فصل: فصل: في بيان حساب الإجارات والغلات:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.فصل: في بيان حساب الإجارات والغلات:

7259- ومضمونه بيان معرفة مقادير الأجرة الموزعة على المعقود عليه من منافع دارٍ، أو عمل عاملٍ، ثم يلتحق بهذا المقصود نوادرُ في الحساب تفيد الدُّرْبة وا لمرون.
فنقول: إذا كانت الأجرة في الشهر أو في السنة معلومةَ المقدار، وكانت لا تختلف باختلاف الأزمان، فأجزاء الأجرة تتوزع على أجزاء الزمان.
والذي به الاستدلال أن نقول: إذا كانت الأجرة في الشهر ثلاثين، فأجرة خمسة أيام سدس الثلاثين؛ لأن الخمسة سدس الثلاثين، وهذا إذا كان الشهر ثلاثين يوماً.
ثم هو على قياس ما ذكرنا في الأثمان والمثمنات.
7260- مسألة: أجيرٌ يكتسب في الشهر عشرة، وإن تعطل غرِم خمسة فعمل وعَطَل وخرج رأسأ برأس، كم عمل؟ وكم بَطَل؟
نجمع الغرم والغنم: خمسةَ عشرَ، فهو قدر عمله وغُرمه، ثم نضرب الخمسة في أيام الشهر، ونقسم على خمسةَ عشرَ، فيخرج عشرة أيامٍ، هي أيام عمله، وأجرته فيها ثلاثة وثلث.
ثم نضرب عشرة في أيام الشهر، ونقسم على خمسة عشرة فيخرج عشرون يوماً لبطالته، وغُرْمه فيها ثلاثة وثلث، فاستوى ماله و ما عليه.
وإن كانت المسألة بحالها، يعمل ويعطل، وأخذ درهماً، جُمع عمله وغُرمه فهي خمسة عشرَ، ثم نزيد الدرهمَ الذي أخذه على ما عليه؛ فيكون ستة، فنضربها في أيام الشهر، ونقسم على خمسةَ عشرَ، فيخرج اثنا عشر يوماً، فهي أيام عمله، والباقي إلى تمام الشهر أيام العطلة.
وإن قيل: في هذه المسألة: عمل و بطل، وردَّ الأجير درهماً، فالقسمة على خمسةَ عشرَ، كما مضى. فانقص ما عليه درهماً، يبقى منه أربعة، فاضربه في أيام الشهر، واقسم المبلغ على خمسةَ عشرَ، فيخرج ثمانية أيامٍ لعمله، وما بقي إلى تمام الشهر عَطَلُه.
7261- مسألة: إذا قيل: أجير أجرته في الشهر اثنا عشر درهماً وخاتم، عمل ثمانية أيام، فأخذ باجرته الخاتَم، كم قيمته؟
فانقص أيام عمله من أيام الشهر تبقى اثنان وعشرون يوماً، أجرة العمل فيها اثنا عشر، فاضرب الاثني عشر في أيام العمل، وهي ثمانية، واقسم المبلغ على الاثنين والعشرين الباقية، فتخرج أربعة دراهم وثمانية أجزاء من اثنين وعشرين جزءاً من درهم، فذلك قيمة الخاتم.
7262- مسألة: أجير عمل ثمانية أيام من الشهر وأخذ خُمسَ كرائه ودرهماً، كم أصل كرائه؟
خذ خمس الشهر، وهو ستة، فانظر كم بينه وبين.... ثمانية وهو
اثنان، فذاك هو المقسوم عليه، فاحفظه. ثم اضرب الدرهم في الثلاثين واقسم المبلغ على اثنين، فيخرج خمسةَ عشرَ درهماً، وهي كراه، ويستحق في ثمانية أيام أربعة دراهم، وهي مثل خمس كراه وزيادةُ درهم.
