فصل: باب الزينة وما نهي عنه منها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منظومة السبل السوية لفقه السنن المروية ***


كتاب النكاح

باب الحث عليه وأحكام الخطبة ووجوب غض البصر وإخفاء الزينة وستر العورة

يشرع للذي استطاع الباءة *** وغيره الصوم اجعلن وجاءه

بل هو من سنة خير الرسل *** وقد نهى جداً عن التبتل

والأكثرون قد رأوا وجوبه *** لمن على الدين خشي العزوبة

أحصن للفرج أغض للبصر *** عليه قد حث الكتاب والأثر

لنفسها الرشيدة اخطب وإلى *** وليها صغيرة قد نقلا

وحرمت خطبة مؤمن على *** خطبة مؤمن كذا العدة لا

تحل فيها خطبة حتى تفي *** وجاء في القرآن لا جناح في

تعريضه بها بلا تصريح *** تبيانه قد جاء في الصحيح

وجائز لخاطب أن ينظرا *** مخطوبة بل إنه قد أمرا

وقد روي اختيارها ودودا *** جميلة نسيبة ولودا

غنية بكراً وذات الدين *** فاظفر بها صح بلا توهين

والأجنبي الخلوة منه حرم *** بأجنبية بدون محرم

والرجلان منهما الإفضاء *** يحرم في ثوب كذا النساء

والنظر امنعه إلى العورات *** واصرف سريعاً نظر الفجآت

والأمر بالحجاب والإخفاء *** لزينة عن غير ذي استثناء

والحفظ للفروج والأبصار *** من كل مؤمن بنص الباري

وإن في النور وفي الأحزاب *** لآي ذكر لأولي الألباب

جامعة للدين والآداب *** كافية في بحث هذا الباب

من لي بوقت عظمت فيه المحن *** وعمت البلوى وشاعت الفتن

وانكشفت عورات أكثر البشر *** وظهر الفساد في بحر وبر

وضيع امتثال أمر الله *** وارتكبت عظائم المناهي

ووهن الدين وركنه انصدع *** واشتد في الخطب والخرق اتسع

فيا عليماً سرنا والنحجوى *** إليك لا إلى سواك الشكوى

باب شروط النكاح

وصح ‏"‏ لا نكاح إلا بولي ‏"‏ *** نفياً لصحة بلا تأول

وباطل بدونه فإن دخل *** بها فأوجب مهرها بما استحل

عن عمر الجلد روي وعن علي *** لناكح ومنكح بلا ولي

فإن فقد وليها أو عضلا *** زوجها السلطان نصاً نقلا

والأوليا هم كل من قد عصبا *** بنفسه أقربهم فالأقربا

والخلف في الابن فجمهور على *** ولايته وقال آخرون لا

والبكر تستأذن ولتستأمر *** يتيمة وثيب للخبر

ومن يزوجها الولي إجبارا *** ولو أباً أثبت لها الخيارا

ومن يزوجها وليان احكم *** لأول وافسخ إذا لم يعلم

وفي اشتراط شاهدي عدل نقل *** جملة آثار وكل قد أعل

لكن تقوى جملة وقد عمل *** صحب وأتباع بها فلا تمل

وجاز للزوجين أن يوكلا *** لواحد في العقد إن له الولا

وخطبة الحاجة والدعاء *** مشروعة جاءت بها الأنباء

وكل شرط في النكاح ما نهى *** في الشرع عنه يلزم الوفا به

باب من يحرم على المؤمن نكاحها

حرم على المؤمن أصلا لو علا *** وكل فرع مطلقاً لو نزلا

والأخت والعمة والخالة مع *** بنت أخ أو أخت مطلقاً فدع

فكل ذي قد حرمت بالنسب *** وبالرضاع مثلها فاجتنب

بالصهر ما قد نكح الآبا حرم *** وهكذا حلائل الأبنا وأم

زوجته بمطلق العقد انجلا *** ربيبة بأمها قد دخلا

وبين أختين أو المرأة مع *** عمة أو خالة الجمع امتنع

والمحصنات وهي ذات الزوج لا *** ما ملكت الايمان نصاً انجلا

وفوق أربع لحر لا يحل *** غير السراري ولعبد قد نقل

ثنتين قيل أجمعوا لكن أثر *** شذوذ خلف مثل حر فاختبر

وما به الحرة حرمت فقد *** حرم من ملك اليمين كالعدد

والمشركات والزواني حرم *** لمؤمن وعكس ذا فليعلم

ثم الكتابيات حل فافهم *** للمؤمنين وبعكس حرم

باب العقود الفاسدة في النكاح

ونسخ متعة بلا ترداد *** صح دواماً أبد الآباد

وحرم التحليل والشغار مع *** عقد إذا أثناء عدة وقع

كذاك عقد محرم والخلف في *** بطلانه قد شاع بين السلف

والعبد أن ينكح بغير الأذن من *** سيده فباطل نصاً زكن

باب أنكحة الكفار وما يقر منها إذا أسلموا

يقر من أنكحة الكفار ما *** وافق الشرع كمن قد أسلما

وتحته فوق أربع فليختر *** منهن أربعاً لنص الخبر

أو تحته أختان خيرنه في *** إحداهما حتماً والأخرى تنتفي

وزوجة المشرك إن تسلم تحل *** لمؤمن من بعد عدة تحل

والزوج إن يسلم ولم تنكح ترد *** عليه بالعقد القديم وورد

تجديده لكن ضعيف والأصح *** الأولى وكم لها إمام قد جنح

باب الكفاءة والخيار

في الدين والحرية الكفو اعتبر *** ونسبة وصنعة خلف شهر

وأمة تملك نفسها متى *** تعتق وخير قبل مس ثبتا

ويثبت الخيار بالعيب كما *** صح عن الرسول نصاً محكما

كبرص وجذم وجنة *** وداء فرج عفل أو عِنه

كذاك الإعسار عند الأكثر *** وقال آخرون لم يخير

باب الصداق

ثم الصداق واجب وأخيره *** أيسره ولا يحد أكثره

ففي الكتاب جاء بالقنطار *** وقد روى من ذاك في الآثار

بخاتم الحديد والمد نقل *** كذا بنعلين وبالعتق يحل

عشر أواق واثنتى عشرة مع *** نصف وأربع أواق قد وقع

وزن نواة ذهب قد نقلا *** أربعة الآلاف أيضاً انجلا

وصح بالتعليم للقرآن لا *** برد بالضعيف يا من عقلا

وسن بعض المهر أن يقدما *** قبل الدخول وهو ليس لازما

وأن يطلق قبل مسها ولا *** سمى لها المهر ففيما أنزلا

متعتها بقدر حاله ومن *** سماه فالنصف لها فحتمن

إلا إذا عنه عفت أو إن عفى *** كمله وذاك خير لا خفا

وبالدخول يلزم الكل لها *** إن لم يسمه فمهر مثلها

وإن يقع بموته الفراق *** كان لها الميراث والصداق

سمى لها أو لم يسم قد دخل *** أولا بلا فرق لنص لم يعل

باب الوليمة ، وإعلان النكاح

وفي البناء تشرع الوليمه *** بالسنن الثابتة القويمه

ولو بشاة وليجبها من دعي *** لها ويعص الله إن يمتنع

وحيث كان صائمًا فليخبر *** بصومه إن شاء وليعتذر

وفي اجتماع الداعيين أجب *** اسبقهم أو فابدأن بالأقرب

وواجب تغييره لمنكر *** رآه أو فليرجعن لا يحضر

سن إعلان النكاح لا بما *** يوجب فتنة أيا من فهما

باب الزينة وما نهي عنه منها

وامرأة تزدان للزوج بما *** لم ينه عنه الشرع فيما حكما

كالفلج للسن ، ووصل الشعر *** والنمص للوجه ، وقشر البشر

والوشم والوشر النبي قد نهى *** عنها وزاد لعن من يفعلها

كذاك صح لعن من ترجلا *** من النسا والعكس عن خير الملا

باب جامع النكاح

وحين يأتي أهله فليستتر *** وأن يسمي والدعاء بما أثر

وليأت أنى شاء حرثه وقد *** حرم في الأدبار نصًّا يعتمد

بل لعن الرسول من قد فعلا *** وفي الحيض قبل أن تغتسلا

والعزل عنه قد نهى النبي *** لكنما ترخيصه مروي

واختلفوا في الجمع منهم من جعل *** ذا النهي تنزيهًا وبعضهم حمل

جوازه في أمة ويمتنع *** عن حرة بدون إذن فاستمع

وهمَّ أن ينهي عن الغيلة ثم *** لم ير فيها ضررًا فلم يلم

وقد نهى الزوجان عن إفشاء ما *** في حال الإفضاء جرى بينهما

باب العشرة بالمعروف

وعشرة المعروف حتمًا أوجب *** نص الكتاب ، وأحاديث النبي

فقد روي عن النبي من قوله *** خيركمو خيركمو لأهله

والصبر والإحسان ما استطاعه *** وواجب عليها الطاعه

ونفسها تبذل في حاجته *** وحفظه في نفسها وبيته

