فصل: (33/2) باب ما جاء أن الجهاد فرض كفاية وأنه يشرع مع كل برّ وفاجر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[33/2] باب ما جاء أن الجهاد فرض كفاية وأنه يشرع مع كل برّ وفاجر

5119 - عن عكرمة عن ابن عباس قال: «{إِلاّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [التوبة:39]. {مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة:120] إلى قوله: {يَعْمَلُونَ} [التوبة:121] نسختها الآية التي تليها {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:122]» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال وهو صدوق وقد حسن الحديث الحافظ في "الفتح".
5120 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الخيل معقود في نواصيها الخير والأجر والمغنم إلى يوم القيامة» متفق عليه.
5121 - ولأحمد ومسلم والنسائي من حديث جرير البجلي مثله.
5122 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث من أصل الإيمان الكف عمن قال لا إله إلا الله لا تكفره بذنب ولا تخرجه عن الإسلام بعمل، والجهاد ماضٍ منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولا عدل عادل، والإيمان بالأقدار» رواه أبو داود وحكاه أحمد في رواية ابنه عبد الله وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده يزيد بن أبي نسبة وهو مجهول.

.[33/3] باب ما جاء من الرخصة في القعود عن الجهاد لعُذر

5123 - عن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لقد تركتم بالمدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من وادٍ إلا وهم معكم فيه، قالوا: يا رسول الله! وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: حبسهم العذر» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا.
5124 - وأخرجه مسلم وابن ماجة من حديث أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله بنحوه.
5125 - وعن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أملى علي {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء:95] فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها علي، فقال: والله يا رسول الله! لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى فأنزل الله عز وجل: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء:95]» رواه البخاري والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح، وفي رواية «قال: يا رسول الله! فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين، فنزل الوحي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء:95] الآية كلها» رواه أبو داود وفي إسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد قد تكلم فيه غير واحد ووثقه الإمام مالك واستشهد به البخاري.
5126 - وعن البراء قال: «لما نزلت {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء:95] دعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيدًا فجاء يكتب فكتبها وشكا ابن أم مكتوم ضررًا به، فنزلت: {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء:95]» أخرجاه وأخرج الترمذي نحوه، وقال: حديث حسن صحيح وللنسائي نحوه.

.[33/4] باب ما جاء في إخلاص النية في الجهاد وأخذ الأجرة عليه والإعانة

5127 - عن أبي موسى قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياءً فأي ذلك في سبيل الله فقال: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» رواه الجماعة.
5128 - وعن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا بثلثي أجرهم في الآخرة ويبقى لهم الثلث وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
5129 - وعن أبي أمامة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: أرأيت رجلًا غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا شيء له، ثم قال: إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا وابتغي به وجهه» رواه أحمد والنسائي وجود في "الفتح" إسناده.
5130 - وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول الناس يقضي عليه يوم القيامة رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت ولكن أن يقال جرى فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى يلقى في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها، قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه فألقي في النار» رواه أحمد ومسلم.
5131 - وعن أبي أيوب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ستفتح عليكم الأمصار وستكونون جنودًا مجندة ويقطع عليكم فيها بعوث فيكره الرجل منكم البعث فيها فيتخلص من قومه ثم يتصفح القبائل يعرض نفسه عليهم يقول من أكفيه بعث كذا؟ من أكفيه بعث كذا؟ ألا وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف.
5132 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «للغازي أجره وللجاعل أجره وأجر الغازي» رواه أبو داود ورجال إسناده ثقات.
5133 - وعن زيد بن خالد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جهز غازيًا في سبيل الله فقد غزا ومن خلف في أهله بخير فقد غزا» متفق عليه.
5134 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» رواه مسلم.
5135 - وعن خريم بن فاتك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أنفق نفقة في سبيل الله كتب له سبع مائة ضعف» رواه النسائي والترمذي، وقال: حديث حسن، وابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.

.[33/5] باب استئذان الأبوين في الجهاد.

