فصل: فتح همذان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.الدينور وما سبذان ومهر جانقذف:

771- قالوا: انصرف أبو موسى الأشعري من نهاوند، وقد كان سار بنفسه إليها على بعث أهل البصرة ممدا للنعمان بن مقرن، فمر بالدينور، فأقام عليها خمسة أيام قوتل منها يوما واحدا.
ثم إن أهلها أقروا بالجزية والخراج، وسألوا الأمان على أنفسهم وأموالهم وأولادهم.
فأجابهم إلى ذلك.
وخلف بها عامله في خيل.
ثم مضى إلى ماسبذان فلم يقاتله أهلها.
وصالحه أهل السيروان على مثل صلح الدينور، وعلى ان يؤدوا الجزية والخراج.
وبث السرايا فيهم فغلب على أرضها.
وقوم يقولون: إن أبا موسى فتح ماسبذان قبل وقعة نهاوند، وبعث أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري السائب بن الأقرع الثقفي- وهو صهره على ابنته، وهي أم محمد بن السائب- إلى الصيمرة مدينة مهر جانقذف ففتحها صلحا على حقن الدماء وترك السباء والصفح عن الصفراء والبيضاء، وعلى أداء الجزية وخراج الأرض.
وفتح جميع كور مهر جانقذف.
وأثبت الخبر أنه وجه السائب من الأهواز ففتحها.
772- حدثني محمد بن عقبة بن مكرم الضبي، عن أبيه، عن سيف بن عمر التميمي، عن أشياخ من أهل الكوفة أن المسلمين لما غزوا الجبال فمروا بالقلة الشرقية التي تدعى سن سميرة- وسميرة امرأة من ضبة من بنى معاوية بن كعب بن ثعلبة بن سعد بن ضمة من المهاجرات- وكانت لها سن فسمى ذلك سن سميرة.
قال ابن هشام الكلبي: وقناطر النعمان نسبت إلى النعمان بن عمرو بن مقرن المزني، عسكر عندها وهي قديمة.
773- وحدثني العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن عوانة قال: كان كثير بن شهاب بن الحصين بن ذي الغصة الحارثي عثمانيا يقع في علي بن أبي طالب ويثبط الناس عن الحسين، ومات قبيل خروج المختار بن أبي عبيد أو في أول أيامه، وله يقول المختار بن أبي عبيد في سجعه: (أما ورب السحاب، شديد العقاب، سرع الحساب، منزل الكتاب، لانبشن قبر كثير بن شهاب، المفترى الكذاب).
وكان معاوية ولاه الرى ودستبى، حينا من قبله ومن قبل زياد والمغيرة ابن شعبة عامليه.
ثم غضب عليه فحبسه بدمشق، وضربه حتى شخص شريح ابن هانئ المرادى إليه في أمره فتخلصه.
وكان يزيد بن معاوية قد حمد مشايعته وأتباعه لهواه، فكتب إلى عبيد الله بن زياد في توليته ماسبذان ومهر جانقذف وحلوان والماهين، وأقطعه ضياعا بالجبل، فبنى قصره المعروف بقصر كثير، وهو من عمل الدينور.
وكان زهرة بن الحارث بن منصور بن قيس بن كثير بن شهاب اتخذ بماسبذان ضياعا.
774- حدثني بعض ولد خشرم بن مالك بن هبيرة الأسدي أن أول نزول الخشارمة ماسبذان كان في آخر أيام بني أمية، نزع إليها جدهم من الكوفة.
775- وحدثني العمرى، وعن الهيثم بن عدي قال: كان زياد في سفر، فانقطع سفشق قبائه، فأخرج كثير بن شهاب إبرة كانت مغروزة في قلنسوته وخيطا كان معه فأصلح السفشق.
فقال له زياد: أنت حازم، وما مثلك يعطل.
فولاه بعض الجبل.