ولا تصوم وهو شاهد بلا *** إذن سوى الفرض بنص نقلا

وجائز تأديبها إن لم تطع *** بالهجر أو بالضرب نحو ما شرع

وإن أطال غيبة لا يقدم *** ليلاً لنهي صح عنه فاعلم

باب القسم بين الزوجات ، ووجوب العدل فيما يملك

والقسم في زوجاته فليعدل *** في كل ما يملكه لا يمل

وإن يجدد ثيبًّا فليقم *** ثلاث ، والبكر فسبعًا واقسم

وإن يكن لثيب مسبعا *** سبع للباقي لنص رفعا

وإن أراد سفرًا فليسهم *** وليأخذ الخارج سهمًا افهم

وجاز للمرأة جعل يومها *** لضرة تضيفه لقسمها

أو طرح بعض حظها أو كله *** صلح وعن ضرارها الزوج نهي

كتاب الطلاق والرجعة

ثم الطلاق أبغض الحلال *** إلى الإله الحق ذي الجلال

يباح للحاجة في حمل وفي *** طهر به ما مسها فلتعرف

ألفاظه أصرحها الطلاق *** ومثله السراح والفراق

وما عدا هذا تكون تكنيه *** وحكمه اعتبار مع النيه

وينفذ الطلاق بالتخيير إن *** تختر فراقه لنص لم يهن

ولم يقع طلاق التحريم بل *** بمثل تكفير اليمين فليُحل

وفي الطلاق أشهد عدلين *** كذاك في الرجعة بالوحيين

وينفذ التوكيل فيهما كما *** ينفذ في العقد كما تقدما

في طلقتين بعد أن قد دخلا *** للحر في العدة رجعة بلا

تجديد عقد وإذا ما دخلا *** أو انقضا العدة أو خلع فلا

رجوع إلا بنكاح جددا *** والإذن منها وولي وجدا

وبالثلاث فلتكن منه برا *** إلا بأن تنكح زوجًا آخرا

نكاح ذي الرغبة لا المحلل *** إذ هو ملعون بنص المرسل

وإن يطلقها فلا جناح أن *** يرجع إن إقامة الحدود ظن

وفي المحيض النهي عنه نقلا *** وفيه بالرجعة أمر انجلا

حتى من الحيضة تلك تطهر *** ثم تحيض بعد ثم تطهر

فإن يشأ أمسك وإلا طلقا *** قبل مسيس فادر ما قد حققا

وهل يكون واقعًا وهو الأصح *** إذ في الصحيحين دليله اتضح

كذلك الطلاق في طهر به *** قد مسها ذا بدعة عنه نهي

وصح إنكار نبينا على *** من جمع الثلاث دفعة ولا

وفي وقوعه الخلاف قد شهر *** حيث رأوا تعارضًا فما أثر

وأكثر الأصحاب والأتباع *** على وقوعه بلا اندفاع

والظاهر اعتبار نية كما *** أحلفه الرسول فيما حكما

واحمل رواية ابن عباس على *** هذا ولا تطرحن ما نقلا

والعبد قل طلاقه بيده *** لا ينفذ الطلاق من سيده

وبعد طلقتين ما له تحل *** لا بعد زوج عن جماهير نقل

والخلف فيهما إذا ما عتقا *** من بعد أن تطليقتين طلَّقا

هل جائز رجوعه بواحده *** أو لا لتضعيف النقول الوارده

والهزل في النكاح والطلاق *** يمضي وفي الرجعة والعتاق

والخطأ الإكراه والنسيان *** وما يحدِّث نفسه الإنسان

به على الأمة ذا قد رفعا *** وما لمعتوه طلاق وقعا

ومن يكن من قبل عقد طلقا *** فإنه لا شيء نصًَّا حققا

باب الخلع

وامرأة محرم أن تسألا *** طلاقها بدون بأس انجلا

وما له إضرارها لتفتدي *** تلك حدود الله فاحذر تعتدي

إلا إذا عشرته لم تستطع *** فما عليها حرج أن تختلع

يجوز بالقليل والكثير لا *** ما زاد عن مهر فمنع نقلا

ويلزم التراضي باتفاق *** أو حكم حاكم مع الشقاق

ونفسها تملك بعد الافتدا *** لا رجعة إلا بعقد جددا

والخلع فسخ لا طلاق في الأصح *** تعتد حيضة كما الحديث صح

والأكثرون طلقة قد عدوا *** وكالطلاق عندهم تعتد

إلا إذا قد كان سمى أكثرا *** فهو الذي سماه فيما أثرا

باب الإيلاء

تأجيل مَنْ مِنْ أهله قد آلى *** ما قدَّر الله له تعالى

أربعة من أشهر وليقف *** بعد مضيه فإما أن يفي

أو يعزم الطلاق وليكفِّر *** إن شاء حتمًا وهو قول الأكثر

ودونها يختار إن شا كفَّرا *** وجاء أهله وإلا انتظرا

باب الظهار

سماه ربي في الكتاب منكرا *** وقول زور فكفاك زاجرا

ومن يكن من أهله قد ظاهرا *** ثم لما قال يعود كفَّرا

عتاقة إن لم يجد فليصم *** شهرين إن لم يستطع فليطعم

ستين مسكينًا وذا من قبل أن *** يمسها نص الكتاب والسنن

واشترط التباع في الصوم وفي *** معتوقة إيمانها لا ينتفي

وربع وسق قدر الإطعام على *** مد وذا أشهر ما قد نقلا

وقد روي نصفًا ويروى كاملا *** والأرجح الذي ذكرنا أولا

وجاز للإمام أن يدفع له *** من صدقات وله أن يقبله

باب اللعان

ومن رمى زوجته ولم تقر *** ولم يجيء بالشهدا فيما ذكر

ولا انثني عن رميه تلاعنا *** والبدء بالزوج كما قد بينا

في الأربع الآي من النور فلا *** تطلب بيانًا فوقها يا من تلا

يشهد الله لصدق ما ادعى *** أربع مرات خامسًا دعي

أن لعنة الله عليه إن كذب *** والحد عنه أسقطن وانف النسب

وفرقن بينهما للأبد *** ومهرها لها بلا تردد

إن كان مسها وإلا لزما *** عليه شطرها كما تقدما

وهي إذا لم تلتعن منه تحد *** بالرجم والجلد بنص لا يرد

ويدرأ العذاب عنها حيثما *** تشهد بالله لكذب ما رمى

أربع مرات وتدعو بالغضب *** خامسًا إن كان عليها ما كذب

وغلظ اللعان في الأيمان *** والجمع والمكان والزمان

وقبله الإمام فليعظهما *** وبعذاب الله فليخفهما

كذاك في خامسة لم يعد *** عليهما الترهيب وليشدد

وبعض فاعرض توبة عليهما *** هل منكما من تائب نصًا سما

وما لها عليه من قوت ولا *** سكنى لما عن الرسول نقلا

ثم بأمه فألحق الولد *** ومن يكن به رماها فليحد

ومن يكن من حمل أهله انتفى *** ثم به من بعد ذاك اعترفا

فإنه يجلد حد المفتري *** وألحقن به كما عن عمر

ولا يجوز نفيه لكونه *** جاءت به مخالفًا للونه

باب إلحاق الولد

والولد اجعل للفراش والحجر *** لعاهر كما بذا صح الخبر

والشركا في أمة إن يدعوا *** جميعهم من ولدته يقرع

بينهم ومن تصب له الولد *** وحظهم من دية عليه رد

وقد روى اعتبار قول القائف *** في شبه به ارتياب ينتفي

باب العدد

تلزم للوفاة بالإطلاق *** لو لم يمسها وفي الطلاق

فاشترط المسيس بالكتاب *** أعني بنص آية الأحزاب

وعدة الحامل بالوضع تتم *** عن أي فرقة فحقق ما رسم

وغير حامل فللموت اجعل *** أربعة الأشهر مع عشر تلي

وإن تك الفرقة بالطلاق *** فعدة الحائض باتفاق

ثلاثة القروء نصاً قدر *** وغيرها ثلاثة من أشهر

والأمة اجعل مثل حرة إذا *** بالحمل تعتد بلا خلف خذا

ودون حمل في الوفاة قدروا *** شهرين مع خمس لها وبالقرو

قرآن إن حاضت وقل بالأشهر *** شهرين أو شهراً ونصفاً قدر

وقيل مثل الحرة وذا العمل *** لمن طلاق العبد كالحر جعل

وللوفاة استبرئن أم الولد *** بحيضة والخلف فيها قد ورد

وقد روي عدتها كالحرة *** لكن ضعيف عند أهل الخبرة

كذاك بالحيضة تستبرا الأمة *** مسبية أو مشتراة فافهمه

ما لم تكن صغيرة أو بكرا *** فوطؤها حل بدون استبرا

باب أحكام المعتدات

ويلزم الاحداد في الوفاة *** عن كل زينة من الزوجات

كالكحل والطيب خضاب وحلي *** وكل ما فيه تصنع جلي

ما لم تكن عدتها قد كملت *** ولا جناح بعد فيما فعلت

والكحل فيه للتداوي رخصا *** بالليل من دون النهار خصصا

كذاك عند طهرها أن تأخذا *** طيباً به تتبع آثار الأذى

