فصل: فصل: في الوصية بالتكملة وبالنصيب إلا جزءاً مما تبقى من جزء من المال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.فصل: في الوصية بالتكملة وبالنصيب إلا جزءاً مما تبقى من جزء من المال:

6798- المثال: عشرة بنين وقد أوصى بتكملة الثمن بنصيب أحدهم، وأوصى لآخر بمثل نصيب إلاثلث ما تبقى من الثلث.
فحساب المسألة بطريق الجبر: أن نأخذ ثمن المال للتكملة و النصيب، ثم نأخذ ثلث المال بعد ذلك ونلقي منه الثمن، ونسترجع من النصيب مثل ثلث الباقي من الثلث بعد إلقاء الثمن.
فنأخذ عدداً إذا ألقي منه الثمن، كان للباقي منه ثلث، فعلى هذا التقدير المال اثنان وسبعون والثلث أربعة وعشرون، وإذا ألقينا منه ثمنَ المال وهو تسعة، بقي خمسةَ عشرَ، فزد عليها ثلثها لأجل الاستثناء، تبلغ عشرين، فنزيده على ثلثي المال، فيصير المجموع ثمانية وستين جزءاً من اثنين وسبعين جزءاً من المال يعدل عشرة أنصباء، فاضرب الجميع في اثنين وسبعين، فاقلب العبارة والاسم فيهما، فيصير المال سَبع مائة وعشرين، والنصيب ثمانية وستين.
الامتحان: نأخذ ثمن المال وهو تسعون، ندفع منها نصيباً، وهو ثمانية وستون، الباقي اثنان وعشرون، وهي التكملة، ثم نلقي هذا الثمن من ثلث المال وثلث المال مائتان وأربعون، فإذا حططنا منها الثمن، وهو تسعون، تبقى مائة وخمسون، نسترجع منها ثلثها وهو خمسون، ونطرحه من النصيب، يبقى لصاحب النصيب ثمانية عشر سهماً وهي وصيته، فالوصيتان جميعاً أربعون سهماً، نلقيها من المال يبقى ستمائة وثمانون بين عشرة بنين، لكل واحد منهم ثمانية وستون.
وهذه الأنصباء مع الوصيتين متفقة بالأنصاف، فنرد كلَّ واحد منهما إلى نصفها اختصاراً، وتصح المسألة من ثَلاثمائة وستين. النصيب أربعة وثلاثون، والتكملة أحدَ عشر، ووصية صاحب النصيب بعد الاسترجاع منه تسعة أسهم.
6799- طريقة الباب: أن نطلب عدداً له ثمن وثلث، وإذا ألقي ثمنه من ثلثه، كان للباقي من الثلث ثلث، وذلك اثنان وسبعون، فنأخذ ثلثه: أربعة وعشرين، ونلقي منه ثمن المال، وهو تسعة تبقى خمسة عشر، فنزيد عليها مثل ثلثها؛ من جهة الاستثناء، فيبلغ عشرين، فنزيدها على ثلثي المال وهو ثمانية وأربعون، فيبلغ ثمانية وستين، وهي تعدل كل سهم من سهام الفريضة، ثم نقول: أصل فريضة البنين عشرة، فنضربه فيما جعلناه مثالاً للمال، وهو اثنان وسبعون، فيصير المال سَبع مائة وعشرين، ونضرب نصيب كل ابن فيما يعدل كلَّ سهم، وذلك ثمانية وستون، فيرد هذا المبلغ؛ فإن نصيب كل ابن واحدٌ، وتلتقي الطرقُ بعد هذا في الامتحان، وطريق الاختصار.
6800- وحساب المسألة بطريق القياس: أن نقول: ثمن المال نصيب وتكملة في وضع المسألة، والباقي سبعة أثمان المال يجب أن يزاد عليها لأجل الاستثناء ثلث ما بين الثلث والثمن، وذلك خمسة أجزاء من اثنين وسبعين جزءاً من المال، فيكون الباقي من المال بعد الوصيتين ثمانية وستين جزءاً من اثنين وسبعين، فنقسم الثمانية والستين على عشرة بنين، لكل واحد منهم ستة وثمانية أعشار، فهذا هو النصيب، والباقي إلى تمام التسعة، وهي ثمن المال اثنان وعُشْران وهي التكملة، فنبسطها أعشاراً فيكون النصيب ثمانية وستين والتكملة اثنين وعشرين، والمجموع تسعون، وهي ثمن المال، فالمال إذاً سَبعُمائة وعشرون.
