فصل: أموال بني النضير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



فتوح البلدان
البلاذري
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه أستعين

.(مسجد قباء):

1- قال أحمد بن يحيى بن جابر: أخبرني جماعة من أهل العلم بالحديث والسيرة وفتوح البلدان سقت حديثهم واختصرته ورددت من بعضه على بعض أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة من مكة نزل على كلثوم ابن الهدم بن امرئ القيس بن الحارث بن زيد بن عبيد بن أمية بن زيد بن مالك ابن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بقباء، وكان يتحدث عنده سعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك أحد بنى السلم بن امرئ القيس بن مالك ابن الأوس حتى ظن قوم أنه نزل عنده.
وكان المتقدمون في الهجرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن نزلوا عليه من الأنصار بنوا بقباء مسجدا يصلون فيه، والصلاة يومئذ إلى بيت المقدس، فلما ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء صلى بهم فيه.
فاهل قباء يقولون إنه المسجد الذي يقوم الله تعالى فيه: {لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه} وروى أن المسجد الذي أسس على التقوى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2- حدثنا عفان بن مسلم الصفار قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرني هشام بن عروة، عن عروة أنه قال في هذه الآية: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} قال: كان سعد بن خيثمة بنى مسجد قباء، وكان موضعه للبة تربط فيه حمارها.
فقال أهل الشقاق: أنحن نسجد في موضع كان يربط فيه حمار لبة؟ لا، ولكنا نتخذ مسجدا نصلى فيه حتى يجيئنا أبو عامر فيصلى بنا فيه.
وكان أبو عامر قد فر من الله ورسوله إلى أهل مكة ثم لحق بالشام فتنصر، فأنزل الله تعالى: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل} يعنى أبا عامر.
3- وحدثنا روح بن عبد المؤمن المقرى قال: حدثني بهز بن أسد قال: حدثنا حماد بن زيد قال: أخبرنا أيوب، عن سعيد بن جبير أن بني عمرو بن عوف ابتنوا مسجدا فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه، فحسدهم اخوتهم بنو غنم بن عوف فقالوا: لو بنينا أيضا مسجدا وبعثنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فيه كما صلى في مسجد أصحابنا، ولعل أبا عامر أن يمر بنا إذا أتى من الشام فيصلى بنا فيه.
فبنوا مسجدا وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يأتيه فيصلى فيه.
فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لينطلق إليهم أتاه الوحي فنزل عليه فيهم: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله} قال: «هو أبو عامر».
{لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان} قال: «هذا مسجد قباء».
4- وحدثنا محمد بن حاتم بن ميمون قال: حدثنا يزيد بن هارون عن هشام، عن الحسن قال: «لما نزلت هذه الآية: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مسجد قباء فقال: ما هذا الطهور الذي ذكرتم به؟ قالوا: يا رسول الله! إنا نغسل أثر الغائط والبول».
5- وحدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى، عن عامر قال: كان ناس من أهل قباء يستنجون بالماء، فنزلت فيهم: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا}.
6- حدثني عمرو بن محمد الناقد وأحمد بن هشام بن بهرام قالا: حدثنا وكيع بن الجراح قال: أخبرنا ربيعة بن عثمان عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد قال: «اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى. فقال أحدهما: هو مسجد الرسول. وقال الآخر: هو مسجد قباء. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه. فقال: هو مسجدي هذا».
7- حدثنا عمرو بن محمد ومحمد بن حاتم بن ميمون قالا: حدثنا وكيع عن ربيعة بن عثمان التيمي عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، عن ابن عمر قال: «المسجد الذي أسس على التقوى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم».
8- حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد، عن أبي بن كعب قال: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال: هو مسجدي هذا».
9- حدثني هدبة بن خالد قال: حدثنا أبو هلال الراسبى قال: أخبرنا قتادة، عن سعيد بن المسيب في قوله: {لمسجد أسس على التقوى} قال: هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم الأعظم.
10- حدثنا علي بن عبد الله المديني قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد، عن خارجة بن زيد بن ثابت قال: المسجد الذي أسس على التقوى مسجد الرسول عليه السلام.
11- حدثنا عفان قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا داود بن أبي هند، عن سعيد بن المسيب قال: المسجد الذي أسس على التقوى مسجد المدينة الأعظم.
12- حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون السمين قال: حدثنا وكيع حدثنا أسامة بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه قال: هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، يعنى الذي أسس على التقوى.
14- قالوا: وقد وسع مسجد قباء بعد وزيد فيه.
وكان عبد الله بن عمر إذا دخله صلى إلى الاصطوانة المخلقة، وكان ذلك مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
15- قالوا: وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وركب منها يوم الجمعة يريد المدينة.
فجمع في مسجد كان بنو سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج بنوه، وكانت تلك أول جمعة جمع فيها.
ثم مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنازل الأنصار منزلا منزلا، وكلهم يسأله النزول عليه، حتى إذا انتهى إلى موضع مسجده بالمدينة بركت ناقته فنزل عنها، وجاء أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار ابن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج فأخذ رحله، فنزل صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب.
وأراده قوم من الخزرج على النزول عندهم فقال: «المرء مع رحله».
فكان مقامه في منزل أبى أيوب سبعة أشهر.
ونزل عليه تمام الصلاة بعد مقدمه بشهر، ووهبت الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل فضل كان في خططها، وقالوا: يا نبي الله! إن شئت فخذ منازلنا.
فقال لهم خيرا.
16- قالوا: وكان أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار نقيب النقباء يجمع بمن يليه من المسلمين في مسجد له، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فيه.
ثم إنه سأل أسعد أن يبيعه أرضا متصلة بذلك المسجد كانت في يده ليتيمين في حجره يقال لهما سهل وسهيل ابنا رافعا بن أبي عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم، فعرض عليهم أن يأخذها ويغرم عنه لليتيمين ثمنها، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك وابتاعها منه بعشرة دنانير أداها من مال أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر باتخاذ اللبن فاتخذ، وبنى به المسجد، ورفع أساسه بالحجارة، وسقف بالجريد، وجعلت عمده جذوعا.
فلما استخلف أبو بكر رضي الله عنه لم يحدث فيه شيئا، واستخلف عمر رضي الله عنه فوسعه وكلم العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه في بيع داره ليزيدها فيه، فوهبها العباس لله والمسلمين فزادها عمر رضي الله عنه في المسجد.
ثم إن عثمان بن عفان رضي الله عنه بناه في خلافته بالحجارة والقصة، وجعل عمده حجارة وسقفه بالساج، وزاد فيه، ونقل إليه الحصباء من العقيق.
وكان أول من اتخذ فيه المقصورة مروان بن الحكم بن أمية بناها بحجارة منقوشة، ثم لم يحدث فيه شيء إلى أن ولى الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد أبيه، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز، وهو عامله على المدينة، يأمره بهدم المسجد وبنائه، وبعث إليه بمال وفسيفساء ورخام وثمانين صانعا من الروم والقبط من أهل الشام ومصر.
