فصل: أبواب قضاء الحاجة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.أبواب قضاء الحاجة

.[1/26] باب ما يقول المتخلي عند دخوله وخروجه

92 - عن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء قال: اللهم إني أعوذ بك من الخُبُث والخبائث» رواه الجماعة.
93 - وعن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأبو حاتم وابن خزيمة وابن حبان.
94 - وعن أنس بن مالك قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» رواه ابن ماجه وفي بعض رواته مقال.
95 - وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدكم الخلاء أن يقول: بسم الله» أخرجه الترمذي، وقال: غريب.
قوله: «الخُبُث»، بضم المعجمة والموحدة: ذكور الشياطين «والخبائث» إناثهم.

.[1/27] باب وضع ما فيه ذكر الله

96 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء نزع خاتمه» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي والمنذري، وأخرجه ابن حبان والحاكم، وقال في "بلوغ المرام": إنه معلول، قلت: وقد صححه أيضًا الحاكم، وقال: على شرط الشيخين، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، قال في "الخلاصة": ولا يُقبل قول من ضعفه، وفي الحديث عند الحاكم والبيهقي «أن نقشه محمد رسول الله».

.[1/28] باب كف المتخلي عن السلام والكلام

97 - عن ابن عمر «أن رجلًا مر ورسول الله يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه» رواه الجماعة إلا البخاري، وزاد أبو داود من حديثه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تيمم ثم رد على الرجل السلام».
98 - ولابن ماجه من حديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر عليه رجل وهو يبول، فسلم عليه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا أتيتني على مثل هذه الحالة، فلا تسلم عليّ، فإنك إن فعلت لم أرد عليك»، وقال في "الخلاصة": إسناده جيد، وفيه سويد بن سعيد لكن أخرج له مسلم.
99 - وروى البزار وأبو العباس السراج وأبو محمد بن الجارود من حديث ابن عمر «أن رجلًا سلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول فرد عليه، وقال: إذا رأيتني هكذا، فلا تُسلم عليّ، فإنك إن تفعل لا أرد عليك لأني خشيت أن تقول: سلمت عليه فلم يرد عليّ السلام»، قال عبد الحق: وحديث مسلم أصح، ثم قال: لعله كان ذلك في موطنين هكذا في "التلخيص".
100 - ثم قال: وعن المهاجر بن قُنفْذُ قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يبول، فسلمت عليه، فلم يرد عليّ حتى توضأ، ثم اعتذر إليّ فقال: إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر» رواه أبو داود والنسائي والحاكم.
101 - وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عورتهما يتحدثان، فإن الله يمقت على ذلك» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه.
102 - وقد أخرجه ابن السكن وصححه من حديث جابر، ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تغوط الرجلان فليتوار كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك»، وقال في "بلوغ المرام": إنه معلول، قلت: والعلة هي ما قاله أبو داود: إنه لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلي. انتهى. وعكرمة قد احتج به مسلم في صحيحه.
103 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يخرج اثنان إلى الغائط فيجلسان يتحدثان كاشفين عورتهما، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك» رواه الطبراني في "الأوسط"، قال المنذري: وفي إسناده لين، وقال في "مجمع الزوائد": رجاله موثوقون.

.[1/29] باب الإبعاد والاستتار

104 - عن جابر قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكان لا يأتي البراز حتى يغيب، فلا يُرى» رواه ابن ماجه، ولأبي داود: «كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد» الحديث في إسناده إسماعيل بن عبد الملك صدوق كثير الوهم.
105 - وعن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خذ الإداوَةَ، فانطلق حتى توارى عني، فقضى حاجته» أخرجاه.
106 - وعن عبد الله بن جعفر قال: «كان أحب ما استتر به النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاجته هدف أو حاش نخل» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
107 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أتى الغائط فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبًا من رمل فليستدبره، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم، من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان وصححه والحاكم وصححه، وحسنه النووي والحافظ في "الفتح"، وقال في "البدر المنير": الحق أنه حديث صحيح.
قوله: «البَراز»، بفتح الباء: اسم للفضاء الواسع من الأرض، كناية عن حاجة الإنسان، و«الهدف»: ما ارتفع من بناءٍ أو كثيب، و«الحاش»: جماعة النخل.
قوله: «فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم» يعني أن الشيطان يحضر تلك الأماكن ويرصدها بالأذى والفساد؛ لأنها مواضع يهجر فيها ذكر الله تعالى، وتكشف فيها العورات، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بستر العورات فيها والامتناع من التعرض لأبصار الناظرين وهبوب الرياح وترشرش البول عليه، وكل ذلك من لعب الشيطان به وقصده بالأذى. انتهى من "غريب الجامع".

