فصل: باب: من لا يرث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نهاية المطلب في دراية المذهب



.باب: من لا يرث:

6204- ذكر المزني في صدر هذا الباب أن ذوي الأرحام لا يرثون.
والترجمة أوّلاً مأخوذةٌ عليه، فإن قال معترض: من يرث أحق بالضبط ممن لا يرث، فلم صدّر الكتاب بذكر من لا يرث؟
قلت: لعله رأى الكلامَ فيمن يرث باتفاق مضبوطاً قريباً، فرأى تصدير الكتاب بذكر محلّ الخلاف؛ فإنه أهمّ، وكل من عدا المذكورين من الوارثين والوارثات من المتصلين بالقرابة من الأرحام.
ومذهب زيد أنهم لا يرثون، وصار إلى توريثهم علي، وابنُ مسعود، وابنُ عباس، وغيرُهم. ولسنا نرى الخوض في ذكرهم الآن، وسنعقد في أمرهم باباً، إن شاء الله عز وجل.
وأصناف ذوي الأرحام على التقريب أحد عشر:
أولاد البنات، وبنات الإخوة، وأولاد الأخوات، وأولاد الإخوة للأم، وكل جدٍّ وقع بينه وبين الميت أنثى، وكل جدّة وقع بينها وبين الميت ذكر بين أنثيين، والعمة، والخالة، والخال، والعم للأم، وبنات الأعمام.
ومن لا يرث من هؤلاء فالمدلي به لا يرث، لأن المدلي لا يزيد على الذي به الإدلاء، وسنفرد في ذوي الأرحام-إن شاء الله عز وجل- باباً نذكر ما يقع به الاستقلال.
فصل:
قال فيمن لا يرث: "والكافرون... إلى آخره".
6205- اختلاف الدين إسلاماً وكفراً، يمنع التوارث من الجانبين، فلا يرث الكافرُ المسلمَ، ولا المسلمُ الكافرَ، وهذا مذهب معظم العلماء.
وقال معاذ: المسلمُ يرث الكافرَ، والكافر لا يرثه، كما أن المسلمَ ينكح الكافرة، والكافر لا ينكح المسلمة.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملّتين شتى».
والكفار يتوارثون وإن اختلفت مللهم، فاليهودي يرث النصراني والمجوسي والنصراني يرثهما.
وقال شريح والأوزاعي: الكفار المختلفون في الدين لا يتوارثون، واحتجا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يتوارث أهل ملتين شتى». والحديث محمولٌ على ملة الكفر والإسلام، والكفر في التوارث ملّة واحدة. قال الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: 6] فجعل الكفار في حكم أهل دين واحدٍ.
والمرتد لا يرث عندنا، ولا يورث، وله باب مفرد يأتي في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
فصل:
قال: "والمملوكون... إلى آخره".
6206- العبد لا يرث، ولا يورث، فإنه على الصحيح لا يملك، وإن ملّكناه على القديم، ولا يملك إلا من جهة تمليك السّيد إياه، ثم هو ملكٌ، لا قرار له. والمكاتب في معنى القن.
ومن نصفه حر ونصفه عبد لا يرث عندنا، وهل يرثه حميمُه؟ في المسألة قولان: أقيسهما- أنه لا يرثه؛ لأن من لا يرث لا يورث. هذا هو الأصل.
والثاني: يرثه لأنه ملك ملكاً تاماً بنصفه الحر، فهو فيه كالشخص الكامل الحرية.
فان قلنا: لا يورث، ففيما خلّفه وجهان:
أحدهما: يعود إلى مالك الرق في نصفه.
والثاني: يُصرف إلى بيت المال.
وإن قلنا: يرثه حميمُه، ففي المسألة وجهان:
أحدهما: أنه يرث جميعَ ما يجمع بنصفه الحر.
والثاني: يرث نصفَ ذلك، ويعود النصف منه إلى السيّد، لأن سبب الإرث الموت، والموت حلّ جميعَ بدنه، وبدنُه ينقسم إلى الرق والحرية، فيجب انقسام ما يخلِّفه؛ فإن ذلك ليس ملكَ نصفه، وإنما هو ملك كله؛ إذ يستحيل أن يملك نصفُ شخصٍ شيئاً، وكأن النصفَ الحر يُثبت حكم الملك للجملة، والرق ينافي الملك إذا لم تَسْتتبعْه الحرية.