وتلزم البيت الذي كانت به *** عند وفاة زوجها فانتبه

وفي الأصح ما لها من نفقه *** لازمة لو حاملا فحققه

وغير زوج لا يحل أن تحد *** فوق ثلاث للحديث فاعتمد

وليس للبائن من سكنى ولا *** من قوت ثلاث للحديث فاعتمد

لما روته أم قيس ونقل *** خلافه عن عمر وقد أعل

وأكثر الصحب لها قد جعلوا *** سكنى وللحديث قد تأولوا

وفي النهار جائز للعذر *** خروجها نص الحديث فادر

وغير بائن لها القوت وجب *** وتلزم السكنى لها بلا رِيَب

وغير جائز لها أن تخرجا *** من بيتها قد ولا أن تخرجا

باب الرضاعة

خمس من الرضاع معلومات *** أثناء حولين محرمات

ثم به يحرم ما قد حرما *** من نسب نصاً كما تقدما

وفيه فليقبل مقول المرضعة *** إن شهدت به بلا مدافعة

وقد روى الرضاع في حال الكبر *** عند الضرورات لتجويز النظر

وأكثر الصحب خصوصه رأوا *** بسالم والبعض نسخه ادعوا

وسنة لمرضع أن تفطمه *** إعطاؤها غرة عبد أو أمة

باب النفقات

يلزم زوجا مرنة الزوجة من *** سكنى ومطعم وكسوة فمن

بحسب الايسار والاقتار *** للنص في القرآن والآثار

فإن يشح عن كفاية يحل *** بالعرف أخذها لنص قد نقل

والولد المحتاج من والده *** والعكس والرقيق من سيده

يكسيه مما يكتسى ويطعمه *** من الذي يطعم منه فاعلمه

ولا يكلفه بما لم يستطع *** أو فليعاونه عليه فاتبع

وغير هؤلاء لا تلزم له *** على القريب من سوى باب الصله

فابدأ بمن تعوله مقدما *** فإن له أضعت كنت آثما

وبعد من تعول فالأرحام صل *** من كل ذي قربى إليك يتصل

الأم ثم الأب ثم الأخ ثم *** أدناك أدناك بترتيب لهم

باب الحضانة

والأم بابنها أحق في الصغر *** إلا إذا ما نكحت نص الأثر

وبعد أن يبلغ سبعاً خير *** في أي والديه شا فليختر

وخالة كالأم حيث تفقد *** لما أفاده الحديث المسند

وفي الأصح الأب منها أقدم *** وقيل إجماعاً وحيث انعدموا

يعين الأصح من أقارب *** وبعده الأصلح من أجانب

كتاب الأطعمة

باب ما يحل وما يحرم

في الطيبات الأصل حلها كما *** أن الخبيث الأصل ما يحرما

وما أحل الله والرسول حل *** وضده المنهي عنه فاعتزل

وكل ما الوحيان عنه سكتا *** فذا دليل العفو فيه ثبتا

فكل ما كان خبيثاً قد دخل *** في آية الأعراف من غير جدل

ومنه في ثالثة الآيات من *** مائدة كاف لذي اللب الفطن

وحرمن بالسنن القوية *** أكل لحوم الحمر الأهلية

وكل ذي ناب من السباع *** والطير ذي المخلب بلا نزاع

لكنما الضبع به قد صح نص *** بأنه صيد فمن هذا يخص

والكلب والهر كذا الجلاله *** من قبل أن تعلم الاستحاله

وجاء في القنفذ لكن ضُعفا *** حديث حظرها وفيها اختلفا

كذاك في الضب روايات رجح *** مفيد حله لكونه أصح

وفي الصحيح حل أكل الأرنب *** وقد روى إنكار أكل الثعلب

ونملة ونحلة وهدهد *** دع قتلها وضفدع والصرد

ووزغ بقتله النبي أمر *** وقتل خمس ذكرها في الحج مر

وهذه من موجب التحريم *** عند أولي الفقه بلا توهيم

وإن نجاسة بجامد تقع *** فألقها مع ما حواليها وقع

وإن تقع في مائع فلا يحل *** قربانه قط لنهي قد نقل

والكبد والطحال من دم يحل *** وميتة الجراد والحوت نقل

وميتة البحر جميعها تحل *** وقد نهي عما طفا لكن أعل

وقد يباح الحظر للمضطر *** لا الباغ والعادي لدفع الضر

باب الصيد

والصيد حل بالسلاح الجارح *** وبمعلَّم من الجوارح

إن ذكر اسم الله ثم أرسله *** يأكل ما أمسكه لو قتله

بحيث لم يأكل إذا أمسكه *** ولم يجد سواه قد شاركه

وما سوى معلم وذُكّى *** ما صاده حل بدون شك

وحل ما أصيب بالمعراض *** بحده خزقاً بلا افتراض

ومن رمى صيد وغاب عنه *** وفيه سهمه ومات منه

حل إذا صادفه بغير ما *** ما فيه غير سهمه الذي رمى

لو بعد أيام إذا لم ينتن *** وهكذا الجارح نص السنن

باب الذبائح

ما أنهر الدما والأوداج فرا *** ثم عليه اسم الإله ذكرا

حل ولو شق عصى أو حجر *** ما لم يكن بالسن أو بالظفر

ويحرم التعذيب للذبيحة *** ومَثُلَة بالسنن الصحيحة

وقتلها صبراً ولعن من فعل *** ذلك قد صح بدون ما جدل

وحدد الشفرة ثم وار *** عن وجه ما يذبح للآثار

وغير مقدور على التذكية *** فيه فكالصيد بدون مرية

وبذكاة أمه الجنين حل *** والحي حرم منه جزءاً انفصل

ثم لنا طعام ذي الكتاب *** حل وعكسه بلا ارتياب

وما تشك هل عليه سمى *** أو لا فعند أكله فسم

وكل ما يذبح في ذي الأعصر *** لقبة أو شجر أو حجر

فهو لغير الله قد أهل به *** وذاك شرك ظاهر لا يشتبه

لو ذكر اسم الله للتدليس *** فذاك سعي في هوى إبليس

فإنما يبعثه للنحر ما *** في قلبه من مرض لا سيما

مع هتفه في الشر والجهر بيا *** فلان واغوثاً لكشف كَرْبِيَا

هل فوق ذا الإشراك من كفران *** سبحانك اللهم ذا السبحان

باب الضيافة

إكرامنا للضيف والإيثار *** له به قد صحت الآثار

بل أوجبت في حق واجد القرا *** وحدها ثلاثة وما ورا

ذا فتصدق وضيف لا يحل *** تحريجه المضيف ما لا يحتمل

وإن يكن مانعها مقتدرا *** جاز لضيف أخذ مقدار القرا

وحرم أكل طعام الغير من *** غير رضاه لنصوص لم تهن

ومنه حلب وثمار ونقل *** لجائع نداؤه رب الإبل

أو رب حائط فإن لم يجب *** فليأكلن حاجته وليشرب

دون اتخاذ خبنة فإن فعل *** فإنه يغرم والتنكيل حل

باب آداب الأكل

في بدئه سم وإن لم تذكر *** فسم عند الذكر لو بالآخر

وباليمين كل من الحآفة لا *** من وسط مما يليك نقلا

إلا إذا الطعام أنواعاً فلا *** مانع من حيث يشا أن يأكلا

ومن جلوس لا من اتكاء *** وآخراً فاحمد مع الدعاء

والقصعة العقها مع الأصابع *** وساقط الطعام خذ لا تدع

والغسل لليدين بعده معا *** مضمضة منه لنص رفعا

ومن دعا وجا بغيره لزم *** إيذان ذي المنزل فافهم ما رسم

والاجتماع للطعام أخير *** وذمه يكره والتقذر

والتمر قد نهى أن يرفعا *** قبل انقضا حاجتهم من شبعا

وإن يك الغير له قد أطعما *** دعا له من بعد أن قد طعما

كتاب الأشربة

ما يحل منها وما يحرم

وكل مسكر حرام قد علم *** من لفظ من أوتي جوامع الكلم

وما يكن منه الكثير أسكرا *** فإن ملء الكف منه حظرا

والخمر لا تجعل خلاًّ والطلا *** يجوز أن يطبخ قبل أن غلا

ويشرب العصير والنبيذ ما *** لم يغل فاهرق ذاك رجس علما

وقد نهى عن خلط جنسين معا *** في الانتباذ فادر ما قد رفعا

باب آداب الشرب

وأول الشراب سمين وفي *** آخره فالحمد قل لا ينتفي

سن بأنفاس ثلاثة ولا *** يَنْفس في الإناء نهى نقلا

وباليمين من قعود قد نمى *** والأيمن الأيمن فيه قَدِّم

وليكن الآخر شرباً من سقى *** ويكره الشرب من فم السقا

والنضح في الماء أو الإناء *** وللقذاة اهرق بلا امتراء

باب الآنية

والأكل والشراب في إنا الذهب *** أو فضة محرم فليجتنب

وكل طاهر سواهما يحل *** للمؤمن استعماله فلا تمل

وصح شعب قدح بسلسلة *** من فضة ما فيه بأس فاقبله

وما نُهى عن انتباذ فيه من *** آنية فإن نسخه زُكن

