فصل: باب مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَإِثْمِ مَنْ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب مَا يَرِثُ النِّسَاءُ مِنْ الْوَلَاءِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ما يرث النساء من الولاء‏)‏ ذكر في حديث ابن عمر المذكور في الباب قبله من وجه آخر عن نافع وحديث عائشة من وجه آخر عن منصور مقتصرا على قوله ‏"‏ الولاء لمن أعطى الورق وولي النعمة ‏"‏ وهذا اللفظ لوكيع عن سفيان الثوري عن منصور، وقد أخرجه الترمذي من رواية عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان بملفظ ‏"‏ أنها أرادت أن تشتري بريرة فاشترطوا الولاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ فذكره‏.‏

وقد أخرجه الإسماعيلي من طريق وكيع أيضا ومن طريق عبد الرحمن بن مهدي جميعا عن سفيان تاما وقال‏:‏ لفظهما واحد، فعرف أن وكيعا كان ربما اختصره، وعرف أنه في قصة بريرة، وقد ذكره أصحاب منصور كأبي عوانة بلفظ ‏"‏ إنما الولاء لمن أعتق ‏"‏ وكذلك ذكره أصحاب إبراهيم كالحاكم والأعمش وأصحاب الأسود وأصحاب عائشة وكلها في الكتب الستة، وتفرد الثوري وتابعه جرير عن منصور بهذا اللفظ، فيحتمل أن يكون منصور رواه لهما بالمعنى، وقد تفرد الثوري بزيادة قوله ‏"‏ وولي النعمة ‏"‏ ومعنى قوله أعطى الورق أي الثمن، وإنما عبر بالورق لأنه الغالب، ومعنى قوله ‏"‏ وولي النعمة ‏"‏ أعتق، ومطابقته لقوله ‏"‏ الولاء لمن أعتق ‏"‏ أن صحة العتق تستدعي سبق ملك والملك يستدعي ثبوت العوض، قال ابن بطال‏:‏ هذا الحديث يقتضي أن الولاء لكل معتق ذكرا كان أو أنثى وهو مجمع عليه، وأما جر الولاء فقال الأبهري‏:‏ ليس بين الفقهاء اختلاف أنه ليس للنساء من الولاء إلا ما أعتقن أو أولاد من أعتقن، إلا ما جاء عن مسروق أنه قال‏:‏ لا يختص الذكور بولاء من أعتق آباؤهم بل الذكور والإناث فيه سواء كالميراث، ونقل ابن المنذر عن طاوس مثله، وعليه اقتصر سحنون فيما نقله ابن التين، وتعقب الحصر الذي ذكره الأبهري تبعا لسحنون وغيره بأنه يرد عليه ولد الإناث من ولد من أعتقن، قال‏:‏ والعبارة السالمة أن يقال إلا ما أعتقن أو جره إليهن من أعتقن بولادة أو عتق، احترازا ممن لها ولد من زنا أو كانت ملاعنة أو كان زوجها عبدا فإن ولاء ولد هؤلاء كلهن لمعتق الأم، والحجة للجمهور اتفاق الصحابة، ومن حيث النظر أن المرأة لا تستوعب المال بالفرض الذي هو آكد من التعصيب، فاختص بالولاء من يستوعب المال وهو الذكر وإنما ورثن من عتقن لأنه عن مباشرة لا عن جر الإرث، واستدل بقوله ‏"‏ الولاء لمن أعطى الورق ‏"‏ على من قال فيمن أعتق عن غيره بوصية من المعتق عنه أن الولاء للمعتق عملا بعموم قوله ‏"‏ الولاء لمن أعتق ‏"‏ وموضع الدلالة منه قوله ‏"‏ الولاء لمن أعطى الورق ‏"‏ فدل على أن المراد بقوله ‏"‏ لمن أعتق ‏"‏ لمن كان من عتق في ملكه حين العتق لا لمن باشر العتق فقط‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَرَادَتْ عَائِشَةُ أَنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فَقَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الْوَلَاءَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اشْتَرِيهَا فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ

الشرح‏:‏

-10067 سبق شرحه بالباب

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْطَى الْوَرِقَ وَوَلِيَ النِّعْمَةَ

الشرح‏:‏

-10067 سبق شرحه بالباب

*3*باب مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَابْنُ الْأُخْتِ مِنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب‏)‏ بالتنوين ‏(‏مولى القوم من أنفسهم‏)‏ أي عتيقهم ينسب نسبتهم ويرثونه‏.‏

قوله ‏(‏وابن الأخت منهم‏)‏ أي لأنه ينتسب إلى بعضهم وهي أمه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ وَقَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ كَمَا قَالَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا شعبة حدثنا معاوية بن قرة وقتادة عن أنس‏)‏ هكذا وقع في رواية آدم عن شعبة مقرونا، وأكثر الرواة قالوا ‏"‏ عن شعبة عن قتادة وحده عن أنس ‏"‏ وقد تقدم بيان ذلك في مناقب قريش وأورده مختصرا، ومن وجه آخر عن شعبة عن قتادة مطولا في غزوة حنين وتقدمت فوائده هناك وفي كتاب الجزية، وأخرجه الإسماعيلي من طرق عن شعبة عن قتادة وقال‏:‏ المعروف عن شعبة في ‏"‏ مولى القوم منهم أو من أنفسهم ‏"‏ روايته عن قتادة وعن معاوية بن قرة، والمعروف عنه في ‏"‏ ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم ‏"‏ روايته عن قتادة وحده، وانفرد علي بن الجعد عن شعبة به عن معاوية بن قرة أيضا‏.‏

