فصل: باب: ميراث الحمل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.باب: ميراث الحمل:

6525- إذا مات الإنسان، وكان في بطن الأم جنينٌ، لو كان منفصلاً حالة موته، لورث، فإذا كان حَمْلاً يوم الموت، فتوريثه ثابت، وليس بين العلماء في هذا الأصل خلاف.
وإنما التردد في التفصيل.
6526- وإنما يثبت الميراث بشرطين:
أحدهما: أن يكون موجوداً حالة موت المورث.
والثاني: أن ينفصل حياً.
وبيان الشرطين: أما الوجود، فإذا انفصل الحمل حياً لدون ستة أشهر، فقد تيقَّنا أنه كان موجوداً حالةَ موت الموروث.
ولو أتت به المرأة لأكثر من أربع سنين من وقت الموت، حكمنا بانتفاء وجوده حالة الموت، فلا ميراث له.
وأكثر مدة الحمل على رأي الشافعي أربع سنين. وهذا يذكر في اللعان، إن شاء الله عزوجل.
ولو أتت المرأة بالحمل لأكثرَ من ستة أشهر، ولأقلَّ من أربع سنين، فلسنا نقطع بوجوده حالة الموت، ولكنا نحكم بوجوده؛ فإن الشرع يُلحق النسبَ، وتثبت القرابة مع الاحتمال الذي أشرنا إليه، والإرث تبع القرابة، فإذا اقتضى وضعُ الشرع إثباتَ القرابة أتبعنا ثبوتَها حكمَ الإرث، وليس يناقض هذا ما قدمنا، من طلب اليقين في المواريث، فإن ذاك حيث لا نجد مستنداً شرعياً، كما ذكرناه في ميراث الخناثى، حيث لم تُعيَّن ذكورة ولا أنوثة. وكيف ننكر البناء على الشرع مع ظهور الظن، والأصلُ في الأنساب الإمكانُ والاحتمال، فخرج مما ذكرناه أنا وإن أطلقنا اشتراط وجود الحمل، فمعناه ما وصفناه.
6527- فأما اشتراط الحياة حالة الانفصال، فمتفق عليه، فلو انفصل الحمل الذي كنا نتوقعه ميتاً، لم نورِّثه، وفاقاً. وإذا انفصل حياً، تبيَّنا أنه ورث، ولم نذهب إلى مسالك الظنون في تقدير انسلاك الروح بعد الموت. ولكل حكمٍ في الشرع موقفٌ ومنتهى، لا سبيل إلى مجاوزته.
ثم إن صرخ الجنين واستهل، فهو حي، وكذلك إن طرف، وفتح عينه وتثاوب، أو امتص الثديَ، فكل ذلك علامات الحياة.
وفي العلماء من يأبى الحكمَ بالحياة إن لم يصرخ الصبيُّ، حتى لو انفصل، وطرف، ومات، لم نورثه، ويُعزى هذا إلى ابن عباس وطائفةٍ من الصحابة، رضي الله عنهم. ولم يُصحح الأئمةُ النقلَ في ذلك.
وليس ما ذكرناه من العلامات الظنيّة؛ فإنا على اضطرارٍ نعلم أن الصبي إذا صدر منه ما ذكرناه، فهو حيٌّ، وليس هذا مما ينساغُ الخلاف فيه، ولا يجري مجرى علامات الذكورة والأنوثة في الخناثى. نعم، اختلف قول الشافعي فيه إذا انفصل واختلج، فهل يكون مجرد الحركة والاختلاج دالاًّ على الحياة، حتى نحكم بها، ونقضي بثبوت الإرث، وغيرِه من الأحكام المشروطة بالحياة، فقال في قول: الحركة بمثابة الاستهلال، وتقليبِ الطرفِ وغيره.
وقال في قولٍ: لا تثبت الحياة بالحركة المجردة.
وفي هذا مزيدُ نظرٍ وتأمل، فلو انفصل واختلجت عضلةٌ من عضلاته، بحيث يفرض مثله من تقلص عصبٍ، فليس هذا فيما أظن محلَّ القولين. ولو قبض بدّاً، أو ضمه إلى نفسه وبسطه، فهذا مما يجب القطع بكونه دلالة على الحياة؛ فإن القبض والبسط في الأعصاب لا يقعان على هذا الحد، فمحل القولين بين الحركتين اللتين وصفناهما. فكأن حاصل القول في هذا يرجع إلى أن الحياة هل تثبت بغلبات الظنون، أم لابد في ثبوتها من قاطعٍ؟ فيه القولان والاختلافُ.
6528- ولو انفصل بعضٌ من الجنين، ثم خمد، وانفصل الباقي منه، فالذي إليه صَغْوُ الأصحاب أثه لا يثبت له حكم الحياة، وسبيله كسبيل جنين ينفصل ميتاً.
وذهب طوائف من المحققين منهم القفال إلى أنا نحكم بالحياة، ويثبت الإرثُ؛ لأنا استيقنَّا الحياة، ولا نظر إلى وقوع ذلك قبل تمام الانفصال.
6529- ومما يليق بما انتهينا إليه أن جانياً لو جنى على الحامل، فأَجْهَضَت، والتزم الجاني الغرّةَ، فهي موروثة، وهذا يُشعر بتقدير الحياة في الجنين، وطريان الموت بعدها. فلو قال قائل: هل تورثون الجنين المنفصل بالجناية؟ قلنا: لا نورثه؛ فإنا لم نتحقق حياتَه، وتوريثُه موقوف على تحقق حياته عند الانفصال، فأما إيجاب الغرّة على الجاني، فليس يتعين له تقدير حياة الجنين؛ فإنا لو قدرناها، لأوجبنا الدية الكاملة، وقد أطلق الفقهاء أقوالهم بأن الغرة تجب بسبب منع ثبوت الحياة، مع تهيؤ الجنين لها، في كلامٍ، لسنا نخوض فيه الآن. ومبنى الباب الذي افتتحناه على تحقق الحياة عند الانفصال، وهذا غير ثابت في الجنين المنفصل بسبب الجناية.
