فصل: فتوح السواد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.فتوح السواد:

.خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:

601- قالوا: وكان المثنى بن حارثة بن سلمة بن ضمضم الشيباني يغير على السواد في رجال من قومه.
فبلغ أبا بكر الصديق رضي الله عنه خبره فسأل عنه، فقال له قيس بن عاصم بن سنان المنقرى: هذا رجل غير خامل الذكر، ولا مجهول النسب، ولا ذليل العماد، هذا المثنى بن حارثة الشيباني.
ثم إن المثنى قدم على أبي بكر فقال له: يا خليفة رسول الله! استعملني على من أسلم من قومي أقاتل هذه الأعاجم من أهل فارس.
فكتب له أبو بكر في ذلك عهدا فسار حتى نزل خفان، ودعا قومه إلى الإسلام فأسلموا.
ثم إن أبا بكر رضي الله عنه كتب إلى خالد بن الوليد المخزومي يأمره بالمسير إلى العراق، ويقال بل وجهه من المدينة، وكتب أبو بكر إلى المثنى بن حارثة يأمره بالسمع والطاعة له وتلقيه.
وكان مذعور بن عدي العجلي قد كتب إلى أبي بكر يعلمه حاله وحال قومه، ويسأله توليته قتال الفرس.
فكتب إليه يأمره بأن ينضم إلى خالد فيقيم معه إذا أقام ويشخص إذا شخص.
فلما نزل خالد النباج لقيه المثنى بن حارثة بها، وأقبل خالد حتى أتى البصرة وبها سويد ابن قطبة الذهلي.
602- وقال غير أبي مخنف: كان بها قطبة بن قتادة الذهلي- من بكر بن وائل، ومعه جماعة من قومه وهو يريد أن يفعل بالبصرة مثل فعل المثنى بالكوفة.
ولم تكن الكوفة يومئذ إنما كانت الحيرة.
فقد سويد لخالد:
إن أهل الأبلة قد جمعوا لي، ولا أحسبهم امتنعوا مني إلا لمكانك.
قال له خالد: فالرأي أن أخرج من البصرة نهارا ثم أعود ليلا فأدخل عسكرك بأصحابي فإن صبحوك حاربناهم.
- ففعل خالد ذلك وتوجه نحو الحيرة.
فلما جن عليه الليل انكفأ راجعا حتى صار إلى عسكر سويد فدخله بأصحابه، وأصبح الأبليون وقد بلغهم انصراف خالد عن البصرة فأقبلوا نحو سويد.
فلما رأوا كثرة من في عسكره سقط في أيديهم وانكسروا.
فقال خالد: احملوا عليهم فإني أرى هيئة قوم قد ألقى الله في قلوبهم الرعب.
فحملوا عليهم فهزموهم، وقتل الله منهم بشرا، وغرق طائفة في دجلة البصرة.
ثم مر خالد بالخريبة ففتحها وسبى من فيها، واستخلف بها فيما ذكر الكلبي شريح بن عامر بن قين من بني سعد بن بكر بن هوازن. وكانت مسلحة للعجم.
ويقال أيضا إنه أتى النهر الذي يعرف بنهر المرأة فصالح أهله، وأنه قاتل جمعا بالمذار، ثم سار يريد الحيرة، وخلف سويد بن قطبة على ناحيته وقال له: قد عركنا هذه الأعاجم بناحيتك عركة أذلتهم لك.
وقد روى أن خالدا لما كان بناحية اليمامة كتب إلى أبي بكر يستمده، فأمده بجرير بن عبد الله، فلقيه جرير منصرفا من اليمامة فكان معه.
وواقع صاحب المذار بأمره، والله أعلم.
