فصل: باب: ميراث الجد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.باب: ميراث الجد:

قال الشافعي: "الجد لا يرث مع الأب... إلى آخره".
6295- الأب يحجب أبا نفسه، وهو جد الميت، والجد القريب يحجب الجدَّ البعيد، وهذا متفق عليه، وإن حكينا خلافاً في أن الأب هل يحجب أمه، وهي جدة الميت، فمن خالف ثَمَّ من الصحابة رضي الله عنهم، لم يخالف هاهنا.
6296- فإن لم يكن في المسألة أب، فالجد أب الأب بمثابة الأب. واستثنى الأئمة أخذاً من معنى الشافعي، ومن نصِّه أربعَ مسائل: إحداها- أن الأب يحجب الإخوة، والجد لا يحجب الإخوة والأخوات من الأب والأم، ومن الأب، على رأي زيدٍ وغيره من جلَّة الصحابة رضي الله عنهم.
والثانية- أن الجد لا يُسقط أمهاتِ الأب، والأب يُسقط أمهات نفسه.
والمسألتان الباقيتان هما الفريضتان المعروفتان: زوج وأبوان وزوجة وأبوان. وقد ذكرنا أن للأم فيهما مع الأب ثلث ما يبقى والباقي للأب، فلو كان بدل الأب جدٌّ، فللأم ثلث المال كاملاً، على رأي معظم الصحابة.
وعن عمر أنه نزل الجد في الفريضتين منزلة الأب، وقضى بأن للأم ثلث ما يبقى بعد نصيب الزوج، والزوجة، والباقي للجد، كما ذكرناه في الأب.
وذهب ابن سيرين إلى الفرق بين الفريضتين مع الأب، فقال في زوج وأبوين: للأم ثُلث ما يبقى، فإنا لو أعطيناها ثلث الجميع، بعد النصف، لكان ما أخذته أكثر ممّا يأخذه الأب.
وقال في زوجةٍ وأبوين: للأم ثلث جميع المال؛ فإنه ليس في إكمال الثلث لها تفضيلها على الأب.
وهذا مذهبٌ متروكٌ.
ومن قال من أصحابنا لا يأخذ الجد بالفرض والتعصيب، فيقع ذلك فرقاً بين الأب والجد أيضاً.
ثم ذكر الشافعي رضي الله عنه أن كل جدٍّ وإن علا، فكالجد الأدنى، إذا لم يكن دونه جدّ. وهذا ممّا قدمنا القولَ فيه، وذكرنا خلاف الأصحاب في أب الجدّ مع الأخ، وفي أب الجد، مع ابن الأخ.
فهذا ذكر جُمل من ميراث الجد.
6297- ومقصود الباب بيانُ ميراثه مع الإخوة من الأب والأم، والإخوة من الأب إذا لم يكن معهم صاحب فرض، وما اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بابٍ اختلافَهم في هذا الباب، وروي أن عمر رضي الله عنه قضى في الجد بمائة قضيةٍ مختلفة. ثم لما طعنه أبو لؤلؤة، وأشرف على الموت، قال: "احفظوا عني ثلاثاً: لا أقول في الكلالةِ شيئاً، ولا أقول في الجدِّ شيئاً، ولا أستخلف عليكم أحداً". وعن علي أنه قال: "من سرّه أن يتقحّم جراثيمَ جهنّمَ بحُرّ وجهه، فليقْضِ في الجدّ والإخوة". وقال ابن مسعود: "سلوني عما شئتم من عَضْلكم ولا تسألوني عن الجد لا حياه الله ولا بيّاه". وعن عمر أنه قال: "أجرؤكم على مسائل الجد أجرؤكم على النّار " وما رتب أحد من الفرضيين هذا الباب ترتيب الأستاذ أبي منصور البغدادي ونحن نتخذ ترتيبه أسوة في الباب، ثم نذكر فيه ما ينبغي، إن شاء الله.
6298- فنقول: أولاً أمّا الإخوة من الأم، فلا شك في سقوطهم بالجد، وأما الإخوة من الأب والأم، والإخوة من الأب، فقد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم؛ فمنهم من نزّل الجدّ منزلة الأب وأسقط به جميعَ الإخوة والأخواتِ، كما يسقطهم الأب. وإليه ذهب أبو بكرٍ الصديق، ومعاذ بنُ جبل، وعبد الله بن عباس، وجابر، وعُبَادة بنُ الصامت. وأُبي بن كعب، وأبو الدرداء، وعبد الله بن الزبير، وأبو موسى الأشعري، وعمران بن حصين، وعائشة، وبه أخذ طائفة من العلماء: الحسن، وطاووس، والزهري، وعطاء، وأبو حنيفة، وأبو ثورٍ، والمزني في اختياره الظاهر، ونسَبَ هذا إلى ابن عباس ابنُ سريج، ومحمد بن نصر المروزي من أئمة أصحاب الشافعي.
ومنهم من شرك بين الجدِّ والإخوة والأخوات من الأب والأم، ومن الأب. وهو مذهب علي، وزيد، وابن عباسٍ، وابن مسعود، وبه قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، والثوري، وابنُ أبي ليلى، وأبو يوسف، ومحمد.
واختلف الرواية في ذلك عن عمر وعثمان فروي عنهما القولان معاً.
ثم اختلف المشرّكون في تفصيل التشريك على مذاهبَ مختلفة، وأصولٍ متباينة، ونحن نذكر مذهب علي أولاً في جميع قواعد الباب، ثم نذكر مذهب زيد ثم نذكر مذهبَ ابن مسعود، ثم نذكر مذهبَ عمر على رواية التشريك، ثم نذكر مذهب عثمان، فإذا بانت مذاهبهم نفتتح فرضَ المسائل، ونذكر في كل مسألة مذاهب الصحابة رضي الله عنهم.
الفصل الأول
في بيان قول علي ومن تبعه
6299- قال رضي الله عنه: ننظر في الإخوة والأخوات، هل هم من جهةٍ واحدة، أو هم من جهتين؟ فإن كانوا من جهةٍ واحدة، مثل أن يكونوا جميعاً لأب وأم، أو لأب، نَظَر: فإن كانوا إخوة، أو إخوة وأخوات، فالجدُّ كواحد منهم، وقَسَّمَ المالَ بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين. والأمر كذلك مادامت القسمة خيراً له من السدس.
فإن كان نصيبه بالقسمة سدس المال أو أكثر، فالقسمة صحيحة.
وإن أصابه بالقسمة أقلُّ من السدس، فَرَض له السدس، والباقي للإخوة والأخوات.
وإن كن أخوات لا أخ معهن، فَرَضَ لهن: للواحدة النصف، وللاثنتين فما فوقهما الثلثان، والباقي للجد.
6300- وإن كانوا من جهتين: بعضهم لأبٍ وأم، وبعضهم لأبٍ، نَظَرَ: فإن كان في الذين من قبل الأب والأم أخ، سقط الذين من قبل الأب، وكان المال مقسوماً بين الجد والذين من قبل الأب والأم، مع اعتبار السدس، كما تقدم.
وإن لم يكن في الذين من قبل الأب والأم أخ، وكانت أختٌ أو أخواتٌ، فرض لهن للواحدة النصف، وللاثنتين فصاعداً الثلثان.
ثم نَظَرَ فيمن هو من جهة الأب، فإن كان فيهم أخ، صار الجدّ كأخ لأبٍ، وقسم الباقي بين الجد والذين هم من قبل الأب، واعتبر خير الأمرين من القسمة والسدس.
وإن لم يكن في الذين هم من قبل الأب أخ، نظر: فإن كان في أولاد الأب والأم أخت واحدة، فلها النصف، وللأخت أو الأخوات من الأب السدس تكملة الثلثين، والباقي للجدِّ، وإن كان في أولاد الأب والأم أختان، فلهما الثلثان، والباقي للجدّ، وتسقط الأخوات من الأب.
6301- وهذا كله إذا لم يكن مع الجدّ والإخوة ذو فرض: مسمَّى سوى الأخوات، فإن كان معهم ذُو سهمٍ مفروضٍ، نَظر: فإن كانت بنت، أو بنت ابن، فرض لهما، وفرض للجدّ معهما السدس وإن زادت الفرائض، أعال المسألة، فإن بقي بعد الفروض شيء، كان للإخوة والأخوات على حسب استحقاقهم في سائر المسائل.
والأخوات على رأي علي عصبة مع البنات، وبنات الابن.
وإن كان معهم ذو فرض آخر سوى البنت، وبنت الابن، ولم يكن في المسألة بنت ولا بنت ابن، أعطى كلَّ ذي فرض فرضَه، ونَظَر: فإن كانوا أخوات لا أخ معهن، فرض لهنّ أيضاً، وكان الباقي للجدّ إن كان سدساً، أو أكثر، وإن كان الباقي أقلَّ من السدس، أو لم يكن بقي من المال شيء، فرض للجد السدس، وأعال المسألة.
وإن كانوا إخوة أو إخوة وأخواتٍ، نَظَرَ: فإن كانوا من جهةٍ واحدةٍ، قسم الباقي بينهم وبين الجدّ، واعتبَرَ في حق الجد القسمةَ والسدسَ.
وإن كانوا من جهتين، نظر: فإن كان في الذين من جهة الأب والأم أخٌ، سقط أولاد الأب، والباقي مقسومٌ بين الجدّ والذين من قبل الأب والأم، مع اعتبار السدس. وإن لم يكن في أولاد الأب والأم ذكر، فرض لمن هن من قبل الأب والأم، وقسّم الباقي بين الجد والذين من قبل الأب، واعتبر السدس: فإن كان الباقي أقلَّ من السدس، أو لم يبقَ شيء، فرض للجدّ السدس، وأعال المسألة.
هذا إذا كان في أولاد الأب ذكر، فإن لم يكن في الذين من قبل الأبِ ذكر، فرض لهن السُدس إن كان في أولاد الأب والأم أخت واحدة، وفرض للجد السدس إن كان الباقي من المال أقلّ من السدس، أو لم يبق منه شيء، وأعال المسألة.
فهذا مذهب علي في هذا الباب. وهو الرواية المشهورة عنه.
6302- ورويت عنه روايات شاذة، لا عمل بها، فروي عن سعيد ابن المسيب عن علي أنه جعل الجدَّ أباً وأسقط به الإخوة والأخوات.
وروى الشعبي أن ابنَ عباسٍ كتب إلى علي في ستّة إخوة وجد، فكتب إليه بقسمة المال بينهم بالسويّة، وأمره بأن يمحو كتابه ولا تصح هذه الرّواية. فهذا مذهب علي رضي الله عنه.
الفصل الثاني
في بيان مذهب زيدٍ
6303- والوجه أن نذكر مذهبه في الجد والإخوة من غير أن يكون معهم
صاحبُ فرض، ثم نذكر الجدّ والإخوة مع أصحاب الفروض.