فإن قيل: ألستم قدرتموه موروثاً، فقدِّروه وارثاً؟ قلنا: هذا تلبيسٌ، وسبب صرف الغرة إلى جهة الإرث أنا لم نجد مصرفاً أوْلى من الإرث، وقاعدة الإرث مبنية على هذا؛ فإن الشخص إذا انقطع ملكه، ولا سبيل إلى تضييع ما خلّفه، صرف الشرعُ تركتَه إلى جهة يراها. وإذا ثبت أصل الباب في توريث الحمل، فلا يكاد يخفى الحكم إذا انفصل.
ولكن قال العلماء: نتوقف ولا نبُتّ الرأي قبل انفصال الحمل، ونبني الأمرَ في توريث الورثة القائمين قبل انفصال الحمل على المأخذ الذي بنينا عليه قاعدةَ باب الخناثى، وهو طلب اليقين، على ما سنفصل ذلك، إن شاء الله عز وجل.
6530- ومما يتعيّن الابتداء به أن الرحم يشتمل على ولدٍ واحد، وأولاد، وقد يختلف التوريث باختلاف العدد، فكيف السبيل؟ وما وجه الضبط؟
هذا يستدعي بيانَ أمرين:
أحدهما: في عدد الأجنة، والثاني: في صفتهم.
فأما القول في العدد، فقد ذهب الليث بن سعد إلى أنه لا يوقف إلا ميراثٌ
واحد يقدّر ذكراً أو أنثى، ونقسم الباقي بين الورثة.
وقال أبو يوسف: يوقف للحمل نصيب ذكرين، ويقسم الباقي بين الورثة.
وقال بعض أهل الرأي: قياس قول محمد يقتضي أن يوقف له نصيب ثلاثة من الذكور، ويقسم الباقي بين الورثة.
وحكى عبد الله بنُ المبارك عن أبي حنيفة أنه قال: يوقف لأجل الحمل نصيب أربعة أولاد. وبه قال شريك، وعبدُ الله بنُ المبارك، وكان شيخي يقول: هذا مذهب الشافعي.
وذكر الأستاذ أبو منصور أن الفرضيين قالوا: هذا قياس قول الشافعي، وإنما قالوا ذلك؛ من جهة أن الشافعي تتبع في هذه الأشياء الوجودَ، وعليه بنى أبوابَ الأدوار في الحيض، كما قدمناه. وقد ثبت النقل في اشتمال الرحم على أربعة، ولم يثبت عن الأثبات مزيدٌ على هذا العدد.
قال يحيى بنُ آدم: سألت شريكاً عن ذلك، فقال: رأيت أربعةً وُلدوا في بطن واحد، محمد، وعلي، وعمر، وإسماعيل.
وذكر القفال، والناقلون عنه سوى شيخنا أن مذهب الشافعي أن لا ضبط لعدد الحمل يوقف عنده، وننتهي إليه.
وعلى هذا الوجه نقله الصيدلاني، والقاضي.
فهذا قولنا في العدد على الجملة.
6531- وأما الصفة، فقد عنينا بها الذكورة والأنوثة، ولا ضبط فيها، ولا اطلاع عليها، وكل ما يختلف بالذكورة والأنوثة، فلابد من الوقف فيه، كما نفصله.
وأما ما يتعلق بالعدد، فإن كانت الحامل مشتملة على أولاد الميت، وكان للميت ولد وارث، فلابد من التوقف في جميع الميراث إن لم نجعل للولد ضبطاً؛ فإنا لا ندري أن ما يخص هذا الولد كم؟ فلابد من التوقف إلى الانفصال.
وإن فرعنا على أن أكثر الأولاد في الرحم الواحد أربعة، فنأخذ بهذا العدد، ثم نقدرهم ذكوراً، ونصرف حصّةَ الولد الثابت إليه؛ بناءً على المستيقن، فيخصه خمس المال، ونقف الباقي.
ونحن الآن في عقد الحمل والتفصيل بين أيدينا.
ثم من رأى مذهب الشافعي محمولاً على أن أكثر العدد في الأجنة أربعة، فإذا صرف إلى الولد الثابت ما ذكرناه، فهل نأخذ منه ضميناً؟ تردد الأئمة فيه، وظاهر ما ذهب إليه هؤلاء أنه لا يطالب بضمين؛ فإن ما بني على الوجود يُحكم فيه بحسبه فنلحق الحكمَ فيه بالقضاء الثابت في الشريعة. وإن تطرق إليها إمكانٌ من طريق الخلقة، ولهذا ورّثنا الولد الذي تأتي المرأة به لأكثر من ستة أشهر بعد موت الموروث؛ فإن الشرع حاكم بإثبات القرابة من الميت، وهذا يتضمن القضاء بإثبات وجوده عند الموت، فاتبعنا هذا الحكم؛ ولم نلتفت على خلافه، وإن كان ممكناً من طريق الخلقة، إذ لا بُعد في حصول العلوق بعد موت الميت من أجنبي، ولكن لا معوّل على هذا التقدير.
6532- ومما نذكره في قاعدة الباب أن الحامل إذا كانت حاملاً بجنين، أو بأجنة، لو انفصلوا أحياءً، لكانوا أصحاب فرض، ولا يختلف فرضهم بمزيد العدد، مثل أن يكونوا أولاد أم الميت، وكانت الأم هي الحامل، فللابنَيْن الثلث، ثم لا مزيد في الفرض، وإن زادوا، فإذا كان الأمر كذلك، فالذي ذهب إليه الأصحاب أجمعون أنا نقف للحمل ثلثَ المال إن لم يكن عوْلٌ، ونصرف الباقي إلى الورثة؛ فإنا نستيقن استحقاقهم الثلثين. وإنما تردُّدنا في الثلث، وقد وقفنا محل التردد.
