فصل: فصل: بالوصية بالنصيب، مع الوصية بجزءٍ من المال، والوصية، بجزءٍ مما بقي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.فصل: بالوصية بالنصيب، مع الوصية بجزءٍ من المال، والوصية، بجزءٍ مما بقي:

6686- فمن صور المسألة: ميتٌ خلف تسعة بنين، فأوصى لرجلٍ بثُمن ماله ولآخرَ بمثل نصيب أحد بنيه، ولثالثٍ بعشر ما بقي من المال.
فحسابه بالجبر أن نأخذَ مالاً، فنلقي منه ثمنَه بالوصية، يبقى معنا سبعة أثمان مالٍ، ندفع منه بالوصية الثانية نصيباً يبقى سبعة أثمان مال إلا نصيبا، ندفع بالوصية الثالثة عشرها.
فنعلم أنا نحتاج إلى ضرب مخرج الثمن في مخرج العشر، فيكون ثمانين، ونعيد إخراج الوصايا من هذا المبلغ: الثمن منها عشرة، فيبقى سبعون، ثم نخرج منها نصيباً للوصية بالنصيب، فيبقى معنا سبعون من ثمانين إلا نصيب، ثم نخرج عُشرَه، وهو سبعة ناقصة بعُشر نصيب، فيبقى ثلاثة وستون جزءاً من ثمانين جزءاً، من مالٍ ناقص تسعة أعشار نصيب، وهذا يعدل أنصباء الورثة، وهي تسعة، فنجبر بتسعة أعشار نصيب، ونزيد مثلها، ثم نبسط الأنصباء، فتصير سبعمائة واثنان وتسعون، وسبب ذلك أن البسط في طريق الجبر يقع بأقل الأجزاء وأدقها، وقد رسمنا المسألة أولاً من ثمانين، فليقع البسط بنسبة ثمانين.
والامتحان أن نلقي من المال ثمنه، وهو تسعة وتسعون بالوصية الأولى، يبقى ستمائة وثلاثة وتسعون، نلقي منها النصيب، وهو ثلاثة وستون بالوصية الثانية، يبقى ستمائة وثلاثون، نلقي عشرها بالوصية الثالثة وهو ثلاثة وستون، يبقى خمسمائة وسبعة وستون بين الورثة على تسعة: لكل ابن ثلاثة وستون، فكل نصيب ثلاثة وستون.
والأنصباء والوصايا متفقة بالأتساع، فنردّها إلى أتساعها، فيكون المال ثمانية وثمانين، والنصيب سبعة: للموصى له بالثمن أحدَ عشرَ، ولصاحب النصيب سبعة، تبقى سبعون، للموصى له الثالث عشرها: سبعة، والباقي ثلاثة وستون بين الورثة: لكل ابن سبعة.
6687- حساب المسألة بالخطأ الأكبر أن تجعل المال إن شئت ستة عشر، فتدفع ثمنها اثنين بالوصية الأولى؛ تبقى أربعة عشر، فندفع النصيب أربعة، تبقى عشرة، ندفع عشرها إلى الثالث، تبقى تسعة للبنين، وكل واحد منهم يستحق أربعة وجملة ما يستحقون ستة وثلاثون، والباقي معنا تسعة فينقص من الواجب سبعة وعشرون، فهو الخطأ الأول، وهو ناقص، فاحفظه.
ثم اجعل المال إن شئت أربعة وعشرين، فادفع ثمنها بالوصية الأولى ثلاثة، فتبقى أحدٌ وعشرون، فاجعل النصيب واحداً، تبقى عشرون، فألق عشرها اثنين، وادفعه للموصى له الثالث، تبقى ثمانية عشر، ندفع منها إلى كل ابن واحداً، مثلَ النصيب، تبقى تسعة زائدة، وهو الخطأ الثاني، وهو زائدٌ الآن، وكان ناقصاً قبلُ، فاجمع بين الخطأين، لأن أحدهما زائد، والآخر ناقص، فيكون ستة وثلاثين، فهي المقسوم عليها، فاحفظها، ثم اضرب المال الأول وهو ستة عشر، في الخطأ الثاني، وهو تسعة، تكون مائة وأربعة وأربعين، ثم اضرب المال الثاني وهو أربعة وعشرون، في الخطأ الأول وهو سبعة وعشرون، فيكون ستمائة وثمانية وأربعين، فزد عليها المائة والأربعة والأربعين، فتبلغ سبع مائة واثنين وتسعين، على الستة والثلاثين المحفوظة، فيخرج اثنان وعشرون، وهو المال.
فإن أردت النصيب، فاضرب النصيب الأول، وهو أربعة في الخطأ الثاني، وهو تسعة، فيكون ستة وثلاثين، واضرب النصيب الثاني، وهو واحد في الخطأ الأول، وهو سبعة وعشرون، فيكون سبعة وعشرين، واجمع هذين المبلغين، فيكون ثلاثة وستين، فاقسمها على الستة والثلاثين، فيخرج واحد وثلاثة أرباع، فهو النصيب، فابسطها أرباعاً، يكون المال ثمانية وثمانين، والنصيب سبعة.
6688- وحسابها بالخطأ الأصغر أنك إذا جعلت المال ستة عشرَ، حصل الخطأ سبعة وعشرون، والخطأ ناقصاً، فلما زدت في المال ثمانية، زال هذا الخطأ في النقصان، وزاد خطأً بتسعة، وإذا زدت التسعة على سبعة وعشرين، صار ستة وثلاثين، والتسعة ربع ستة وثلاثين، فانقص من الثمانية التي زدتها ربعاً، تبقى ستة، فزدها على المال الأول، يكون المال اثنين وعشرين، وأخرج بالخطأ الأكبر، فابسطها أرباعاً، فتكون ثمانية وثمانين.
وطريق الباب أن نطلب أولاً مالاً إذا أسقطت منه ثمنه، كان للباقي عشرٌ صحيح، وهو ثمانون، فنلقي ثمنها عشرة، فيبقى سبعون، فنلقي عشرها، سبعة، يبقى ثلاثة وستون، فهي تعدل كلَّ سهم من سهام الفريضة، ثم نقيم سهامَ الفريضة، وهي تسعة، ونصيب الابن الموصى بمثل نصيبه واحد، فنلقيه من عشرة، تبقى تسعة، فنضربها في الثمانين التي جعلتها مثالاً للمال، فيبلغ سبعمائة واثنين وتسعين، وهو المال.
فإن أردت النصيبَ، فخذ نصيبَ الابن الموصى بمثل نصيبه من سهام الفريضة وهو واحد، فاضربه فيما كان يعدل كلَّ سهمٍ من سهام الفريضة، وهو ثلاثة وستون، فتكون ثلاثة وستون، فهو النصيب، ثم اختصر المسألة، وردّ المال والنصيب إلى التسع، فيرجع المال إلى ثمانية وثمانين، والنصيب إلى سبعة.
6689- وأما طريق الحشو، فاطلب أولاً مالاً له ثمن، وإذا ألقي منه الثمن، كان للباقي عشر، وهو ثمانون، ثم طريق طلب سهم الحشو أن ننظر إلى الجزء المذكور بعد النصيب، ونقدّر كأنه جزء من المال، وقد ذكر بعد النصيب عشر المال، فخذ عشر الثمانين، ولا تنظر إلى أن المذكور عشر الباقي، اتخذ هذا أصلك في سهم الحشو أبداً، وهو السهم الذي نسقطه من المال إذا كنت تطلب المال، فقل: عشر الثمانين ثمانية، فنضربها في نصيب الابن من أصل الفريضة، فيكون ثمانية، فهذا حشو، فاحفظه حتى لو ذكر بعد النصيب خمس الباقي، أو سدس الباقي، أو ما كان، فنحن نعتبر خمس جميع المال، أو سدس جميع المال، ونضربه في نصيب الوارث الموصى بمثل نصيبه، فاعلم ذلك، وثق به، واعتقده الحشوَ المحطوط من المال، ثم عُدْ إلى المال، وهو ثمانون، فألق منها ثمنها، يبقى سبعون، فخذ عشرَ الباقي الآن بحق، فيكون سبعة، واضربها في نصيب الابن الموصى بمثل نصيبه، وهو واحد، فيكون سبعة، فهو الحشو الثاني، واشتملت المسألة على حشوين، لاشتمالها على جزأين، فاحفظ السبعة والثمانية، ثم اقسم سهام الفريضة من تسعة، وزد عليها مثلَ النصيب الموصى به، فتبلغ عشرة، فاحفظها، فاضربها في الثمانين التي هي المال الممثل فيبلغ ثمانمائة، فألق منها الحشوَ الأول، وهو ثمانية، تبقى سبع مائة واثنان وتسعون، فهي المال.
وإذا أردت النصيب، فخذ نصيبَ الابن الموصى بمثل نصيبه، فاضربها في مخرج الجزء الأول، فما بلغ، فاضربها في مخرج الجزء الثاني ومخرج الجزء الأول-وهو الثمن- ثمانية، ومخرج الجزء الثاني-وهو العشر- عشرة، وإذا ضربنا ثمانية في عشرة ردّ ثمانين، فنسقط منه الحشوين جميعاً، وهو خمسةَ عشرَ، فتبقى ثلاثة وستون فهي النصيب، وطريق الاختصار ما تقدم.