وقال الواقدي: والذي عليه أصحابنا من أهل الحجاز أن خالدا قدم المدينة من اليمامة ثم خرج منها إلى العراق على فيد والثعلبية، ثم أتى الحيرة.
603- قالوا: ومر خالد بن الوليد بزندورد من كسكر فافتتحها، وافتتح درنى وذواتها بأمان، بعد أن كانت من أهل زندورد مراماة للمسلمين ساعة.
وأتى هرمز جرد فآمن أهلها أيضا وفتحها.
وأتى أليس فخرج إليه جابان، عظيم العجم، فقدم إليه المثنى بن حارثة الشيباني فلقيه بنهر الدم.
وصالح خالد أهل أليس على أن يكونوا عيونا للمسلمين على الفرس وأدلاء وأعوانا.
وأقبل خالد إلى مجتمع الأنهار فلقيه أزاذبه، صاحب مسالح كسرى، فيما بينه وبين العرب، فقاتله المسلمون وهزموه.
ثم نزل خالد خفان، ويقال بل سار قاصدا إلى الحيرة، فخرج إليه عبد المسيح بن عمر بن قيس بن حيان بن بقيلة- واسم بقيلة الحارث وهو من الأزد-، وهانئ بن قبيصة بن مسعود الشيباني، وإياس بن قبيصة الطائى، ويقال فروة بن إياس- وكان إياس عامل كسرى أبرويز على الحيرة بعد النعمان ابن المنذر-، فصالحوه على مائة ألف درهم.
ويقال على ثمانين ألف درهم في كل عام، وعلى أن يكونوا عيونا للمسلمين على أهل فارس، وأن لا يهدم لهم بيعة ولا قصرا.
604- وروى أبو مخنف، عن أبي المثنى الوليد بن القطامى، وهو الشرقي بن القسطامى الكلبي، إن عبد المسيح استقبل خالدا، وكان كبير السن، فقال له خالد: من أين أقصى أثرك يا شيخ؟ فقال: من ظهر أبي.
قال: فمن أين خرجت؟ قال: من بطن أمي.
قال: ويحك في أي شيء أنت! قال: في ثيابي.
قال: ويحك على أي شيء أنت؟ قال: على الأرض.
قال: أتعقل؟ قال: نعم، وأقيد.
قال: ويحك! إنما أكلمك بكلام الناس.
قال: وأنا إنما أجيبك جواب الناس.
قال: اسلم أنت أم حرب.
قال: بل سلم.
قال: فما هذه الحصون؟ قال: بنيناها للسفيه حتى يجئ الحليم.
ثم تذاكرا الصلح فاصطلحا على مائة ألف يؤدونها في كل سنة فكان الذي أخذ منهم أول مال جمل إلى المدينة من العراق، واشترط عليهم أن لا يبغوا المسلمين غائلة، وأن يكونوا عيونا على أهل فارس، وذلك في سنة (12).
605- وحدثني الحسين بن الأسود، عن يحيى بن آدم قال: سمعت أن أهل الحيرة كانوا ستة آلاف رجل، فألزم كل رجل منهم أربعة عشر درهما وزن خمسة، فبلغ ذلك أربعة وثمانين ألفا وزن خمسة، تكون ستين وزن سبعة.
وكتب لهم بذلك كتابا قد قرأته.
وروى عن يزيد بن نبيشة العامري أنه قال: قدمنا العراق مع خالد بن الوليد فانتهينا إلى مشلحة العذيب، ثم أتينا الحيرة وقد تحصن أهلها في القصر الأبيض وقصر ابن بقيلة وقصر العدسيين، فأجلنا الخيل في عرصاتهم ثم صالحونا.
قال ابن الكلبي: العدسيون من كل، نسبوا إلى أمهم وهي كلبية أيضا.