فبناه وزاد فيه، وولى القيام بأمره والنفقة عليه صالح بن كيسان مولى سعدى مولاة آل معيقيب بن أبي فاطمة الدوسي، وذلك في سنة سبع وثمانين، ويقال في سنة ثمان وثمانين.
ثم لم يحدث فيه أحد من الخلفاء شيئا حتى استخلف المهدي أمير المؤمنين صلوات الله عليه.
17- قال الواقدي: بعث المهدي عبد الملك بن شبيب الغساني ورجلا من ولد عمر بن عبد العزيز إلى المدينة لبناء مسجدها والزيادة فيه، وعليها يومئذ جعفر بن سليمان بن علي، فمكثا في عمله سنة، وزادا في مؤخره مائة ذراع، فصار طوله ثلاثمائة ذراع وعرضه مائتي ذراع.
18- وقال علي بن محمد المدائني: ولى المهدي أمير المؤمنين جعفر بن سليمان مكة والمدينة واليمامة، فزاد في مسجد مكة ومسجد المدينة، فتم بناء مسجد المدينة في سنة اثنتين وستين ومائة، وكان المهدي أتى المدينة في سنة ستين قبل الحج، فأمر بقلع المصقورة وتسويتها مع المسجد.
ولما كانت سنة ست وأربعين ومائتين أمر أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله رحمه الله بمرمة مسجد المدينة، فحمل إليه فسيفساء كثير، وفرغ منه في سنة سبع وأربعين ومائتين.
19- حدثني عمر بن حماد بن أبي حنيفة قال: حدثنا مالك بن أنس قال: حدثنا هشام ابن عروة عن أبيه، عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما يفتح من مصر أو مدينة عنوة، فإن المدينة فتحت بالقرآن».
20- حدثنا شيبان بن أبي شيبة الأبلي قال: حدثنا أبو الأشهب قال: أخبرنا الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لكل نبي حرما وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم عليه السلام مكة ما بين حرتيها، لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا يحمل فيها السلاح لقتال فمن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل».
21- وحدثني روح بن عبد المؤمن البصري المقرى قال: حدثنا أبو عوانه عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إن إبراهيم عبدك ورسولك وأنا عبدك ورسولك، وإني قد حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم مكة».
فكان أبو هريرة يقول: والذي نفسي بيده لو أجد الظباء ببطحان ما عانيتها.
22- وحدثنا شيبان بن أبي شيبة قال: حدثنا القاسم بن الفضل الحدانى عن محمد بن زياد، عن جده، وكان مولى عثمان بن مظعون وكانت في يده أرض لآل مظعون بالحرة، قال: كان عمر بن الخطاب ربما أتاني نصف النهار واضعا ثوبه على رأسه، فيجلس إلي ويتحدث عندي، فأجيئه من القثاء والبقل.
فقال لي يوما: لا تبرح، فقد استعملتك على ما هاهنا، ولا تدعن أحدا يخبط شجرة ولا يعضدها، يعنى من شجر المدينة، فإن وجدت أحدا يفعل ذلك فخذ حبله وفأسه.
قال قلت: آخذ ثوبه؟ قال: لا.
32- وحدثني أبو مسعود بن القتات قال: حدثنا ابن أبي يحيى المدنى عن جعفر بن محمد، عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم من الشجر ما بين أحد إلى عير، وأذن لصاحب الناضح في الغضا، وما يصلح به محارثه وعربه».
24- حدثني بكر بن الهيثم: قال حدثنا عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد عن هشام ابن سعد عن زيد بن أسلم، عن أبيه قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لرجل استعمله على حمى الربذة نسى بكر اسمه: أضمم جناحك عن كل مسلم، واتق دعوة المظلوم فإنها مجابة، وأدخل رب الصريمة والغنيمة، ودعني من نعم ابن عفان وابن عوف، فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعا إلى زرع، وإن هذا البائس إن تهلك ماشيته يجئ فيصرخ يا أمير المؤمنين! يا أمير المؤمنين، فالكلاء أهون على المسلمين من غرم المال ذهبه وورقه.
والله إنها لارضهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الإسلام، وإنهم ليرون أنى أظلمهم، ولولا النعم التي تحمل عليها في سبيل الله ما حميت عن الناس من بلادهم شيئا أبدا.
25- حدثنا القاسم بن سلام أبو عبيد قال: حدثنا ابن أبي مريم عن العمرى عن نافع، عن ابن عمر قال: «حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقيع لخيل المسلمين».
قال لي أبو عبيد: بالنون.
وقال: النقيع فيه قاع ذرق وهو الحندقوق.