وقال علي وابن مسعود: من نصفه حر ونصفه عبد يرث ويورث. وقيل هو مذهب المزني.
قال الشافعي: لو ورثناه من حميمه، لأدّى ذلك إلى توريث الأجانب بعضهم من بعض؛ لأن ما يملكه يقع مستحقاً بينه وبين مولاه، كما لو احتش أو احتطب، أو اتّهب.
فصل:
قال: "والقاتلون... إلى آخره "
6207- القتل قسمان: مضمون، وغير مضمون. فالمضمون يوجب الحرمان، سواء كان مضموناً بالقصاص، أو الدية، أو الكفارة. ولا فرق بين أن يكون عمداً أو خطأ، وبين أن يكون القاتل صبياً أو بالغاً، عاقلاً أو مجنوناً، ولا فرق بين أن يقع القتل بسببٍ أو مباشرة، كل ذلك يوجب حرمان الميراث.
وقال عثمان البتِّي: قتل الخطأ لا يوجب حرمان الميراث.
وقال مالك: القاتل خطأ لا يرث من ديّة المقتول شيئاً؛ لأن الديّة حصلت بفعله، ويرث من سائر أمواله.
ومعتمدنا في الباب ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "ليس للقاتل من الميراث شيء".
وقال أبو حنيفة: قَتْلُ الصبي والمجنون لا يتعلق به حرمان الميراث، وكذلك القتل بالسبب.
هذا في القتل المضمون.
6208- فأما إذا لم يكن القتل موجباً للضمان، فإنه ينقسم إلى قتلٍ مستحَق، وإلى قتلٍ لا يوصف بكونه مستحقاً.
والذي يوصف بكونه مستحقاً، فإنه ينقسم إلى الواجب الذي لا يسعُ تركه، وإلى ما يسعُ تركه.
فأما ما لا يسعُ تركه، فالحدّ، فإذا أقامه من إليه الإقامة، ففي المسألة ثلاثة أوجه: أحدها: أنه لا يوجب الحرمان؛ فإن الإمام لا يجد بداً من إقامته.
والثاني: يُحْرَمُ، لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس للقاتل من الميراث شيء» وإذا استبعد القائل الأول فَهْمَ حرمان هذا القاتل من الخبر، لزمه قَتْلُ المخطىء، فإنه ليس متهماً؛ فإن قيل: لا نأمن قصده سرّاً، وإبداءه الخطأ ظاهراً، قيل: لو لم يشعر أحد بقتله، فلم يحرم الميراث باطناً بينه وبين الله تعالى؟ وهو في علم الله تعالى مخطىء.
والوجه الثالث: أن الحدّ إن ثبت بالإقرار، لم يُحرم القاتل، وإن ثبت بالبينة، حُرم؛ فإن التهمة تتطرق، من جهة احتمال المواطأة في القتل المترتب على البينة.
هذا في القتل المستحَق الذي لا محيص عنه.
فأما القتل الذي يسع تركه، كالقصاص، فإذا اقتص الرجل من حميمه، فهل يحرم الميراث؟ فعلى وجهين مرتبين على الوجهين في الحد، وهو أولى بأن يتضمن الحرمان؛ لأن القاتل متخيّر بين القتل والترك، والتركُ مندوبٌ إليه.
6209- فأمّا القتل الذي لا يوصف بكونه مستحَقاً، ولا يتضمن ضماناً، ولا يتصف بكونه محظوراً، فهو كقتل القاصد دفعاً، وفي تعلق الحرمان به وجهان مرتبان على الوجهين في القصاص، وهو أولى بأن يتعلق الحرمان به؛ من جهة أنه لا يوصف بكونه مستحقاً، والتهمة تتطرق إلى القاتل الدافع؛ من حيث يُظن أنه زاد على قدر الحاجة.
6210- ويتصل بما نحن فيه قتلُ العادل الباغيَ، وقتل الباغي العادلَ. أما قتل العادل الباغيَ، فقريب من قتل المقصود القاصد دفعاً.
وأما قتل الباغي العادل، فيترتب على أنه هل يضمن أم لا؟ فإن قلنا: إنه يضمن، فيحرم الميراث. وإن قلنا: لا يضمن، ففي حرمان الميراث وجهان مرتبان على الوجهين في العادل، وفي المقصود إذا قتل القاصد دفعاً، والباغي أولى بالحرمان؛ لأن قتل العادل لا يوصف بكونه مباحاً.