فإن قيل: عمل ثلاثةَ أيام، فأخذ خُمس كراه إلا درهماً واحداً، فخذ خمس الشهر وهو ستة، فانظر كم بينها وبين الثلاثة التي عمل فيها، فخذ الفضل وهو ثلاثة، فهو المقسوم عليها، ثم اضرب الدرهم في الثلاثين، واقسم المبلغ على الثلاثة، فيخرج عشرة، فهو كراه في الشهر، يستحق في ثلاثة أيام عُشر الكراء وهو درهم، وذلك مثل خمس كرائه إلا درهماً.
7263- مسألة: إن قيل: أجيرٌ أجره في الشهر شيء مقدر، عمل من الأيام مثل عدد ثلاثة أمثال أجره، فأصاب من الأجر فيما عمل أربعين درهماً، كم أجرته في الشهر؟
فاقسم ما أصاب من أجره وهو أربعون على ثلاثة؛ لأنه عمل مثل عدد ثلاثة أمثال أجره، فيخرج ثلاثةَ عشرَ درهماً وثلثَ درهم، فاضربها في عدد أيام الشهر وهي ثلاثون، فيبلغ أربعَمائة، فخذ جذرها، وهو عشرون درهماً، وذلك مقدار أَجْره في الشهر، فإذا عمل مثل ثلاثة أمثال أجرته وهي ستون يوماً، استحق أربعين درهماً.
7264- مسألة: أجير أجرته في كل يوم خَمسُ دراهم، وهو ينفق سُبعَ درهم، كم يجتمع له في الشهر؟ فاطلب مخرجاً له خُمس وسُبعٌ، وذلك خمسة وثلاثون، فخذ خُمسها، وهو سبعة وسبعها، وهو خمسة، فاطرح الأقل من الأكثر يبقى اثنان فنضربه في أيام الشهر، يكون ستين، فاقسمها على الخمسة والثلاثين، فيخرج درهم وخمسة أسباع درهم، فهذا ما يجتمع له في الشهر الواحد بعد النفقة.
فإن قيل: أجير أجره في كل يوم ثلثُ درهم فينفق سُبعَ درهم، في كم يجتمع له درهم؟
فخذ مخرجاً له ثلث وسبع، وأقله أحدٌ وعشرون، ثم خذ ثُلثَه: سَبعة لأجل ما يأخذ، وخذ سُبعَه: ثلاثة لأجل ما ينفق، فألق الثلاثة من السبعة، تبقى أربعة، فهي المقسوم عليها.
ثم اضرب الدرهم الواحد في الأحد والعشرين، واقسم ما بلغ على الأربعة، فتخرج خمسة وربع، ففي خمسة أيام وربع يجتمع له درهم.
فإن قيل: أجير أجره في كل خمسة أيام درهم، فينفق في كل سبعة أيام درهماً، في كم يوم يستفضل درهماً واحداً؟ وقد علمت أنه يستفضل في كل سبعة أيام خمسي درهم، فاضرب السبعة في اثنين ونصف يكون سبعةَ عشرَ يوماً ونصفَ يوم، ففي مقدارها يستفضل درهماً واحداً.
وإن شئت فاضرب الخمسة في السبعة، واقسم المبلغ على فَضْل ما بينهما، فيخرج سبعةَ عشرَ ونصفٌ، ففيها يستفضل درهماً واحداً.

.فصل: في حساب الأرباح والخسرانات:

7265- ومضمون الفصل حساب الأرباح والخسرانات ومقادير رأس المال مع الربح أو مقداره بعد الخسران. هذا هو الأصل المقصود، ثم نلحق به نوادرَ، إن شاء الله عز وجل.
فنقول: الوجه أن نقدم صوراً هيِّنةً قريبةَ المأخذ، ليتمهد فيها أصل الباب، فإذا تمهد، ترقّينا إلى ما يكاد يخفى على من لا يحسن قياسَ الباب.
فإذا قيل: ربح على رأس المال نصف مرة واحدة، فاضرب رأس المال في ثلاثة، واقسم المبلغ على اثنين، فما خرج فهو رأس المال مع الربح.
وإن ربح على رأس المال مثل ثلثه، فاضرب رأس المال في أربعة، واقسمه على ثلاثة، فما خرج فهو المال والربح. وإنما ضربناه في أربعةٍ لأن المال إذا زدت عليه ثلثه، كان المبلغ أربعة أثلاث، فهذا هو القياس، والضرب يقع في مخرج الجزء الزائد.