أعنى التي لو قد عبد القيس قد *** حظرها ترخيصه بعد ورد

وجلد ميت بالدباغ استعمل *** والرطب واليابس فيد فاجعل

وللإنا الأمر أتى بالتغطية *** وقد نهى عن اختناث الأسقيه

وفي احتياجنا إنا الكتابي *** نغسله للأكل والشرابِ

وإن ذباباً في الإنا قد وقعا *** يشرع أن يغمس ثم يُنزعا

كتاب اللباس والزينة

والستر للعورة واجب على *** مكلف في ملأ أو في خلا

وكل ما قد أخرج الله لنا *** من زينة حل بحمد ربنا

من أي لون والذي قد حظرا *** فعنه رحمة بنا قد حذرا

فيحرم الحرير إن زاد على *** أصابع أربع فيما نقلا

أعني على الرجال إلا للدوا *** والافتراش مثل لبسه سوا

ومثله القسي والمعصفر *** وثوب شهرة كذاك يحظر

وكل ما يختص بالنساء *** فاحظره والعكس بلا مراء

وقد نهي عن لبس ما فيه الصور *** ولبس مرأة لما يحكي البشر

كذاك عن لباس الأُرجُوان *** كذا عن السُّتور والجدران

وفي اللباس القصد والتواضع *** وفي الطعام والشراب يشرع

ويستحب الحسن والجمال *** ويحرم الخيلاء والإسبال

لنصف ساق يجعل الإزار *** والكم للرسغ كذا الآثار

وكل ما تجاوز الكعبين *** عن بطر في النار دون مين

وللنسا الإرخاء للذيول *** إلى ذراع لا يزد في الطول

كذا على جيوبهن بالخُمُر *** يضربن والحجاب واجب فمر

وباليمين ابدأ ومن كان استجد *** ثوبًا يُسنُّ الحمد بالذي ورد

وقد روي الحث على النعال *** وقَدِّم اليمين في انتعال

وقد نهي عن لبسها في رحل *** وتركه الأخرى بدون نعل

وللرجال خاتم من ورِق *** من دون مثقال وما زاد اتق

في خنصر اليمنى أو اليسرى نقل *** وللنسا الحرير والعسجد حل

أما تحلي رجل بالذهب *** فهو حرام بالحديث فارهب

والربط للسن به صح كذا *** يجوز منه الأنف أن تتخذا

والطيب والخضاب إصلاح الشعر *** كالفرق والترجيل غِبًّا للأثر

وقد نهي عن نتفه للشيب *** والخضب بالسواد دون ريب

وكل شعر الرأس فاحلق أو فدع *** جميعه وقد نهي عن القزع

كتاب الطب

ثم التداوي جائز مشروع *** بكل ما أبيح لا ممنوع

لكنَّما التفويض منه أفضل *** وأهله التوحيد فيهم أكمل

وخير طلب للعباد النبوي *** فليتبع كل ما فيه روي

من قوله وفعله وما أقر *** خذ كل ما أتاك واترك ما حذر

في ذا الشفا من أجمع الأسقام *** للقلب والروح وللأجسام

ولا يحل قط بالمحرم *** إذ ليس فيه من شفاء فاعلم

كنجس والسم ثم المسكر *** كذا الخبيثات جميعًا فاحظر

والكي فيه النهي والكره نقل *** والفعل والتجويز فيه فهو حل

وجا على تاركه الثناء *** وفضله صحَّت به الأنباء

وسن الاحتجام والتوقيت قد *** روي بسبع عشرة وقد ورد

بتسع عشرة وفي العشر الأخر *** أولها للاحتجام في الأثر

والنهي في السبت والأربعاء *** كذا الثلاثا جاء في الأنباء

وكلها صحتها لم تلتزم *** والأفضل استعمالها بدون ذم

ثم الرقى من الكتاب والأثر *** مشروعة بها الرسول قد أمر

وما روي من أنها شرك حمل *** على سواهما فحقق ما نقل

إذ قد رقى نبينا وقد رقي *** ثم لها أرشدنا فحقق

وإنما الشرك الذي لا يعقل *** معناه من إرث اليهود ينقل

ومن فعال خادم الشيبطان *** وعابدي النجوم ذي الكفران

والخلف في تعلق التمائم *** من آية أو من حديث قد نمي

ومنعها أولى لأن النهي عم *** وغيرها شرك وللقلب سقم

والسحر بالأقدار قد يؤثر *** وإن يحل بالرقى لا يحظر

لا سيما بالعوذتين فافهموا *** أما بسحر مثله فيحرم

والعين حق والرقى منها تحل *** وبغسول عائن فليغتسل

من قد أصابته ولا يمتنع *** من اغتسال عائن فاستمع

وصحَّت العدوى فلا تعتقد *** ولا تطيرن وثق بالصمد

كتاب الأيمان

وحفظ الأيمان به الله أمر *** وكثرة الحلف فعنه قد زجر

وإنما يكون باسم الله *** أو صفة ثابتة لله

أما بمخلوق فشرك فاحذر *** فاعله منه الرسول قد بري

كحالف بالآباء والأولاد *** كذا بالأمهات والأنداد

كذا بغير ملة الإسلام *** يحرم فافهمه بلا إيهام

تكفيره كلمة الإخلاص *** بأن يقولها مع الإخلاص

ومتبع اليمين باستثناء لا *** حنث ولا يشرط أن يتصلا

ومن رأى ترك اليمين أخيرا *** يأت الذي أخير وليكفِّرا

ومكره على اليمين ما لزم *** وإن يكن أحنثها فما أثم

وحالف على يمين بالكذب *** فذلك الغموس فاحذر واجتنب

واللغو لا يؤاخذ الله به *** لكن بما يعقده بقلبه

ومسلم عليه حق المسلم *** إبراره طاقته في القسم

هذا وتكفير اليمين ما ذكر *** في آية المائدة افهم وادكر

كتاب النذور

يصح لابتغاء وجه الله *** ويلزم الوفا به لله

وفي المعاصي حرمة النذور *** ومنه ما ينذر للقبور

ولا يجوز في قطيعة الرحم *** أو غير ما تملكه يا من فهم

وعيد جاهلية يحرم أن *** ينحر لله به نص السنن

وكل ما لم يأذن الله به *** أو كان لا يطيقه فانتبه

ومن بكل ماله قد نذرا *** أجزأه الثلث لما قد أثرا

ومن بنذر لم يسم نذرا *** أو عاصياً أو لم يطقه كفَّرا

كفارة اليمين والمشرك إن *** ينذرْ فيسلمْ يلزم الوفا فدن

ومن يمت وهو بقربةٍ نذرْ *** عنه قضى قريبه نص الخبرْ

وناذر في المسجد الأقصى يُصَلْ *** أجزأه في الحرمين إن فعلْ

كتاب الأحكام

باب القضاء

يشترط اجتهاد من يلي القضا *** وأن يكون عادلاً فيما قضى

ذو ورع في دينه لا ذا هوى *** يحكم بالحق على النهج السوا

مراقبا لله في الأحكام *** وليس يخشى لومة اللوام

ويحرم الحرص على القضا وأن *** يطلبه فإن ذاك لم يُعن

ولا يحل للإمام أن يُلي *** أعماله أصحاب هذا المثل

ولا لعاجز عن القيام *** بحقه من خدمة الإسلام

وإنه لخطر عظيم *** إلا لمن بالعدل يستقيم

مجتهداً فإن يصب أجران *** أو لا فواحد مع الغفران

ويحرم الرشوة والهدية *** لأجله من جهة الرعية

ولعن الراشي كذا من ارتشى *** ورائش بينهما بها مشى

والحكم عند شاغل فاجتنب *** كالخوف والهم وحال الغضب

وسوِّ في المجلس بين الخصما *** لا يكون كافرا ومسلما

واسمع من الآخر مثل الأول *** قبل القضا بينهما كي ينجلي

وسهل الحجاب بالإمكان *** وجاز الاتخاذ للأعوان

لحاجة وجائز أن يشفعا *** ويعرض الصلح وأن يستوضعا

وظاهراً ينفذ ما قد حكما *** به ولا يُحِل شيئاً حَرُمَا

باب الدعاوى والبينات

ويحكم الحاكم بالإقرار *** أو شاهدي عدل مع الإنكار

أو رجل وامرأتين فاسمع *** أو بشهيد مع يمين المدعي

إن لم يجد بينة من ادعى *** حلف من كان عليه يُدعى

وردها على من ادعى نقل *** عند نكول منكر وقد أُعل

وغائباً حِلْف بنفي العلم *** بالمدعي وفي يمين الذمي

ذكِّرْهم اللهَ وفعله بهم *** من نعمة نصاً صريحاً قد فهم

وهل له بعلمه أن يحكما *** فيه نزاع طال بين العلما

وغير عدل خائن ذو الغمر لا *** شهادة له بنص يجتلى

والزاني والقانع والمتهم *** وقاذف ما تاب فيما يعلم

وهكذا البادي على ذي القرية *** وقيل مقبول مع العدالة

ولا تجز شهادة ممن كفر *** على الذي أسلم إلا في السفر