6695- وحساب المسألة بالمقادير أنك إذا ألقيت من المال ثمنه، ومن الباقي نصيباً، بقي منه مقدار، فندفع عُشْره بالوصية الثالثة، فتبقى تسعة أعشار مقدار.
وهاهنا تأمُّل على الناظر؛ فإنا ألقينا الثمن والنصيب، وقلنا: بقي مقدار، ولم نلق العشرَ؛ لأن العشر جزء من هذا المقدار، فقلنا بعد الثمن والنصيب: بقي مقدار، وحططنا عُشرَه؛ فبقي تسعة أعشار مقدار، فهي للورثة لكل واحد عشر مقدار؛ فعلمنا بذلك أن الذي أخذه الموصى له بالنصيب عُشْر مقدار، فنعود ونقول: الباقي بعد الثمن مقدارٌ وعشر مقدار، وهذا سبعة أثمان المال، فإذا زدت عليه سُبعه، كان جميعَ المال، ويخرج منه أن المقدارَ عددٌ له عُشر، ولعُشره سُبع، وهو سبعون، فقل: المقدار سبعون، فنزيد عليه عُشره، فيكون سبعةً وسبعين، ثم زد على الجملة سبعها، وهو أحدَ عشرَ، فيصير ثمانية وثمانين، فهي المال. والنصيب سبعة.
6691- وتخرج المسألةُ بطريق القياس: إنك تعلم أن الأول أخذ ثمن المال، وأخذ الثاني نصيباً، يجب أن يكون الباقي عَشْرٌ، فليكن عُشره للموصى له الثالث، عُشْرها واحد، تبقى تسعة، لكل ابن واحد، فليعلم أن النصيب الذي أخذه صاحب النصيب واحد، والباقي بعد الثمن أحدَ عشرَ، وهو سبعة أثمان المال، فزد على الواحد عشرَ سُبعه، وهو واحد وأربعة أسباع، فيبلغ اثني عشر، وأربعة أسباع فابسطها أسباعاً، فيكون المال ثمانية وثمانين، والنصيب سبعة.
6692- وطريق الدينار والدرهم أن تجعل المال ديناراً وسُبعَ دينار، وأحد عشر درهماً وثلاثة أسباع درهم، حتى إذا دفعت منه إلى الموصَى الأول ثمن المال، ودفعت الدينار بالنصيب إلى الموصى له الثاني، بقي من المال شيء له عشر صحيح.
وإذا كان كذلك، فادفع إلى الموصى له الأول ثمنَ جميع ذلك، وهو سبع دينار، ودرهم وثلاثةُ أسباع درهم، يبقى دينار وعشرة دراهم، وادفع الدينار بالنصيب إلى الثاني، تبقى عشرة دراهم: للموصى له الثالث منها درهمٌ. الباقي تسعةُ دراهم، تعدل تسعة دنانير، وهي أنصباء البنين؛ فإن كلَّ سهم ممثل بدينار، فبان أن الدينار قيمته درهم واحد، وكنت جعلت المال ديناراً وسبعاً، وأحد عشر درهماً وثلاثة أسباع درهم، فبان الآن أن المال اثنا عشر درهماً وأربعة أسباع درهم، والنصيب درهم، فابسطها أسباعاً يكون المال ثمانيةً وثمانين، والنصيب سبعة.
6693- ومن مسائل هذا النوع أن يكون الجزءان المذكوران مع النصيب أحدهما بعد الآخر، مثاله:
ترك ثلاثة بنين، وأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم، ولآخر بثلث الباقي، ولآخر بثلث الباقي بعدُ. ذلك كلُّه من الثلث.
فطريق الجبر أن نأخذ ثلث مالٍ، فنلقي منه نصيباً، فيبقى ثلثُ مال إلا نصيب، فنلقي بالوصية الثانية ثُلثَه، وذلك تسع مال إلا ثلث نصيب، فيبقى تسعا مال إلا ثلثي نصيب، فنلقي بالوصية الثالثة: ثلثها.
ونحتاج الآن أن نأخذ تُسعي عدد يكون له ثلث، وإنما يصح ذلك من سبعة وعشرين. وتسعاها ستة، فيبقى معنا بعد الوصيتين الأوليين ستة أجزاء من سبعة وعشرين جزءاً من مال، إلا ثلثي نصيب، فنلقي ثلثَها بالوصية الثالثة، فيبقى أربعة أجزاء من سبعة وعشرين جزءاً من المال، إلا أربعة أتساع نصيب، فنزيدها على ثلثي المال، وهو ثمانيةَ عشرَ؛ فإنا قدرنا جميع المال سبعةً وعشرين، فيبلغ الآن الثلثان مع ما زدنا عليهما اثنين وعشرين جزءاً من سبعةٍ وعشرين جزءاً من المال إلا أربعة أتساع نصيب، وذلك يعدل ثلاثة أنصباء، فنجبرها بأربعة أتساع نصيب، ونزيد على عديلها مثلها؛ فيكون اثنان وعشرون جزءاً من سبعة وعشرين جزءاً من المال تعدل ثلاثةَ أنصباء، وأربعة أتساع نصيب، فنبسطها بأجزاء سبعة وعشرين، فتبلغ ثلاثة وتسعين، ثم نقلب العبارة: فالمال ثلاثة وتسعون، والنصيب اثنان وعشرون.
للامتحان: ثلث المال أحدٌ وثلاثون، فنلقي منه بالوصية الأولى نصيباً، وهو اثنان وعشرون، تبقى منه تسعة، نلقي منها بالوصية الثانية ثلثها ثلاثة، تبقى ستة، نلقي بالوصية ثلثها، تبقى أربعة، نزيدها على ثلثي المال، وهو اثنان وستون، فيبلغ ستة وستين، نقسمها على البنين لكل ابن اثنان وعشرون، كما أخذ الموصى له بمثل النصيب.
6694- وطريق الدينار والدرهم أن نجعل ثلث المال ديناراً وعدداً من الدراهم له ثلث، ولثلثه ثلث، وهو تسعة، فأعطِ بالنصيب ديناراً، فتبقى تسعة دراهم، فادفع ثلثها بالوصية الثانية، يبقى ستة، وادفع ثلثها بالوصية الثالثة، تبقى أربعة دراهم، فزدها على ثلثي المال، وهو ديناران، وثمانية عشر درهماً، فيصير المجموع دينارين واثنين وعشرين درهماً، تعدل ثلاثة دنانير، فنلقي دينارين، فيبقى دينار يعدل اثنين وعشرين درهماً، وكنا جعلنا الثلث ديناراً وتسعةَ دراهم، فالثلث الآن أحدٌ وثلاثون درهماً، والثلثان ضعف ذلك، والنصيب اثنان وعشرون.
6695- وطريق القياس أن نقول: قد علمنا أن الباقي من الثلث بعد النصيب، وبعد ثلث الباقي يجب أن يكون عدداً له ثلث صحيح؛ لأنه قد أوصى بثلثه، فنجعله ثلاثة وندفع ثلثها بالوصية الثالثة، يبقى سهمان. وإذا زدنا على الثلاثة نصفها، بلغ أربعة ونصف، فهي الباقي من الثلث بعد النصيب، فادفع من كل ثلث نصيباً إلا أربعة ونصف، فيحصل من كل ثلث أربعة ونصف، والثلث الذي فيه الوصايا نُخرج بعد النصيب واحداً ونصفاً، ثم واحداً، فيبقى اثنان، فنضمهما إلى التسعة الفاضلة من الثلثين الباقيين، فيصير أحد عشر، وهو النصيب، فنعود ونقول: جعلنا الثلث نصيباً وأربعة ونصفاً، والآن نجعله خمسة عشر ونصفاً، وكذلك كل ثلث، ثم نبسطها أنصافاً، فيصير المال ثلاثة وتسعين.
وإذا أردت قلت في طريق القياس: نجعل الثلث نصيباً وتسعة، ثم نقول نعطي من الثلثين الباقيين نصيبين، ويفضل منهما ثمانية عشر، ونضم إلى ذلك ما يفضل من الثلث الذي فيه الوصايا، وهو أربعة، فيصير اثنين وعشرين، فهو نصيب الابن الثالث، ونتبين منه أن كل نصيب اثنان وعشرون، فنعود ونقول: الثلث اثنان، وعشرون وتسعة، والمجموع أحدٌ وثلاثون.
6696- وجاءت المسألة بالمقادير: أن نقول أخرجنا من الثلث نصيباً، فبقي من الثلث مقدار، فندفع ثلثه بالوصية الباقية، يبقى ثلثا مقدار، ندفع ثلثه بالوصية الثالثة، يبقى أربعة أتساع مقدار، ثم ندفع من كل ثلث من الثلثين الباقيين نصيباً إلى ابن، فيبقى من كل ثلث من الثلثين مقدار، فيبقى من المال كله: مقداران من الثلثين الباقيين، وأربعة أتساع مقدار من الثلث الذي فيه الوصايا. فهذا الذي يستحقه الابن الثالث، فابسطه أتساعاً، فيبلغ اثنين وعشرين. وكنا جعلنا ثلث المال نصيباً وتسعة، فالثلث إذاً أحدٌ وثلاثون كما تقدم.