5136 - عن ابن مسعود قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها، قلت: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله حدثني بهن ولو استزدته لزاد» متفق عليه.
5137 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذن في الجهاد فقال: أحيٌ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد» رواه البخاري والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه وفي رواية لأحمد وأبي داود وابن ماجة: «أُتي برجل، فقال: يا رسول الله! إني جئت أريد الجهاد معك، ولقد أتيت وإن والدي يبكيان، قال: ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما» وأخرجها أيضًا النسائي وابن حبان وصححها في "الخلاصة" وأخرجها أيضًا مسلم من وجه آخر في نحو هذه القصة قال: «ارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما».
5138 - وعن أبي سعيد «أن رجلًا هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمن، فقال: هل لك أحد باليمن؟ فقال: أبواي فقال: أذنا لك؟ فقال: لا، قال: ارجع إليهما واستأذنهما، فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما» رواه أبو داود وصححه ابن حبان.
5139 - وعن معاوية بن جاهمة السلمي: «أن جاهمة أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال: هل لك من أم؟ قال: نعم، قال: الزمها فإن الجنة عند رجليها» رواه أحمد والنسائي ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن طلحة وهو صدوق وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.

.[33/6] باب ما جاء أن الشهادة تكفر الذنوب إلا الدين

5140 - عن أبي قتادة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه: «قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله والإيمان بالله أفضل الأعمال فقام رجل، فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله يكفر عني خطاياي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف قلت؟ قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله نعم وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك» رواه أحمد ومسلم والنسائي والترمذي وصححه.
5141 - ولأحمد والنسائي من حديث أبي هريرة مثله ورجال إسناد النسائي ثقات.
5142 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يغفر الله للشهيد كل ذنب إلا الدين فإن جبريل قال لي ذلك» رواه أحمد ومسلم.
5143 - وعن أنس قال: قال رسول الله: «القتل في سبيل الله يكفر كل خطيئة فقال جبريل: إلا الدين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إلا الدين» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

.[33/7] باب ما جاء أن من مات في سبيل الله كتب له أجر الغازي وغفر له

5144 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج حاجًا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرًا فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيًا فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة» رواه أبو يعلى من رواية محمد بن إسحاق وبقية إسناده ثقات.
5145 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه قال: «أيما عبد من عبادي خرج مجاهدًا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن أرجعته أرجعه بما أصاب من أجر وغنيمة وإن قبضته غفرت له» رواه النسائي.

.[33/8] باب ما جاء أن من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه

5146 - عن سهل بن حنيف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
5147 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من طلب الشهادة صادقًا أعطها ولو لم تصبه» رواه مسلم وغيره والحاكم وقال: صحيح على شرطهما.

.[33/9] باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين

5148 - عن عائشة قالت: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر فلما كان بحرّة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جراءة ونجدة ففرح به أصاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه فلما أدركه، قال: جئت لأتبعك وأصيب معك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تؤمن بالله ورسوله؟ قال: لا، قال: فارجع فلن أستعين بمشرك، قالت: ثم مضى حتى إذا كان إذا كان بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أول مرة، قال: لا، فارجع فلن أستعين بمشرك، فرجع فأدركه في البيداء، فقال له كما قال أول مرة تؤمن بالله ورسوله؟ قال: نعم، فقال له: انطلق» رواه أحمد ومسلم.
5149 - وعن حبيب بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده، قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يريد غزوًا أنا ورجل من قومي ولم نسلم فقلنا إنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدًا لا نشهده معهم، فقال: أسلمتما؟ فقالا: لا، فقال: إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين فأسلمنا وشهدنا معه» رواه أحمد وسكت عنه في التخليص. وقال في "مجمع الزوائد": أخرجه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات.
5150 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيًا» رواه أحمد والنسائي وفي إسناده أزهر بن راشد وهو ضعيف.
5151 - وعن ذي مخبر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «سيصالحون الروم صلحًا يغزون أنتم وهم عدو من ورائكم» رواه أحمد وأبو داود ورجاله رجال الصحيح.
5152 - وعن الزهري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعان بناس من اليهود في خيبر في حربه فأسهم لهم» رواه أبو داود في مراسليه وهو مرسل ضعيف.
قوله: «بحرة الوبرة» الحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء والوبرة بفتح الواو والباء الموحدة بعدها راء ساكنة لعله بعدها راء مفتوحة وسكون الموحدة موضع على أربعة أميال من المدينة.
قوله: «الشجرة» اسم موضع وكذا البيدا.