.فتح همذان:

77- قالوا: وجه المغيرة بن شعبة، وهو عامل عمر بن الخطاب على الكوفة، بعد عزل عمار بن ياسر، جرير بن عبد الله البجلي إلى همذان وذلك في سنة ثلاث وعشرين، فقاتله أهلها ودفع دونها فأصيبت عينه بسهم فقال: احتسبتها عند الله الذي زين بها وجهى ونور لي ما شاء ثم سلبنيها في سبيله.
ثم إنه فتح همذان على مثل صلح نهاوند.
وكان ذلك في آخر سنة ثلاث وعشرين، فقاتله أهلها ودفع عنها وغلب على أرضها فأخذها قسرا.
وقال الواقدي: فتح جرير نهاوند في سنة أربع وعشرين بعد ستة أشهر من وفاة عمر بن الخطاب رحمه الله.
وقد روى بعضهم أن المغيرة بن شعبة سار إلى همذان وعلى مقدمته جرير، فافتتحها، وأن المغيرة ضم همذان إلى كثير بن شهاب الحارثي.
777- وحدثني عباس بن هشام، عن أبيه، عن جده وعوانة بن الحكم أن سعد بن أبي وقاص لما ولي الكوفة لعثمان ابن عفان ولى العلاء بن وهب بن عبد بن وهبان، أحد بني عامر بن لؤي، ماه وهمذان. فغدر أهل همذان ونقضوا.
فقاتلهم، ثم إنهم نزلوا على حكمه فصالحهم على أن يؤدوا خراج أرضهم، وجزية الرؤوس، ويعطوه مائة ألف درهم للمسلمين، ثم لا يعرض لهم في مال ولا حرمة ولا ولد.
وقال ابن الكلبي: ونسبت القلعة التي تعرف بماذران إلى السرى بن نسير بن ثور العجلي، وهو كان أناخ عليها حتى فتحها.
778- وحدثني زياد بن عبد الرحمن البلخى، عن أشياخ من أهل سيسر قال: سميت سيسر لأنها في الخفاض من الأرض بين رؤس آكام ثلاثين.
فقيل: ثلاثون رأسا.
وكان سيسر تدعى سيسر صدخانيه، أي ثلاثون رأسا ومائة عين، وبها عيون كثيرة تكون مائة عين.
779- قالوا: ولم تزل سيسر وما والاها مراعى لمواشي الأكراد وغيرهم، وكانت بها مروج لدواب المهدي أمير المؤمنين وأغنامه، وعليها مولى له يقال له سليمان بن قيراط صاحب صحراء قيراط بمدينة السلام، وشريك معه يقال له سلام الطيفورى.
وكان طيفور مولى أبى جعفر المنصور وهبه للمهدى.
فلما كثر الصعاليك والدعار وانتشروا بالجبل في خلافة المهدي أمير المؤمنين جعلوا هذه الناحية ملجأ لهم وحوزا، فكانوا يقطعون ويأوون إليها، ولا يطلبون لأنها حد همذان والدينور وأذربيجان.
فكتب سليمان بن قيراط وشريكه إلى المهدي بخبرهم، وشكيا عرضهم لما في أيديهم من الدواب والأغنام.
فوجه إليهم جيشا عظيما، وكتب إلى سليمان وسلام يأمرهما ببناء مدينة يأويان إليها وأعوانهما ورعاتهما، ويحصنان فيها الدواب والاغنام ممن خافاه عليها.
فبنيا مدينة سيسر وحصناها وأسكناها الناس.
وضم إليها رستاق ما ينهرج من الدينور، ورستاق الجوذمة من أذربيجان من كورة برزة ورسطف وخابنجر، فكورت بهذه الرساتيق، ووليها عامل مفرد، وكان خراجها يؤدى إليه.
ثم إن الصعاليك كثروا في خلافة أمير المؤمنين الرشيد وشعثوا سيسر، فأمر بمرمتها وتحصينها، ورتب فيها ألف رجل من أصحاب خاقان الخادم السغدى ففيها قوم من أولادهم.
ثم لما كان في آخر أيام الرشيد وجه مرة بن أبي مرة الردينى العجلي على سيسر.
فحاول عثمان الاودى مغالبته عليها فلم يقدر على ذلك، وغلبه على ما كان في يده من أذربيجان أو أكثر.