فإن لم يكن معهم صاحب فرضٍ، فالجد يقاسم الإخوة والأخوات المنفردات، والإخوة والأخوات المجتمعين، ويكون الجدّ في جميع ذلك كأحد الإخوة، ثم إنه يقول: يقاسمهم مادامت المقاسمة ثلثاً أو أكثر من الثلث، فإن كان الثلث خيراً له من المقاسمة، فرض له الثلث.
وإذا أخذ الجد نصيبه، نظر في الإخوة والأخوات: فإن كانوا من جهةٍ واحدةٍ أخذوا حقوقهم، فإن كانوا ذكوراً وإناثاً، فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وإن كانوا ذكوراً متمحّضين أو إناثاً متمحّضات، فالمال بينهم بالسوية.
وإن كانوا من جهتين، نَظرَ في الذين من قبل الأب والأم، فإن كان فيهم ذكر، استرجع ما في يد ولد الأب، وإن لم يكن فيهم ذكر، استرجع ممّا في يد ولد الأب ما يكمل به فرض ولد الأب والأم.
وهذا كله إذا لم يكن معهم ذو سهم مفروض.
وأصل زيدٍ في المعادَّة لا يتأتى ذكره إلا في فصلٍ مفرد، سنذكره، إن شاء الله عز وجل.
6304- فإن كان معهم ذو فرض مثل، ابنة أو ابنة ابن، أو زوج، أو زوجة، أو أم، أو جدّة، أعطى كلَّ ذي فرض فرضَه، ونَظر: فإن بقي في المال سدس، فهو للجدّ خاصّة، وإن بقي أقل من السدس، أو لم يبق منه شيء، فَرَضَ له السدس، وأعال المسألة.
وإن بقي بعد الفرض أكثر من السدس، قُسّم بين الجد والأخوات، كيف كانوا، ولا يَعْتَبر مع القسمة ثلثَ جميع المال في حق الجدّ، ولكنه يقول: للجدّ الخير من أحد ثلاثة أشياء: إما السدس، وإمّا ثلث ما بقي، وإما القسمة، فأي هذه الثلاثة، كان خيراً للجد خُصّ به، وكان الباقي للإخوة والأخوات.
6305- وكان لا يفرض للأخت مع الجدّ إلا في مسألة واحدة تعرف بالأكدرية، وصورتها:
زوجٌ، وأم، وجد، وأخت لأب وأم، (أو أخت لأب).
للزوج النصف، وللأم الثلث، فلم يبق إلا السدس.
قال زيدٌ: للأخت النصفُ، وللجدّ السدس، وأعال المسالة من ستة إلى تسعة، ثم جمع بين نصيب الأخت والجد، فكان أربعة، فقسمها بين الجدّ والأخت للذكر مثلُ حظ الأنثيين، وينكسر أربعة على ثلاثة، فنضرب ثلاثة في أصل المسألة بعولها، فتبلغ سبعة وعشرين. للزوج منها تسعة، وللأم ستة، وللأخت تسعة، وللجد ثلاثة، ثم يجمع بين نصيب الجد والأخت فتقسم بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين: للجد ثمانية، وللأخت أربعة.
هذا أصل زيدٍ المشهور في مسائل الجدّ، وهذا مذهبُه المعرُوف في هذه المسألة الملقّبة بالأكدرية. وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل.
6306- وعن زيد رواية شاذّة في الأكدرية، سئل قَبِيصةُ بنُ ذؤيب عن قضاء زيد في الأكدرية، وذكر له الرواية المشهورة، فقال: والله ما فعل هذا زيد قط، ولكن قاس الفرضيون على قوله. ثم قال المحققون: إن صح ما قاله قَبِيصةُ، فالذي يقتضيه أصل زيد وقياسه في الأكدرية أن يقول: للزوج النصف، وللأم، الثلث، وللجدّ السُدس، وتسقط الأخت، لأنها عصبة مع الجدّ عند زيدٍ، كالأخ، ولو كان بدلها أخ في هذه المسألة، لسقط، فكذلك الأخت.
ولكن الرواية المشهورة ما تقدم، فلا تعويل على قول قَبِيصة.
الفصل الثالث
في قول ابن مسعود
6307- اعلم أن ابن مسعود في هذا الباب وافق علياً في بعض مذهبه، ووافق زيداً في بعض أصله، وانفرد عنهما في بعض مسائل الباب.
فأما ما وافق فيه علياً، فشيئان:
أحدهما: أنه فرض للأخوات مع الجد إذا لم يكن معهن أخ.
والثاني: أنه كان لا يجمع بين ولد الأب والأم، وولد الأب في مقاسمة الجد معادّة، كما سنذكر ذلك مشروحاً من مذهب زيد.
وأمّا ما وافق فيه زيداً فشيئان:
أحدهما: أنه اعتبر في المقاسمة بين الجد والإخوة والأخوات خيرَ الأمرين من المقاسمة، وثلث المال، إذا لم يكن معهم ذو فرض.
وإن كان معهم ذو فرض اعتبر ما اعتبره زيد من الأشياء الثلاثة: القسمة، وثلث ما تبقى، وسدس جميع المال، كما ذكرناه عن زيد.
6308- وأما ما انفرد به في الباب فثلاثة أشياء: أحدها: أنه قال: متى ما كان في المسألة مع الجد أخت، أو أخوات من الأب والأم، وأخ من أب، كان للأخوات فرضهن، والباقي للجد، ويسقط الأخ من الأب.
فإن كان في المسألة أخت من أب، وأختٌ من أبٍ وأم، وأخ من أب، قال: للأخت من الأب والأم النصف، والباقي للجد، ويسقط الأخ من الأب، ويسقط بسببه الأخت من الأب.
ولو لم يكن أخ من الأب، لقيل للأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس تكملة الثلثين، والباقي للجد، فإذا كان معها أخ، سقطت بسقوطه، وسمي الأخُ الأخَ المشؤوم.
والثاني: أنه كان لا يفضل أُمّاً على جدٍ، والخلاف يتبين في كل مسألة لا يكون فيها من يحجب الأم من الثلث إلى السدس، وإذا دفعنا إليها الثلث، كان الباقي للجد أقلّ من ذلك، فإذا كانت المسألة متصورة بهذه الصورة، فعنه روايتان: إحداهما- أن للأم ثلث ما بقي بعد الفرض، وهو في معنى السدس.
والباقي للجد. كذلك رواه الشعبي عنه، وهو الرواية المشهورة.
والرواية الثانية- أن الباقي بعد الفرض يكون بين الأم والجد نصفين، وعلى هذه الرواية تصير المسالة إحدى مربعاته، كما سنصفها، إن شاء الله تعالى.
والثالث: أنه كان يقول في بنت، وأخت، وجد: للبنت النصف، والباقي بين الأخت والجد نصفان، وهذه المسألة إحدى مربعاته.
هذا هو المشهور من أصل ابن مسعود.
وقد رويت عنه رواية شاذة في مسألة من الباب عن الأعمش والمغيرة: أنهما قالا في أم، وأخٍ، وجد: للأم السدس، والباقي بين الأخ، والجد: نصفان، في قول عبد الله. قال الفرضيون: هذا ساقط غيرُ معتمد، والإجماع منعقد على أن للأم الثلث، فلا نخرم الإجماع بالرواية الشاذّة.
الفصل الرابع
في بيان قول عمر
6309- اختلف الرواية عنه رضي الله عنه، فروي مثلُ قول زيد، إلا مذهبُه في الأكدرية، وكان لا يفضل الأم على الجدّ.
وروي عنه مثلُ قول علي في النظر إلى السدس، والمقاسمة، إذا لم يكن مع الجدّ والإخوة أحدٌ من أصحاب الفرائض.
وروي عنه مثلُ قول أبي بكر في أن الجد كالأب.
وروي عنه التوقفُ في ذلك كله.
وروي عنه النظر إلى ثلث المال والمقاسمة، كما صار إليه زيد.
وروي عنه القول بالمعادّة أيضاً.
وإنما أفردنا الثلث، والمعادّة بالذكر، لأنهما من خصائص مذهب زيدٍ.
وروي أنه خطب في الناس، وقال: هل منكم أحد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرُ الجدّ؟ فقام رجلٌ، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض له السدسَ، فقال عمر: "من كان معه من الورثة "؟ فقال: لا أدري، فقال: "لا دريت".
ثم خطبهم مرة أخرى، فسألهم؛ فقال رجل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه الثلث، فقال: من معه من الورثة؟ فقال: لا أدري. قال: "لا دَرَيْتَ".
ثم جعل عمر عند تلك الرواية للجدّ مع الإخوة المقاسمةَ أو الثلث.
وبالجملة الروايات عنه مختلفة، وأصحها عنه مُوافقة زيد في هذا الباب إلا في ثلاثة مواضع: أحدها: الأكدرية.
والثاني: أنه كان لا يفضّل الأم على الجدّ وقد يفضلها زيد.
والثالث: أن عمر فرض للأخت مع الجدّ النصف، وروي ذلك عنه نصاً في مسألة الخرقاء، وما فرض زيد للأخت مع الجدِّ قط إلا في الأكدرية، وذلك تقدير وليس بتحقيق.
الفصل الخامس
في بيان أصل عثمان، والروايات مختلفة عنه رضي الله عنه
6310- فروي عن طاووس أن عثمان جعل الجد أباً.
وروي أن معاوية كتب إلى زيد بن ثابت يسأله عن الجدّ والأخ، فكتب إليه: حضرتُ الخليفتين عمرَ وعثمانَ يقضيان للجدِّ مع الأخ النصف، ومع الاثنين الثلث، وكانا لا ينقصان من الثلث شيئاً.
وأصح الروايات عن عثمانَ، أنه قال: بمذهب زيد. إلا في مسألة
الخرقاء، وصورتها:
أم، وأخت، وجد.
6311- فإن عثمان قسم المال فيها بينهم بالسويّة، وسميَّت المسألة مثلثة عثمان.
وقال زيد: للأم الثلث، والباقي بين الجد والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين، أصلها من ثلاثة، وتصح من تسعة.
وقال علي: للأم الثلث، وللأخت النصف، وللجد السدس.
وقال عمر: للأخت النصف، وللأم ثلث ما بقي، والباقي للجدِّ.
وهذه رواية عن ابن مسعود.
وروي عن ابن مسعود رواية أخرى، أنه قال: للأخت النصف، والباقي يقسم بين الأم والجدّ نصفين، ولذلك تصير المسألة من مربعاته.
ومن جعل الجدّ أباً يقول: للأم الثلث، والباقي للجدّ.
وسميت المسألة الخرقاء لتخرّق المذاهب فيها.
