فصل: (4/44) باب تسنيم القبر ورشه بالماء وجعل علم يعرف به وكراهية البناء والكتابة عليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[4/44] باب تسنيم القبر ورشه بالماء وجعل علم يعرف به وكراهية البناء والكتابة عليه

2343 - عن سفيان التَّمار: «أنه رأى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - مُسنَّمًا» رواه البخاري في "صحيحه".
2344 - وعن القاسم قال: «دخلت على عائشة فقلت: يا أمّاه! اكشفي لي عن قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة، مبطوحة ببطن العرصة الحمراء» رواه أبو داود قال في "الخلاصة": بإسناد صحيح والحاكم بزيادة: «فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقدمًا، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعمر رأسه عند رجلي النبي - صلى الله عليه وسلم -» وقال: هذا حديث صحيح الإسناد.
2345 - وللبيهقي عن جابر: «ورفع قبره - صلى الله عليه وسلم - من الأرض قدر شبر» وصححه ابن حبان.
2346 - وعن أبي الهيَّاج الأسدي عن علي قال: «أبعثك على ما بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تدع تمثالًا إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
2347 - وعن ثمامة بن شُفَيٍّ: «أن فضالة أمر بتسوية قبر فسوي، ثم قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بتسويتها» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
2348 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصيات» رواه الشافعي عن شيخه إبراهيم بن محمد عن جعفر بن محمد عن أبيه مرسلًا، قال في "الخلاصة": وإسناده ضعيف.
2349 - وأخرج البيهقي عن جابر: «أن بلالًا رش على قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالماء رشًا» وفي إسناده الواقدي لا يحتج به، وقد روى سعيد بن منصور أن الرش على القبر كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وورد الأمر بالرش عند البزار.
2350 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّم قبر عثمان بن مَظَعون بصخرة» رواه ابن ماجه وابن عدي والطبراني في "الأوسط" من حديث أنس وفي إسناده ضعف والحاكم في "المستدرك" بإسناد فيه الواقدي.
2351 - وعن المطلب بن عبد الله بن حَنْطَب قال: «لما مات عثمان بن مَظَعون وهو أول من مات بالمدينه من المهاجرين أخرج بجنازته يدفن فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يأتي بحجر، فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحسر عن ذارعيه، قال المطلب: قال الذي يخبرني كأني أنظر إلى بياض ذارعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين حسر عنهما ثم حملها فوضعها عند رأسه، وقال: أعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي» رواه أبو داود وقال الحافظ في "التلخيص": وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد، راويه عن المطلب وهو صدوق، انتهى. والمبهم هو صحابي لا يضر إبهامه.
2352 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه» رواه أحمد ومسلم، والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه ولفظه: «نهى أن يجصص القبور وأن يكتب عليها وأن يبنى عليها وأن توطأ» وفي لفظ النسائي: «نهى أن يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص أو يكتب عليه» قال في "التلخيص": وأخرجه ابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث جابر وهو في مسلم بدون ذكر الكتابة. وقال الحاكم: الكتابة على شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة.

.[4/45] باب من يدخل قبر المرأة وما جاء في ستر القبر حال مواراتها

2353 - عن أنس قال: «شهدت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تدفن وهو جالس على القبر، فرأيت عينيه يدمعان، فقال: هل منكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، قال: فانزل في قبرها فنزل في قبرها» رواه أحمد والبخاري ولأحمد عن أنس: «أن رُقَية لما ماتت قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا يدخل القبر رجل قارف الليلة أهله فلم يدخل عثمان بن عفان القبر».
2354 - وعن أبي إسحاق: «أن عبد الله بن بُدَيل صلى على الحارث الأعور.. وفيه: لم يدعهم يمدون على القبر ثوبًا وقال: هكذا السنة» رواه الطبراني وفي رواية لابن أبي شيبة قال: «إنما هو رجل» ولسعيد بن منصور: «إنما يصنع هذا بالنساء».
2355 - وقد روى البيهقي من حديث ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم – ستر على قبر سعد بن معاذ حين دفن» بإسناد ضعيف.
قوله: «زينب» بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيح أنها أم كلثوم.
قوله: «يقارف» بالقاف بعدها ألف ثم راء مهملة ثم فاء أي لم يجامع تلك الليلة.

