فصل: سنة خمس وثلاثين وخمس مائة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان وتقليب أحوال الإنسان وتاريخ موت بعض المشهورين من الأعيان **


 سنة ست وعشرين وخمس مائة

فيها كانت الوقعة بناحية الدينور بين السلطان سنجر وبين ابني أخيه‏:‏ سلجوق ومسعود‏.‏

قال ابن الجوزي‏:‏ كان مع سنجر مائة وستون ألفا ومع مسعود ثلاثون ألفا وبلغت القتلى أربعين ألفا فقتلوا قتلة جاهلية على الملك لا على الدين وقتل أتابك السلجوقي وجاء مسعود لما رأى الغلبة إلى بين يدي سنجر فعفا عنه وأعاده إلى مكانه وقرر سلطنة بغداد لطغرل بك - بالماء المهملة والغين المعجمة وإلىاء الموحدة قبل ألفاف - ورد هو إلى خراسان‏.‏

وفيها التقى المسترشد بالله بزنكي - بالزاي والنون قبل ألفاف - ودبيس وشهر المسترشد يومئذ السيف وحمل بنفسه - وكان في الفتن فانهزم دبيس وقتل من عسكرهما خلق‏.‏وفيها توفي الملك الأكمل أحمد بن الأفضل أمير الجيوش شاهنشاه ابن أمير الجيوش بدر الجمالي المصري سجن بعد قتل أبيه مدة إلى أن قتل الأمير وأقيم الحافظ وأخرج الأكمل وولي وزارة السيف والقلم وكان شهماً عالي آلهمة كأبيه وجده فحجر على الحافظ ومنعه من الظهور وأخذ أكثر ما في القصر وأهمل ناموس الخلافة العبيدية لأنه سنياً كأبيه لكنه أظهر التمسك بالإمام المنتظر وأبطل من الأذان‏:‏ حي على خير العمل وغير قواعد القوم فأبغضه الدعاة والقواد وعملوا عليه فيكب للعب الكرة في المحرم فوثبوا عليه وطعنه مملوك الحافظ بحربة وأخرجوا الحافظ ونزل إلى دار الأكمل واستولى على خزائنه‏.‏

وفيها توفي أبو المعز محمد بن عبدالله السلمي العكبري وهو آخر من روى عن القاضي أبي الحسن ألفاوردي‏.‏

وروى عنه الجوهري والقاضي أبو طيب الطبري وغيرهم‏.‏

وفيها توفي بوري - بضم الموحدة وكسر إلىاء بين الواو والماء - الملقب بتاج الملوك صاحب دمشق ابن صاحبها طغتكين مملوك تاج الدولة السلجوقي فنفي عليه ألفاطنية فخرج وتعلل أشهراً ومات وولي بعده ابنه شمس الملوك اسماعيل وكان شجاعاً مجاهداً جواداً كريماً‏.‏

وفيها توفي الإمام العلامة أبو محمد عبدالله بن أبي جعفر ألفالكي انتهت إليه رئاسة ألفالكية‏.‏

روى عن ابن البر وغيره من الكبار وسمع بمكة صحيح مسلم من أبي عبدالله الطبري‏.‏

وفيها توفي القاضي أبو الحسن ابن الفياء البغدادي الحنبلي وكان متفنناً مناظراً عارفاً سنة سبع وعشرين وخمس مائة فيها قدمت التركمان فأغاروا على أعمال طرابل فالتقاهم فينج طرابلس فهزمهم التركمان‏.‏

وفيها سار المسترشد بالله في اثني عثر ألفا إلى الموصل فحاصرها ثمانين يوماً وزنكي بها ثم ترحل خوفاً على بغداد من دبيس والسلطان مسعود‏.‏

وفيها توفي مسند العراق أبو غالب بن البناء البغدادي الحنبلي‏.‏وفيها توفي أبو العباس أحمد بن سلامة الكرخي‏.‏

برع في المذهب وغوامضه على الشيخين أبي إسحاق وابن الصباغ حتى صار يضرب به المثل في الخلاف والمناظرة ثم علم أولاد الخليفة‏.‏

وفيها توفي العلامة أبو الفتح الميهن وأبو سعيد صاحب التعليقة تفقه بمرو وغزنة وشاع فضله وبعد صيته وولي نظامية بغداد مرتين وخرج له عدة تلامذة‏.‏