وإن ربح على المال ربعه، فاضرب المال في خمسة؛ فإن المال إذا زيد عليه رُبعه، كان مع الزائد خمسة أرباع، والقسمةُ على مخرج الربع.
وبيان ما ذكرناه بالمثال: أن نقول: رأس المال عشرة، وقد ربح مثل ثلثها، فضربنا العشرة في أربعة فردّ أربعين، فنقسمها على ثلاثة، فيخرج نصيب الواحد ثلاثةَ عشرَ وثلث.
وإن ربح على العشرة مثل ربعها، ضربنا العشرة في خمسة، فيرد خمسين، فقسمناها على أربعة، فيخرج نصيب الواحد اثني عشر ونصفاً، وهو رأس المال والربح.
وإن قيل: ربح على رأس المال ثلاثة أرباعه، فاضرب رأس المال في سبعة، فإن رأس المال مع ثلاثة أرباعه سبعةُ أرباع، فقل عشرة في سبعة، فالمردود سبعون، فاقسم المبلغ على أربعة، فالخارج نصيب الواحد، وهو رأس المال والربح.
وإن قال: ربح على المال سبعةَ أعشاره، فاضرب المال في سبعةَ عشرَ، واقسم المبلغ على العشرة، فما خرج من القسمة، فهو المبلغ المطلوب.
وإن خسر مثل ثلث المال، فاضرب المال في اثنين؛ فإن معنى خسران الثلث أنه لم يبق إلا الثلثان، فاقسم المبلغ على ثلاثة.
وإن خسر مثلَ ربع المال، فاضرب المال في ثلاثة، واقسم المبلغ على أربعة.
وإن خسر ثلاثة أسباع المال، فاضرب المال في أربعة، واقسم المبلغ على السبعة.
وعلّةُ ذلك أن المال قبل الخسران سبعة أسباع، فإذا نقص بالخسران ثلاثة، بقي أربعةُ أسباع، فلهذا يقع الضرب في الأربعة، ثم القسمةُ أبداً على مخرج الجزء.
7266- فإن ربح صاحب المال على المال مراراً كثيرة ربحاً واحداً على نسبةٍ واحدة في كل مرة، مثل: ده يازده، أَوْ دو ازده، أو أكثر من ذلك، وأردت أن تعلم المبلغ بعد آخر ربح، فاضرب العشرة في مثلها، أو ما بلغ في العشرة، ثم كذلك بعدد مرات الربح إلا مرةً واحدة، واحفظ المبلغ، ثم اضرب العشرة مع ربحها أولاً في مثله، ثم ما بلغ في العشرة مع ربحها كذلك بعدد مرات الربح إلا مرةً واحدة، واحفظ المبلغ، ثم اضرب رأس المال في المبلغ الأكثر، واقسم ما بلغ على المبلغ الأقل، فما خرج، فهو رأس المال بعد الأرباح.
7267- مثاله: رأس المال خمسة وعشرون درهماً، ربح عليها ده دو ازده ثلاث مرات، فنضرب العشرة في العشرة، فما بلغ في العشرة أقل من عدد الأرباح مرة، فبلغ ألفاً، فحفظناها. ثم ضربنا العشرة مع ربحها، وذلك اثنا عشر في الاثني عشر مرتين، فبلغ ألفاً وسَبعمائة وثمانيةً وعشرين، فضربنا الآن رأس المال، وهو خمسة وعشرون في هذا المبلغ أكثر، وقسمنا المبلغ على الألف التي هي المبلغ الأقل، فخرج ثلاثة وأربعون درهماً وخُمسُ درهم، فذلك مبلغ المال بعد الأرباح الثلاث.
ومما يجب التنبه له أنا نضرب العشرة في العمل الأول في نفسها، ولا ننظر إلى رأس المال، ثم نضرب العشرة وربحَها على الترتيب الذي قدرناه، ولا نتعرض لمقدار رأس المال، وإنما نتعرض لنسبة ده يازده وده دوازده ثم نضرب بعد هذين العملين رأسَ المال بالغاً ما بلغ في المبلغ الأكثر، ولو كانت نسبة الربح غير مأخوذة من العشرة، فيجب أن يكون العمل من النسبة المذكورة، فافهم.