6801- ونقول في طريق الدينار والدرهم: ثمن المال دينار ودرهم: النصيب دينار، والتكملة درهم، ثم نأخذ ثلث المال، وهو ديناران وثلثا دينار ودرهمان وثلثا درهم، فنلقي منه النصيب والتكملة، يبقى دينار وثلثا دينار ودرهم وثلثا درهم، فنزيد عليه مثلَ ثلثه استثناء من النصيب، وذلك خمسة أتساع دينار وخمسة أتساع درهم، فيبلغ دينارين وتسعي دينار، ودرهمين وتسعي درهم، فنزيده على ثلثي المال، فيبلغ سبعة دنانير وخمسة أتساع دينار، وسبعة دراهم وخمسة أتساع درهم، وذلك يعدل عشرة دنانير، فنلقي الجنس بالجنس يبقى ديناران وأربعة أتساع دينار تعدل سبعة دراهم وخمسة أتساع درهم، فنبسطها أتساعاً ونقلب الاسم فيهما، فيكون الدينار ثمانية وستين، والدرهم اثنين وعشرين، وتلتقي الطرق بعد ذلك.

.فصل: في الوصية بالنصيب إلا التكملة:

6802- المثال: رجل له خمسة بنين، فأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم إلا تكملة الثلث بنصيب أحدهم.
فحساب المسألة بطريق الجبر: أن ندفع إلى الموصى له نصيباً، ونسترجع من النصيب تكملة الثلث، والعبارة عن تكملة الثلث أن نقول: نُخرج نصيباً، ونسترجع ثلث مال إلا نصيباً. هذا هو العبارة عن التكملة، ثم العبارة في مراسم الجبر فيها أدنى تفرع من هذه المسألة، ولكنها جارية على قواعد الجبر، ثم هي خارجة على التحقيق، مُفضية إلى الصواب.
فنقول إذاً: نقدّر نصيباً ونستثني منه ثلثَ مال إلا نصيباً، فيحصل للوصية نصيبان إلا ثلث مال، وقد يقول المبتدىء: كان الوصيةُ نصيباً، فاستثنيا منه، والاستثناء إسقاط، فكيف صار بعد الإسقاط نصيب، فنقول: هذا أولاً خارجٌ على عبارات الجبر؛ فإنا استثنينا من النصيب ثلثاً إلا نصيباً، فالنصيب مستثنىً من الثلث، فإذا أضفنا ذلك إلى النصيب المخرج، كان النصيب المنفي عن الثلث مثبتاً في جانب الوصية، فالذي يقتضيه هذا اللفظ أن نثبت في جانب الوصية نصيباً، ثم نتلفظ به أولاً. هذا حكم اللفظ في مسالك الجبر، وإذا رُدَّ الأمرُ إلى التحقيق، يستبين عند نجاز الطريقة أن نصيباً واحداً الاستثناء منه أكثرُ من نصيبين مع استثناء ثلث المال منهما.
فنعود بعد هذا التنبيه، ونقول: نخرج نصيباً ونستثني منه ثلثاً إلا نصيباً، فيحصل معنا نصيبان إلا ثلث مال، وهو الوصية، ونسقطه من المال، وإذا أسقطنا نصيبين إلا ثلث مال من مال، فيبقى معنا مال وثلث مال إلا نصيبين؛ فإن كل مذكور فيه استثناء إذا أضيف إلى غيره، يصير المنفي في المضاف إليه إثباتاً، فإذاً معنا مال وثلث مال إلا نصيبين، وذلك يعدل خمسة أنصباء، فنجبر المال بالنصيبين، فيكون مال وثلث مال يعدل سبعة أنصباء؛ فإن الأنصباء كانت خمسة، فلما جبرنا المال بنصيبين، زدنا على الأنصباء نصيبين، وابسط الجميع أثلاثاً، واقلب الاسم فيهما، فيكون المال أحداً وعشرين، والنصيب أربعة.