606- وحدثني أبو مسعود الكوفي، عن ابن مجالد، عن أبيه، عن الشعبي أن خريم بن أوس بن حارثة بن لام الطائى قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فتح الله عليك الحيرة فأعطني ابنة بقيلة.
فلما أراد خالد صلح أهل الحيرة قال له خريم: إن النبي صلى الله عليه وسلم جعل لي بنت بقيلة، فلا تدخلها في صلحك.
وشهد له بشير بن سعد ومحمد بن مسلمة الأنصاريان.
فاستثناها في الصلح ودفعها إلى خريم، فاشتريت منه بألف درهم.
وكانت عجوزا قد حالت عن عهده.
فقيل له: ويحك! لقد أرخصتها، كان أهلها يدفعون إليك أضعاف ما سألت بها.
فقال: ما كنت أظن عددا يكون أكثر من عشر مائة.
وقد جاء في الحديث أن الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم بنت بقيلة رجل من ربيعة، والأول اثبت.
607- قالوا: وبعث خالد بن الوليد بشير بن سعد أبا النعمان بن بشير الأنصاري إلى بانقيا، فلقيته خيل الأعاجم، عليها فرخبنداذ، فرشقوا من معه بالسهام، وحمل عليهم فهزمهم وقتل فرخبنداذ.
ثم انصرف وبه جراحة انتقضت به وهو بعين التمر فمات منها.
ويقال إن خالدا لقى فرخبنداذ بنفسه وبشير معه.
ثم بعث خالد جرير بن عبد الله البجلي إلى أهل بانقيا، فخرج إليه بصبهري بن صلوبا، فاعتذر إليه من القتال، وعرض الصلح.
فصالحه جرير على ألف درهم وطيلسان.
ويقال إن ابن صلوبا أتى خالدا فاعتذر إليه وصالحه هذا الصلح.
فلما قتل مهران ومضى يوم النخيلة أتاهم جرير فقبض منهم ومن أهل الحيرة صلحهم، وكتب لهم كتابا بقبض ذلك.
وقوم ينكرون أن يكون جرير بن عبد الله قدم العراق إلا في خلافة عمر بن الخطاب، وكان أبو مخنف والواقدي يقولان: قدمها مرتين.
608- قالوا: وكتب خالد لبصبهري بن صلوبا كتابا ووجه إلى أبي بكر بالطيلسان مع مال الحيرة وبالألف درهم.
فوهب الطيلسان للحسين بن علي رضي الله عنهما.
609- وحدثني أبو نصر التمار قال: حدثنا شريك بن عبد الله النخعي عن الحجاج بن أرطاة، عن الحكم عن عبد الله بن مغفل المزني قال: ليس لأهل السواد عهد إلا الحيرة وأليس وبانقيا.
610- وحدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم عن المفضل بن المهلهل، عن منصور، عن عبيد بن الحسن أو أبى الحسن، عن ابن مغفل قال: لا يصلح بيع أرض دون الجبل إلا أرض بني صلوبا وأرض الحيرة.
611- وحدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح، عن الأسود بن قيس، عن أبيه قال: انتهينا إلى الحيرة فصالحناهم على كذا وكذا ورحل.
قال فقلت: وما صنعتم بالرحل؟ قال: لم يكن لصاحب منا رحل فأعطيناه إياه.
612- وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم، عن السمري بن يحيى، عن حميد ابن هلال أن خالدا لما نزل الحيرة صالح أهلها ولم يقاتلوا.
وقال ضرار بن الأزور الأسدي:
أرقت ببانقيا ومن يلق مثل ما ** لقيت ببانقيا من الجرح يأرق