جاز على وصية أن يشهدوا *** بحيث فيه المسلمين فُقدوا

كما أتى تفصيله في المائده *** ثلاث آيات حوت مقاصده

والزور قوله من الكبائر *** فيه من الوعيد أقوى زاجر

وذم شاهد ولم يستشهد *** إلا لجهل المدعي فليحمد

والمدعى فيه إذا تعارضا *** بينتاهما بقسمة قضى

والعاقل البالغ إن جداً أقر *** بأي شيء لا محالاً يعتبر

وقد نهى عن ادعا المظالم *** كذاك عن إعانة للظالم

كتاب الحدود

باب وجوب الوقوف عندها ، وإقامتها على متعدِّيها

واحذر حدود الله لا ترتكب *** فبارتكابها حلول الغضب

وواجبٌ على ولاة أمرنا *** إقامة الحدود مهما أمكنا

على وضيعٍ كان أو شريف *** بشرط الاختيار والتكليف

وباعتراف فاعل أو إن تقم *** بينة لا بالظنون والتهم

في حضر وسفر وقد نقل *** في الغزو لا يقطع لكن قد أعل

والشبهات إن تكن محتمله *** يدرأ بها الحد بلا مجادله

وينقص الإيمان ممن فعله *** فإن يتب فهو كمن لا ذنب له

وتعرض التوبة قبل الحد *** أو بعده عليه دون رد

وأي حد للإمام رفعا *** يحرم أن يشفعَ أو يُشَفَّعا

فيه وتضييع حدود الله *** أعظم موجبات مقت الله

فكم أتى فيه من التهديد *** ومن وعيد بالغ شديد

باب حد الزنا

لبكر جلد مائة حد الزنا *** ونفيه عامًا ، ومن قد أحصنا

يقتل رجمًا بعد جلده وفي *** بعض الأحاديث برجمه اكتفي

وليشهدن طائفة حدهما *** من الذين آمنوا فليفهما

والحكم في أهل الكتاب هكذا *** إذا تحاكما إلينا فخذا

برجمه بينة إن تقم *** أو حَبَل أو اعتراف فاعلم

وفيه مرة كفى الإقرار *** وقد روي أربعًا التكرار

وعند الإنكار شهود أربعة *** إن لم تجدهمو فذا الحد ادفعه

وادفعه بالشبهة إن تحتمل *** أو مانع بان كجبِّ الرجل

وكونها عذراء أو رتقاء أو *** غير مكلَّف ومكره رووا

وحاملاً أمهل إلى أن تضعا *** إن يضع الطفل إلى أن ترضعا

واجلد بعثكال مريضًا فادر *** والحفر للمرجوم حتى الصدر

والرجم فليبدأ به من شهدا *** أو الإمام لاعتراف وجدا

وحيث عن إقراره قد رجعا *** ردَّ إلى الإمام نصًّا رفعا

وحد عبد نصف حد الحر في *** جلد لمحصن وحر فاعرف

يقيمه السيد أو فالحاكم *** عليه واعلم أنه لا يرجم

ومن بنفسه رمى معيَّنه *** لم تعترف ولم يجئ ببينه

حد لقذف وزنًا وهو معلّ *** لكن نصوص القذف توجب العمل

ومن وطئ جارية لامرأته *** له أحلَّتها ففي عقوبته

يؤثر جلد مائة فليعلم *** إن لم تحلها له فليرجم

ومن يلط بذكر فليقتلا *** كلاهما حيث اختيار انجلا

ويقتل الناكح ذات محرم *** وما له فيء بنص قد نمي

وقتل من يأتي بهيمة نقل *** معها وقيل كالزنا وقد عمل

بعض به وقيل بل يعذَّر *** وهو الذي به يقول الأكثر

باب حد القذف

ومن رمى لمحصَن فدفعه *** ولم يجئ بشهداء أربعه

فحده جلد ثمانين كما *** في سورة النور صريحًا محكما

يثبت هذا الحد بالإقرار أو *** بشاهدي عدل لمقذوف أتوا

ويجلد المملوك أربعينا *** فيه قضاء الخلفا استبينا

ويفسق القاذف فلا تقبل له *** شهادة وحيث تاب فاقبله

باب حد السرقة

والسارق المكلَّف المختار *** إن كان شاهدان أو إقرار

بربع دينار فما يزيد أو *** مقداره من حرزه القطع رووا

ليده اليمنى من الرسغ وذا *** يفسر الإطلاق في الآي خذا

وثانيًا فرجله اليسرى اقطع *** وثالثًا يسرى يديه أتبع

ورجله رابعة إن عاد له *** والقتل في خامسة لا أصل له

وقيل في ثالثة فصاعدا *** تعزيره وفيه موقوف بدا

وبعد قطعه بحسم أمرا *** واليد بالسارق علِّق منذرا

وخائن فقطعه لا يجب *** كذاك الاختلاس والمنتهب

وثمر لم يأوه الجرين أو *** حريسة المرتع لا قطع رووا

وجاحد العاريَّة القطع نقل *** عليه والبعض بهذا قد عمل

والعرف في الحرز اعتبر كالطعن *** لنِعَمٍ وللثمار الجُرُن

وقبل رفعه إلى الإمام لا *** بأس بعفوه وبعده فلا

باب حد المسكر

وأيَّما مكلَّف قد شربا *** من مسكر على اختيار ضرُِبا

بذاك أربعين وليعزَّر *** إلى ثمانين بنصِّ الأثر

والعبد نصف ذا بلا إنكار *** بشاهدي عدل أو الإقرار

ومن تقيَّأها فذا قد شربا *** دون تردد وحدًّا ضُرِبا

وجاء في من منه سُكْر وُجِدا *** دون اعتراف ترك بحث أسندا

وقد روي عن ابن أم عبد *** بوجد ريحها إقام الحد

والقتل في رابعة قد أمرا *** به وصحَّ النسخ من غير مرا

باب التعزير ، وحكم الصائل

وفي المعاصي دون حد عُزِّر *** بالحبس أو بالضرب لا بأكثر

من عشرة الأسواط بالنص ثبت *** وللصحابة اجتهادات أتت

كذاك بالنفي وبالهجر أُثر *** وغلظة الكلام كيما ينزجر

والصائل ادفع لو بقتله إذا *** ما انكف عن عدوانه بدون ذا

ودون دين أو دم من قتلا *** أو مال أو أهل شهيد نقلا

واستثن من هذا وليَّ الأمر *** في الدم والمال وجوب الصبر

باب حكم المحاربين

ثم المحاربين فيم احكم *** بآية المائدة اقرأ وافهم

لكنَّما الخلاف في تفسير أو *** فالبعض للتخيير معناها رأوا

في ذي العقوبات الإمام خُيِّرا *** يفعل منها فيهم الذي يرى

وقيل للتنويع في الجرائم *** فيها بترتيب الجزاء فاحكم

بالقتل والصلب على من قتلا *** وأخذ المال ومن يقتل ولا

يأخذ مالاً حسبه القتل فعي *** ثم بأخذ المال وحده اقطع

ليده ورجله خلافا *** وحيث للسبيل قد أخافا

ينفى من الأرض وهذا الثاني *** قول الجماهير بلا نكران

إلا الذي يتوب قبل القدره *** عليه أسقط كل ذي بالتوبه

وهل بها يسقط حق الآدمي *** من مال أو قصاص قولان نمي

باب حكم البغاة

ثم البغاة واجب قتالهم *** حتى إلى الحق يعودوا كلهم

ولا يجوز قتلنا من يؤسر *** منهم ولا يتبع منهم مدبر

ولا يجز على جريحهم ولا *** أموالهم تغنم فيما نقلا

باب جامع من عقوبته القتل

تقدَّم الرجم لزان أحصنا *** والقتل للوطي في باب الزنا

ومن لذَّات محرم قد استحل *** ومن لنفس حرَّم الله قتل

على تفاصيل ستأتي أوجب *** عليه قتلاً تاب أو لم يتب

وقاتل الحربي حتى يسلما *** وذاك في الجهاد قد تقدَّما

كذاك من لدينه قد بدَّلا *** كمن يسب الله أو من أرسلا

أو دينه أو الكتاب المنزلا *** بشرك أو تكذيب أو ما انتحلا

من ناقض لأي دين انتقلا *** أو لفريضة أبى أن يقبلا

أو جحد القطعي لا إن جهلا *** وساحر وكاهن وهؤلا

من تاب منهم كان محقون الدم *** ما غير زنديق فخلف قد نمي

ويحرم التكفير للملِّيِّ *** إلا بكفر واضح جليِّ

كتاب الجنايات

باب عظم ذنب قتل المؤمن ، وعقوبة القاتل عاجلاً وآجلاً

وإنَّ من كبائر الآثام *** جرمًا إصابة الدم الحرام

وصحَّ أنَّ أوَّل القضاء *** في الحشر بين الناس في الدماء

وقد أتى فيه من الوعيد *** ما ليس في ذنب سوى التنديد

من ذاك ما في آية النسا أتى *** وغيرها وكم حديث ثبتا

من عظم التغليظ في عقوبته *** جاء النزاع في قبول توبته

وإن يكن قبولها هو الأصح *** كما إليه كل سنِّي جنح

برهانه في سورة الفرقان *** أبلِغ بقيل الله من برهان