قلت‏:‏ وليس كما قال، بل تابعه أبو النصر عن شعبة عن معاوية بن قرة أيضا أخرجه أحمد في مسنده عنه وأفاد فيه أن المعنى بذلك النعمان بن مقرن المزني وكانت أمه أنصارية والله أعلم‏.‏

واستدل بقوله ‏"‏ ابن أخت القوم منهم ‏"‏ من قال بأن ذوي الأرحام يرثون كما ورث العصبات، وحمله من لم يقل بذلك على ما تقدم، وكأن البخاري رمز إلى الجواب بإيراد هذا الحديث، لأنه لو صح الاستدلال بقوله ‏"‏ ابن أخت القوم منهم ‏"‏ على إرادة الميراث لصح الاستدلال له على أن العتيق يرث ممن أعتقه لورود مثله في حقه، فدل على أن المراد بقوله ‏"‏ من أنفسهم ‏"‏ وكذا ‏"‏ منهم ‏"‏ في المعاونة والانتصار والبر والشفقة ونحو ذلك لا في الميراث‏.‏

وقال ابن أبي جمرة‏:‏ الحكمة في ذكر ذلك إبطال ما كانوا علية في الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات فضلا عن أولاد الأخوات حتى قال قائلهم‏:‏ بنونا بنو أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد فأراد بهذا الكلام التحريض كل الألفة بين الأقارب‏.‏

قلت‏:‏ وأما القول في الموالي فالحكمة فيه ما تقدم ذكره من جواز نسبة العبد إلى مولاه لا بلفظ البنوة لما سيأتي قريبا من الوعيد الثابت لمن انتسب إلى غير أبيه وجواز نسبته إلى نسب مولاه بلفظ النسبة، وفي ذلك جمع بين الأدلة، وبالله التوفيق‏.‏

*3*باب مِيرَاثِ الْأَسِيرِ

قَالَ وَكَانَ شُرَيْحٌ يُوَرِّثُ الْأَسِيرَ فِي أَيْدِي الْعَدُوِّ وَيَقُولُ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَجِزْ وَصِيَّةَ الْأَسِيرِ وَعَتَاقَهُ وَمَا صَنَعَ فِي مَالِهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ دِينِهِ فَإِنَّمَا هُوَ مَالُهُ يَصْنَعُ فِيهِ مَا يَشَاءُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ميراث الأسير‏)‏ أي سواء عرف خبره أم جهل‏.‏

قوله ‏(‏وكان شريح‏)‏ بمعجمة أوله ومهملة آخره وهو ابن الحارث القاضي الكندي الكوفي المشهور‏.‏

قوله ‏(‏يورث الأسير في أيدي العدو ويقول هو أحوج إليه‏)‏ وصله ابن أبي شيبة والدارمي من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن شريح قال ‏"‏ يورث الأسير إذا كان في أرض العدو ‏"‏ وزاد ابن أبي شيبة‏:‏ قال شريح أحوج ما يكون إلى ميراثه وهو أسير‏.‏

قوله ‏(‏وقال عمر بن عبد العزيز‏:‏ أجز وصية الأسير وعتاقته وما صنع في ماله ما لم يتغير عن دينه، فإنما هو ماله يصنع فيه ما يشاء‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ ما شاء ‏"‏ وهذا وصله عبد الرزاق عن معمر عن إسحاق بن راشد أن عمر كتب إليه أن أجز وصية الأسير، وأخرجه الدارمي من طريق ابن المبارك عن معمر عن إسحاق بن راشد عن عمر في عبد العزيز في الأسير يوصي قال‏:‏ أجز لي وصيته ما دام على الإسلام لم يتغير عن دينه‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ ذهب الجمهور إلى أن الأسير إذا وجب له ميراث أنه يوقف له، وعن سعيد بن المسيب أنه لم يورث الأسير في أيدي العدو، قال‏:‏ وقول الجماعة أولى، لأنه إذا كان مسلما دخل تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من ترك مالا فلورثته ‏"‏ وإلى هذا أشار البخاري بإيراد حديث أبي هريرة، وقد تقدم شرحه قريبا‏.‏

وأيضا فهو مسلم تجري عليه أحكام المسلمين فلا يخرج عن ذلك إلا بحجة كما أشار إليه عمر بن عبد العزيز، ولا يكفي أن يثبت أنه ارتد حتى يثبت أن ذلك وقع منه طوعا فلا يحكم بخروج ماله عنه حتى يثبت أنه ارتد طائعا لا مكرها، وما ذكره ابن بطال عن سعيد بن المسيب أخرجه ابن أبي شيبة‏.‏

وأخرج عنه أيضا رواية أخرى أنه يرث، وعن الزهري روايتين أيضا، وعن النخعي لا يرث‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ تقدم في أواخر النكاح في ‏"‏ باب حكم المفقود في أهله وماله ‏"‏ أشياء تتعلق بالأسير في حكم زوجته وماله وأن زوجته لا تتزوج وماله لا يقسم ما تحققت حياته وعلم مكانه، فإذا انقطع خبره فهو مفقود، وتقدم بيان الاختلاف في حكمه هناك‏.‏

