فصل: كِتَاب الشَّرِكَةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*2*كِتَاب الشَّرِكَةِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏كتاب الشركة‏)‏ كذا للنسفي وابن شبويه، وللأكثر ‏"‏ باب ‏"‏ ولأبي ذر ‏"‏ في الشركة ‏"‏ وقدموا البسملة وأخرها‏.‏

والشركة بفتح المعجمة وكسر الراء، وبكسر أوله وسكون الراء، وقد تحذف الهاء، وقد يفتح أوله مع ذلك فتلك أربع لغات‏.‏

وهي شرعا‏:‏ ما يحدث بالاختيار بين اثنين فصاعدا من الاختلاط لتحصيل الربح، وقد تحصل بغير قصد كالإرث‏.‏

*3*باب الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ وَالنَّهْدِ وَالْعُرُوضِ

وَكَيْفَ قِسْمَةُ مَا يُكَالُ وَيُوزَنُ مُجَازَفَةً أَوْ قَبْضَةً قَبْضَةً لَمَّا لَمْ يَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي النَّهْدِ بَأْسًا أَنْ يَأْكُلَ هَذَا بَعْضًا وَهَذَا بَعْضًا وَكَذَلِكَ مُجَازَفَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْقِرَانُ فِي التَّمْرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الشركة في الطعام والنهد‏)‏ أما الطعام فسيأتي القول فيه في باب مفرد، وأما النهد فهو بكسر النون وبفتحها إخراج القوم نفقاتهم على قدر عدد الرفقة، يقال تناهدوا وناهد بعضهم بعضا قاله الأزهري‏.‏

وقال الجوهري نحوه لكن قال‏:‏ على قدر نفقة صاحبه، ونحوه لابن فارس‏.‏

وقال ابن سيده‏:‏ النهد العون‏.‏

وطرح نهده مع القوم أعانهم وخارجهم، وذلك يكـون في الطعام والشراب‏.‏

وقيل‏.‏

فذكر قول الأزهري‏.‏

وقال عياض مثل قول الأزهري إلا أنه قيده بالسفر والخلط، ولم يقيده بالعدد‏.‏

وقال ابن التين‏:‏ قال جماعة هو النفقة بالسوية في السفر وغيره، والذي يظهر أن أصله في السفر، وقد تتفق رفقة فيضعونه في الحضر كما سيأتي في آخر الباب من فعل الأشعريين، وأنه لا يتقيد بالتسوية إلا في القسمة، وأما في الأكل فلا تسوية لاختلاف حال الآكلين، وأحاديث الباب تشهد لكل ذلك‏.‏

وقال ابن الأثير‏:‏ هو ما تخرجه الرفقة عند المناهدة إلى الغزو، وهو أن يقتسموا نفقتهم بينهم بالسوية حتى لا يكون لأحدهم على الآخر فضل، فزاده قيدا آخر وهو سفر الغزو، والمعروف أنه خلط الزاد في السفر مطلقا، وقد أشار إلى ذلك المصنف في الترجمة حيث قال‏:‏ ‏"‏ يأكل هذا بعضا وهذا بعضا ‏"‏ وقال القابسي‏:‏ هو طعام الصلح بين القبائل، وهذا غير معروف، فإن ثبت فلعله أصله‏.‏

وذكر محمد بن عبد الملك التاريخي أن أول من أحدث النهد حضين - بمهملة ثم معجمة مصغر - الرقاشي‏.‏

وهو بعيد لثبوته في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وحضين لا صحبة له، فإن ثبتت احتملت أوليته فيه في زمن مخصوص أو في فئة مخصوصة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والعروض‏)‏ بضم أوله جمع عرض بسكون الراء مقابل النقد، وأما بفتحها فجميع أصناف المال، وما عدا النقد يدخل فيه الطعام فهو من الخاص بعد العام ويدخل فيه الربويات، ولكنه اغتفر في النهد لثبوت الدليل على جوازه‏.‏

واختلف العلماء في صحة الشركة كما سيأتي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكيف قسمة ما يكال ويوزن‏)‏ أي هل يجوز قسمته مجازفة أو لا بد من الكيل في المكيل والوزن في الموزون، وأشار إلى ذلك بقوله‏:‏ ‏"‏ مجازفة أو قبضة قبضة ‏"‏ أي متساوية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما لم تر المسلمون بالنهد بأسا‏)‏ هو بكسر اللام وتخفيف الميم، وكأنه أشار إلى أحاديث الباب، وقد ورد الترغيب في ذلك، وروى أبو عبيدة في ‏"‏ الغريب ‏"‏ عن الحسن قال‏:‏ ‏"‏ أخرجوا نهدكم فإنه أعظم للبركة وأحسن لأخلاقكم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكذلك مجازفة الذهب والفضة‏)‏ كأنه ألحق النقد بالعرض للجامع بينهما وهو المالية، لكن إنما يتم ذلك في قسمة الذهب مع الفضة، أما قسمة أحدهما خاصة - حيث يقع الاشتراك في الاستحقاق - فلا يجوز إجماعا قاله ابن بطال‏.‏