الامتحان: أن نأخذ ثلث المال وهو سبعة، فندفع منها نصيباً، وهو أربعة أسهم إلى الموصى له بالنصيب، ونسترجع منه فَضْلَ ما بين الثلث والنصيب، وذلك ثلاثةُ أسهم، يبقى منه سهم واحد، وهو وصيته، نُسقطه من المال، يبقى عشرون بين البنين، على خمسة: لكل واحدٍ منهم أربعة، وهو النصيب الذي خرج.
6803- حساب المسألة بطريق الدينار والدرهم: أن نجعل ثلثَ المال ديناراً ودرهماً، ونجعل النصيب ديناراً، فندفعه إلى الموصى له، ونسترجع منه درهماً؛ لأن التكملة درهم، يبقى من الثلث درهمان: درهم قدرناه مع الدينار، ودرهم استرجعناه من الدينار، فنزيدهما على ثلثي المال، فيبلغ دينارين وأربعة دراهم، وذلك يعدل أنصباء الورثة، وهي خمسة دنانير، فنلقي الجنس بالجنس، تبقى ثلاثة دنانير تعدل أربعة دراهم، فنقلب الاسم في الجنسين، فنجعل الدينار أربعة، وهي النصيب، والدرهم ثلاثة وهي التكملة، فالثلث سبعة، والمال أحدٌ وعشرون، كما خرج بطريق الجبر.

.فصل: في الوصية بالتكملتين:

6804- رجل له خمسة بنين وبنت، فأوصى لرجل بتكملة ثلث مال بنصيب ابن، وأوصى لآخر بتكملة سدس مال بنصيب البنت.
فنأخذ في مسلك الجبر مالاً، وننقص منه الوصيتين، وإحدى الوصيتين ثلث مال إلا نصيبين، لأن لكل ابن في فريضة الميراث سهمان، وكل سهم نصيبٌ في العبارة؛ فإذاً هذه الوصية ثلث مال إلا نصيبين، والوصيةُ الثانية سدس مال إلا نصيب؛ لأن حصة البنت سهم واحد، وإذا استثنينا الوصيتين كذلك من المال، بقي معنا نصف مال، وثلاثة أنصباء؛ فإن ما ننفيه في الاستثناء إثبات في المستثنى منه، وما نثبته في الاستثناء نفيٌ عن المستثنى عنه، وقد أثبتنا ثلثاً وسدساً في الاستثناء، ومجموعهما نصف المال، فنفيناه في العبارة عن المستثنى عنه، وذكرنا في الاستثناء نَفْيَ ثلاثة أنصباء، فأثبتناها في المستثنى عنه، فبقي إذاً معنا نصف مال وثلاثة أنصباء تعدل أنصباء الورثة، وهي أحدَ عشر نصيباً، هذه فريضة الميراث، فنسقط الجنس بالجنس، يبقى نصف مال يعدل ثمانية أنصباء، فالمال كله يعدل ستة عشر سهماً، ولكن لا سدس لها ولا ثلث ولها نصف، وإذا ضربنا ذلك في ثلاثة، فيكون لمبلغها ثلث وسدس، فيبلغ ثمانيةً وأربعين، فهي المال، فيصير كل نصيب ثلاثة بالضرب في مخرج الثلث.
الامتحان: نأخذ ثلث المال، وهو ستة عشر، ونسقط منه نصيبين يبقى عشرة، فهي وصية الأول؛ فإن العشرة تكملة الثلث، ثم نأخذ سدس المال ثمانية، ونلقي منها نصيبَ البنت، وهو ثلاثة، يبقى خمسة، وهي وصية الثاني، فإنها تكملة السدس، والوصيتين جميعاً خمسةَ عشرَ، فأسقطهما من المال، تبقى ثلاثة وثلاثون سهماً، بين خمسة بنين وبنت، للذكر مثل حظ الأنثيين: لكل ابن ستة وللبنت ثلاثة.