.[1/30] باب ما جاء من النهي للمتخلي عن استقبال القبلة واستدبارها

108 - عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا جلس أحدكم لحاجته، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها» رواه أحمد ومسلم، وفي رواية الخمسة إلا الترمذي: «إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه».
109 - وعن أبي أيوب الأنصاري عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أتيتم الغائط، فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا، قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها، ونستغفر الله تعالى» أخرجاه والترمذي وصححه وأبو داود.
قوله: «الغائط» الموضع المطمئن من الأرض كناية عن الحدث. قوله «مَرَاحِيض» بفتح الميم وبالحاء المهملة والضاد المعجمة هو المغتسل وهو كناية عن موضع المتخلي.

.[1/31] باب ما جاء في جواز ذلك بين البنيان

110 - عن ابن عمر قال: «رقيت يومًا على بيت حَفْصَةَ، فرأيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة» رواه الجماعة.
111 - وعن جابر بن عبد الله قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبلها» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني، وحسنه الترمذي والبزار وصححه ابن السَّكَن، ونقل الترمذي عن البخاري تصحيحه، وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.
112 - وعن عائشة قالت: «ذُكر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ناسًا يكرهون أن يستقبلوا القبلة بفروجهم، قال: أو قد فعلوها، حولوا مقعدتي قبل القبلة» رواه أحمد وابن ماجه، والحديث في إسناده اختلاف بين الأئمة، فقال بعضهم: باطل وبعضهم: ساقط، وأما النووي فحسنه وطعن فيه البخاري وصحح وقفه عن عائشة، وقد أُعل بالانقطاع، فإن الراوي عن عائشة عراك لم يسمع منها، والمسألة طويلة القيل والمقال من المعارك التي يحتار فيها فحول الرجال، وهذا الحديث ليس فيه تصريح بأنهم كانوا يستقبلون القبلة بالبول ونحوه، فلا حجة فيه على فرض صحته.
و«المقعدة» بفتح الميم موضع القعود لقضاء حاجة الإنسان.
113 - وعن مروان الأصفر قال: «رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نُهي عن ذلك؟ فقال: بلى؛ إنما نُهي عن هذا في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري. وقال في الفتح: أخرجه أبو داود والحاكم بإسناد حسن.

.[1/32] باب النهي عن إمساك الذكر باليمين والتمسح بها

114 - عن أبي قتادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا بال أحدكم، فلا يمسنَّ ذكره بيمينه، وإذا أتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه» رواه أبو داود، وللبخاري: «إذا بال أحدكم، فلا يأخذ ذكره بيمينه، ولا يستنجي بيمينه»، ولمسلم: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء».
115 - وفي حديث سلمان النهي عن الاستنجاء باليمين وسيأتي.
116 - وعن عائشة قالت: «كانت يد النبي - صلى الله عليه وسلم - اليمنى لطهوره وطعامه، وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من أذى» رواه أبو داود من رواية إبراهيم بن يزيد النخعي عن عائشة، ولم يسمع منها فهو منقطع، وأخرجه من حديث الأسود عن عائشة بمعناه، وأخرجه في اللباس من حديث مسروق عن عائشة، ومن ذلك الوجه أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه.

.[1/33] باب كيفية القعود لقضاء الحاجة والانتثار

117 - عن سراقة بن مالك قال: «علَّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخلاء أن نقعد على اليسرى وننصب اليمنى» رواه البيهقي، قال في "بلوغ المرام": بسند ضعيف. وقال الحازمي: لا يُعلم في الباب غيره مع ضعف إسناده وانقطاعه.
118 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض» رواه الترمذي من طريق الأعمش عن أنس، وقال: مرسل، لم يسمع الأعمش من أنس، ولا من أحد من الصحابة.
119 - وعن عيسى بن يزداد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات» رواه ابن ماجه بسند ضعيف، ورواه أحمد وأبو داود في مراسيله وابن ماجه والبيهقي من رواية يزداد الفارسي المذكور، وقال العقيلي: لا يصح، وقال ابن أبي حاتم: يزداد مجهول وولده عيسى مثله.