*3*باب لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ

وَإِذَا أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ الْمِيرَاثُ فَلَا مِيرَاثَ لَهُ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم‏)‏ هكذا ترجم بلفظ الحديث ثم قال ‏"‏ وإذا أسلم قبل أن يقسم الميراث فلا ميراث له ‏"‏ فأشار إلى أن عمومه يتناول هذه الصورة، فمن قيد عدم التوارث بالقسمة احتاج إلى دليل، وحجة الجماعة أن الميراث يستحق بالموت، فإذا انتقل عن ملك الميت بموته لم ينتظر قسمته لأنه استحق الذي انتقل عنه ولو لم يقسم المال‏.‏

قال ابن المنير‏:‏ صورة المسألة إذا مات مسلم وله ولدان مثلا مسلم وكافر فأسلم الكافر قبل قسمة المال قال ابن المنذر‏:‏ ذهب الجمهور إلى الأخذ بما دل عليه عموم حديث أسامة يعني المذكور في هذا الباب إلا ما جاء عن معاذ قال‏:‏ يرث المسلم من الكافر من غير عكس، واحتج بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ‏"‏ الإسلام يزيد ولا ينقص، وهو حديث أخرجه أبو داود وصححه الحاكم من طريق يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي عنه قال الحاكم صحيح الإسناد، وتعقب بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ ولكن سماعه منه ممكن، وقد زعم الجوزقاني أنه باطل وهي مجازفة‏.‏

وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏‏:‏ هو كلام محكي ولا يروى كذا قال، وقد رواه من قدمت ذكره فكأنه ما وقف على ذلك‏.‏

وأخرج أحمد بن منيع بسند قوي عن معاذ أنه كان يورث المسلم من الكافر بغير عكس وأخرج مسدد عنه أن أخوين اختصما إليه‏:‏ مسلم ويهودي مات أبوهما يهوديا فحاز ابنه اليهودي ماله فنازعه المسلم فورث معاذ المسلم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن معقل قال‏:‏ ما رأيت قضاء أحسن من قضاء قضى به معاوية‏:‏ نرث أهل الكتاب ولا يرثونا، كما يحل النكاح فيهم ولا يحل لهم، وبه قال مسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق، وحجة الجمهور أنه قياس في معارضة النص وهو صريح في المراد ولا قياس مع وجوده، وأما الحديث فليس نصا في المراد بل هو محمول على أنه يفضل غيره من الأديان ولا تعلق له بالإرث، وقد عارضه قياس آخر وهو أن التوارث يتعلق بالولاية ولا ولاية بين المسلم والكافر لقوله تعالى ‏(‏لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض‏)‏ وبأن الذمي يتزوج الحربية ولا يرثها، وأيضا فإن الدليل ينقلب فيما لو قال الذمي أرث المسلم لأنه يتزوج إلينا، وفيه قول ثالث وهو الاعتبار بقسمة الميراث جاء ذلك عن عمر وعثمان وعن عكرمة والحسن وجابر بن زيد وهو رواية عن أحمد‏.‏

قلت‏:‏ ثبت عن عمر خلافه كما مضى في ‏"‏ باب توريث دور مكة ‏"‏ من كتاب الحج فإن فيه بعد ذكر حديث الباب مطولا في ذكر عقيل ابن أبي طالب فكان عمر يقول فذكر المتن المذكور هنا سواء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن ابن شهاب‏)‏ هو الزهري، وكذا وقع في رواية للإسماعيلي من وجه آخر عن أبي عاصم‏.‏

قوله ‏(‏عن علي بن حسين‏)‏ هو المعروف بزين العابدين وعمرو بن عثمان أي ابن عفان، وقد تقدم في الحج من هذا الشرح بيان من رواه عن الزهري مصرحا بالإخبار بينه وبين علي وكذا بين علي وعمرو، واتفق الرواة عن الزهري أن عمرو بن عثمان بفتح أوله وسكون الميم إلا أن مالكا وحده قال ‏"‏ عمر ‏"‏ بضم أوله وفتح الميم، وشذت روايات عن غير مالك على وفقه وروايات عن مالك على وفق الجمهور وقد بين ذلك ابن عبد البر وغيره، ولم يخرج البخاري رواية مالك وقد عد ذلك ابن الصلاح في ‏"‏ علوم الحديث ‏"‏ له في أمثلة المنكر وفيه نظر أوضحه شيخنا في ‏"‏ النكت ‏"‏ وزدت عليه في ‏"‏ الإفصاح‏"‏‏.‏