.[33/10] باب ما جاء في مشاورة الإمام الجيش ونصحه لهم ورفقه بهم وأخذهم بما عليهم

5153 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله، والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس فانطلقوا» رواه أحمد ومسلم.
5154 - وعن أبي هريرة قال: «ما رأيت أحدًا قط أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد والشافعي.
5155 - وعن معقل بن يسار قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٍ لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» متفق عليه، وفي لفظ «ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجتهد لهم ولا ينصح لهم إلا لم يدخل الجنة» رواه مسلم.
5156 - وعن عائشة قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به» رواه أحمد ومسلم.
5157 - وعن جابر قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «يتخلف في السير فيزجي الضعيف ويردف ويدعو لهم» رواه أبو داود ورجال إسناده رجال الصحيح إلا الحسن بن شوكر وهو ثقة.
5158 - وعن سهل بن معاذ عن أبيه قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مناديًا فنادى من ضيق منزلًا أو قطع طريقاً فلا جهاد له» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده اسمعيل بن عياش وفيه مقال وسهل بن معاذ ضعيف قاله المنذري.
قوله: «نخيضها» بالخاء المعجمة بعدها مثناة تحتية ثم ضاد معجمة أي نوردها أي الخيل.
قوله: «بركة» بالباء الموحدة المكسورة وفتحها مع سكون الراء والغماد بغين معجمة مثلثة موضع في ساحل البحر بينه وبين جدة عشرة أميال، وقيل أنه أقصى معمور الأرض.
قوله: «ويزجي الضعيف» بضم التحتية وسكون الزاي بعدها جيم أي يسوق كما في "مختصر النهاية".
قوله: «ويردف» الردف بالكسر الراكب خلف الراكب كما في "القاموس".

.[33/11] باب وجوب طاعة الجيش لأميرهم ما لم يأمرهم بمعصية

5159 - عن معاذ بن جبل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الغزو غزوان فأما من ابتغى به وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله وأما من غزى فخرًا ورياءً وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لن يرجع بالكفاف» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وفي إسناده بقية بن الوليد، قال المنذري: وفيه مقال، وقال في "الكاشف": وثقة الجمهور فيما روى عن الثقات، وقال النسائي: إذا قال: حدثنا وأنبأنا فهو ثقة، قلت: وقد صرح بالتحديث في سند هذا الحديث عن بجير وهو ثبت.
5160 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصِ الأمير فقد عصاني» متفق عليه.
5161 - وعن ابن عباس «في قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59]، قال نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وقال في "مختصر السنن" للمنذري: أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
5162 - وعن علي قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية ثم استعمل عليهم رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه فأغضبوه في شيء، فقال اجمعوا لي حطبًا فجمعوا، ثم قال: أوقدوا نارًا فأوقدوا، ثم قال: ألم يأمركم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تسمعوا وتطيعوا، قالوا: بلى، قال: فادخلوها فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنما فررنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النار فكانوا كذلك حتى سكن غضبه وطفيت النار فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: لو دخلوها لم يخرجوا منها أبدًا، وقال: لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف» متفق عليه، ولفظ البخاري «فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة».
قوله: «الكريمة» قال في "الدر النثير": هي العزيزة على صاحبها وكرايم أموالهم أي نفائسها التي تعلق بها نفس مالكها واحدتها كريمة.
قوله: «وياسر الشريك» أي سامحه وعامله باليسر ولم يعاسره.
قوله: «ونبهه» بفتح النون وسكون الموحدة أي انتباهه في سبيل الله.
قوله: «لن يرجع بالكفاف» أي: لم يرجع لا عليه ولا له من ثواب تلك الغزوة وعقابها بل يرجع وقد لزمه الإثم.
قوله: «رجلًا من الأنصار» هو علقمة بن محرز كما رواه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم من حديث أبي سعيد.

.[33/12] باب الدعوة قبل القتال

5163 - عن ابن عباس قال: «ما قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومًا إلا دعاهم» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد" أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح.