7268- وإن كان العمل في الخسران، فاضرب العشرة في مثلها، إذا كان الخسران ده يازده أو ده دوازده، وتكرر مراراً، فإذا ضربت العشرة في مثلها، فما بلغ في العشرة، ثم اضرب الثمانية-إذا كان الخسران ده دوازده- في مثلها ثم ما بلغ في الثمانية؛ لأن الثمانية هي الباقية من العشرة. ثم اضرب رأسَ المال في المبلغ الأقل، واقسم ما بلغ على المبلغ الأكثر، فما خرج، فهو الباقي من المال بعد الخسرانات.
وبيانه في الخمسة والعشرين إذا خسر عليها ده دوازده ثلاث مرات: ضربنا العشرة في العشرة مرتين، كما ذكرناه في الأرباح، فبلغ ألفاً، فحفظناها، ثم ضربنا الثمانية وهي الباقي من العشرة بعد نقصان الخسران منها في مثلها مرتين فيبلغ خمسَمائة واثني عشر، ثم ضربنا رأس المال، هو خمسةٌ وعشرون في المبلغ الأقل، وهو خَمسُمائة واثنا عشر، وقسمنا ما بلغ على المبلغ الأكثر، وهو ألف، يخرج من القسمة اثنا عشر درهماً وأربعةُ أخماس درهم، فهذا هو الباقي من الخمسة والعشرين، بعد أن خسر فيها ثلاث مرات ده دوازده، فقس على هذا نظائره.
وفيما يجري على الاعتبار في الأرباح، ده يازده، وده دوازده. أما ده يازده، فهو العشرة واحد، فردّه على المبلغ عشرة، وإن كان رأس المال درهماً بلغ درهماً وعُشْراً، وإن كان رأس المال عشرة، بلغ أحدَ عشرَ. وإن كان المال أحد عشرَ بلغ اثني عشر درهماً وعشرَ درهم.
فأما خسران ده يازده، فالحسّاب ينقصون العشرة واحداً كما يزيدون لربحِ ده يازده واحداً، فالربح زيادة عُشْر والخسران نقصان عُشر.
وللفقهاء ترددٌ في الخسران يظهر أثره في عقدٍ استعمل فيه لفظ خسران ده يازده.
وذلك مثل أن يشتري عبداً بعشرة، فإن باعه على ربح ده يازده، فهذا بيعٌ بأحدَ عشرَ.
وإن باعه بخسران ده يازده، فالذي ذهب إليه جمهور الفقهاء أن العشرة تجري أحدَ عشرَ، ونحط منها جزءاً. والذي رآه الحُسّاب أن لفظ خسران ده يازده معناه نقصان عُشْرٍ تامّ، وهو نقيصة درهمٍ من عشرة.
وما ذكره جماهير الفقهاء متجهٌ في اللفظ، ولا دفع لهذا في الباب الذي نحن فيه؛ فإن هذا البابَ ليس مُداراً على الألفاظ ومعانيها، وإنما هو مُدارٌ على ما يقع. فإذا فرضوا نقصان العُشر، حسبوا هذا الحساب، وعلى هذا مجاري الخسران، والربحُ على ما وصفناه، مع التباس في النقائص التي ذكرناها.
مسائل من نوادر الأرباح والخسرانات مقصودة في أنفسها، وهي تهذب الأصول
7269- فإن قيل: رجل ربح على رأس ماله ده دوازده للعشرة اثنين، وكان رأس ماله ثمانيةً ونصفاً، فكم المبلغ؟ وكم حصل معه؟
فاضرب ثمانية ونصفاً باثني عشر، واقسم ما بلغ على العشرة، فتخرج عشرةُ دراهم وخُمس درهم، فهي المبلغ المطلوب.