قوله ‏(‏لا يرث المسلم الكافر إلخ‏)‏ تقدم في المغازي بلفظ ‏"‏ المؤمن ‏"‏ في الموضعين وأخرجه النسائي كل من رواية هشيم عن الزهري بلفظ ‏"‏ لا يتوارث أهل ملتين ‏"‏ وجاءت رواية شاذة عن ابن عيينة عن الزهري مثلها، وله شاهد عند الترمذي من حديث جابر وآخر من حديث عائشة عند أبي يعلى وثالث من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في السنن الأربعة وسند أبي داود فيه إلى عمرو صحيح، وتمسك بها من قال لا يرث أهل ملة كافرة من أهل ملة أخرى كافرة، وحملها الجمهور على أن المراد بإحدى الملتين الإسلام وبالأخرى الكفر فيكون مساويا للرواية التي بلفظ حديث الباب، وهو أولى من حملها على ظاهر عمومها حتى يمتنع على اليهودي مثلا أن يرث من النصراني، والأصح عند الشافعية أن الكافر يرث الكافر وهو قول الحنفية والأكثر ومقابله عن مالك وأحمد، وعنه التفرقة بين الذمي والحربي وكذا عند الشافعية وعن أبي حنيفة لا يتوارث حربي من ذمي فإن كانا حربيين شرط أن يكونا من دار واحدة، وعند الشافعية لا فرق، وعندهم وجه كالحنفية، وعن الثوري وربيعة وطائفة الكفر ثلاث ملل يهودية ونصرانية وغيرهم فلا ترث ملة من هذه من ملة من الملتين، وعن طائفة من أهل المدينة والبصرة كل فريق من الكفار ملة فلم يورثوا مجوسيا من وثني ولا يهوديا من نصراني وهو قول الأوزاعي، وبالغ فقال ولا يرث أهل نحلة من دين واحد أهل نحلة أخرى منه كاليعقوبية والملكية من النصارى، واختلف في المرتد فقال الشافعي وأحمد يصير ماله إذا مات فيئا للمسلمين‏.‏

وقال مالك يكون فيئا إلا إن قصد بردته أن يحرم ورثته المسلمين فيكون لهم، وكذا قال في الزنديق، وعن أبي يوسف ومحمد لورثته المسلمين، وعن أبي حنيفة ما كسبه قبل الردة لورثته المسلمين وبعد الردة لبيت المال، وعن بعض التابعين كعلقمة يستحقه أهل الدين الذي انتقل إليه، وعن داود يختص بورثته من أهل الدين الذي انتقل إليه ولم يفصل، فالحاصل من ذلك ستة مذاهب حررها الماوردي، واحتج القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏ لمذهبه بقوله تعالى ‏(‏لكل جعلنا شرعة ومنهاجا‏)‏ فهي ملل متعددة وشرائع مختلفة، قال‏:‏ وأما ما احتجوا به في قوله تعالى ‏(‏ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم‏)‏ فوحد الملة فلا حجة فيه لأن الوحدة في اللفظ وفي المعنى الكثرة لأنه أضافه إلى مفيد الكثرة كقول القائل‏:‏ أخذ عن علماء الدين علمهم يريد علم كل منهم، قال‏:‏ واحتجوا بقوله ‏(‏قل يا أيها الكافرون‏)‏ إلى آخرها، والجواب أن الخطاب بذلك وقع لكفار قريش وهم أهل وثن، وأما ما أجابوا به عن حديث ‏"‏ لا يتوارث أهل ملتين ‏"‏ بأن المراد ملة الكفر وملة الإسلام فالجواب عنه بأنه إذا صح في حديث أسامة فمردود في حديث غيره، واستدل بقوله ‏"‏ لا يرث الكافر المسلم ‏"‏ على جواز تخصيص عموم الكتاب بالآحاد لأن قوله تعالى ‏(‏يوصيكم الله في أولادكم‏)‏ عام في الأولاد فخص منه الولد الكافر فلا يرث من المسلم بالحديث المذكور، وأجيب بأن المنع حصل بالإجماع، وخبر الواحد إذا حصل الإجماع على وفقه كان التخصيص بالإجماع لا بالخبر فقط‏.‏

قلت‏:‏ لكن يحتاج من احتج في الشق الثاني به إلى جواب، وقد قال بعض الحذاق‏:‏ طريق العام هنا قطعي ودلالته على كل فرد ظنية وطريق الخاص هنا ظنية ودلالته عليه قطعية فيتعادلان، ثم يترجح الخاص بأن العمل به يستلزم الجمع بين الدليلين المذكورين بخلاف عكسه‏.‏

*3*باب مِيرَاثِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ وَالْمُكَاتَبِ النَّصْرَانِيِّ وَإِثْمِ مَنْ انْتَفَى مِنْ وَلَدِهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب ميراث العبد النصراني والمكاتب النصراني‏)‏ كذا للأكثر بغير حديث، ولأبي ذر عن المستملى والكشميهني ‏"‏ باب من ادعى أخا أو ابن أخ ‏"‏ ولم يذكر فيه حديثا، ثم قال عن الثلاثة ‏"‏ باب ميراث العبد النصراني والمكاتب النصراني، ولم يذكر أيضا فيه حديثا، ثم قال عنهم ‏"‏ باب إثم من انتفى من ولده ‏"‏ وذكر قصة سعد وعبد بن زمعة فجرى ابن بطال وابن التين على حذف ‏"‏ باب من انتفي من ولده ‏"‏ وجعل قصة ابن زمعة لباب من ادعى أخا ولم يذكروا في ‏"‏ باب ميراث العبد ‏"‏ حديثا على ما وقع عند الأكثر، وأما الإسماعيلي فلم يقع عنده ‏"‏ باب ميراث العبد النصراني ‏"‏ بل وقع عنده ‏"‏ باب إثم من انتفى من ولده ‏"‏ وقال‏:‏ ذكره بلا حديث، ثم قال ‏"‏ باب من ادعى أخا أو ابن أخ ‏"‏ وذكر قصة عبد بن زمعة، ووقع عند أبي نعيم ‏"‏ باب ميراث النصراني ومن انتفى من ولده ومن ادعى أخا أو ابن أخ ‏"‏ وهذا كله راجع إلى رواية الفربري عن البخاري، وأما النسفي فوقع عنده ‏"‏ باب ميراث العبد النصراني والمكاتب النصراني ‏"‏ وقال‏:‏ لم يكتب فيه حديثا، وفي عقبه ‏"‏ باب من انتفى من ولده ومن ادعى أخا أو ابن أخ ‏"‏ وذكر فيه قصة ابن زمعة، فتلخص لنا من هذا كله أن الأكثر جعلوا قصة ابن زمعة لترجمة من ادعى أخا أو ابن أخ ولا إشكال فيه، وأما الترجمتان فسقطت إحداهما عند بعض وثبتت عند بعض، قال ابن بطال‏:‏ لم يدخل البخاري تحت هذا الرسم حديثا، ومذهب العلماء أن العبد النصراني إذا مات فماله لسيده بالرق لأن ملك العبد غير صحيح ولا مستقر فهو مال السيد يستحقه لا بطريق الميراث وإنما يستحق بطريق الميراث ما يكون ملكا مستقرا لمن يورث عنه‏.‏