هذا بيان مذاهب الأئمة على الجملة.
6312- ونحن نذكر بعد ذلك ما يقع الاستقلال به في تعليل المذهب على الإيجاز، ثم نخوضُ في المسائل، ونخرّجها على الأصول.
فأمَّا الكلام في أن الجد لا يُسقط الإخوة، أو يسقطهم، فمستقصىً مع أبي حنيفة في مسائل الخلاف.
وإنما نتعرّض للتفاصيل مع القول بأن الجد لا يحجب الإخوة.
6313- فأما القول في الثلث والسدس على مذهب علي وزيد. فأما السدس، فتعليله بيّن.
والقياس أن يقاسم الجدُّ الإخوةَ أبداً، إلا أن علياً رضي الله عنه قال: إذا كان الجدّ يأخذ السدس مع الابن، فلأن يأخذه مع الإخوة-وهم بنو الأب- أولى.
وأما زيد، فمذهبه في اعتبار الثلث يعتضد بالحديث الذي رويناه في أثناء المذاهب في الفصل الذي ذكرنا فيه مذهب عمر، وروينا أنه وافقه عليه الخليفتان عمر وعثمان.
ثم لزيد أن يقول: إذا اقتسم الأبوان، فالقسمة تقع أثلاثاً بينهما: للأم الثلث، وللأب الثلثان، وهما في الدرجة الأولى. والجدّ والجدة يقعان في الرتبة الثانية، ثم للجدة السدس، وهو نصف ما للأم، فوجب أيضاً ألا ينقص الجد مع الإخوة عن الثلث، الذي هو نصف ما للأب.
6314- وأما الكلام في الفرض للأخوات مع الجد، فتعليله بيِّن؛ فإنه لا معصِّب معهن، وليس في الفرائض ذكر يعصّب أنثى وهم من قرابتين مختلفتين.
ومن عصّب الأخت بالجد قال: أقمنا الجدَّ مقام أخٍ، فقلنا: في جد، وأخ، وأخت: المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، فليكن الأمر كذلك. في جدٍّ وأخت؛ فإنه لم يحدث ما يردّ الجدّ إلى الفرض، وكان الجد عصبة معصِّباً.
وهذا ضعيف؛ فإن تعصيبه يمكن إبقاؤه مع فرض الأخت، بأن يقال: للأخت النصف، وللأختين الثلثان، والباقي للجد.
وقد يقول زيد: الجد مع الأخت والأخ يفضل الأخت: فإذا كان في المسألة: أختان، وجدّ، فينبغي أن يفضُلَ الجدُّ كلَّ واحدةٍ منهما. أو إذا كان في المسألة أخت واحدة، فينبغي أن يفضلها، مع كونه عصبة، ولا طريق مع ذلك إلا إحلال الجد محل أخٍ.
وهذا مع ما ذكرناه مدخول؛ إلا أن يعضد بتقرير قوة الجد؛ فإنه عصبة من صلب النسب، ولأجل هذا ذهب شطر الأُمة إلى إسقاط الإخوة بالجدّ، فهذا منتهى الاضطراب في ذلك.
6315- فأمّا القول في الجد، والبنت، وبنت الابن، مع الإخوة، فمن يرى للجد السدس، يعتلّ بأن البنت وبنت الابن يردان الأبَ إلى السدس، فيجب ذلك في الجد، ثم إذا ثبت، فلا يُجمع له بين السدس ومزيدٍ؛ إذْ معه في الفريضة من يرث، وإنّما يأخذ الأب بالفرض والتعصيب إذا انفرد عن مزاحمٍ بعد البنت، وبنت الابن.
فأمّا زيد؛ فإنه يقول: في الجدّ قوة الأبوة، ولكنه لا يُسقط الأخَ والأختَ، فَقَصْرُه على السدس، وتفضيل الأخ والأخت عليه، لا سبيل إليه، ولو اقتصر حقُّه على السدس، لكانت البنت سبباً في تكثير نصيب الأخ، وتقليل نصيب الجد، وهذا بعيد.
وأمّا قول زيد في المعادّة عند تقديره القسمةَ بين الجد، والأخ من الأب والأم، والأخ من الأب، فمعلّلٌ بأن الأخ من الأب والأم يقول للجدّ: أنت لا تحجب الأخ من الأب، وإنما أنا الحاجب؛ فأعدّه عليك، لأزحمك، ثم أسترد منه، على ما سيأتي تفصيل ذلك.
وهذا كما أن الإخوة يحجبهم الأب، وهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، وإن سقطوا بالأب، وهو على التحقيق بمثابة تلك المسالة، غيرَ أن ذلك حَجْبٌ من فرض إلى فرض، وهذا حَجْبٌ بالزحمة.
6316- هذا منتهى ما أردناه في تعليل المذاهب، ولولا شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بالتقدّم في الفرائض وإلا لاقتضى الإنصاف اتباعَ عليٍّ في باب الجد؛ فإنه أنقى المذاهب وأضبطها، وليس فيه خرم أصل، ولا استحداث شيءٍ بدع.
ونحن بعد ذلك نستفتح المسائل، ونخرّجُها على المذاهب. ومسائل الباب أصناف، فالذي يقتضيه الترتيب إيرادها مفصلةً صنفاً صنفاً.
6317- قال الأستاذُ أبو منصور: مسائل الباب يحصرها ستة أقسام: القسمُ الأول- أن يكون فيها مع الجد عصبة من الإخوة والأخوات، ويكون الإخوة من صنف واحد، فإنهم إن كانوا أولاد أب وأم، وأولاد أبٍ، وقعت المسائل في المعادّة، ومسائلها تقع في القسم السادس. فإذاً هذا الصنف في جدٍ مع إخوة، أو إخوة وأخواتٍ من أب وأمٍ، أو من أب، وليس معهم ذو فرض.
فعليٌّ رضي الله عنه يقول: يقاسم الجدُّ إلاّ أن يكون السدس خيراً له من المقاسمة، وزيد وابن مسعود يقولان يقاسمهم، إلا أن يكون الثلث خيراً من المقاسمة. ومسائله:
أخ وجد.
فالمال بينهما نصفان.
أخوان، وجد.
المال بينهما أثلاث.
ثلاثة إخوة، وجد.
في قول علي: المال بينهم أرباع.
وفي قول زيد وابن مسعود: للجد الثلث، والباقي للإخوة: أصلها من ثلاثة، وتصح من تسعة.
خمسة إخوة، وجد.
في قول علي: المال أسداس. وفي قول زيد، وابن مسعود: للجدّ الثلث، والباقي للإخوة: أصلها من ثلاثة وتصح من خمسةَ عشرَ.
ستة إخوة، وجَد.
في قول علي: للجد السدس، والباقي للإخوة: أصلها من ستة، وتصح من ستة وثلاثين.
وفي قول زيد، وابن مسعود: للجد الثلث، والباقي للإخوة: أصلها من ثلاثة، وتصح من تسعة.
أخ، وأخت، وجدّ.
للذكر مثل حظ الأنثيين على خمسة في قولهم.
أخ وأختان وجدّ.
المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين على ستة.
أخٌ، وثلاث أخوات، وجدّ.
في قول علي: المالُ بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين على سبعة.
وفي قول زيد وابن مسعود: للجد الثلث، والباقي بين الأخ والأخواتِ للذكر مثل حظ الأنثيين: أصلها من ثلاثة وتصح من خمسةَ عشرَ.
وعلى هذا البابُ وقياسه.
6318- القسم الثاني من مسائل هذا الباب- أن يكون مع الجد عصبة من الإخوة مع اتحاد الصنف، وذو فرضٍ مسمّىً، فإن كان معهم من فرضُه السدس، فالاعتبار بالمقاسمة في قول علي إلى عشرة أسهم، فإن زادت السهام على ذلك، فُرض له السدس، وكان الباقي للإخوة والأخواتِ.
وفي قول زيد وابن مسعود يكون الاعتبار بالمقاسمة إلى ستة، فإن زادت السهام على ذلك، فرض للجد ثلث الباقي بعد السدس، وتصير المسألة حينئذ من ثمانية عشر. وهي من ضرب ثلاثة في ستة.
وإن كان معهم من فرضه الربع، فالمقاسمة في قول علي إلى تسعة، فإن زادت على ذلك، فرض له السدس.
وفي قول زيد وابن مسعود إلى الستة، وإن زادت، فرض له ثلث الباقي بعد الربع، وصار أصلها من أربعة.
وإن كان معهم من فرضه النصف، فالاعتبار بالمقاسمة إلى ستة في مذهب الجميع، فإن زادت على الستة، جعل أصل المسألة من ستة.
وإن كان الفرض أكثر من النصف، فرض له السدس، وكان الباقي بعد الفروض للإخوة والأخوات.
مسائله:
جدّ، وجدة، وأخ، وأختان.
للجدة السدس، والباقي بين الجد والأخ والأختين على ستة أسهم للذكر مثل حظ الأنثيين، أصلها من ستة، وتصح من ستة وثلاثين.
جدّة، وجد، وأخوان، وأخت.
في قول علي: للجدة السدس، والباقي بين الأخوين، والأخت، والجد، على سبعة. أصلها من ستة وتصح من اثنين وأربعين.
وفي قول زيد وابن مسعود: للجدّة السدس، وللجد ثلث ما يبقى، والباقي للأخوين، والأخت على خمسة، أصلها من ثمانية عشر. ومنها تصح.
جدّة، وجد، وثلاث أخوات، وثلاثة إخوة.
في قول علي: للجدّة السدس، وللجد السدس، والباقي بين الإخوة، والأخوات، على تسعة: أصلها من ستة، وتصح من أربعة وخمسين.
وفي قول زيد وابن مسعود: للجدة السدس وللجد ثلث الباقي، والباقي بين الإخوة، والأخوات على تسعة. أصلها من ثمانية عشر، وتصح من مائة واثنين وستين.
زوجة، وجد، وأخ، وأخت.
للمرأة الربع، والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة. أصلها من أربعة، وتصح من عشرين.
زوجة، وجد، وأخ، وأختان.
للمرأة الربع والباقي بين الجد، والأخ، والأختين على ستة. أصلها من أربعة وتصح من ثمانية.
امرأة، وجد، وأخوان، وثلاث أخوات.
في قول علي: للمرأة الربع، والباقي بين الجدّ والأخوين والأخوات على تسعة.
وفي قول زيدٍ وابن مسعود: للمرأة الربع، وللجد ثلث ما يبقى، والباقي بين الأخوين والأخوات، على سبعة. أصلها من أربعة، وتصح من ثمانية وعشرين.
زوج، وأخت، وأخ، وجد.
للزوج النصف، والباقي بين الجد والأخ والأخت على خمسة. أصلها من اثنين وتصح من عشرة.