وكان يتوقد ذكاء تفقه على أبي المظفر بن السمعاني وموفق آلهروي وكان يرجع إلى خوف ودين‏.‏

وفيها توفي ابن الزاغوني أبو الحسن بن عبيدالله البغدادي شيخ الحنابلة‏.‏

روى الحديث وقرأ القراءات وبرع في المذاهب والأصول والوعظ وصنف التصانيف واشتهر‏.‏

وفيها توفي رئيس نيسابور وصدرها وقاضيها وعالمها أبو سعيد محمد بن أحمد الصاعدي وأبو حازم بن الفياء الفقيه الحنبلي محمد ابن القاضي أبي يعلى برع في المذهب والأصول والخلاف وبرع أهل زمانه بالزهد والديانة صنف كتاب التبصرة في الخلاف و رؤوس المسائل وشرح مختصر الجرمي وغير ذلك‏.‏

 سنة ثمان وعشرين وخمس مائة

وفيها قدم رسول السلطان سنجر فأكرم وأرسل إليه المسترشد بالله خلعة عظيمة قومت بمائة وعشرين ألف دينار‏.‏

ثم عرض المسترشد جيشه فبلغ خمسة عشر ألفا في عدد وزينة لم ير مثلها وجدد المسترشد قواعد الخلافة ونشر رسمها وهابته الملوك‏.‏وفيها توفي الشيخ الكبير أبو الوقت أحمد بن علي الشيرازي صاحب إلىباط والأصحاب والمريدين ببغداد وكان يحضر السماع‏.‏

وفيها توفي شيخ الشافعية أبو علي ألفارقي الحسن بن ابراهيم تفقه على محمد بن بيان ألفازروني ثم ارتحل إلى الشيخ أبي إسحاق وحفظ عليه المهذب وتفقه على ابن الصباغ وحفظ عليه الشامل وكان ورعاً زاهداً صاحب حق مجوداً لحفظ الكتابين المذكورين وقد سمع من أبي جعفر بن سلمة وجماعة وولي قضاء واسط مدة وعليه تفقه القاضي أبو سعيد بن أبي عصرون‏.‏

وفيها وقيل في التي تليها توفي ابن أبي الصلت أمية بن عبد العزيز ألفاني الأندلسي كان ماهراً في علوم الأوائل من الطبيعي والرياضي والآلهي كثير التصانيف بديع النظم رأساً في معرفة علم آلهيئة والنجوم والموسيقى انتقل في البلاد ومات غريباً‏.‏

ومن تصانيفه كتابه الذي سماه الحديقة على أسلوب يتيمة الدهر للثعالبي و رسالة العمل بالاصطرلاب وكتاب الوجيز في آلهندسة وكتاب الأدوية المفيدة وكتاب في المنطق سماه تقويم الدهر وكتاب سماه الانتصار في إلىد على ابن رضوان في ردة على حنين بن إسحاق في مسائلة‏.‏

لما صنف الوجيز للأفضل الملقب بشاهنشاه عرضه على شيخه أبي عبدالله الحلبي فلما وقف عليه قال‏:‏ هذا الكتاب لا ينفع المبتدىء ويستغنى عنه للمنتهي وكان فاضلاً في علوم الأدب عارفاً بفن الحكمة يقال له الأديب الحكيم وانتقل إلى ثغر الاسكندرية ومن جملة ما ينسب إليه من النظم‏:‏ إذا كان أصلي من تراب فكلها بلادي وكل العالمين أقاربي ولا بد لي أن أسأل العيس حاجة تشق على شم الذرة والغوارب ومما نسب إليه أيضاً العماد ألفاتب في الخريدة‏.‏

وقائلة ما بال مثلك خاملاً أأنت ضعيف إلىأي أم أنت عاجز فقلت لها ذنبي إلى القوم أنني لما لم يجوزوه من المجد حائز وما فاتني شيء سوى الحظ وحده وأما المعالي فهي عندي غرائز سكنتك يا دار الفناء مصدقاً بأني إلى دار البقاء أصير وأعظم ما في الأمر أني صائر إلى عادل في الأمر ليس يجور فياليت شعري كيف ألفاه عندها وزادي قليل والذنوب كثير فإن أك مجزياً بذنبي فإنني بسوء عقاب المذنبين جدير وإن يك عفو منك ربي ورحمة فثم نعيم دائم وسرور كانت وفاته بالمهدية من بلاد المغرب ونزل من صاحبها علي بن يحيى بن تميم بن المعز منزلة جليلة بعد أن كان قد نفاه الأفضل من مصر‏.‏

