فصل: باب بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السرية التي قبل نجد‏)‏ قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أي في جهة نجد، هكذا ذكرها بعد غزوة الطائف‏.‏

والذي ذكره أهل المغازي أنها كانت قبل التوجه لفتح مكة‏.‏

فقال ابن سعد‏:‏ كانت في شعبان سنة ثمان‏.‏

وذكر غيره أنها كانت قبل مؤتة، ومؤتة كانت في جمادى كما تقدم من السنة‏.‏

وقيل كانت في رمضان‏.‏

قالوا‏:‏ وكان أبو قتادة أميرها، وكانوا خمسة وعشرين، وغنموا من غطفان بأرض محارب مائتي بعير وألفي شاة‏.‏

والسرية بفتح المهملة وكسر الراء وتشديد التحتانية هي التي تخرج بالليل، والسارية التي تخرج بالنهار، وقيل سميت بذلك لأنها تخفي ذهابها‏.‏

وهذا يقتضي أنها أخذت من السر ولا يصح لاختلاف المادة، وهي قطعة من الجيش تخرج منه وتعود إليه، وهي من مائة إلى خمسمائة فما زاد على خمسمائة يقال له منسر بالنون والمهملة، فإن زاد على الثمانمائة سمي جيشا، وما بينهما يسمى هبطة، فإن زاد على أربعة آلاف يسمى جحفلا، فإن زاد فجيش جرار، والخميس الجيش العظيم، وما افترق من السرية يسمى بعثا، فالعشرة فما بعدها تسمى حفيرة، والأربعون عصبة، وإلى ثلاثمائة مقنب بقاف ونون ثم موحدة، فإن زاد سمي جمرة بالجيم، والكتيبة ما اجتمع ولم ينتشر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَكُنْتُ فِيهَا فَبَلَغَتْ سِهَامُنَا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا بَعِيرًا فَرَجَعْنَا بِثَلَاثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر المذكور في الباب قد تقدم شرحه في فرض الخمس، وفي ذكره عقيب حديث أبي قتادة أشار إلى اتحادهما‏.‏

*3*باب بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة‏)‏ بفتح الجيم وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة، أي ابن عامر بن عبد مناة بن كنانة‏.‏

ووهم الكرماني فظن أنه من بني جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف قبيلة من عبد قيس، وهذا البعث كان عقب فتح مكة في شوال قبل الخروج إلى حنين عند جميع أهل المغازي، وكانوا بأسفل مكة من ناحية يلملم، قال ابن سعد‏:‏ بعث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم خالد بن الوليد في ثلاثمائة وخمسين من المهاجرين والأنصار داعيا إلى الإسلام لا مقاتلا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ح و حَدَّثَنِي نُعَيْمٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى بَنِي جَذِيمَةَ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يُحْسِنُوا أَنْ يَقُولُوا أَسْلَمْنَا فَجَعَلُوا يَقُولُونَ صَبَأْنَا صَبَأْنَا فَجَعَلَ خَالِدٌ يَقْتُلُ مِنْهُمْ وَيَأْسِرُ وَدَفَعَ إِلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمٌ أَمَرَ خَالِدٌ أَنْ يَقْتُلَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا أَسِيرَهُ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَقْتُلُ أَسِيرِي وَلَا يَقْتُلُ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِي أَسِيرَهُ حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَاهُ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ مَرَّتَيْنِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمود‏)‏ هو ابن غيلان‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏وحدثني نعيم‏)‏ هو ابن حماد، وعبد الله هو ابن المبارك، وعند الإسماعيلي ما يدل على أن السياق الذي هنا لفظ ابن المبارك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعث النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ قال ابن إسحاق‏:‏ ‏"‏ حدثني حكيم بن عباد عن أبي جعفر - يعني الباقر - قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين افتتح مكة إلى بني جذيمة داعيا ولم يبعثه مقاتلا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون‏:‏ صبأنا صبأنا‏)‏ هذا من ابن عمر راوي الحديث يدل على أنه فهم أنهم أرادوا الإسلام حقيقا‏.‏

ويؤيده فهمه أن قريشا كانوا يقولون لكل من أسلم صبأ حتى اشتهرت هذه اللفظة وصاروا يطلقونها في مقام الذم‏.‏

