فصل: فتوح الجبال- حلوان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.نقل ديوان الفارسية:

756- وحدثني المدائني علي بن محمد بن أبي سيف، عن أشياخه قالوا: لم يزل ديوان خراج السواد وسائر العراق بالفارسية، فلما ولى الحجاج العراق استكتب زادان فروخ بن بيرى، وكان معه صالح بن عبد الرحمن مولى بني تميم يخط بين يديه بالعربية والفارسية.
وكان أبو صالح من سبي سجستان فوصل زادان فروخ صالحا بالحجاج وخف على قلبه.
فقال له ذات يوم: إنك سببي إلى الأمير، وأراه قد استخفني ولا آمن أن يقدمني عليك وأن تسقط.
فقال: لا تظن ذلك، هو أحوج إلى منه إليك، لأنه لا يجد من يكفيه حسابه غيرى.
فقال: والله لو شئت أن أحول الحساب إلى العربية لحولته.
قال: فحول منه شطرا حتى أرى.
ففعل.
فقال له: تمارض.
فتمارض، فبعث إليه الحجاج طبيبه فلم ير به علة.
وبلغ زادان فروخ ذلك فأمره أن يظهر.
ثم إن زادان فروخ قتل أيام عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث الكندي، وهو خارج من منزل كان فيه إلى منزله أو منزل غيره.
فاستكتب الحجاج صالحا مكانه.
فأعلمه الذي كان جرى بينه وبين زادان فروخ في نقل الديوان.
فعزم الحجاج على أن يجعل الديوان بالعربية.
وقلد ذلك صالحا.
فقال له مردانشاه بن زادان فروخ: كيف تصنع بدهوية وششوية؟ قال: أكتب عشر ونصف عشر.
قال: فكيف تصنع بويد؟ قال: أكتبه أيضا.
والويد النيف والزيادة تزاد.
فقال: قطع الله أصلك من الدنيا كما قطعت أصل الفارسية.
وبذلت له مائة ألف درهم على أن يظهر العجز عن نقل الديوان ويمسك عن ذلك فأبى ونقله.
فكان عبد الحميد بن يحيى كاتب مروان بن محمد يقول: لله در صالح! ما أعظم منته على الكتاب.
757- وحدثني عمر بن شبة قال: حدثني أبو عاصم النبيل، قال أنبأ سهل بن أبي الصلت قال: أجل الحجاج صالح بن عبد الرحمن أجلا حتى قلب الديوان.

.فتوح الجبال- حلوان:

758- قالوا: لما فرغ المسلمون من أمر جلولاء الوقيعة ضم هاشم بن عتبة ابن أبي وقاص إلى جرير بن عبد الله البجلي خيلا كثيفة ورتبه بجلولاء ليكون بين المسلمين وبين عدوهم.
ثم إن سعدا وجه إليهم زهاء ثلاثة آلاف من المسلمين وأمره أن ينهض بهم وبمن معه إلى حلوان.
فلما كان بالقرب منها هرب يزدجرد إلى ناحية أصبهان.
ففتح جرير حلوان صلحا، على أن كف عنهم وأمنهم على دمائهم وأموالهم، وجعل لمن أحب منهم الهرب أن لا يعرض لهم.
ثم خلف بحلوان جريرا مع عزرة بن قيس بن غزية البجلي، ومضى نحو الدينور فلم يفتحها، وفتح قرماسين على مثل ما فتح عليه حلوان.
وقدم حلوان فأقام بها واليا عليها إلى أن قدم عمار بن ياسر الكوفة.
فكتب إليه يعلمه أن عمر بن الخطاب أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري، فخلف جرير عزرة بن قيس على حلوان وسار حتى أتى أبا موسى الأشعري في سنة تسع عشرة.
759- وحدثني محمد بن سعد، عن الواقدي، عن محمد بن نجاد، عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص قالت: لما قتل معاوية حجر بن عدي الكندي قال أبى: لو رأى معاوية ما كان من حجوم عين قنطرة حلوان لعرف أن له غناء عظيما عن الإسلام.
قال الواقدي: وقد نزل حلوان قوم من ولد جرير بن عبد الله فأعاقبهم بها.