26- وحدثني مصعب بن عبد الله الزبيري عن أبيه عن ابن الدراوردى عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه، عن سعد بن أبي وقاص أنه وجد غلاما يقطع الحمى، فضربه وسلبه فأسه.
فدخلت مولاته أو امرأة من أهله على عمر رضي الله عنه فشكت إليه سعدا، فقال عمر: رد الفأس والثياب أبا إسحاق رحمك الله.
فأبى وقال: لا أعطى غنيمة غنمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
سمعته يقول: «من وجدتموه يقطع الحمى فاضربوه واسلبوه».
فاتخذ من الفأس مسحاة فلم يزل يعمل بها في أرضه حتى توفي.
27- وحدثنا أبو الحسن المدائني، عن ابن جعدبة وأبى معشر قالا: لما كان النبي صلى الله عليه وسلم بظريب- التأويل مقدمه من غزوة ذي قرد- قالت له بنو حارثة من الأنصار: يا رسول الله! ها هنا مسارح إبلنا ومرعى غنمنا ومخرج نسائنا، يعنون موضع الغابة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قطع شجرة فليغرس مكانها ودية».
فغرست الغابة.
28- وحدثني عبد الأعلي بن حماد النرسي قال: حدثنا حماد بن سلمة قال: أخبرنا محمد بن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة، عن أبيه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في وادي مهزور أن يحبس الماء في الأرض إلى الكعبين فإذا بلغ الكعبين أرسل إلى الأخرى، لا يمنع الأعلى الأسفل».
29- وحدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور أن الأعلى يمسك على من أسفل منه حتى يبلغ الكعبين ثم يرسله على من أسفل منه».
30- وحدثني عمر بن أبي حنيفة قال: حدثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، عن أبيه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل مهزور ومذينب أن يحبس الماء حتى يبلغ الكعبين ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل».
قال مالك: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل بطحان بمثل ذلك.
31- وحدثني الحسين بن الأسود العجلي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا يزيد ابن عبد العزيز عن محمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك، عن أبيه قال: «اختصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مهزور وادي بنى قريظة، فقضى أن الماء إلى الكعبين لا يحبسه الأعلى على الأسفل».
32- وحدثني الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا حفص بن غياث عن جعفر ابن محمد، عن أبيه قال: «قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سيل مهزور أن لأهل النخل إلى العقبين، ولأهل الزرع إلى الشراكين، ثم يرسلون الماء إلى من هو أسفل منهم».
33- وحدثني حفص بن عمر الدوري قال: حدثنا عباد بن عباد قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بطحان على ترعة من ترع الجنة».
34- وحدثني علي بن محمد المدائني أبو الحسن، عن ابن جعدبة وغيره قالوا: أشرفت المدينة على الغرق في خلافة عثمان من سيل مهزور حتى اتخذ له عثمان ردما.
35- قال أبو الحسن: وجاء أيضا بماء مخوف عظيم في سنة ست وخمسين ومائة فبعث إليه عبد الصمد بن علي بن عبد الله العباس، وهو الأمير يومئذ، عبيد الله بن أبي سلمة العمرى، فخرج وخرج الناس بعد صلاة العصر وقد ملا السيل صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدلتهم عجوز من أهل العالية على موضع كانت تسمع الناس يذكرونه، فحفروه فوجد الماء منسربا، فغاص منه إلى وادي بطحان.
قال: ومن مهزور إلى مذينب شعبة يصب فيها.
36- حدثني محمد بن أبان الواسطي قال: حدثنا أبو هلال الراسبى قال: حدثنا الحسن قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة وأهلها وسماها طيبة.
37- وحدثني أبو عمر حفص بن عمر الدوري قال: حدثنا عباد بن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة أم المؤمنين قالت: «لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة مرض المسلمون بها، فكان ممن اشتد به مرضه أبو بكر وبلال وعامر ابن فهيرة فكان أبو بكر رضي الله عنه يقول في مرضه:
كل امرئ مصبح في أهله ** والموت أدنى من شراك نعله