ومن ثم لما أسلم ثمامة ابن أثال وقدم مكة معتمرا قالوا له‏:‏ صبأت‏؟‏ قال‏:‏ لا بل أسلمت‏.‏

فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت استعملها هؤلاء، وأما خالد فحمل هذه اللفظة على ظاهرها لأن قولهم صبأنا أي خرجنا من دين إلى دين، ولم يكتف خالد بذلك حتى يصرحوا بالإسلام‏.‏

وقال الخطابي‏:‏ يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الإسلام لأنه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى الدين فقتلهم متأولا قولهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعل خالد يقتل منهم ويأسر‏)‏ في كلام ابن سعد أنه أمرهم أن يستأسروا فاستأسروا فكتف بعضهم بعضا، وفرقهم في أصحابه، فيجمع بأنهم أعطوا بأيديهم بعد المحاربة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ودفع إلى كل رجل منا أسيره‏)‏ أي من أصحابه الذين كانوا معه في السرية‏.‏

وفي رواية الباقر ‏"‏ فقال لهم خالد‏:‏ ضعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا، فوضعوا السلاح، فأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى إذا كان يوم‏)‏ كذا بالتنوين أي من الأيام، وكان تامة، وعند أبي سعد ‏"‏ فلما كان السحر نادى خالد من كان معه أسير فليضرب عنقه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن يقتل كل رجل منا أسيره‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ كل إنسان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره‏)‏ ، وعند ابن سعد ‏"‏ فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم، وأما المهاجرون والأنصار فأرسلوا أسراهم ‏"‏ وفيه جواز الحلف على نفي فعل الغير إذا وثق بطواعيته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد‏)‏ قال الخطابي‏:‏ أنكر عليه العجلة وترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مرتين‏)‏ زاد ابن عسكر عن عبد الرزاق ‏"‏ أو ثلاثة ‏"‏ أخرجه الإسماعيلي‏.‏

وفي رواية الباقين ‏"‏ ثلاث مرات ‏"‏ وزاد الباقر في روايته ‏"‏ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فقال‏:‏ أخرج إلى هؤلاء القوم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج حتى جاءهم ومعه مال فلم يبق لهم أحد إلا وداه ‏"‏ وذكر ابن هشام في زياداته أنه انفلت منهم رجل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر، فقال‏:‏ هل أنكر عليه أحد‏؟‏ فوصف له صفة ابن عمر وسالم مولى أبي حذيفة‏.‏

وذكر ابن إسحاق من حديث ابن أبي حدرد الأسلمي قال ‏"‏ كنت في خيل خالد فقال لي فتى من بني جذيمة قد جمعت يداه في عنقه برمة‏:‏ يا فتى هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة‏؟‏ فقلت‏:‏ نعم، فقدته بها فقال‏:‏ أسلمي حبيش‏.‏

قبل نفاد العيش‏.‏

أريتك إن طالبتكم فوجدتكم بحلية أو أدركتكم بالخوانق الأبيات، قال‏:‏ فقالت له امرأة منهن‏:‏ وأنت نجيت عشرا، وتسعا ووترا، وثمانيا تترى‏.‏

قال‏:‏ ثم ضربت عنق الفتى، فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت‏"‏، وقد روى النسائي والبيهقي في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ بإسناد صحيح من حديث ابن عباس نحو هذه القصة وقال فيها‏:‏ ‏"‏ فقال إني لست منهم، إني عشقت امرأة منهم فدعوني أنظر إليها نظرة - قال فيه - فضربوا عنقه، فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت، فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أما كان فيكم رجل رحيم ‏"‏‏؟‏ وأخرجه البيهقي من طريق ابن عاصم عن أبيه نحو هذه القصة وقال في آخرها‏:‏ ‏"‏ فانحدرت إليه من هودجها فحنت عليه حتى ماتت‏"‏‏.‏

*3*باب سَرِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَعَلْقَمَةَ بْنِ مُجَزِّزٍ الْمُدْلِجِيِّ

