّ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُعْطِيهَا الَّذِينَ يَقْبَلُونَهَا وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان ابن عمر يعطي التمر‏)‏ في رواية مالك في الموطأ عن نافع ‏"‏ كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر، إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيرا ‏"‏ ولابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب ‏"‏ كان ابن عمر إذا أعطى أعطى التمر إلا عاما واحدا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فأعوز‏)‏ بالمهملة والزاي أي احتاج، يقال أعوزني الشيء إذا احتجت إليه فلم أقدر عليه‏.‏

وفيه دلالة على أن التمر أفضل ما يخرج في صدقة الفطر، وقد روى جعفر الفريابي من طريق أبي مجلز قال ‏"‏ قلت لابن عمر‏:‏ قد أوسع الله، والبر أفضل من التمر؛ أفلا تعطي البر‏؟‏ قال‏:‏ لا أعطي إلا كما كان يعطي أصحابي ‏"‏ ويستنبط من ذلك أنهم كانوا يخرجون من أعلى الأصناف التي يقتات بها لأن التمر أعلى من غيره مما ذكر في حديث أبي سعيد وإن كان ابن عمر فهم منه خصوصية التمر بذلك والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إن كان يعطي عن بني‏)‏ زاد في نسخة الصغاني ‏"‏ قال أبو عبد الله‏:‏ يعني بني نافع‏.‏

قال الكرماني‏:‏ روي بفتح أن وكسرها، وشرط المفتوحة قد وشرط المكسورة اللام فإما أن يحمل على الحذف أو تكون أن مصدرية وكان زائدة‏.‏

وقول نافع هذا هو شاهد الترجمة، ووجه الدلالة منه أن ابن عمر راوي الحديث فهو أعلم بالمراد منه من غيره، وأولاد نافع إن كان رزقهم وهو بعد في الرق إشكال، وإن كان رزقهم بعد أن أعتق فلعل ذلك كان من ابن عمر على سبيل التبرع، أو كان يرى وجوبها على جميع من يمونه ولو لم تكن نفقته واجبة عليه‏.‏

وقد روى البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن نافع ‏"‏ أن ابن عمر كان يؤدي زكاة الفطر عن كل مملوك له في أرضه وغير أرضه، وعن كل إنسان يعوله من صغير وكبير، وعن رقيق امرأته، وكان له مكاتب فكان لا يؤدي عنه ‏"‏ وروى ابن المنذر من طريق ابن إسحاق قال ‏"‏ حدثني نافع أن ابن عمر كان يخرج صدقة الفطر عن أهل بيته كلهم حرهم وعبدهم صغيرهم وكبيرهم مسلمهم وكافرهم من الرقيق ‏"‏ وهذا يقوي بحث ابن رشيد المتقدم، وقد حمله ابن المنذر على أنه كان يعطي عن الكافر منهم تطوعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان ابن عمر يعطيها للذين يقبلونها‏)‏ أي الذي ينصبه الإمام لقبضها، به جزم ابن بطال‏.‏

وقال ابن التيمي‏:‏ معناه من قال أنا فقير‏.‏

والأول أظهر‏.‏

ويؤيده ما وقع في نسخة الصغاني عقب الحديث ‏"‏ قال أبو عبد الله هو المصنف‏:‏ كانوا يعطون للجمع لا للفقراء‏"‏‏.‏

وقد وقع في رواية ابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب ‏"‏ قلت متى كان ابن عمر يعطي‏؟‏ قال‏:‏ إذا قعد العامل‏.‏

قلت متى يقعد العامل‏؟‏ قال قبل الفطر بيوم أو يومين‏"‏‏.‏

ولمالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ عن نافع ‏"‏ أن ابن عمر كان يبعث زكاة الفطر إلى الذي يجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة ‏"‏ وأخرجه الشافعي عنه وقال‏:‏ هذا حسن، وأنا أستحبه - يعني تعجيلها قبل يوم الفطر - انتهى‏.‏

ويدل على ذلك أيضا ما أخرجه البخاري في الوكالة وغيرها عن أبي هريرة قال ‏"‏ وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان ‏"‏ الحديث‏.‏

وفيه أنه أمسك الشيطان ثلاث ليال وهو يأخذ من التمر، فدل على أنهم كانوا يعجلونها‏.‏

وعكسه الجوزقي فاستدل به على جواز تأخيرها عن يوم الفطر وهو محتمل للأمرين‏.‏

*3*باب صَدَقَةِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب صدقة الفطر على الصغير والكبير‏)‏ أورد فيه حديث ابن عمر من طريق يحيى وهو القطان عن عبيد الله وهو ابن عمر العمري عن نافع عنه، وقد تقدم الكلام عليه‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب الزكاة من الأحاديث المرفوعة على مائة حديث واثنين وسبعين حديثا، الموصول منها مائة حديث وتسعة عشر حديثا، والبقية متابعة ومعلقة، المكرر منها فيه وفيما مضى مائة حديث سواء، والخالص اثنان وسبعون حديثا، وافقه مسلم على تخريجها سوى سبعة عشر حديثا وهي حديث أبي ذر مع عثمان ومعاوية، وحديث ابن عمر في ذم الذي يكنز، وحديث أبي هريرة ‏"‏ لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال‏"‏، وحديث عدي بن حاتم ‏"‏ جاء رجلان أحدهما يشكو العيلة‏"‏، وحديث عائشة ‏"‏ أينا أسرع لحوقا بك‏"‏، وحديث معن بن يزيد في الصدقة على الولد، وحديث أبي بكر الصديق في إيثاره بماله، وحديث أبي هريرة ‏"‏ خير الصدقة عن ظهر غنى‏"‏، وحديث أنس عن أبي بكر في الزكاة، وحديث ابن عمر ‏"‏ لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع‏"‏، وحديث أبي سعيد في قصة زينب امرأة ابن مسعود، وحديث أبي لاس في ركوب إبل الصدقة، وحديث الزبير ‏"‏ لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب‏"‏، وحديث سهل بن سعد ‏"‏ أحد جبل يحبنا ونحبه‏"‏، وحديث ابن عمر ‏"‏ فيما سقت السماء العشر‏"‏، وحديث الفضل بن عباس في الصلاة في الكعبة، وحديث أبي هريرة في قصة الرجل من بني إسرائيل‏.‏

وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين عشرون أثرا منها أثر عمر في قوله لحكيم بن حزام لما أبى أن يأخذ حقه من الفيء‏.‏

والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