فصل: (17) كتاب الوكالة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[15/4] باب في الطريق إذا اختلفوا فيه كم يجعل

3787 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا اختلفتم في الطريق فاجعلوه سبعة أذرع» رواه الجماعة إلا النسائي، وفي لفظ لأحمد: «إذا اختلفوا في الطريق رفع من بينهم سبعة أذرع».
3788 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى في الرحبة تكون في الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضا أن يترك للطريق سبعة أذرع وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وله شواهد يقوي بعضها بعضًا.
قوله: «ميتاء» بميم مكسورة تحتانية ساكنة بعدها فوقية ومد بوزن مفعال من الإيتان والميم زائدة وهي أعظم الطرق التي يكثر مرور الناس فيها، وقيل: الطريق الواسعة، وقيل: العامرة.

.[15/5] باب إخراج ميازيب المطر إلى الشارع

3789 - عن عبد الله بن عباس قال: «كان للعباس ميزاب على طريق عمر فلبس ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان، فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأمر عمر بقلعه، ثم رجع وطرح ثيابه ولبس ثيابًا غير ثيابه ثم جاء فصلى الناس، فأتاه العباس فقال: والله إنه للموضع الذي وضعه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر للعباس: وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهري حتى تضعه في الموضع الذي وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ففعل ذلك العباس» رواه أحمد وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال هو خطأ، ورواه البيهقي من طريق أخرى ضعيفة، ورواه الحاكم في "المستدرك" بإسناد ضعيف، ورواه أبو داود في "المراسيل".

.[16] كتاب الشركة والمضاربة

3790 - عن أبي هريرة رفعه أن الله تعالى يقول: «أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت من بينهما» رواه أبو داود وصححه الحاكم.
3791 - وعن السائب بن أبي السائب: «أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: كنت شريكي في الجاهلية، فكنت خير شريك لا تداريني ولا تماريني» رواه أبو داود وابن ماجه ولفظه: «كنت شريكي، ونعم الشريك كنت لا تداري ولا تماري» وأخرجه أيضًا النسائي والحاكم وصححه، وفي لفظ لأبي داود وابن ماجه: «أن السائب المخزومي كان شريك النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة فجاء يوم الفتح فقال: مرحبًا بأخي وشريكي لا تداري ولا تماري».
3792 - وعن أبي المنهال أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب: «كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسية فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسية فردوه» رواه أحمد، ورواه البخاري بلفظ: «ما كان يدًا بيد فخذوه، وما كان نسية فردوه» رواه أحمد، انتهى. واستدل به على جواز تفريق الصفقة.
3793 - وعن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: «اشتركت أنا وعمار وسعد فيما نصيب يوم بدر. قال: فجاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعمار بشيء» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد منقطع، وهو حجة في شركة الأبدان.
3794 - وفي البخاري عن زهرة بن معبد عن جده عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - «وجيء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فمسح رأسه ودعا له بالبركة، وكان يبتاع فيلقاه ابن عمر وابن الزبير فيقولان له: أشركنا، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد دعا لك بالبركة فيشركهم».
3795 - وعن رويفع بن ثابت قال: «إن كان أحدنا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ولنا النصف، وإن كان أحدنا ليطير له النصل والريش والآخر القدح» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف، ورواه النسائي بإسناد رجاله ثقات.
3796 - وعن حكيم بن حزام صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه كان يشترط على الرجل إذا أعطاه مالأ مقارضة يضرب له به أن لا تجعل مالي في كبد رطبة، ولا تحمله في بحر ولا تنزل به بطن مسيل فإن فعلت شيئًا من ذلك فقد ضمنت مالي» رواه الدارقطني والبيهقي، قال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
3797 - وقال مالك في "الموطأ" عن يعلى بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن جده: «أنه عمل لعثمان على أن الربح بينهما» وهو موقوف صحيح.
3798 - وعن صهيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث فيهن البركة، البيع إلى أجل والمقارضة وخلط البر بالشعير للبيت لا للبيع» رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف، وفي الباب آثار كثيرة دالة على أن الصحابة كانوا يتعاملون بالمضاربة من غير نكير فكان ذلك إجماعًا منهم على الجواز.
قوله: «النضو» هو المهزول من الإبل، والنصل حديدة السهم، والريش هو الذي يكون على السهم، والقدح بكسر القاف السهم قبل أن يراش وينصل.