.[4/46] باب آداب الجلوس في المقبرة والمشي فيها وتحريم القعود على القبر

2356 - عن البراء بن عازب قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولم يلحد بعد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مستقبل القبلة وجلسنا معه» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري والنسائي وابن ماجه ورجاله رجال الصحيح.
2357 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
2358 - وقد تقدم قريبًا النهي عن القعود على القبور ووطئها.
2359 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لأن أمشي على جمرة أو سيف أو أخصف نعلي برجلي أحبُّ إليَّ من أن أمشي على قبر» رواه ابن ماجه بإسناد جيد.
2360 - وعن عمرو بن حزم قال: «رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - متكئًا على قبر فقال: لا تؤذ صاحب هذا القبر أو لا تؤذه» رواه أحمد قال في "الفتح": إسناده صحيح.
2361 - وعن بَشِير بن الخَصاصية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يمشي في نعلين بين القبور فقال: يا صاحب السِّبْتِيَّتَين! ألقهما» رواه الخمسة إلا الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه، ورجال إسناده ثقات إلا خالد بن سمير فإنه يهم، في "الكاشف" وثقه النسائي.
قوله: «السِّبْتِيَّتَين» هما النعلان المحلوقة الشعر من الجلود المدبوغة.

.[4/47] باب جواز الدفن ليلًا

2362 - عن ابن عباس قال: «مات إنسان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلًا فلما أصبح أخبروه فقال: ما منعكم أن تعلموني؟ قالوا: كان الليل فكرهنا، وكانت ظلمة أن نشق عليك، فأتى قبره فصلى عليه» رواه البخاري ومسلم وابن ماجه، قال البخاري: «ودفن أبو بكر ليلًا».
2363 - وعن عائشة قالت: «ما علمنا بدفن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء» رواه أحمد.
2364 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا» أخرجه ابن ماجه وأصله في مسلم لكن زجر أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه.
2365 - وعن جابر قال: «رأى ناس نارًا في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القبر يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الذي كان يرفع صوته بالذكر» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده ثقات إلا محمد بن مسلم الطائفي ففيه لين، وقد وثق وأخرج له مسلم.
و«المسحاة» آلة من حديد يُجرف بها الطين.

.[4/48] باب الدعاء للميت بعد دفنه

2366 - عن عثمان قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل» رواه أبو داود والحاكم وصححه البزار، وقال: لا يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا من هذا الوجه.
2367 - وأما ما أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة: «إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصنع بموتانا، قال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم على قبره التراب فليقم أحدكم على رأس قبره ثم يقول: يا فلان بن فلان! فإنه يقول أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام دينًا وبالقرآن إمامًا فإن منكرًا ونكيرًا يأخذ كل واحد بيد صاحبه ويقول: انطلق بنا ما يُقْعدنا عند من لقن حجته، فقال رجل: يا رسول الله! فإن لم يعرف أمه؟ قال: تنسبه إلى أمه حواء يا فلان بن حواء» فهو حديث لا يصح، قال ابن القيم في كتاب "الروح": إنه حديث يضعف، وقال أحمد: ما رأيت أحدًا يفعله إلا أهل الشام. وقال المقبلي في "المنار": لا يشك الحديثي بل العاقل أن ألفاظ ذلك الحديث تدل على وضعه، انتهى. وقال في "الهدي النبوي": هذا حديث لا يصح رفعه، انتهى.

.[4/49] باب النهي عن اتخاذ المساجد والسرج في المقبرة

2368 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق عليه.
2369 - وعن ابن عباس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي، مع أن في إسناده أبا صالح باذام مولى أم هانئ وهو ضعيف. ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وقد تقدم في باب المواضع المنهي عن الصلاة فيها وأبواب المساجد أحاديث من ذلك.

.[4/50] باب الصدقة عند الموت

2370 - عن أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أي الصدقة أعظم أجرًا؟ قال: أن تَصَدَّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا» رواه البخاري ومسلم.
2371 - وعن أبي سعيد: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لأن يتصدق المرء في حياته وصحته بدرهم خير له من أن يتصدق عند موته بمائة» رواه أبو داود وابن حبان في "صحيحه".
2372 - وعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «مثل الذي يعتق عند موته كمثل الذي يهدي إذا شبع» رواه أبو داود والترمذي وصححه، وفي صحيح ابن حبان: «مثل الذي يتصدق عند موته مثل الذي يهدي بعدما يشبع».