ولا يخلَّد أبدًا في النار *** من مات غير مشرك بالباري

كذا معاهد بنص قد نمي *** حرمة قتله كقتل المسلم

ومن قتل له قتيل خُيِّرا *** في قَوَد أو دية قد أثرا

أو عفوه عن قاتل بلا فدا *** ومن يرد رابعة قد اعتدى

وحاكم يُسنُّ عرض العفو له *** على الولي لعلَّه أن يقبله

وخطأ وشبه عمد لا قود *** بل عتق مؤمن على من قد وجد

من لم يجد فصوم شهرين ولا *** توبة لجبار السماوات العلا

ودية لأهله مسلَّمه *** على تفاصيل ستأتي قيمة

ويلزم التكفير في العمد إذا *** عفى الولي من باب أولى فخذا

باب القصاص

ويثبت القصاص في العمد على *** مكلَّف حيث اختيار انجلا

فالنفس بالنفس إذا تكافآ *** والعين بالعين قصاصًا افقآ

والأنف بالأنف كذاك يجدع *** ومثله الأذن بالأذن تقطع

والسن بالسن كذاك فاقلع *** وسائر الأعضاء قياسًا أتبع

ويثبت القصاص في الجروح من *** بعد اندمال حيث إمكان زكن

والكفؤ في الدين وفي الحرية *** معتبر في الشرع دون مريه

في الذكر اقتله اقتيادًا بالذكر *** كذاك الأنثى بالكتاب والأثر

وصحَّ قتل امرأة بالرجل *** والعكس والعبد بحر فاقتل

كذاك قتل كافر بمسلم *** بدون عكس فيهما فليعلم

ووالد بولد لا يقتل *** وإن أعل فعليه العمل

ويقتل الواحد بالجماعه *** والعكس وهو مذهب الجماعه

وحبس ممسك وقتل القاتل *** بالنص ثابت فلا تجادل

وليس يجزي والد عن الولد *** كلا ولا العكس بنص معتمد

باب الديات

مقدار عقل كل مسلم ذكر *** بمائة من إبل نص الخبر

تكون في العمد وشبهه على *** ثلاثة الأقسام فيما نقلا

منها ثلاثون بسن الجذعه *** ومثلها من الحقاق فادفعه

وأربعون خلفات أدِّها *** تكون في بطونها أولادها

وخمسة في خطأ فلتجعل *** من كل أسنان زكاة الإبل

بنت مخاض ولبون حِقَّه *** مع جذعات أعط مستحقه

خامسها فابن اللبون الذكر *** وفي حديث ابن مخاض ذكروا

من كل عشرين عشرين ادفع *** ثلاثة الأعوام أجِّلت فعي

وهي على عاقلة القاتل لا *** عمدًا ففي مال الذي قد قتلا

أو مائتا بقرة أو ألفا *** شاة وبالدينار فادفع ألفا

والفضة اثنا عشر ألف درهم *** أو مائتان جلَّة نصًّا نمي

في السن واللسان ثم الذكر *** والأنف إن أوعب جدعًا قدِّر

والصلب والعينين واليدين *** والشفتين قل مع الرجلين

والبيضتان مثل والأذنان *** إحداهما النصف بلا نكران

كذاك في أرنبة الأنف وفي *** كل من الحواس عقل فاعرف

مأمومة قدِّر ثلث الدية *** جائفة كذاك دون مرية

ناقلة عشر ونصف العشر *** وكل أصبع دها بالعشر

هاشمة كذا وفي المواضح *** والسن نصفه بنص واضح

ودون هذه إليها فانسب *** إذ لم يجئ تقديرها عن النبي

في المرأة اجعل نصف عقل الذكر *** في زائد عن ثلث فادَّكر

ودون ثلث فكعقل الرجل *** والنصف للذمي بدون جدل

وقيل ثلثها وجوب التأديه *** وفي المجوس ثلثا عشر الديه

وفي الجنين حيث ميتًا سقط *** غرة عبد أو وليدة فقط

وعقل عبد ما به قد قُوِّما *** وأرشه بحسبها كذا الإما

والحكم في مكاتب أن يودى *** بعقل حر قدر ما قد أدَّى

وقد روي في العين ذات العور *** بثلث عقل العين ذات البصر

وفي اليد الشلاَّء وفي السوداء من *** الأسنان ثلث عقلها فافهم ودن

ومن تطبب جاهلاً فأعنتا *** نفسًا فما دون الضَّمان ثبتا

باب القسامة

ثابتة إن لوث قد وجدا *** تُصبر خمسون يمينًا عددا

يعرضها الحاكم أولاً على *** من ادعوا بأن ذا قد قتلا

صاحبنا فإن أبوا ردت إلى *** متهم وبنُكول عقلا

ولا يطل للالتباس الحالْ *** بل يثبت العقل ببيت المالْ

برهانه ما في قتيل خيبر *** وغيره فافهم ولا تكابر

كتاب العتق

والعتق قد حث الكتاب والأثر *** عليه فاغنمه فنعم المتَّجر

فإنَّ من أعتق عبدًا مسلما *** كان له الفكاك من جهنما

بكل عضو منه عضوًا منه *** ينقذه الله فيعفو عنه

فاعمله لو إعانة والله لا *** يضيع أجر المحسنين عملا

أعلى الرقاب ثمنًا أفضلها *** في العتق والأنفَس عند أهلها

صحته من مالك مكلَّف *** صحيح ملك جائز التصرف

صيغته أنت عتيق أنت جر *** أعتقت أو حررت فافهمه تسر

ومن لرحم محرَّم له ملك *** فإنه يصير حرًّا دون شك

ولا يجازي والد من ولده *** إلا بعتق إن رقيقًا وجده

ومن بمملوك له قد مثِّلا *** كان عليه عتقه لا جدلا

فإن أبى أعتقه الإمام *** ولاحتياج جاز الاستخدام

وحيث بعض الشُرَكَا قد أعتقا *** نصيبه يلزمه أن يعتقا

بقية العبد بأن يقوِّما *** ولنصيب الشركاء سلِّما

وحيث لا مال له فقد عتق *** نصيبه واستسعه ولا تشق

فيما بقي إن شا وإلا كانا *** مبعَّضًا فحقق التبيانا

ومن أراد عتق زوجين معا *** بالزوج فليبدأ لنصٍّ رفعا

وجاز أن يشرط خدمة على *** معتوقه نصًّا وإجماعًا تلا

ولا ولا لغير معتق ومن *** يشرطه فاردده بنص المؤتمن

وجاز عتق عبده عن دبر *** ولاحتياج بيعه لم يحظر

كذاك للمالك أن يكاتبا *** مملوكه على خراج ضربا

وبالوفا يصير حرًّا وبما *** أدَّى فعتق مثله قد لزما

منه وبالعجز عن التسليم *** يعود في الرق بلا توهيم

وقد روي الوضع عن المكاتب *** واختلفوا في رفعه إلى النبي

وقد يكون داخلاً معنى *** إيتائهم فالوضع منه يعنى

ومن لها مكاتب مقتدر *** فأمرها بالاحتجاب يؤثر

واختلفوا في بيع أم الولد *** والمنع أولى وبموت السيِّد

تعتق إلا أن يشاء عتقها *** حيًّا فحرَّة متى أعتقها

يا ربِّ عتقًا من عذاب النار *** يا عالم الإعلان والإسرار

كتاب الجامع

باب الأدب

هذا ولما تمت الأحكام *** بحمد ربي يحسن الختام

بذكر أشياء من الأخلاق *** والحسن والتزهيد والرقاق

وأدب الدخول والسلام *** وأدب الجلوس والقيام

ففي الدخول استئذنا وسلِّم *** وإن رُددت ارجع بنص محكم

لم تجد من أحد لا تدخل *** لا لمتاع لك في البيت الخلي

ومن دعي وجا مع الرسول *** فذاك إذن له في الدخول

ومن ببيت دون إذن نظرا *** ففقؤ عينه يكون هدرا

وسنة تثليث الاستئذان *** كذا السلام دونما نكران

وعند الانصراف أيضًا سلِّم *** فليست الأولى أحق فاعلم

ومن لقيته وإن لم تعرف *** سلِّم عليه لو صبيًّا فاعرف

يسلِّم الأصغر على الكبير *** كذا القليل قل على الكثير

كما على القاعد من مرَّ كما *** ماشٍ عليه راكبٌ قد سلَّما

وواحدٌ يجزِئُ في بدءٍ وردّْ *** إن كان في جماعة نصًّا ورد

وجاز تسليم على النساء *** والعكس حيث الأمن من إغواء

وإن وجدت كافرًا ومسلِما *** فسلِّمَنْ واعنِ به من أسْلَما

لا تبدأ الذمي سلامًا واردد *** قل ‏:‏ وعليكم إن بدا لا تزد

واضطره لأضيق الطريق إن *** وجدته فيها لنصٍّ لم يهن

وترك تسليمٍ على المقترف *** يجوز إن طمعت فيه أن يفي

وجاز الاعتناق في اللقاء *** كذا تصافح بلا امتراء

ولا يحل مؤمن أن يهجرا *** أخاه من فوق ثلاث أثرا

وشمِّت العاطس بالترحم *** إن حمد الله وبِرَّ القسم

فراعه إذا حلفت وابرر *** أخاك إن يحلف لنص الأثر

