فصل: اليمامة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.اليمامة:

265- قالوا: وكانت اليمامة تدعى جو، فصلبت امرأة من جديس يقال لها اليمامة بنت مر على بابها، فسميت باسمها والله أعلم.
266- وقالوا: ولما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ملوك الآفاق في أول سنة سبع، ويقال في سنة ست، كتب إلى هوذة بن علي الحنفي وأهل اليمامة يدعوهم إلى الإسلام، وأنفذ كتابه بذلك مع سليط بن قيس بن عمرو الأنصاري ثم الخزرجي.
فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفدهم.
وكان في الوفد مجاعة بن مرارة، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا مواتا سأله إياها.
وكان فيها أيضا الرجال بن عنفوة فأسلم وقرأ سورة البقرة وسورا من القرآن، إلا أنه ارتد بعد.
وكان فيهم مسيلمة الكذاب ثمامة بن كبير بن حبيب، فقال مسيلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شئت خلينا الأمر وبايعناك على أنه لنا بعدك.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، ولا نعمة عين ولكن الله قاتلك».
وكان هوذة بن علي الحنفي قد كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله أن يجعل الأمر له من بعده، على أن يسلم ويصير إليه فينصره.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا، ولا كرامة، اللهم اكفنيه».
فمات بعد قليل.
فلما انصرف وفد بني حنيفة إلى اليمامة ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، وشهد له الرجال بن عنفوة بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشركه في الأمر معه.
فاتبعه بنو حنيفة وغيرهم ممن باليمامة.
وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عبادة بن الحارث، أحد بني عامر بن حنيفة- وهو ابن النواحة الذي قتله عبد الله بن مسعود بالكوفة وبلغه أنه وجماعة معه يؤمنون بكذب مسيلمة-: (من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله. أما بعد فإن لنا نصف الأرض ولقريش نصفها، ولكن قريشا لا ينصفون. والسلام عليك).
وكتب عمرو ابن الجارود الحنفي.
فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد النبي إلى مسيلمة الكذاب.
أما بعد فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
والسلام على من اتبع الهدى»
وكتب أبي بن كعب.
فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر فأوقع بأهل الردة من أهل نجد وما والاه في أشهر يسيرة، بعث خالد بن الوليد ابن المغيرة المخزومي إلى اليمامة وأمره بمحاربة الكذاب مسيلمة.
فلما شارفها ظفر بقوم من بني حنيفة فيهم مجاعة بن مرارة بن سلمى، فقتلهم واستبقى مجاعة وحمله معه موثقا.
وعسكر خالد على ميل من اليمامة، فخرج إليه بنو حنيفة وفيهم الرجال ومحكم بن الطفيل بن سبيع الذي يقال له محكم اليمامة.
فرأى خالد البارقة فيهم فقال: يا معشر المسلمين! قد كفاكم الله مؤنة عدوكم، ألا ترونهم وقد شهر بعضهم السيوف على بعض، وأحسبهم قد اختلفوا ووقع بأسهم بينهم.
فقال مجاعة، وهو في حديده: كلا! ولكنها الهندوانية خشوا تحطمها فأبرزوها للشمس لتلين متونها.
ثم التقى الناس فكان أول من لقيهم الرجال بن عنفوة فقتله الله، واستشهد وجوه الناس وقراء القرآن.
ثم إن المسلمين فآءوا وثابوا، فأنزل الله عليهم نصره وهزم أهل اليمامة فأتبعوهم يقتلونهم قتلا ذريعا، ورمى عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق أخو عائشة لابيها محكما بسهم فقتله، وألجاوا الكفرة إلى الحديقة فسميت يومئذ حديقة الموت، وقتل الله مسيلمة في الحديقة، فبنو عامر بن لؤي بن غالب يقولون: قتله خداش بن بشير بن الاصم، أحد بنى معيص ابن عامر بن لؤي.
وبعض الأنصار يقولون: قتله عبد الله بن زيد بن ثعلبة، أحد بنى الحارث بن الخزرج، وهو الذي أرى الاذان.
وبعضهم يقول: قتله أبو دجانة سماك بن خرشة ثم استشهد.
وقال بعضهم: بل قتله عبد الله بن زيد بن عاصم أخو حبيب بن زيد من بنى مبذول من بنى النجار.
وقد كان مسيلمة قطع يدى حبيب ورجليه.
وكان وحشى بن حرب الحبشى قاتل حمزة رضي الله عنه يدعى قتله ويقول: قتلت خير الناس وشر الناس.
وقال قوم: إن هؤلاء جميعا شركوا في قتله.
وكان معاوية بن أبي سفيان يدعى أنه قتله، ويدعى ذلك له بنو أمية.
267- حدثني أبو حفص الدمشقي قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن خالد بن دهقان، عن رجل حضر عبد الملك بن مروان سأل رجلا من بني حنيفة ممن شهد وقعة اليمامة عن قاتل مسيلمة فقال: قتله رجل من صفته كذا وكذا.
