فصل: مقتل يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.مقتل يزدجرد بن شهريار بن كسرى أبرويز بن هرمز بن أنوشروان:

790- قالوا: هرب يزدجرد من المدائن إلى حلوان، ثم إلى إصبهان.
فلما فرغ المسلمون من أمر نهاوند هرب من إصبهان إلى اصطخر. فتوجه عبد الله ابن بديل بن ورقاء بعد فتح إصبهان لاتباعه فلم يقدر عليه.
ووافى أبو موسى الأشعري اصطخر فرام فتحها فلم يمكنه ذلك، وعاناها عثمان بن أبي العاصي الثقفي فلم يقدر عليها.
وقدم عبد الله بن عامر بن كريز البصرة سنة تسع وعشرين، وقد افتتحت فارس كلها إلا اصطخر وجور، فهم يزدجرد بان يأتي طبرستان.
وذلك أن مرزبانها عرض عليه وهو بإصبهان أن يأتيها وأخبره بحصانتها، ثم بدا له فهرب إلى كرمان، واتبعه ابن عامر مجاشع بن مسعود السلمي وهرم بن حيان العبدي، فمضى مجاشع فنزل بيمنذ من كرمان، فأصاب الناس الدمق، وهلك جيشه فلم ينج إلا القليل، فسمى القصر قصر مجاشع.
وانصرف مجاشع إلى ابن عامر.
وكان يزدجرد جلس ذات يوم بكرمان، فدخل عليه مرزبانها فلم يكلمه تيها، فأمر بجر رجله وقال: ما أنت بأهل لولاية قرية فضلا عن الملك، ولو علم الله فيك خيرا ما صيرك إلى هذه الحال.
فمضى إلى سجستان، فأكرمه ملكها وأعظمه، فلما مضت عليه أيام سأله عن الخراج فتنكر له.
فلما رأى يزدجرد ذلك سار إلى خراسان، فلما صار إلى حد مرو تلقاه ماهويه مرزبانها معظما مبجلا، وقدم عليه نيزك طرخان فحمله وخلع عليه وأكرمه، فأقام نيزك عنده شهرا، ثم شخص وكتب إليه يخطب ابنته، فأحفظ ذلك يزدجرد وقال: اكتبوا إليه إنما أنت عبد من عبيدى، فما جرأك على أن تخطب إلى؟ وأمر بمحاسبة ماهويه مرزبان مرو، وسأله عن الأموال.
فكتب ماهويه إلى نيزك يحرضه عليه ويقول: هذا الذي قدم مفلولا طريدا فمننت عليه ليرد عليه ملكه، فكتب إليك بما كتب.
ثم تضافرا على قتله.
وأقبل نيزك في الأتراك حتى نزل الجنابذ، فحاربوه، فتكافأ الترك ثم عادت الدائرة عليه، فقتل أصحابه ونهب عسكره.
فأتى مدينة مرو فلم يفتح له، فنزل عن دابته ومشى حتى دخل بيت طحان على المرغاب، ويقال إن ماهويه بعث إليه رسله حين بلغه خبره فقتلوه في بيت الطحان.
ويقال إنه دس إلى الطحان فأمره بقتله فقتله، ثم قال: ما ينبغي لقاتل ملك أن يعيش.
فأمر بالطحان فقتل.
ويقال إن الطحان قدم له طعاما فأكل، وأتاه بشراب يشرب فسكر، فلما كان المساء أخرج تاجه فوضعه على رأسه، فبصر به الطحان فطمع فيه، فعمد إلى رحا فألقاها عليه، فلما قتله أخذ تاجه وثيابه وألقاه في الماء.
ثم عرف ماهويه خبره فقتل الطحان وأهل بيته وأخذ التاج والثياب.
ويقال إن يزدجرد نذر برسل ماهويه فهرب ونزل الماء.
فطلب من الطحان فقال: قد خرج من بيتي.
فوجدوه في الماء.
فقال: خلوا عني أعطكم منطقتي وخاتمي وتاجي.
فتغيبوا عنه.
وسألهم شيئا يأكل به خبزا فأعطاه بعضهم أربعة دراهم.
فضحك وقال: لقد قيل لي إنك ستحتاج إلى أربعة دراهم.
ثم إنه هجم عليه بعد ذلك قوم وجههم ماهويه لطلبه.
فقال: لا تقتلوني واحملوني إلى ملك العرب لأصالحه عني وعنكم.
فأبوا ذلك وخنقوه بوتر، ثم أخذوا ثيابه فجعلت في جراب، وألقوا جثته في الماء.
ووقع فيروز بن يزدجرد فيما يزعمون إلى الترك فزوجوه وأقام عندهم.