.[1/34] باب الموضع الذي يقضي الحاجة فيه وذكر الأماكن التي نُهي عن قضاء الحاجة فيها

120 - عن أبي موسى قال: «مال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى دَمَثٍ جنب حائط فبال، وقال: إذا بال أحدكم فليرتد لبوله» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده مجهول.
121 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياكم والتعريس على جوادِّ الطريق والصلاة عليها، فإنها مآوى الحيات والسباع، وقضاء الحاجة عليها، فإنها الملاعن» رواه ابن ماجه ورواته ثقات.
122 - وعن قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُبال في الجُحر» قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال: إنها مساكن الجن. رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم والبيهقي، وصححه ابن خزيمة وابن السكن وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال علي بن المديني: سمع قتادة من عبد الله.
123 - وعن حذيفة بن أسيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من آذى المسلمين في طُرقهم، وجبت عليه لعنتهم» رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد حسن.
124 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا اللاعنين، قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
125 - وعن أبي سعيد الحميري عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وابن السكن وصححاه، وقد أُعل بالانقطاع لعدم سماع أبي سعيد من معاذ، وللحديث شواهد.
126 - ولأحمد من حديث ابن عباس بزيادة «أو نقع ماء».
127 - وزاد الطبراني من حديث ابن عمر «النهي عن البراز تحت الأشجار المثمرة، وضفة النهر الجاري» وإسنادهما ضعيف، قاله الحافظ.
128 - وعن عبد الله بن مُغفَّل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يتوضأ فيه، فإن عامة الوسواس منه» رواه الخمسة إلا قوله: «ثم يتوضأ فيه» فإنما هي لأحمد وأبي داود، قال الترمذي: غريب، وقال المنذري: إسناده صحيح متصل ورجاله ثقات، وقد أخرج نحوه الضياء في "المختارة".
129 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه.
130 - وعنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُبال في الماء الجاري» رواه الطبراني في "الأوسط"، قال المنذري: بإسناد جيد.
قوله: «دمث» بالدال المفتوحة المهملة، وفي "القاموس" الدمث كفرح، أي: سهل.
قوله: «فليرتد» أي يطلب محلًا سهلًا. قوله «التعريس» هو نزول المسافر آخر الليل ليستريح. قوله «الجُحْر» بضم الجيم وسكون الحاء هو ما يحتفره السباع والهوام لأنفسها.
قوله: «الملاعن» هي مواضع اللعن والمراد بالظل هنا هو الظل الذي اتخذه الناس مقيلًا ومنزلًا ينزلونه، وليس كل ظل يحرم قضاء الحاجة فيه، فقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاجته تحت حائش من النخل وهو لا محالة له ظل.

.[1/35] باب ما جاء من البول في الأواني للحاجة

131 - عن أُمَيْمَة بنت رُقَيقة عن أمها قالت: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - قدح من عَيْدان تحت سريره يبول فيه بالليل» رواه أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم، والحديث من رواية ابن جريج عن حَكِيمة عن أمها أُمَيْمة بنت رُقيقة، قال عبد الحق عن الدارقطني: لم يقض فيه بصحة ولا ضعف، والخبر متوقف الصحة على العلم بحال الراوية، فإن ثبت ثقتها صحت روايتها، وهي لم تثبت. انتهى. وحسّن الحديث النووي.
132 - وعن أم أيمن قالت: «قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل إلى فخارة له في جانب البيت فبال فيها، فقمت من الليل وأنا عطشانة، فشربت ما فيها وأنا لا أشعر، فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: يا أم أيمن! قومي فاهريقي ما في تلك الفخارة، قلت: والله قد شربته، قالت: فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجذه، ثم قال: أما والله لا تَتَّجعين بطنك أبدًا» رواه الحاكم والدارقطني والطبراني بإسناد ضعيف، ورواه أبو أحمد العسكري بلفظ «لن تشتكي بطنك» قال في "الخلاصة": وعن الدارقطني أن حديث المرأة التي شربت بوله حديث صحيح، ورأيت في "علله" أنه مضطرب وأن الاضطراب جاء من جهة ابن مالك النخعي وأنه ضعيف.
133 - وعن عائشة في مرض موته «أنه - صلى الله عليه وسلم - دعا بالطشت ليبول فيه، فانخنثت نفسه وما شعرت» رواه النسائي.
134 - وقد أخرجه الشيخان من حديث الأسود بن يزيد.
قوله: «عَيْدان» بفتح العين المهملة، وسكون الياء المثناة التحتية، قال في "الدر النثير": هي النخل الطوال المتجردة، الواحدة عيدانة، و«الفخارة» ضرب من الخَزَف.
قوله: «انخنثت» أي: انكسرت وتثنت.

