فصل: (37/7) باب تعليق الولاية بالشرط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[37/7] باب تعليق الولاية بالشرط

5993 - عن ابن عمر قال: «أمّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة زيد بن حارثة، وقال: إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة» رواه البخاري.
5994 - ولأحمد نحوه من حديث أبي قتادة وعبد الله بن جعفر.

.[37/8] باب نهي الحاكم عن الرشوة واتخاذ حاجب لبابه في مجلس حكمه

5995 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعنة الله على الراشي والمرتشي في الحكم» رواه أحمد والترمذي وحسنه وصححه ابن حبان.
5996 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعنة الله على الراشي والمرتشي» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال صحيح الإسناد.
5997 - وعن ابن مسعود قال: «الرشوة في الحكم كفر وهي بين الناس سحت» رواه الطبراني مرفوعًا بإسناد صحيح.
5998 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الراشي والمرتشي في النار» أخرجه الطبراني في معجم شيوخه وإسناده حسن.
5999 - وعن ثوبان قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الراشي والمرتشي والرايش، يعني الذي يمشي بينهما» رواه أحمد والحاكم، وقال في "مجمع الزوائد": أخرجه أحمد والطبراني في "الكبير"، وفي إسناده أبو الخطاب وهو مجهول.
6000 - وعن عمرو بن مرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من إمام أو والٍ يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا غلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته» رواه أحمد والترمذي والحاكم.
6001 - وأخرجه من رواية أبي مريم الأزدي بنحوه، وقال: صحيح الإسناد، وقال الحافظ في "الفتح": سنده جيد.
قوله: «الخلة» قال في "النهاية": الخلة بالفتح الحاجة والفقر، وقد تقدم في كتاب الزكاة الأحاديث في هدايا العمال، ورزقهم والقاضي داخل تحتها فتنبه.

.[37/9] باب ما يلزم اعتماده في أمانة الوكلاء والأعوان

6002 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع» وفي لفظ: «من أعان على خصومة بظلم فقد باء بغضبٍ من الله» رواهما أبو داود ولا بأس بإسناده.
6003 - وعن أنس قال: «إن قيس بن سعد كان يكون بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير» رواه البخاري.

.[37/10] باب النهي عن الحكم في حال الغضب

6004 - عن أبي بكرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يقضين حاكم بين اثنين وهو غضبان» رواه الجماعة.
6005 - وعن عبد الله بن الزبير عن أبيه «أن رجلًا من الأنصار خاصم الزبير عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في شراج الحرة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر فأبى عليه فاختصما عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للزبير: اسق يا زبير! ثم أرسل إلى جارك، فغضب الأنصاري، ثم قال: يا رسول الله! أن كان ابن عمتك فتلوّن وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال للزبير: اسق يا زبير! ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر، فقال الزبير: والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء:65] الآية» رواه الجماعة وهو للخمسة إلا النسائي من رواية عبد الله بن الزبير لم يذكر فيه عن أبيه، وللبخاري في رواية، قال: «خاصم الزبير رجلًا، وذكر نحوه وزاد فيه فاستوعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ للزبير حقه، وكان قبل ذلك قد أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللأنصاري، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استوعى للزبير حقه في صريح الحكم» وفي رواية لأبي داود «حتى يبلغ الماء إلى الكعبين»، وفي رواية للبخاري: «قال ابن شهاب: فقدرت الأنصار والناس قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر، فكان ذلك إلى الكعبين».
قوله: «شراج الحرة» بكسر الشين المعجمة وراء مهملة بعد الألف جيم وهي مسائل النخل والشجر، و«الحرة» بفتح الحاء المهملة أرض ذات حجارة سوداء.
قوله: «أن كان ابن عمتك» بفتح الهمزة؛ لأنه استفهام استنكاري.
قوله: «الجذر» بفتح الجيم وسكون الذال، وهو الجدار.
قوله: «فلما أحفظ الأنصاري» بالحاء المهملة والظاء المشالة أي أثار حفيظته.
قوله: «استوعى» أي استوفى.