6697- فطريق الخطأين بيّن: فإن أردناها، قلنا: لابد من اعتبار التسعة في الثلث، فنزيد على التسعة لأجل النصيب مما يتفق، فليكن ذلك الزائد واحداً، فنخرجه، وتبقى التسعة، فنخرج منها ثلاثة بالوصية الثانية، واثنين بالوصية الثالثة.
وإذا كان الثلث عشرة، فالثلثان عشرون، فنضم إلى الثلثين الأربعة الفاضلة، فحصل معنا أربعةٌ وعشرون، فندفع منها إلى كل ابن واحداً: مثل ما قدرناه نصيباً، فيفضل أحدٌ وعشرون.
وهذا هو الخطأ الأول، فنزيد على التسعة ستة، فنجعل الثلث خمسة عشر، يخرج منها النصيب ستة، والثلثان ثلاثون، ونضم إلى الثلثين ما يفضل من التسعة عن الوصيتين، وهو أربعة، فنسلم إلى كل ابن ستة، فيفضل ستةَ عشرَ، وهو الخطأ الثاني.
والخطآن جميعاً من نقصان الأنصباء، فنحط الأقل من الأكثر والخطأ الأول أحدٌ وعشرون، فإذا حططنا عنه الستةَ عشرَ، بقي خمسة، وهي المقسوم عليها، فنحفظها.
فإن طلبنا المال، ضربنا المال الأول في الخطأ الثاني وهو عشرة في ستة عشر، يكون مائة وستين، ثم ضربنا المال الثاني، وهو خمسة عشر في الخطأ الأول، وهو أحد وعشرون، فيبلغ ثلاثمائة وخمسة عشر، فنحط عنه، مائة وستين، فيبقى مائة وخمسة وخمسون، فنقسمها على الخمسة المحفوظة فيخص كل واحد أحدٌ وثلاثون وهو ثلث المال.
وإذا أردنا طلبَ النصيب، ضربنا النصيبَ الأول، وهو واحدٌ في الخطأ الثاني وهو ستةَ عشرَ، وضربنا النصيبَ الثاني، وهو ستة في الخطأ الأول، وهو واحد وعشرون، فيصير مائة وستة وعشرين، فنحط منها ستة عشر، فيبقى منه مائة وعشرة، فنقسمها على الخمسة، فيخرج نصيب الواحد اثنان وعشرون، وهو النصيب.
6698- والأصل المعتبر في طريق الخطأين إذا أردت استخراج مسألة من الدور، أو الوصايا، أو من العين والدين، أو من المساحة، أو غيرها من المعاملات الحسابية، فافرض عدداً كما شئت أو كسراً، وامتحن المسألة التي تريد استخراجها، فإن خرجت بأول فرضٍ، فهو المطلوب، وقد كُفيت.
وإن وقع خطأٌ، فاحفظ العدد المفروض ومقدار الخطأ فيه، واعرف الخطأ هل هو زائد على المطلوب أو ناقص؟ ثم افرض عدداً آخر، أو كسراً غيرَ الأول، وامتحن به المسألة، فإن خرجت، فقد حصل المطلوب، وإن وقع فيه خطأ، فاحفظ هذا العددَ الثاني المفروضَ، واحفظ خطأه، واعرف هل هو زائد أو ناقص؟
ثم انظر، فإن كان الخطآن زائدين أو ناقصين، فاطرح أقلهما من أكثرهما، فما بقي فهو المقسوم عليه، فاحفظه.
وإن كان أحد الخطأين زائداً، والآخر ناقصاً، فاجمع بينهما، ولا تنقص شيئاً، فما بلغ، فهو المقسوم عليه.
وقد عرفت أنك إذا أردت طلبَ المال، ضربت العددَ الذي فرضتَه أولاً في الخطأ الثاني، وحفظت مبلغه، ثم ضربت العدد الذي فرضتَه ثانياً في الخطأ الأول، واحفظ المبلغ.
ثم انظر إن كنت جمعت بين الخطأين، فاجمع بين هذين المبلغين ولا تنقص أحدهما عن الثاني، وإن كنت نقصت أحدهما من الآخر، فانقص أيضاً أحد هذين المبلغين من الآخر، ثم ما بلغ بعد الجمع أو بعد النقصان، فاقسمه على المحفوظ الذي سميناه المقسوم عليه، فما خرج من القسمة، فهو المطلوب.
وطريق طلب النصيب بما ذكرناه.
وهذه طريقة استعملها الحذّاق، وهي تجري على هذا النسق في كل مسألة، لا تقع فيها جذور، ولا كعاب. فإن وقع فيها شيء من ذلك أو من الضرب والقسمة احتيج فيها إلى زيادة في العمل، ولا يحتاج إليها الفقيه.
6699- من أسرار الطريقة أنك قد تصادف الصواب من أول فرض من غير قصد، وقد تصادفه في المرة الثانية، فإن أخطأت مرتين، فلا تزد، فإن الصواب يخرج بخطأين بالطريق الذي ذكرناه.
وهذا أصل القول في طريق الخطأين، قدمه الأستاذ أبو منصور. ورأينا تأخيره حتى يحصل الإيناس بصورة الطريقة في المسائل، فإذ ذاك يُحيط الفهم بما ذكرناه.
6700- وقد يقع من مسائل هذا الباب أغلوطة، إذا حذَقتَها، خرجت المسألة هينة من غير جبر.
فمنها أن يقول القائل:
ترك الرجل بنتاً، وامرأة، وأماً، وأخاً، وأوصى لرجل بمثل نصيب المرأة، ولآخر بمثل نصيب الأم، ولآخر بسدس جميع المال، ولرابع بثلث ما تبقى من الثلث.
فسهام الفريضة أربعة وعشرون: للبنت اثني عشر، وللأم أربعة، وللمرأة ثلاثة، وللأخ خمسة، فتزيد على الأربعة والعشرين مثلَ نصفها، لاعتباره الثلث؛ فإن قوله يتضمن حصر الوصايا في الثلث، وإذا فعلنا ذلك، فالجملة ستة وثلاثون، فإذا عزلتَ منها للموصى له بمثل نصيب الأم أربعة، وللموصى بمثل نصيب المرأة ثلاثة، وللموصى له بسدس جميع المال ستة، فمجموع ذلك ثلاثةَ عشرَ، وهو أكثر من ثلث المال، فنعلم بذلك أن الموصى له بثلث الباقي من الثلث لا وصية له، والوصايا زائدة على الثلث، فيكون الثلث بين أصحاب الوصايا الثلاثة على ثلاثةَ عشرَ سهماً، وثلثا المال ستة وعشرون بين الورثة، فينكسر ستة وعشرون على أربعة وعشرين، ولكن توافقها بالنصف، فاضرب نصف الفريضة في مخرج الوصايا، وصحح العمل بطريق الفرائض من غير جبر؛ فإن الجبر إنما يقع إذا اشتملت المسألة على نصيب وجزء بعده؛ فإن النصيب يصير مجهولاً بالجزء الذي يقع بعده. وقد سقط في هذه المسألة الجزء بعد الأنصباء، فاستمرت المسألة على حساب الفرائض.

.فصل: في الوصية بنصيبين مع الوصية بعد كل نصيب بجزءً:

6701- من مسائله أن يقال:
ترك ابنين وبنتين، وأوصى لإنسان بنصيب بنتٍ، ولآخر بخُمس ما تبقى من الثلث بعد هذا النصيب، وأوصى لثالث بمثل نصيب البنت الأخرى، ولرابع بثلث ما بقي من الربع بعد هذا النصيب.
فالحساب بالجبر أن نأخذ ثلث مالٍ، ونلقي منه نصيباً، يبقى ثلث مال إلا نصيبا، فنلقي خمسَ ذلك، فتبقى أربعة أخماس الثلث إلا أربعة أخماس نصيب، فاحفظ ذلك.
ثم خذ ربع مالٍ، فألقِ منه نصيباً، يبقى ربعُ مالٍ إلا نصيباً، فنلقي منه ثلث ذلك بالوصية الرابعة، يبقى ثلثا ربع إلا ثلثي نصيب.
فنحتاج أن نزيد ذلك على ما كان قد بقي من الثلث من قبل، وهو أربعة أخماس الثلث إلا أربعة أخماس النصيب، فنحتاج إلى عددٍ له ثلث، ولثلثه خمس، وله ربع ولربعه ثلث، وهو ستون. وإذا جمعت ثلثي ربع الستين إلى أربعة أخماس ثلثه، كان ستةً وعشرين؛ فإن ثلث الستين عشرون، وأربعة أخماسه ستةَ عشرَ، وربعه خمسةَ عشرَ، وثلثاه عشرة، والجملة ستة وعشرون. وهذا هو العدد، ولابد من استثناء النصيب، فمعنا أربعة أخماس الثلث إلا أربعة أخماس نصيب، وثلثا الربع إلا ثلثي نصيب.