وإن قيل: خسر على رأس ماله ده دوازده، وكان رأس ماله ثمانية ونصفاً إلى كم يرجع رأس ماله؟
فاضرب الثمانيةَ والنصفَ في ثمانيةٍ؛ لأنها الباقي من العشرة على قاعدة الحساب بعد نقصان ده دوازده، فيبلغ ثمانيةً وستين، فاقسمها على العشرة فتخرج ستةُ دراهم وأربعةُ أخماس درهم، فهذا هو الباقي المطلوب.
فإن قيل: اشترى متاعاً وباعه فربح ده سيزده، فبلغ ثمنُه أحدَ عشرَ درهماً، كم كان رأس المال؟
فاضرب الأحد عشر في عشرة، واقسم ما بلغ على ثلاثةَ عثرَ، فتخرج ثمانية دراهم وستة أجزاء من ثلاثةَ عشرَ جزءاً من درهم. فهذا كان رأسَ ماله، فإن قيل: اشترى متاعاً، وباعه بخسران سيزده، فرجع ماله إلى تسعة. كم كان رأس ماله؟
فاضرب التسعة في ثلاثةَ عشرَ، واقسم المبلغ على العشرة، فيخرج أحدَ عشرَ درهماً، وسبعة أعشار درهم، فهذا كان رأسَ المال.
7270- مسألة: إن قيل: رجل اشترى من اللؤلؤ خمسةً بدرهم، وباع ثلاثةً بدرهم، وربح ثلاثين درهماً، كم كان رأس ماله؟
فاضرب الربح وهو ثلاثون في عدد ما باع عليه اللؤلؤ وهو ثلاثة، فيبلغ تسعين، فاقسمها على ما فضل ما بين الذي باع والذي اشترى، وهو اثنان، فيخرج خمسة وأربعون، فهذا رأس ماله.
وفيه طريق آخر، وهو أن تعلم أن الذي اشتراه بدرهم باعه بمثل ما اشتراه به، وبمثل ثلثي ثمنه، فكأنه اشترى خمسةً بدرهم وباع الخمسة بدرهمٍ وثلثي درهم، فربح على كل درهم مثلَ ثلثيه فكأنه ربح على رأس المال مثلَ ثلثيه، فإذا كان الربح ثلثين، فهي مثل ثلثي رأس المال، فزد على الثلثين نصفَها، تكون خمسةً وأربعين، فهي رأس ماله.
فإن قيل: اشترى خمسةً بدرهم، وباع سبعةً بدرهم، وخسر ثلاثين درهماً، كم رأس ماله؟ فاضرب مقدار الخسران، وهو ثلاثون فيما باع، وهو سبعة، يكون مائتين وعشرة، فاقسمها على فضل ما بين السعرين، وهو اثنان، فيخرج مائة وخمسة، فهي رأس المال قبل الخسران.
ثم يتجه فيه قياس آخر، وهو أن نقول: إذا اشترى خمسة بدرهم، وباع سبعةً بدرهم، فقد باع ما شراه بدرهم بخمسةِ أسباع درهم، فخسر على كل درهم مثل سبعيه، وعلم أنه خسر رأس ماله على هذه النسبة، فهذا مالٌ سبعاه ثلاثون، فسُبعه إذاً خمسة عشرَ، فاضرب الخمسة عشرَ في سبعة يكون مائة وخمسة، فهي رأس المال.
7271- مسألة: إن قيل: ثلاثةٌ اشترَوْا سلعةً باثني عشرَ درهماً، فأعطى أحدهم ثلاثةَ دراهم، والثاني أربعةً، والثالث خمسة، ثم باعوا، فربحوا عليها سبعة دراهم، كم نصيب كل واحد منهم من الربح؟ فالطريق أن نضرب نصيبَ كل واحد منهم من رأس المال في السبعة التي هي الربح، ونقسم المبلغ على الاثني عشر، التي هي مجموع الأنصباء من رأس المال، فما خرج، فهو نصيب صاحب النصيب من الربح؛ لأن كلّ شريك نصيبه من الربح على قدر نصيبه من رأس المال.