6211- والمكره إذا قتل حميمه، وقلنا: إنه يضمن، فلا شك أنه يحرم. وإن قلنا: لا يضمن، فهل يحرم؟ المذهب أنه يحرم؛ لأنه آثم بالقتل منهي عنه.
وفيه وجهٌ بعيدٌ أنه لا يحرم. وهذا مرتب على الباغي، والمكره أولى بالحرمان؛ لأن الباغي على تأويل في قتل العادل.
فصل:
قال: "ومن عمي موتُه... إلى آخره".
6212- إذا مات اثنان معاً، لم يتوارثا، وإذا ماتا، ولم يُدْرَ أماتا معاً أم تقدم موتُ أحدهما على موت الثاني، فلا توارث بينهما، وذلك بأن يموتا في غريق، أو حريق، أو تحت هدم، أو يُقتلا في معركة، أو يموتا في بلادِ غُربة، ويستبهم الأمر في موتهما.
وهذا فيه إذا أيسنا من درك حقيقة الحال، ولو علمنا تقدُّم موت أحدهما، ولكن أشكل علينا المتقدّم على وجهٍ لا يمكن فرضُ الإحاطة به، فالأمر كما وصفناه، في أنا لا نورّث ميتاً من ميت.
وقد ذكرنا فيه إذا تيقنا السبق، وأشكل علينا السابقُ في نكاحين على امرأة، وفي جُمعتين في بلدةٍ- قولين، ولا ينتظم في الميراث القولان.
والفرق أن فسخ النكاح ممكنٌ إذا تعذر إمضاؤه، وتعارضت الحجج في الخصومات، وأمر الناس بإقامة الظهر لا تعذر فيه، إذا صحت جُمعةٌ، لا بعينها.
وإذا أيسنا من درك السابق، وتميزه عن المسبوق في الميتين، فلا سبيل إلى وقف الميراث أبداً.
وكان شيخي يتردد في صورة في الموت، وهي إذا سبق أحد الموتين، وتعيّن السابق، ثم أشكل إشكالاً، لا يتوقع دركُه. وهذه صورة يُقْطَع فيها بصحة جمعة، وصحة نكاح.
والرأي أن اللَّبس مهما تحقق في الموتين أولاً وآخراً، فلا نورّث ميتاً من ميت، بل نقول في كل ميت: ننظر إلى من خلّفه من الأحياء، ونجعل كأن ذلك الميت الآخر، لم يكن أصلاً.
6213- وقال عمرُ، وابنُ مسعود، وبعضُ أهل الكوفة: نورث الموتى بعضهم من بعض.
ثم إذا عمي موتُ رجلين، فإنما يرث أحدهما من تليد مال صاحبه، دون الطريف، والمراد بالطريف الذي ورث هو منه.
مثاله: أن يغرق رجل مع زَوْجةٍ، وابنٍ لهما، وخلّف الرجل من الأحياء امرأةً أخرى، وبنتاً، وخلّفت أم الابن-وهي الزوجة- أخاً، وخلّف الابن ابناً.
فعلى قول زيد، نقول: مات الرجل عن:
بنت، وزوجة، وابن ابن:
فللبنت النصف، و للزوجة الثمن، والباقي لابن الابن، والفريضة من ثمانية.
وماتت المرأة عن:
أخٍ، وابنِ ابن.
فيسقط الأخ، والمال لابن الابن.
ومات الابن عن ابن
فماله له.
6214- وعلى قول عمر، وابن مسعود: مات الرجل الغريق عن:
امرأتين، وابنٍ، وبنت، وابن ابن.
فللمرأتين الثمن، والباقي بين الابن والبنت، للذكر مثل حظ الأنثيين، ويسقط ابن الابن. فينكسر سهمٌ بين المرأتين، وسبعة أسهم بين الابن والبنت، وهما في التقدير ثلاثة؛ فإن الذكر باثنين، ففي المسألة كسران: اثنان، وثلاثة: نضرب اثنين في ثلاثة فتصير ستة، ثم نضرب الستة في أصل المسألة، كما سيأتي ذلك، إن شاء الله تعالى في أبواب تصحيح الكسُور، فصار المبلغ ثمانية وأربعين، للمرأتين ستة، وللابن ثمانية وعشرون، وللبنت أربعة عشرَ.