ولو كانت المسألة بحالها، فأوصى معهما لآخر بثمن ما تبقى من ثلثه، فخذ ثلث المال، وانقص منه تكملة الثلث، وهي ثلث مال إلا نصيب ابن، وهو في الحقيقة نصيبان، كما ذكرنا، وانقص منه أيضاً تكملة السدس، وهي سدس مال إلا نصيب البنت، وهو سهم واحد، تبقى ثلاثة أنصباء إلا سدس مال، هذا هو الباقي من الثلث، فادفع ثمنه إلى الموصى له الثالث، وذلك ثلاثة أثمان نصيب إلا ثمن سدس مال، يبقى نصيبان وخمسة أثمان نصيب إلا سبعة أثمان سدس مال، فنزيده على ثلثي المال، فيكون خمسة وعشرين جزءاً من ثمانية وأربعين جزءاً من مال ونصيبين وخمسة أثمان نصيب، تعدل أحدَ عشرَ نصيباً، فنسقط الجنس بالجنس، ونضرب الجميع في مخرج أجزاء المال، وهي ثمانية وأربعون، ونقلب الاسم فيهما، يصير المال أربع مائة واثنين، والنصيب خمسة وعشرين، ولم نبسط القول في البيان؛ فإن من انتهى إلى هذا الموضع وتكررت عليه المسائل، لم يخف عليه هذا.
والامتحان: نأخذ ثلث المال وهو مائة وأربعة وثلاثون، ونلقي منها نصيب الابن وهو خمسون، وله سهمان كل سهم خمسة وعشرون، فتبقى أربعة وثمانون: هي وصية صاحب تكملة الثلث.
ثم نأخذ سدس المال، وهو سبعة وستون، ونلقي منها نصيبَ البنت، وهو خمسة وعشرون، يبقى اثنان وأربعون هي وصية صاحب تكملة السدس، فالوصيتان جميعاً تبلغ مائة وستة وعشرين، أسقطها من ثلث المال، وهي مائة وأربعة وثلاثون تبقى من الثلث ثمانية أسهم، فندفع ثمنها وهو سهم واحد إلى الموصى له الثالث، تبقى سبعة أسهم، فنزيدها على ثلثي المال، وهو مائتان وثمانية وستون، فيصير مائتين وخمسة وسبعين، بين خمسة بنين وبنت، لكل ابن خمسون، وللبنت خمسة وعشرون.

.فصل: في الوصية بالتكملة واستثناء تكملة أخرى منها:

6805- المثال: أربعة بنين وقد أوصى بتكملة ثلث مال بنصيب أحدهم إلا تكملة ربع ماله بالنصيب.
فنأخذ ثلث مال وننقص منه نصيباً، يبقى ثلث مال إلا نصيباً، وهذا تكملة الثلث، فاحفظها ثم خذ ربعَ مال، وانقص منه نصيباً، يبقى ربعُ مال إلا نصيباً، هذه تكملة الربع، فانقصها من تكملة الثلث، وهو ثلث مال إلا نصيب، فيبقى نصف سدس مال، ونسقط الاستثناء جرياً على ما مهدناه، من أن النفي إذا أضيف إلى المستثنى عنه صار إثباتاً، فيثبت نصيب بسبب إضافة ربع مال إلا نصيب إلى ثلث مال إلا نصيب، فنجبر ما في ثلث المال من استثناء النصيب بما اقتضته الإضافة من إثبات النصيب، فيبقى نصف سدس مال، فنسقطه من المال، فيبقى أحد عشر جزءاً من اثني عشر جزءاً من مال يعدل أربعة أنصباء، فاضرب الجميع في مخرج أجزاء المال، وهي اثني عشر واقلب الاسم فيهما، فيصير المال ثمانية وأربعين، والنصيب أحد عشر.
وامتحانه: أن نأخذ ثلث المال وهو ستةَ عشرَ، ونلقي منها النصيبَ، وهو أحد عشر يبقى خمسة، فاحفظها، ثم نأخذ ربع المال، وهو اثنا عشر ونلقي منها النصيبَ، وهو أحد عشرَ، يبقى واحد، وهو تكملة الربع، فأسقط هذه التكملة من التكملة المحفوظة، تبقى أربعة، وهي الوصية وهي مثل نصف سدس المال، فأسقطها من المال، وهو ثمانية وأربعون، تبقى أربعة وأربعون بين أربعة بنين، لكل واحد منهم أحدَ عشرَ.