6533- وحكى الصيدلاني عن القفال أنه كان يقف جميع التركة إلى انفصال الجنين، ويذهب في ذلك مذهباً بِدعاً، ويقول: إذا سلطنا الورثةَ على أعيانٍ من التركة، ووقفنا للحمل ما وقفناه، فقد تعرض آفة في هذا الموقوف، ولو وقعت، لكان حق الحمل ثابتاً في المصروف إلى الورثة، فلا وجه لتسليطهم على شيءٍ من التركة، ونحن نجوّز من طريق الإمكان استرداده منهم، والوالي وإن كان يلي الطفل، فإنه لا يلي الحمل، حتى يحمل ما ذكرناه من إقرار مقدار الوقف على القسمة، بدليل أن الوالي لا يتصرف في الموقوف للحمل، فلا معنى لتسليطهم على التصرف من غير انفصال الجنين، هذا وللحمل أمد معلوم لا يفرض تعديه ومجاوزته.
وهذا الذي ذكره القفال مأخوذ عليه؛ فإن الوالي إن التُمِس منه تسليط الوارثين على القدر المستيقن، فلا وجه للتوقف في ذلك، مع استيقان الاستحقاق. وللإمام أن يقسم مالاً مشتركاً بين حُضَّر وغُيَّبٍ. وإن كان لا يلي أموال الغُيّب ولايته أموال الأطفال الذين لا أبا لهم، ولا أجداد. نحم، ما ذكره من التوقف يليق بالحمل، على أن عدد الأجنة لا ضبط فيه.
فإذا كان الأولاد لو انفصلوا عصباتٍ لو كانوا ذكوراً، أو بعضهم، فالوجه ألا يصرف إلى من يشاركهم شيئاً إذا كان عصبة مثلهم، وكان في درجتهم، وأما بناء الوقف على ما حكاه الصيدلاني عن القفال، فضعيفٌ لا أصل له، ولست أعده من المذهب.
6534- فإذا تمهدت الأصول، فالذي أراه ملتحقاً بها؛ وهو دائر في الخَلَد أن التوقف لأجل الحمل على الحد الذي ارتضيناه مذهباً، يثبت إذا بدت مخايل الحمل.
وإن لم تبد مخايله، ولم تدّعه المرأة، وكان من الممكن أن يظهر حمل لأجل قرب عهدها بالوطء الذي يتوقع منه العلوق، فهذا فيه تردد عندي.
وكذلك إذا ادعت المرأة العلوق، ولا علامة، وقد يظهر التعويل على قولها: إنها قد تجد من نفسها علامات تختص هي بدركها، وقد يجوز أن يقال: لا تعويل على تلك العلامات، فإنها فيما يقال: غثيانٌ، وسدد، وخُبْث نفس، ولا تعويل على مثل هذا، وليس معنا في ذلك نقل نعزيه إلى المذهب.
6535- فإذا ثبتت هذه المقدمات، خضنا بعدها في تفصيل طلب اليقين، وطريقُه ضرب 1لأمثلة، وتخريج الأجو بة منها، فنقول.
إذا أردنا أن نعزل للحمل شيئاً، نظرنا، فإن كان نصيب الذكور أكثر من نصيب الإناث، وقفنا نصيبَ الذكور. وإن كان نصيب الإناث أكثرَ من نصيب الذكور، وقفنا نصيبَ الإناث. فأما الموجودون الذين نقدرهم ورثة، فإن كان فيهم من لا يرث لو انفصل الجنين حياً، أو لا يرث إن كان الحمل ذكراً، فلا نصرف إليه شيئاً، ونوقف نصيبه إلى أن يتبين أمر الحمل، وإن كان فيهم من يرث كيف فرض الحمل، ولا يختلف مقدار ميراثه باختلاف صفات الحمل، فندفع إليه تمامَ نصيبه، وإن كان فيهم من يرث على جميع الأحوال، لكن يقل نصيبه على تقدير، ويكثر على تقدير، فنصرف إليه الأقل المستيقن، ونوقف الباقي.
6536- مثاله: ميت خلف: ابناً وامرأةً حاملاً
والتفريع على حمل أكثر العدد على أربعة، فللمرأة الثمن، وللابن خمس الباقي، على القياس الذي ذكرناه للشافعي، وهو مذهب أبي حنيفة، فنقدر كأن الأجنة أربعةُ ذكور.
وعلى قول الليث: ندفع إلى المرأة الثمن، وللابن نصف الباقي، ويؤخذ منه ضمين.
وفي قول أبي يوسف: للمرأة الثمن، وللابن ثلث ما بقي، ويؤخذ منه ضمين، وفي قياس قول محمد: للمرأة الثمن، وللابن ربع ما بقي، والباقي موقوف.
امرأة ماتت، وتركت زوجاً، وعماً، وأماً حاملاً من أبيها.
فندفع إلى الزوج ثلاثة أثمان المال، وهو النصف عائلاً، وإلى الأم الثمن، وهو السدس العائل، ونوقف الباقي، لجواز أن تلد بنتين، هما أختا المتوفاة من الأب والأم، فتعول المسألة.
وإن كانت الأم حاملاً من غير الأب، فللزوج النصف، وللأم السدس، ونوقف ثلث المال لانتظار أولاد الأم؛ فإن ولدت ولدين أو أكثر، فلهم الموقوف، وإن ولدت واحداً، فله السدس، ونرد السدس على الأم، ليكمل لها ثلث المال. وإن أسقطته ميِّتاً، رُدَّ السدس على الأم، وكمُل ثلثُها، ودفع السدس الآخر إلى العم.