انتهى مختصراً‏.‏

 سنة تسع وعشرين وخمس مائة

وفيها حشر السلطان محمود وجميع الجيوش ونفذ خمسة آلاف فكبسوا مقدمة المسترشد وأخذوا خيلهم وأمتعتهم فيد إلى بغدا بأسوأ حال ثم سار الخليفة إليه في سبعة آلاف وكان مسعود بهمذان في بضع عشرة ألفا فالتقوا في رمضان فانكسر عسكر الخليفة وأحيط به وبخواصه وأخذت خزائنه وكان معه على البغال أربعة آلاف ألف دينار ولم يقتل سوى خمسة أنفس وحصل المسترشد في أسر مسعود وأقام أهل بغداد يوم العيد عليه سنة ألفاتم وهاشوا على شحنة مسعود فاقتتل الأجناد والعوام وقتل جمع كثير وأشرفت بغداد على اللهب‏.‏

ثم أمر الشحنة فنودي أن سلمانكم آت بين يدي الخليفة وعلى كتفه ألفاشية فسكنوا‏.‏

وأما مسعود فسار ومعه الخليفة معتقلاً إلى مراغة - وبها داود بن محمود - فأرسل سنجر يهدد مسعوداً ويخوفه ويأمره أن يتلافى الأمر بأن يعيد المسترشد إلى دسته ويمشي في ركابه فسارع إلى ذلك واتفق أن مسعوداً ركب في جيشه فهجم على سرادق المسترشد سبعة عشر من ألفاطنية فقتلوه بظاهر مراغة وجلس السلطان للعزاء فوقع البكاء والنوح وجاء الخبر إلى ولده إلىاشد فبايعوه ببغداد طول الليل وأقام عليه البغداديون مأتماً ما سمع بمثله قط‏.‏

وكانت خلافة المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله أحمد بن المقتدي بالله عبد الله ابن محمد ألفائم آلهاشمي العباسي سبع عشرة سنة ونصفاً‏.‏

واستخلف بعده ابنه وسنه إذ ذاك سبع وعشرون سنة وقيل إن ألفاطنية جهزهم عليه مسعود قيل‏:‏ ولم يل الخلافة بعد المعتضد بالله أشهم منه كان بطلاً شجاعاً مقداماً شديد آلهيبة ذا رأي ويقظة وهمة عالية‏.‏

وقد روى عن أبي القاسم بن بيان إلىزاز - بالزاي المكررة قبل الألف وبعدها‏.‏

وفيها توفي شمس الملوك اسماعيل بن تاج الملوك بوري بن طغتكين - ولي دمشق بعد أبيه وأخذ من الفرنج عدة حصون وكان وافي الحرمة موصوفاً بالشجاعة لكنه كان ظألفا مصادراً جباراً مفسداً فيتبت أمه زمند خاتون من وثب عليه فقتله في قلعة دمشق وكانت دولته ثلاث سنين وتولى بعده في الملك أخوه محمود‏.‏وفيها قتل حسن ابن الحافظ لدين الله العبيدي المصري الذي ولي وزارة أبيه ثلاثة أعوام فظلم وغشم وفتك حتى إنه قتل في ليلة أربعين أميراً فخافه أبوه وجهز لحربه جماعة فالتقاهم واختبطت مصر ثم دس عليه أبوه من سقاه السم فهلك‏.‏

وفيها توفي دبيس بن صدقة ملك العرب أبو الأعز ولد الأمير سيف الدولة الأسدي كان فارساً شجاعاً مقداماً ممدحاً خرج على المسترشد بالله ودخل خراسان والشام والجزيرة واستولى على كثير من العراق قتله السلطان مسعود وأظهر أنه قتله آخذاً بثأر المسترشد وهو من بيت كبير وإياه أراد الحريري في المقامة ألفاسعة والثلاثين بقوله‏:‏ والأسدي دبيس لأنه كان معاصره فيام التقرب إليه بذكره في مقاماته على ما ذكره ابن خلكان‏.‏