وَيُقَالُ إِنَّهَا سَرِيَّةُ الْأَنْصَارِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي، ويقال إنها سرية الأنصار‏)‏ قلت‏:‏ كذا ترجم، وأشار بأصل الترجمة إلى ما رواه أحمد وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق عمر بن الحكم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ ‏"‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز على بعث أنا فيهم، حتى انتهينا إلى رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة السهمي وكان من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة ‏"‏ الحديث‏.‏

وذكر ابن سعد هذه القصة بنحو هذا السياق‏.‏

وذكر أن سببها أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة تراآهم أهل جدة، فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر في سنة تسع في ثلاثمائة فانتهى إلى جزيرة في البحر، فلما خاض البحر إليهم هربوا، فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم، فأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل‏.‏

وذكر ابن إسحاق أن سبب هذه القصة أن وقاص بن مجزز كان قتل يوم ذي قرد، فأراد علقمة بن مجزز أن يأخذ بثأره فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السرية‏.‏

قلت‏:‏ وهذا يخالف ما ذكره ابن سعد، إلا أن يجمع بأن يكون أمر بالأمرين، وأرخها ابن سعد في ربيع الآخر سنة تسع، فالله أعلم‏.‏

وأما قوله‏:‏ ‏"‏ ويقال إنها سرية الأنصاري ‏"‏ فأشار بذلك إلى احتمال تعدد القصة، وهو الذي يظهر لي لاختلاف سياقهما واسم أميرهما، والسبب في أمره بدخولهم النار، ويحتمل الجمع بينهما بضرب من التأويل، ويبعده وصف عبد الله بن حذافة السهمي القرشي المهاجري بكونه أنصاريا، فقد تقدم بيان نسب عبد الله بن حذافة في كتاب العلم، ويحتمل الحمل على المعنى الأعم أي أنه نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة، وإلى التعدد جنح ابن القيم‏.‏

وأما ابن الجوزي فقال‏:‏ قوله من الأنصار وهم من بعض الرواة وإنما هو سهمي قلت‏:‏ ويؤيده حديث ابن عباس عند أحمد في قوله تعالى‏:‏ ‏(‏يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏)‏ الآية، نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية، وسيأتي في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد رواه شعبة عن زبيد اليامي عن سعد بن عبيدة فقال‏:‏ ‏"‏ رجلا ‏"‏ ولم يقل من الأنصار ولم يسمه، أخرجه المصنف في كتاب خبر الواحد‏.‏

وأما علقمة بن مجزز فهو بضم أوله وجيم مفتوحة ومعجمتين الأولى مكسورة ثقيلة وحكي فتحها والأول أصوب‏.‏

وقال عياض‏:‏ وقع لأكثر الرواة بسكون المهملة وكسر الراء المهملة، وعن القابسي بجيم ومعجمتين وهو الصواب‏.‏

قلت‏:‏ وأغرب الكرماني فحكى أنه بالحاء المهملة وتشديد الراء فتحا وكسرا، وهو خطأ ظاهر، وهو ولد القائف الذي يأتي ذكره في النكاح في حديث عائشة في قوله في زيد بن حارثة وابنه أسامة ‏"‏ أن بعض هذه الأقدام لمن بعض ‏"‏ فعلقمة صحابي ابن صحابي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي سَعْدُ بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا فَجَمَعُوا فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا فَقَالَ ادْخُلُوهَا فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الواحد‏)‏ هو ابن زياد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني سعد بن عبيدة‏)‏ بالتصغير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي عبد الرحمن‏)‏ هو السلمي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فغضب‏)‏ في رواية حفص من بن غياث عن الأعمش في الأحكام ‏"‏ فغضب عليهم ‏"‏ وفي رواية مسلم ‏"‏ فأغضبوه في شيء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال أوقدوا نارا‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ فقال عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها ‏"‏ وهذا يخالف حديث أبي سعيد، فإن فيه فأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم أو يصطلون، فقال لهم‏:‏ أليس عليكم السمع والطاعة‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏

قال‏:‏ أعزم عليكم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ فلما هموا بالدخول فيها فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض ‏"‏ وفي رواية ابن جرير من طريق أبي معاوية عن الأعمش ‏"‏ فقال لهم شاب منهم‏:‏ لا تعجلوا بدخولها ‏"‏ وفي رواية زبيد عن سعد بن عبيدة في خبر الواحد ‏"‏ فأرادوا أن يدخلوها‏.‏