وبيان ذلك أن نضرب ثلاثة من رأس المال، وهي نصيب صاحب الثلاثة في السبعة التي هي الربح، فيردّ الضربُ أحداً وعشرين، ونقسم المبلغ على اثني عشر، فيخرج من القسمة نصيب الواحد: درهم وثلاثة أرباع، فنقول: هذا نصيب صاحب الثلاثة من الربح.
ثم نضرب أربعة في السبعة، فترد ثمانيةً وعشرين، ونقسم المبلغ على اثني عشر، فيخرج نصيبُ الواحد درهمين وثلث، فهذا نصيب صاحب الأربعة من الربح.
ثم نضرب الخمسة في السبعة، فترد خمسةً وثلاثين، فنقسمها على اثني عشر، فيخرج من القسمة ثلاثة غير نصف سدس، فهذا نصيب صاحب الخمسة من الربح، ومجموع ما يخرج من القسمة سبعة.
وقد تتجه طريقة أقرب مما ذكرنا، وهي أن صاحب الثلاثة له ربع رأس المال، فله ربع الربح، وذلك درهم وثلاثة أرباع درهم، وصاحب الأربعة له ثلث رأس المال، فله من الربح ثُلثه، وهو درهمان وثلث، وصاحب الخمسة له من رأس المال ربعه وسدسه، فله من الربح ربعه وسدسه، وذلك درهمان وخمسة دوانيق ونصف.
7272- مسألة: إن قيل: رجل ربح على ماله الدرهم درهماً، وتصدق بدرهم، ثم ربح الدرهم درهماً، وتصدّق بدرهمين، ثم الدرهم درهماً، وتصدق بثلاثة دراهم يعني رأسَ ماله، كم كان رأس ماله؟
فخذ واحداً وأضعِفْه ثلاث مرّات، لأنه ربح ثلاث مرات، تكون ثمانية، فهي المقسوم عليها، فاحفظها، ثم خذ الصدقة الأولى، وهي درهم فأضعفه، وزد عليه الصدقة الثانية، وهي درهمان، تصير أربعة، فأضعفها، وزد عليها الصدقة الثالثة وهي ثلاثة، فتكون أحدَ عشر، فاقسمها على الثمانية المحفوظة، فيخرج درهم وثلاثة أثمان درهم، وهو رأس المال.
فإن قال: ربح للدرهم درهمين، وتصدق بخمسة، ثم ربح للدرهم درهماً وتصدق بعشرة دراهم، ثم ربح للدرهم درهماً، وتصدق بتسعة دراهم، فبقي معه درهمان، كم كان رأس المال؟
وقد ذكر الأستاذ في التكملة طريقةً في التضعيف والجمع قد تطول على الناظر، ورأيت طريقة الجبر أقربَ منها وأحرى وهي أولى، فكل مسألة مقصودها استخراج مجهولٍ، فنقول: نجعل رأس المال شيئاً، فلما ربح للدرهم درهمين، صار ثلاثة أشياء، فتصدق بخمسة دراهم، فبقي ثلاثةُ أشياء ناقصةً بخمسة دراهم، ثم لما ربح للدرهم درهماً، كان معنى ذلك أن ما بقي معه بعد خمسة دراهم تضعّف، فنقول: الآن معنا ستة أشياء ناقصةً بعشرة دراهم، فيكون الزائد مثل المزيد عليه، فتصدق بعشرة دراهم، فحصل معنا ستة أشياء ناقصةً بعشرين درهماً، فلما لربح للدرهم درهماً تضعّفت الأشياء الستة بما فيها من الاستثناء، وكان معنا ستة أشياء ناقصةً بعشرين درهماً، فالآن إذا ضعفناها صارت اثنا عشر شيئا ناقصةً بأربعين درهماً، فتصدق منها بتسعة دراهم، فحصل معنا اثنا عشر شيئاً ناقصةً بتسعةٍ وأربعين درهماً. فهذه الأشياء مع الاستثناء تعدل درهمين؛ فإن السائل قال: بقي معه درهمان، فنجبر الأشياء بتسعةٍ وأربعين، ونزيد على الدرهمين تسعةً وأربعين، فتصير اثني عشر شيئاً كاملةً في معادلة أَحدٍ وخمسين، فنقسم الدراهم على الاثني عشر شيئاً لمعرفة قيمة كل شيء، فيخرج من القسمة أربعةٌ وربع فانضمَّ إليه مثلاه، فصار المجموع اثنا عشر وثلاثة أرباع، فتصدق منها بخمسة، فبقي سبعة وثلاثة أرباع، ثم تضعف هذا المبلغ، فصار المجموع خمسةَ عشرَ ونصفاً، فتصدق منها بعشرة، فبقي خمسةٌ ونصف، ثم تضعف هذا، فصار أحدَ عشرَ، ثم يتصدق بتسعة، فبقي درهمان، فهذا قياس الباب.