.فتح نهاوند:

759- قالوا: لما هرب يزدجرد من حلوان في سنة تسع عشرة، تكاتبت الفرس وأهل الرى وقومس وإصبهان وهمذان والماهين وتجمعوا إلى يزدجرد وذلك في سنة عشرين، فأمر عليهم مردانشاه ذا الحاجب، وأخرجوا رايتهم الدرفشكا بيان، وكانت عدة المشركين يومئذ ستين ألفا ويقال مائة ألف.
وقد كان عمار بن ياسر كتب إلى عمر بن الخطاب بخبرهم، فهم أن يغزوهم بنفسه، ثم خاف أن ينتشر أمر العرب بنجد وغيرها، وأشير عليه بأن يغزى أهل الشام من شامهم، وأهل اليمن من يمنهم، فخاف إن فعل ذلك أن يعود الروم إلى أوطانها وتغلب الحبشة على ما يليها.
فكتب إلى أهل الكوفة يأمرهم أن يسير ثلثاهم ويبقى ثلثهم لحفظ بلدهم وديارهم.
وبعث من أهل البصرة بعثا.
وقال: لأستعملن رجلا يكون لاول ما يلقاه من الاسنة.
فكتب إلى النعمان بن عمرو بن مقرن المزني، وكان مع السائب بن الأقرع الثقفي، بتوليته الجيش، وقال: إن أصبت فالامير حذيفة بن اليمان، فإن أصيب فجرير بن عبد الله البجلي، فإن أصيب فالمغيرة ابن شعبة، فإن أصيب فالأشعث بن قيس.
وكان النعمان عاملا على كسكر وناحيتها، ويقال بل كان بالمدينة فولاه عمر أمر هذا الجيش مشافهة فشخص منها.
760- وحدثني شيبان قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي عمران الجونى، عن علقمة بن عبد الله، عن معقل بن يسار أن عمر بن الخطاب شاور الهرمزان فسأل: ما ترى؟ أنبدأ بإصبهان أو بأذربيجان؟ فقال الهرمزان: إصبهان الرأس، وأذربيجان الجناحان، فإن قطعت الرأس سقط الجناحان والرأس.
قال: فدخل عمر المسجد فبصر بالنعمان بن مقرن، فقعد إلى جنبه، فلما قضى صلاته قال: أما إني سأستعملك.
فقال النعمان: أما جابيا فلا ولكن غازيا.
قال: فأنت غاز.
فأرسله وكتب إلى أهل الكوفة أن يمدوه. فأمدوه، وفيهم المغيرة بن شعبة. فبعث النعمان المغيرة إلى ذي الحاجبين عظيم العجم بنهاوند، فجعل يشق بسطه برمحه، حتى قام بين يديه، ثم قعد على سريره فأمر به فسحب.
فقال: إني رسول.
ثم التقى المسلمون والمشركون فسلسلوا كل عشرة في سلسلة، وكل خمسة في سلسلة لئلا يفروا.
قال: فرمونا حتى جرحوا منا جماعة، وذلك قبل القتال.
وقال النعمان: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر زوال الشمس وهبوب الرياح ونزول النصر.
ثم قال: إني هاز لوائى ثلاث هزات: فأما أول هزة فليتوضأ الرجل بعدها وليقض حاجته، وأما الهزة الثانية فلينظر الرجل بعدها إلى سيفه أو قال شسعه وليتهيأ وليصلح من شأنه، وأما الثالثة فإذا كانت إن شاء الله فاحملوا ولا يلوين أحد على أحد.
فهز لواءه ففعلوا ما أمرهم، وثقل درعه عليه فقاتل وقاتل الناس، فكان رحمه الله أول قتيل.
قال: وسقط الفارسي عن بغلته فانشق بطنه.
قال: فأتيت النعمان وبه رمق فغسلت وجهه من أدواة ماء كانت معي.
فقال: من أنت؟ قلت: معقل.
قال: ما صنع المسلمون؟ قلت: أبشر بفتح الله ونصره.
قال: الحمد لله، اكتبوا إلى عمر.
761- حدثني شيبان قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: حدثني علي بن زيد بن جدعان، عن أبي عثمان النهدي قال: أنا ذهبت بالبشارة إلى عمر.
فقال: ما فعل النعمان؟ قلت: قتل.
قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم بكى، فقلت: قتل والله في آخرين لا أعلمهم.
قال: ولكن الله يعلمهم.
762- وحدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أبو أسامة وأبو عامر العقدى وسلم بن قتيبة جميعا عن شعبة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان النهدي قال: رأيت عمر بن الخطاب لما جاءه نعي النعمان بن مقرن وضع يده على رأسه وجعل يبكى.
763- وحدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، عن النهاس بن قهم، عن القاسم بن عوف، عن أبيه، عن السائب بن الأقرع- أو عن عمر بن السائب، عن أبيه شك الأنصاري- قال: زحف إلى المسلمين زحف لم ير مثله.