.[4/51] باب وصول القرب المهداة إلى الميت

2373 - عن عبد الله بن عمرو: «أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين وأن عمرًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك» رواه أحمد، قال في مجمع الزوائد: وفي إسناده الحجاج بن أرطاة وهو مدلس.
2374 - وعن أبي هريرة: «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أبي مات ولم يوص أفينفعه أن أتصدق عنه؟ قال: نعم» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
2375 - وعن عائشة: «أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - إن أمي أُفتُلتت نفسُها وأراها لو تكلمت تصدقت، فهل لها أجر أن أتصدق عنها؟ قال: نعم» متفق عليه.
2376 - وعن ابن عباس «أن رجلًا قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي توفيت أينفعها إن تصدقت عنها؟ قال: نعم، قال: فإن لي مخرفًا فأنا أشهدك أن قد تصدقت به عنها» رواه البخاري والترمذي وأبو داود والنسائي.
2377 - وعن الحسن عن سعد بن عُبادة: «أن أمه ماتت فقال: يا رسول الله! إن أمي ماتت فأتصدق عنها؟ قال: نعم، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: سقي الماء، قال الحسن: فتلك سقاية آل سعد بالمدينة» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه ورجال النسائي ثقات.
2378 - وهذه الأحاديث لا يعارضها حديث أبي هريرة مرفوعًا: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي لأن هذه القرب المهداة إلى الميت من إخوانه المؤمنين قامت الأدلة على وصولها إليه، وليست من عمله والمراد بحديث: «إذا مات الإنسان انقطع عمله» أي عمل نفسه لا عمل غيره المهدى له فلم يدل حديث أبي هريرة على عدم وصول عمل المهدى للميت، فالمنقطع عن الميت عمله والواصل إلى الميت ثواب عمل غيره، وكذلك من استدل بقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم:39] على عدم وصول ثواب القرب المهداة للميت يقال له أفادت الآية أنه لا يملك الإنسان إلا سعيه الذي سعاه لنفسه، وأما سعي غيره فهو ملك لساعيه فإن شاء بذله لغيره وإن شاء بقاه لنفسه.
2379 - وقد تقدم حديث معقل بن يسار قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا على موتاكم يس» رواه أبو دواد وابن ماجه وأحمد ولفظه: «يس قلب القرآن لا يقرأها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له، واقرأوها على موتاكم» وأخرج الحديث النسائي وابن حبان وصححه، والحاكم وصححه، وضعفه الدارقطني وأعله ابن القطان بالاضطراب.

.[4/52] باب التعزية وأجر الصبر

2380 - عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة» رواه ابن ماجه ورجاله ثقات، وقيس أبو عمارة وثقه ابن حبان وأورد الحديث في "التلخيص" وسكت عنه، وقال السيوطي في تعقباته: أخرجه ابن ماجه وحسنه النووي، وقال البيهقي في "شعب الإيمان": هو أصح شيء في الباب، انتهى.
2381 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من عزى مصابًا فله مثل أجره» رواه ابن ماجه والترمذي وغَرَّبه وهو حديث ضعيف، أطال الكلام عليه الحافظ.
2382 - وروى الترمذي عن أبي فروة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من عزى ثكلا كسي بردًا في الجنة» وقال: حديث غريب.
2383 - وعن الحسين بن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وأن تقادم عهدها فيحدث له ذلك استرجاعًا إلا حدد الله له تبارك وتعالى عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد ضعيف.
2384 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» رواه الجماعة.
2385 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقول الله ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري.
2386 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: «لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاءت التعزية سمعوا قائلًا يقول: إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفًا من كل هالك ودركًا من كل فائت فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب من حرم الثواب» رواه الشافعي بإسناد لا يحتج به. ورواه الحاكم في "مستدركه" وصححه وإسناده ضعيف؛ لأن في إسناده عباد بن عبد الصمد.
2387 - وعن أم سلمة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرًا منها، إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرًا منها، قالت: فلما توفي أبو سلمة قالت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قالت: ثم عزم الله لي فقلتها: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، قالت: فتزوجت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
2388 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها أو أن ابنًا لها في الموت فقال للرسول: ارجع إليها وأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب» أخرجاه.
2389 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث كانوا له حجابًا من النار، أو دخل الجنة» رواه البخاري.
2390 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من الناس مسلم يموت له ثلاثة إلا دخل الجنة بفضل رحمته إياهم» رواه البخاري والنسائي.
2391 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تَحِلَّة القسم» وفي رواية: «فيلج النار إلا تحلة القسم» أخرجاه، وفي رواية: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لنسوة من الأنصار: لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبهم إلا دخلت الجنة، فقالت امرأة منهن: أو اثنان يا رسول الله؟ قال: أو اثنان» رواه مسلم وقد روي متواترًا.
2392 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قدم ثلاثة لم يبلغوا الحنث كانوا له حصنًا حصينًا من النار، قال أبو ذر: قدمت اثنين، وقال أبي بن كعب سيد القراء: قدمت واحدًا، قال: وواحد ولكن إنما ذلك عند الصدمة الأولى» أخرجه الترمذي وغرَّبه وأعله.
2393 - وعن معاوية بن قرّة عن أبيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عزى رجلًا في ابن له ثم قال: أيما كان أحب إليك أن تمتع به عمرك أو لتأتي إلى باب من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك؟ قال: يا نبي الله! بل يسبقني إلى باب الجنة فيفتحها لي أحب إليَّ» رواه النسائي وابن حبان في "صحيحه"، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
2394 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة، فقالت عائشة: فمن كان له فرط من أمتك؟ قال: ومن كان له فرط يا موفقة! قالت: فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال: فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي» رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب.
2395 - وحديث أبي هريرة المتقدم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة» رواه البخاري شاهد لحديث الفرط الواحد ونعم الشاهد.
2396 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات ولد العبد قال الله تعالى للملائكة: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة وسموه ببيت الحمد» رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في "صحيحه".
قوله: «عزم الله لي» أي خلق لي عزمًا.