وقال الواقدي: المجتمع عليه عند أصحابنا أن ضرارا قتل باليمامة.
613- قالوا: وأتى خالد الفلاليج منصرفه من بانقيا، وبها جمع للعجم فتفرقوا ولم يلق كيدا.
فجرع إلى الحيرة، فبلغه أن جابان في جمع عظيم بتستر.
فوجه إليه المثنى بن حارثة الشيباني وحنظلة بن الربيع بن رباح الأسيدي من بني تميم، وهو الذي يقال له حنظلة الكاتب.
فلما انتهيا إليه هرب.
وسار خالد إلى الأنبار، فتحصن أهلها.
ثم أتاه من دله على سوق بغداد، وهو السوق العتيق الذي كان عند قرن الصراة.
فبعث خالد المثنى بن حارثة فأغار عليه، فملا المسلمون أيديهم من الصفراء والبيضاء وما خف محمله من المتاع.
ثم باتوا بالسيلحين، وأتوا الأنبار وخالد بها فحصروا أهلها وحرقوا في نواحيها.
وإنما سميت الأنبار لأن أهراء العجم كانت بها.
وكان أصحاب النعمان وصنائعه يعطون أرزاقهم منها.
فلما رأى أهل الأنبار ما نزل بهم صالحوا خالدا على شيء رضي به، فأقرهم.
ويقال إن خالدا قدم المثنى إلى بغداد، ثم سار بعده فتولى الغارة عليها، ثم رجع إلى الأنبار.
وليس ذلك بثبت.
614- وحدثني الحسين بن الأسود قال: حدثني يحيى بن آدم قال: حدثنا الحسن ابن صالح، عن جابر، عن الشعبي أنه قال: لأهل الأنبار عهد وعقد.
615- وحدثني مشايخ من أهل الأنبار أنهم صولحوا في خلافة عمر رحمه الله عن طسوجهم على أربعمائة ألف درهم وألف عباة قطوانية في كل سنة، وتولى الصلح جرير بن عبد الله البجلي.
ويقال صالحهم على ثمانين ألفا والله أعلم.
616- قالوا: وفتح جرير بوازيج الأنبار، وبها قوم من مواليه.
617- قالوا: وأتى خالد بن الوليد رجل دله على سوق يجتمع فيها كلب وبكر بن وائل وطوائف من قضاعة فوق الأنبار. فوجه إليها المثنى بن حارثة، فأغار عليها فأصاب ما فيها، وقتل وسبى.
ثم أتى خالد عين التمر، فألصق بحصنها.
وكانت فيه مسلحة للأعاجم عظيمة.
فخرج أهل الحصن فقاتلوا. ثم لزموا حصنهم، فحاصرهم خالد والمسلمون حتى سألوا الأمان، فأبى أن يؤمنهم وافتتح الحصن عنوة، وقتل وسبى، ووجد في كنيسة هناك جماعة سباهم، فكان من ذلك السبي حمران ابن أبان بن خالد التمري.
وقوم يقولون: كان اسم أبيه أبا.
وحمران مولى عثمان، وكان للمسيب بن نجبة الفزاري، فاشتراه منه فأعتقه.
ثم إنه وجهه إلى الكوفة للمسألة عن عامله فكذبه، فأخرجه من جواره فنزل البصرة.
وسيرين أبو محمد بن سيرين وإخوته وهم: يحيى بن سيرين، وأنس بن سيرين، ومعبد بن سيرين، وهو أكبر إخوته، وهم موالى أنس بن مالك الأنصاري.
وكان من ذلك السبي أيضا أبو عمرة جد عبد الله بن عبد الأعلى الشاعر.
ويسار جد محمد بن إسحاق صاحب السيرة، وهو مولى قيس بن مخرمة ابن المطلب بن عبد مناف.
وكان منهم مرة أبو عبيد، جد محمد بن زيد بن عبيد بن مرة، ونفيس ابن محمد بن زيد بن عبيد بن مرة صاحب القصر عند الحرة.
ابن محمد هذا وبنوه يقولون: عبيد بن مرة بن المعلى الأنصاري ثم الزرقي.
ونصير أبو موسى بن نصير صاحب المغرب، وهو مولى لبني أمية، وله بالثغور موالى من أولاد من أعتق، يقولون ذلك.
وقال ابن الكلبي: كان أبو فروة عبد الرحمن بن الأسود ونصير أبو موسى ابن نصير عربيين من أراشة بلى، سبيا أيام أبي بكر رحمه الله من جبل الجليل بالشام.
وكان اسم نصير نصرا فصغر، وأعتقه بعض بني أمية فرجع إلى الشام، وولد له موسى بقرية يقال لها كفر مرى، وكان أعرج.
وقال الكلبي: وقد قيل إنهما أخوان من سبى عين التمر وإن ولاءهما لبني ضبة.
وقال علي بن محمد المدائني: يقال إن أبا فروة ونصيرا كانا من سبى عين التمر.
فابتاع ناعم الأسدي أبا فروة، ثم ابتاعه منه عثمان، وجعله يحفر القبور.
فلما وثب الناس به كان معهم عليه، فقال له: رد المظالم.
فقال له: أنت أولها، ابتعتك من مال الصدقة لتحفر القبور، فتركت ذلك.