ولم يزل مرة بن الرديني يؤدى الخراج عن سيسر في أيام محمد الرشيد على مقاطعة قاطعه عليها إلى أن وقعت الفتنة.
ثم إنها أخذت من عاصم بن مرة فأخرجت من يده في خلافة المأمون.
فرجعت إلى ضياع الخلافة.
780- وحدثني مشايخ من أهل المفازة، وهي متاخمة لسيسر، أن الجرشي لما ولى الجبل جلا أهل المفازة عنها فرفضوها.
وكان للجرشى قائد يقال له همام بن هانئ العبدي، فألجأ إليه أكثر أهل المفازة ضياعهم وغلب على ما فيها.
فكان يؤدى حق بيت المال فيها، حتى توفي.
وضعف ولده عن القيام بها.
فلما أقبل المأمون أمير المؤمنين من خراسان بعد قتل محمد بن زبيدة يريد مدينة السلام اعترضه بعض ولد همام ورجل من أهلها يقال له محمد بن العباس وأخبرا بقصتها ورضاء جميع أهلها أن يعطوه رقبتها ويكونوا مزارعين له فيها، على أن يعزوا ويمنعوا من الصعاليك وغيرهم.
فقبلها وأمر بتقويتهم ومعونتهم على عمارتها ومصلحتها فصارت من ضياع الخلافة.
781- وحدثني المدائني أن ليلى الاخيلية أتت الحجاج فوصلها، وسألته أن يكتب لها إلى عامله بالرى فلما صارت بساوة ماتت فدفنت هناك.

.قم وقاشان وإصبهان:

782- قالوا: لما انصرف أبو موسى عبد الله بن قيس الأشعري من نهاوند سار إلى الأهواز فاستقراها.
ثم أتى قم وأقام عليها أياما ثم افتتحها، ووجه الأحنف بن قيس، واسمه الضحاك بن قيس التميمي، إلى قاشان ففتحها عنوة. ثم لحق به.
ووجه عمر بن الخطاب عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعى إلى إصبهان سنة ثلاث وعشرين، ويقال بل كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري يأمره بتوجيهه في جيش إلى إصبهان، فوجهه، ففتح عبد الله بن بديل جى صلحا بعد قتال، على أن يؤدى أهلها الخراج والجزية.
وعلى أن يؤمنوا على أنفسهم وأموالهم، خلا ما في أيديهم من السلاح.
ووجه عبد الله بن بديل الأحنف بن قيس، وكان في جيشه، إلى اليهودية.
فصالحه أهلها على مثل ذلك الصلح.
وغلب ابن بديل على أرض إصبهان وطساسيجها.
وكان العامل عليها إلى أن مضت من خلافة عثمان سنة، ثم ولاها عثمان السائب بن الأقرع.
783- وحدثني محمد بن سعد مولى بني هاشم قال: حدثنا موسى بن إسماعيل، عن سليمان بن مسلم، عن خاله بشير بن أبي أمية أن الأشعري نزل بإصبهان فعرض عليهم الإسلام فأبوا، فعرض عليهم الجزية فصالحوه عليها، فباتوا على صلح ثم أصبحوا على غدر. فقاتلهم وأظهره الله عليهم.
قال محمد بن سعد: أحسبه عن أهل قم.
784- وحدثني محمد بن سعد قال: حدثني الهيثم بن جميل، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق قال: وجه عمر بن بديل الخزاعى إلى إصبهان. وكان مرزبانها مسنا يسمى الفادوسفان. فحاصره وكاتب أهل المدينة فخذلهم عنه.
فلما رأى الشيخ التياث الناس عليه اختار ثلاثين رجلا من الرماة يثق ببأسهم وطاعتهم ثم خرج من المدينة هاربا يريد كرمان، ليتبع يزدجرد ويلحق به.
فانتهى خبره إلى عبد الله بن بديل فاتبعه في خيل كثيفة فالتفت الأعجمي إليه وقد علا شرفا فقال: ابق على نفسك، فليس يسقط لمن ترى سهم، فإن حملت رميناك وإن شئت أن تبارزنا بارزناك.