وله نظم حسن منه قوله‏:‏ ألا قل لبدران الذي حن نازعاً إلى أرضه والحر ليس يخيب تمتع بأيام السرور فإنما عذار الأماني بآلهموم تشيب ولله في تلك الحوادث حكمة وللأرض من كأس الكرام نصيب وفيها توفي الحافظ الأديب الشيخ عبد ألفافي بن اسماعيل بن عبد ألفافي ألفارسي صاحب تاريخ نيسابور ومصنف مجمع الغرائب و المفهم في شرح مختصر صحيح مسلم‏.‏

كان إماماً في الحديث واللغة والأدب والبلاغة‏.‏

حدث عن جده لأمه الشيخ الإمام أبي القاسم القشيري وطبقته أجازه أبو محمد الجوهري وآخرون‏.‏وفيها توفي قاضي الجماعة محمد بن أحمد التجيبي القرطبي ألفالكي‏.‏

روى عن أبي علي الغساني وطائفة وكان من جلة العلماء وكبارهم مع الدين والخشوع‏.‏

قتل مظلوماً بجامع قرطبة في صلاة الجمعة - رحمه الله تعالى -‏.‏

 سنة ثلاثين وخمس مائة

فيها جاء أمير من جهة السلطان المسعود يطلب من إلىاشد بالله سبعمائة ألف دينار فاستشار الأعيان فأشاروا عليه بألفاجيل فيد على مسعود بقوة نفس وأخذ يتهيأ فانزعج أهل بغداد وعلقوا السلاح ثم إن إلىاشد قبض على إقبال ألفادم وأخذت حواصله فتألم العسكر لذلك وشغبوا ووقع اللهب ثم جاء زنكي وسأل في إقبال سؤالاً تحته إلزام فأطلق له‏.‏

ثم خرج بالعساكر فجاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد وقاتلهم الناس وخامر جماعة أمراء إلى إلىاشد ثم بعد أيام وصل مسعود يطلب من إلىاشد الصلح فقرئت مكاتبته على الأمراء فأبوا إلا القتال فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب ودام الحصار واضطرب عسكر الخليفة وجرت أمور يطول ذكرها ثم كاتب مسعود زنكي وواعده ومناه فكتب إلى الأمراء إنكم إن قتلتم زنكي أعطيتكم بلاده فعلم زنكي بذاك فيحل هو وإلىاشد عن بغداد فدخلها مسعود فأظهر العدل واجتمع إليه الاعيان والعلماء وحطوا على إلىاشد وطعنوا فيه‏.‏

وقيل خوفهم وأرهبهم إن لم يخلعوا إلىاشد فكتبوا محضراً ذكروا فيه ما يقتضي خلعه وأحضروا محمد بن المستظهر فبايعوه ولقبوه المقتفي لأمر الله‏.‏

ثم أخذ مسعود جميع ما في دار الخلافة حتى لم يدع فيها سوى أربعة أفياس‏.‏

وفي السنة المذكورة توفي الحافظ أبو نصر ابراهيم بن الفضل الأصفهاني‏.‏

وفيها توفي شيخ دمشق ومحدثها النحوي الزاهد علي بن أحمد الغساني‏.‏

روى عن أبي بكر الخطيب وكثيرين‏.‏

قال السلفي‏:‏ لم يكن في وقته مثله في دمشق كان إماماً زاهداً عائذاً ثقة قال الحافظ ابن عساكر‏:‏ كان متحرزاً متيقظاً منقطعاً في بيته‏.‏

وفيها توفي أبو سهل محمد بن ابراهيم الأصبهاني المنكي راوي مسند إلىوياني عن أبي الفضل إلىازي‏.‏

وفيها توفي الشيخ الكبير أستاذ الصوفية بخراسان ألفارف القدوة الشهير أبو عبدالله محمد بن حمويه الجويني‏.‏

روى عن موسى بن عمران الانصاري وجماعة وصنف في التصوف وكان بعيد الصيت ومسند أصفهان في زمانه‏.‏

وفيها توفي أبو بكر محمد بن علي الصألفاني‏.‏

وراويه أبو عبدالله محمد بن الفضل الصاعدي النيسابوري فقيه الحرم ألفارسي‏.‏

روى عن الكبار وتفيد بكتب كبار وصار مسند خراسان وكان شافعياً مفتياً مناظراً محدثاً واعظاً صحب إمام الحرمين أبا المعالي الجويني وعلق عنه الأصول ونشأ بين الصوفية وعاش تسعين سنة وهو المقول فيه‏:‏ للفياوي ألف راوي‏.‏