ثم يقسم نصيب المرأة الغريقة، وهو ثلاثة على أحياء ورثتها، دون من غرق معها، ووارثها من الأحياء: ابنُ ابنها، ويسقط أخوها.
ونصيب الابن الغريق لابنه.
وأمَّا تليد مال الأم، فهو مقسوم بين ورثتها الأحياء والأموات. فنقول: ماتت عن:
زوج، وابن، وابن ابن، وأخ.
فيسقط ابن الابن، والأخ، فللزوج الربع، والباقي للابن.
والفريضة من أربعة، فيقسّم نصيب الأب، وهو سهم على الأحياء من ورثته، وهم:
زوجة، وبنت، وابن ابن.
وفريضته من ثمانية، ولا ينقسم سهم على ثمانية، فنقدِّر الثمانية كسراً، ونضربها في أصل فريضة الأم وهو أربعة فتصير اثنين وثلاثين، نصيب الأب وهو الزوج منها ثمانية، بين ورثته الأحياء والباقي نصيب الابن، فيصرف ذلك إلى وارثه الحي، وهو ابنه.
وأما تليد مال الابن، فبين ورثته الأموات والأحياء، فنقول: خلّف: أبوين، وابناً.
فللأبوين السدسان، والباقي للابن، فنصيب لأب. وهو سهم بين ورثته الأحياء، وهم امرأة، وبنت، وابن ابن، وفريضته من ثمانية، ولا ينقسم سهم بين ثمانية، فنضرب ثمانية في فريضة الابن، وهو ستة فتُرد ثمانية وأربعين، نصيب الأب ثمانية بين ورثته الأحياء، ونصيب الأم لوارثها الحي، وهو ابن ابنها.
قال أصحابنا: توريث الميت من الميت يجرّ محالاً في بعض الصور. فإذا أعتق الرجل عبداً وأعتق رجلٌ آخر أخاً لذلك المعتَق، وعمي موتُ المعتَقَيْن الأخوين، وخلّف أحدهما ألف دينار، ولم يخلّف الثاني، فمن يورّث ميتاً من ميت يورّث الذي لا شيء له من أخيه جميعَ ماله، ثم يصير منه إلى معتقه، فيحصل في يدي من مات معتَقُه عن لا شيء ألفُ دينار، ولا يصل في يد من مات معتِقُه عن ألف دينار شيء.
والذي أراه أنه إذا تحقق وقوع الموتين معاً، فيبعد توريث أحدهما من الآخر؛ فإن الميت لا يرث، فلعل الخلاف فيه إذا سبق موتُ أحدهما، وأشكل الأمر. والعلم عند الله تعالى.
فصل:
قال: "كل هؤلاء لا يرثون، ولا يحجبون... إلى آخره".
6215- لما ذكر الشافعي الأسباب الثلاثة الحاجبة: اختلافَ الدين، والرقّ، والقتل، قال: من لا يرث بوصفٍ من هذه الأوصاف، لا يَحجُب، ولا أثر له أصلاً، لا في الحجب الكلّي، ولا في الحجب البعضي.
وعن ابن مسعود أنه لا يَحْجُبُ حجبَ الحرمان، ويحجب حجب النقصان: فإذا مات رجل عن ابنٍ كافر، وامرأةٍ مسلمة، وابن ابن مسلم، أو عن أبٍ مسلمٍ، فالابن الكافر لا يحجب ابن الابن، ولكن تُحجب المرأة عنده من الربع إلى الثمن. وقال: إنه لا يحجب الأب من العصوبة إلى الفرض.
واختلفت الرواية عنه في أنه هل يحجب أولاد الأم، والإخوةُ الكفار يحجبون الأم من الثلث إلى السدس.
فصل:
قال الشافعي: "لا ترث الإخوة والأخوات من الأم، لا مع الأب، ولا مع الجد... إلى آخره".
6216- افتتح الكلام في طرفٍ من الحجب بالأشخاص، على ترتيب الوارثين، والوارثات، على مذهب زيد، و نصل به تقاسيمَ تُفيد الضبطَ، ثم نرجع إلى ترتيب (السَّواد). فنقول:
6217- الحجب ينقسم إلى الحجب بالأوصاف، وإلى الحجب بالأشخاص.