زوج، وجد، وأخ، وأختان.
للزوج النصف، والباقي بين الجد، والأخ، والأختين، على ستة. أصلها من اثنين، وتصح من اثنا عشر.
زوج، وجد، وأخوان، وأخت.
للزوج النصف، وللجد السدس، وهو مثل ثلث الباقي، والباقي بين الأخوين والأخت، على خمسة. أصلها من ستة، وتصح من ثلاثين.
جد، وجدة، وزوج، وأخ.
للجدّة السدس، وللزوج النصف، والباقي بين الجدّ والأخ.
جد، وجدّة، وزوج، وأخوان.
للجدة السدس، وللزوج النصف، وللجد السدس، والباقي للأخوين، أصلها من ستة، وتصح من اثني عشر.
6319- القسم الثالث: أن يكون مع الجد أخوات من صنفٍ واحد، فعلى قول علي وابن مسعود يفرض للأخوات، والباقي للجد، إلا أن يكون غيرهن صاحب فرض معهن. فإن كان الفاضل سدساً، فهو للجد، وإن كان أقلَّ، فرض له السدس، وعالت المسألة.
وفي قول زيد يقسم المال بين الجدّ والأخوات إلى ستة للذكر مثل حظ الأنثيين، فإن زادت سهام القسمة على ستة، فرض له ثلث جميع المال.
وإن كان معهم ذو فرض، وزادت السهام، فرض له ثلث الباقي بعد الفروض إلا أن يكون السدس أكثر من ثلث ما بقي، ويكون الباقي للأخوات، ولا فرض للأخوات مع الجد إلا في الأكدرية.
مسائله:
جدّ، وأخت.
في قول علي، وعبد الله بن مسعود: للأخت النصف، والباقي للجد، وتصح من اثنين.
وفي قول زيد: المال بينهما: للذكر مثل حظ الأنثيين، على ثلاثة.
جد، وأختان.
في قول علي وعبد الله: للأختين الثلثان، والباقي للجد. من ثلاثة.
وفي قول زيد: المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، على أربعة.
جدّ، وخمس أخوات.
في قول علي وعبد اللهِ: للأخوات الثلثان، والباقي للجدّ.
وفي قول زيدٍ: للجدّ الثلث، والباقي للأخوات. والقولان يرجعان إلى معنىً واحد، ويختلفان في التقدير.
جد، وجدة، وأخت.
في قول علي وعبد الله: للجدة السدس، وللأخت النصف، والباقي للجدّ.
وفي قول زيد: للجدة السدس، والباقى بين الجدّ والأخت على ثلاثة.
أصلها من ستة، وتصح من ثمانية عشر.
جد، وجدة، وخمس أخوات.
في قول علي وعبد الله: الجدة السدس، وللأخوات الثلثان، والباقي للجد.
وفي قول زيد: للجدة السدس، وللجد ثلث الباقي، والباقي للأخوات.
أصلها من ثمانية عشر ومنها تصح.
امرأة، وجد، وأختان.
في قول علي وعبد الله: للمرأة الربع، وللأختين الثلثان، وللجد السدس.
أصلها من اثني عشر، وتعول إلى ثلاثة عشر.
وفي قول زيد: للمرأة الربع، والباقي بين الجد والأختين على أربعة. أصلها من أربعة وتصح من ستة عشر.
زوج، وأختان، وجد.
في قول علي وعبد الله: للزوج النصف وللأختين الثلثان، وللجد السدس. أصلها من ستة، وتعول إلى ثمانية.
وفي قول زيد: للزوج النصف، والباقي بين الجدّ والأختين، على أربعة.
أصلها من اثنين، وتصح من ثمانية.
القسم الرابع من مسائل الباب
6320- أن يكون مع الجدّ، والإخوة، والأخوات، بنت، أو بنت ابن.
كان علي يفرض للجدّ السدس، فلا يزيده عليه، ويجعل الباقي بعد الفروض للإخوة والأخوات وبنت أو بنت ابن.
وكان زيد يقسم الباقي بعد الفرض، بين الجدّ والإخوة والأخوات إلا أن تكون القسمة أقلّ من السدس، أو ثلث ما بقي. وكذلك كان يفعل ابن مسعود إلا في مسألةٍ واحدة، وهي:
بنت، وأخت، وجد.
فإنه قسّم الفاضل عن فرض البنت بين الأخت والجد نصفين.
مسائله:
بنت، وأخ، وجد.
في قول علي: للبنت النصف، وللجد السدس، والباقي للأخ.
وفي قول زيد وابن مسعود: للبنت النصف، والباقي بين الجد والأخ نصفين، وتصح من أربعة.
بنت، وأخوان، وجد.
في قول علي: للبنت النصف، وللجد السدس، والباقي بين الأخوين.
وفي قول زيد وابن مسعود: للبنت النصف والباقي بين الجد والأخوين أثلاثاً.
بنت، وثلاثة إخوة، وجد.
في قول الثلاثة علي وابن مسعود وزيد: للبنت النصف، وللجد السدس، وهو مثل ثلث الباقي، وما بقي للإخوة. أصلها من ستة، وتصح من ثمانية عشر.
بنت، وأخ، وأخت، وجد.
في قول علي: للبنت النصف، وللجد السدس، والباقي بين الأخ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي قول زيد وابن مسعود: للبنت النصف، والباقي بين الجد والأخ، والأخت، على خمسة. أصلها من اثنين وتصح من عشرة.
بنت، وأخت، وجد.
في قول علي: للبنت النصف، وللجد السدس، والباقي للأخت، وتصح من ستة.
وفي قول زيد: للبنت النصف والباقي بين الجدّ والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي قول ابن مسعود: للبنت النصف، والباقي بين الجد والأخت نصفين.
وهذه إحدى مربعاته.
وإنما وقع له هذا، لأنه لا يعصّب الأخت بالجد، ولا يمكنه أن يعطيها الفرض، لمكان البنت، فربَّع المسألة لذلك، وجعل الأخت أخاً؛ لأنها عصبة مع البنت، كما أن الجد عصبة.
بنت أو بنت ابن، وخمس أخوات، وجد.
في قول الثلاثة: للبنت النصف وللجد السدس، وهو مثل ثلث الباقي، والباقي للأخوات.
امرأة، وبنت، وأخ، وأخت، وجدّ.
في قول الثلاثة: للمرأة الثمن، وللبنت النصف، وللجد السدس، والباقي
بين الأخ والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن أسقطت الأخت منها، ففي قول علي: للمرأة الثمن، وللبنت النصف، وللجد السدس، والباقي للأخ.
وفي قول زيد، وابن مسعود: للمرأة الثمن وللبنت النصف، والباقي بين الأخ، والجد، نصفين، أصلها من ثمانية وتصح من ستة عشر.
جدّة، وبنتان، وجد، وأخ.
للجدة السدس، وللبنتين الثلثان، وللجد السدس، ويسقط الأخ في قول الجميع.
زوج، وبنت، وأخت، وجد.
للزوج الربع، وللبنت النصف، وللجد السدس، والباقي للأخت في قول الثلاثة.
زوج، وأم، وبنتان، وأخت، وجد.
للزوج الربع، وللأم السدس، وللبنتين الثلثان، وللجد السدس، تعول المسألة من اثني عشر إلى خمسةَ عشرَ، وتسقط الأخت في قول الثلاثة.
زوجة، وأم، وبنتان، وأخت، وجد.
للزوجة الثمن، وللأم السدس، وللبنتين الثلثان، وللجد السدس، والمسألة تعول من أربعة وعشرين إلى سبعة وعشرين، وتسقط الأخت في قول الجميع.
القسم الخامس
في ميراث الأم مع الجد وبعض الإخوة
6321- كان عمر لا يفضل الأمَّ على الجد، ويُنزل الجدَّ منزلة الأب في الفريضة، ويقول:
زوج، وأم، وجد.
بمثابة زوج وأبوين.
وزوجة، وأم، وجد.
بمثابة زوجة وأبوين.
وهو رواية عن ابن مسعود.
وروي عن ابن مسعود التسويةُ بينهما.
ولا يخفى مذهب زيد في تفضيل الأم على الجد، وهو مذهب علي.
مسائله:
زوج، وأم، وأخ، وجد.
في قول علي وزيد: للزوج النصف، وللأم الثلث، وللجد السدس، ويسقط الأخ.
وفي قول عمر وعبد الله: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي وهو السدس، والباقي بين الأخ والجد نصفين.
زوج، وأم، وأخت وجد.
وهي مسألة الأكدرية.
في قول ابن مسعود: للزوج النصف، وللأم ثلث ما بقي، وهو السدس، وللأخت النصف، وللجد السدس، تعول من ستة إلى ثمانية.
وفي قول علي: للزوج النصف، وللأم الثلث، وللأخت النصف، وللجد السدس، تعول من ستة إلى تسعة. وهذا مذهب زيد في وضع المسألة، في الرواية المشهورة رواها خارجة بن زيد إلا أنه يجمع بين نصيب الجد والأخت، فيقسم بينهما على ثلاثة، وتصبح من سبعة وعشرين.
وعلى رواية قَبيصة، للزوج النصف وللأم الثلث، وللجد السدس، وتسقط الأخت.
امرأة، وأم، وأخت، وجد.
في قول عمر وعبد الله: للمرأة الربع، وللأم السدس وللأخت النصف، وللجد السدس. تعول المسألة من اثني عشر إلى ثلاثةَ عشرَ.
في قول علي للمرأة الربع، وللأم الثلث، وللأخت النصف، وللجد السدس. تعول من اثني عشر إلى خمسةَ عشرَ.
وفي قول زيد: للمرأة الربع، وللأم الثلث، والباقي بين الجد والأخت، للذكر مثل حظ الأنثيين. أصلها من اثني عشر، وتصح من ستة وثلاثين.
أم، وأخت، وجد.
هذه مسألة الخرقاء، وقد بيّنا الخلافَ فيها قبل هذا.
امرأة، وأم، وجد، وأخ.
في قول علي وزيد: للمرأة الربع، وللأم ثلث المال، والباقي بين الأخ والجد نصفين.
وفي قول عمر وعبد الله: للمرأة الربع، وللأم ثلث ما بقي، والباقي بين الجدّ والأخ نصفين، وهذه إحدى مربعات ابن مسعود، وله أربعُ مربعات نجمعها:
إحداها- مسألة الخرقاء، وصورتها:
أخت، وجدّ، وأمّ.
للأخت النصف، والباقي بين الأم والجد نصفين، فكانت الفريضة مربعة عنده.
والثانية:
زوج، وأخت، وجد.
فعند ابن مسعود: للزوج النصف، وللأخت الربع، وللجد الربع، فهذه مربعته الثانية.
والثالثة:
بنت، وأخت، وجد.
