فصل: فتح الموصل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.فتح أذربيجان:

811- حدثنا الحسين بن عمرو الاردبيلى، عن واقد الاردبيلى، عن مشايخ أدركهم أن المغيرة بن شعبة قدم الكوفة واليا من قبل عمر ابن الخطاب، ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أذربيجان. فأنقذه إليه وهو بنهاوند أو بقربها.
فسار حتى أتى أردبيل، وهي مدينة أذربيجان وبها مرزبانها، وإليه جباية خراجها.
وكان المرزبان قد جمع إليه المقاتلة من أهل باجروان وميمذ والنرير وسراة والشيز والميانج وغيرهم.
فقاتلوا المسلمين قتالا شديدا أياما، ثم إن المرزبان صالح حذيفة عن جميع أهل أذربيجان على ثمان مائة ألف درهم وزن ثمانية، على أن لا يقتل منهم أحدا ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار، ولا يعرض لاكراد البلاسجان وسبلان وساترودان، ولا يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم وإظهار ما كانوا يظهرونه.
ثم أنه غزا موقان وجيلان فأوقع بهم وصالحهم على أتاوة.
812- قالوا: ثم عزل عمر حذيفة وولى أذربيجان عتبة بن فرقد السلمي.
فأتاها من الموصل، ويقال بل أتاها من شهرزور، على السلق الذي يعرف اليوم بمعاوية الاودى.
فلما دخل أردبيل وجد أهلها على العهد. وانتقضت عليه نواح فغزاها فظفر وغنم، وكان معه عمر بن عتبة الزاهد. وروى الواقدي في إسناده أن المغيرة بن شعبة غزا أذربيجان من الكوفة في سنة (22)، حتى انتهى إليها ففتحها عنوة، ووضع عليها الخراج.
وروى ابن الكلى، عن أبي مخنف أن المغيرة غزا أذربيجان سنة (20) ففتحها.
ثم إنهم كفروا فغزاها الأشعث بن قيس الكندي، ففتح حصن باجروان، وصالحهم على صلح المغيرة، ومضى صلح الأشعث إلى اليوم.
وكان أبو مخنف لوط بن يحيى يقول: إن عمر ولى سعدا ثم عمارا ثم المغيرة، ثم رد سعدا وكتب إليه وإلى أمراء الأمصار في قدوم المدينة في السنة التي توفي فيها.
فلذلك حضر سعد الشورى، وأوصى القائم بالخلافة أن يردة إلى عمله.
وقال غيره: توفي عمر والمغيرة واليه على الكوفة.
وأوصى بتولية سعد الكوفة، وتولية أبي موسى البصرة، فولاهما عثمان ثم عزلهما.
813- وحدثني المدائني، عن علي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، عن الزهري قال: لما هزم الله المشركين بنهاوند رجع الناس إلى أمصارهم، وبقي أهل الكوفة مع حذيفة، فغزا اذربيجان فصالحوه على مائة ألف.
814- وحدثني المدائني، عن علي بن مجاهد، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي قال: عزل عمر حذيفة عن أذربيجان واستعمل عليها عتبة بن فرقد السلمي.
فبعث إليه بأخبصة قد أدرجها في كرابيس.
فلما وردت عليه قال: أورق؟ قالوا: لا.
قال: فما هي؟ قال: لطف بعث به.
فلما نظر إليه قال: ردوها عليه.
وكتب إليه: يا ابن أم عتبة! إنك لتأكل الخبيص من غير كد أبيك.
وقال عتبة: قدمت من اذربيجان وافدا على عمر فإذا بين يديه عصلة جزور.
815- وحدثني المدائني، عن عبد الله بن القاسم، عن فروة بن لقط: قال لما قام عثمان بن عفان رضي الله عنه استعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط، فعزل عتبة عن أذربيجان، فنقضوا.
فغزاهم الوليد سنة خمس وعشرين وعلى مقدمته عبد الله بن شبل الأحمسي.
فأغار على أهل موقان والببر والطيلسان فغنم وسبى، وطلب أهل كور أذربيجان الصلح فصالحهم على صلح حذيفة.