وعن ابن سيرين ماله لبيت المال وليس للسيد فيه شيء لاختلاف دينهما، وأما المكاتب فإن مات قبل أداء كتابته وكان في ماله وفاء لباقي كتابته أخذ ذلك في كتابته فما فضل فهو لبيت المال‏.‏

قلت‏:‏ وفي مسألة المكاتب خلاف ينشأ من الخلاف فيمن أدى بعض كتابته هل يعتق منه بقدر ما أدى أو يستمر على الرق ما بقي عليه شيء‏؟‏ وقد مضى الكلام على ذلك في كتاب العتق‏.‏

وقال ابن المنير‏:‏ يحتمل أن يكون البخاري أراد أن يدرج هذه الترجمة تحت الحديث الذي قبلها لأن النظر فيه محتمل كأن يقال يأخذ المال لأن العبد ملكه وله انتزاعه منه حيا فكيف لا يأخذه ميتا‏؟‏ ويحتمل أن يقال لا يأخذه لعموم ‏"‏ لا يرث المسلم الكافر ‏"‏ والأول أوجه‏.‏

قلت‏:‏ وتوجيهه ما تقدم، وجرى الكرماني عل ما وقع عند أبي نعيم فقال‏:‏ هاهنا ثلاث تراجم متوالية والحديث ظاهر للثالثة وهب من ادعى أخا أو ابن أخ، قال‏:‏ وهذا يؤيد ما ذكروا أن البخاري ترجم لأبواب وأراد أن يلحق بها الأحاديث فلم يتفق له إتمام ذلك، وكان أخلى بين كل ترجمتين بياضا فضم النقلة بعض ذلك إلى بعض‏.‏

قلت‏:‏ ويحتمل أن يكون في الأصل ميراث العبد النصراني والمكاتب النصراني كان مضموما إلى ‏"‏ لا يرث المسلم الكافر إلخ ‏"‏ وليس بعد ذلك ما يشكل إلا ترجمة من انتفى من ولده ولا سيما على سياق أبي ذر وسأذكره في الباب الذي يليه‏.‏

‏(‏تكميل‏)‏ ‏:‏ لم يذكر البخاري ميراث النصراني إذا أعتقه المسلم، وقد حكى فيه ابن التين ثمانية أقوال فقال عمر بن عبد العزيز والليث والشافعي‏:‏ هو كالمولى المسلم إذا كانت له ورثة وإلا فماله لسيده، وقيل يرثه الولد خاصة، وقيل الولد والوالد خاصة، وقيل هما والإخوة، وقيل هم والعصبة، وقيل ميراثه لذوي رحمه وقيل لبيت المال فيئا، وقيل يوقف فمن ادعاه من النصارى كان له‏.‏

انتهى ملخصا‏.‏

وما نقله عن الشافعي لا يعرفه أصحابه، واختلف في عكسه فالجمهور أن الكافر إذا أعتق مسلما لا يرثه بالولاء، وعن أحمد رواية لأنه يرثه، ونقل مثله عن علي، وأما ما أخرج النسائي والحاكم من طريق أبي الزبير عن جابر مرفوعا ‏"‏ لا يرث المسلم النصراني إلا أن يكون عبده أو أمته ‏"‏ وأعله ابن حزم بتدليس أبي الزبير، وهو مردود فقد أخرجه عبد الرزاق عن ابن جريج عن أبي الزبير أنه سمع جابرا، فلا حجة فيه لكل من المسألتين لأنه ظاهر في الموقوف‏.‏