واردد تثاؤبًا فإن لم تستطع *** فدع على فيك يدًا نصًّا رفع

وإن يكن ثلاثة في سفر *** لا يتناج اثنان دون الآخر

ولا تُقِم من مجلس أخاك بل *** تفسَّحوا واتَّسعوا دون جدل

كذاك بين اثنين لا تفرِّق *** في مجلس إلا بإذن حقِّق

وإن تقم من مجلس فكفِّر *** عنه بذكر الله ثم استغفر

وعن جلوس في الطريق قد نهي *** فإن فعلته فقم بحقِّه

باب البر والتقوى

والبر حسن خلق والإثم ما *** حاك وقد خشيت أن يُعلما

عليك تقوى الله ذي الإحسان *** ما استطعت في سر وفي إعلان

وابر بوالديك والأرحام صل *** واحذر عقوقًا وقطيعة تضل

وكن بوالد رحيمًا وولد *** وبجميع الخلق تهدي للرشد

وباليتيم أحسن والأرمله *** وبالمساكين ولو باللين له

وراع حق الجار واعرفنه *** واكفف أذى عنه ولا تخنه

واكفف عن الشر وللخير افعل *** والرفق في كل الأمور استعمل

وقِّر كبيرًا والصغير فارحم *** والضيف أكرم والطعام أطعم

وانصح لكل المسلمين تثب *** وإن دعاك مسلم فاستجب

واتبعه ميتًا ومريضًا فعد *** وإن رأيت مبتلى اللهَ احمَدِ

والفخر بالأحساب والتعصُّبِ *** والطعن في الأنساب عنها اجتنب

واعص هوى النفس ولا تحاوله *** وادلل على الخير تكن كفاعله

واهد سبيلاً وأغث ملهوفا *** والعرف فاصنع واشكر المعروفا

وعاون المؤمن وانصر إن ظُلِم *** واردده عن ظُلْم إذا به يُلِم

وكربه نفِّس وعيبه استره *** ولا تُذِلَّه ولا تُحقِّره

ولا تُعَيِّره بذنبٍ قد عمل *** وعن عيوبه بعيبك اشتغل

والمؤمنون منهمو لا تسخر *** واللعن والسباب والنَّبْذ احذر

والغيبة احذر وكذا النَّميمه *** والزور والرذائل الوخيمه

ويكره المدح ولو بما يُرى *** لكونه على النفوس خطرا

وسوء ظنٍّ والتَّجسُّس احذرا *** والحسد والبغضا والتعايرا

ومن شرار الناس في الدارين *** من بينهم يكون ذا الوجهين

واصدق وكن عن كذب بمعزل *** والصبر فاصبر والأذى فاحتمل

وما تحب عنك أن يُكَفَّا *** فكن عن الناس له أكَفَّا

واحلم ولا تغضب وللغيظ اكظم *** والعفو خذ واجتنب المآثم

وجانب الفحش وسوء الخلق *** وحسن الأخلاق مهما تطق

وبرَّ يمينًا وبعهد الله فِي *** إيَّاك والغدْر بريد التَّلَفِ

ولا تخن مؤتمنًا وإن تعد *** أنجز وإن يسترعك الله اجتهد

إياك والبخل وسوء المَلَكَه *** وإن تطع شُحًّا فتلك الهلكه

وخالط الناس ودارهم ولا *** تراع في الدين فتبغي بدلا

وقد يكون الاعتزال أخْيَرَا *** إن كان في الخُلطة يخشى خطرا

واحذر غُلُوًّ والجماعة الْزَم *** وبالكتاب والحديث اعتصم

والأمر بالمعروف ونهي المنكر *** فرض محتَّم على المقتدر

باليدان يعجز فباللسان *** وعاجز يكره بالجنان

ومن رضي بمنكر وتابعا *** عاقبه الله وفاعلاً معا

عليك باليسر ولا تعسِّر *** وبشِّر الناس ولا تنفِّر

ثم الحيا من شعب الإيمان *** إلا من الحق بلا نكران

فاستحي من مولاك أن يراك *** مرتكبًا عمدًا لما نهاكا

والحُبَّ لله وفي الله اجعل *** والبغض والرِّضى تكن له ولي

ودم على الأوراد والأذكار *** مما روي في ثابت الأخبار

فإنها مطردة الشيطان *** بها حياة شجر الإيمان

باب الورع والزهد والرقاق

خذ واضح الحِلِّ ودع ما اشتبها *** مخافة المحظور يا من فقها

وازهد بدنياك وقصِّر الأمل *** واجعل لوجه الله أجمع العمل

وزهرة الدنيا بها لا تفتتن *** ولا تغرنك وكن ممن فطن

والمال والأولاد فتنة وما *** للمرء نافع سوى ما قدَّما

هم المقلُّون الذين أكثروا *** إلا إذا لم يسرفوا ولم يقتروا

وإنما الغنى غنى النفس ولا *** تيأس ولا تأمن وكن محسبلا

وعن محارم الإله فاصبر *** واستعن بالله وإياه اشكر

ثم عليه فتوكَّل واكتف *** من يك ربي حسبه فقد كفي

وللسان احفظ ولا تكلَّم *** إلا بخير أو فصمتًا الزم

وخشية الله فلازم وانته *** عما نهاك وامتثل لأمره

تالله لو علمت ما وراءكا *** لما ضحكت ولأكثرت البكا

قد حُفَّت الجنان بالمكاره *** والنار بالذي النفوس تشتهي

مع كون كل منهما إلينا *** مع كون كل منهما إلينا

وإن من علامة القيامه *** إضاعة الأمة للأمانه

إياك والسمعة والريا ولا *** تعجب وللنفس فجاهد عاجلا

وإن عمِلْتَ سيِّئًا فاستغفر *** وتب إلى الله بدارًا يغفر

وبادرن بالتوبة النصوح *** قبل احتضار وانتزاع الروح

لا تحتقر شيئًا من المآثم *** وإنما الأعمال بالخواتم

ومَنْ لقاء الله قد أحبَّا *** كان له الله أشدَّ حُبَّا

وعكسه الكاره فالله اسأل *** رحمته فضلاً ولا تتِّكل

والموت فاذكره وما وراءه *** فمنه ما لأحد براءه

وإنه للفيصل الذي به *** ينكشف الحال فلا يشتبه

ويعلم العبد الذي عليه *** يقدم مع ما صائر إليه

يتبعه أهل ومال وعمل *** فيرجع اثنان ويبقى العمل

يليه الامتحان في القبور *** وبرزخ دام لنفخ الصُّور

فالقبر روضة من الجنان *** أو حفرة من حفر النيران

إن يك خيرًا فالذي من بعده *** أفضل عند ربنا لعبده

وإن يك شرًّا فما بعد أشد *** ويل لعبد عن سبيل الله صد

والنفخ في الصور ثلاثًا أولا *** لفزع والنفخ للصعق تلا

وانشقَّت السماء ثم انكدرت *** نجومها والنيران كوِّرت

وتنسف الجبال والبحار *** تسجر ثم تهمل العشار

وارتجت الأرضون ثم زلزلت *** بما عليها وبغير بُدِّلت

وعن رضيع مرضع قد ذهلت *** وتسقط الحامل ما قد حملت

وكل مخلوق عليها قد فني *** لم يبق غير الصمد المهيمن

والنفخة الأخرى إلى النشور *** لبعث الأموات من القبور

غرلاً حفاة مثل خلق أول *** أعادهم مبدؤهم وهو العلي

ثم يساقون لنحو المحشر *** خلفهم النيران ذات الشرر

فيوقفون شاخصي الأبصار *** منتظري فصل قضا الجبَّار

في موقف يلجمهم فيه العرق *** ويعظم الهول ويشتد الفرق

قد ضوعف الكرب على النفوس *** ودنت الشمس من الرءوس

وانشقَّت السماء بالغمام *** لمهبط الملائك الكرام

ثم يحيطون بأهل الأرض *** جميعهم ذلك يوم العرض

وجنَّة للمتقين أزلفت *** وللغواة فالجحيم بُرِّزت

واستشفع الناس بأهل العزم في *** إراحة العباد من ذا الموقف

وليس فيهم من رسول نالها *** حتى يقول المصطفى أنا لها

ثم تجلَّى الله للقضاء *** بين عباده بلا امتراء

واقتص للمظلوم ممن ظلمه *** بحكمه العدل كما قد علمه

وكل عبد سيرى ما كسبا *** ومن يناقش الحساب عُذَّبا

لكل عامل كتاب ينشر *** فيه جميع سعيه مسطَّر

يعطاه باليمين ذو الإيمان *** ومن وراء الظهر ذو الكفران

ويوضع الميزان هذا يثقل *** وذا خفيف الوزن وهو المبطل

وجيء بالرسل وبالأشهاد *** وامتاز أهل الجرم بالإبعاد

يوم على الأفواه فيه يختم *** وتشهد الأعضا بما قد كتموا

واتبع الكفار ما قد عبدوا *** فبئس وِرد للجحيم وردوا

ثم تجلى لذوي الإيمان *** معبودهم ذو الفضل والإحسان

حتى إذا رأوه خرُّوا سُجَّدا *** جميع من مات به موحِّدا

ومن يمت منافقًا لم يستطع *** إذ للسجود قد دعي فلم يطع