قال ابن الكلبي: ولى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه أذربيجان سعيد ابن سارية الخزاعى، ثم الأشعث بن قيس الكندي.
816- وحدثني عبد الله بن معاذ العنقزى، عن أبيه، عن سعد بن الحكم بن عتبة، عن زيد بن وهب قال: لما هزم الله المشركين بنهاوند رجع أهل الحجاز إلى حجازهم وأهل البصرة إلى بصرتهم، وأقام حذيفة بنهاوند في أهل الكوفة. فغزا أذربيجان، فصالحوه على ثمانمائة ألف درهم.
فكتب إليهم عمر بن الخطاب: إنكم بأرض يخالط طعام أهلها ولباسهم الميتة، فلا تأكلوا إلا ذكيا ولا تليسوا إلا زكيا.
يريد الفراء.
817- وحدثني العباس بن الوليد النرسي قال: ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: كنت مع عتبة بن فرقد حين افتتح أذربيجان.
فصنع سفطين من خبيص وألبسهما الجلود واللبود ثم بعث بهما إلى عمر مع سحيم مولى عتبة. فلما قدم عليه قال: ما الذي جئت به؟ أذهب أم ورق؟ وأمر به فكشف عنه، فذاق الخبيص فقال: إن هذا لطيب أثر! أكل المهاجرين أكل منه شيعه؟ قال: لا، إنما هو شيء خصك به.
فكتب إليه: من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى عتبة بن فرقد.
أما بعد فليس من كدك ولا كد أمك ولا كد أبيك.
لا نأكل إلا ما يشبع منه المسلمون في رحالهم.
818- وحدثني الحسين بن عمرو وأحمد بن مصلح الأزدي، عن مشايخ من أهل أذربيجان قالوا: قدم الوليد بن عقبة أذربيجان ومعه الأشعث بن قيس. فلما انصرف الوليد ولاه أذربيجان فانتقضت. فكتب إليه يستمده. فأمده بجيش عظيم من أهل الكوفة.
فتتبع الأشعث بن قيس حانا حانا- وألحان الحائر في كلام أهل أذربيجان- ففتحها على مثل صلح حذيفة وعتبة بن فرقد، وأسكنها ناسا من العرب من أهل العطاء والديوان، وأمرهم بدعاء الناس إلى الإسلام.
ثم تولى سعيد بن العاصي فغزا أهل أذربيجان فأوقع بأهل موقان وجيلان، وتجمع له بناحية أرم وبلوانكرح (؟) خلق من الأرمن وأهل أذربيجان، فوجه إليهم جرير بن عبد الله البجلي فهزمهم، وأخذ رئيسهم فصلبه على قلعة باجروان.
ويقال إن الشماخ بن ضرار الثعلب كان مع سعيد بن العاصي في هذه الغزاة، وكان بكير بن شداد بن عامر فارس أطلال معهم في هذه الغزاة، وفيه يقول الشماخ:
وغنيت عن خيل بموقان أسلمت ** بكير بنى الشداخ فارس أطلال

وهو من بني كنانة، وهو الذي سمع يهوديا في خلافة عمر ينشد:
وأشعث غره الإسلام مني ** خلوت بعرسه ليل التمام فقتله

ثم ولى علي بن أبي طالب الأشعث أذربيجان.
فلما قدمها وجد أكثرها قد أسلموا وقرأوا القرآن.
فأنزل أدربيل جماعة من أهل العطاء والديوان من العرب، ومصرها، وبنى مسجدها، إلا أنه وسع بعد ذلك.
قال الحسين بن عمرو: وأخبرني واقد أن العرب لما نزلت أذربيجان نزعت إليها عشائرها من المصرين والشام، وغلب كل قوم على ما أمكنهم، وابتاع بعضهم من العجم الارضين، وألجئت إليهم القرى للخفارة، فصار أهلها مزارعين لهم.