.[1/36] باب ما جاء في البول قائمًا

135 - عن عائشة قالت: «من حدثكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال قائمًا فلا تصدقوه، ماكان يبول إلا جالسًا»، وفي رواية: «قاعدًا» رواه الخمسة إلا أبا داود، وقال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
136 - وعنها قالت: «ما بال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن» رواه أبو عوانة في صحيحه.
137 - وعن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبول الرجل قائمًا» رواه ابن ماجه، وفي إسناده عدي بن الفضل وهو متروك، وللحديث شواهد تدل على كراهة البول من قيام.
138 - وعن عمر قال: «رآني النبي - صلى الله عليه وسلم - أبول قائمًا، فقال: يا عمر! لا تبل قائمًا، فما بلت قائمًا بعد» رواه الترمذي، وقال: إنما رفع الحديث عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف عند أهل الحديث، وقال في "الميزان" بعد ذكر ضعف عبد الكريم: قلت: وقد أخرج له البخاري تعليقًا ومسلم متابعة، وهذا يدل على أنه ليس بمطروح. انتهى.
139 - وعن حذيفة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انتهى إلى سباطة قوم فبال قائمًا فتنحيت، فقال: ادنه، فدنوت حتى قمت عند عقبيه فتوضأ ومسح على خفيه» رواه الجماعة، وقد قيل: إنما بال قائمًا لعلة كانت به، قلت: قد أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال: «إنما بال النبي - صلى الله عليه وسلم - قائمًا لجرح كان بمأبظه» وضعفه الدارقطني والبيهقي، وقال ابن القيم: إنما فعل ذلك تنزهًا وبعدًا من إصابة البول؛ لأنه لو بال في الكناسة لارتد عليه البول أو كما قال.
قوله: «سباطة» بسين مهملة مضمومة بعدها موحدة، هي: المزبلة والكناسة.
قوله: «بمأبظه» المأبظ باطن الركبة.

.[1/37] باب ما جاء في الاستجمار بالأحجار والتنزه من البول

140 - عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا ذهب أحدكم إلى الغائط، فليستطب بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والدارقطني، وقال: إسناده حسن وعلله، وقال: إسناده متصل صحيح.
141 - وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «قيل لسلمان: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، فقال سلمان: أجل نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وأن نستنجي باليمين، وأن يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو بعظم» رواه مسلم وأبو داود والترمذي.
142 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا استجمر أحدكم، فليستجمر ثلاثًا» رواه أحمد وابن أبي شيبة والضياء في "المختارة".
143 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استجمر فليوتر» أخرجاه، وزاد أحمد وأبو داود وابن ماجه «من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج» وصححهما ابن حبان وحسَّنهما النووي والحافظ في "الفتح".
144 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة» رواه الجماعة، وفي رواية للبخاري والنسائي «وما يعذبان في كبير، بلى كان أحدهما...» إلخ، وللبخاري في الأدب «بلى إنه لكبير».
145 - وعن أبي هريرة قال: «كنا نمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمررنا على قبرين، فقام فقمنا معه، فجعل لونه يتغير حتى رعد كم قميصه، فقلنا: ما نابك يا رسول الله؟ فقال: ألا تسمعون ما أسمع، فقلنا: وما ذاك يا نبي الله؟ فقال: هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنب حقير، قلنا: فيم ذاك؟ قال: كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة، قلنا: وهل ينفعهم ذلك، قال: نعم. يُخفف عنهما ما دامتا رطبتين» رواه ابن حبان في "صحيحه".
146 - وعن أبي أمامة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتقوا البول، فإنه أول ما يحاسب به العبد في القبر» رواه الطبراني في "الكبير"، قال المنذري: وإسناده لا بأس به.
147 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تنزهوا من البول، فإن عامة عذاب القبر منه» رواه الدارقطني.
148 - وقد أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة، وفي لفظ له وللحاكم من حديثه «أكثر عذاب القبر من البول» قال في "بلوغ المرام": وهو صحيح الإسناد.
قوله: «الخراءة» أي: العذرة.
قوله: «من فعل فقد أحسن.. إلخ» قال في "جامع الأصول": معناه التخيير بين الماء الذي هو الأصل في الطهارة وبين الأحجار، يريد أن الاستنجاء بالماء ليس بعزيمة لا يجوز تركها إلى غيره؛ لكنه إن استنجى فليكن وترًا، وإلا فلا حرج إن تركه إلى غيره بزيادة عليه. انتهى.
قوله: «لا يستَتِر» بمثناتين من فوق الأولى مفتوحة والثانية مكسورة في أكثر الروايات، وفي رواية لمسلم: «يستنْزه» بالنون الساكنه بعدها زاي ثم هاء، وفي رواية لابن عساكر: «يستبرئ» بموحدة من الاستبراء.
قوله: «وما يعذبان في كبير» معناه: أنهما لم يُعذبا في أمرٍ كان يكبر عليهما، أو يشق عليهما فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الخصلتين ليست بكبيرة، ولما خاف - صلى الله عليه وسلم - أن يتوهم مثل هذا، استدرك، فقال: بلى إنه لكبير، وكذا قوله: «في ذنب هين» يعني: هين عندهما أو في ظنهما، أو هين عليهما اجتنابه، لا أنه هين في نفس الأمر؛ لأن النميمة محرمة اتفاقًا.