والأوْلى أن نقسم النصيب في هذه المسألة قسمة المال على ستين، ومعنا استثناء أربعة أخماس من نصيب، والاستثناء ثلثي نصيب، فنكمل الأربعة الأخماس بالثلثين ضمّاً، فيصير نصيباً كاملاً، وثمانية وعشرين جزءاً من ستين جزءاً من نصيب.
فإذاً معنا ستةٌ وعشرون جزءاً من ستين جزءاً من المال، ناقصة بنصيبٍ وثمانيةٍ وعشرين جزءاً من ستين جزءاً من نصيب، ومخرج أجزاء النصيب خلاف أجزاء المال، ولكنهما متفقان بالخمس، وإذا ضربت خمس أحدهما في الثاني، كان ستين، فنضم الستة والعشرين إلى ما لم نتصرف فيه من المال، فإنا إنما تصرفنا في ثلث المال.
وربعه، وفضل منه ما ذكرنا، وبقي ربع المال وسدسه لم نتصرف فيهما، وربع الستين خمسةَ عشرَ وسدسه عشرة، وإذا ضممنا الستة والعشرين إلى ذلك، كان أحداً وخمسين، فنقول: هذا مع النقصان الذي ذكرناه يعدل أنصباء الورثة، والأنصباء ستة، وهي فريضة الميراث، فنجبر الأحد والخمسين بنصيبٍ وثمانية وعشرين جزءاً من ستة وعشرين جزءاً من ستين جزءاً من نصيب، ونزيد مثلَ ذلك على عديله، فيصير سبعة أنصباء وثمانية وعشرين جزءاً من ستين جزءاً من نصيب، ونبسط الأنصباء من أجزاء الستين، فتصير أربعمائة وثمانية وأربعين. ونقلب العبارة، فنقول: النصيب أحدٌ وخمسون، والمال أربعمائة وثمانية وأربعون، ثم يمتحن، فيقع في بعض الوصايا كسر. ولكن قد لا يُبالي الحيسوب به إذا انقسم الباقي على فرائض الورثة.
الامتحان: نأخذ ثلث المال، وهو مائة وتسعة وأربعون وثلث، فنلقي منها بالوصية الأولى نصيباً، وهو أحدٌ وخمسون، فيبقى ثمانية وتسعون سهماً وثلث، فنلقي بالوصية الثانية خُمسها، وهو تسعةَ عشرَ وثلثان.
ثم نأخذ ربع المال، وهو مائة واثنا عشر، فنلقي منها بالوصية بالنصيب نصيباً، وهو أحدٌ وخمسون، يبقى منها أحدٌ وستون سهماً، فنلقي منها بالوصية الرابعة ثلثها، وذلك عشرون وثلث، وجملة الوصايا مائة واثنان وأربعون، فنلقيها من أصل المال وذلك أربعمائة وثمانية وأربعون، فيبقى للورثة ثلاثمائة وستة، نقسمها على ستة أسهم لكل ابن مائة واثنان، ولكل بنت أحد وخمسون، كما أخذ الموصَى له بمثل نصيب البنت.
فإن أردت إزالة الكسر، فاضرب جميع ذلك في ثلاثة واستأنف القسمة.
القول في الوصية بالنصيب مع استثناء جزءٍ من النصيب الموصى به
6702- هذه المقالة تدور على فصلين:
أحدهما: يشتمل على الوصية بالنصيب مع استثناء جزءٍ من جملة المال، والفصل الثاني- يشتمل على الوصية بالنصيب مع استثناء جزءٍ مما بقي، وكل فصلٍ يتنوع أنواعاً، كما سيأتي الشرح عليها، إن شاء الله عز وجل.
الفصل الأول
في استثناء جزءٍ من جملة المال عن النصيب الموصى به
6703- فمن مسائل ذلك أن يترك خمسة بنين، وقد أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ثمن المال.
فطريق الجبر أن نأخذ مالاً، ونلقي منه نصيباً، يبقى مال إلا نصيب، ويستثنى من النصيب الذي أخرجته ثمن المال، فنزيده على المال، فيبقى مال وثمن مال إلا نصيباً.
والثمن الذي استرددته لا نقصان فيه؛ فإنك استرددته كاملاً، فمعك مال وثمن مال ناقص بنصيب، يعدل أنصباء الورثة، وهي خمسة، فاجبر المال بالنصيب، وزد مثله على عديله، فيكون مال وثمن يعدل ستة أنصباء، فابسطها أثماناً، فيصير المال تسعة والأنصباء ثمانية وأربعين، فاقلب الاسم، فالمال ثمانية وأربعون، والنصيب تسعة.
الامتحان: أن ندفع إلى الموصى له بمثل النصيب تسعة. ونسترجع منه ثمن المال وهو ستة، يبقى في يد الموصى له ثلاثة أسهم وهي الوصية، فاطرحها من المال، فيبقى خمسة وأربعون سهماً بين خمسة بنين، لكل واحد سهم: تسعة، مثل النصيب الخارج بالعمل.
6704- طريقة الخطأين: أن نجعل المال ثمانية، والنصيب أربعة، ونستثني منه مثل ثمن المال، يبقى خمسة، فنحتاج أن ندفع منها إلى كل ابن مثل نصيب، فكان يجب أن يكون الباقي عشرين، فلما بقي خمسة نقص عما نحتاج إليه خمسة عشرَ، فهي الخطأ الأول، والخطأ في النقصان، فاحفظ.
ثم اجعل المال ستةَ عشرَ، والنصيب منها خمسة، واستثنِ منها ثمن المال، وهو اثنان يبقى من المال ثلاثة عشر، وكان الواجب أن يبقى منها خمسة وعشرون ليكون لكل ابن خمسة، مثل النصيب المفروض، فقد خرج عن الحاجة اثنا عشر، وهو الخطأ الثاني، وذلك ناقص أيضاً، فانقص أحدَ الخطأين عن الآخر، فيبقى ثلاثة، وهو المقسوم عليه، فاحفظه.
ثم اضرب المال الأول وهو ثمانية في الخطأ الثاني، وهو اثنا عشر، فيبلغ ستة وتسعين، ونضرب المال الثاني وهو ستة عشر في الخطأ الأول، وهو خمسةَ عشرَ، فيبلغ مائتين وأربعين، فانقص المبلغ الأول، وهو ستة وتسعون من ذلك؛ فيبقى مائة وأربعة وأربعون، فاقسمها على الثلاثة المحفوظة، فيخرج من القسمة ثمانية وأربعون سهماً، فهي المال.
وإن أردت النصيب، فاضرب النصيب الأول وهو أربعة في الخطأ الثاني، وهو اثنا عشر، فيبلغ ثمانية وأربعين، واضرب النصيب الثاني وهو خمسة في الخطأ الأول وهو خمسة عشر، فيبلغ خمسة وسبعين، فانقص أحد المبلغين وهو ثمانية وأربعون، من خمسة وسبعين فيبقى سبعة وعشرون، فاقسمها على الثلاثة. فيخرج تسعة. وهو الذي خرج بالجبر.
6705- وحساب المسألة بطريق المقادير أن نقول: قد علمنا أنا إذا دفعنا إلى الموصى له من المال نصيباً، بقي منه مقدار، فنسترجع من الموصى له ثمن المال، وذلك ثمن مقدار، وثمن نصيب، وهاهنا تأمّلٌ على الناظر يقطع به على حقيقةٍ عليها تدور الطرق، سنذكرها، إن شاء الله تعالى.
وذلك أنا نقول: المال مقدار ونصيب، فإذا كنا نسترد ثُمنَ جملة المال، شاع ذلك في المقدار والنصيب، فينتظم أن نقول: نسترد من الوصية ثمنَ مقدارٍ، وثمنَ نصيب، فيحصل معنا مقدار وثمن مقدار وثمن نصيب، وذلك كلُّه يعدل خمسةَ أنصباء، فنلقي ثمنَ نصيب بثمن نصيب قصاصاً، يبقى مقدارٌ وثمن مقدار، يعدل أربعة أنصباء، وسبعة أثمان نصيب، فنبسطها أثماناً، فيصير المقدار تسعة، والأنصباء تسعة وثلاثين. فنقلب الاسمَ ونقول: المقدار تسعة وثلاثون، والنصيب تسعة، وكان معنا مقدار ونصيب، فنضم أحدهما إلى الثاني، فيصير المجموع ثمانية وأربعين، فهو المال، فقد بان النصيب.
فإن وقع الكلام في بعض الطرق من مراسم الجبر ولا غرو؛ فإنّ الجبر هو الأصل، وما عداه من تِبَاعه.
وطريق القياس يقرب ممّا ذكرناه الآن، فنقول: علمنا أنه إذا دُفع إلى الموصى له بالنصيب ما يجب أنه يبقى من المال عدد له ثمن، فاجعله ثمانية، واسترجع من الموصى له مثل ثمن جميع المال، وجميع المال ثمانية ونصيب، فإذا استرجعنا ثمن المال من الوصية، كان سهماً واحداً وثمنَ نصيب، فيحصل معك تسعة أسهم، وثمن نصيب، وذلك يعدل خمسة أنصباء، فألق ثمن نصيب بثمن نصيب، تبقى تسعة أسهم تعدل أربعة أنصباء وسبعة أثمان نصيب، فاقسم السهام على الأنصباء، وتلتقي الطريقتان قلباً وبسطاً.