فأما الحجب بالأوصاف، فقد تقدم القول في الأوصاف الحاجبة وبان أنها ثلاثة: اختلاف الدين، إسلاماً وكفراً، والرق، والقتل.
6218- وأما الحجب بالأشخاص، فينقسم إلى حجب الحرمان، وإلى حجب النقصان.
فأما حجب النقصان، فمن فرضٍ إلى فرض، وهو في حق الأم: من الثلث إلى السّدس، وذلك يحصل بالولد، وولد الابن، وباثنين من الإخوة والأخوات، فصاعداً. ثم الإخوة يحجبونها من الثلث إلى السدس، وإن كانوا محجوبين بالأب.
هذا مذهب زيد، فإذا كان في الفريضة:
أبوان، فللأم الثلث، والباقي للأب.
ولو كان فيها: أبوان، وأخوان.
فالأخوان محجوبان، وهما يردّان الأمَّ من الثلث إلى السدس، فلها السدس والباقي للأب.
ومن حَجْبِ النقصان ردُّ الزوج من النصف إلى الربع، وردُّ الزوجة من الربع إلى الثمن، وذلك يحصل بالولد، وولد الابن.
وقد يلتحق ردُّ الأب من العصوبة إلى الفرض بقسم النقصان.
6219- فأما حجب الحرمان، فنذكره على ترتيب الوارثين، والوارثات، فنقول: أما الابن، فلا يحجبه عن الميراث أحد.
وابن الابن لا يحجبه إلا الابنُ. والقريبُ من ذكور الأحفاد يحجب البعيدَ.
والأب لا يحجبه عن الميراث شخص.
والجد أب الأب لا يحجبه أحدٌ إلا الأبُ، وإذا ترتب الأجداد، فالقريب يحجب البعيد.
والأخ من الأب والأم يحجبه الابن، وابن الابن، وإن سفل، والأبُ.
والأخ من الأب يحجبه الابن، وابن الابن، والأب، والأخ من الأب والأم.
والأخ من الأم يحجبه الابن، وابن الابن، والبنت، وبنت الابن، والأب، والجد.
وابن الأخ من الأب والأم يحجبه: الابن، وابن الابن، والأب، والجد، والأخ من الأب والأم، والأخ من الأب.
وابن الأخ من الأب يحجبه هؤلاء، وابنُ الأخ من الأب والأم.
والعم من الأب والأم يحجبه هؤلاء وابن الأخ من الأب.
والعم من الأب يحجبه هؤلاء والعم من الأب والأم.
وابن العم من الأب والأم يحجبه هؤلاء، والعم من الأب.
وابن العم من الأب يحجبه هؤلاء وابن العم من الأب والأم.
والزوج لا يحجبه عن أصل الميراث أحد.
والمولى المعتِق لا يرث مع عصبة نسب، ولا يرث إن استغرقت الفرائض التركة. فإن لم تكن عصبة من نسب، ولا ذو فريضة، استغرق التركة. فإن أفضلت الفرائض، استحق الفاضل.
وسيأتي بابٌ في المولى والإرثِ بالولاء.
6220- فأما الوارثات، فالبنت لا تحجب عن أصل الميراث.
وبنت الابن يحجبها الابن، وبنتان في الصلب، إذا لم يكن معها في درجتها أو أسفل منها غلام يعصبها.
والأم لا يحجبها عن أصل الميراث شخص.
والجدة أم الأم لا يحجبها إلاّ الأم.
والجدّة أم الأب يحجبها الأم، والأب.
والقول في القربى والبعدى من الجدات يأتي، إن شاء الله تعالى.
والأخت من الأب والأم يحجبها الابن، وابن الابن، والأب.
والأخت من الأب يحجبها الابن، وابن الابن، والأب، والأخ من الأب
والأم، وأختان من الأب والأم، إذا لم يكن معها أخ من الأب يعصبها.
والأخت من الأم يحجبها من يحجب الأخ من الأم.
والزوجة لا تحجب عن أصل الميراث.
والمولاةُ المعتِقة كالمولى المعتِق.
فهذه جملٌ في الحجب على رأي زيد بن ثابت.
وفي بعض ما ذكرناه خلاف سنشرحه في مسائل الكتاب، إن شاء الله عز وجل.
6221- فنعود إلى ما ذكره الشافعي قال رضي الله عنه: "لا يرث الإخوة والأخوات من قبل الأم، مع الجد، وإن علا، ولا مع الأب".