للبنت عنده النصف، وللأخت الرّبع، وللجد الربع.
الرابعة:
زوج، وأم، وأخت، وجد.
فعند ابن مسعود: للزوجة الربع، وللأم ثلث ما تبقّى، وهو ربع المال، وللأخت الربع، وللجدّ الربع.
فهذه مربعاته.
ومذهبه مختلطٌ فيها.
القسم السادس- في المعادَّة
6322- جملة المعادة على أربعة أضرب.
الأول- أن يكون ولد الأب والأم عصبة وولد الأب عصبة، على قول علي وعبد الله: لا يكون بولد الأب اعتبار، وتكون القسمة بين الجدّ، وولد الأب والأم.
وفي قول زيد القسمة بين الجميع، مع اعتبار الثلث للجد، ثم يَرُدّ ولدُ الأب ما في يده على ولد الأب والأم. فإن كان معهم ذو فرض اعتبر بعد الفرض للجدّ القسمةُ، أو ثلثُ ما بقي، أو سدس المال، على ما تقدم أصله.
مسائله:
جدّ، وأخ من أبٍ وأم، وأخ من أب.
في قول علي وعبد الله: المال بين الأخ من الأب والأم، وبين الجد نصفين.
وفي قول زيد: المال بين الجدّ والأخ من الأب والأم، والأخ من الأب على ثلاثة، ثم يرُدّ الأخ من الأب ما في يده على الأخ من الأب والأم، فيصير للأخ من الأب والأم ثلثا المال، وللجد الثلث.
جدٌّ، وأخٌ وأخت لأب وأم، وأخ لأبٍ.
في قول علي وعبد الله: المال بين الجد والأخ والأخت من الأب والأم على خمسة.
وفي قول زيد: للجدّ الثلث، والباقي بين الأخ والأخت من الأبوين على ثلاثة. أصلها من ثلاثة وتصح من تسعة.
زوجٌ، وجد، وأخ من أبٍ وأمٍ، وأخ من أب.
في قول علي وعبد الله: للزوج النصف، والباقي بين الجد والأخ من الأب والأم نصفين.
وفي قول زيد: للزوج النصف، والباقي بين الجد، والأخ من الأب والأم، والأخ من الأب، على ثلاثة، وتستوي فيها القسمة والسدس، وثلث الباقي، ثم يردُّ الأخُ من الأب سهمَه على الأخ من الأب والأم.
امرأة، وجد، وأخ من أبٍ وأم، وأخ من أب.
في قول علي وعبد الله: للمرأة الربع، والباقي بين الجد والأخ من الأب والأم. وفي قول زيد: للمرأة الربع، والباقي بين الجد والأخ من الأب والأم والأخ من الأب، على ثلاثة. ثم يردُّ الأخ من الأب ما في يده على الأخ من الأب والأم، فيكمل للأخ من الأب والأم نصف المال. وللجد الربع، وتصير من أربعة.
6323- والضرب الثاني: من مسائل المعادّة: أن يكون ولد الأب والأم عصبة، وولد الأب أخوات، فلا اعتبار بولد الأب في قول علي وعبد الله.
وفي قول زيد: يدخُلن في القسمة ثم يدفعن ما أصابهنّ إلى ولد الأب والأم.
مسائله:
جدّ، وأخ لأبٍ وأمٍ، وأخت لأبٍ.
في قول علي وعبد الله: المال بين الجدّ والأخ نصفين.
وفي قول زيد: المال بين الجميع على خمسة، ثم تَردُّ الأختُ سهمَها على الأخ من الأب والأم، فيصير للجدّ سهمان، وللأخ ثلاثة.
جدّ، وأخ لأبٍ وأم، وأختان لأب.
في قول علي وعبد الله: المال بين الجد والأخ نصفين.
وفي قول زيد: المال بينهم على ستة، ثم تَردُّ الأختان سهمَهما على الأخ من الأب والأم، فيصير للجد سهمان، وللأخ أربعة.
جد، وأخ وأخت لأبٍ وأمٍ، وأخت لأبٍ.
في قول علي وعبد الله: المال بين الجد والأخ والأخت من الأب والأم، على خمسة.
وفي قول زيد: المال بين الجميع على ستة، ثم ترد الأخت من الأب سهمَها على الأخ من الأبِ والأم، بينهما على ثلاثة. أصلها من ستة وتصحُّ من ثمانيةَ عشرَ.
امرأة، وجد، وأخ من أبٍ وأمٍ، وأخت من أب.
في قول علي وعبد الله: للمرأة الربع، والباقي بين الجد والأخ من الأب والأم نصفين، أصلها من أربعة، وتصحّ من ثمانية.
وفي قول زيدٍ: للمرأة الربع، والباقي بين الجد، والأخ والأخت على خمسة أصلها من أربعة، وتصحّ من عشرين. ثم تَردّ الأختُ ما في يدها على الأخ من الأب والأم.
6324- الضرب الثالث من مسائل المعادة: أن يكون ولد الأب والأم أخوات، وولد الأب عصبة.
على قول علي: نفرض لولد الأب والأم ونقسم الباقي بين ولد الأب والجد، ونعتبر القسمةَ والسدس.
وفي قول عبد الله: يُفرض لولد الأب والأم، ويكون الباقي للجد، ويسقط
ولد الأب؛ فإن كان الباقي أقلَّ من السدس، فرض للجد السدس.
وفي قول زيد: يقسم المال بين الجميع: للذكر مثل حظ الأنثيين ما لم تجاوز القسمة ستة أسهم، وما حصل في يد ولد الأب ردّوا منه على ولد الأب والأم مقدارَ ما يكمل به فرضهن، أوْ جميع ما في أيديهم إلى تكملة الفرض.
مسائله:
جد، وأخت لأبٍ وأمٍ، وأخ لأب.
في قول علي: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأخ نصفين.
وفي قول ابن مسعود: للأخت النصف، والباقي للجدّ.
وفي قول زيد: المال بين الجميع، على خمسة، ثم يرد الأخُ من الأب على الأخت تمامَ النصف، فتصحّ من عشرة، للجدّ من أول القسمة أربعة، وللأخ من الأب أربعة، وللأخت من الأب والأم سهمان، ثم يردُّ الأخ من الأب على الأخت من الأب والأم ثلاثة؛ تكملة النصف، فيفضل له سهمٌ واحد.
أخت لأبٍ وأم، وأخوان لأب، وجدّ.
في قول علي: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأخوين على ثلاثة، وتصح من ستة.
وفي قول عبد الله: للأخت النصف، والباقي للجد.
وفي قول زيد للجدّ الثلث، ونجعل للأخت النصف، والباقي للأخوين، وتصح من اثني عشر.
أخت لأبٍ وأمٍ، وأخ، وأخت لأبٍ، وجد.
في قول علي: للأخت من الأب والأم النصف، والباقي بين الجد، والأخ، والأخت من الأب: على خمسة، وتصح من عشرة.
وفي قول عبد الله: للأخت من الأب والأم النصفُ، والباقي للجد، وصار الأخ مشؤوماً على الأخت من الأب.
وفي قول زيد: المال بينهم على ستة، ثم يرد ولد الأب على الأختِ من الأبِ والأم تمامَ النصف، فيبقى مع ولد الأب سهمٌ بينهما: على ثلاثة. أصلها من ستة، وتصح من ثمانية عشر.
جدّ، وجدة، وأخت لأبٍ وأمٍ، وأخ لأب.
في قول علي: للجدة السدس، وللأخت من الأب والأم النصف، والباقي بين الجد والأخ نصفين.
وفي قول عبد الله: للجدة السدس، وللأخت من الأب والأم النصف، والباقي للجدّ خاصة.
وفي قول زيد: للجدة السدس، والباقي بين الجد، والأخ، والأخت على خمسة، ثم يردّ الأخُ من الأب على الأخت من الأبِ والأم ما في يده ليكمل لها النصف، وتصحّ من ستة.
أم، وجد، وأخت لأبٍ وأمٍ، وأخ، وأخت لأب.
في قول علي: للأم السدس، وللأخت النصف، وللجد السدس، والباقي بين الأخ والأخت من الأب على ثلاثة، وتصح من ثمانية عشر.
وفي قول عبد الله: للأم السدس، وللأخت من الأبِ والأمِ النصف، والباقي للجد.
وفي قول زيدٍ: للأم السدس، والباقي بين الجد، والأخت من الأب والأم، والأخ والأخت من الأب على ستة، يستوي فيها القسمة، وثلثُ ما تبقّى، وهما خير من السدس، ويرد فيها ولدُ الأب على الأخت من الأب والأم تمام النصف، فيبقى في يد ولد الأب سهم، بينهما على ثلاثة، وتصح المسألة من أربعة وخمسين.
امرأة، وجد، وأخت من أبٍ وأمٍ، وأخ لأب.
في قول علي: للمرأة الربع، وللأخت النصف، وللجد السدس، والباقي للأخ.
وفي قول عبد الله: للمرأة الربع، وللأخت النصف، والباقي للجد.
وفي قول زيد: للمرأة الربع، والباقي بين الجد، والأخ، والأخت، على خمسة، ثم يردّ الأخ ما في يده على الأخت من الأبِ والأمِّ، وتصح من عشرين.
أختان لأبٍ وأم، وأخ لأب، وجد.
في قول علي: للأختين الثلثان، والباقي بين الجد والأخ من الأب نصفين.
وفي قول عبد الله: للأختين الثلثان، والباقي للجد.
وفي قول زيد المال بينهم على ستة، ثم يرد الأخ من الأب جميعَ ما في يده على الأختين من الأبوين ليكْمَل لهما الثلثان.
6325- الضرب الرابع من مسائل المعادّة: أن يكون ولد الأب والأم وولد الأب كلاهما أخوات، فعلى قول علي، وابن مسعود: يفرض لهن على القياس فيهن، ويكون الباقي للجد، إلا أن يكون أقل من السدس.
وفي قول زيد: يقسّم المال، أو الباقي منه بعد فرض ذوي الفروض، بين الجد والأخوات. إلا أن يكون السدسُ، أو ثلثُ الباقي خيراً له من القسمة. ثم يَردُّ ولدُ الأب على ولد الأب والأم ما يتم به فرضُهم، أو جميعَ ما في أيديهم إن لم يتم الفرض.
مسائله:
جد، وأخت لأب وأم، وأخت لأب.
في قول علي وعبد الله: للأخت من الأب والأم النصفُ، وللأخت من الأب السدس، والباقي للجد. وتصحّ من ستة.
وفي قول زيد: المال بين الجد والأختين على أربعة، ثم تردّ الأخت من الأب على الأخت من الأب والأم ما في يدها لتكمل لها النصف، فيصير المال بين الجد والأخت من الأب والأم نصفين.