.[37/11] باب جلوس الخصمين بين يدي الحاكم والتسوية بينهما إذا كانا مسلمين

6006 - عن عبد الله بن الزبير قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الخصمين يقعدان بين يدي الحاكم» رواه أحمد وأبو داود، قال المنذري في إسناده مصعب بن ثابت أبو عبد الله المدني، ولا يحتج بحديثه. انتهى. ورواه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد وفيه وقفه. انتهى.
6007 - وقد جلس علي رضي الله عنه جنب شريح في خصومة له مع يهودي، وقال: «لو كان خصمي مسلمًا جلست معه بين يديك، ولكني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تساووهم في المجالس» رواه الحاكم أبو أحمد في كتابه، وقال: حديث منكر.
6008 - وروي عن علي أنه قال: «لا يضيف أحدكم أحد الخصمين إلا أن يكون خصمه معه» رواه البيهقي وضعفه وذكر له متابعًا.

.[37/12] باب ما جاء في حبس من ثبت عليه الحق وأن من ادعى الإعسار فلا تقبل دعواه إلا ببينة

6009 - عن هرماس بن حبيب رجل من أهل البادية عن أبيه عن جده، قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بغريم لي، فقال لي: الزمه ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك» رواه أبو داود وابن ماجة والبخاري في "تاريخه الكبير" عن الهرماس عن أبيه عن جده، وسئل أحمد ويحيى بن معين عن الهرماس بن حبيب، فقالا: لا نعرفه، وقال ابن أبي حاتم: هرماس بن حبيب العنبري روى عن أبيه عن جده، ولجده صحبة.
6010 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حبس رجلًا في تهمة» رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال: حسن، وقال الحاكم صحيح الإسناد.
6011 - ومما يدل على جواز الحبس حديث: «لي الواجد ظلم يحل عرضه وعقوبته» رواه الخمسة من حديث عمرو بن الشريد عن أبيه مرفوعًا، وأخرجه الحاكم وابن حبان وصححه وعلقه البخاري، وقال في "الفتح": إسناده حسن، وقال وكيع: عرضه شكايته وعقوبته حبسه، وقد تقدم هذا الحديث في كتاب التفليس.
6012 - وعن أبي حدرد الأسلمي «أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد! إن لي على هذا أربعة دراهم، وقد غلبني عليها، فقال: أعطه حقه، فقال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قال: أعطه حقه، قال: والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قد أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن يغنمنا شيئًا فأرجع فأقضه، قال: أعطه حقه، قال: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قال: ثلاثًا لم يراجع فخرج به ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه عصابة وهو متزر ببردة فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها، ونزع البردة ثم قال: اشتر مني هذه البردة فباعها منه بأربعة دراهم. فمرت عجوز فقالت: مالك يا صاحب رسول الله؟ فأخبرها، فقالت: ها دونك هذا البرد عليها طرحته عليه» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": رواه أحمد والطبراني في "الصغير" و"الأوسط" ورجاله ثقات إلا أن محمد بن أبي يحيى لم أجد له رواية عن الصحابة فيكون مرسلًا صحيحًا.
قوله: «الزمه» بفتح الزاي.

.[37/13] باب الحاكم يشفع للخصم ويستوضح له

6013 - عن كعب بن مالك «أنه تقاضى ابن أبي حدرد دينًا كان عليه في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيته: فخرج إليهما حتى كشف سجف حجرته فنادى: يا كعب! فقال: لبيك يا رسول الله، قال: ضع من دينك هذا وأومأ إليه أي الشطر، قال: قد فعلت يا رسول الله، قال: قم فاقضه» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفيه من الفقه جواز الحكم في المسجد.
قوله: «سجف حجرته» بكسر السين المهملة وفتحها وسكون الجيم وهو الستر، وقيل: الرقيق منه يكون في مقدم البيت ولا يسمى سجفًا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين.