وعلى قول من لا يقدر إلا ولداً واحداً يدفع إلى الأم الثلث كاملاً، ويؤخذ منها ضمين بالسدس، ونوقف سدس المال إلى أن نتبين أمرَ الحمل.
ومن وقف للحمل نصيب ولدين أو ثلاثة، فمذهبه مثل المذهب الذي نسبناه إلى الشافعي.
خلّف الميت بنتاً، وبنت ابن، وأخاً، وأمةً حاملاً منه، وكانت امرأة لابن الميت حاملاً من الابن
فالبنت تعطى تسع المال، ويوقف الباقي لجواز أن تأتي الأمة الحامل بأربعة بنين، وهذا تفريعٌ، على أنا لا نقدّر أكثر من أربعة.
فإن ولدت إحدى الحاملين ابناً والأخرى بنتاً في ليلةٍ، فأشكل، ولم يعلم أيهما ولدت الابن، كمّلنا للبنت ثلث المال، ودفعنا إلى الابن تسعي المال، وكان الباقي موقوفاً حتى يصطلح عليه المولود وبنت الابن، ولا حاجة إلى تخريج وجه الاحتمال.
وقد انتهينا إلى هذا الموضع.
فإن مات الذكر، ثم ماتت الأنثى قبل أن يصطلحوا، أعطينا البنت تمام سبعة وعشرين سهماً من أربعة وخمسين، وذلك نصف المال، وأعطينا الأخ خمسة أسهم، وأعطينا أم الولد ستة أسهم، وكان الباقي موقوفاً، وهو ستة عشر سهما، حتى يصطلحوا عليه، فالبنت تدّعي منه تسعة أسهم: تمامَ الثلثين، وأمُّ الولد تدعي منها ستة أسهم، والأخ يدعي سهماً واحداً، وبنت الابن تدعي اثني عشر سهماً، وامرأة الابن تدعي أربعة أسهم.
وإن كانت الأنثى هي التي ماتت أولاً، ثم مات الذكر بعدها، قبل أن يصطلحوا دفعنا إلى البنت أربعة وخمسين سهماً من مائة وثمانية أسهم، وهو النصف؛ وأعطينا أم الولد اثني عشر سهماً، وهو التسع، وأعطينا الأخ خمسة أسهم، وكان الباقي موقوفاً، وهو سبعة وثلاثون سهماً، البنت تدعي منها ثمانية عشر سهماً، تمام الثلاثين، وأم الولد تدعي اثني عشر سهماً، وبنت الابن تدعي سبعة وعشرين سهماً، وامرأة الابن تدعي عشرة أسهم، والأخ يدّعي سبعة أسهم، والمبلغ موقوف حتى يصطلحوا.
وسنذكر وجه الحساب في آخر الباب.
عبد له ابن حر، وتحته امرأة حرة، فمات ابن العبد
فإن أتت زوجة العبد بولد لأقلَّ من ستة أشهر من وقت موت ابن العبد ورث أخاه؛ إذ الأب رقيق لا يرث ولا يحجب.
وإن أتت به لأكثر من ستة أشهر من وقت موته، لم يرثه؛ لاحتمال أن تكون علقت من زوجها العبد بعد موت ابن العبد. فإن تصادق الورثة على أنها كانت حاملاً به يوم مات أخوه، أثبتنا الميراث بسبب التصادق. وإذا كان الأمر كذلك، فالوجه أن يمسك العبد عن وطئها حتى يتأدى فرض التصادق؛ فإنه إذا كان يطؤها فيظهر حمل الولد على علوق جديد، ويعسر التصادق.
فإن قيل: أتوجبون الإمساك، وتحرّمون الوطءَ حتى لا يؤدي إلى اللبس، وإسقاطِ حقٍّ ثابت؟ قلنا: لسنا نوجب هذا، ولا نحرم الوطء لأمرٍ موهومٍ؛ فإنها لو أتت بالولد لسبعة أشهر فصاعداً من غير وطء جديد، فالولد ينسب إلى الزوج، وليس يتضمن انفصالُ الولد بعد هذه المدة قطعاً بأن الولد حصل العلوقُ به من بعدُ، فلا سبيل إلى تحريم الوطء على العبد، بسبب تعذر تصادقٍ من غيره.
6537- ونحن نذكر الآن طريقَ الحساب في مسائل الحمل وبها يتبيّن مسلكُ الفتاوى.
ومسائل الباب في قياس الشافعي على أن أكثر عدد الأجنة أربعة، وللحساب مقدمة لابد من معرفتها، وهي أن الحمل إن كان واحداً، فله حالان: إما أن يكون ذكراً أو أنثى، وإن كان الحمل ابنين، فله أربعة أحوال إما أن يكونا ذكرين، أو أنثيين، أو الذي يخرج أولاً ذكراً، والثاني أنثى، أو على العكس من ذلك.
وإن كان الحمل ثلاثة، فلهم ثمانية أحوال، وإن كانوا أربعة فلهم ستة عشر حالاً، على ما قدمناه في الخناثى.