وقد ذكر الأستاذ صوراً جميعها تخرج على هذا المسلك.

.فصل: في بيان حساب الزكوات:

7273- هذا الفصل يشتمل على مقصودين:
أحدهما: في تعجيل الزكاة قبل وجوبها بحولٍ أو أحوال.
والثاني: في إخراج الزكاة عن المال لسنين ماضيةٍ.
فأما تعجيل الزكاة، ففيه باب يحوي فقهه، وهو من أغمض أبواب كتاب الزكاة، وقدمناه على أحسن مساق، والقدر المطلوب هاهنا من ذلك الباب يترتب على مسألةٍ نذكرها:
فإذا ملك الرجل أربعين من الغنم، وانعقد الحول عليها، فأراد أن يعجّل زكاتَها، جاز ذلك، عند الشافعي، وإذا انقضى الحولُ، وفي يد المعجِّل تسعةٌ وثلاثون، فالشاة المعجلة وقعت محتومةً واجبةً عن الزكاة المفروضة، وتحقيق مذهب الشافعي أن الزكاة المعجلةَ في حساب النصاب كالمبقّاة في يد المعجِّل. فإذا حال الحول، فالتقدير أن الشاة أخرجت الآن.
وأبو حنيفة لا يجوِّز تعجيل الزكاة عن نصاب، ويعتد بأن الشاة إذا قدّر إخراجها من الأربعين، وانقضى باقي الحول على تسعةٍ وثلاثين، فلا يصادف منقرضُ الحول نصاباً، ولا تجب الزكاةُ، وإذا لم تجب، لم يقع الاعتداد بما قُدّم على قصد التعجيل. وعلى هذا الخلاف تجري مسائِل التعجيل.
فلو ملك مائة وعشرين شاة، فعجل زكاتها شاة، ثم نُتجت منها شاة قبل الحول، فحال الحول، وفي يده مائة وعشرون شاة، فعليه عند الشافعي شاةٌ ثانية؛ فإن غنمه لو كانت مائة وأحداً وعشرين، لكان واجبُها شاتين، والمخرَج المعجل في حكم الباقي على ملك المعجِّل فيما يتعلق ببيان مقادير النصب، وإذا نحن قدّرنا ضمَّ الشاة المعجّلة إلى المال، وقد زادت واحدة، لكان يجب فيها شاتان.
وأبو حنيفة يقول: إذا عجل شاةً عن مائةٍ وعشرين ونتجت شاة، وحال الحول والغنم مائةٌ وعشرون، لم تجب شاةٌ أخرى؛ نظراً إلى ما انقرض الحول عليه، وهو مائةٌ وعشرون، والمخرَج المعجَّلُ لا يقدّر ضمُّه إلى المال الباقي في يد المالك.
فهذا القدر الذي أردنا التنبيه عليه من فقه باب التعجيل.