وكان بلال رضي الله عنه يقول:
ألا ليت شعرى هل ابيتن ليلة ** بفخ وحولي أذخر وجليل

وهل أردن يوما مياه مجنة ** وهل يبدون لي شامة وطفيل

وكان عامر بن فهيرة يقول:
لقد وجدت الموت قبل ذوقه ** إن الجبان حتفه من فوقه

كل امرئ مجاهد بطوقه ** كالثور يحمى جلده بروقه

قال: فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: اللهم طيب لنا المدينة كما طيبت لنا مكة، وبارك لنا في مدها وصاعها»
.
38- حدثنا الوليد بن صالح قال: حدثنا الواقدي عن محمد بن عبد الله عن الزهري، عن عروة: «أن رجلا من الأنصار خاصم الزبير بن العوام في أشراج الحرة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك».
39- وأخبرني على الأثرم، عن أبي عبيدة قال: الأشراج مسايل الماء في الحرار، والحرة أرض مفروشة بصخر.
قال: وقال الأصمعي: مسايل من الحرار إلى السهولة.
40- حدثني الحسين بن علي بن الأسود العجلي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا يزيد ابن عبد العزيز حدثنا هشام بن عروة. عن أبيه قال: أقطع عمر رضي الله عنه العقيق حتى انتهى إلى أرض فقال: ما أقطعت مثلها. قال خوات بن جبير: أقطعنيها. فأقطعه إياها.
41- وحدثني الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم عن يزيد بن عبد العزيز عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع عمر العقيق ما بين أعلاه إلى أسفله.
42- وحدثني الحسين قال: حدثنا حفص بن غياث، عن هشام بن عروة قال: خرج عمر يقطع الناس وخرج معه الزبير، فجعل عمر يقطع حتى مر بالعقيق فقال: أين المستقطعون؟ مذ اليوم ما مررت بقطعة أجود منها. فقال الزبير: أقطعنيها. فأقطعه إياها.
43- وحدثني الحسين قال: حدثني يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو معاوية الضرير عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع عمر العقيق كله حتى انتهى إلى قطيعة خوات بن جبير الأنصاري فقال: أين المستقطعون؟ ما أقطعت اليوم أجود من هذه.
44- وحدثنا خلف بن هشام البزار قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع عمر بن الخطاب خوات بن جبير الأنصاري أرضا مواتا فاشتريناها منه.
45- حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن هشام عن أبيه بمثله.
46- وحدثني الحسين قال: حدثني يحيى بن آدم حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة، عن عروة قال: أقطع أبو بكر الزبير ما بين الجرف إلى قناة.
47- وأخبرني أبو الحسن المدائني قال: قناة واد يأتي من الطائف ويصب إلى الأرحضية وقرقرة الكدر، ثم يأتي سد معونة، ثم يمر على طرف القدوم، ويصب في أصل قبور الشهداء بأحد.
48- وحدثنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: حدثنا إسحاق بن عيسى عن مالك بن أنس عن ربيعة، عن قوم من علمائهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن بناحية الفرع.
49- وحدثني عمرو الناقد وابن سهم الأنطاكي قالا: حدثنا الهيثم بن جميل الأنطاكي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي مكين، عن أبي عكرمة مولى بلال بن الحارث المزني قال: «أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا أرضا فيها جبل ومعدن.
فباع بنو بلال عمر بن عبد العزيز أرضا منها، فظهر فيها معدن أو قال معدنان، فقالوا: إنما بعناك أرض حرث ولم نبعك المعادن. وجاؤا بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في جريدة، فقبلها عمر ومسح بها عينه وقال لقيمه: أنظر ما خرج منها وما أنفقت وقاصهم بالنفقة ورد عليهم الفضل»
.
50- وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن ابي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث المزني، عن أبيه بلال بن الحارث «أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه العقيق أجمع».
51- وحدثني مصعب الزبيري قال: قال مالك بن أنس: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث معادن بناحية الفرع لا اختلاف في ذلك بين علمائنا، ولا أعلم بين أحد من أصحابنا خلافا أن في المعدن الزكاة ربع العشر.
قال مصعب: وروى عن الزهري أنه كان يقول في المعادن الزكاة.
وروى عنه أيضا قال فيها الخمس مثل قول أهل العراق.