وقال ابن المنير‏:‏ شرط مالك في منعه أن يكون مصكوكا والتعامل فيه بالعدد‏.‏

فعلى هذا يجوز بيع ما عداه جزافا، ومقتضى الأصول منعه، وظاهر كلام البخاري جوازه، ويمكن أن يحتج له بحديث جابر في مال البحرين، والجواب عن ذلك أن قسمة العطاء ليس على حقيقة القسمة، لأنه غير مملوك للآخذين قبل التمييز، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والقران في التمر‏)‏ يشير إلى حديث ابن عمر الماضي في المظالم، وسيأتي أيضا بعد بابين‏.‏

ثم ذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثًا قِبَلَ السَّاحِلِ فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَهُمْ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَأَنَا فِيهِمْ فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ فَنِيَ الزَّادُ فَأَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِأَزْوَادِ ذَلِكَ الْجَيْشِ فَجُمِعَ ذَلِكَ كُلُّهُ فَكَانَ مِزْوَدَيْ تَمْرٍ فَكَانَ يُقَوِّتُنَا كُلَّ يَوْمٍ قَلِيلًا قَلِيلًا حَتَّى فَنِيَ فَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُنَا إِلَّا تَمْرَةٌ تَمْرَةٌ فَقُلْتُ وَمَا تُغْنِي تَمْرَةٌ فَقَالَ لَقَدْ وَجَدْنَا فَقْدَهَا حِينَ فَنِيَتْ قَالَ ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى الْبَحْرِ فَإِذَا حُوتٌ مِثْلُ الظَّرِبِ فَأَكَلَ مِنْهُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ لَيْلَةً ثُمَّ أَمَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِضِلَعَيْنِ مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنُصِبَا ثُمَّ أَمَرَ بِرَاحِلَةٍ فَرُحِلَتْ ثُمَّ مَرَّتْ تَحْتَهُمَا فَلَمْ تُصِبْهُمَا

الشرح‏:‏

حديث جابر في بعث أبي عبيدة بن الجراح إلى جهة الساحل، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي، وشاهد الترجمة منه قوله‏:‏ ‏"‏ فأمر أبو عبيدة بأزواد ذلك الجيش فجمع ‏"‏ الحديث‏.‏

وقال الداودي ليس في حديث أبي عبيدة ولا الذي بعده ذكر المجازفة لأنهم لم يريدوا المبايعة ولا البدل، وإنما يفضل بعضهم بعضا لو أخذ الإمام من أحدهم للآخر‏.‏

وأجاب ابن التين بأنه إنما أراد أن حقوقهم تساوت فيه بعد جمعه لكنهم تناولوه مجازفة كما جرت العادة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَرْحُومٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَفَّتْ أَزْوَادُ الْقَوْمِ وَأَمْلَقُوا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَحْرِ إِبِلِهِمْ فَأَذِنَ لَهُمْ فَلَقِيَهُمْ عُمَرُ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ مَا بَقَاؤُكُمْ بَعْدَ إِبِلِكُمْ فَدَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَقَاؤُهُمْ بَعْدَ إِبِلِهِمْ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادِ فِي النَّاسِ فَيَأْتُونَ بِفَضْلِ أَزْوَادِهِمْ فَبُسِطَ لِذَلِكَ نِطَعٌ وَجَعَلُوهُ عَلَى النِّطَعِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا وَبَرَّكَ عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَاهُمْ بِأَوْعِيَتِهِمْ فَاحْتَثَى النَّاسُ حَتَّى فَرَغُوا ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ

الشرح‏:‏

حديث سلمة بن الأكوع في إرادة نحر إبلهم في الغزو، والشاهد منه جمع أزوادهم ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها بالبركة، وهو ظاهر فيما ترجم به من كون أخذهم منها كان بغير قسمة مستوية، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى‏.‏

وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ أزواد ‏"‏ في رواية المستملي ‏"‏ أزودة ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ وأملقوا ‏"‏ أي افتقروا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وبرك‏)‏ بتشديد الراء أي دعا بالبركة، وقوله‏:‏ ‏"‏ فاحتثى ‏"‏ بسكون المهملة بعدها مثناة مفتوحة ثم مثلثة افتعل من الحثي وهو الأخذ بالكفين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو النَّجَاشِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ فَنَنْحَرُ جَزُورًا فَتُقْسَمُ عَشْرَ قِسَمٍ فَنَأْكُلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ

الشرح‏:‏

حديث رافع بن خديج في تعجيل صلاة العصر، وهو من الأحاديث المذكورة في غير مظنتها، وقد ذكر المصنف في المواقيت من هذا الوجه عن رافع تعجيل المغرب، وفي هذا تعجيل العصر، والغرض منه هنا قوله‏:‏ ‏"‏ فننحر جزورا فيقسم عشر قسم ‏"‏ قال ابن التين في حديث رافع الشركة في الأصل، وجمع الحظوظ في القسم، ونحر إبل المغنم، والحجة على من زعم أن أول وقت العصر مصير ظل الشيء مثليه‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ نضيجا ‏"‏ بالمعجمة وبالجيم أي استوى طبخه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن بريد‏)‏ هو بالموحدة والراء مصغرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إذا أرملوا‏)‏ أي فني زادهم، وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة كما قيل في ‏(‏ذا متربة‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهم مني وأنا منهم‏)‏ أي هم متصلون بي، وتسمى ‏"‏ من ‏"‏ هذه الاتصالية كقوله‏:‏ ‏"‏ لست من دد‏"‏، وقيل‏:‏ المراد فعلوا فعلي في هذه المواساة‏.‏

وقال النووي‏:‏ معناه المبالغة في اتحاد طريقهما واتفاقهما في طاعة الله تعالى‏.‏

وفي الحديث فضيلة عظيمة للأشعريين قبيلة أبي موسى، وتحديث الرجل بمناقبه، وجواز هبة المجهول، وفضيلة الإيثار والمواساة، واستحباب خلط الزاد في السفر وفي الإقامة أيضا‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ

فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فِي الصَّدَقَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة‏)‏ أورد فيه حديث أنس عن أبي بكر في ذلك، وهو طرف من حديثه الطويل في الزكاة وتقدم فيه، وقيده المصنف في الترجمة بالصدقة لوروده فيها، لأن التراجع لا يصح بين الشريكين في الرقاب‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ فقه الباب أن الشريكين إذا خلط رأس مالهما فالربح بينهما، فمن أنفق من مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه تراجعا عند القسمة بقدر ذلك، لأنه عليه الصلاة والسلام أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما وهما شريكان، فدل ذلك على أن كل شريكين في معناهما‏.‏

وتعقبه ابن المنير بأن التراجع الواقع بين الخليطين في الغنم ليس من باب قسمة الربح، وإنما أصله غرم مستهلك، لأنا نقدر أن من لم يعط استهلك مال من أعطى إذا أعطى عن حق وجب على غيره؛ وقد قيل إنه يقدر مستلفا من صاحبه، واستدل به على أن من قام عن غيره بواجب فله الرجوع عليه وإن لم يكن أذن له في القيام عنه قاله ابن المنير أيضا، وفيه نظر لأن صحته تتوقف على عدم الإذن، وهو هنا محتمل، فلا يتم الاستدلال مع قيام الاحتمال‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية في الصدقة‏)‏ أورد فيه حديث أنس عن أبي بكر في ذلك، وهو طرف من حديثه الطويل في الزكاة وتقدم فيه، وقيده المصنف في الترجمة بالصدقة لوروده فيها، لأن التراجع لا يصح بين الشريكين في الرقاب‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ فقه الباب أن الشريكين إذا خلط رأس مالهما فالربح بينهما، فمن أنفق من مال الشركة أكثر مما أنفق صاحبه تراجعا عند القسمة بقدر ذلك، لأنه عليه الصلاة والسلام أمر الخليطين في الغنم بالتراجع بينهما وهما شريكان، فدل ذلك على أن كل شريكين في معناهما‏.‏

وتعقبه ابن المنير بأن التراجع الواقع بين الخليطين في الغنم ليس من باب قسمة الربح، وإنما أصله غرم مستهلك، لأنا نقدر أن من لم يعط استهلك مال من أعطى إذا أعطى عن حق وجب على غيره؛ وقد قيل إنه يقدر مستلفا من صاحبه، واستدل به على أن من قام عن غيره بواجب فله الرجوع عليه وإن لم يكن أذن له في القيام عنه قاله ابن المنير أيضا، وفيه نظر لأن صحته تتوقف على عدم الإذن، وهو هنا محتمل، فلا يتم الاستدلال مع قيام الاحتمال‏.‏