وإن كانت المسألة بحالها، فانضمَّ إليها أنه أوصى أيضاً لآخر بثلث ما تبقّى من ثُلثه، فخذ ثلث المال وانقص منه نصيباً تبقى ثلث مال إلا نصيباً هذه تكملة الثلث، وانقص منه تكملة الربع، وهو ربع مال إلا نصيباً يبقى نصف سدس مال، فانقصه من الثلث، يبقى ربع مال، فادفع ثلثه إلى الموصى له الثاني، يبقى من الثلث سدس مال، وكل واحدة من الوصيتين، نصف سدس، والوصيتان سدس مال، والباقي من المال بعدهما خمسة أسداس مال يعدل أربعة أنصباء، فابسطها أسداساً، واقلب الاسم فيهما فيكون المال أربعةً وعشرين، والنصيب خمسة.
ثم نأخذ الثلث ثمانية ونلقي منها النصيب، يبقى ثلاثة، فهي تكملة الثلث بالنصيب، فنسقط منها تكملةَ الربع، والربع ستةٌ، والنصيب منها خمسة، وتكملة الربع سهم، فأسقط تكملة الربع من تكملة الثلث يبقى اثنان، وهو وصية الأول، فأسقطها من ثلث المال وهو ثمانية، تبقى ستة، فادفع ثلثَها، وهو أيضاً سهمان إلى الموصى له الثاني، تبقى أربعة فردها على ثلثي المال، وهو ستة عشر فيبلغ عشرين، فهو بين أربعة لكل واحد منهم خمسة، وهي النصيب الخارج.
وقد أطلقنا القول في هذه الأبواب تعويلاً على فهم الفاهم، فأما ذكرنا أجزاءَ بعد وصايا، وذكرنا استثناءً بعد وصايا، ولم نتعرض للنصيب والوصية، وفرّعنا على المذهب الظاهر في أن المطلق محمول على الوصية، فليتبين الناظر ذلك.
وقد نجز القول في فصول التكملة وما يتعلق بها.
القول في الوصايا المشتملة على الجذور والكعاب
6806- جمع الحُسّاب في هذه المقالة فصولاً وضعيّة، وخرّجوها على طريق الحساب، وطلبوا في بعضها تصحيحَ المسألة من عددٍ صحيح، يشمل الوصايا وفرائض الورثة، وقد يخرجوها إذا دقّ الحساب من الكسور اكتفاءً بها، ولم يتعرضوا لحظ الفقه منها، وطردوها طردَ من لا يبغي إلا الحساب، وقد قضّيت العجب في مجاريها من الأستاذ أبي منصور؛ فإنه كان جمع إلى الإمامة في الحساب حُظوة صالحة في نقل مذاهب الفقهاء، وقد تفطن لدقائق فقهية في خَلَلِ الطرق الحسابية، وقدمنا بعضها فيما سبق من الأبواب، حتى إنه فصّل ما لم يتعرض الفقهاء لتفصيله، ولابد من تفصيله، وهو كفَرْقه بين الوصية بجزءٍ بعد النصيب، وبين الوصية بجزء بعد الوصية، وبين الإطلاق، وقد ذكرتُ ذلك، وأوضحتُ أنه لا يطلع على حقيقة هذه الأبواب من لم يحط بها.
ثم إنه مع قدره العليّ عمي عن أصلٍ عظيم في فقه الوصايا، وأخذ يتتبع وضع الحُسَّاب اتّباعَ من لا يكترث بالفقه، ولا يجعله من باله، والظن به وكل من يرجعُ إلى حاصلٍ في الفقه حملُ فصول هذه المقالة على وضعٍ وتقديرٍ من جهة السائل، كما سنصفه، إن شاء الله تعالى.
6807- ونحن لا نجد بداً من ذكر قاعدة في الفقه نُصدِّر المقالةَ بها، ثم نرجع إلى مسالك الحساب، ونبيّن وضعَها في الوضع، وما يفتقر إليها الجري على المسائل الفقهية، ونخرج عما يتفاوض به الحُسَّاب.
6808- فنقول: الخائض في هذه المقالة ينبغي أن يكون على ذُكره أصلان من فقه الوصايا:
أحدهما: أنه إذا أوصى رجل بوصية، وكانت متردِّدة بين الصحة والفساد، فهي محمولةٌ على الصحة، ومن شواهد ذلك أن من أوصى بطبلٍ من طبوله، وكانت له طبول تجري مجرى المعازف كالكوبة، فلا تصح الوصية بها، كما لا تصح الوصية بالمعازف، ولو قيل الوصية بطبل الحرب، لصحت. فإذا أطلق الوصيةَ، فهي مترددةٌ من جهة اللفظ واللسان بين الفساد والصحة، فهي محمولة على الصحة، وهذا متعلق أصحاب أبي حنيفة في مسألة مُدّ عجوة، ومعتمدنا ومرجوعنا في ذلك أن الوصية تصح مع التردد في جهات الصحة، والبيع لا يصح مع الترديد في جهات الصحة، فكيف يصح الترديد في جهة الصحة والفساد؟ فهذا هو الذي قطعنا به البيع عن الوصايا.