وهم يأخذون اليوم من معادن الفرع ونجران وذى المروة ووادى القرى وغيرها الخمس، على قول سفيان الثوري وأبي حنيفة وأبى يوسف وأهل العراق.
52- وحدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا وكيع بن الجراح قال: حدثنا الحسن بن صالح بن حي، عن جعفر بن محمد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع عليا رضي الله عنه أربع أرضين الفقيرين وبئر قيس والشجرة».
53- وحدثني الحسين عن يحيى بن آدم عن الحسن بن صالح عن جعفر بن محمد مثله.
54- وحدثني عمر بن محمد الناقد قال: حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد، عن أبيه أنه قال: أقطع عمر بن الخطاب عليا رضي الله عنهما ينبع فأضاف إليها غيرها.
55- وحدثني الحسين عن يحيى بن آدم عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه بمثله.
56- وحدثني من أثق به، عن مصعب بن عبد الله الزبيري أنه قال: نسبت بئر عروة بن الزبير إلى عروة بن الزبير.
ونسب حوض عمرو إلى عمرو بن الزبير.
ونسب خليج بنات نائلة إلى ولد نائلة بنت الفرافصة الكلبية امرأة عثمان ابن عفان.
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه اتخذ هذا الخليج وساقه إلى أرض استخرجها واعتملها بالعرصة.
وأرض أبى هريرة نسبت إلى أبي هريرة الدوسي.
والصهوة صدقة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في جبل جهينة.
وقصر نفيس ينسب فيما يقال إلى نفيس التاجر بن محمد بن زيد بن عبيد بن المعلي بن لوذان بن حارثة بن زيد من الخزرج، وهم حلفاء بنى زريق بن عبد حارثة من الخزرج، وهذا القصر بحرة واقم بالمدينة واستشهد عبيد بن المعلى يوم أحد.
قال: ويقال إنه نفيس بن محمد بن زيد بن عبيد بن مرة مولى المعلى، فإن عبيدا هذا وأباه من سبى عين التمر، ومات عبيد بن مرة أيام الحرة، وكان يكنى أبا عبد الله.
قال: وبئر عائشة نسبت إلى عائشة بن نمير بن واقف، وعائشة رجل وهو من الأوس.
وبئر المطلب على طريق العراق نسبت إلى المطلب بن عبد الله بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم.
وبئر ابن المرتفع نسبت إلى محمد بن المرتفع بن النضير العبدرى.
57- حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الله بن جعفر عن شريك بن عبد الله عن أبي نمر الليثي، عن عطاء بن يسار، مولى ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير لهلالية، قال: «لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ السوق بالمدينة قال: هذا سوقكم لا خراج عليكم فيه».
58- وحدثني العباس بن هشام الكلبي عن أبيه، عن جده محمد بن السائب وشرقي بن القطامى الكلبي قالا: لما هدم بختنصر بيت المقدس وأجلى من أجلى، وسبى من سبى من بنى إسرائيل، لحق قوم منهم بناحية الحجاز فنزلوا وادي القرى وتيماء ويثرب، وكان بيثرب قوم من جرهم وبقية من العماليق قد اتخذوا النخل والزرع، فأقاموا معهم وخالطوهم، فلم يزالوا يكثرون وتقل جرهم والعماليق حتى نفوهم عن يثرب واستولوا عليها وصارت عمارتها ومراعيها لهم، فمكثوا على ذلك ما شاء الله، ثم إن من كان باليمن من ولد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بغوا وطغوا وكفروا نعمة ربهم فيما آتاهم من الخصب ورفاغة العيش، فخلق الله جرذانا جعلت تنقب سدا كان لهم بين جبلين فيه أنابيب يفتحونها إذا شاؤا فيأتيهم الماء منها على قدر حاجتهم وإرادتهم. والسد العرم، فلم تزل تلك الجرذان تعمل في ذلك العرم، حتى خرقته.
فأغرق الله تعالى جنانهم وذهب بأشجارهم وأبدلهم خمطا وإثلا وشيئا من سدر قليلا.
فلما رأى ذلك مزيقيا- وهو عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن امرئ القيس ابن مازن بن الأزد بن غوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان- باع كل شيء له من عقار وماشية وغير ذلك ودعا الأزد حتى صاروا معه إلى بلاد عك فأقاموا بها.
وقال عمرو: الانتجاع قبل العلم عجز.
فلما رأت عك غلبة الأزد على أجود مواضعهم غمها ذلك.
فقالت للأزد: انتقلوا عنا.
فقام رجل من الأزد أعور أصم يقال له جذع فوثب بطائفة منهم فقتلهم، ونشبت الحرب بين الأزد وعك، فانهزمت الأزد ثم كرت، فقال جذع في ذلك:
نحن بنو مازن غير شك ** غسان غسان وعك عك