6706- وطريق الدينار والدرهم يقرُب مما ذكرناه، فنجعل المال ديناراً وثمانية دراهم، وندفع الدينار بالنصيب، ونسترجع من الدينار ثمنَ جميع المال، وذلك درهم وثمن دينار، فيبقى من المال تسعة دراهم، وثمن دينار، وذلك يعدل خمسة دنانير، فنلقي ثمن دينار بثمن دينار، يبقى تسعة دراهم تعدل أربعة دنانير وسبعة أثمان دينار، ثم نبسط الدنانير، وقد بان أن الدينار يساوي تسعة، وتعود الطريق إلى ما مضى.
6707- صورة أخرى: ترك ابناً، وأوصى بمثل نصيبه لرجل إلا نصف جميع المال، فالمسألة صحيحة، وفي تصويرها إبهام على من لا يحيط بحقيقة المسألة.
وإذا خرجناها بالحساب، بان الغرض، فنأخذ مالاً، وننقص منه نصيباً إلا نصف مال، فتبقى معنا مال ونصف إلا نصيب يعدل نصيباً واحداً، فاجبر المال، وزد على عديله مثله، فيكون مال ونصف مال، يعدل نصيبين، فابسطها أنصافاً، واقلب الاسم، فيكون المال أربعة والنصيب ثلاثة، فادفع إلى الموصى له ثلاثة، واسترجع منه نصف المال وهو اثنان، يبقى معه سهم واحد وهو الوصية، فاطرحها من المال تبقى ثلاثة، وهي نصيب الابن. وقد أخذ الموصى له مثل هذا النصيب إلا نصف المال.
فإن قيل: إذا لم يكن في المسألة إلا ابن فالوصية بنصيبه، أو بمثل نصيبه وصية بالنصف، واستثناء النصف منه في ظاهر الأمر مستغرق للوصية، فهذا غير سديد؛ فإنه إذا أوصى لإنسان بنصيب ابن إلا نصف المال، فتقديره أوصيت لك بمقدار إذا استرد منه نصف المال، وضم إلى الباقي وجمع، كان المجموع المصروف إلى الابن مثل ما قُدِّر صرفه إلى الموصى له، ثم استرد منه النصف، فهذا هو التقدير. فإذا كان يبقى على هذا التقدير شيء، فذلك المقدار موصى به.
فلو كان ابنان، فاوصى لإنسان بنصيب أحدهما إلا نصف جميع المال، فالوصية باطلة.
وامتحان بطلانها أنا نقول: نأخذ مالاً ونلقي منه نصيباً، ونسترد نصف المال تقديراً من الوصية، فيحصل في أيدينا مال ونصفٌ ناقص بنصيب، يعدل نصيبين، فنجبر المال والنصف، ونزيد على العديل نصيباً، ونبسط الأنصباء والمال أنصافاً، فتصير الأنصباء ستة، والمال ثلاثة، ثم نقلب العبارة، فالنصيب ثلاثة، والمال ستة ونعطي من الستة ثلاثة ونستردّ نصف المال، وهو ثلاثة، فلا يبقى شيء، فتبطل.
6708- صورة أخرى: رجل ترك ثمان أخوات، وامرأة، وأماً، فأوصى لرجل بمثل نصيب المرأة، وبمثل نصيب الأم إلا ثمن وعشر جميع المال. فالفريضة من ثلاثةَ عشرَ وهي عائلة بنصف سدسها، فنأخذ مالاً وننقص منه خمسة، نصرفها إلى الموصى له بالنصيبين، للأم سهمان، وللمرأة ثلاثة أسهم، ونسترجع ثمن المال وعشر المال، ونزيد هذا على ما بقي من المال، فيبقى مال وثمن مال وعشر مال إلا خمسة أنصباء، فإنا نجعل كلَّ سهم من سهام الفريضة نصيباً؛ فإذاً مال، وثمن مال، وعشر مال إلا خمسة أنصباء تعدل ثلاثة عشر، فنجبر المال والعشر والثمن بخمسة أنصباء ونزيد على العديل مثلَه، فيكون مال وثمن وعشر، يعدل ثمانية عشر نصيباً، فاضرب الجميع في مخرج الثمن والعشر، وهو أربعون فيكون تسعة وأربعين. والأنصباء سبعمائة وعشرون، فنقلب الاسم، ونقول: المال سبعمائة وعشرون، والنصيب تسعة وأربعون، فندفع إلى الموصى له خمسة أنصباء كل نصيب منها تسعة وأربعون سهماً، وجملة ذلك مائتان وخمسة وأربعون سهماً، واسترجع منه مثل ثمن المال وعشره، وذلك مائة واثنان وستون سهماً، تبقى للموصى له ثلاثة وثمانون سهماً هي الوصية فاطرحها من المال فتبقى ستمائة وسبعة وثلاثون سهماً، فاقسمها بين الورثة على ثلاثة عشر نصيباً، فيخرج كل نصيب تسعة وأربعون سهماً، كما خرج الحساب، وقد نجز ما.. مضمون هذا الفصل.
الفصل الثاني
في الوصية بالنصيب مع استثناء جزءٍ مما تبقى
6709- وهذا يتنوع نوعين:
أحدهما: أن يكون الاستثناء من التام.
والثاني: أن يكون الاستثناء من جزءٍ مما تبقى.
ونحن نذكر في كل نوع ما يليق به.
فأما الاستثناء بجزءٍ من باقي المال، فهذا يفرض على ثلاثة أوجه يتعين الاعتناء بفهمها؛ فإنها فقه الباب، ومن لم يُحط بها مفصَّلةً، فليس على علم بالمقصود.
والاستثناء في هذا النوع الذي نحن فيه يفرض على ثلاثة أوجه: أحدها: أن يقع الاستثناء بجزء من الباقي بعد الوصية، وهو المقدار الذي يستحقه الموصى له بعد حط الحساب، وبسطه وقبضه، ويختلف الأمر؛ فإنّ الجزء إذا صرف إلى ما بعد الوصية، كان الباقي أكثر، وكان الجزء المضاف إلى الباقي أكثر، فإذا صرف الجزء إلى ما بعد النصيب التام تقديراً، فالباقي بعد تقدير النصيب التام أقل وجزؤه أقل. فهذا تفاوتٌ نعقله قبل الخوض في تفصيل العمل.
وإذا كان الجزء مضافاً إلى الباقي بعد الوصية، فمعنى الكلام أن يقدّر للموصى له نصيبٌ تام، ويستثنى منه جزءُ ما يبقى بعد الوصية. وفي الوجه الثاني بعد النصيب التام.
فإذا تقيَّد الاستثناء بأحد هذين الوجهين صريحاً، فموجب ذلك الاستثناء متَّبعٌ بلا خلاف، وسنذكر في كل وجه من الوجهين مثالاً أو أمثلةً، ونطرد طرق الحساب.
والوجه الثالث: أن يقول الموصي: أوصيت لفلان بنصيب فلان إلا ثلث الباقي، أو جزءاً آخر، ولا يتعرض للنصيب، ولا للوصية، فهذا مردَّدٌ محتمل الوجهين المقدَّمين.
وقد حكى الأستاذ أبو منصور في هذا الوجه خلافاً بين أصحابنا، وهو محتمل، ولم أره محكياً من جهة غيره، وكيف يُطمَع في حكاية غيره، ولم يتعرض لهذا التفصيل أحد، ولابد منه.
قال الأستاذ: ذهب معظم أصحابنا إلى أن الاستثناء المطلق في هذا الوجه الثالث مصروفٌ إلى استثناء جزءٍ من الباقي بعد الوصية، وبهذا قال محمد بن الحسن، وهذا يتضمن تقليلَ الوصية، وتكثير الاستثناء، وذهب بعضُ أصحابنا إلى أن الاستثناء يُحمل على ما بعد النصيب.
توجيه الوجهين: من حمل على الأقل خرّج ذلك على أصلٍ ممهَّدٍ في الوصايا والأقارير، وهو أنها منزّلةٌ على الأقل المتيقَّن، وإذا فرض ترددٌ بين القليل والكثير، فالوجه حمله على القليل.
ومن قال بالوجه الثاني، احتج بأن الموصي ذكر النصيبَ وأضاف الاستثناء إلى الباقي فلينصرف الاستثناء إلى الباقي بعد المذكور، والمذكور هو النصيب. وهذا متجه تلقّياً من اللفظ.
فإن قيل: لم تذكروا هذه الوجوهَ الثلاثةَ فيه إذا كان الاستثناء بجزءٍ من المال.
قلنا: ذلك الاستثناء مضاف إلى ما بعد الوصية، لا إلى ما بعد النصيب، ولا معنى لتقسيم الكلام فيه. وهذا بينٌ لا خفاء به، ونحن نذكر الوجهين الأولين المقيّدين بما بعد النصيب، وما بعد الوصية. ثم لا يخفى حكم الإطلاق تخريجاً على المذهبين.