7274- ونفرض الآن قولنا في الدراهم والدنانير، فإن زكاتها تجب بالجزئية على نسبةٍ واحدةٍ. فمهما ملك الرجل نصاباً من أحد التبرين، عجّل زكاته-عندنا- إن أراد، ولم يعجلها عند أبي حنيفة؛ فإن النصاب ينقص بالمخرَج، فيحول الحول على مالٍ ناقصٍ عن النصاب، فليقع الفرض فيه إذا ملك أكثر من النصاب، وأراد التعجيل، فيبين تفاوتٌ في النسبة بين مذهبنا ومذهب أبي حنيفة، وذلك التفاوت بين الحساب هو مقصود الفصل، فنقول: على مذهب الشافعي: مهما أراد تعجيلَ زكاةِ الذهب والورِق، أخرج ربعَ عشره، وعلى قولِ أهل الرأي يقسم ماله على أحدٍ وأربعين، فما خرج من القسمة بسهم واحد، فهو زكاته المعجَّلة، وذلك أنه لا يرى ضم المخرَج إلى الباقي، فينبغي أن يكون المخرج زائداً على الباقي بناء على الأصل الذي مهدناه وبيّناه بالمسألتين المذكورتين في الماشية.
فإن أراد تعجيل نصفِ زكاته، فمذهب الشافعي أنه يخرج جزءاً من ثمانين جزءاً من ماله، فيقع ذلك ثُمن عُشر ماله، وهو نصف الزكاة.
وعلى مذهب أبي حنيفةَ إذا أراد تعجيلَ نصف الزكاة، أخرج من أحدٍ وثمانين جزءاً من ماله جزءاً.
وإن أراد تعجيل ثلث زكاته، فمذهب الشافعي أن ما عنده يقسم على مائةٍ وعشرين سهماً، فما خرج قسمةً لسهم واحد يخرجه، وقد عجل ثلث زكاته.
وعند أبي حنيفة يقسم ماله على مائةٍ وأحدٍ وعشرين جزءاً، فما خرج نصيب الواحد، عجّله، فهو يزيد أبداً جزءاً على ما يقدره الشافعي.
وإن أراد تعجيل ثلثي زكاته، قسم ما عنده من ورِقٍ على مائةٍ وعشرين في قول الشافعي، فما خرج عن القسمة نصيباً لواحد أخرج ضعفه؛ فإن نصيب الواحد من مائةٍ وعشرين ثلث، فإن أراد الثلثين، ضعّف.
وفي قول أهل العراق يقسّم مالَه على مائةٍ واثنين وعشرين، فما خرج لسهمين عجله، فتعتدل النسبةُ على رأيه.
هذا بيان هذا المقصود.
7275- فأما المقصود الثاني وهو بيان إخراج الزكاة لسنين ماضيةٍ ما كان اتفق الإخراج فيها، والتفريع على أن تعلّق الزكاة بالعين يخرجه عن إمكان تعلق الزكاة به في السنة الأخرى على ما تمهد ذلك في فقه الفصل.
فإذا أردت تدارك زكوات المال في السنين المنقضية والمال دراهمُ أو دنانيرُ، فانظر إلى عدد السنين، ثم ارجع، فاضرب الأربعين في مثله، فما بلغ فاضربه في الأربعين، وليكن عددُ الضرب على هذا النسق مثلَ عدد سني الزكاة إلا مرةً واحدة، فما بلغ، فاحفظه.
ثم اضرب تسعةً وثلاثين في مثلها، فما بلغ في تسعة وثلاثين بعدد سني الزكاة إلا مرةً واحدة، ثم اضرب المالَ الذي تريد إخراجَ زكاتِه في الأقل، فما بلغ فاقسمه على المبلغ الأكثر، فما خرج من القسمة نصيب الواحد، فهو مقدار الباقي من المال الذي أردت إخراج الزكاة منه لتلك السنين بعد إخراج الزكوات.
فإن أردت مقدار ما أخرجت، فقدّر ما يبقى بعد المال الذي وصفناه إلى قيمة القدر قبل إخراج الزكاة. وهذا حساب الخسران؛ فإن الزكاة تنقصُ المال على نسبةٍ واحدةٍ، كما فرضنا في الخسرانات وقوعها على نسبةٍ واحدةٍ، فتشابه مسلك الحساب، غير أن وجه النسبة في الأربعين هاهنا ووجه النسبة ثَمَّ يَجري في رأس مالٍ بقدره وينسب الربح إليه كتقديرنا العشرة والربح ده يازده، والخسران ده يازده، واقتضى قولنا: ده يازده رعايةَ نسبة العشرة.