وقال الحسين: كانت ورثان قنطرة كقنطرتي وحش وأرشق اللتين اتخذتا حديثا أيام بابك، فبناها مروان بن محمد بن مروان بن الحكم، وأحيا أرضها وحصنها، فصارت ضيعة له.
ثم قبضت مع ما قبض من ضياع بني أمية، فصارت لام جعفر زبيدة بنت جعفر بن المنصور أمير المؤمنين، وهدم وكلاؤها سورها. ثم رم وجدد قريبا، وكان الورثانى من مواليها.
قال: وكانت برزند قرية فعسكر فيها الأفشين حيدر بن كاوس عامل أمير المؤمنين المعتصم بالله على أذربيجان وأرمينية والجبل أيام محاربته الكافر بابك الخرمى وحصنها.
819- قالوا: وكانت المراغة تدعى اقراهروذ. فعسكر مروان بن محمد، وهو والى أرمينية وأذربيجان- منصرفه من غزوة موقان وجيلان- بالقرب منها. وكان فيها سرجين كثير، فكانت دوابه ودواب أصحابه تمرغ فيها، فجعلوا يقولون: ايتوا قرية المراغة. ثم حذف الناس قرية وقالوا: المراغة.
وكان أهلها ألجأوها إلى مروان فابتناها، وتألف وكلاؤه الناس فكثروا فيها للتعزز، وعمروها.
ثم إنها قبضت مع ما قبض من ضياع بني أمية. وصارت لبعض بنات الرشيد أمير المؤمنين.
فلما عاث الوجناء الأزدي وصدقة بن علي مولى الأزد فأفسدا، وولى خزيمة بن خازم بن خزيمة أرمينية وأذربيجان في خلافة الرشيد، بنى سورها وحصنها ومصرها، وأنزلها جندا كثيفا. ثم لما ظهر بابك الخرمى بالبذ لجأ الناس إليها فنزلوها وتحصنوا فيها. ورم سورها في أيام المأمون عدة من عماله، منهم: أحمد بن الجنيد بن فرزندى، وعلي بن هشام. ثم نزل الناس ربضها وحصن.
وأما مرند فكانت قرية صغيرة فنزلها حلبس أبو البعيث، ثم حصنها البعيث، ثم ابنه محمد بن البعيث. وبنى بها محمد قصورا.
وكان قد خالف في خلافة أمير المؤمنين المتوكل على الله فحاربه بغا الصغير مولى أمير المؤمنين حتى ظفر به وحمله إلى سر من رأى، وهدم حائط مرند وذلك القصر.
والبعيث من ولد عتيب بن عمرو بن وهب بن أقصى بن دعمى بن جديلة بن أسد ابن ربيعة.
ويقال إنه عتيب بن عوف بن سنان. والعتبيون يقولون ذلك، والله أعلم.
وأما أرمية فمدينة قديمة يزعم المجوس أن زردشت صاحبهم كان منها.
وكان صدقة بن علي بن صدقة بن دينار، مولى الأزد، حارب أهلها حتى دخلها وغلب عليها، وبنى وإخوته بها قصورا.
وأما تبريز فنزلها الرواد الأزدي، ثم الوجناء بن الرواد، وبنى بها وإخوته بناء، وحصنها بسور، فنزلها الناس معه. وأما الميانج وخلباثا فمنازل الهمدانيين.
وقد مدن عبد الله بن جعفر الهمداني محلته بالميانج، وصير السلطان بها منبرا.
وأما كورة برزة فللاود، وقصبتها لرجل منهم جمع الناس إليها وبنى بها حصنا، وقد اتخذ بها في سنة (239) منبر على كره من الأودى.
وأما نرير فكانت قرية لها قصر قديم متشعث، فنزلها مر بن عمرو الموصلي الطائى فبنى بها وأسكنها ولده.
ثم انهم بنوا بها قصورا ومدنوها، وبنوا سوق جابروان وكبروه، وأفرده السلطان لهم فصاروا يتولونه دون أذربيجان.
فأما سراة فإن فيها من كندة جماعة أخبرني بعضهم أنه من ولد من كان مع الأشعث بن قيس الكندي.