6710- فأما الاستثناء بجزءٍ مما بقي من المال بعد النصيب، فمثاله: رجل ترك ثلاثة بنين وأوصى لرجلٍ بمثل نصيب أحدهم إلا عشر الباقي من المال بعد النصيب.
فطريق الجبر أن نأخذ مالاً، ونلقي منه نصيباً، فيبقى مال إلا نصيب، فنزيد على المال عُشره، وهو مسترجع من النصيب، فمعنا مال، وعشر مال، ناقص بنصيب، وعشر نصيب. فإنّ المال إذا كان ناقصاً بنصيب، فعشره ناقص بعشر نصيب، وإذا كان الاستثناء من الباقي فأجزاء الباقي تتصف بما يتصف به الباقي، وليس كما تقدم من استثناء جزءٍ من المال كما سبق ذكره.
فمعنا إذاً مال وعُشر مال ناقص بنصيب وعشر نصيب، يعدل أنصباء الورثة، وهي ثلاثة، فتجبر وتقابل، فيكون مال وعشر مال يعدل أربعة أنصباء، وعشر نصيب.
فابسطها جميعاً أعشاراً، واقلب العبارة، فيكون المال أحداً وأربعين، والنصيب أحد عشر.
الامتحان: ندفع النصيب إلى الموصى له، وهو أحد عشر، فيبقى ثلاثون، فنسترجع عشر الثلثين وهو ثلاثة من ذلك النصيب، تبقى ثلاثة وثلاثون بين ثلاثة بنين لكل واحد أحد عشر، وهو النصيب الخارج.
6711- طريقة الخطأين: أن نجعل المال إن شئنا- اثني عشر، والنصيب منها اثنين، فندفعه إلى الموصى له؛ فيبقى عَشْرٌ، فنسترجع من اثنين عُشر ما بقي، وهو واحد، ونزيده على العشرة، فيبلغ أحد عشر، فندفع منها إلى كل ابن مثل النصيب المقدر اثنين، وذلك ستة، فيبقى منه خمسة، هذا هو الخطأ الأول وهو زائد، فنحفظه.
ثم نجعل المال ثلاثة عشر، والنصيب منها ثلاثة، فنخرج الثلاثة نصيباً، ونسترد منها عُشرَ الباقي، وهو سهم، ونقسم الأحد عشر، فندفع إلى كل ابن ثلاثة، مثل ما قدرناه للموصى له قبل الاستثناء، فيفضل اثنان، وهو الخطأ الثاني، وهو زائد أيضاً، فنسقط أحد الخطأين من الآخر تبقى ثلاثة، فنحفظها، فهي المقسوم عليها.
ثم نضرب المال الأول في الخطأ الثاني، فيبلغ أربعة وعشرين، ونضرب المال الثاني في الخطأ الأول، فيبلغ خمسة وستين، ونسقط أقل المتلقيين من أكثرهما، فيبقى أحد وأربعون، فنقسمها على المحفوظ فيخرج ثلاثةَ عشرَ وثلثان، فهو المال. ثم نضرب النصيب الأول في الخطأ الثاني، فيبلغ أربعة، ونضرب النصيب الثاني في الخطأ الأول فيبلغ خمسة عشر، ونسقط الأقلَّ من أكثر، فيبقى أحد عشر، فنقسمها على المحفوظ فيخرج ثلاثة وثلثان، فهي النصيب، والمال ثلاثةَ عشرَ وثلثان، فنبسطها أثلاثاً ليزول الكسر، فيكون المال أحداً وأربعين، والنصيب أحد عشر، كما أفضى إليه الجبر.
6712- وأما طريقة المقادير، فنعطي نصيباً من المال، يبقى منه مقدار، نسترجع عُشرَه من ذلك النصيب، ونزيده على المقدار، فيكون مقداراً وعشرَ مقدار، وذلك مثل ثلاثة أنصباء، فنقسمها على ثلاثة، فيكون كلُّ نصيب منها ثُلثَ مقدار وثلثَ عُشر مقدار. فهذا مقدار النصيب.
فنرجع ونقول: المال مقدار وثلث مقدار وثلث عشر مقدار، فذلك هو المال، فنضربه في عدد له ثلث وعشر، ولعشره ثلث، فيبلغ أحداً وأربعين، وهو المال.
وقد ظهر أن النصيب ثلثُ مقدار، وثلثُ عشر مقدار، فخذ ثلثَ الثلاثين، وثلثَ عشرها، وذلك أحد عشر.
وطريقة القياس قريبة مما ذكرنا.
فنقول: علمنا أن الباقي من المال بعد النصيب عدد له عشر، فنجعله عشرة، وقد استثنى عشرها فيصير أحد عشر، فهذه الأحد عشر يستحقها البنون، وهم ثلاثة: لكل واحد منهم ثلاثة وثلثان، فعلمنا بذلك أن النصيب الذي أخذه الموصى له قبل الاستثناء كان ثلاثة وثلثين، فنزيدها على العشرة الباقية بعد النصيب، فيكون ثلاثةَ عشرَ وثلثين، فنبسطها أثلاثاً، فتكون أحدا وأربعين، وهي المال، وقد فرضنا النصيب ثلاثة وثُلثين، فنبسطها أثلاثاً فتكون أحد عشر، فهي النصيب.
6713- وطريق الدينار والدرهم أن نجعل المال ديناراً وعشرةَ دراهم، فنجعل الدينار نصيباً، ونخرجه إلى الموصَى له، ونسترجع منه مثلَ عشر الباقي، وهو درهم، ونزيده على الباقي، فيكون أحد عشر درهماً، تعدل ثلاثة دنانير، وقيمة كل دينار ثلاثة دراهم، وثلثان، فنزيدها على العشرة بدل الدينار، فتبلغ ثلاثةَ عشرَ درهماً وثلثين، فهي المال، فنبسطها أثلاثاً، كما تقدم وقد التقت الطرق.
6714- صورة أخرى: ترك رجل.
امرأة، وأبوين، وابنين، وأوصى بمثل نصيب أحد الابنين إلا خمس ما تبقى من المال بعد النصيب.
فسهام الفريضة ثمانية وأربعون، فطريق خروج المسألة على إيجازٍ بالجبر والمقابلة أن نقول: الوصية بالنصيب تتضمن ضمّه مثلَ نصيب الموصى بنصيبه إلى سهام الفريضة، وما تضمه إلى سهام الفريضة مجهولٌ؛ لمكان الاستثناء عنه مما بقي، فنقول: نضم إلى الثمانية والأربعين شيئاً مجهولاً، وهو الذي نستخرج بيانه، ثم نأخذ نصيب أحد الابنين، وهو ثلاثةَ عشرَ سهماً، فيبقى خمسةٌ وثلاثون، والذي ضممناه، فنستثني من الثلاثة عشر خُمسَ ما بقي، وهو سبعة وخُمس شيء، فتبقى ستة إلا خُمس شيء، تعدل الشيء الذي ضمَمْناه إلى الفريضة، فنجبر الستة الباقية بخمس شيء، ونزيد على عديله وهو الشيء خمسَ شيء، فتبقى ستة أسهم كاملة في مقابلة شيء وخمسِ شيء، فنعلم أن الشيء يساوي خمسة أسهم، إذا كان الشيء وخمس شيء يساوي ستة أسهم.
فنرجع ونقول: الذي ضممناه إلى الفريضة خمسة أسهم، وإذا ضممنا خمسةً إلى ثمانية وأربعين، كان المجموع ثلاثة وخمسين، فنسقط منها الوصية خمسة أسهم، فتبقى سهام الفريضة ثمانية وأربعون سهماً، وتصح القسمة، وقد وفَّيْنا بموجب الوصية.
الامتحان: نُخرج من الثلاثة والخمسين، وهي الفريضة الجامعة للوصية وسهام المسألة ثلاثةَ عشرَ، فتبقى أربعون، فيستثنى من النصيب خمس الأربعين، وهو ثمانية فيبقى خمسة للوصية، وتعود سهام الفريضة إلى ثمانية وأربعين، وقد خرجت المسألة.
6715- فطريق الدينار والدرهم قريبة مما ذكرناه.
فنقول: نزيد على سهام المسألة-وهي ثمانية وأربعون- ديناراً. ونُخرج نصيب أحد الابنين ثلاثةَ عشرَ، فيبقى خمسة وثلاثون ودينار، فنطرد في الدينار ما ذكرناه في المسألة، فتخرج المسألة بقيمة الدينار، كما تقدم.
هذا كلام في أحد الوجهين المقيّدين وهو أن يُقيّد لفظُ الموصي الاستثناءَ بجزءٍ مما بقي بعد النصيب.
6716- فأما الاستثناء مما بقي بعد الوصية، فقد ذكرنا أن الاستثناء أكثر، والجزءُ المذكور، وإن شابه الجزء المذكور في النوع الأول، فهو في التحقيق أكثر منه.