أختٌ لأبٍ وأمٍّ، وأختان لأبٍ، وجد.
في قول علي وعبد الله: للأخت من الأب والأم النصف، وللأختين من الأب السدس، والباقي للجد.
وفي قول زيد: المال بينهم: للذكر مثلُ حظ الأنثيين، على خمسة، ثم يرد الأختان من الأب، على الأخت من الأب والأم مقدارَ سهمٍ ونصفٍ ليكمل لها النصف، ويبقى للأختين من الأب نصفُ سهم بينهما، فنضرب أربعةً في خمسة، فتردّ عشرين، فمنها تصح.
أخت لأبٍ وأمٍ، وأربع أخوات لأبٍ، وجد.
في قول علي وعبد الله: للأخت من الأبِ والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس، والباقي للجد.
وفي قول زيد: للجدِّ الثلث، وللأخت من الأب والأمَّ النصف، والباقي للأخواتِ من الأبِ.
جد، وأختان لأبٍ وأم، وأخت لأب.
في قول علي وعبد الله: للأختين من الأب والأم الثلثان، والباقي للجد.
وفي قول زيد: المال بينهم على خمسة ثم ترد الأخت من الأب، ما في يدها على الأختين من الأب والأم.
جد، وأم، وأخت من أبٍ وأمٍّ، وثلاث أخوات لأب.
في قول علي وعبد الله: للأم السدس، وللأخت من الأب والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس، والباقي للجد.
وفي قول زيدٍ: للأم السدس، والباقي بين الجد والأخوات على ستة، تستوي المقاسمة وثلث ما يبقى، وهما خيرٌ من السدس، ثم يرد ولد الأب على الأخت من الأب والأم تمامَ النصف.
جد وجدّة، وأخت لأب وأم، وأربع أخوات لأب.
في قول علي وعبد الله: للجدة السدس، وللأخت من الأب والأم النصف، وللأخوات من الأب السدس، والباقي للجد، وهو السدس.
وفي قول زيد: للجدة السدس، وللجد ثلث الباقي، وللأخت من الأب والأم النصف، والباقي للأخواتِ من الأب: أصلها من ثمانيةَ عشر، وتصح من اثنين وسبعين.
زوج، وجد، وأخت لأبٍ وأمٍّ، وأخت لأب.
في قول علي وعبد الله: للزوج النصف، وللأخت من الأب والأم النصف، وللأخت من الأب السدس، وللجد السدس، وتعول المسألة من ستة إلى ثمانية.
وفي قول زيد: للزوج النصف، والباقي بين الجد والأختين على أربعة، ثم تردُّ الأختُ من الأب ما في يدها على الأخت من الأب والأم، فيكون الباقي بعد نصيب الزوج بين الجد والأخت من الأب والأم نصفين.
زوج، وأختان لأبٍ وأمً، وأختان لأبٍ، وجد.
في قول علي وعبد الله: للزوج النصف، وللأختين من الأب والأم الثلثان، وللجد السدس، وتعول من ستة إلى ثمانية.
وفي قول زيد: للزوج النصف، والباقي بين الجد والأخوات على ستة، ثم تردّ الأختان من الأب ما في أيديهما على الأختين من الأب والأم.
وعلى هذا فقِسْ جميعَ مسائل الباب. ولم نذكر في المسائل مذهبَ من يجعل الجد أباً لظهوره.
القول في العول وبيان المذاهب فيه
6326- ذكر الشافعي العول، ومصيرَ جمهور الصحابة رضي الله عنهم إليه، فنذكر أولاً الأصول التي تنشأ مسائل الفرائض منها، ثم نعطفُ عليها العولَ ومسائلَه.
فنقول: المسالة الواقعة في المواريث لا تخلو إمّا أن تشتمل على صاحب فرضٍ أو أكثر، وإما أن تخلو عن أصحاب الفروض. وتشتمل على العصبات.
6327- فإن تجرد فيها العصبات، فالعدد الذي تصحّ المسألة منه يؤخذ من أعدادِ الرؤوس: فإن تمحّضوا ذكوراً، فالمسألة تقام من عدد رؤوسهم، كما إذا قيل: مات رجل، وخلف عشرةً من البنين، فالمسألة من عشرة.
وإن كانوا ذكوراً وإناثاً، أخذنا عددَ رؤوس الإناث، وحسبنا كلَّ ذكرٍ برأسين؛ فإن حصةَ الذكر في التعصيب حصة الاثنين، ونقيم المسألة من عدد الإناث، وضعف عدد الذكور؛ فإن قيل: في المسألة سبع بنات، وسبعةٌ بنون، فنأخذ عدد الإناث ونضعِّف عددَ الذكور، فنقول: المسألة تصح من أحد وعشرين.
وهذا قياس لا خفاء به.
6328- فإن اشتملت المسألة على ذي فرضٍ مقدّر، فالأصول التي تنشأ منها مسائل الفرائض على قول المتقدمين سبعة:
اثنان، وثلاثة، وأربعة، وستة، وثمانية، واثنا عشر، وأربعة وعشرون.
وزاد المتأخرون على رأي زيد أصلين آخرين: ثمانيةَ عشرَ، وستةً وثلاثين. وهما ينشآن من مسائل الجد.
فأما الاثنان، فكل مسألة اشتملت على النصف، والنصف، وذلك أن يكون في المسألة زوج وأخت، أو على النصف وما بقي.
والثلاثة أصل كل مسألة فيها، ثلث وثلثان، أو ثلث وما بقي، أو ثلثان وما بقي.
والصور:
(أم، وأخ) (بنتان، وعم) (أختان لأب وأم، أو لأب، واثنان من أولاد الأم) والأربعة أصل كل فريضة فيها ربع، وما بقي.
وهي: زوج، وابن. أو زوجة، وأخ.
أو: ربعٌ، ونصفٌ، وما بقي، وهي: زوج، وبنت، وأخ. أو: زوجة، وأخت، وابن أخ.
أو ربع، وثلث ما يبقى، وما يبقى وهي: زوجة، وأبوان. أو زوجة، وجد، وثلاثة إخوة.
والستة أصل كل فريضة فيها سدس، وما بقي، أو سدس، وثلث، وما بقي، أو: سدس، وثلثان، وما بقي. أو: نصفٌ، وثلث، وما بقي.
ولا يخفى وضع الصور على من انتهى إلى هذا المنتهى.
والثمانية أصل كل فريضة فيها ثمن، وما بقي، أو: ثمن، ونصفٌَ، وما بقي.
وليس في الفرائض ربعٌ وثمنٌ. ولو كانا لخرجا من ثمانية.
وأما اثنا عشر، فأصل كل فريضة فيها: ربع، وسدس، وما بقي. أو: ربع، وثلثٌ، وما بقي، أو: ربعٌ، وثلثان، وما بقي.
والأربعة والعشرون أصل كل فريضة فيها: ثمنٌ، وسدس، وما بقي، أو: ثمن وثلثان، وما بقي. ولا يتصور اجتماع الثمن والثلث في الفريضة، ولو تصور لخرجا من أربعةٍ وعشرين.
6329- وأما ثمانية عشر على طريقة المتأخرين، أصل كل فريضة فيها: سدس، وثلث ما بقي، وما بقي، وصورتها (جدة، وجد، وإخوة) أو: أم، وجد، وإخوة.
للجدة السدس ثلاثة، وللجد ثلث ما يبقى خمسة، والباقي بين الإخوة.
فأما الستة والثلاثون، أصل كل فريضة فيها ربع، وسدس، وثلث ما بقي، وما بقي.
وهي: زوجة، وأم، وجد، وإخوة.
للزوجة الربع: تسعة، وللأم، أو الجدة السدس: ستة، وللجد ثلث ما تبقى، وهو سبعة، والباقي للإخوة.
ولم يضع المتقدمون هذين الأصلين، وقالوا: إنما نضع الأصول التي تخرج منها الفرائض، المذكورة في الكتاب؛ فإن اعترض شيء لم نزد، ولم نتعدَّ، وصححنا ما يقع من المسائل بالضَّرْب. وهؤلاء يقولون: المسألة الأولى من ستة، ثم بالضرب تصير ثمانيةَ عشرَ: للجدة سهمٌ من ستة، فيبقى خمسة، ونحن نحتاج إلى ثلث ما تبقى، وليس للخمسة ثلثٌ صحيح، فنضرب مخرج الثلث، وهو ثلاثة في أصل المسألة، فتصير ثمانية عشرَ.
ووضعوا المسألة الثانيةَ على اثني عشر، ثم بالضرب تصير ستةً وثلاثين، وبيانه: للجدة السدس: سهمان من اثني عشر، وللزوجة الربع: ثلاثة. وللجد ثلث ما يبقى، وليس للسبعة ثلثٌ صحيح، فنضرب مخرج الثلث في أصل المسألة فترد ستة وثلاثين.
وهذا الذي نذكره الآن مراسمُ.
وسنذكر قدراً صالحاً في الضرب والقسمة، ووضع الأعداد المشتملة على الأجزاء الصحيحة التي يعبّر عنها بالكسور، ووضع هذه الأصول قدمناه لمسيس الحاجة إليه ناجزاً في ذكر أصول العَوْل.
6330- والغرض من وضع الأصول تأسيسُ أعدادٍ تخرج منها مقدّرات الفرائض، ثم لا نلتزم ضبطَ أعداد المستحقين، فربما يكونوا على عدّةٍ يصح قسمةُ مواريثهم من أصل مسألتهم، وربما يكونُوا على عدّة لا تصح قسمةُ مواريثهم بسبب العدد، وما كان كذلك فطريقه تصحيحُ الكسور بالضرب، على ما سيأتي مشروحاً، إن شاء الله.
وإنا لم نلتزم وضعَ المسائل على الصحة؛ فإن الأعداد لا نهاية لها.
6331- والأصول التي ذكرناها تنقسم: فمنها ما يقوم بأفراد الفرائض، ومنها ما لا يقوم إلا بتعدد الفرض، فأما ما يقوم بأفرادِ الفرائض فالاثنان، والثلاثة، والأربعة، والستة، والثمانية.
وأمّا ما لا يقوم إلا بتعدد الفرض، فالاثنا عشر، والأربعةُ والعشرون.
فأما ما يقوم بأفراد الفرائض، فإنه قد يشمل على فرضين، ولكن ليس الفرضان من ضرورة قيامه، والاثنا عشر والأربعة والعشرون من ضرورة قيامهما تعدُّدُ الفرض.
ثم طريق إقامتهما أن نقول: إذا احتجنا إلى الربع والثلث أخذنا مخرج الربع أربعة ومخرج الثلث ثلاثة، وضربنا أحد المخرجين في الثاني، وقلنا: العدد الذي له ثلث وربع صحيحان: اثنا عشر.