.فتح الري وقومس:

791- حدثني العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن أبي مخنف أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمار بن ياسر، وهو عامله على الكوفة، بعد شهرين من وقعة نهاوند، يأمره أن يبعث عروة بن زيد الخيل الطائى إلى الرى ودستبى في ثمانية آلاف ففعل.
وسار عروة إلى ما هناك.
فجمعت له الديلم، وأمدهم أهل الرى فقاتلوه، فأظهره الله عليهم فقتلهم واجتاحهم.
ثم خلف حنظلة بن زيد أخاه، وقدم على عمار فسأله أن يوجهه إلى عمر، وذلك أنه كان القادم عليه بخير الجسر، فأحب أن يأتيه بما يسره.
فلما رآه عمر قال: {إنا لله وإنا إليه راجعون} فقال عروة: بل احمد الله، فقد نصرنا وأظهرنا.
وحدثه بحديثه، فقال: هلا أقمت وأرسلت؟ قال: قد استخلفت أخي وأحببت أن آتيك بنفسى.
فسماه البشير.
وقال عروة:
برزت لأهل القادسية معلما ** وما كل من يغشى الكريهة يعلم

ويوما بأكناف النخيلة قبلها ** شهدت فلم أبرح أدمى وأكلم

وأيقنت يوم الديلميين أننى ** متى ينصرف وجهى إلى القوم

يهزموا محافظة أنى امرؤ ذو حفيظة ** إذا لم أجد مستأخرا أتقدم

المنذر بن حسان بن ضرار أحد بنى مالك بن زيد، شرك في دم مهران يوم النخيلة.
792- قالوا: فلما انصرف عروة بعث حذيفة على جيشه سلمة بن عمرو بن ضرار الضبي، ويقال البراء بن عازب، وقد كانت وقعة عروة كسرت الديلم وأهل الرى، فأناخ على حصن الفرخان ابن الزينبدى والعرب يسمونه الزينبي، وكان يدعى عارين.
فصالحه ابن الزينبي بعد قتال على أن يكونوا ذمة يؤدون الجزية والخراج، وأعطاه عن أهل الرى وقومس خمسمائة ألف على أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه ولا يهدم لهم بيت نار، وأن يكونوا أسوة أهل نهاوند في خراجهم.
وصالحه أيضا عن أهل دستبى الرازي، وكانت دستبى قسمين قسما رازيا وقسما همذانيا.
ووجه سليمان بن عمر الضبي ويقال البراء بن عازب إلى قومس خيلا، فلم يمتنعوا وفتحوا أبواب الدامغان.
ثم لما عزل عمر بن الخطاب عمارا وولى المغيرة بن شعبة الكوفة ولى المغيرة بن شعبة كثير بن شهاب الحارثي الرى ودستبى.
وكان لكثير أثر جميل يوم القادسية.
فلما صاروا إلى الرى وجد أهلها قد نقضوا، فقاتلهم حتى رجعوا إلى الطاعة وأذعنوا بالخراج والجزية. وغزا الديلم فأوقع بهم، وغزا الببر والطيلسان.
793- فحدثني حفص بن عمر العمرى، عن الهيثم بن عدي، عن ابن عياش الهمذانى وغيره أن كثير بن شهاب كان على الرى ودستبى وقزوين، وكان جميلا حازما مقعدا، فكان يقول: ما من مقعد إلا وهو عيال على أهله سواى.
وكان إذا ركب ثابت سويقتيه كالمحراثين.
وكان إذا غزا أخذ كل امرئ ممن معه بترس ودرع وبيضة ومسلة وخمس إبر وخيوط كتان وبمخصف ومقراض ومخلاة تليسة.
وكان بخيلا، وكانت له جفنة توضع بين يديه فإذا جاءه إنسان قال: لا أبا لك! أكانت لك علينا عين؟ وقال يوما: يا غلام! أطعمنا.
فقال: ما عند إلا خبز وبقل.
فقال: وهل اقتتلت فارس والروم إلا على الخبز والبقل.