ومما يجب الإحاطة به-وبناء مسائل هذا النوع عليه- أن نعلم أن عُشر الباقي من المال بعد الوصية، يكون مثل تسع الباقي منه بعد النصيب، وتسع الباقي بعد الوصية مثل ثمن الباقي منه بعد النصيب، وثمن الباقي بعد الوصية مثل سبع الباقي منه بعد النصيب، وسبع الباقي من المال بعد الوصية يكون مثل سدس الباقي منه بعد النصيب، وسدس الباقي بعد الوصية مثل خمس الباقي بعد النصيب، وخمس الباقي بعد الوصية مثل ربع الباقي بعد النصيب، وربع الباقي بعد الوصية مثل ثلث الباقي بعد النصيب، وثلث الباقي بعد الوصية مثل نصف الباقي بعد النصيب.
فإذا ثبت هذا الاعتبار، رجعنا إلى المسألة وقلنا:
رجل ترك ثلاثة بنين، وأوصى لرجل بمثل نصيب أحدهم إلا عشر ما تبقى من المال بعد الوصية، فهذا في معنى ما لو أوصى لرجلٍ بمثل نصيب أحد بنيه إلا تسع ما تبقى من المال بعد النصيب.
6717- فطريقة الجبر على قياس المسألة الأولى مما تقدم أن نأخذ مالاً، وننقص منه نصيباً، يبقى مال إلا نصيب، فنزيد عليه مثلَ تُسعه، وهو الذي استرجعناه بالاستثناء من النصيب، فيكون الباقي مالاً وتسعَ مال إلا نصيباً وتسع نصيب، وذلك يعدل ثلاثة أنصباء، فنجبر ونقابل، صار مال وتسع مال يعدل أربعة أنصباء وتسع نصيب، فإذا بسطناها أتساعاً صار المال عشرة والنصيب سبعة وثلاثين، وإذا قلبنا العبارة، كان المال سبعة وثلاثين، والنصيب عشرة.
الامتحان: ندفع إلى الموصى له عشرة، تبقى سبعة وعشرون، فنسترجع منها تُسعَ ما بقي، وهو ثلاثة، نضمه إلى السبعة والعشرين، فيبقى للوصية سبعة، وقد حصل في أيدينا ثلاثون، نقسمها على ثلاثة بنين، لكل واحد عشرة.
6718- وخروج المسألة بالخطأين، والمقادير، والقياس، والدينار والدرهم، على قياس خروجها في الوجه الأول المقيّد بما بعد النصيب، إلا أنك تجعل بدل عشر الباقي بعد الوصية تسع الباقي بعد النصيب.
والقياس بعد ذلك على ما مضى، فلا معنى لإعادة الطرق.
6719- صورةٌ أخرى:
رجل ترك ثلاثة بنين، فأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا سدسَ ما تبقى بعد الوصية من المال، فقد علمنا أن سدسَ الباقي بعد الوصية مثلُ خُمس الباقي بعد النصيب، فنأخذ مالاً، ونلقي منه نصيباً، يبقى مالٌ إلا نصيب، ونزيد عليه الاستثناءَ: خُمسَه، فيردّ من النصيب، فيكون مال وخمس مالٍ إلا نصيباً، وخمسَ نصيب، يعدل ثلاثة أنصباء، فإذا جبرنا، وقابلنا، وعدلنا، صار مال وخُمس يعدل أربعةَ أنصباء وخُمسَ نصيب، فإذا بسطناه أخماساً، وقلبنا الاسمَ، صار المال أحداً وعشرين، والنصيب ستةً، وهما متفقان بالثلث، فرددنا كل واحد منهما إلى الثلث، فالمال سبعة والنصيب اثنان. وإذا دفعنا إلى الموصى له نصيباً، وهو اثنان، واسترجعنا منه خمسَ الباقي، بقي سهم واحد لجهة الوصية، وللورثة ستة أسهم لكل واحدٍ منهم سهمان.
وربما نقرّب العبارةَ في بعض المسائل عن الجبر، فنقول: معلومٌ أن الباقي من المال بعد الوصية أنصباء البنين، وذلك ثلاثة أنصباء، وسدس ذلك نصفُ نصيب، وهو المستثنى من نصيب أحد البنين، فإذا استرجعناه من النصيب، بقي نصف نصيب، وهو الوصية، فنزيده على أنصباء البنين، فيكون ثلاثة أنصباء ونصف نصيب، للموصى له من ذلك نصف سهم، ولكل ابن سهم، فنضعّف ذلك ليزول الكسر، فيصير المال سبعة، والوصية منها سهم واحد.
وقد بان بهذه المسألة أن سدسَ الباقي بعد الوصية، مثلُ خُمس الباقي بعد النصيب، وإنما كان كذلك لأنك إذا أسقطت من المال سدسه، بقي خمسةُ أسداسه، وكان السدس الذي أسقطته مثل خمس الباقي، وكذلك إذا أسقطت من المال خُمسه: ذلك الخُمس مثلُ رُبع الباقي بعد إسقاط خمسه، فهذا قياس الباب.
وقد نجز أحد النوعين الموعودين بما يتعلق به في أقسامه، ومسائله.
6720- فأما النوع الثاني فمضمونه الوصية بالنصيب، مع استثناء جزءٍ من جزءِ: هذا النوع ينقسم إلى الأقسام والوجوه الثلاثة، كما تقدم، فقد يقع الاستثناء بجزءٍ من جزء بعد النصيب، وقد يقع الاستثناء بعد الوصية، وقد يجري الاستثناء مطلقاً، من غير إضافةٍ إلى النصيب، أو إلى الوصية، وقد تقدم فقه الفصل.
ونحن نذكر بعدُ التقييدَ بما بعدَ النصيب، ثم نذكر بعده التقييدَ بما بعد الوصية، ثم المطلق فيه مذهبان، تقدم ذكرهما، وقياس المذهبين على قياس خروج المذهبين المقدّمين.
6721- فأما الاستثناء بعد النصيب، فرجل خلف ثلاثةَ بنين، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما تبقى من الثلث بعد النصيب.
فحساب المسألة بالجبر والمقابلة أن نأخذ ثلثَ مال، ونسقطَ منه نصيباً، يبقى ثلثُ مال إلا نصيب، فنزيد عليه ثلثه، وثُلثُ الثلث تسعُ المال، فنسترجع ذلك من النصيب، فيحصل معنا ثلث مال وتسعُ مال إلا نصيب وثلث نصيب، والجملة أربعة أتساع مال إلا نصيباً وإلا ثلث نصيب، فنزيده على ثلثي المال، وهو ستة أتساع، ونعبّر عن الجملة بعد الضم بالأتساع، فيحصل معنا مال وتسع مال إلا نصيباً وثلثَ نصيب، يعدل أنصباء الورثة، وهي ثلاث، وإذا جبرنا، وقابلنا، وعدلنا، فيكون مال وتسع مال في مقابلة أربعة أنصباء وثلث نصيب، فإذا بسطناهما بأقل الأجزاء وهي الأتساع وقلبنا الاسم، صار المال تسعة وثلاثين، والنصيب عشرة.
وقد خرجت المسألة.
الامتحان: نأخذ ثلث المال وهو ثلاثةَ عشرَ، فنلقي منه نصيباً، وهي عشرة تبقى ثلاثة، فنسترجع ثلثها، وهو واحد من النصيب، فتبقى تسعة للوصية، فنعود فنلقي تسعة من تسعة وثلاثين، تبقى ثلاثون بين البنين.
6722- وحساب المسألة بالخطأين أن نقدر ثُلث المال خمسة، والنصيب منها درهمين، فنخرج الدرهمين ونسترد درهماً، وهو مثل ثلث الثلاثة الباقية، ونزيد ذلك على ثلثي المال، وهو عشرة فتبلغ أربعة عشر، فندفع منها إلى كل ابن اثنين، فلهم ستة وتَفضل ثمانية، فهي الخطأ الأول، وهو زائد، فنحفظه.
ثم نجعل ثلث المال ستة، والنصيب منها ثلاثة، ونقلبها من الثلث، تبقى ثلاثة، فنسترجع من النصيب ثلثها، وهو واحد، فنضمه إلى الثلاثة، فتصير أربعة، فنزيدها على ثلثي المال، وهي اثني عشر فتبلغ ستة عشر، فندفع منها إلى كل ابن ثلاثة: مثل النصيب، فيبقى سبعة، وهي الخطأ الثاني، وهو زائد، فنطرحه من الخطأ الأول وهو ثمانية، يبقى واحد وهو الجزء المقسوم عليه، فنحفظه.
ثم نضرب المال الأول، وهو خمسة عشر في الخطأ الثاني، وهو سبعة، فيكون مائة وخمسة، ونضرب المال الثاني، وهو ثمانية عشر في الخطأ الأول وهو ثمانية فيكون مائة وأربعة وأربعين، فنلقي منها المبلغ الأول وهو مائة وخمسة، فيبقى تسعة وثلاثون، فنقسمها على الجزء المحفوظ، وهو واحد، فيخرج تسعة وثلاثون، فهي المال.
وإذا طلبنا النصيبَ، ضربنا النصيبَ الأول في الخطأ الثاني وهو سبعة، فيبلغ أربعةَ عشرَ، ونضرب النصيب الثاني، وهو ثلاثة في الخطأ الأول، وهو ثمانية، فيصير أربعة وعشرين، فنلقي الأقل من الأكثر، فتبقى عشرة، فنقسمها على الجزء المحفوظ، وهو واحد، فيخرج عشرة، وهي النصيب، كما خرج بالعمل الأول.