.[37/14] باب ما جاء أن حكم الحاكم ينفذ ظاهرًا لا باطنًا

6014 - عن أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ ولعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي بينكم بنحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئًا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار» رواه الجماعة.

.[37/15] باب ما جاء في ترجمة الواحد

6015 - في حديث زيد بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره بتعلم كتاب اليهود وقال: حتى كتبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - كتبه وأقرأته كتبهم إذا كتبوا إليه» رواه أحمد والبخاري تعليقًا ووصله أبو داود والترمذي وصححه، قال البخاري: قال عمر بن الخطاب وعنده علي وعثمان وعبد الرحمن: ماذا تقول هذه؟ فقال عبد الرحمن بن حاطب: يخبرك بالذي صنع بها قال: وقال أبو جمرة: كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس.

.[37/16] باب ما جاء في الحكم بالشاهد واليمين

6016 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بيمين وشاهد» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة، وفي رواية لأحمد: «إنما كان ذلك في الأموال» وقال الشافعي: هذا حديث ثابت لا يرده أحد من أهل العلم لو لم يكن فيه غيره، مع أنه معه غيره يشده، وقال النسائي: إسناده جيد، وقال البزار في الباب أحاديث حسان أصحها حديث ابن عباس.
6017 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي مرسلًا، وقال: إنه أصح وصحح الدارقطني رواية الوصل وقال: رواتها ثقات وهي مقبولة منهم، وصححه أبو عوانة وابن خزيمة.
6018 - ولأحمد من حديث عمارة بن حزم وحديث سعد بن عبادة مثله، وقال في "مجمع الزوائد": رجال حديث عمارة ثقات.
6019 - وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بشهادة شاهد واحد ويمين صاحب الحق، وقضى به علي بالعراق» رواه أحمد والدارقطني، قال الترمذي: عن جعفر عن أبيه مرسلًا، وهو أصح، وقيل عن أبيه عن علي.
6020 - وعن أبي هريرة قال: «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باليمين مع الشاهد الواحد» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وقال: حسن غريب، وصححه ابن حبان وقال ابن معين والحاكم: محفوظ، وقال أبو حاتم وأبو زرعة: صحيح، وقال: أحمد ليس في الباب أصح منه.
6021 - وعن سرق: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجاز شهادة الرجل ويمين الطالب» رواه ابن ماجة بإسناد مجهول، وفي الباب عدة أحاديث عن جماعة من الصحابة يشهد بعضها لبعض، وهذه الأحاديث مخصصة لما في التنزيل العظيم، وهذه الأحاديث الدالة على مشروعية الحكم بالشاهد ويمين المدعي إنما هي في الأموال خاصة كما قال أحمد، وقال: لا تقع في حد ولا نكاح، ولا طلاق، ولا عتاق، ولا سرقة، ولا قتل، قال في الهدي النبوي: ذكر ابن أبي وضاح عن أبي مريم عن عمرو بن أبي سلمة عن زهير بن محمد عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ادعت المرأة طلاق زوجها فجاءت على ذلك بشاهد واحد عدل استحلف زوجها، فإن حلف بطلت عنه شهادة الشاهد، وإن نكل فنكوله بمنزلة شاهد آخر، وجاز طلاقها» وقال في الهدي زهير بن محمد ثقة يحتج به في الصحيحين وعمرو بن أبي سلمة هو أبو حفص محتج به في الصحيحين، فمن يحتج بحديث عمرو بن شعيب فهذا من أصح حديثه.
[37/17] باب من لا يجوز الحكم بشهادته
6022 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت، والقانع الذي ينفق عليه أهل البيت» رواه أحمد وأبو داود، وقال: «شهادة الخائن والخائنة» ولم يذكر تفسير القانع وقال في "التلخيص": وسنده قوي وقد تقدم الكلام على أحاديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأنها من قسم الحسن ولأبي داود في رواية: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زانٍ ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه».
6023 - وعن أبي هريرة أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية» رواه أبو داود وابن ماجة، وقال المنذري: رجال إسناده احتج بهم مسلم في "صحيحه"، وقال البيهقي تفرد به محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار.
6024 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة» أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الحافظ ابن حجر: في إسناده نظر.
6025 - وعن عائشة مرفوعًا «لا يقبل شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غمر على أخيه ولا ظنين في قرابة» رواه الترمذي والبيهقي وضعفاه، وقال أبو زرعة: منكر، وضعفه عبد الحق وابن حزم وابن الجوزي، وقال البيهقي: لا يصح من هذا شيء، قال الإمام في "النهاية": واعتمد الشافعي خبرًا صحيحًا، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقبل شهادة خصم على خصم» قال الحافظ: ليس له إسناد صحيح لكن له طرق يتقوى بعضها ببعض.
قوله: «ذي الظنة» هو بتشديد النون، أي المتهم في دينه و«الحنة» بالتخفيف الحقد والعداوة.
قوله: «خائن» صرح أبو عبيد بأن الخيانة تكون في حقوق الله كما تكون في حقوق الناس.
قوله: «ولا ذي غمر» قال ابن رسلان بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة، قال أبو داود: الغمر الحنة بكسر الحاء المهملة والشحناء.
قوله: «القانع» هو الخادم الذي ينفقه أهل البيت.
قوله: «بدوي» هو الذي يسكن البادية في المضارب والخيام، ولا يقيم في موضع خاص بل يرتحل من مكان إلى مكان، قال في "النهاية": إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع.