وكان يحمل الطعام إلى المسافرين الواردين عليه ويخدمهم بنفسه - مع كبر سنه وقدره - وخرج حاجاً إلى مكة وعقد له مجلس الوعظ ببغداد وسائر البلاد التي توجه إليها وأظهر العلم بالحرمين وعاد إلى نيسابور وقعد للتدريس‏.‏

وسمع صحيح البخاري من سعيد بن أبي سعد وصحيح مسلم من عبد ألفافي ألفارسي وسمع من شيخ أبي إسحاق الشيرازي والحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي والأستاذ أبي القاسم عبد الكريم القشيري وإمام الحرمين وتفيد برواية عدة كتب للمافظ البيهقي مثل دلائل النبوة و الأسماء والصفات و البعث والنشور والدعوات الكبيرة والصغيرة‏.‏

والفياوي بضم الماء وفتح إلىاء وهذه النسبة إلى فياوة بليدة مما يلي خوارزم بناها عبدالله بن طاهر في خلافة الشامون وهو يومئذ أمير خراسان وللفياوي فضائل جمة ذكرت شيئاً منها في كتابي ألفاش المعلم وممن رواها الإمام الحافظ إلىاوية ألفاهر المعروف بأبي القاسم ابن عساكر‏.‏

فيها دفع زنكي إلىاشد المخلوع عن الموصل وتسلل الناس عنه وبقي حائراً فنفذ مسعود الذي فارس لماخذوه ففاتهم وجاء إلى مراغة فبكى عند قبر أبيه وحثا على رأسه التراب فيق له أهل مراغة وقام معه داود السلطان ولد محمود فالتقى داود ومسعود فقتل خلق من جيش مسعود وصادر مسعود إلىعية ببغداد وعسف‏.‏

وفيها أخذ زنكي بعلبك‏.‏

وفيها توفي اسماعيل بن أبي القاسم النيسابوري كان صوفياً صألفا من أصحاب الأستاذ أبي القاسم القشيري‏.‏

وفيها أو فيما قبلها توفي مسند هراة في زمانه تميم بن أبي سعيد الجرجاني‏.‏

وفيها توفي الحافظ أبو جعفر آلهمداني محمد بن الحسن سمع بخراسان والعراق والحجاز‏.‏

وفيها أبو عبدالله يحيى بن الحسن بن أحمد بن أحمد بن البناء البغدادي وكان ذا علم وصلاح‏.‏

 سنة اثنتين وثلاثين وخمس مائة

فيها قويت شوكت إلىاشد بالله وكثرت جموعه فلم يلبث أن قتل‏.‏

وفيها توفي الحافظ أبو نصر ألفازي محمد بن عمر الأصبهاني قال ابن السمعاني‏:‏ ما رأيت في شيوخي كثر رحلة منه كان ثقة حافظاً‏.‏

وفيها توفي أبو القاسم أحمد بن محمد بن القرطبي المالكي أحد الأئمة - رحمه الله -‏.‏

وفيها توفي اسماعيل بن أحمد الفقيه الشافعي النيسابوري‏.‏

تفقه على إمام الحرمين وبرع في الفقه وروى عن جماعة‏.‏

وفيها توفي أبو المظفر عبد المنعم ابن الأستاذ أبي القاسم القشيري آخر إخوته وفاة حدث عن البيهقي والكبار‏.‏

وفيها توفي أبو الحسن الخدامي علي بن عبدالله الأندلسي أحد الأئمة صنف في التفسير والأصول وأجاز له الحافظ ابن عبد البر وأم الخير فاطمة بنت علي بن المظفر البغدادية المقرئة‏.‏

وقيل في السنة التي قبلها وقيل بعدها توفي شيخ الكرخ وعالمها ومفتيها أبو الحسن محمد بن عبد الملك الفقيه الشافعي‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ إمام ورع فقيه مفت محدث أديب أفنى عمره في طلب العلم ونشره‏.‏