6538- فإذا طلب الورثةُ المعلومون ميراثهم، وكانوا بحيث يرثون مع الحمل لا محالة، وأردت أن تدفع إليهم نصيبهم المستيقن، فأخرج فريضة كلِّ حالٍ من أحوال الحمل، ثم انظر في تلك الفرائض، فما يتماثل منها، فاكتف بواحدةٍ، وما دخل منها في غيرها فاطرحها، وما وافق غيرَها، فخذ وَفْقَها، واترك العددين المتباينين على حالهما، ثم اضرب الحاصل من الأعداد بعضَها في بعض، فما بلغ فمنها تصح القسمة، ثم ادفع إلى الوارث المعلوم ما يصيبه في أضرّ الأحوال به، مضروباً في جميع ما يقابلها من مسائل الأحوال الأخرى وفي وفقها، ويكون الباقي موقوفاً إلى أن يظهر أمر الحمل؛ فإذا ظهر على بعض الأحوال، فارجع إلى مسألة تلك الحالة، فكُلّ من كان له في تلك الحالة شيء أخذه، مضروباً فيما يقابلها من مسائل الأحوال الأخرى وفي وَفْقِها. فإن كان قد استوفى نصيبه، فهو المراد، وإلا فأعطه ما بقي له إلى تمام نصيبه من الموقوف.
مثاله: رجل مات عن
أخ، وأمةٍ حامل
فلا ندفع إلى الأخ شيئاً، بل نقف المال لجواز أن يكون الحمل ذكراً، يحجب الأخ.
فإن ترك ابناً، وأمة حاملاً منه
قلنا: إن كان الحمل واحداً، فله حالان: تكون المسألة في إحداهما من اثنين، وفي الأخرى من ثلاثة.
وإن كان اثنين فأربعة أحوال، تكون المسألة في حالين من خمسة، وفي حال من أربعة، وفي حالٍ من ثلاثة.
وإن كان الحمل ثلاثة، فلهم ثمانية أحوال، ففي حال تكون المسألة من أربعة، وفي حالٍ من خمسة، وفي ثلاثة أحوالٍ من سبعة، وفي ثلاثة أحوال من ستة.
وإن كان الحمل أربعة، فلهم ستةَ عشرَ حالاً: في واحدة منها تكون المسألة من خمسة، وفي واحدةٍ من ستة، وفي أربعة أحوال من تسعة، وفي أربعةٍ من سبعة، وفي ستة أحوال من ثمانية.
فنطرح المتماثلات إلا واحدةً منها، فيحصل معنا، اثنان، وثلاثة، وأربعة، وخمسة، وستة، وسبعة، وثمانية، وتسعة، فنطرح الاثنين والثلاثة والأربعة، لأنها داخلة في غيرها، وما بقي ضربنا بعضها في بعض بعد أخذ الموافقة، على قياس أجزاء المخارج، فيبلغ ألفين وخمسمائة وعشرين، فمنها تصح القسمة على جميع أحوال المسألة.
فإذا أردت القسمة على قول من وقف للحمل نصيبَ أربعة أولاد، فقد علمنا أن أقل أحوال الابن الظاهر المعلوم أن يكون الحمل أربعة أولاد ذكور، فيكون له الخمس، فادفع إليه خمسَ مبلغ السهام، وهو خمسمائة وأربعة أسهم.
ثم انظر بعد ذلك، فإن أسقطت الأمةُ سقطاً ميتاً، وخَلَت عن الحمل، أخذ الابن ما بقي، وإن وضعته على بعض تلك الأحوال، فارجع إلى تلك الفريضة، وانظر كم نصيب الابن الظاهر منها، فإن كان قد بقي له شيء إلى تمام حقه، فادفعه إليه.
وعلى قول من يقف للحمل نصيبَ ثلاثة يُدفع إلى هذا الابن الظاهر ربعُ المال، ثم ننظر.
وعلى قول من يقف نصيب ولدين ندفع إليه ثلث المال.
وعلى قول من يقف نصيب ولد يدفع إليه نصف المال.
وكيف ظهر الأمر، فالمسألة تصح من المبلغ الذي ذكرناه في جميع الأحوال.
فإن خلف الرجل ابناً، وامرأة حرة هي حامل منه
فإن كان الحمل واحداً، فله حالان: في إحداهما تصح المسألة من ستة عشر، وفي الأخرى من أربعة وعشرين.
وإن كان الحمل ولدين فأربعة أحوال: في إحداها تصح المسألة من أربعة وعشرين، وفي حالة من اثنين وثلاثين، وفي حالين من أربعين.
وإن كان الحمل ثلاثة أولاد، فثمانية أحوال: في واحدة تصح المسألة من اثنين وثلاثين، وفي واحدةٍ من أربعين، وفي ثلاثة أحوال من ثمانية، وفي ثلاثة من ثمانية وأربعين.
وإن كان الحمل أربعة، فلهم ستة عشر حالاً في واحدة منها تصح المسألة من أربعين، وفي حالة من ثمانية وأربعين وفي أربعة أحوال من اثثين وسبعين وفي بعض أحوالها من أربعة وستين.
فيكتفى من المتماثلات بواحدة، ونطرح ما دخل في غيرها، فيحصل معنا بعد ذلك، وبعد أخذ الموافقة فيما بقي خمسة، وثمانية، واثنان وسبعون، فنضرب فيبلغ ألفين وثمانمائة وثمانين، فمنها تصح المسألة على جميع أحوالها، ونعلم أن نصيب الزوجة لا يتغير، فلها ثمن المبلغ، وهو ثلثمائة وستون سهماً، وعلمنا أيضاً أن أقل أحوال الابن المعروف أن يكون الحمل أربعة أولاد ذكور، فله خمس ما بقي بعد الثمن، فندفع إليه خمس سبعة أثمان المبلغ، وهي خمسمائة وأربعون، ويكون الباقي موقوفاً إلى أن يبين أمرُ الحمل.
وعلى هذا فقس مسائل الحمل.
مسائل تعرف بمسائل الاستهلال:
6539- ويقع فيها الإشكال من وجوهٍ نذكرها على الجملة، ونذكر عقدَ الباب، ثم نضرب المثال.