وكان ابنه عبد الله بن أبي فروة من سراة الموالى.
والربيع صاحب المنصور الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة.
وإنما لقب أبا فروة كانت عليه حين سبى وقد قيل إن خالدا صالح أهل حصن عين التمر، وإن هذا السبي وجد في كنيسة ببعض الطسوج.
وقيل إن سيرين من أهل جرجرايا، وإنه كان زائرا لقرابة له فأخذ في الكنيسة معهم.
618- حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثني يحيى بن آدم، عن الحسن بن صالح، عن أشعث، عن الشعبي قال: صالح خالد بن الوليد أهل الحيرة وأهل عين التمر، وكتب بذلك إلى أبي بكر فأجازه.
قال يحيى: فقلت للحسن بن صالح: أفأهل عين التمر مثل أهل الحيرة، إنما هو شيء عليهم، وليس على أراضيهم شيء. فقال: نعم.
619- قالوا: وكان هلال بن عقة بن قيس بن البشر النمري على النمر ابن قاسط بعين التمر فجمع لخالد وقاتله فظفر به فقتله وصلبه.
وقال ابن الكلبي: كان على النمر يومئذ عقة بن قيس بن البشر بنفسه.
620- قالوا: وانتقض ببشير بن سعد الأنصاري جرحه فمات، فدفن بعين التمر.
ودفن إلى جنبه عمير بن رئاب بن مهشم بن سعيد بن سهم بن عمرو، وكان أصابه سهم بعين التمر فاستشهد.
ووجه خالد بن الوليد وهو بعين التمر النسير بن ديسم بن ثور إلى ماء لبني تغلب فطرقهم ليلا فقتل وأسر، فسأله رجل من الأسرى أن يطلقه على أن يدله على حي من ربيعة.
ففعل فأتى النسير ذلك الحي.
فبيتهم، فغنم وسبى، ومضى إلى ناحية تكريت في البر فغنم المسلمون.
621- وحدثني أبو مسعود الكوفي، عن محمد بن مروان أن النسير أتى عكبرا، فأمن أهلها وأخرجوا لمن معه طعاما وعلفا.
ثم مر بالبردان فأقبل أهلها يعدون من بين أيدي المسلمين، فقال لهم: لا بأس.
فكان ذلك أمانا.
قال: ثم أتى المخرم- قال أبو مسعود: ولم يكن يدعى يومئذ مخرما، إنما نزله بعض ولد مخرم بن حزن بن زياد بن أنس بن الديان الحارثي فسمى به فيما ذكر هشام بن محمد الكلبي- ثم عبر المسلمون جسرا كان معقودا عند قصر سابور الذي يعرف اليوم بقصر عيسى بن علي فخرج إليه خرزاد بن ماهبنداذ، وكان موكلا به، فقاتلوه وهزموه.
ثم لجوا فأتوا عين التمر.
وقال الواقدي: وجه المثنى بن حارثة النسير وحذيفة بن محصن، بعد يوم الجسر وبعد انحيازه بالمسلمين، إلى خفان، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب، في خيل.
فأوقعا بقوم من بني تغلب، وعبرا إلى تكريت فأصابا نعما وشاء.
وقال عتاب بن إبراهيم فيما ذكر لي عنه أبو مسعود أن النسير وحذيفة آمنا أهل تكريت وكتبا لهم كتابا أنفذه له عتبة بن فرقد السلمي حين فتح الطيرهان والموصل.
وذكر أيضا ان النسير توجه من قبل خالد بن الوليد فأغار على قرى بمسكن وقطربل، فغنم منها غنيمة حسنة.
قالوا: ثم سار خالد من عين التمر إلى الشام، وقال للمثنى بن حارثة: ارجع رحمك الله إلى سلطانك فغير مقصر ولا وان.
وقال الشاعر:
صبحنا بالكتائب حي بكر ** وحيا من قضاعة غير ميل

أبحنا دارهم والخيل تردى ** بكل سميدع سامى التليل

يعنى من كان في السوق الذي فوق الأنبار.
وللمثنى بالعال معركة ** شاهدها من قبيله بشر

يعني بالعال الأنبار، وقطربل، ومسكن، وبادوريا، فأراد سوق بغداد

كتيبة أفزعت بوقعتها ** كسرى وكاد الإيوان ينفطر

وشجع المسلمون إذ حذروا ** وفى صروف التجارب العبر

سهل نهج السبيل فاقتفروا ** آثاره والأمور تقتفر

622- وقال بعضهم حين لقوا خرزاد:
وآل منا الفارسى الحذره ** حين لقيناه دوين المنظره

بكل قباء لحوق مضمره ** بمثلها يهزم جمع الكفره

يعنى بالمنظرة تل عقرقوف.
وكان شخوص خالد إلى الشام في شهر ربيع الآخر، ويقال في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة.
623- وقال قوم إن خالدا أتى دومة من عين التمر ففتحها، ثم أقبل إلى الشام، وأصح ذلك مضيه من عين التمر.