فقال عبد الملك: قضيت والله لمعاوية بقتله.
قال: وجعل الكذاب يقول حين أخذ منه بالمخنق: يا بني حنيفة! قاتلوا عن أحسابكم.
فلم يزل يعيدها حتى قتله الله.
268- وحدثني عبد الواحد بن غياث قال: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: كفرت العرب. فبعث أبو بكر خالد بن الوليد فلقيهم. ثم قال: والله لا أنتهى حتى أناطح مسيلمة. فقالت الأنصار: هذا رأى تفردت به لم يأمرك به أبو بكر، أرجع إلى المدينة حتى نريح كراعنا. فقال: والله لا أنتهى حتى أناطحه. فرجعت عنه الأنصار، ثم قالوا: ماذا صنعنا لئن ظهر أصحابنا لقد خسسنا، ولئن هربوا لقد خذلناهم. فرجعوا ومضوا معه.
فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين حتى بلغوا الرحال.
فقام السائب بن العوام فال: أيها الناس! قد بلغتم الرحال فليس لامرئ مفر بعد رحله.
فهزم الله المشركين وقتل مسيلمة.
وكان شعارهم يومئذ: يا أصحاب سورة البقرة.
269- وحدثني بعض أهل اليمامة أن رجلا كان مجاورا في بني حنيفة، فلما قتل محكم أنشأ يقول:.
فإن أنج منها أنج منها عظيمة ** وإلا فإني شارب كأس محكم

270- قالوا: وكانت الحرب قد نهكت المسلمين وبلغت منهم، فقال مجاعة لخالد: إن أكثر أهل اليمامة لم يخرجوا لقتالكم، وإنما قتلتم منهم القليل وقد بلغوا منكم ما أرى، وأنا مصالحكم عنهم.
فصالحه على نصف السبي ونصف الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع.
ثم إن خالدا توثق منه وبعثه إليهم، فلما دخل اليمامة أمر الصبيان والنساء ومن باليمامة من المشايخ أن يلبسوا السلاح ويقوموا على الحصون.
ففعلوا ذلك.
فلم يشك خالد والمسلمون حين نظروا إليهم أنهم مقاتلة، فقالوا: لقد صدقنا مجاعة.
ثم إن مجاعة خرج حتى أتى عسكر المسلمين فقال: إن القوم لم يقبلوا ما صالحتك عليه عنهم واستعدوا لحربك، وهذه حصون العرض مملوءة رجالا، ولم أزل بهم حتى رضوا بأن يصالحوا على ربع السبي ونصف الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع.
فاستقر الصلح على ذلك، ورضي خالد به وأمضاه، وأدخل مجاعة خالدا اليمامة.
فلما رأى من بقي بها قال: خدعتني يا مجاع.
وأسلم أهل اليمامة فأخذت منهم الصدقة.
وأتى خالدا كتاب أبي بكر رضي الله عنه بإنجاد العلاء بن الحضرمي، فسار إلى البحرين واستخلف على اليمامة سمرة بن عمرو العنبري.
وكان فتح اليمامة سنة اثني عشر.
271- حدثني أبو رباح اليمامي قال: حدثني أشياخ من أهل اليمامة أن مسيلمة الكذاب كان قصيرا، شديد الصفرة، أخنس الانف، أفطس، يكنى أبا ثمامة.
272- وقال غيره: كان يكنى أبا ثمالة.
وكان له مؤذن يسمى حجيرا، فكان إذا أذن يقول: أشهد أن مسيلمة يزعم أنه رسول الله.
فقال: أفصح حجير.
فمضت مثلا.
وكان ممن استشهد باليمامة أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس، واسمه هشيم ويقال مهشم.
وسالم مولى أبى حذيفة، ويكنى أبا عبد الله، وهو مولى ثبيتة بنت يعار الانصارية، وبعض الرواة يقول: نبيثة، وهي امرأة.
وخالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية.
وعبد الله، وهو الحكم بن سعيد بن العاصي بن أمية.
ويقال إنه قتل يوم مؤتة.
وشجاع بن وهب الأسدي حليف بني أمية يكنى أبا وهب.
والطفيل بن عمرو الدوسي من الأزد ويزيد بن رقيش الأسدي، حليف بني أمية.
ومخرمة بن شريح الحضرمي، حليف بني أمية.
والسائب بن العوام أخو الزبير بن العوام.
والوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومي.
والسائب بن عثمان بن مظعون الجمحي.
وزيد بن الخطاب بن نفيل، أخو عمر بن الخطاب، يقال قتله أبو مريم الحنفي، واسمه صبيح بن محرش.
وقال ابن الكلبي: قتله لبيد بن برغث العجلي، فقدم بعد ذلك على عمر رضي الله عنه فقال: أنت الجوالق، واللبيد هو الجوالق.
وكان زيد يكنى أبا عبد الرحمن، وكان أسن من عمر.
قال بعضهم: اسم أبى مريم إياس بن صبيح.