*3*باب قِسْمَةِ الْغَنَمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قسمة الغنم‏)‏ أي بالعدد، أورد فيه حديث رافع بن خديج، وفيه ‏"‏ ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الذبائح إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَكَمِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبَايَةَ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَأَصَابَ النَّاسَ جُوعٌ فَأَصَابُوا إِبِلًا وَغَنَمًا قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ الْقَوْمِ فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا الْقُدُورَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ ثُمَّ قَسَمَ فَعَدَلَ عَشَرَةً مِنْ الْغَنَمِ بِبَعِيرٍ فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ وَكَانَ فِي الْقَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ فَحَبَسَهُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ لِهَذِهِ الْبَهَائِمِ أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الْوَحْشِ فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا فَقَالَ جَدِّي إِنَّا نَرْجُو أَوْ نَخَافُ الْعَدُوَّ غَدًا وَلَيْسَتْ مَعَنَا مُدًى أَفَنَذْبَحُ بِالْقَصَبِ قَالَ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قسمة الغنم‏)‏ أي بالعدد، أورد فيه حديث رافع بن خديج، وفيه ‏"‏ ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير ‏"‏ وسيأتي الكلام عليه مستوفى في الذبائح إن شاء الله تعالى‏.‏

*3*باب الْقِرَانِ فِي التَّمْرِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القرآن في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه‏)‏ كذا في جميع النسخ، ولعل ‏"‏ حتى ‏"‏ كانت ‏"‏ حين ‏"‏ فتحرفت، أو سقط من الترجمة شيء إما لفظ النهي من أولها أو ‏"‏ لا يجوز ‏"‏ قبل ‏"‏ حتى‏"‏‏.‏

ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك من وجهين، وقد تقدم في المظالم، ويأتي الكلام عليه في الأطعمة إن شاء الله تعالى‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ النهي عن القران من حسن الأدب في الأكل عند الجمهور لا على التحريم كما قال أهل الظاهر، لأن الذي يوضع للأكل سبيله سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في الأكل، لكن إذا استأثر بعضهم بأكثر من بعض لم يحل له ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا جَبَلَةُ بْنُ سُحَيْمٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَقُولُ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْرُنَ الرَّجُلُ بَيْنَ التَّمْرَتَيْنِ جَمِيعًا حَتَّى يَسْتَأْذِنَ أَصْحَابَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القرآن في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه‏)‏ كذا في جميع النسخ، ولعل ‏"‏ حتى ‏"‏ كانت ‏"‏ حين ‏"‏ فتحرفت، أو سقط من الترجمة شيء إما لفظ النهي من أولها أو ‏"‏ لا يجوز ‏"‏ قبل ‏"‏ حتى‏"‏‏.‏

ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك من وجهين، وقد تقدم في المظالم، ويأتي الكلام عليه في الأطعمة إن شاء الله تعالى‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ النهي عن القران من حسن الأدب في الأكل عند الجمهور لا على التحريم كما قال أهل الظاهر، لأن الذي يوضع للأكل سبيله سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في الأكل، لكن إذا استأثر بعضهم بأكثر من بعض لم يحل له ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَبَلَةَ قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَأَصَابَتْنَا سَنَةٌ فَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التَّمْرَ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِنَا فَيَقُولُ لَا تَقْرُنُوا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْإِقْرَانِ إِلَّا أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ مِنْكُمْ أَخَاهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القرآن في التمر بين الشركاء حتى يستأذن أصحابه‏)‏ كذا في جميع النسخ، ولعل ‏"‏ حتى ‏"‏ كانت ‏"‏ حين ‏"‏ فتحرفت، أو سقط من الترجمة شيء إما لفظ النهي من أولها أو ‏"‏ لا يجوز ‏"‏ قبل ‏"‏ حتى‏"‏‏.‏

ذكر فيه حديث ابن عمر في ذلك من وجهين، وقد تقدم في المظالم، ويأتي الكلام عليه في الأطعمة إن شاء الله تعالى‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ النهي عن القران من حسن الأدب في الأكل عند الجمهور لا على التحريم كما قال أهل الظاهر، لأن الذي يوضع للأكل سبيله سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في الأكل، لكن إذا استأثر بعضهم بأكثر من بعض لم يحل له ذلك‏.‏