وقال آخرون‏:‏ إنما فررنا منها‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما زالوا حتى خمدت النار‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ فبينما هم كذلك إذ خمدت النار ‏"‏ وخمدت هو بفتح الميم أي طفئ لهبها، وحكى المطرزي كسر الميم من خمدت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نسكن غضبه‏)‏ هذا أيضا يخالف حديث أبي سعيد، فإن فيه أنه كانت به دعابة، وفيه أنهم تحجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال‏:‏ احبسوا أنفسكم فإنما كنت أضحك معكم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما خرجوا منها إلى يوم القيامة‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ ما خرجوا منها أبدا ‏"‏ وفي رواية زبيد ‏"‏ فلم يزالوا فيها إلى يوم القيامة ‏"‏ يعني أن الدخول فيها معصية، والعاصي يستحق النار‏.‏

ويحتمل أن يكون المراد لو دخلوها مستحلين لما خرجوا منها أبدا‏.‏

وعلى هذا ففي العبارة نوع من أنواع البديع وهو الاستخدام، لأن الضمير في قوله‏:‏ ‏"‏ لو دخلوها ‏"‏ للنار التي أوقدوها، والضمير في قوله‏:‏ ‏"‏ ما خرجوا منها أبدا ‏"‏ لنار الآخرة، لأنهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم‏.‏

ويحتمل وهو الظاهر أن الضمير للنار التي أوقدت لهم أي ظنوا أنهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم لا تضرهم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لو دخلوا فيها لاحترقوا فماتوا، فلم يخرجوا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الطاعة في المعروف‏)‏ في رواية حفص ‏"‏ إنما الطاعة في المعروف ‏"‏ وفي رواية زبيد ‏"‏ وقال للآخرين‏:‏ لا طاعة في معصية ‏"‏ وفي رواية مسلم من هذا الوجه ‏"‏ وقال للآخرين - أي الذين امتنعوا - قولا حسنا ‏"‏ وفي حديث أبي سعيد ‏"‏ من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه‏"‏‏.‏

وفي الحديث من الفوائد أن الحكم في حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع، وأن الغضب يغطي على ذوي العقول‏.‏

وفيه أن الإيمان بالله ينجي من النار لقولهم‏:‏ ‏"‏ إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار ‏"‏ والفرار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرار إلى الله والفرار إلى الله يطلق على الإيمان، قال الله تعالى‏:‏ ‏(‏ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين‏)‏ ‏.‏

وفيه أن الأمر المطلق لا يعم الأحوال لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الأمير، فحملوا ذلك على عموم الأحوال حتى في حال الغضب وفي حال الأمر بالمعصية، فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الأمر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية، وسيأتي مزيد لهذه المسألة في كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى‏.‏

واستنبط منه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة أن الجمع من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين‏:‏ منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة، ومنهم من فهم حقيقة الأمر وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع‏.‏

قال‏:‏ وفيه أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن الله يصرفه عنه، ولهذا قال بعض أهل المعرفة‏:‏ من صدق مع الله وقاه الله، ومن توكل على الله كفاه الله‏.‏

*3*باب بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع‏)‏ كأنه أشار بالتقييد بما قبل حجة الوداع إلى ما وقع في بعض أحاديث الباب أنه رجع من اليمن فلقي النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع، لكن القبلية نسبية، وقد قدمت في الزكاة في الكلام على حديث معاذ متى كان بعثه إلى اليمن‏.‏

وروى أحمد من طريق عاصم بن حميد عن معاذ ‏"‏ لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج يوصيه ومعاذ راكب ‏"‏ الحديث‏.‏