.[37/18] باب اعتبار العدالة في الشهود وأنها لا تقبل شهادة المجهول

قال الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] و «مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ» [البقرة:282].
6026 - وعن عبد الله بن عتبة قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: «إن أناسًا كانوا يأخذون بالوحي في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم فمن ظهر لنا خيرًا أمنَّاه وقربناه، وليس لنا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال: إن سريرته حسنة» رواه البخاري، وأخرج ابن كثير في الإرشاد «أنه شهد عند عمر رجل، فقال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة والفضل، فقال: هو جارك الأولى الذي تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه، قال: لا، قال: فمعاملك بالدينار والدرهم الذي يستدل به على الورع، قال: لا، قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق، قال: لا، قال: لست تعرفه، ثم قال للرجل: ائت بمن يعرفك» قال ابن كثير: رواه البغوي بإسناد حسن.
6027 - وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان، فإن الله عز وجل يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة:18] الآية» أخرجه الترمذي، وقال: حسن غريب، قلت: ما أحسن موقع هذا الحديث في هذا الباب، وقد أخرجه أحمد وابن ماجة وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد تقدم في كتاب الصلاة.

.[37/19] باب ما جاء في شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر

6028 - عن الشعبي «أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقى هذه ولم يجد أحد من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا الأشعري -يعني أبا موسى- فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، قال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحلفهما بعد العصر ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيَّرا، وأنها لوصية الرجل وتركته فأمضى شهادتهما» رواه أبو داود والدارقطني بمعناه، وقال في "الفتح": رجال إسناده ثقات.
6029 - وعن جبير بن نفير قال: «دخلت على عائشة فقالت: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم، ثم قالت: إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه» رواه أحمد والحاكم ورجاله رجال الصحيح.
6030 - وعن ابن عباس قال: «خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدَّا فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم، فلما قدموا بتركته فقدوا جامًا من فضة مخوصًا بذهب فأحلفهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وجد الجام بمكة، فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي بن بدا، فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما، وأن الجام لصاحبهم، قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} [المائدة:106]» رواه البخاري.
6031 - وحديث: «لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دين أهلهم إلا المسلمون، فإنهم عدول على أنفسهم وعلى غيرهم» رواه البيهقي من رواية أبي هريرة بنحوه وضعفه.
قوله: «بدقوقى» بفتح الدال المهملة وضم القاف، وسكون الواو بعدها قاف مقصورة وهي بلدة قريبة من بغداد.
قوله: «ولا بد لا» بالتشديد.
قوله: «عدي بن بدَّا» بفتح الموحدة وتشديد المهملة. قوله «جامًا» بالجيم وتخفيف الميم أي إناء.
قوله: «مخوصًا» بخاء معجمة وواوٍ مثقلة بعدها مهملة، أي منقوشًا فيه صفة الخوص.