قوله ‏(‏باب إثم من انتفى من ولده‏)‏ أورد فيه حديث عائشة في قصة مخاصمة سعد بن أبي وقاص وعبد ابن زمعة، وقد مضى شرحه مستوفى في ‏"‏ باب الولد للفراش ‏"‏ وقد خفي توجيه هذه الترجمة لهذا الحديث، ويحتمل أن يخرج على أن عتبة بن أبي وقاص مات مسلما وأن الذي حمله على أن يوصي أخاه بأخذ ولد وليدة زمعة خشية أن يكون سكوته عن ذلك مع اعتقاده أنه ولده يتنزل منزلة النفي، وكان سمع ما ورد في حق من انتفى من ولده من الوعيد فعهد إلى أخيه أنه ابنه وأمره باستلحاقه، وعلى تقدير أن يكون عتبة مات كافرا فيحتمل أن يكون ذلك هو الحامل لسعد على استلحاق ابن أخيه ويلحق انتفاء ولد الأخ بالانتفاء من الولد لأنه قد يرث من عمه كما يرث من أبيه؛ وقد ورد الوعيد في حق من انتفى من ولده من رواية مجاهد عن ابن عمر رفعه ‏"‏ من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة ‏"‏ الحديث، وفي سنده الجراح والد وكيع مختلف فيه، وله طريق أخرى عن ابن عمر أخرجه ابن عدي بلفظ ‏"‏ من انتفى من ولده فليتبوأ مقعده من النار ‏"‏ وفي سنده محمد بن أبي الزعيزعة راوية عن نافع قال أبو حاتم منكر الحديث، وله شاهد من حديث أبي هريرة أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم بلفظ ‏"‏ وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه ‏"‏ الحديث، وفي سنده عبيد الله بن يوسف حجازي ما روى عنه سوى يزيد بن الهاد‏.‏

*3*بَاب مَنْ ادَّعَى أَخًا أَوْ ابْنَ أَخٍ

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ اخْتَصَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَعَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فِي غُلَامٍ فَقَالَ سَعْدٌ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ انْظُرْ إِلَى شَبَهِهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ هَذَا أَخِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِي مِنْ وَلِيدَتِهِ فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى شَبَهِهِ فَرَأَى شَبَهًا بَيِّنًا بِعُتْبَةَ فَقَالَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَاحْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ قَالَتْ فَلَمْ يَرَ سَوْدَةَ قَطُّ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في قصة مخاصمة سعد بن أبي وقاص وعبد ابن زمعة، قد مضى شرحه مستوفى في ‏"‏ باب الولد للفراش‏"‏‏.‏

*3*باب مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب من ادعى إلى غير أبيه‏)‏ لعل المراد إثم من ادعى كما صرح به في الذي قبله، أو أطلق لوقوع الوعيد فيه بالكفر وبتحريم الجنة فوكل ذلك إلى نظر من يسعى في تأويله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أَبِيهِ فَالْجَنَّةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ فَذَكَرْتُهُ لِأَبِي بَكْرَةَ فَقَالَ وَأَنَا سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏خالد هو ابن عبد الله‏)‏ يعني الواسطي الطحان، وخالد شيخه هو ابن مهران الحذاء، وأبو عثمان هو النهدي، وسعد هو ابن أبي وقاص، والسند إلى سعد كله بصريون، والقائل ‏"‏ فذكرته لأبي بكرة ‏"‏ هو أبو عثمان، وقد وقع في رواية هشيم عن خالد الحذاء عند مسلم في أوله قصة، ولفظه عن أبي عثمان قال‏:‏ ‏"‏ لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة فقلت‏:‏ ما هذا الذي صنعتم‏؟‏ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول ‏"‏ فذكر الحديث مرفوعا ‏"‏ فقال أبو بكرة‏:‏ وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ والمراد بزياد الذي ادعى زياد بن سمية وهي أمه كانت أمة للحارث بن كلدة زوجها لمولى عبيد فأتت بزياد على فراشه وهم بالطائف قبل أن يسلم أهل الطائف، فلما كان في خلافة عمر سمع أبو سفيان بن حرب كلام زياد عند عمر وكان بليغا فأعجبه فقال‏:‏ إني لأعرف من وضعه في أمه ولو شئت لسميته ولكن أخاف من عمر، فلما ولي معاوية الخلافة كان زياد على فارس من قبل علي فأراد مداراته فأطمعه في أنه يلحقه بأبي سفيان فأصغى زياد إلى ذلك فجرت في ذلك خطوب إلى أن ادعاه معاوية وأمره على البصرة ثم على الكوفة وأكرمه، وسار زياد سيرته المشهورة وسياسته المذكورة، فكان كثير من أصحابه والتابعين ينكرون ذلك على معاوية محتجين بحديث ‏"‏ الولد للفراش ‏"‏ وقد مضى قريبا شيء من ذلك، وإنما خص أبو عثمان أبا بكرة بالإنكار لأن زيادا كان أخاه من أمه، ولأبي بكرة مع زياد قصة تقدمت الإشارة إليها في كتاب الشهادات، وقد تقدم الحديث في غزوة حنين من رواية عاصم الأحول عن أبي عثمان قال‏:‏ ‏"‏ سمعت سعدا وأبا بكرة ‏"‏ وتقدم هناك ما يتعلق بأبي بكرة‏.‏

قوله ‏(‏من ادعي إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام‏)‏ وفي رواية عاصم المشار إليها عند مسلم ‏"‏ من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه ‏"‏ والثاني مثله وقد تقدم شرحه في مناقب قريش في الكلام على حديث أبى ذر وفيه ‏"‏ ومن ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ‏"‏ ووقع هناك ‏"‏ إلا كفر بالله ‏"‏ وتقدم القول فيه، وقد ورد في حديث أبي بكر الصديق ‏"‏ كفر بالله انتفى من نسب وإن دق ‏"‏ أخرجه الطبراني‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبِيهِ فَهُوَ كُفْرٌ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏أخبرني عمرو‏)‏ هو ابن الحارث وعراك بكسر المهملة وتخفيف الراء وآخره كاف هو ابن مالك‏.‏