.[17] كتاب الوكالة

.[17/1] باب ما يجوز التوكيل فيه من العقود وإيفاء الحقوق وإخراج الزكوات وإقامة الحدود

3799 - عن أبي هريرة قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمر على الصدقة» الحديث متفق عليه.
3800 - وعن أبي رافع «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: استلف من رجل بكرًا فقدم عليه إبل من إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بكره، فقال: لا أجد إلا خيارًا، فقال: أعطه إياه، فإن خيار الناس أحسنهم قضاء» رواه الجماعة إلا البخاري.
3801 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل عليهم» متفق عليه.
3802 - وعن أبي موسى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملًا موفورًا طيبة به نفسه، حتى يدفعه إلى الذي أمر به أحد المتصدقين» متفق عليه.
3803 - وعن أبي هريرة في حديث طويل في الحدود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها» متفق عليه وسيأتي إن شاء الله بتمامه.
3804 - وعن علي قال: «أمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها واجلتها» متفق عليه وقد تقدم.
3805 - وعن أبي هريرة قال: «وكلني النبي - صلى الله عليه وسلم - في حفظ زكاة رمضان» رواه البخاري.
3806 - عن عقبة بن عامر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه غنمًا يقسمها على أصحابه ضحايا» رواه الجماعة إلا أبا داود.
3807 - وعن سليمان بن يسار «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعث أبا رافع مولاه ورجلًا آخر من الأنصار فزوجاه ميمونة بنت الحارث وهو بالمدينة قبل أن يخرج» رواه مالك في "الموطأ" والشافعي هكذا: أي مرسلًا، ووصله أحمد والترمذي، والنسائي وابن حبان عن سليمان عن أبي رافع، وقد أعل الحديث ابن عبد البر بالانقطاع وتعقب في ذلك.
3808 - وعن جابر قال: «أردت الخروج إلى خيبر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيت وكيلي فخذ منه خمسة عشر وسقًا، فإن ابتغا منك آية فضع يديك على ترقوته» رواه أبو داود وصححه وأخرجه الدارقطني وحسن في "التلخيص" إسناده وعلق البخاري طرفًا منه في آخر كتاب الخمس.
قوله: «آية» أي علامة.
قوله: «ترقوته» بفتح المثناة من فوق وضم القاف وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين.
3809 - وعن يعلى بن أمية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعًا وثلاثين بعيراً فقال له: العارية مؤداة يا رسول الله قال: نعم» رواه أحمد وأبو داود وقال فيه: «قلت يا رسول الله عارية مضمونة، أو عارية مؤداة؟ قال: بل عارية مؤداة» وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في "التلخيص"، وقال في "بلوغ المرام":صححه ابن حبان وسيأتي قريبًا، وقال ابن حزم إنه أحسن ما ورد في هذا الباب.