.[37/20] باب ما جاء من الثناء على من أعلم صاحب الحق بشهادة عنده وذم من أداء شهادته من غير مسألة

6032 - عن زيد بن خالد الجهني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجة، وفي لفظ: «الذين يبدأون بشهادتهم من غير أن يسألوا عنها» رواه أحمد.
6033 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- ثم إن من بعدهم قومًا يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن» متفق عليه.

6034 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم» والله أعلم أذكر الثالث أم لا «ثم يخلف قوم يشهدون قبل أن يستشهدوا» رواه أحمد ومسلم، قال في "النهاية": القرن أهل كل زمان وهو مقدار المتوسط في أعمار أهل كل زمان مأخوذ من الاقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم.
قوله: «يخونون» بالخاء المعجمة من الخيانة.
قوله: «السمن» بكسر المهملة، وفتح الميم بعدها نون، أي يحبون التوسع في المأكل والمشرب، وهي أسباب السمن. وقد ورد في لفظ للترمذي من حديث عمران بلفظ: «ثم يجيء قوم يتسمنون ويحبون السمن». وأحاديث الباب متعارضة، وقد جمع بينها بأن المراد بحديث زيد بن خالد من عنده شهادة للإنسان بحق لا يعلم بها صاحبها، فيأتي إليه فيخبره بها أو يموت صاحبها فيأتي إلى ورثته فيعلمهم بذلك، وحديث عمران محمول على شهادة الزور، أي: يشهدون شهادة لم يسبق لهم تحملها.

.[37/21] باب التشديد في شهادة الزور وأن الشاهد لا يشهد إلا على ما تيقنه

6035 - عن أنس قال: «ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أو قال شهادة الزور».
6036 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» متفق عليهما.
6037 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار» رواه ابن ماجة بإسناد لا يصح، وأخرجه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
6038 - وعن أبي هريرة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من شهد على مسلم شهادة ليس لها بأهل فليتبوأ مقعده من النار» رواه أحمد ورواته ثقات إلا أن تابعيه لم يُسم.
6039 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع» أخرجه ابن عدي بإسناد ضعيف، وصححه الحاكم فأخطأ وضعفه البيهقي.

.[37/22] باب الحكم بشهادة الرجل وامرأتين إذا كانوا عدولًا قال الله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة:282].

6040 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلنا: بلى، قال: فذاك من نقصان عقلها» رواه البخاري.

.[37/23] باب ما جاء في تعارض البينتين والدعوائين

6041 - عن أبي موسى «أن رجلين ادعيا بعيرًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما نصفين» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"، وأعله البيهقي وصحح الدارقطني إرساله، وفي لفظ لأبي داود والنسائي: «أن رجلين ادعيا بعيرًا أو دابة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس لأحدهما بينة، فجعله النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما» قال المنذري: إسناده كلهم ثقات، وقال النسائي: إسناده جيد.
6042 - وعن جابر مرفوعًا «أن رجلين تداعيا دابة، وأقام كل واحد منهما بينة أنها دابته فقضى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - للذي هي في يده» رواه الشافعي والدارقطني والبيهقي، وإسناده ضعيف.
6043 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عرض على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف» رواه البخاري، وفي رواية: «أن رجلين تداريا في دابة ليس لواحد منهما بينة، فأمرهما النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستهما على اليمين أحبا أو كرها» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وفي رواية: «تداريا في بيع» وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كره الاثنان اليمين أو استحياها فليستهما عليها» رواه أحمد وأبو داود، ويشهد له ما تقدم.