فإذا ترك الميت حوامل يرثه حملُهن، فولدن في حال واحدة، واستهل بعضُهم، وأشكل عينه، ثم وُجِدوا بعد ذلك موتى، وقد يتكرر الاستهلال، فلا يُدرَى أكان من واحدٍ، أو من اثنين، وقد تلد بعضهن قبل بعض، ويسمع الاستهلال، فلا يُدرى مَن الأول، ومن المستهل، وقد تلد امرأةٌ ولدين، يستهلّ أحدهما، ونجدهما ميتين.
والأصل في حساب مسائل الباب أن نصحح الفريضةَ على جميع وجوهها، ثم نجعل تلك المسائل عدداً واحداً، على الرسم الذي ذكرناه في حساب مسائل الحمل الآن، ثم نجعل لكل واحد من الورثة المعلومين الأقلَّ المستيقن له، ونقف الباقي.
هذا قول أكثر الفرضيين، والوقفُ إلى أن يصطلحوا أو تقوم بينةٌ إن أمكن.
6540- وقال قوم يعرفون بأصحاب الدعاوى: يدفع إلى كل واحد منهم ما ينفرد بدعواه، وما اشتركوا في دعواه قُسّم بينهم على قدر دعاويهم.
6541- وقال آخرون، يعرفون بأصحاب الأحوال: يدفع إلى كل واحد منهم من جميع ما يصيبه في جميع الأحوال بقدر حالٍ من تلك الأحوال. وسنوضح ذلك بالأمثلة.
رجل مات عن
ابنٍ، وامرأةٍ حامل، فولدت ابناً وبنتاً، واستهل أحدهما، ولم ندر من المستهل، وصادفناهما ميتين.
ففريضة الابن لو كان هو المستهل تصح من ستة عشر: للمرأة سهمان، ولكل ابن سبعة.
ثم مات الابن المستهل عن
أم، وأخ
فللأم الثلث، والباقي للأخ، وفي يده سبعة، وهي لا تصح على ثلاثة، ولا توافق، فنضرب ثلاثة في أصل الفريضة الأولى، فتبلغ ثمانية وأربعين للمرأة الثمن ستة، ولكل ابن أحدٌ وعشرون.
مات أحدهما عن
أم، وأخ
فلأمه ثلث ما في يده، وهو سبعة، والباقي لأخيه، وهو أربعة عشر، فاجتمع للأم ثلاثة عشر، وللأخ خمسة وثلاثون، فنحفظ ذلك.
ثم نقول: إن كانت البنت هي التي استهلت، ففريضة الميت الأول-وهو الأب- تصح من أربعةٍ وعشرين: للمرأة الثمن: ثلاثة، وللابن أربعة عشر، وللبنت سبعة. وقد ماتت عن أم وأخ ومسألتها من ثلاثة، وفي يدها سبعة، وهي لا تصح على ثلاثة، ولا توافق، فنضرب مسألتها وهي ثلاثة في المسألة الأولى، وهي أربعة وعشرون، فتبلغ اثنين وسبعين، فمنها تصح المسألة الأولى والثانية للمرأة الثمن: تسعة، وللابن اثنان وأربعون، وللبنت أحد وعشرون.
وقد ماتت عن
أم، وأخ
فللأم ثلث ما في يدها وهو سبعة، ولأخيها أربعة عشر فيجتمع للأم ستة عشر، وللأخ ستة وخمسون، والنصيبان يتفقان بالثمن، فيرد كلُّ واحدٍ منهما إلى ثمانية، ونقطع الفريضة في ثمنها، وهو تسعة: للأم منها سهمان وللأخ سبعة أسهم.
فمسألة استهلال الابن تصح من ثمانية وأربعين. ومسألة استهلال البنت تصح من تسعة، وهما متفقان بالثلث، فنضرب ثلث أحدهما في جميع الآخر، فتبلغ مائة وأربعة وأربعين، فمنها تصح المسألة في جميع أحوالها على جميع المذاهب.
6542- فأما على قول أهل الوقف، فإنا نقول: للأم في حال استهلال البنت اثنان وثلاثون سهماً من مائة وأربعة وأربعين، ولها في حال استهلال الابن تسعة وثلاثون سهماً، فندفع إليها اثنين وثلاثين سهماً؛ لأنه يقين، ونقف سبعة أسهم.
فأما الابن، فله في حال استهلال الابن مائة وخمسة، وفي حال استهلال البنت مائة واثنا عشر، فندفع الأقلَّ إليه، ويكون الباقي موقوفاً، وهو سبعة بينه وبين الأم حتى يصطلحا، أو تقوم البيّنة على المستهِلّ.
6543- وأما على طريقة أصحاب الدعوى، فالأم لها اثنان وثلاثون سهماً بيقين، وللابن مائة وخمسة أسهم بيقين، والسبعة الباقية يدعيان فيه، فتقسم بينهما نصفين، لكل واحد منهما ثلاثة ونصف. فإن أردت أن يزول الكسر، فاضرب اثنين في أصل المسألة، واستأنف القسمة.
6544- فأما على قول أصحاب الأحوال، فإنا نقول: كان للأم من مسألةٍ اثنان وثلاثون، ومن مسألة تسعة وثلاثون، فنجمع النصيبين، فيكون أحداً وسبعين، فلها نصف ذلك، وهو خمسة وثلاثون ونصف، وللابن من مسألةٍ مائةٌ واثنا عشر، ومن مسألة مائة وخمسة، فنجمع بينهما، فيكون مائتين وسبعة عشر، فله نصفها، وهو مائة وثمانية ونصف، أخذاً بإحدى الحالين. فإن أردت أن يزول الكسر، فاضرب ما صحت منه القسمة في اثنين، واستأنف القسمة.
6545- فإن كانت هذه المرأة قد ولدت ولدين: ابناً، وبنتاً، واستهلاّ جميعاً، ثم ماتا، وشككنا في تعيين من مات أولاً منها.