5164 - وعن سليمان بن بريدة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمر أميرًا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم قال: اغزوا بسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوا فأقبل منهم وكف عنهم أدعهم إلى الإسلام فأن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين فأخبرهم إن هم فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونوا كأعراب المسلمين يجري عليهم الذي يجري على المسلمين ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، وإن أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذمتكم وذمة أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وإذا حاصرت أهل حصن وأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك، فإنك لا تدري تصيب فيهم حكم الله أم لا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجة والترمذي وصححه، قال في "المنتقى": وهو حجة في أن قبول الجزية لا تختص بأهل الكتاب وأن ليس كل مجتهد مصيبًا بل الحق عند الله واحد.
5165 - وعن فروة بن مسيك قال: «قلت: يا رسول الله! أُقاتل بمقبل قومي مدبرهم؟ قال: نعم فلما وليت دعاني، قال: لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.
5166 - وعن ابن عون قال: «كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إليّ إنما كان ذلك في أول الإسلام وقد أغار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذٍ جويرية ابنة الحارث» حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش، متفق عليه.
5167 - وعن سهل بن سعد أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر يقول: «أين علي؟ قال: إنه يشتكي عينيه فأمر فدعي به فبصق في عينيه وبرأ حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال تقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم فوالله لأن يهتدي بك رجل خير لك من حمر النعم» متفق عليه.
5168 - وعن البراء بن عازب قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رهطًا من الأنصار إلى أبي رافع فدخل عليه عبد الله بن عتيك بيته ليلًا فقتله وهو نائم» رواه أحمد والبخاري مطولًا.
قوله: «سرية» هي القطعة من الجيش تنفصل عنه وقيل قطعة من الخيل.
قوله: «لا تغلوا» بضم الغين المعجمة وتشديد اللام أي: لا تخونوا إذا غنمتم شيئًا.
قوله: «لا تغدروا» بكسر الدال وضمها هو ضد الوفا.
قوله: «وليدًا» هو الصبي.
قوله: «تخفروا» بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده.
قوله: «بني المصطلق» بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف وهو بطن من خزاعة.
قوله: «وهم غارون» بغين معجمة وتشديد الراء جمع غار بالتشديد، أي: غافلون والمراد بذلك الأخذ على غرة.
قوله: «على رسلك» بكسر الراء وسكون السين المهملة، أي: امش إليهم على الرفق والتؤدة.
قوله: «بساحتهم» أي: ناحيتهم.
قوله: «عتيك» بفتح المهملة وكسر المثناة الفوقية.

.[33/13] باب ما يفعله الإمام إذا أراد الغزو من كتمان حاله والتطلع على حال عدوه

5169 - عن كعب بن مالك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان إذا أراد غزوة ورى بغيرها» متفق عليه، وهو لأبي داود وزاد «الحرب خدعة».
5170 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الحرب خدعة».
5171 - وعن أبي هريرة قال: «سمى النبي - صلى الله عليه وسلم - الحرب خدعة».
5172 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «من يأتيني بخبر القوم يوم الأحزاب؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتيني بخبر القوم، فقال الزبير: أنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكل نبي حوري وحواري الزبير» متفق عليهن.
5173 - وعن أنس قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبسًا عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان فجاء فحدثه الحديث فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلم، فقال: إن لنا طلبه فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا فجعل رجال يستأذنونه في ظهرهم في علو المدينة، فقال: لا إلا من كان ظهره حاضرًا فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا ركب المشركين إلى بدر» رواه أحمد ومسلم.
قوله: «ورّى» أي: ستروكنى وأوهم خلاف قصده كما في "مختصر النهاية".
قوله: «خدعة» بفتح الخاء المعجمة وضمها مع سكون الدال المهملة، أي: أن الحرب ينقضي أمرها بخدعة واحدة من الخداع، أي: أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن له إقالة، وقال الخطابي: هذا الحرف يروى بفتح الخاء وسكون الدال وهو أفصحها وبضم الخاء وسكون الدال، وبضم الخاء وفتح الدال فمعنى الأول المرة الواحدة من الخداع، أي: أن المقاتل إذا خدع مرة واحدة لم يكن لها إقالة، ومعنى الثانية الاسم من الخداع، ومعنى الثالثة أراد أن الحرب يخدع الرجال ويمنيهم ولا يقي لهم كما يقال فلان رجل لعبة إذا كان يكثر اللعب، وضحكة إذا كان يكثر الضحك.
قوله: «بسبسًا» بضم الموحدة الأولى وبعدها سين ساكنة ثم باء موحدة ثم سين مهملة هو ابن عمرو ويقال ابن بسرة.