.[17/2] باب من وكل في شراء شيء فاشترى بالثمن أكثر منه وتصرف في الزيادة

3810 - عن عروة بن أبي الجعد البارقي: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه دينارًا ليشتري له به شاة فاشترى له به شاتين فباع أحدهما بدينار وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه ولو كان اشترى التراب لربح فيه» رواه الخمسة إلا النسائي وقد أخرجه البخاري في ضمن حديث لم نسق لفظه، وقال في "الخلاصة": أخرجه البخاري في "صحيحه" مرسلًا وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه بإسناد صحيح.
3811 - وعن حكيم بن حزام: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: بعثه ليشتري له أضحية بدينار فاشترى أضحية وربح فيها دينارًا فاشترى أخرى مكانها فجاء بالأضحية والدينار إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ضح بالشاة وتصدق بالدينار» رواه الترمذي وأعله بالانقطاع، ولأبي داود من حديث أبي الحصين عن شيخ من أهل المدينة عن حكيم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بدينار ليشتري له به أضحية فاشترى كبشًا بدينار، وباعه بدينارين فاشترى أضحية بدينار فجاء بها وبالدينار الذي استفضل من الأخرى، فتصدق به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا له أن يبارك له في التجارة» وفي إسناده مجهول.

. [17/3] باب من وكل في التصدق بشيء فتصدق به الوكيل على ولد الموكل

3812 - عن معن بن يزيد قال: «كان أبي خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال: والله ما إياك أردت بها فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك يا معن ما أخذت» رواه أحمد والبخاري وقد تقدم في الصدقات.

. [18] كتاب الإجارة والمساقاة والمزارعة

.أبواب الإجارة

.[18/1] باب ما يجوز الاستيجار عليه من السعي المباح

3813 - عن عائشة في حديث الهجرة: «واستأجر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر رجلًا من بني الديل هاديًا خريتًا، والخريت الماهر في الهداية وهو على دين كفار قريش وأمناه فدفعا إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال، فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليال ثلاث فارتحلا» رواه أحمد والبخاري.

3814 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما بعث الله نبيًا إلا رعا الغنم، فقال أصحابه: وأنت يا رسول الله؟ قال: نعم: كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه أحمد والبخاري وابن ماجه، قال بعض رواته: يعني شاة بقيراط، وقال آخر: قراريط اسم موضع.
3815 - وعن سويد بن قيس قال: «جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًا من هجر، فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساومنا سراويل فبعناه وثمة رجل يزن بالأجر، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: زن وأرجح» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
3816 - وعن رافع بن رفاعة قال: «نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسب الأمة إلا ما عملت بيديها، وقال: هكذا بإصبعه نحو الخبز والغزل والنفش» رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات.
3817 - وقد رواه أبو داود من حديث أبي هريرة بدون الاستثناء وما بعده.
قوله: «الديل» بكسر الدال حي من عبد القيس.

.[18/2] باب ما جاء في كسب الحجام

3818 - عن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كسب الحجام ومهر البغي وثمن الكلب» رواه أحمد برجال الصحيح، ورواه الحازمي في "الناسخ والمنسوخ" بلفظ: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ومن السحت مهر البغي وأجرة الحجام».
3819 - وعن رافع بن خديج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كسب الحجام خبيث ومهر البغي خبيث وثمن الكلب خبيث» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وللنسائي: «شر المكاسب ثمن الكلب وكسب الحجام ومهر البغي» ولمسلم من حديث رافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كسب الحجام خبيث».
3820 - وعن محيصة بن مسعود «أنه كان له غلام حجام فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كسبه، فقال: ألا أطعمه أيتامًا لي؟ قال: لا قال: أفلا أتصدق به، قال: لا، فرخص له أن يعلفه ناضحه» رواه أحمد ومالك وابن ماجه، قال في "الفتح": رجاله ثقات، ولأبي داود والترمذي وحسنه: «أنه استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إجارة الحجام فنهاه عنها، ولم يزل يسأله حتى قال: اعلفه ناضحك أو أطعمه رقيقك» وصححه ابن حبان، وقال العقيلي: إسناده صالح.
3821 - ولأحمد من حديث جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن كسب الحجام، فقال: أطعمه ناضحك» قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.
3822 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم حجمه أبو طيبة وأعطاه صاعين من طعام وكلم مواليه فخفوا عنه» متفق عليه، وفي لفظ لأحمد والبخاري: «دعا غلامًا منا فحجمه، فأعطاه أجرة صاعًا أو صاعين، وكلم مواليه أن يخفوا عنه من ضربته».
3823 - وعن ابن عباس قال: «احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجرة، ولو كانت سحتًا لم يعطه» رواه أحمد والبخاري، ولمسلم: «حجم النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد لبني بياضة، فأعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أجره، وكلم سيده فخفف عنه من ضربته» ولو كان سحتًا لم يعطه النبي.
قوله: «البغي» بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء هي الزانية.
قوله: «أبو طيبة» بفتح الطاء المهملة، وسكون التحتية بعدها موحدة واسمه نافع وقد حمل النهي عن كسب الحجام على الكراهة جمعًا بين الأحاديث وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أعطى أجره علم أنه حكم عليه بخبث مكسبه من غير تحريم.