ومن طريق يزيد بن قطيب عن معاذ ‏"‏ لما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال‏:‏ قد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم، فقاتل بمن أطاعك من عصاك ‏"‏ وعند أهل المغازي أنها كانت في ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ قَالَ وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ ثُمَّ قَالَ يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَقَدْ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ أَيُّمَ هَذَا قَالَ هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ قَالَ لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ قَالَ إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ قَالَ مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا قَالَ فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ قَالَ أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنْ النَّوْمِ فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الملك‏)‏ هو ابن عمير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي بردة قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى‏)‏ هذا صورته مرسل، وقد عقبه المصنف بطريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى وهو ظاهر الاتصال، وإن كان فيما يتعلق بالسؤال عن الأشربة، لكن الغرض منه إثبات قصة بعث أبي موسى إلى اليمن وهو مقصود الباب، ثم قواه بطريق طارق بن شهاب قال‏:‏ ‏"‏ حدثني أبو موسى قال‏:‏ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض قومي ‏"‏ الحديث، وهو وإن كان إنما يتعلق بمسألة الإهلال لكنه يثبت أصل قصة البعث المقصودة هنا أيضا، ثم قوى قصة معاذ بحديث ابن عباس في وصية النبي صلى الله عليه وسلم له حين أرسله إلى اليمن، وبرواية عمرو بن ميمون عن معاذ والمراد بها أيضا إثبات أصل قصة بعث معاذ إلى اليمن وإن كان سياق الحديث في معنى آخر، وقد اشتمل الباب على عدة أحاديث‏:‏ الحديث الأول أصل البعث إلى اليمن، وسيأتي في استتابة المرتدين من طريق حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى سبب بعثه إلى اليمن ولفظه ‏"‏ قال أقبلت ومعي رجلان من الأشعريين وكلاهما سأل - يعني أن يستعمله - فقال‏:‏ لن نستعمل على عملنا من أراده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى إلى اليمن، ثم أتبعه معاذ بن جبل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبعث كل واحد منهما على مخلاف، قال واليمن مخلافان‏)‏ المخلاف بكسر الميم وسكون المعجمة وآخره فاء هو بلغة أهل اليمن، وهو الكورة والإقليم والرستاق بضم الراء وسكون المهملة بعدها مثناة وآخرها قاف‏.‏

وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن وكان من عمله الجند بفتح الجيم والنون، وله بها مسجد مشهور إلى اليوم، وكانت جهة أبي موسى السفلى‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا‏)‏ قال الطيبيي‏:‏ هو معنى الثاني من باب المقابلة المعنوية، لأن الحقيقة أن يقال بشرا ولا تنذرا وآنسا ولا تنفرا‏.‏