.فتح الموصل:

820- قالوا: ولى عمر بن الخطاب عتبة بن فرقد السلمي الموصل سنة عشرين.
فقاتله أهل نينوى، فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على الجزية والاذن لمن أراد الجلاء في الجلاء.
ووجد بالموصل ديارات فصالحه أهلها على الجزية.
ثم فتح المرج وقراه، وأرض باهذرى، وباعذرى، وحبتون، والحنانة، والمعلة، ودامير، وجميع معاقل الأكراد. وأتى بانعاثا من حزة ففتحها.
وأتى تل الشهارجة والسلق الذي يعرف ببنى الحرين صالح بن عبادة الهمداني صاحب رابطة الموصل، ففتح ذلك كله وغلب عليه المسلمون.
821- وأخبرني معافى بن طاوس، عن مشايخ من أهل الموصل قال: كانت أرمية من فتوح الموصل، فتحها عتبة بن فرقد.
وكان خراجها حينا إلى الموصل. وكذلك الحور، وخوى وسلماس.
قال معافى: وسمعت أيضا أن عتبة فتحها حين ولى أذربيجان. والله أعلم.
822- وحدثني العباس بن هشام الكلبي، عن أبيه، عن جده قال: أول من اختط الموصل وأسكنها العرب ومصرها هرثمة بن عرفجة البارقي.
823- حدثني أبو موسى الهروي، عن أبي الفضل الأنصاري، عن أبي المحارب الضبي أن عمر بن الخطاب عزل عتبة عن الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقي.
وكان بها الحصن وبيع للنصارى، ومنازل لهم قليلة عند تلك البيع ومحلة اليهود.
فمصرها هرثمة فأنزل العرب منازلهم واختط لهم، ثم بنى المسجد الجامع.
824- وحدثني المعافى بن طاووس قال: الذي فرش الموصل بالحجارة ابن تليد صاحب شرطة محمد بن مروان بن الحكم. وكان محمد والى الموصل والجزيرة وأرمينية وأذربيجان.
825- قال الواقدي: ولى عبد الملك بن مروان ابنه سعيد بن عبد الملك ابن مروان صاحب نهر سعيد الموصل. وولى محمدا أخاه الجزيرة وأرمينية. فبنى سعيد سور الموصل، وهو الذي هدمه الرشيد حين مر بها. وقد كانوا خالفوا قبل ذلك، وفرشها سعيد بالحجارة.
826- وحدثت عن بعض أهل بابغيش أن المسلمين كانوا طلبوا غرة أهل ناحية منها، مما يلي دامير، يقال لها زران. فأتوهم في يوم عيد لهم وليس معهم سلاح، فحالوا بينهم وبين قلعتهم وفتحوها.
827- قالوا: ولما اختط هرثمة الموصل وأسكنها العرب أتى الحديثة، وكانت قرية قديمة فيها بيعتان وأبيات للنصارى، فمصرها وأسكنها قوما من العرب، فسميت الحديثة لأنها بعد الموصل. وبنى نحوه حصنا.
ويقال إن هرثمة نزل الحديثة أولا فمصرها واختطها قبل الموصل، وإنها إنما سميت الحديثة حين تحول إليها من تحول من أهل الأنبار، لما وليهم ابن الرفيل أيام الحجاج ابن يوسف فعسفها. وكان فيهم قوم من أهل حديثة الأنبار فبنوا بها مسجدا وسموا المدينة الحديثة.
828- قالوا: وافتتح عتبة بن فرقد الطيرهان وتكريت، وآمن أهل حصن تكريت على أنفسهم وأموالهم، وسار في كورة باجرمى، ثم صار إلى شهرزور.
829- وحدثني شيخ من أهل تكريت أنه كان معهم كتاب أمان وشرط لهم.
فخرقه الجرشي حين أخرب قرى الموصل نرساباذ وهاعلة وذواتها.
وزعم الهيثم بن عدي أن عباض بن غنم لما فتح بلدا أتي الموصل ففتح أحد الحصنين. والله تعالى أعلم.