فبارز الأعجمي فضربه ضربة وقعت على قربوس سرجه فكسرته وقطعت اللبب.
ثم قال له: يا هذا! ما أحب قتلك، فإني أراك عاقلا شجاعا، فهل لك في أن أرجع معك فأصالحك على أداء الجزية عن أهل بلدي فمن أقام كان ذمة ومن هرب لم تعرض له، وأدفع المدينة إليك.
فرجع ابن بديل معه ففتح جى ووفى بما أعطاه، وقال: يا أهل إصبهان! رأيتكم لئاما متخاذلين، فكنت أهلا لما فعلت بكم.
785- قالوا: وسار ابن بديل في نواحي إصبهان، سهلها وجبلها، فغلب عليها، وعاملهم في الخراج نحو ما عامل عليه أهل الاهوز.
786- قالوا: وكان فتح إصبهان وأرضها في بعض سنة ثلاث وعشرين وأربع وعشرين.
787- وقد روى أن عمر بن الخطاب وجه عبد الله بن بديل في جيش فوافى أبا موسى وقد فتح قم وقاشان.
فغزوا جميعا إصبهان، وعلى مقدمة أبى موسى الأشعري الأحنف بن قيس، ففتحا اليهودية جميعا على ما وصفنا، ثم فتح ابن بديل جى وسارا جميعا في أرض إصبهان فغلبا عليها.
وأصح الاخبار أن أبا موسى فتح قم وقاشان، وأن عبد الله بن بديل فتح جى واليهودية.
788- وحدثني أبو حسان الزيادي، عن رجل من ثقيف قال: كان لعثمان بن أبي العاصي الثقفي مشهد بإصبهان.
789- وحدثنا محمد بن يحيى التميمي، عن أشياخه قال: كانت للاشراف من أهل إصبهان معاقل بجفرباذ من رستاق الثيمرة الكبرى بهجاورسان، وبقلعة تعرف بماربين.
فلما فتحت جى دخلوا في الطاعة على أن يؤدوا الخراج وأنفوا من الجزية فأسلموا.
790- وقال الكلبي وأبو اليقظان: ولى الهذيل بن قيس العنبري إصبهان في أيام مروان، فمذ ذاك صار العنبريون إليها.
791- قالوا: وكان جد أبى دلف وأبو دلف القاسم بن عيسى بن إدريس ابن معقل العجلي يعالج العطر ويحلب الغنم.
فقدم الجبل في عدة من أهله، فنزلوا قرية من قرى همذان تدعى مس.
ثم إنهم أثروا واتخذوا الضياع.
ووثب إدريس بن معقل على رجل من التجار كان له عليه مال فخنقه، ويقال: بل خنقه وأخذ ماله.
فحمل إلى الكوفة وحبس بها في ولاية يوسف بن عمر الثقفي العراق زمن هشام بن عبد الملك.
ثم إن عيسى بن إدريس نزل الكرج وغلب عليها وبنى حصنها، وكان حصنا رثا.
وقويت حال أبى دلف القاسم بن عيسى وعظم شأنه عند السلطان، فكبر ذلك الحصن، ومدن الكرج فقيل: كرج أبى دلف.
والكرج اليوم مصر من الأمصار.
وكان المأمون وجه علي بن هشام المروزي إلى قم، وقد عصا أهلها وخالفوا ومنعوا الخراج، وأمره بمحاربتهم وأمده بالجيوش ففعل، وقتل رئيسهم، وهو يحيى بن عمران، وهدم سور مدينتهم وألصقه بالأرض، وجباها سبعة آلاف ألف درهم وكسرا، وكان أهلها قبل ذلك يتظلمون من ألفي ألف درهم.
وقد نقضوا في خلافة أبى عبد الله المعتز بالله ابن المتوكل على الله، فوجه إليهم موسى ابن بغا عامله على الجبل، لمحاربة الطالبيين الذين ظهروا بطبرستان، ففتحت عنوة وقتل من أهلها خلق كثير.
وكتب المعتز بالله في حمل جماعة من وجوهها.