.[4/53] باب مشروعية صنع طعام لأهل الميت وتحريم الذبح فوق القبر

2397 - عن عبد الله بن جعفر قال: «لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: اصنعوا لآل جعفر طعامًا فقد أتاهم ما يشغلهم» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وصححه ابن السكن، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
2398 - وقد أخرجه أحمد والطبراني من حديث أسماء بنت عميس.
2399 - وعن جرير بن عبد الله البجلي قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد صحيح، ومعنى ذلك أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعًا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم ومخالفة السنة مع شغلتهم.

2400 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عَقْرَ في الإسلام»رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح، قال عبد الرزاق: كانوا يعقرون عند القبر بقرة أو شاة في الجاهلية.

.[4/54] باب ما جاء في البكاء على الميت

2401 - عن جابر قال: «أصيب أبي يوم أحد فجعلت أبكي فجعلوا ينهوني ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينهاني فجعلت عمتي فاطمة تبكي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: تبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعوه» متفق عليه.
2402 - وعن ابن عباس قال: «ماتت زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وقال: مهلًا يا عمر! ثم قال: إياكنَ ونَعِيق الشيطان، ثم قال: إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان» رواه أحمد بإسناد فيه علي بن زيد وهو من رجال مسلم، وقد وثق وقال ابن علية: فيه لين. وقال الذهبي: أحد الحفاظ.
2403 - وعن ابن عمر قال: «اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل عليه وجده في غشية فقال: قد قضى؟ فقالوا: لا يا رسول الله! فبكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاءه بكوا، قال: ألا تسمعون أن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا -وأشار إلى لسانه- أو يرحم».
2404 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيًا لها في الموت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى، فمرها فلتصبر ولتحتسب، فعاد الرسول فقال: إنها أقسمت لتأتينها قال: فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل قال: فانطلقت معهم فرفع إليه الصبي ونفسه تَقَعقَع كأنها في شَنَّة ففاضت عيناه، فقال سعد: ما هذا يا رسول الله؟ قال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء» متفق عليهما، وفي رواية: «في قلوب من يشاء من عباده» وللنسائي وأبي داود نحوه وهذه أتم.
2405 - وعن عائشة: «أن سعد بن معاذ لما مات حضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر قالت: فوالذي نفسي بيده إني لأعرف بكاء أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي» رواه أحمد وسكت عنه في "التلخيص".
2406 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم من أحد سمع نساء من بني عبد الأشهل يبكين على هلكاهنَّ فقال: لكن حمزة لا بواكي له، فجئن نساء الأنصار يبكين على حمزة عنده، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ويحهن أنتن هاهنا تبكين حتى الآن مروهن فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد فيه أسامة بن زيد الليثي وقد أخرج له مسلم.
2407 - وعن جابر بن عَتِيك: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غُلِب، فصاح به فلم يجبه فاسترجع وقال: وغلِبنا عليك يا أبا الربيع! فصاح النسوة وبكين، فجعل ابن عَتِيك يسكتهن، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: دعهن فإذا وجب فلا تبكينَّ باكية، قالوا: وما الوجب يا رسول الله؟ قال: الموت» رواه أبو داود والنسائي، وأحمد وابن حبان، والحاكم ومالك في "الموطأ"، وفي رواية للنسائي: «دعهن يبكين ما دام بينهن» وهو مختصر من حديث طويل.