فمسألة الأب وهي الأولى تصح من أربعين للمرأة الثمن، خمسة، والباقي بين الابنين والبنت: لكل ابن أربعة عشر، وللبنت سبعة.
فإن كان الابن هو الذي مات أولاً، فقد مات عن
أمٍّ، وأخٍ، وأخت
وتصح فريضته من ثمانية عشر: لأمه منها ثلاثة، ولأخيه عشرة ولأخته خمسة، وفي يده أربعةَ عشرَ، وهي لا تصح على ثمانيةَ عشرَ، ولكن توافقها بالنصف، فنضرب نصف فريضته، وهي تسعة في فريضة الأب وهي أربعون، فتبلغ ثلثمائة وستين: للمرأة منها الثمن خمسة وأربعون، ولكل ابن مائة وستة وعشرون، وللبنت ثلاثة وستون.
فمات أحد الابنين عن
أم، وأخ، وأخت
فلأمه سدس ما في يده، وهو أحدٌ وعشرون، ولأخيه سبعون، ولأخته خمسة وثلاثون، فيحصل في يد البنت من فريضتي أخيها وأبيها ثمانية وتسعون. فماتت عن
أم، وأخ
فيكون ما في يدها بينهما على ثلاثة، وليس لثمانية وتسعين ثلث، فنضرب ثلاثة في أصل فريضة الأب وهو ثلثمائة وستون، فيبلغ ألفاً وثمانين، فكل من كان في يده شيء من المسألة الأولى أخذه مضروباً في ثلاثة، وقد كان في يد الأم ستة وستون مضروبة في ثلاثة، فيكون لها مائة وثمانية وتسعون. وكان في يد الابن من جميع التركتين مائة وستة وتسعون. مضروبة في ثلاثة، فيصير معه خمسمائة وثمانية وثمانون، وكان في يد البنت ثمانية وتسعون، نضربها في ثلاثة، فيكون معها مائتان وأربعة وتسعون، فنقسم ذلك بين أمها وأخيها: لأمها من ذلك ثمانية وتسعون، ولأخيها مائة وستة وتسعون، فحصل في يد الأم من الفرائض الثلاث مائتان وستة وتسعون، وحصل للابن من الجميع سبعمائة وأربعة وثمانون، والنصيبان يتفقان بالثمن، فنردهما إلى ثمنهما، ونختصر الفريضة، ونقطعها من ثمنها، فنرجع بالفريضة إلى مائة وخمسة وثلاثين: للأم منها سبعة وثلاثون، وللابن ثمانية وتسعون فنحفظ ذلك، ثم نقول: إن كانت البنت هي التي ماتت بعد الأب، ثم مات بعدها الابن، فالفريضة أولاً تصح من أربعين: للمرأة خمسة، ولكل ابنٍ أربعةَ عشرَ، وللبنت سبعة. وقد ماتت عن:
أم وأخوين
وفريضتها تصح من اثني عشر سهماً، والسبعة التي في يدها لا تصح على اثني عشر، ولا توافقه، فنضرب اثني عشر في أربعين، فتبلغ أربعمائة وثمانين، فنقسم منها فريضة الأب، للمرأة الثمن: ستون سهماً، ولكل ابنٍ مائة وثمانية وستون سهماً، وللبنت أربعة وثمانون. وقد ماتت عن:
أم وأخوين
فلأمها سدس ما في يدها أربعة عشر. ولكل أخ خمسة وثلاثون، فحصل مع الأم من المسألتين أربعة وسبعون، وفي يد كل ابن مائتان وثلاثة، ثم مات أحدهما عن أم وأخ، وما في يده لا ينقسم على مسألته؛ فإنه لا ثلث لما في يده، فنضرب ثلاثة في فريضة الأب، وهي أربعمائة وثمانون، فتبلغ ألفاً وأربعمائة وأربعين، فنقسم منها مال الأب، فكل مَنْ كان في يده من المسألة الأولى شيء، أخذه مضروباً في ثلاثة، فيحصل في يد الأم من الفرائض الثلاث أربعمائة وخمسة وعشرون والباقي في يد الابن وهو ألف وخمسةَ عشرَ، والنصيبان يتفقان بالأخماس، فيرجع نصيب الأم إلى خمسة وثمانين، ونصيب الابن إلى مائتين وثلاثة، وتصح فريضة الأب على هذه الحالة من مائتين وثمانية وثمانين.
وقد كانت فريضته في الحالة الأولى تصح من مائة وخمسة وثلاثين، والفريضتان متفقتان بالأتساع، فنضرب تُسع أحدهما في جميع الآخر، فيبلغ أربعة آلاف وثلثمائة وعشرين، فمنها تصح المسألة على جميع أحوالها.
فنقول على قول أهل الوقف: كان للأم من المائة والخمسة والثلاثين سبعة وثلاثون سهماً مضروبة في تُسع الفريضة الأخرى، وهو اثنان وثلاثون، فلها ألف ومائة وأربعة وثمانون، فكان لها من مائتين وثمانية وثمانين خمسة وثمانون سهماً مضروبة في تسع الفريضة الأولى، وذلك خمسة عشر، فتكون ألفاً ومائتين وخمسة وسبعين. فيدفع إليها أقل النصيبين، ويكون الفضل الذي بينهما موقوفاً، وهو أحدٌ وتسعون.
ويعتبر أقل نصيبي الابن على هذا النسق، ونقف ما بينهما، وتخرّج المسألة على قول أهل الدعوى وأصحاب الأحوال على الترتيب المقدّم.
6546- والغرض تمهيد الأصول وتبيين الطرق، والاعتمادُ بعدها على الدُّرْبة، واعتياد العمل.