وفيها توفي إلىاشد بالله أبو جعفر بن المسترشد بالله بن المستظهر بالله خطب بولاية العهد أكثر أيام والده وبويع بعده‏.‏

وكان شاباً أبيض مليحاً تام الشكل شديد البطش شجاع النفس حسن السيرة جواداً شاعراً فصيحاً لم تطل دولته خلعوه لأمور ملفقة وسار إلى أصبهان ومعه السلطان داود بن محمود ومرض هناك فوثب عليه جماعة من ألفاطنية وقتلوه‏.‏

وفيها توفي الإمام العلامة أبو الحسن يونس بن محمد بن مغيث القرطبي‏.‏كان رأساً في الفقه والحديث والأنساب والتواريخ واللغة وعلو الإسناد‏.‏

وفيها توفيت أم الخير فاطمة بنت علي البغدادي المقرئة المعروفة ببنت الزعبل - بالزاي والموحدة بينهما عين مهملة - روت صحيح مسلم و غريب الخطابي عن الحافظ سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة قال أبو الفيج بن الجوزي‏:‏ فيها كانت زلزلة عظيمة بحيرة أتت على مائة ألف وثلاثين أهلكتهم قيل‏:‏ صار مكان الدماء أسود وقال ابن الأثير‏:‏ الذين هلكوا مائتا ألف وثلاثون ألفا‏.‏

وفيها توفي الشيخ أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي حمنة‏.‏

روى عن جماعة وتفيد بالإجازة عن أبي عمرو ألفاني‏.‏

وفيها توفي جمال الإسلام أبو الحسن علي بن مسلم السلمي الشافعي مدرس الغزالية ومفتي الشام في عصره صنف في الفقه والتفسير وتصدر للاشتغال وإلىواية‏.‏

وفيها توفي صاحب دمشق محمود بن بوري ولي بعد قتل أخيه شمس الملوك‏.‏

 سنة أربع وثلاثين وخمس مائة

فيها حاصر زنكي دمشق‏.‏

وفيها توفي القاضي أبو المفضل القرشي الدمشقي من أصحاب الفقية الإمام أبي نصر المقدسي‏.‏

وفيها توفي البديع الأصطرلابي هبة الله بن الحسين ألفاعر المشهور أحد الأدباء الفضلاء‏.‏كان وحيد زمانه في علم الآلات الفلكية متقناً لهذه الصناعة وأثنى عليه غير واحد من المؤرخين وذكروا له عدة مقاطيع فمن ذلك قوله‏:‏ أهدى لمجلسه الكريم وإنما أهدى له ما حزت من نعمأنه وكان كثير الخلاعة يستعمل المجون في شعره وكان قد جمعه ودونه واختار ديوان ابن حجاج ورتبه على مائة وواحد وأربعين باباً وجعل كل باب في فن من فنون شعره وكان قد جمعه ونفاه وسقاه‏:‏ درة ألفاج من شعر ابن حجاج‏.‏

وكان ظريفاً في جميع حركاته و الأصطرلابي نسبة إلى الأصطرلاب بفتح آلهمنة وسكون الصاد المهملة وبعضهم يكتبه بالسين وضم الماء المهملات وقبل الألف راء وبعدها موحدة وهو الآله المعروفة‏.‏

قال كوشيار بن كنان بن باسهري الجبلي صاحب كتاب الزيج في إلى سالة التي وضعها في العلم الأصطرلابي‏:‏ هو كلمة يونانية معناها ميزان الشمس وقيل إن لاب اسم الشمس بلمان يونان فكأنه قال‏:‏ أصطر الشمس إشارة إلى الخطوط التي فيها وقيل إن أول من وضعه بطلميوس صاحب المجسطي وكان سبب وضعه له أنه كان معه كرة فلكية - وهو راكب - فسقطت منه فداستها دابته فخسفتها فبقيت على هيئة الاصطرلاب‏.‏وكان أرباب علم الرياضيات يعتقدون أن هذه الصورة لا ترتسم في جسم كروي على هيئة الأفلاك فلما رأه بطلميوس على تلك الصورة علم أنه يرتسم في السطح ويكون نصف دائرة ويحصل منه ما يحصل من الكرة فوضع الاصطرلاب ولم يسبق إليه وما اهتدى أحد من المتقدمين إلى أن هذا القدر يتأتى في الخط ولم يزل الأمر مستمراً على استعمال الكرة والاصطرلاب إلى أن استنبط الشيخ شرف الدين الطوسي المذكور في ترجمة الشيخ كمال الدين بن يونس - رحمهما الله تعالى - وهو شيخه في هذا العلم - أن يضع المقصود من الكرة والاصطرلاب في خط فوضعه وسماه العصا وعمل له رسالة بديعة وكان قد أخطأ في بعض هذا الوضع فأصلحه الشيخ كمال الدين وهذبه‏.‏والطوسي أول من أظهر هذا في الوجود فصارت آلهيئة توجد في الكرة لأنها تشتمل على الطول والعرض والعمق ويوجد في السطح الذي هو مركب من الطول والعرض بغير عمق ويوجد في الخط الذي هو عبارة عن الطول فقط ولم يبق سوى النقطة ولا يتصور أن يعمل فيها شيء لأنها ليست جسماً ولا سطحاً ولا خطاً بل هي في طرف الخط‏.‏