وإلا، فلسنا ننكر أن ما يقبل الترديد في وضعه إذا تردد بين الصحة والفساد، حُمل على الصحة؛ فإن من يُطلق عقداً يبغي تصحيحَه، فلا يُحمل لفظُ ذي جِدّ مُطْلِقٍ عقداً شرعياً على غير الصحة، إذا أمكنت الصحة.
6809- واختلف قول الشافعي رضي الله عنه في أصلٍ، نشير إليه، ونستقصيه في موضعه، إن شاء الله تعالى، وهو أن من أوصى بثلثٍ من دارٍ، ولم يقل: أوصيت بالثلث الذي لي منها، وكان لا يملك من الدار إلا ثلثَها، فهل تنزل الوصية على جميع ثلثِه، أم تُقدّر مضافةً إلى الثلث الشائع مما يملك ومما لا يملك؟ حتى لا تصح الوصية إلا في ثلث الثلث؛ فإن له من كل ثلث من الدار ثلثاً.
هذا فيه اختلافُ قولٍ.
وقد ذكرنا ترددَ الأصحاب في مثله لو عَرَضَ في البيع، فمن يرى تنزيل الوصية على الثلث المملوك، يعتمد ما مهدناه من حمل الوصية على الصحة إذا ترددت بين جهة الصحة، وبين الفساد.
ومن أشاع الثلث، تمسك بموجب اللفظ، واكتفى باكتفاء الوصية بالثلث؛ فإنها تصح في ذلك الجزء ولا تبطل رأساً.
هذا قولنا في أصل الوصية، وهو أحد الأمرين اللذين رأينا إجراءهما في الذكر في فصول هذه المقالة؛ حتى لا يبتدر الناظر إلى إبطال الوصية إذا عنّت له مسألة مردّدةٌ بين الصحة والفساد.
6810- والأصل الثاني: إذا جرى في لفظ الموصي لفظ يتردد بين القليل والكثير، فهو محمول عند الشافعي رضي الله عنه على الأقل، ومن أصله في ذلك، تركُ المبالاة بما يُجريه الفقهاء من ألفاظهم، ولا يحمل عليه الألفاظَ المطلقةَ في الوصايا.
6811- وبيان ذلك أن الوصية بالسهم المطلق لا تحمل على سهمٍ من سهام فريضة ميراث الموصي، وإن ساغ هذا اللفظ في تفاوض الفقهاء.
وكذلك إذا أوصى لإنسان بنصيبٍ، فقد يَسيغ في ألفاظ الفقهاء ذكر النصيب على إرادة حظِّ بعض الورثة، ولكن لا مبالاة بذلك عند الشافعي، كالوصية بالسهم والنصيب، كالوصية بالشيء المطلق، أو كالوصية بمال.
والوصايا في ألفاظها في هذا المساق تجري مجرى الأقارير، وقد مهدنا أصلَ المذهب في الألفاظ التي يُطلقها المقرون، وبيّنا أنها محمولةٌ على الأقل.
6812- فقد خرج من هذا الضبط أنا لا نعطِّل لفظَ الموصي، ولكنا لا نحكم بحمله على مقدارٍ مع صلاحه لما دونه.
6813- وهذا الذي ذكرناه يأتي مشروحاً، إن شاء الله عز وجل، فقد انقضى غرضُ الكتاب ولم ينقض الحساب، ولكنا ذكرنا مقدار الحاجة؛ حتى نُخرّج عليه ما أطلقه الحُسّاب في مسائل هذه المقالة.
والوجه أن نَجري على المراسم المقدّمة في الحساب، فنذكر المقاصد في فصولٍ، ثم نصدّر كلَّ فصلٍ بمسلكِ الفقه، ثم نذكر طريقَ الحُسَّاب، ونبين وجه ضعفها على موافقة الفقه.