سيعلمون أينا أرك

وكانت الأزد نزلت بماء يقال له غسان فسموا بذلك.
ثم إن الأزد سارت حتى انتهت إلى بلاد حكم بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب ابن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان فقاتلوهم.
فظهرت الأزد على حكم، ثم إنه بدا لهم الانتقال عن بلادهم فانتقلوا، وبقيت طائفة منهم معهم.
ثم أتوا نجران فحاربهم أهلها فنصروا عليهم، فأقاموا بنجران ثم رحلوا عنها إلا قوما منهم تخلفوا بها لاسباب دعتهم إلى ذلك، فأتوا مكة وأهلها جرهم، فنزلوا بطن مر، وسأل ثعلبة بن عمرو مزيقيا جرهم أن يعطوهم سهل مكة، فأبوا، فقاتلهم حتى غلب على السهل.
ثم إنه والأزد استوبئوا مكانهم ورأوا شدة العيش به فتفرقوا، فأتت طائفة منهم عمان، وطائفة السراة، وطائفة الأنبار والحيرة، وطائفة الشام، وأقامت طائفة منهم بمكة.
فقال جذع: أكلما صرتم يا معاشر الأزد إلى ناحية انخزعت منكم جماعة؟ يوشك أن تكونوا أذنابا في العرب.
فسمى من أقام بمكة خزاعة.
وأتى ثعلبة بن عمرو مزيقيا وولده ومن تبعه يثرب وسكانها اليهود فأقاموا بها خارج المدينة، ثم إنهم غنوا وكثروا وعزوا حتى أخرجوا اليهود منها ودخلوها.
فنزلت اليهود خارجها، فالأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بن عمرو مزيقيا بن عامر، وأمهما قيلة بنت الأرقم بن عمرو، ويقال إنها غسانية من الأزد، ويقال إنها عذرية.
وكانت للأوس والخزرج قبل الإسلام وقائع وأيام تدربوا فيها بالحروب واعتادوا اللقاء، حتى شهر بأسهم، وعرفت نجدتهم، وذكرت شجاعتهم، وجل في قلوب العرب أمرهم، وهابوا حدهم، فامتنعت حوزتهم، وعز جارهم، وذلك لما أراد الله من إعزاز نبيه صلى الله عليه وسلم وإكرامهم بنصرته.
59- قالوا: ولما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كتب بينه وبين يهود يثرب كتابا وعاهدهم عهدا.
وكان أول من نقض ونكث منهم يهود بنى قينقاع، فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة.
وكان أول أرضا افتتحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض بنى النضير.

.أموال بني النضير:

60- قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى النضير من يهود، ومعه أبو بكر وعمر وأسيد بن حضير.
فاستعانهم في دية رجلين من بنى كلاب ابن ربيعة موادعين له كان عمرو بن أمية الضمرى قتلهما.
فهموا بأن يلقوا عليه رحا، فانصرف عنهم وبعث إليهم يأمرهم بالجلاء عن بلده، إذ كان منهم ما كان من الغدر والنكث.
فأبوا ذلك وأذنوا بالمحاربة.
فزحف إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاصرهم خمس عشرة ليلة، ثم صالحوه على أن يخرجوا من بلده ولهم ما حملت الإبل إلا الحلقة والآلة، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم أرضهم ونخلهم والحلقة وسائر السلاح، والحلقة الدروع.
فكانت أموال بنى النضير خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يزرع تحت النخل في أرضهم فيدخل من ذلك قوت أهله وأزواجه سنة، وما فضل جعله في الكراع والسلاح.
وأقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أرض بنى النضير أبا بكر وعبد الرحمن بن عوف وأبا دجانة سماك بن خرشة الساعدي وغيرهم.
وكان أمر بنى النضير في سنة أربع من الهجرة.
61- قال الواقدي: وكان مخيربق أحد بنى النضير حبرا عالما، فآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل ماله له، وهو سبعة حوائط.
فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة.
وهي الميثب والصافية والدلال وحسنى وبرقة والاعواف ومشربة أم إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مارية القبطية.
62- حدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن عقيل، عن الزهري، أن وقيعة بنى النضير من يهود كانت على ستة أشهر من يوم أحد، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الابل من الامتعة إلا الحلقة، فأنزل الله فيهم: {سبح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب، إلى قوله: وليخزى الفاسقين}.
63- وحدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم عن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق في قوله: {وما أفاء الله على رسوله منهم} قال: من بنى النضير: {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب، ولكن الله يسلط رسله على من يشاء} قال: أعلمهم أنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة دون الناس.
فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين، إلا أن سهل بن حنيف وأبا دجانة ذكرا فقرا فأعطاهما.
قال: وأما قوله: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول} إلى آخر الآية قال: هذا قسم آخر بين المسلمين على ما وصفه الله.
64- وحدثني محمد بن حاتم السمين قال: حدثنا الحجاج بن محمد عن بن جريج عن موسى ابن عقبة عن نافع، عن ابن عمر قال: أحرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بنى النضير وقطع.
وفى ذلك يقول حسان بن ثابت:
لهان على سراة بنى لؤي ** حريق بالبويرة مستطير