كما أن الخط طرف السطح والسطح طرف الجسم والنقطة لا تتجزأ فلا يتصور أن يرتسم فيها شيء وهذا وإن كان خروجاً عما نحن بصدده فإنه لا يخلو عن فائدة والعلم به خير من الجهل به‏.‏

 سنة خمس وثلاثين وخمس مائة

فيها ألح زنكي على دمشق للحصار وخرب وعاث بحوران ثم التقاه عسكر دمشق فقتل جماعة ثم ترحل إلى الشرق‏.‏

وفيها توفي الحافظ الكبير أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الطليحي الأصبهاني إمام أئمة وقته وأستاذ علماء عصره‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ هو أستاذي في الحديث وعنه أخذت هذا القدر وهو إمام في التفسير والحديث واللغة والأدب عارف بالمتون والأسانيد‏.‏

أملى بجامع أصبهان قربياً من ثلاثة آلاف مجلس‏.‏

وقال أبو عامر العبدري‏:‏ ما رأيت مثله ذاكرته فيأيته حافظاً للحديث عارفاً بكل علم متفنناً وقال غيره‏:‏ صنف التفسير في ثلاثين مجلما كباراً‏.‏

وفيها توفي رزين بن معاوية العبدري الأندلسي مصنف تجريد الصحاح‏.‏

ومحمد بن عبد ألفاقي الأنصاري الحنبلي سمع من علي بن عيسى ألفاقلاني وأبي الطيب الطبري وطائفة‏.‏

وتفقه على القاضي أبي يعلى وبرع في الحساب وآلهندسة وشارك في العلوم‏.‏

قال ابن السمعاني‏:‏ ما رأيت أجمع للفنون منه نظر في كل علم‏.‏

وفيها توفي الشيخ الكبير العالم ألفارف ذو الأسرار والمعارف أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن يوسف آلهمذاني شيخ الصوفية بمرو وبقية مشايخ الطريق ألفالكين الشاملين تفقه على الشيخ أبي إسحاق فأحكم مذهب الشافعي وبرع في المناظرة ثم ترك ذلك وأقبل على شأنه‏.‏

روى عن الخطيب والكبار وسمع بأصبهان وبخارى وسمرقند ووعظ وخوف وانتفع به الخلق وكان صاحب أحوال وكرامات وتوفي في ربيع الأول عن أربع وتسعين سنة‏.‏

وفيها توفي أبو نصر محمد بن عبيدالله بن خاقان القيسي صاحب كتاب قلائد العقيان له عدة تصانيف منها الكتاب المذكور جمع فيه الشعراء المغرب وطائفة كثيرة وتكلم على ترجمة كل واحد منهم بأحسن عبارة وألطف إشارة‏.‏

هكذا حكي عنه‏.‏

وله أيضاً كتاب مطمح الأنفس ومسرح ألفانس في ملح أهل الأندلس وهو ثلاث نسخ‏:‏ كبرى ووسطى وصغرى وهو كثير ألفائدة لكنه قليل الوجود في هذه البلاد وكلامه في هذه الكتب يدل على فضله وغزارة مادته وكان كثير الأسفار سريع التنقلات‏.‏

قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه الموسوم بالمطرب من أشعار أهل المغرب‏:‏ لقيت جماعة من أصحابه حدثوني عنه تصانيفه وعجائبه وكان مخلوع العذار في دنياه ولكن كلامه في تآليفه كالسحر الحلال والماء الزلال قيل‏:‏ ذبح في مسكنه في مراكش أشار بقتله أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن يوسف بن تاشفين‏.‏

وفيها توفي أبو يعقوب يوسف بن أيوب بن يوسف آلهمداني الفقيه ألفاضل العالم الشامل إلىباني قدم بغداد ولازم الشيخ أبا إسحاق الشيرازي واشتغل عليه حتى برع في أصول الفقه والمذهب والخلاف‏.‏

وسمع الحديث من جماعة ببغداد وأصبهان وسمرقند ثم زهد في الدنيا ولزم العبادة والرياضة والمجاهدة حتى صار من العلماء الذين يهتدي بهم الخلق إلى الله عز وجل وعقد له مجلس الوعظ في المدرسة النظامية في بغداد وصادف قبولاً عظيماً من الناس‏.‏

قال الشيخ الصالح أبو الفضل صافي بن عبدالله الصوفي‏:‏ حضرت مجلس شيخنا يوسف آلهمداني في النظامية - وكان قد اجتمع عليه العالم - فقام فقيه يعرف بابن السقا وسآله فقال الشيخ ألفارف ذو المعارف والنور يوسف بن أيوب المذكور‏:‏ جلس فإني أجد من كلامك رائحة الكفي ولعلك تموت على غير دين الإسلام‏.‏

قال أبو الفضل‏:‏ فاتفق بعد هذا القول بمدة أن قدم رسول نصراني من ملك إلىوم إلى الخليفة فمضى إليه ابن السقا وسآله أن يستصحبه وقال له‏:‏ يقع لي أن أترك دين الإسلام وأدخل في دينكم فقبله النصراني وخرج معه إلى القسطنطينية والتحق بملك إلىوم وتنصر ومات على النصرانية‏.‏

وقال الحافظ أبو عبدالله محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي في تاريخ بغداد في ترجمة يوسف آلهمداني المذكور‏:‏ سمعت أبا الكرم عبد السلام بن أحمد المقرىء يقول‏:‏ كان ابن السقا قارئاً للقرآن الكريم مجوداً في تلاوته‏.‏

حدثني من رآه في القسطنطينية ملقى على دكة مريضاً وبيده حلق مروحة يدفع بها الذباب عن وجهه قال‏:‏ فسألته‏:‏ هل القرآن باق على حفظك قال‏:‏ ما أذكر منه إلا آية واحدة ‏"‏ ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين ‏"‏ - الحجر - وألفاقي نسيته‏.‏

نعوذ بالله من سوء القضاء‏.‏

قلت وقد ذكرت في بعض كتبي عما نقل في مناقب الشيخ القطب إليباني أستاذ الأكابر أبي محمد محيي الدين عبد ألفادر الجيلاني قدس الله تعالى سره قضية ابن السقا المذكور وكفيه أنه كان سبب إساءته على رجل من الأولياء يقال له الغوث وأنه خرج رسولاً للخليفة إلى ملك إلىوم فافتتن بابنة الملك فطلب زواجها فامتنعوا من ذلك إلا بكفيه فكفي‏.‏وقال بعضهم‏:‏ كان أبو يعقوب المذكور صاحب الأحوال والمواهب الجزيلة والكرامات والمقامات الجليلة وإليه انتهت تربية المريدين الصادقين وكان قد برع في الفقه ففاق أقرانه خصوصاً في علم النظر‏.‏

وكان الشيخ أبو إسحاق يقدمه على جماعة كثيرة من أصحابه - مع صغر سنه - لزهده وحسن سريرته واشتغآله بما يعنيه ثم ترك كل ما كان فيه من المناظرة واشتغل بما هو الأهم من عبادة الله تعالى ودعوة الخلق وإرشاد الأصحاب إلى الطريق المستقيم ونزل مرو وسكنها وخرج إلى هراة وأقام بها مدة ثم سئل إلىجوع إلى مرو في آخر عمره فأجاب ورجع إليه وخرج إلى هراة ثانياً ثم عزم على إلىجوع إلى مرر وخرج فأدركته منيته في الطريق فدفن ثم نقل بعد ذلك إلى مرو ونقل ذلك ابن النجار في تاريخه عن السمعاني‏.‏