قوله ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ في رواية مسلم عن هارون بن سعيد عن ابن وهب بسنده إلى عراك أنه سمع أبا هريرة‏.‏

قوله ‏(‏لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فهو كفر‏)‏ كذا للأكثر وكذا لمسلم، ووقع للكشميهني ‏"‏ فقد كفر ‏"‏ وسيأتي في ‏"‏ باب رجم الحبلى من الزنا ‏"‏ في حديث عمر الطويل ‏"‏ لا ترغبوا عن آبائهم فهو كفر بربكم ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ ليس معنى هذين الحديثين أن من اشتهر بالنسبة إلى غير أبيه أن يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود، وإنما المراد به من تحول عن نسبته لأبيه إلى غير أبيه عالما عامدا مختارا، وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد ينسب إلى الذي تبناه حتى نزل قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله‏)‏ وقوله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏(‏وما جعل أدعياءكم أبناءكم‏)‏ فنسب كل واحد إلى أبيه الحقيقي وترك الانتساب إلى من تبناه لكن بقي بعضهم مشهورا بمن تبناه فيذكر به لقصد التعريف لا لقصد النسب الحقيقي كالمقداد بن الأسود، وليس الأسود أباه، وإنما كان تبناه واسم أبيه الحقيقي عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعة البهراني، وكان أبوه حليف كندة فقيل له الكندي، ثم حالف هو الأسود بن عبد يغوث الزهري فتبنى المقداد فقيل له ابن الأسود‏.‏

انتهى ملخصا موضحا‏.‏

قال‏:‏ وليس المراد بالكفر حقيقة الكفر التي يخلد صاحبها في النار، وبسط القول في ذلك، وقد تقدم توجيهه في مناقب قريش وفي كتاب الأيمان في أوائل الكتاب‏.‏

وقال بعض الشراح‏:‏ سبب إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان، وليس كذلك لأنه إنما خلقه من غيره، واستدل به على أن قوله في الحديث الماضي قريبا ‏"‏ ابن أخت القوم من أنفسهم ‏"‏ و ‏"‏ مولى القوم من أنفسهم ‏"‏ ليس على عمومه إذ لو كان على عمومه لجاز أن ينسب إلى خاله مثلا وكان معارضا لحديث الباب المصرح بالوعيد الشديد لمن فعل ذلك، فعرف أنه خاص، والمراد به أنه منهم في الشفقة والبر والمعاونة ونحو ذلك‏.‏

*3*باب إِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ ابْنًا

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب إذا ادعت المرأة ابنا‏)‏ ذكر قصة المرأتين اللتين كان مع كل منهما ابن فأخذ، الذئب أحدهما فاختلفتا في أيهما الذاهب، فتحاكمتا إلى داود، وفيه حكم سليمان، وقد مضى شرحه مستوفى في ترجمة سليمان من أحاديث الأنبياء‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ أجمعوا على أن الأم لا تستلحق بالزوج ما ينكره، فإن أقامت البينة قبلت حيث تكون في عصمته، فلو لم تكن ذات زوج وقالت لمن لا يعرف له أب‏:‏ هذا ابني ولم ينازعها فيه أحد فإنه يعمل بقولها وترثه ويرثها ويرثه وإخوته لأمه، ونازعه ابن التين فحكى عن ابن القاسم‏:‏ لا يقبل قولها إذا ادعت اللقيط، وقد استنبط النسائي في ‏"‏ السنن الكبرى ‏"‏ من هذا الحديث أشياء نفيسة فترجم ‏"‏ نقض الحاكم ما حكم به غيره ممن هو مثله أو أجل إذا اقتضى الأمر ذلك ‏"‏ ثم ساق الحديث من طريق علي بن عياش عن شعيب بسنده المذكور هنا، وصرح فيه بالتحديث بين أبي الزناد وبين الأعرج وأبي هريرة، وساق الحديث نحو أبي اليمان، وترجم أيضا الحاكم بخلاف ما يعترف به المحكوم له إذا تبين للحاكم أن الحق غير ما اعترف به، وساق الحديث من طريق مسكين بن بكير عن شعيب وفيه ‏"‏ فقال اقطعوه نصفين لهذه نصف ولهذه نصف، فقالت الكبرى نعم اقطعوه، فقالت الصغرى لا تقطعوه هو ولدها فقضى به للتي أبت أن بقطعه ‏"‏ فأشار إلى قول الصغرى هو ولدها ولم بعمل سليمان بهذا الإقرار بل قضى به لها مع إقرارها بأنه لصاحبتها، وترجم له ‏"‏ التوسعة للحاكم أن يقول للشيء الذي لا يفعله افعل ليستبين له الحق ‏"‏ وساقه من طريق محمد بن عجلان عن أبي الزناد وفيه ‏"‏ فقال ائتوني بالسكين أشق الغلام بينهما، فقالت الصغرى أتشقه‏؟‏ فقال‏:‏ نعم، فقالت‏:‏ لا تفعل، حظي منه لها ‏"‏ وقد أخرجه مسلم من طريق أبي الزناد ولم يسق لفظه بل أحال به على رواية ورقاء عن أبي الزناد، وقد ذكرت ما فيها في ترجمة سليمان‏.‏