وقد قدمنا أن ولد الأم يحجبه الابنُ، وابنُ الابن، والبنتُ، وبنتُ الابن، والأبُ والجدّ.
وقال عبد الله بن عباس: أولاد الأم يرثون مع الأب والجد، وإنما يسقطون بالولد وولد الابن.
6222- وإنّما نشأ هذا الخلاف من الاختلاف في الكلالة، فإنه عز من قائل، قال: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: 12] فما ذهب إليه زيدٌ وجماهير العلماء: أن الكلالة من لا ولد له ولا والد، وذهب ابن عباس أنّ الكلالة من لا ولد له، وإن كان له والد.
واختلف في اشتقاق الكلالة، وفي المسمى بها، فقيل: المسمى بها الميت، وقيل المسمّى بها الورثة.
وأمَّا الاشتقاق، فمنهم من قال: هو من قولهم: كَلَّ سيف فلان، إذا ذهب طرفاه، وبقي الجوانب، والحواشي، وهذا يظهر إذا حملنا الكلالة على الميت، الذي لا أب له، ولا ولد.
وقيل الكلالة الورثةُ، سموا بذلك لأنهم كالإكليل للميت، والإكليل يحيط بجوانب الرأس وأعلاهُ مقوّر، فإذا كان الورثة كالإكليل، سمُّوا كلالة.
وتعلق ابن عباس بقوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ} [النساء: 176] فأوضح الله تعالى معنى الكلالة، وفسرها بمن لا ولد له.
وقد قال معظم الصحابة رضي الله عنهم: المراد بقوله تعالى {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: 76]، ليس له ولد ولا والد، فوقع الاقتصار على أحد الطرفين، والدليل عليه أنه تعالى أثبت للأخت النصف، والإجماع منعقدٌ على أن الأخت لا ترث النصف مع الأب. وكان عمر متوقفاً في تفسير الكلالة، ولما راجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفسيرها قال صلى الله عليه وسلم: «يكفيك آية الصّيف»، أراد قولة تعالى: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} [النساء: 176].
وهذه الآية نزلت في الصيف.
وقوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً} [النساء: 12] نزلت في الشتاء. وكان عمر لا يتبين حتى قد قرأ هذه الآية، وفيها {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا} [النساء: 176] فقال عمر: هذا لمن بيَّنَتْ له، فأما عمر، فلم يتبين.
فصل:
قال الشافعي:" لا يرث مع الأب أبواه، ولا مع الأم جدة... إلى اَخره".
6223- أما قوله: لا يرث مع الأب أبواه، ولا مع الأم جدة، فالمراد أن أب الميت يحجب أب نفسه، وهو جد الميت، ويحجب أم نفسه وهي جدة الميت؛ من جهة الأب. وإذا حجب الجدَّ الأدنى، حجب من فوقه، وكدلك القولُ في الجدات البعيدة المدليات به.
وقال ابن مسعود: أمُّ الأب ترث مع الأب، ووافق أن أب الأب لا يرث، وتعلق ابن مسعود بما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ورّث جدّة وابنها حي» وفي رواية «ورّث أمّ حسكة، وابنها حي» وهي أول جدّة ورثت في الإسلام. وحمل علماؤنا ما رواه على العم. وقالوا: ورّث الجدة، وابنها الذي هو عم الميت حي. والله أعلم.
6224- وأمّا قول الشافعي، ولا مع الأم جدة، فالمراد أن الأم تحجب الجدة المدلية بها، والجدة المدلية بالأب.
وسنذكر هذا في فصول الجدات.
ولو كان في المسألة:
أم أب، وأم أم، وأب.
فلو لم يكن الأب، لكان السدس بين الجدتين، والأب حجب الجدة التي هي أمُّه، وفي الجدة التي هي أم الأم وجهان لأصحابنا:
أحدهما: أنها تستحق السدس بكماله؛ فإنها منفردة بالاستحقاق.
والثاني: أنها لا تستحق إلا نصف السدس، والجدة من الأب وإن سقطت، فبقي أثر مزاحمتها؛ فإنها لم تسقط بالجدة من قبل الأم. وهذا بمثابة حجب الإخوة المحجوبين بالأب الأمَّ من الثلث إلى السدس. وسيأتي مجموع ذلك في فصول الجدات، إن شاء الله تعالى.