وإذا احتجنا إلى الربع، والسدس أخذنا مخرج الربع أربعة، ومخرج السدس ستة، ثم نجد بينهما موافقة بالنصف، فنضرب نصفَ أحدهما في كل الثاني.
وإذا احتجنا إلى الثمن والثلثين، أخذنا مخرج الثمن ثمانية، ومخرج الثلث، ثلاثة، وضربنا أحدهما في الثاني، فيبلغ أربعة وعشرين، وقلنا: أقل عدد يخرج منه الثمن والثلثان صحيحين أربعة وعشرون.
فإذا احتجنا إلى الثمن والسدس، أخذنا الثمانية، والستة، ثم نجد بينهما موافقةً بالنصف، فنضرب نصف أحدهما في كل الثاني فيرد أربعة وعشرون.
6332- ومسألتا باب الجد، وهما ثمانية عشر، وستة وثلاثون صحيحتان على قاعدة التركيب، ولكن لم يُفردها المتقدمون لأمرين:
أحدهما: أن الأصول موضوعة على المقدّراتِ المنصوصة في الكتاب، وهي المجمع عليها، وثلث ما يبقى في المسألتين ليس منصوصاً، ولا متفقاً عليه، والأمر في ذلك قريب.
6333- ثم الأصول السبعة منقسمة إلى عائلةٍ، وغير عائلةٍ، فغيرُ العائلة منها: الاثنان، والثلاثة، والأربعة، والثمانية:
هذه الأصول لا يتطرق إليها العولُ، وهي منقسمة إلى عادلةٍ، وناقصة، فالعادلة: الاثنان، والثلاثة، ونعني بالعادلة أن سهامها التي تخرج عنها تستغرقها.
فإذا كان الاثنان عادلة، فهو إذا اجتمع نصفان.
والثلاثة إذا كانت عادلة، فهي إذا اجتمع الثلث والثلثان، فتستغرقان الثلاثة.
والناقصة: أربعة، وثمانية، والمعني بالناقصة أن سهام المسألة التي عليها وضع المسألة لا تستغرقها؛ فإن الذي يخرج من الأربعة: الربع، والنصف، وهما لا يستغرقان الأربعة.
والذي يخرج من الثمانية: الثمن، والنصف، وهما لا يستغرقان الثمانية.
6334- والعائلة من الأصول: الستةُ وضعفُها، وضعفُ ضعفها. فهذه الأصول هي التي يتطرق العول إليها على رأي الجمهور، لا غير.
أما الستة، فإنها تعول بأفرادها وأشفاعها، ومنتهى عولها عشرة.
فتعول بسدسها إلى سبعة، وبثلثها إلى ثمانية، وبنصفها إلى تسعة، وبثلثيها إلى عشرة. على ما سيأتي شرحها، إن شاء الله تعالى.
وأما الاثنا عشر، فتعول بالأوتار دون الأشفاع، تعول بنصف سدسها إلى
ثلاثة عشر، وبربعها إلى خمسة عشر، وبربعها وسدسها إلى سبعة عشر.
وأما الأربعة والعشرون فتعول عولةً واحدة بثمنها إلى سبعة وعشرين، لا غير. وهذا إذا كان في المسألة زوجة وبنتان وأبوان.
وهي الملقبة بالمنبرية، وقد قيل: سئل علي عنها وهو على المنبر، فقال على الارتجال: صار ثمنها تسعاً.
فنذكر فصلين أحدهما في معنى العول، وبيان المذاهب فيه على الأصل.
والثاني في تفصيل مذهب القائلين بالعول، وضرب الأمثلة، وتصوير المسائل.
فأمّا
الفصل الأول
6335- فنقول: كلّ مسألة اجتمع فيها أهل السهام، وكان مجموع سهامهم زائداً على أصل الفريضة، فهي من مسائل العول. والذي ذهب إليه الجمهور، والجلّة: عمرُ، وعلي، وزيد، والعباس، ومعاذ بنُ جبل، وابنُ مسعود، وأكثر الصحابة رضي الله عنهم: قسمةُ المال بين أهل السهام، على مبلغ سهامهم، وإن زادت على الفريضة، فنجعل مبلغ السهام أخذاً من أجزاء أصل المسألة أصلَ القسمة، ونقسم التركة بها، وهذا مذهب مالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة، ومن تدور عليه فتاوى الأمصار.
وذهب ابن عباس إلى إبطال العول، وإذا ازدحمت السهام، ولم يرَ فيها حاجباً ولا محجوباً، فأصل مذهبه إدخالُ النقص على أربعة أصنافٍ، إذا ضاقت المسألة عن سهامها، وهم: البناتُ، وبنات الابن، والأخوات من الأب والأم، والأخوات من الأب. تابعه على مذهبه محمدُ بنُ الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وعطاء، وأهلُ الظاهر.
واختلفت الرواية عن ابن عباس في إدخال النقص على الإخوة والأخوات من الأم، فالمشهور من طريق الرواية أنه لا يدخل الضرر عليهم.
وروي عنه من طريق شاذ: إدخال النقص عليهم. وهذه الرواية وإن كانت غريبة، فهي اللائقة بقياس أصله. فإنا نقول في مسألة فيها.
زوج، وأم، واثنان من أولادِ الأم:
لا بد لابن عباس من أحد أقوالٍ ثلاثة: إمّا أن يقول فيها: للزوج النصف، وللأم الثلث، ولولدي الأم الثلث، فيكون أعال المسالة من ستة إلى سبعة، وهذا خلاف أصله.
وإما أن يقول: للزوج النصف وللأم السدس ولولدي الأم الثلث، فيكون قد حجب الأم من الثلث إلى السدس بالاثنين من الإخوة، وذلك خلاف أصله؛ فإنه لا يحجبها بأقل من ثلاثة.
وإما أن يقول: للزوج النصف، وللأم الثلث، والباقي لولدي الأم، وهو السدس، فيكون قد أدخل النقص على أولاد الأم.
وهذا هو الأشبه بأصله.
6336- واختلف الفرضيون على قياس قول ابن عباس في البنت وبنت الابن إذا اجتمعتا، مع ذوي الفروض. وفي الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب، إذا اجتمعتا مع ذوي الفروض، وكان الباقي من المال بعد الفروض- أقلَّ من النصف.
فمنهم من قال: قياس قوله يقتضي أن يكون الباقي كلُّه للبنت خاصّة، وتسقط بنت الابن. أو الأخت من الأب والأم خاصة، وتسقط الأخت من الأب.
وقيل: هذه رواية يحيى بن آدم.
وروى الباقون عنه: أن الباقي من المال بعد الفروض التي وصفناها، يقسم بين البنت، وبنت الابن. وبين الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب على أربعة أسهم: للبنت منها ثلاثة، وكذلك للأخت من الأبِ والأم. ولبنت الابن سهمٌ، وكذلك للأخت من الأب.
6337- وأجمع الفرضيون في نقل مذهبه على أن الباقي من المال إذا كان نصف المال، أو أكثر، أنه يجب توفير النصف على البنت، أو الأخت من الأب والأم، وتخصيص بنت الابن، والأخت من الأب بالنقص، والإسقاط. مثال ذلك:
زوج، وأبوان، وبنت، وبنت ابن.
فعلى رواية يحى بن آدم: للزوج الربع، وللأبوين السدسان، والباقي للبنت.
وعلى الرواية الثانية: الباقي بين البنت، وبنت الابن، على أربعة أسهم:
ثلاثةُ أرباعه للبنت، وربعُه لبنت الابن.
والمثال في الأختين أن يكون الميت خلّف:
امرأته، وأماً، وأختاً لأب وأم، وأختاً لأبٍ.
فعلى رواية يحيى: للمرأة الربع، وللأم الثلث، والباقي للأخت من الأب والأم، وتسقط الأخت من الأب.
و على رواية غيره: الباقي بعد الربع، والثلث، على أربعة أسهم: للأخت من الأب والأم منها ثلاثة، وللأخت من الأب سهم.
وبالجملة لا يجد ابن عباس بداً من إدخال النقص على بعض أصحاب السهام. ثم إنه يدخل النقص في رواية على صنفٍ، وفي روايةٍ على صنفين، وسنذكر علّة مذهبه بعد الفراغ عن تمهيد المذهب، إن شاء الله عز وجل.
6338- واختلف الفرضيون على قياس مذهبه في مسألةٍ:
زوج وثلاث أخوات متفرقات.
فروى يحيى عنه: للزوج النصف، وللأخت من الأم السدس، والباقي للأخت من الأب والأم.
وروى غيره: للزوج النصف، وللأخت من الأم السدس، والباقي بين الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب، على أربعة أسهم: ثلاثة للأخت من الأب والأم، وواحد للأخت من الأب.
وروى أيوبُ بنُ سليمان الفرضي مذهباً ثالثاً عن ابن عباس في هذه المسألة، وهو أنه قال: للزوج النصفُ، والباقي بين الأخوات على خمسة أسهم: ثلاثة أخماسه للأخت من الأب والأم، وخمسُه للأخت من الأب، وخمسُه للأخت من الأم. وقيل هذا قياسٌ، وليس بنقلٍ.
6339- ومما اختلف الفرضيون في قياسه على مذهب ابن عباس.
زوج، وأم، وأختان لأب وأم، وأختان لأم.
قال يحيى ابنُ آدم: قياسُه، للزوج النصف، وللأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، وتسقط الأختان من الأب والأم.
وقيل: قياسه أن يقال: للزوج النصف وللأم السدس، والباقي بين الأختين من الأم، والأختين من الأب والأم بالسوية، لاستوائهن في قرابة الأم. وهذا يناظر التشريكَ في مسألة المشركة.
6340- أما تفصيل مذهب القائلين بالعول، فسيأتي في رسم المسائل.
ومن قال بالعول استمسك بإجماع الصحابة رضي الله عنهم قبل أن أظهر ابنُ عباسٍ خلافَه، لما قال ابن عباس: "إن الذي أحصى رمل عالج عدداً، لم يجعل في مالٍ نصفاً، وثلثين " قيل له: "هلا ذكرت ذلك لعمر"، فقال: "كان رجلاً مهيباً، فهبته"، ولا تخرج مفرداتُ ابن عباس في الفرائض إلا على مذهب من يشترط في الإجماع انقراضَ عصر المجمعين.
وعلةُ القولِ بالعول بيّنةٌ؛ فإن أصحاب الفروض إذا ازدحموا، ولم يكن بعضهم حاجباً، وبعضهم محجوباً، وضاقت أجزاء المال عن مبالغ الفروض، فالتحكّم بإسقاط بعضهم لا معنى له، وتخصيص البعض بإدخال النقص عليه لا حاصل وراءه، فلا وجه إلا أن نجعل القسمة من مبالغ الفروض، ونجعل أصحابها كمزدحمين بالديون على تركة تضيق عن الوفاء بها، فكلٌّ يضرب في التركة بمقدار حقّه.