قال ابن جريج: وفى ذلك نزلت: {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزى الفاسقين} اللينة النخلة.
65- وحدثنا أبو عبيد قال: حدثنا حجاج عن ابن جريح عن موسى عن نافع بن عمر بمثله.
66- وقال أبو عمرو الشيباني الراوية وغيره من الرواة: إن هذا الشعر لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وإنما هو:
لعز على سراة بنى لؤي ** حريق بالبويرة مستطير ويروى بالبويلة.

فأجابه حسان بن ثابت فقال:
أدام الله ذالكم حريقا ** وضرم في طوائفها السعير

هم أوتوا الكتاب فضيعوه ** فهم عمى عن التوراة بور

67- وحدثني عمرو بن محمد الناقد قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عمر بن الخطاب: كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فكانت له خالصة، فكان ينفق منها على أهله نفقة سنة، وما بقى جعله في الكراع عدة في سبيل الله.
68- حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا أسامة ابن زيد عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان أنه أخبره أن عمر بن الخطاب قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث صفايا: مال بنى النضير وخيبر وفدك.
فأما أموال بنى النضير فكانت حبسا لنوائبه، وأما فدك فكانت لأبناء السبيل، وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء: فقسم جزئين منها بين المسلمين، وحبس جزأ لنفسه ونفقة أهله، فما فضل من نفقتهم رده إلى فقراء المهاجرين.
69- وحدثنا الحسين بن الأسود قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا سفيان، عن الزهري قال: كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله، ولم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب.
فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة فقسمها بين المهاجرين، ولم يعط أحدا من الأنصار منها شيئا إلا رجلين كانا فقيرين: سماك بن خرشة أبا دجانة وسهل بن حنيف.
70- وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن الكلبي قال: لما ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أموال بنى النضير، وكانوا أول من أجلى، قال الله تبارك وتعالى: {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر} والحشر الجلاء، فكانت مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأنصار: ليست لإخوانكم من المهاجرين أموال، فإن شئتم قسمت هذه وأموالكم بينكم وبينهم جميعا، وإن شئتم أمسكتم أموالكم وقسمت هذه فيهم خاصة.
فقالوا: بل اقسم هذه فيهم واقسم لهم من أموالنا ما شئت.
فنزلت: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} فقال أبو بكر: جزاكم الله يا معشر الأنصار خيرا، فوالله ما مثلنا ومثلكم إلا كما قال الغنوى:
جزى الله عنا جعفرا حين أزلقت ** بنا نعلنا في الوطئتين فزلت

أبوا أن يملونا ولو أن أمنا ** تلاقى الذي يلقون منا لملت

فذو المال موفور وكل معصب ** إلى حجرات أدفأت وأظلت

71- وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام أرضا من أرض بنى النضير ذات نخل.
72- وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن هشام ابن عروة، عن أبيه قال: أقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أموال بنى النضير وأقطع الزبير.
73- وحدثني محمد بن سعد كاتب الواقدي قال: حدثنا أنس بن عياض وعبد الله ابن نمير قالا: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير أرضا من أموال بنى النضير فيها نخل، وأن أبا بكر أقطع الزبير الجرف. قال أنس في حديثه: أرضا مواتا.
وقال عبد الله بن نمير في حديثه: وإن عمر أقطع الزبير العقيق أجمع.