6723- وطريق المقادير أن نأخذ ثلث مالٍ، ونلقي منه نصيباً يبقى منه مقدار، نزيد عليه ثلثه، وهو ثلث مقدار، وهذا هو المستردّ من النصيب، فمعنا مقدار وثلث مقدار، وندفع من كل ثلث نصيباً إلى ابنٍ، فيبقى من كل ثلث مقدار، ولا حاجة في كل ثلث إلى ردّ واسترداد؛ فإن ما ذكرناه يختص بالثلث الذي فيه الوصايا، فيصح معنا ثلاثة مقادير وثلث مقدار. فهذا نصيب الابن الذي لم يأخذ شيئاً، فعلمنا أن نصيب كل ابن ثلاثة مقادير وثلث، وقد كنا جعلنا الباقي من الثلث بعد النصيب مقداراً، فيكون الثلث على هذا التقدير أربعة مقادير وثلث مقدار؛ فإنا أخرجنا من الثلث نصيباً، وبان آخراً أن النصيب ثلاثة مقادير وثلث، فالمجموع أربعة مقادير وثلث مقدار، وهو الباقي بعد النصيب، والنصيب ثلاثة مقادير وثلث مقدار، فنبسط أربعة مقادير وثلث أثلاثاً، فتصير ثلاثةَ عشرَ، وإذا كان الثلث ثلاثةَ عشرَ، فالمال تسعة وثلاثون، والنصيب ثلاثة مقادير وثلث، وإذا بسطتها أثلاثاً، كان عشرة.
6724- فالحساب بالقياس أن نجعل الباقي من الثلث بعد إسقاط النصيب منه عدداً له ثلث، وهو ثلاثة، فنسترجع من ذلك النصيب ثُلثه فيصير أربعة، ثم نلقي من كل ثلث من الثلثين الباقيين نصيباً لابن، فيبقى من كل ثلث ثلاثة فنزيدها على الأربعة الباقية من الثلث الأول، فتكون عشرة، فهو النصيب، وقد علمنا أن الباقي من الثلث بعد إسقاط النصيب ثلاثة، فالثلث نصيب وثلاثة، والنصيب عشرة، فبان أن الثلث ثلاثة عشر، والمال تسعة وثلاثون.
6725- وطريق الدينار والدرهم أن نجعل الثلث ديناراً، وثلاثة دراهم، وندفع الدينار بالنصيب، ونسترجع منه ثلث الباقي وهو درهم، يبقى من هذا الثلث أربعة دراهم، نزيدها على ثلثي المال، وهو ديناران وستة دراهم، فتصير دينارين، وعشرة دراهم، ندفع منها إلى كل ابن دينار، فيبقى الابن الثالث، وعشرة دراهم؛ فالدينار إذاً عشرةُ دراهم، كما تقدم، وتلتقي الطرق.
6726- فإن كان قد أوصى بمثل نصيب أحدهم إلا نصف ما تبقى من الثلث بعد النصيب، فخذ ثلث المال، وانقص منه نصيباً، يبقى ثلث مال إلا نصيب، فردّ عليه من أجل الاستثناء مثلَ نصفه، ونصفُ الثلث سدس، وهذا هو المستردّ من النصيب، فيحصل في أيدينا نصف مال إلا نصيباً ونصفاً، فنرده على ثلثي المال يصير مالاً، وسدس مال إلا نصيباً ونصف نصيب، يعدل ثلاثة أنصباء، فاجبر وقابل، فيكون مال وسدس مال، يعدل أربعة أنصباء ونصف نصيب، فابسطها أسداساً، واقلب الاسم، فيصير المال سبعة وعشرين والنصيب سبعة.
الامتحان: ثلث المال تسعة، الوصية نصيب، وهو سبعة، يبقى اثنان، استرجع نصفه من النصيب، فيبقى مع الموصى له ستة أسهم، هي للوصية، فاطرحها من المال يبقى أحدٌ وعشرون بين البنين، لكل واحد سبعة، وقد أخذ الموصى له ستة أسهم، وهو مثل النصيب إلا نصف ما تبقى من الثلث بعد النصيب.
6727- فإن ترك خمسةَ بنين، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع ما تبقى من الثلث بعد النصيب.
فالعمل بالجبر أن نأخذ ثلث مالٍ وننقص منه نصيباً، يبقى ثلث مال إلا نصيباً، فردّ عليه ربعه من أجل الاستثناء، فيحصل معك ربع مال وسدس مال إلا نصيباً، وربع نصيب؛ فإن ربع الثلث نصف سدس، فالمجموع سدس وربع، فزده على ثلثي المال فيكون مال ونصف سدس مال إلا نصيباً وربع نصيب، يعدل خمسة أنصباء، فاجبر وقابل، فيصير مال ونصف سدس مال يعدل ستة أنصباء وربع نصيب، فابسطها أجزاء الاثني عشر، لأن نصف سدس جزءٍ من اثني عشر، وذلك بأن تضرب كلّ واحد في اثني عشر.
ثم اقلب الاسم فيكون المال خمسة وسبعين، والنصيب ثلاثةَ عشرَ.
الامتحان: ثلث هذا المال خمسة وعشرون فانقص منها النصيب وهو ثلاثة عشر، يبقى اثنا عشر نسترجع منها ربعها، وهي ثلاثة من ذلك النصيب يبقى مع الموصى له عشرة، وهي الوصية فعُد وأسقطها من المال وهو خمسة وسبعون، يبقى خمسة وستون، بين البنين على خمسة لكل واحد منهم ثلاثة عشر.
وعلى هذا فقس.
وقد نجز الاستثناء من النصيب بعد النصيب، وبقي في هذا النوع الاستثناء من النصيب بعد الوصية.
المثال: رجل ترك ثلاثة بنين، وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ثلث ما تبقى من الثلث بعد الوصية.
فجميع وجوه الحساب كما ذكرنا. غير أنا نستعمل في هذه الصورة بدل استثناء الثلث استثناءَ النصف، كما نبهنا عليه، من الفرق بين صرف الاستثناء إلى الباقي بعد النصيب، وبين صرف الاستثناء إلى الباقي بعد الوصية، وبينهما تفاوتٌ بجزءٍ، كما ذكرناه، فما يقع ثلث الثلث في القسم الأول يقع نصف الثلث في القسم الثاني.
وطريق الجبر بعد هذا التنبيه: أن نأخذ ثلث مال، ونلقي منه نصيباً، فيبقى ثلث مال إلا نصيباً، ثم نسترجع من ذلك النصيب مثل نصف هذا الباقي، ونزيده عليه، فيصير نصف مال إلا نصيباً ونصف، ونزيده على ثلثي المال، فيكون مال وسدس مال إلا نصيب ونصف نصيب يعدل ثلاثة أنصباء.
فإذا جبرنا وقابلنا، ثم بسطناهما أسداساً، وقلبنا الاسمَ، صار المال سبعة وعشرين، والنصيب سبعة.
وامتحانه أن نأخذ ثلث المال وهو تسعة، ونلقي منه نصيباً وهو سبعة، تبقى اثنان نسترجع من السبعة مثل نصف الاثنين: واحد، يبقى مع الموصى له ستة، وهي الوصية، فاطرحها من المال، يبقى أحدٌ وعشرون، بين ثلاثة بنين، لكل واحد منهم سبعة. والطرق كلها تجري؛ فلم نُعدها.
6728- وذكر الصيدلاني في هذه المسألة الأخيرة طريقةً قريبة من طريقة الجبر، فنذكرها، وذلك أنه قال: نجعل ثلث المال نصيباً ناقصاً، وثلاثة أسهم، فجميع المال ثلاثة أنصباء و تسعة أسهم، ثم نكمل نصيبين من الأنصباء بسهمين من هذه السهام؛ إذ لا نقصان في نصيبين لابنين، وإنما النقصان في نصيب الموصى به، فتراجعت السهام التسعة إلى السبعة، وصرفنا نصيبين كاملين إلى ابنين، فبقيت سبعة أسهم، تقابل نصيب الابن الثالث، وتعدل نصيباً كاملاً، فعرفنا أن النصيب الناقص ستة أسهم، لأنا كمّلنا للنصيب سهماً، فالثلث إذاً نصيب ناقص، وهو ستة، وثلاثة أسهم، وذلك تسعة أسهم، والمال سبعة وعشرون، فنعطي الموصى له ستة، ونعطى كلَّ ابن سبعة.
وهذه الطريقة مقتضبة من الجبر والقياس.
ولم يتعرض الصيدلاني ولا غيره من الأصحاب للوجوه الثلاثة التي ذكرناها، وهي التصريح بالاستثناء بما بعد النصيب، أو بما بعد الوصية، أو الإطلاق من غير تقييد بأحد الوجهين. والذي ذكره مفروض في الإطلاق. ومن لم ينتبه للوجوه الثلاثة، لم يكن على علم في المسألة.
ثم ما ذكرناه في الإطلاق أشهر الوجهين، وفيه وجه آخر كما ذكرناه، وهو الحمل على ما بعد النصيب، والذي ذكره حملٌ على ما بعد الوصية.