وولى الرى ودستبى أيضا أيام معاوية حينا.
قال: ولما ولى سعد بن أبي وقاص الكوفة في مرته الثانية أتى الرى.
وكانت ملتاثة فأصلحها.
وغزا الديلم، وذلك في أول سنة خمس وعشرين، ثم انصرف.
794- وحدثني بكر بن الهيثم، عن يحيى بن ضريس قاضى الرى قال: لم تزل الرى بعد أن فتحت أيام حذيفة تنتقض وتفتح، حتى كان آخر من فتحها قرظة بن كعب الأنصاري في ولاية أبى موسى الكوفة لعثمان، فاستقامت.
وكان عمالها ينزلون حصن الزنبدي ويجمعون في مسجد اتخذ بحضرته.
وقد دخل ذلك في فصيل المحدثة.
وكانوا يغزون الديلم من دستبى.
قال: وقد كان قرظة بعد ولى الكوفة لعلى ومات بها، فصلى عليه علي رضي الله عنه.
795- وحدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده قال: ولى على يزيد بن حجبة بن عامر بن تيم الله بن ثعلبة بن عكابة الرى ودستبى.
فكسر الخراج فحبسه، فخرج فلحق بمعاوية.
وقد كان أبو موسى غزا الرى بنفسه وقد نقض أهلها ففتحها على أمرها الأول.
796- وحدثني جعفر بن محمد الرازي قال: قدم أمير المؤمنين المهدي في خلافة المنصور فبنى مدينة الرى التي الناس بها اليوم، وجعل حولها خندقا، وبنى فيها مسجدا جامعا جرى على يدى عمار بن أبي الخصيب، وكتب اسمه على حائطه.
فأرخ بناءها سنة ثمان وخمسين ومائة.
وجعل لها فصيلا يطيف به فارقان من آجر، وسماها المحمدية، فأهل الرى يدعون الرى المدينة الداخلة، ويسمون الفصيل المدينة الخارجة.
وحصن الزنبدى في داخل المحمدية.
وكان المهدي قد أمر بمرمته ونزله.
وهو مطل على المسجد الجامع ودار الإمارة، وقد كان جعل بعد سجنا.
قال: وبالرى أهل بيت يقال لهم بنو الحريش نزلوا بعد بناء المدينة.
قال: وكانت مدينة الرى تدعى في الجاهلية ارازى، فيقال إنه خسف بها.
وهي على ست فراسخ من المحمدية، وبها سميت الرى.
قال: وكان المهدي في أول مقدمة الرى نزل قرية يقال لها السيروان.
قال: وفى قلعة الفرخان يقول الشاعر، وهو الغطمش بن الأعور بن عمرو الضبي:
على الجوسق الملعون بالرى لا ينى ** على رأسه داعى المنية يلمع

797- قال بكر بن الهيثم: حدثني يحيى بن ضريس القاضى قال: كان الشعبي دخل الرى مع قتيبة بن مسلم.
فقال له: ما أحب الشراب إليك؟ فقال:
أهونه وجودا وأعزه فقدا.
قال: ودخل سعيد بن جبير الرى أيضا، فلقيه الضحاك فكتب عنه التفسير.
قال: وكان عمرو بن معدي كرب الزبيدى غزا الرى أول ما غزيت، فلما انصرف توفي، فدفن فوق روذة وبوسنة بموضع يسمى كرمانشاهان.
وبالرى دفن الكسائي النحوي، واسمه علي بن حمزة.
كان شخص إليها مع الرشيد رحمه الله وهو يريد خراسان.
وبها مات الحجاج بن أرطاة.
وكان شخص إليها مع المهدي، ويكنى أبا أرطاة.
وقال الكلبي: نسب قصر جابر بدستى، إلى جابر أحد بنى زيبان ابن تيم الله بن ثعلبة.
798- قالوا: ولم تزل وظيفة الرى اثني عشر ألف ألف درهم، حتى مر بها المأمون منصرفا من خرسان يريد مدينة السلام، فأسقط من وظيفتها ألفي ألف درهم، وأسجل بذلك لأهلها.