.[18/3] باب ما جاء في أخذ الأجرة على القرب

3824 - عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات وأخرجه أيضًا البزار.
3825 - وعن عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اقرأوا القرآن واسألوا الله به، فإن من بعدكم قوماً يقرأون القرآن يسألون الناس به» رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن.
3826 - وعن أبي بن كعب قال: «علمت رجلًا القرآن فأهدى إليَّ قوسًا، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إن أخذتها أخذت قوسًا من نار فرددتها» رواه ابن ماجه والبيهقي وقال: منقطع وله طرق، قال ابن القطان: لا يثبت منها شيء.
3827 - وعن عبادة بن الصامت قال: «علمت ناسًا من أهل الصفة الكتابة والقرآن فأهدى إليَّ رجل منهم قوسًا، فقلت: ليس بمال وأرمي عليها في سبيل الله عز وجل لآتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلأسألنه فأتيته، فقلت: يا رسول الله أُهدي إلي قوسًا ممن كنت أعلمه الكتابة والقرآن، وليست بمال، وارمي عليها في سبيل الله، فقال: إن كنت تحب أن تطوق طوقًا من نار فاقبلها» رواه أبو داود، وفي إسناده المغيرة بن أبي زياد أبو هاشم الموصلي اختلف الأئمة في توثيقه وتضعيفه.
3828 - قال في "التلخيص": ورواه الدارمي بسنده على شرط مسلم من حديث أبي الدرداء لكن شيخه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل لم يخرج له مسلم، وقال فيه أبو حاتم: ما به بأس؛ لكن قال دحيم: حديث أبي الدرداء ليس له أصل.
3829 - وعن عثمان بن أبي العاص أنه قال: «يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا» رواه الخمسة وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وقد تقدم في الأذان.
3830 - وعن ابن عباس «أن نفرًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مروا بما فيهم لديغ، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، فإن في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا؟ فانطلق رجل منهم يقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا حتى قدموا إلى المدينة فقالوا: يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» رواه البخاري.
3831 - وعن أبي سعيد قال: «انطلق نفر من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيوفهم، فلدغ سيد ذلك الحي فسعوا له بكل شيء لا شيء ينفعه فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحدكم من شيء فقال: بعضهم إني والله لأرقى ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلًا، فصالحوه على قطيع من غنم، فانطلق يتفل عليه ويقرأ الحمد لله رب العالمين، فكأنما نشط من عقال، فانطلقنا نمشي وما به قلبه، قال فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فنذكر له الذي كان فننظر الذي يأمرنا فقدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وما يدريك أنها رقية ثم قال: قد أصبتم اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم، وضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة إلا النسائي واللفظ للبخاري، وللدارقطني بعد قوله: «وما يدريك أنها رقية قلت يا رسول الله شيء ألقي في روعي».
3832 - وعن خارجة عن عمه «أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أقبل راجعًا من عنده، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا قد حدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير فهل عندكم شيء يداويه؟ قال: فرقيته بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام كل يوم مرتين، فبرأ فأعطوني مائتي شاة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فقال: خذها فلعمري من أكل برقية باطل فلقد أكلت برقية حق» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده رجال الصحيح إلا خارجة، وقد وثقه ابن حبان، وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم وصححاه.
3833 - وعن سهل بن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة فقالت: يا رسول الله إني وهبت نفسي لك، فقامت قيامًا طويلًا فقام رجل فقال يا رسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال - صلى الله عليه وسلم - هل عندك من شيء تصدقها إياه فقال ما عندي إلا إزاري هذه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئًا، فقال: ما أجد شيئًا، فقال: التمس ولو خاتماً من حديد، فالتمس فلم يجد شيئًا، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: هل معك شيء من القرآن فقال: نعم، سورة كذا وسورة كذا، يسميها له فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: قد زوجتكما بما معك من القرآن» أخرجاه، ولمسلم: «زوجتكها تعلمها من القرآن» وفي رواية لأبي داود: «علمها عشرين آية وهي امرأتك» ولأحمد: «قد أنكحتكها على ما معك من القرآن».
قوله: «لديغ» بدال مهملة وآخرها غين معجمة هو اللسيع وزنًا ومعنى والسليم هو اللديغ.
قوله: «تضيفوهم» بفتح الضاد مع المشددة المعجمة وبكسرها مع التخفيف روايتان.
قوله: «لأرقي» بكسر القاف.
قوله: «جعلًا» بجيم مضمومة وعين مهملة ساكنة وهو ما يعطى على عمل.
قوله: «يتفل» بضم الفاء وكسرها هو نفخ معه قليل ريق.
قوله: «نشط» بضم النون وكسر الشين المعجمة أي حل من عقال والعقال الحبل.
قوله: «وما به قلبه» بفتح القاف واللام أي علة.
قوله: «قال الذي رقى» بفتح القاف.