فأما ابن عباس، فإنه خصّص بالنقص طوائفَ يتطرق إليهم التعصيبُ، وهم البنات، وبناتُ الابن، الأخوات من الأب والأم، والأخوات من الأب، فإن الذكور يعصبونهم، فإذا عُصّبن، نقصت حقوقُهن عن المفروض.
ثم اضطرب رأيه في أولاد الأم؛ من حيث إنهن لا يعصَّبْن، ولكنهن أخوات كأولاد الأب والأم، وأولاد الأب.
فهذا متعلَّقُ كل فريق.
وقد غلّظ ابنُ عباسٍ في هذه المسألة قولَه على مخالفيه، فروي أن عطاء قال له: لا يُغني عني وعنك ما تقول شيئاً ولو متَّ ومتُّ، لقُسِّم ميراثُنا على ما عليه القوم من خلاف رأيك فقال ابن عباس: إن شاؤوا، فلندْع أبناءنا وأبناءهم ونساءنا، ونساءهم، وأنفسنا، وأنفسهم، ثم نبتهل، فنجعل لعنةَ الله على الكاذبين.
ولهذه القصة سمّيت هذه المسألة مسألة المباهلة.
الفصل الثاني
في ذكر الأصول العائلة، ومنتهى عول كل أصل، وضرب الأمثلة، وبيان الأجوبة فيها
6341- فنقول على سبيل التمهيد: الأصول العائلة على قول أصحاب العول ثلاثة: الستة، والاثنا عشر، والأربعة والعشرون. وما سوى هذه الأصول لا تعول على مذهب عمر، وعلي، وزيد، وابن مسعود، وغيرهم.
وعلى قول معاذ قد تعول مسألة أصلها من ثلاثة؛ لأصلٍ قدمناه في عدد من يحجب الأم من الإخوة والأخوات. والثلاثةُ تعول عنده إلى أربعة.
وأما الستة، فإنها تعول إلى عشرة، في قول الجمهور، وفي قول معاذ قد يبلغ عولُها إلى أحدَ عشرَ، على ما سنذكر أمثلةَ ذلك.
وأما الاثنا عشر، فإنها تعول على قول الجمهور بالأفراد إلى سبعة عشر، فتعول إلى ثلاثةَ عشرَ، وإلى خمسةَ عشرَ، وإلى سبعة عشر، ولا تعول إلى أربعةَ عشرَ، ولا إلى ستة عشرَ.
وعلى قول معاذ: تعول إلى تسعة عشر.
وأمّا الأربعة والعشرون، فقد قال الجمهور منتهى عولها سبعةٌ وعشرون.
وقال عبد الله بن مسعود: إنها قد تعول إلى أحدٍ وثلاثين. وألْجأه إلى ذلك أنه كان يحجب الأم إلى السدس، والزوجَ إلى الربع، والزوجة إلى الثمن بمن لا يرث: من كافرٍ، أو قاتل، أو مملوكٍ.
واختلفت الرواية عنه في حجب الإسقاط بهؤلاء، فروي أنه كان يحجب بهم الإخوةَ، والأخوات من الأم، وروي أنه كان يحجب بهم حجب النقصان، ولم يحجب بهم حجبَ الإسقاط.
ولم تختلف الرواية عنه في أن الأب الكافرَ لا يحجب الجدَّ، وإنما اختلفت الرواية عنه في حجب الفروع بالأصول.
ثم قال الفرضيون: متى عالت المسألة من ستة إلى عشرة وإلى تسعة وإلى ثمانية وإلى سبعة، كان الميت فيها امرأة، لا محالة.
وإذا عالت اثنا عشر إلى سبعة عشر، كان الميت رجلاً لا محالة، ومتى عالت إلى خمسةَ عشرَ، أو إلى ثلاثة عشر، فربما كان الميت رجلاً، وربما كان امرأة.
والأربعةُ والعشرون، فلابد وأن يكون الميت فيه رجلاً لمكان الثمن، عالت، أو لم تعل.
6342- مسائل الباب:
زوج، وأختان لأبٍ.
في قول أصحاب العول: للزوج النصف، وللأختين الثلثان، والفرضان
عائلان. أصلها من ستة، وتعول إلى سبعة.
وعلى قول ابن عباس: للزوج النصف، والباقي للأختين. أصلها من اثنين، وتصح من أربعة.
زوج، وأخت لأب وأم، وأخت لأب.
للزوج النصف عائلاً، وللأخت من الأب والأم النصفُ، وللأخت من الأب السدسُ: تكملةَ الثلثين، والنقص داخلٌ على الفرائض. المسألة من ستة، وتعول إلى سبعة.
وعلى قول ابن عباس: للزوج النصف، وكذلك للأخت من الأب والأم، وتسقط الأخت من الأب.
أم، وأختان لأم، وأختان لأبٍ وأمٍ.
في قول علي وزيد وابن مسعود، ومن تبعهم: للأم السدس، وللأختين من الأم الثلثُ، وللأختين من الأب والأم الثلثان. أصلها من ستة، وتعول إلى سبعة.
وفي قول معاذ بن جبل: للأم الثلث، ولولدي الأب والأم الثلثان، ولولدي الأم الثلث. المسألة عنده من ثلاثة، وتعول إلى أربعة. فإنه لا يرى الحجب بالأخوات، وإن كثرن، ما لم يكن فيهن ذكر.
وفي قول ابن عباسٍ: للأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، والباقي للأختين من الأب والأم، أصلها من ستة، وتصح من اثني عشر.
زوج، وأم، وأختان لأبٍ وأمٍ.
في قول علي، وزيد، وابن مسعود: تعول من ستة إلى ثمانية.
وفي قول معاذ تعول إلى تسعة.
وفي قول ابن عباس: للأم الثلث، وللزوج النصف، والباقي للأختين.
زوج، وأم، وثلاث أخوات مفترقات.
في قول علي وزيد وابن مسعود تعول من ستة إلى تسعة.
وفي قول معاذ: تعول إلى عشرة.
وفي قول ابن عباس: للزوج النصف، وللأم السدس، وللأخت من الأم السدس وفي الباقي عنه روايتان: إحداهما- أنه للأخت من الأب والأم خاصة.
والثانية- أن الباقي بين الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب، على
أربعة أسهم: ثلاثة منها للأخت من الأب والأم، وواحدٌ للأخت من الأب.
زوج، وأم، وأختان لأب، وأختان لأم، في قول علي، وزيد، وابن مسعود: للزوج النصف، وللأم السدس، وللأختين من الأب الثلثان، وللأختين من الأم الثلث. المسألة من ستة، وتعول إلى عشرة.
وفي قول معاذ: للأم الثلث، فتعول إلى أحد عشرة.
فهذه الأمثلة في عول الستة. وليس في الأصول أكثر عولاً منها؛ فإنها تعول عند الجمهور بثلثيها وعند معاذ بخمسة أسداسها.
6343- وأمّا أمثلة عول الاثني عشر، فمنها:
امرأة، وجدة، وأختان لأب وأم.
فللمرأة الربع، وللجدة السدس، وللأختين الثلثان. أصلها من اثني عشر، وتعول إلى ثلاثة عشر.
وفي قول ابن عباس: الباقي بعد الربع، والسدس، للأختين.
امرأة، وأم، وأختان لأب.
فعلى قول علي، وزيد، وابن مسعود: جوابها كالجواب في التي قبل هذه؛ لأن نصيب الأم كنصيب الجدة في تلك.
وفي قول معاذ: تعول إلى خمسة عشر؛ لأنه يفرض للأم فيها الثلث.
وفي قول ابن عباس: للمرأة الربع، وللأم الثلث، والباقي للأختين.
امرأة، وأختان لأم، وأختان لأبٍ.
في قول أهل العول تعُول المسألة من اثني عشر إلى خمسةَ عشرَ.
وفي قول ابن عباسٍ: للمرأة الربع، وللأختين من الأم الثلث، والباقي للأختين من الأب.
ولو كان فيهما بدل الأختين من الأب أخت لأب وأم، وأخت لأب، وباقي المسألة على حالها، فلا يخفى جواب من يُعيلُ. وفي الباقي روايتان عن ابن عباس: إحداهما- أن الباقي بعد الربع، والثلث، للأخت من الأب والأم، والرواية الثانية- أن الباقي بين الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب، على أربعة أسهم. كما تكرّر.
امرأة، وأم، وأختان لأم، وأختان لأب:
في قول علي وزيد وابن مسعود: للمرأة الربع وللأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، وللأختين من الأب الثلثان، وتعول إلى سبعة عشر.
وفي قول معاذٍ: للأم الثلث، فتعول إلى تسعة عشر، وفي قول ابن عباس: للمرأة الربع، وللأم السدس، وللأختين من الأم الثلث، والباقي للأختين من الأب.
ولو فرضنا بدل الأختين من الأب أختاً من أب وأم، وأختاً من أب، لكان الجواب على ما مضى إلا أن الرواية تختلف عن ابن عباس فيما يبقى بين الأخت من الأب والأم، والأخت من الأب، كما تكرر.
6344- وأما أمثلة الأربعة والعشرين:
امرأة، وأبوان، وبنتان.
في قول أهل العول: للمرأة الثمن، وللأبوين السدسان، وللبنتين الثلثان.
أصل المسألة من أربعة وعشرين وتعول إلى سبعةٍ وعشرين.
وكذلك لو كان بدل الأبوين فيها أب، وجدة.
وكذلك لو كان بدل الأبوين أم، وجدّ.
وكذلك لو كان بدل الابنتين بنتا ابن.
وفي قول ابن عباس: يكون الباقي بعد الثمن والسدسين للبنتين.
فإن كان بدلهما بنت وبنت ابن، لكان للبنت النصف كاملاً، والباقي لبنت الابن، وهو أقل من السدس.
وأما مثال العول إلى أحدٍ وثلاثين في قول ابن مسعود، فهو فريضة فيها.
امرأة، وأم، وأختان لأم، وأختان لأب وأم.
وولدٌ كافر، أو قاتل، أو رقيق. والتفريع على أن المحجوب بهذه الأسباب يحجب حجب النقصان، ولا يحجب حجب الإسقاط، فيحجب الابن المرأة من الربع إلى الثمن، ولا يحجب الأخوات، فإنه لا يحجب حجب الحرمان، على هذه الرواية التي عليها التفريع.
فللأم السدس: أربعة، وللزوجة الثمن؛ ثلاثة، وللأختين من الأم والأب الثلثان: ستة عشر، وللأختين من الأم الثلث: ثمانية فتبلغ المسألة إحدى وثلاثين.
وقد نجزتْ مسائل العول. وقواعده.