فجمع بينهما ليعم البشارة والنذارة والتأنيس والتنفير‏.‏

قلت‏:‏ ويظهر لي أن النكتة في الإتيان بلفظ البشارة وهو الأصل، وبلفظ التنفير وهو اللازم، وأتى بالذي بعده على العكس للإشارة إلى أن الإنذار لا ينفى مطلقا بخلاف التنفير، فاكتفى بما يلزم عنه الإنذار وهو التنفير، فكأنه قيل إن أنذرتم فليكن بغير تنفير، كقوله تعالى‏:‏ ‏(‏فقولا له قولا لينا‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا سار في أرضه كان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا‏)‏ كذا فيه، وللأكثر ‏"‏ إذا سار في أرضه وكان قريبا أحدث - أي جدد - به العهد لزيارته ‏"‏ ووقع في رواية سعيد بن أبي بردة الآتية في الباب ‏"‏ فجعلا يتزاوران، فزار معاذ أبا موسى ‏"‏ زاد في رواية حميد بن هلال ‏"‏ فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال انزل‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وإذا رجل عنده‏)‏ لم أقف على اسمه، لكن في رواية سعيد بن أبي بردة أنه يهودي، وسيأتي كذلك في رواية حميد بن هلال في استتابة المرتدين مع شرح هذه القصة وبيان الاختلاف في مدة استتابة المرتدين، وقوله‏:‏ ‏(‏أيم‏)‏ بفتح الميم وترك إشباعها لغة، وأخطأ من ضمها وأصله ‏"‏ أي ‏"‏ الاستفهامية دخلت عليها ‏"‏ ما ‏"‏ وقد سمع ‏"‏ أيم هذا ‏"‏ بالتخفيف مثل ‏"‏ إيش هذا ‏"‏ فحذفت الألف من أيم والهمز من أيش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم نزل فقال يا عبد الله‏)‏ هو اسم أبي موسى ‏(‏كيف تقرأ القرآن‏؟‏ قال‏:‏ أتفوقه تفوقا‏)‏ بالفاء ثم القاف أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شيء وحينا بعد حين‏:‏ مأخوذ من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب هكذا دائما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقد قضيت جزئي‏)‏ قال الدمياطي‏:‏ لعله أربي وهو الوجه، وهو كما قال لو جاءت به الرواية، ولكن الذي جاء في الرواية صحيح والمراد به أنه جزأ الليل أجزاء‏:‏ جزءا للنوم، وجزءا للقراءة والقيام، فلا يلتفت إلى تخطئة الرواية الصحيحة الموجهة بمجرد التخيل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فاحتسبت نومتي كما احتسبت قومتي‏)‏ كذا لهم بصيغة الفعل الماضي، وللكشميهني ‏"‏ فأحتسب ‏"‏ بغير المثناة في آخره بصيغة الفعل المضارع، ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب، لأن الراحة إذا قصد بها الإعانة على العبادة حصلت الثواب‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ كان بعث أبي موسى إلى اليمن بعد الرجوع من غزوة تبوك، لأنه شهد غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيان ذلك في الكلام عليها فيما بعد إن شاء الله تعالى، واستدل به على أن أبا موسى كان عالما فطنا حاذقا، ولولا ذلك لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم الإمارة، ولو كان فوض الحكم لغيره لم يحتج إلى توصيته بما وصاه به، ولذلك اعتمد عليه عمر ثم عثمان ثم علي، وأما الخوارج والروافض فطعنوا فيه ونسبوه إلى الغفلة وعدم الفطنة لما صدر منه في التحكيم بصفين، قال ابن العربي وغيره‏:‏ والحق أنه لم يصدر منه ما يقتضي وصفه بذلك، وغاية ما وقع منه أن اجتهاده أداه إلى أن يجعل الأمر شورى بين من بقي من أكابر الصحابة من أهل بدر ونحوهم لما شاهد من الاختلاف الشديد بين الطائفتين بصفين، وآل الأمر إلى ما آل إليه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَسَأَلَهُ عَنْ أَشْرِبَةٍ تُصْنَعُ بِهَا فَقَالَ وَمَا هِيَ قَالَ الْبِتْعُ وَالْمِزْرُ فَقُلْتُ لِأَبِي بُرْدَةَ مَا الْبِتْعُ قَالَ نَبِيذُ الْعَسَلِ وَالْمِزْرُ نَبِيذُ الشَّعِيرِ فَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ رَوَاهُ جَرِيرٌ وَعَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ هو ابن منصور، وخالد هو ابن عبد الله الطحان، والشيباني اسمه سليمان بن فيروز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏البتع‏)‏ بكسر الموحدة وسكون المثناة بعدها عين مهملة، وقد ذكر تفسيره عن أبي بردة راويه وأنه نبيذ العسل، ويأتي شرح المتن في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رواه جرير وعبد الواحد عن الشيباني عن أبي بردة‏)‏ يعني أنهما روياه عن الشيباني عن أبي بردة بدون ذكر سعيد بن أبي بردة، وهو كما قال‏.‏

وأما رواية جرير وهو ابن عبد الحميد فوصلها الإسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة ومن طريق يوسف بن موسى كلاهما عن جرير عن الشيباني عن أبي بردة عن أبي موسى، وأما رواية عبد الواحد وهو ابن زياد فوصلها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَدَّهُ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا وَتَطَاوَعَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّ أَرْضَنَا بِهَا شَرَابٌ مِنْ الشَّعِيرِ الْمِزْرُ وَشَرَابٌ مِنْ الْعَسَلِ الْبِتْعُ فَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ فَانْطَلَقَا فَقَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي وَضَرَبَ فُسْطَاطًا فَجَعَلَا يَتَزَاوَرَانِ فَزَارَ مُعَاذٌ أَبَا مُوسَى فَإِذَا رَجُلٌ مُوثَقٌ فَقَالَ مَا هَذَا فَقَالَ أَبُو مُوسَى يَهُودِيٌّ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ فَقَالَ مُعَاذٌ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهُ تَابَعَهُ الْعَقَدِيُّ وَوَهْبٌ عَنْ شُعْبَةَ وَقَالَ وَكِيعٌ وَالْنَّضْرُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ

الشرح‏:‏

ساق المصنف الحديث عن مسلم وهو ابن إبراهيم عن شعبة قال‏:‏ ‏"‏ حدثنا سعيد بن أبي بردة عن أبيه ‏"‏ فذكره مرسلا مطولا فيه قصة بعثهما، وذكر الأشربة وقصة اليهودي وسؤال معاذ عن القراءة كما أشرنا إليه أولا‏.‏

وقال بعده‏:‏ ‏"‏ تابعه العقدي ووهب بن جرير عن شعبة‏.‏

وقال وكيع والنضر وأبو داود عن شعبة عن سعيد ‏"‏ يعني أن مسلم بن إبراهيم والعقدي ووهب بن جرير أرسلوه عن شعبة، وأن وكيعا والنضر وهو ابن شميل وأبا داود وهو الطيالسي رووه عن شعبة موصولا، فأما رواية العقدي وهو أبو عامر عبد الملك بن عمرو فوصلها المؤلف في الأحكام، وأما رواية وهب بن جرير فوصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه، وأما رواية وكيع فوصلها المؤلف في الجهاد مختصرا وأوردها ابن أبي عاصم في كتاب الأشربة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع مطولا، وهي في مسند أبي بكر بن أبي شيبة كذلك‏.‏

وأما رواية النضر بن شميل فوصلها المؤلف في الأدب‏.‏

وأما رواية أبي داود الطيالسي فوصلها كذلك في مسنده المروزي من طريق يونس بن حبيب عنه، ولكنه فرقه حديثين، ولذلك وصلها النسائي من طريق أبي داود‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ هُوَ النَّرْسِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَائِذٍ حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ سَمِعْتُ طَارِقَ بْنَ شِهَابٍ يَقُولُ حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَرْضِ قَوْمِي فَجِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنِيخٌ بِالْأَبْطَحِ فَقَالَ أَحَجَجْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ قُلْتُ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ كَيْفَ قُلْتَ قَالَ قُلْتُ لَبَّيْكَ إِهْلَالًا كَإِهْلَالِكَ قَالَ فَهَلْ سُقْتَ مَعَكَ هَدْيًا قُلْتُ لَمْ أَسُقْ قَالَ فَطُفْ بِالْبَيْتِ وَاسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ فَفَعَلْتُ حَتَّى مَشَطَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِي قَيْسٍ وَمَكُثْنَا بِذَلِكَ حَتَّى اسْتُخْلِفَ عُمَرُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عباس بن الوليد‏)‏ بموحدة ثم مهملة ‏(‏هو النرسي‏)‏ بفتح النون وبالسين المهملة، قال أبو علي الجياني‏:‏ رواه ابن السكن والأكثر هكذا‏.‏

وفي رواية أبي أحمد يعني الجرجاني ‏"‏ حدثنا عباس ‏"‏ ولم ينسبه‏.‏

وفي رواية أبي زيد المروزي مثله إلا أنه قرأ عليهم بالتحتانية والشين المعجمة وليس بشيء‏.‏

إنما هو بالموحدة والمهملة وهو النرسي وما له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في علامات النبوة‏.‏

وجزم بمثل ذلك صاحب المشارق والمطالع، وأما الدمياطي فضبطه بالعجمة وعين أنه الرقام، ونوزع في ذلك والصواب النرسي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد الواحد‏)‏ هو ابن زياد وأيوب بن عائذ بتحتانية بعدها ذال معجمة، وهو مدلجي بصري، وثقه يحيى بن معين وغيره، ورمي بالإرجاء، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع‏.‏