وهذه المسألة وضعها الأستاذ أبو منصور، وسبب وضعه لها ما فيها من تكرار قطع المسألة وردّها إلى أجزاء التوافق بين الفرضين.
وفي المسألة إشكال؛ فإن الولدين عمي موتُهما، فلم ندر من المتقدم.
وأصلنا ألا نورث ميتاً من ميت، وقد قدَّر في ترتيب الأخوات موتَ الابن، وورّثَ البنت منه، ثم قدَّر موتَ البنت، وورّث الابنَ منها، وهذا غير مستقيم، فلعله فرض تعيُّنَ موت أحدهما، ثم فرض الالتباس بعده، وفرّع على أن الأمر إذا كان كذلك، لم يكن هذا من ميراث الغرقى، ومن عمي موتُه.
فهذا مما يجب التنبّه له، حتى إذا لم نر توريث أحدهما من الثاني، نقدر موت كل واحد منهما، ونورّث الأحياء منه. فأما أن نورث أحدهما من الثاني حيث التبس تاريخ الموت، فلا.
6547- ثم ذكر الأصحاب في آخر باب الحمل صوراً من المعاياة ليست عرية عن فوائد وفيها تدرب في استخراج المعضلات، ونحن نأتي منها بما نراه مفيداً.
فلو قالت امرأة لورثةٍ: لا تعجلوا بالقسمة، فإني حامل؛ فإن ولدتُ ذكراً ورث، أو ذكراً وأنثى، ورثا. وإن ولدت أنثى لم ترث.
فهذا رجل خلف
بنتين، وامرأة ابنٍ حامل
فللبنتين الثلثان. فإن كان الحمل أنثى، لم ترث، وإن كان الحمل ذكراً، فله الباقي، وإن كان ذكراً وأنثى، فالباقي بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
6548- وكذا لو خلّف الميت
أختين لأب وأمٍّ، وامرأةَ أبٍ حاملاً
فالحمل هكذا.
6549- فإن قالت: إن ولدت أنثى، ورثت، وإن ولدت ذكراً، أو ذكراً وأنثى، لم يرثا.
فهذه امرأة خلَّفت
زوجاً، وأبوين، وبنتاً
فللزوج الربع ثلاثة من اثني عشر، وللبنت النصف ستة، وللأبوين السدسان أربعة والمسألة عائلة من اثني عشر إلى ثلاثة عشر. وهذه الحامل امرأة ابنها، فإن جاءت بأنثى، فرض لها السدس تكملة الثلثين، وتعول إلى خمسة عشر.
وإن جاءت بذكر، أو ذكرٍ وأنثى فلا شيء لهما.
6550- وقد تفرض هذه المسألة في امرأة خلّفت
زوجاً، وأختاً لأبٍ وأمٍّ
فالمال نصفان بينهما. ولا نظير لهذه المسألة، فتأتي امرأة الأب فتقول ما ذكرناه، والجواب كما مضى.
6551- فإن قالت: لا تعجلوا؛ فإني حامل إن ولدت ذكراً، ورث، وإن ولدت أنثى لم ترث، وإن ولدت ذكراً وأنثى، ورث الذكر دون الأنثى.
فهذا رجل خلف
عماً أو ابن عم
والقائلة امرأة أخ الميت، فابن الأخ يرث، ولا شيء لبنت الأخ بحال.
وقد تقول في هذه المسألة: إن ولدت ذكراً ورث، ولم ترث يا عمُّ.
وهو كذلك.
6552- فإن قالت: إن ولدت ذكراً، لم يرث، وإن ولدت أنثى، لم ترث، وإن ولدت ذكراً وأنثى، ورثا.
فهذا رجل خلف
جداً، وجدة، وأختاً لأب وأم، والحامل امرأة الأب
فإن جاءت بابنٍ، فللجدة السدس، والباقي وهو خمسة بين الجد والأخ والأخت، وهي من مسائل المعادّة. ولا يخفى تخريجها على من أحكم ما قدمناه.
6553- فإن قالت: إن ولدت أنثى، لم ترث، ولا أنا.
وإن ولدت ذكراً. ورث، وورثتُ.
وإن ولدت ذكراً وأنثى ورث وورثتُ.
فهذا رجل خلف
ابنتين، وبنت ابن ابن ابن حاملاً من ابن ابن ابن آخر
فيكون ولدها في درجتها، أو من ابن ابن ابن ابن آخر ليكون ولدها أسفلَ منها.
فإن كان ولدها ذكراً، أو ذكراً وأنثى عصبها الذكر، وكان باقي المال بينهما.
والتنبيه كافٍ في هذه الأجناس.
6554- وإن قالت: إن ولدت ذكراً، لم يرث ولم أرث، وكذا إن ولدت ذكراً وأنثى، وإن ولدت أنثى ورثتْ وورثتُ.
فهذه امرأة خلفت
زوجاً، وبنتاً، وأبوين، كما ذكرنا، والحامل بنت ابن ابن ابن كانت حاملاً من ابن ابن ابن آخر.
فإن ولدت ذكراً فهو عصبة ولا شيء له، ولا لمن في درجته.
وإن ولدت ذكراً وأنثى فكذلك.
وإن ولدت أنثى، فهما ابنتان يفرض لهما السدس. وتعول الفريضة إلى خمسةَ عشرَ.
6555- وإن قالت: إن ولدت ذكراً، ورث دوني، وإن ولدت أنثى ورثتُ دونها، فصورتها أن تُعتق امرأةٌ عبداً، ثم تزوج بها أخُ المعتَق أو عمه، وتحمل منه، ثم يموت المعتَق بعد ما مات زوج المعتِقة، فإن جاءت بذكر، فالمال له، لأنه ابن أخ المعتَق أو ابن عمه.
فإن جاءت بأنثى، فلاشيء لها.