وهو أول من قضى بالبصرة زمن عمر، وتوفي بسنبيل من الأهواز.
وأبو قيس بن الحارث ابن عدي بن سهم.
وعبد الله بن الحارث بن قيس.
وسليط بن عمرو، أخو سهيل ابن عمرو، أحد بني عامر بن لؤي.
واياس بن البكير الكناني.
ومن الأنصار: عباد بن الحارث بن عدي أحد بنى جحجبا من الأوس.
وعباد بن بشر بن وقش الأشهلي من الأوس، ويكنى أبا الربيع، ويقال إنه كان يكنى أبا بشر.
ومالك بن أوس بن عتيك الأشهلي.
وأبو عقيل بن ثعلبة بيحان البلوى، حليف بنى جحجبا- كان اسمه عبد العزى فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن عدو الأوثان.
وسراقة بن كعب بن عبد العزى النجاري، من الخزرج.
وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان النجاري- ويقال انه مات زمن معاوية.
وحبيب بن عمرو بن محصن النجاري.
ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان البلوى، من قضاعة، حليف الأنصار.
وثابت بن قيس بن شماس بن أبي زهير، خطيب النبي صلى الله عليه وسلم، أحد بنى الحارث بن الخزرج، ويكنى أبا محمد، وكان على الأنصار يومئذ.
وأبو حنة ابن غزية بن عمرو أحد بني مازن بن النجار.
والعاصي بن ثعلبة الدوسي من الأزد، حليف الأنصار.
وأبو دجانة سماك بن أوس بن خرشة بن لوذان الساعدي، من الخزرج.
وأبو أسيد مالك بن ربيعة الساعدي، ويقال إنه مات سنة ستين بالمدينة.
وعبد الله بن عبد الله بن أبي بن مالك، وكان اسمه الحباب، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم أبيه، وكان أبوه منافقا، وهو الذي يقال له ابن أبي بن سلول.
وسلول أم أبى، وهي خزاعية نسب إليها، وأبوه مالك ابن الحارث أحد بنى الخزرج.
ويقال إنه استشهد يوم جواثا من البحرين.
وعقبة بن عامر بن نابئ، من بنى سلمة من الخزرج.
والحارث بن كعب بن عمرو أحد بنى النجار.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حبيب بن زيد بن عاصم، أحد بنى مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار، وعبد الله بن وهب الأسلمي إلى مسيلمة، فلم يعرض لعبد الله، وقطع يدى حبيب ورجليه.
وأم حبيب نسيبة بنت كعب.
273- وقال الواقدي: إنما أقبلا مع عمرو بن العاصي من عمان فكفتهما مسيلمة، فنجا عمرو ومن معه غير هذين، فأخذا.
وقاتلت نسيبة يوم اليمامة فانصرفت وبها جراحات.
وهي أم حبيب وعبد الله ابني زيد، وقد قاتلت يوم أحد أيضا.
وهي إحدى الامرأتين المبايعتين يوم العقبة.
واستشهد يوم اليمامة عائذ بن ماعص الزرقى من الخزرج، ويزيد بن ثابت الخزرجي، أخو زيد بن ثابت صاحب الفرائض.
وقد اختلفوا في عدة من استشهد باليمامة، فأقل ما ذكروا من مبلغها سبعمائة وأكثر ذلك ألف وسبعمائة.
وقال بعضهم: إن عدتهم ألف ومائتان.
274- وحدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا الحارث بن مرة الحنفي، عن هشام بن إسماعيل أن مجاعة اليمامي أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب له كتابا: «بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا كتاب كتبه محمد رسول الله لمجاعة بن مرارة بن سلمى.
إني أقطعتك الغورة، وغرابة، والحبل، فمن حاجك فإلى»
الغورة قرية الغرابات تلت قارات.
قال: ثم وفد بعد ما قبض النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر فأقطعه الخضرمة.
ثم قدم على عمر فأقطعه الريا.
ثم قدم على عثمان فأقطعه قطيعة- قال الحارث:- لا أحفظ اسمها.
275- وحدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا أبو أيوب الدمشقي عن سعدان بن يحيى عن صدقة بن أبي عمران عن أبي إسحاق الهمداني، عن عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع فرات بن حيان العجلي أرضا باليمامة.
276- حدثني محمد بن ثمال اليمامي عن أشياخهم قال: سميت الحديقة حديقة الموت لكثرة من قتل بها.
قال: وقد بنى إسحاق بن أبي خميصة، مولى قيس، فيها أيام المأمون مسجدا جامعا، وكانت الحديقة تسمى أباض.
وقال محمد بن ثمال: قصر الورد نسب إلى الورد بن السمين بن عبيد الحنفي.
وقال غيره: سمى الحصن معتقا لحصانته.
يريدون أن من لجأ إليه عتق من عدوه.
وقال: الريا عين منها شرب الصعفوقة، وهي ضيعة نسبت إلى وكيل كان عليها يقال له صعفوق، وشرب الخييبة والخضرمة منها.