.[18/4] باب النهي عن أن يكون النفع والأجر مجهولان وجواز استيجار الأجير بطعامه وكسوته

3834 - عن أبي سعيد قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن استيجار الأجير حتى يبين له أجره، وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح، إلا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب، انتهى.
3835 - وعنه قال: «نهى عن عسب الفحل وعن قفيز الطحان» رواه الدارقطني والبيهقي، وفي إسناده هشام أبو كليب، قال ابن القطان والذهبي: لا يعرف، وقال مغلطاي: هو ثقة وذكره ابن حبان في الثقات.
3836 - وعن عتبة بن النُدر قال: «كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقرأ (طس) حتى بلغ قصة موسى فقال: إن موسى أجر نفسه ثمان سنين أو عشر سنين على عفة فرجه وطعام بدنه» رواه أحمد وابن ماجه بإسناد ضعيف.
قوله: «قفيز الطحان» هو أن يطحن الطعام والأجرة جزء منه مطحونًا.

.[18/5] باب الاستيجار على العمل مياومه أو مشاهرة أو معاومة أو معاددة

3837 - عن علي عليه السلام قال: «جعت مرة جوعًا شديدًا فخرجت لطلب العمل في عوالي المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرًا فظننتها تريد بله فقاطعتها كل ذنوب على تمرة فمدت ستة عشر ذنوبًا حتى مجلت يداي ثم أتيتها فعدت لي ستة عشرة تمرة، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فأكل معي» رواه أحمد بسند جوده الحافظ، وابن ماجه بسند صححه ابن السكن.
3838 - وعن أنس قال: «لما قدم المهاجرون من مكة إلى المدينة قدموا وليس بأيديهم شيء فكانت الأنصار أهل الأرض والعقار فقاسمهم الأنصار على أن أعطوهم نصف ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤنة» أخرجاه، قال البخاري: وقال ابن عمر: «أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - خيبر بالشطر فكان ذلك على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر» ولم يذكر أن أبا بكر وعمر جددا الإجارة بعدما قبض النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «ذنوبًا» الذنوب الدلو العظيمة وقيل لا تسمى ذنوبًا إلا إذا كان فيها ماء.
قوله: «ومجلت» بكسر الجيم أي غلظت وتنفطت وبفتح الجيم غلظت فقط.