فذكر حديث عمر فيما هم به من الغزو بنفسه وتوليته النعمان بن مقرن وأنه بعث إليه بكتابه مع السائب وولى السائب الغنائم وقال: لا ترفعن باطلا ولا تحبسن حقا.
ثم ذكر الوقعة.
قال: فكان النعمان أول مقتول يوم نهاوند.
تم أخذ حذيفة الراية ففتح الله عليهم.
قال السائب: فجمعت تلك الغنائم ثم قسمتها، ثم أتانى ذو العوينتين فقال: إن كنز النخير خان في القلعة.
قال: فصعدتها فإذا أنا بسفطين فيهما جوهر لم أر مثله قط.
قال: فأقبلت إلى عمر وقد راث عنه الخبر، وهو يتطوف المدينة ويسأل.
فلما رآني قال: ويلك ما وراءك؟ فحدثته بحديث الوقعة ومقتل النعمان، وذكرت له شأن السفطين.
فقال: اذهب بهما فبعهما، ثم اقسم ثمنها بين المسلمين.
فأقبلت بهما إلى الكوفة، فأتاني شاب من قريش يقال له عمرو بن حريث فاشتراهما بأعطية الذرية والمقاتلة.
ثم انطلق بأحدهما إلى الحيرة فباعه بما اشتراهما به مني، وفضل الآخر فكان ذلك أول لهوة مال اتخذه.
764- وقال بعض أهل السيرة: اقتتلوا بنهاوند يوم الأربعاء ويوم الخميس، ثم تحاجزوا، ثم اقتتلوا يوم الجمعة.
وذكر من حديث الوقعة نحو حديث حماد بن سلمة.
765- وقال ابن الكلبي عن أبي مخنف أن النعمان بن مقرن نزل الأسبيذهان وجعل على ميمنته الأشعث بن قيس، وعلى الميسرة المغيرة بن شعبة.
فاقتتلوا، فقتل النعمان، ثم ظفر المسلمون، فسمى ذلك الفتح فتح الفتوح.
قال: وكان فتح نهاوند في سنة تسع عشرة يوم الاربعاء، ويقال في سنة عشرين.
766- وحدثنا الرفاعي قال: حدثنا العنقزى، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن ومحمد قالا: كانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين.
767- وحدثني الرفاعي قال: حدثنا العنقزى، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب مثله.
768- قالوا: ولما هزم جيش الأعاجم وظهر المسلمون، وحذيفة يومئذ على الناس، حاصر نهاوند.
فكان أهلها يخرجون فيقاتلون، وهزمهم المسلمون.
ثم إن سماك بن عبيد العبسي اتبع رجلا منهم ذات يوم ومعه ثمانية فوارس، فجعل لا يبرز إليه رجل منهم إلا قتله، حتى لم يبق غير الرجل وحده، فاستسلم وألقى سلاحه، فأخذه أسيرا، فتكلم بالفارسية، فدعا له سماك برجل يفهم كلامه فترجمه، فإذا هو يقول: اذهب إلى أميركم حتى أصالحه عن هذه الأرض وأؤدى إليه الجزية وأعطيك على أسرك إياى ما شئت، فإنك قد مننت علي إذ لم تقتلني.
فقال له: وما اسمك؟ قال: دينار.
فانطلق به إلى حذيفة، فصالحه على الخراج والجزية وأمن أهل مدينته نهاوند على أموالهم وحيطانهم ومنازلهم.
فسميت نهاوند ماه دينار.
وكان دينار يأتي بعد ذلك سماكا ويهدي إليه ويبره.
769- وحدثني أبو مسعود الكوفي، عن المبارك بن سعيد، عن أبيه قال: وكانت نهاوند من فتوح أهل الكوفة، والدينور من فتوح أهل البصرة.
فلما كثر المسلمون بالكوفة احتاجوا إلى أن يزادوا في النواحي التي كان خراجها مقسوما فيهم، فصيرت لهم الدينور، وعوض أهل البصرة نهاوند لأنها من إصبهان.
فصار فضل ما بين خراج الدينور ونهاوند لأهل الكوفة.
فسميت نهاوند ماه البصرة، والدينور ماه الكوفة، وذلك في خلافة معاوية.
770- وحدثني جماعة من أهل العلم أن حذيفة بن اليمان- وهو حذيفة ابن حسيل بن جابر العبسي حليف بني عبد الاشهل من الأنصار، وأمه الرباب بنت كعب بن عدي من عبد الاشهل- وكان أبو حذيفة قتل يوم أحد، قتله عبد الله بن مسعود الهذلي خطاء وهو يحسبه كافرا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج ديته، فوهبه حذيفة للمسلمين.
وكان الواقدي يقول: سمى حسيل باليمانى لأنه كان يتجر إلى اليمن، فإذا أتى المدينة قالوا: قد جاء اليماني.
وقال الكلبي: هو حذيفة بن حسيل بن جابر بن ربيعة بن عمرو بن جروة، وجروة هو اليمان نسب إليه حذيفة، وبينهما آباء وكان قد أصاب في الجاهلية دما وهرب إلى المدينة وحالف بني عبد الاشهل، فقال قومه: هو يمان، لأنه حالف اليمانية.