وقد أورده في الحج من طريق شعبة وسفيان عن قيس بن مسلم شيخ أيوب بن عائذ فيه، وتقدم الكلام عليه هناك مستوفى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي حِبَّانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ زَكَرِيَّاءَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِنَّكَ سَتَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِذَا جِئْتَهُمْ فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ فَإِنْ هُمْ طَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ طَوَّعَتْ طَاعَتْ وَأَطَاعَتْ لُغَةٌ طِعْتُ وَطُعْتُ وَأَطَعْتُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني حبان‏)‏ بكسر أوله ثم موحدة ثم نون ابن موسى، وعبد الله هو ابن المبارك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حين بعثه إلى اليمن‏)‏ تقدم بيان الوقت الذي بعثه فيه وما فيه من اختلاف في أواخر كتاب الزكاة مع بقية شرح الحديث مستوفى ولله الحمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أبو عبد الله‏:‏ طوعت طاعت وأطاعت‏)‏ ومع هذا وما بعده لغير أبي ذر والنسفي، وأراد بذلك تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏(‏فطوعت له نفسه قتل أخيه‏)‏ على عادته في تفسير اللفظة الغريبة من القرآن إذا وافقت لفظة من الحديث، والذي وقع في حديث معاذ ‏"‏ فإن هم أطاعوا ‏"‏ فإن عند بعض رواته كما ذكره ابن التين ‏"‏ فإن هم طاعوا ‏"‏ بغير ألف، وقد قرأ الحسن البصري وطائفة معه ‏"‏ فطاوعت له نفسه ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ إذا امتثل أمره فقد أطاعه، وإذا وافقه فقد طاوعه، قال الأزهري‏.‏

الطوع نقيض الكره، وطاع له انقاد، فإذا مضى لأمره فقد أطاعه‏.‏

وقال يعقوب بن السكيت‏:‏ طاع وأطاع بمعنى‏.‏

وقال الأزهري أيضا‏:‏ منهم من يقول طاع له يطوع طوعا فهو طائع بمعنى أطاع‏.‏

والحاصل أن طاع وأطاع استعمل كل منهما لازما ومتعديا إما بمعنى واحد مثل ‏(‏بدأ الله الخلق‏)‏ وأبدأه، أو دخلت الهمزة للتعدية وفي اللازم للصيرورة، أو ضمن المتعدي بالهمزة معنى فعل آخر لازم لأن كثيرا من أهل العلم باللغة فسروا أطاع بمعنى لأن وانقاد، وهو اللائق في حديث معاذ هنا، وإن كان الغالب في الرباعي التعدي وفي الثلاثي اللزوم، وهذا أولى من دعوى فعل وأفعل بمعنى واحد لكونه قليلا، وأولى من دعوى أن اللام في قوله‏:‏ ‏"‏ فإن هم أطاعوا لك ‏"‏ زائدة، وقد تقدم شيء من هذا في شرح الحديث في الزكاة‏.‏

وقوله بعد ذلك‏:‏ ‏"‏ طعت طعت وأطعت ‏"‏‏:‏ الأول بالضم والثانية بالكسر والثالثة بالفتح بزيادة ألف في أوله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ أَنَّ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَدِمَ الْيَمَنَ صَلَّى بِهِمْ الصُّبْحَ فَقَرَأَ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لَقَدْ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ زَادَ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَرَأَ مُعَاذٌ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ سُورَةَ النِّسَاءِ فَلَمَّا قَالَ وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا قَالَ رَجُلٌ خَلْفَهُ قَرَّتْ عَيْنُ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عمرو بن ميمون‏)‏ هو الأودي وهو من المخضرمين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن معاذا لما قدم اليمن‏)‏ هو موصول لأن عمرو بن ميمون كان باليمن لما قدمها معاذ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال رجل من القوم‏:‏ قرت عين أم إبراهيم‏)‏ أي حصل لها السرور، وكني عنه بقرت عينها أي بردت دمعتها لأن دمعة السرور باردة بخلاف دمعة الحزن فإنها حارة، ولهذا يقال فيمن يدعي عليه‏:‏ أسخن الله عينه‏.‏

وقد استشكل تقرير معاذ لهذا القائل في الصلاة وترك أمره بالإعادة، وأجيب عن ذلك إما بأن الجاهل بالحكم يعذر، وإما أن يكون أمره بالإعادة ولم ينقل، أو كان القائل خلفهم ولكن لم يدخل معهم في الصلاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زاد معاذ عن شعبة‏)‏ فذكره المراد بالزيادة قوله‏:‏ ‏"‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا ‏"‏ وليس بين الروايتين منافاة لأن معاذا إنما قدم اليمن لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم خاصة فالقصة واحدة، ودل الحديث على أنه كان أميرا على الصلاة، وحديث ابن عباس يدل على أنه كان أميرا على المال أيضا، وقد تقدم في الزكاة ما يوضح ذلك‏.‏