يأذن بالرفع لهم ثم يمدّْ *** جسرًا على النار من السيف أحدّْ

ويقسم النور بقدر العمل *** يتمه الله لمن له ولي

وينطفي نور المنافقينا *** فوقفوا إذ ذاك حائرينا

لأنهم بالوحي ما استضاؤوا *** بل كذَّبوا فذا لهم جزاء

ثم ينجِّي الله كل مُتَّقي *** وكُبَّ في نار الجحيم من شقي

واستفتح الرسول باب الجنه *** للمؤمنين الناصرين السنه

من بعد وِرد حوضه الذي وعد *** يشرب من كل عبد قد سعد

وزيد كل الأشقياء عنه *** وما لهم قط شراب منه

وانقسم الخلق إلى قسمين *** وما لهم مأوىً سوى الدارين

فأولياء ربنا بداره *** فازوا بدار الخُلد في جواره

دار بها ما ليس عين قد رأت *** كلا ولا أذن به قد سمعت

ولا درى قلب به ولا خطر *** قطُّ ببال أحد من البشر

بناؤها من فضة ومن ذهب *** ليس بها من صخب ولا نصب

ملاطها كان بمسك أذفر *** حصباؤها من لؤلؤ وجوهر

ترابها من زعفران وبها *** ما لا يعد قدرها من البَها

في غرف مبنية ظهورها *** تحكي البطون دائمٌ حُبُورها

في درجات بُعد ما بين السَّما *** والأرضِ والفردوسُ أعلاها سما

منها انفجار أنهر الجنان *** وسقفها العرش بلا نكران

فيدخلون أولاً على زمر *** أول زمرة على ضوء القمر

أبنا ثلاث وثلاثين سنه *** جُرْدًا مكحَّلين مُرْدًا حُسنه

وجوههم من السرور مسفره *** لا ذلة ترهقها أو قتره

صفوفهم عشرون بعد المائة *** أمَّا ثمانون فمن ذا الأمَّة

في عيشة راضية مرضيه *** وفُرُش مرفوعة عليَّه

آنية من ذهب وفضة *** لهم مجامر من الأُلُوَّةِ

رشحهم المسك قلوبهم على *** قلب امرئٍ من كل حقد قد خلا

لو واحد منهم بدا أساوره *** أضاءت الدنيا به أو ظفره

لهم من الحرير ملبس *** إستبرق فيها وخضر السندس

عليهمو من لؤلؤ تيجان *** تضيء للؤلؤة الأكوان

بلا انقطاع رزقهم مدرار *** جارية تحتهم الأنهار

في فنن ممدودة الظلال *** شبه ما تثمر بالقلال

طعامهم من كل لون فُكِّهوا *** فيها ولحم طائر مما اشتهوا

شرابهم فيها من التسنيم *** والسَّلسبيل نزَّل الرحيم

أزواجهم حور حسان عين *** كأنهن اللؤلؤ المكنون

قد أُخدِموا فيها من الولدان *** ما قصَّة الرحمن في القرآن

أدناهمو ولا دنيء فيهموا *** له ثمانون ألوف خدموا

زُوِّج من خيراتها الحسان *** سبعين حوراء تلا اثنتان

في قبة اللؤلؤ والزبرجد *** تنصب دون الشهر لم تجدد

فيها له ملك من الدنيا ملك *** وعشرة أمثاله بدون شك

لكنما موضع سوط فيها *** خير من الدنيا وما عليها

أما الذي أعلاهمو في المنزله *** فذاك غير الله لا واصف له

في غرف تُنظر كالدُّرِّيِّ *** في الأفق الشرقي أو الغربي

أخفى لهم من قرة الأعين ما *** ليس سوى الله به قد علما

وإن فوق كل ذي النعيم *** رؤيتهم لربنا الكريم

يوم المزيد موعد الزياده *** يدعو إلى زيارةٍ عباده

فقُرِّبت فيها إليهم نُجُبُ *** إليه فوقها صفوفًا ركبوا

منابر النور ومن زبرجد *** ولؤلؤ وفضة وعسجد

ينصبها للأوليا والشهدا *** وبعدهم يجلس باقي السعدا

على كثيب المسك والكافور لا *** يرون أصحاب الكراسي أفضلا

أبرز عرشه لهم رب السما *** ثم تجلَّى جهرة مسلِّما

يرونه كما يرون الشمس في *** ظهيرة صحوًا بلا تكلُّف

هناك عن كل النعيم اشتغلوا *** وكل ما هم فيه عنه ذهلوا

يقول ما اشتهيتموه فاسألوا *** أعطيكموا وما لدي أفضل

حتى بهم تقصر الأماني *** وقد أُحِلُّوا أكبر الرضوان

وأُتحفوا بأجزل الإكرام *** وانصرفوا بإذن ذي الإنعام

لسوق جنَّة بها ما تشتهي *** أنفسهم من كل ملتذ به

فما أرادوا أخذوا لم يصرفوا *** شيئًا بها إذ قبل ذا قد أسلفوا

وينشئُ الله لهم سحابا *** يمطرهم كواعب أترابا

وانقلبوا منها إلى أهليهم *** وقد تضاعف البهاء فيهم

ليس بها لغو ولا تأثيم *** عليهمو من ربهم تسليم

فيها خلود غير إخراج ولا *** تفنى ولا يبغون عنها حولا

هذا وإن الأشقيا لفي سقر *** ألا فساءت المقام والمقر

يؤتى بها في موقف القيام *** سبعون آلاف من الزمام

زُمَّت بها كل زمام في يدي *** سبعين ألف ملك مؤيد

إن زفرت ثم رمت بالشرر *** جثا لذاك كل من في المحشر

ثلاثة الآلاف عامًا أضرمت *** حتى غدَت مسودَّة فأظلمت

لو تسقط الصخرة من شفيرها *** سبعون عامًا لم تصل لقعرها

أما الذين كُتبوا من أهلها *** أعني به من خُلقوا لأجلها

فهم خلود أبد الآباد لا *** حياة لا موت فساءت نزلا

مهادهم من تحتهم جحيم *** يُصَبُّ من فوقهم الحميم

قوتهم الضريع والزقوم *** وبئس ظل لهم اليحموم

يسقون فيها من حميم آن *** على كلاليب من النيران

يشوي الوجوه والجلود يصهر *** ويقطع الأمعاء حين يقطر

فهم على الوجوه يُسحبونا *** فيها وفي الحميم يُسجرونا

بهم ملائك غلاظ وُكِّلوا *** وفي سلاسل الجحيم سُلسلوا

غُلَّت نواصيهم إلى الأقدام *** وفي مزيدهم من الآلام

يهوونا في أمدها المديد *** لم ينتهوا لقعرها البعيد

سبعون عامًا ولهم أنكال *** مقامع الحديد والأغلال

يُقلَّبون الدهر في سعيرها *** بين سمومها وزمهريرها

وكل ما رامو خروجًا منها *** فيها أعيدوا لا محيص عنها

جلودهم تبدَّل فيها كلما *** تنضج عادت ليذوقوا الألما

أدناهمو في ألم من نعلا *** نعلين منهما دماغه غلا

فكيف حال من عليه تؤصد *** يهبط تارة وأخرى يصعد

وفي جهنم الكفور يعظم *** جدًّا ليزداد عليه الألم

لكن عصاة من أولي التوحيد *** قد يدخلونها بلا تأبيد

فيها يُجازون بقدر ما جنوا *** ثم يُنجَّون بما قد آمنوا

ويدخلون جنَّة النعيم *** برحمة المهيمن الرحيم

وقضي الأمر وكل استقر *** بداره وذاك حصد ما بذر

وإن ترد تبيان ذا مستكملا *** موضَّحًا مبيَّنًا مفصَّلا

فدونك اطلبها من القرآن *** والسنن الصحاح والحسان

فلا سبيل من سوى الوحي إليه *** فلا تكن معوِّلاً عليه

يا ربِّ أسكنَّا فسيح جنَّتك *** والنار منها نجِّنا برحمتك

غفرانك اللهم ذا الإنعام *** والطول والجلال والإكرام

تولَّنا في من تولَّيت ولا *** تُضلَّنا بعد الهدى يا ذا العلا

واغفر لنا ما كان من ذنوبنا *** وزيِّن الإيمان في قلوبنا

ثمَّ إلينا كرِّه الطغيانا *** والكفر والفسوق والعصيانا

وسعينا اجعل خالصًا صوابا *** أعذه يا ربَاه أن يُشابا

بشرك أو بدعة أو إعجاب *** وتب علينا أحسن المتاب

يا حي يا قيوم يا ذا البِرِّ *** يا من يجيب دعوة المضطر

‏[‏خاتمة‏]‏

وتمَّ نظم ‏[‏ السُبل السويه *** لقصد فقه السنن المرويه‏]‏

والحمد لله لها ختام *** بعونه كان لها الإتمام

حمدًا كثيرًا أوَّلاًَ وآخرا *** سرًّا وجهرًا باطنًا وظاهرا

ثم الصَّلاة والسَّلام سرمدا *** بلا انتها متَّصلاً مؤبَّدا

على محمد إمام الخيره *** وخاتم الرُسْل الكرام البرره

وآله وصحبه الأخيار *** من المهاجرين والأنصار

ومن بإحسان لهم قد اتبع *** أئمة السنة قامعي البدع

من رضي الرحمن عنهم ورضوا *** عنه فحبُّنا لهم مفترض