ثم ترجم ‏"‏ الفهم في القضاء والتدبر فيه والحكم بالاستدلال ‏"‏ ثم ساقه من طريق بشر بن نهيك عن أبي هريرة وذكر الحديث مختصرا وقال في آخره ‏"‏ فقال سليمان - يعني للكبرى - لو كان ابنك لم ترضي أن يقطع‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ وَقَالَتْ الْأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلَّا يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةَ

الشرح‏:‏

-10083 سبق شرحه بالباب

*3*باب الْقَائِفِ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب القائف‏)‏ هو الذي يعرف الشبه ويميز الأثر، سمي بذلك لأنه يقفو الأشياء أي يتبعها فكأنه مقلوب من القافي، تقل الأصمعي‏:‏ هو الذي يقفو الأثر ويقتافه قفوا وقيافة والجمع القافة، كذا وقع في الغريبين والنهاية‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيَّ مَسْرُورًا تَبْرُقُ أَسَارِيرُ وَجْهِهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا نَظَرَ آنِفًا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه‏)‏ تقدم شرحه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

قوله ‏(‏فقال ألم ترى إلى مجزز‏)‏ في الرواية التي بعدها ‏"‏ ألم ترى أن مجززا ‏"‏ والمراد من الرؤية هنا الإخبار أو العلم، ومضى في مناقب زيد من طريق ابن عيينة عن الزهري ‏"‏ ألم تسمعي ما قال المدلجي ‏"‏ ومضى في صفة النبي صلى الله عليه وسلم من طريق إبراهيم بن محمد عن الزهري بلفظ ‏"‏ دخل على قائف ‏"‏ الحديث وفيه فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه وأخبر به عائشة، ولمسلم من طريق معمر وابن جريج عن الزهري ‏"‏ وكان مجزز قائفا ‏"‏ ومجزز بضم الميم وكسر الزاي الثقيلة وحكى فتحها وبعدها زاي أخرى هذا هو المشهور، ومنهم من قال بسكون الحاء المهملة وكسر الراء ثم زاي وهو ابن الأعور بن جعدة المدلجي نسبة إلى مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة، وكانت القيافة فيهم وفي بني أسد، والعرب تعترف لهم بذلك، وليس ذلك خاصا بهم على الصحيح، وقد أخرج يزيد بن هارون في الفرائض بسند صحيح إلى سعيد بن المسيب أن عمر كان قائفا أورده في قصته، وعمر قرشي ليس مدلجيا ولا أسديا لا أسد قريش ولا أسد خزيمة، ومجزز المذكور هو والد علقمة بن مجزز الماضي ذكره في ‏"‏ باب سرية عبد الله بن حذافة ‏"‏ من المغازي، وذكر مصعب الزبيري والواقدي أنه سمي مجززا لأنه كان إذا أخذ أسيرا في الجاهلية جز ناصيته وأطلقه، وهذا يدفع فتح الزاي الأولى من اسمه، وعلى هذا فكان له اسم غير مجزز‏.‏

لكني لم أر من ذكره‏.‏

وكان مجزز عارفا بالقيافة، وذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر وقال‏:‏ لا أعلم له رواية‏.‏

قوله ‏(‏نظر آنفا‏)‏ بالمد ويجوز القصر أي قريبا أو أقرب وقت‏.‏

قوله ‏(‏إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد‏)‏ في الرواية التي بعدها ‏"‏ دخل علي فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة قد غطيا رءوسهما وبدت أقدامها ‏"‏ وفي رواية إبراهيم بن سعد ‏"‏ وأسامة وزيد مضطجعان ‏"‏ وفي هذه الزيادة دفع توهم من يقول‏:‏ لعله حاباهما بذلك لما عرف من كونهم كانوا يطعنون في أسامة‏.‏

قوله ‏(‏بعضها من بعض‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ لمن بعض ‏"‏ قال أبو داود‏:‏ نقل أحمد بن صالح عن أهل النسب أنهم كانوا في الجاهلية يقدحون في نسب أسامة لأنه كان أسود شديد السواد وكان أبوه زيد أبيض من القطن، فلما قال القائف ما قال مع اختلاف اللون سر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لكونه كافا لهم عن الطعن فيه لاعتقادهم ذلك، وقد أخرج عبد الرزاق من طريق ابن سيرين، أن أم أسامة - وهي أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم - كانت سوداء فلهذا جاء أسامة أسود، وقد وقع في الصحيح عن ابن شهاب أن أم أيمن كانت حبشية وصيفة لعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال كانت من سبي الحبشة الذين قدموا زمن الفيل، فصارت لعبد المطلب فوهبها‏.‏

لعبد الله، وتزوجت قبل زيد عبيد الحبشي فولدت له أيمن فكنيت به واشتهرت بذلك، وكان يقال لها أم الظباء، وقد تقدم لها ذكر في أواخر الهبة‏.‏

قال عياض‏:‏ لو صح أن أم أيمن كانت سوداء لم ينكروا سواد ابنها أسامة لأن السوداء قد تلد من الأبيض أسود‏.‏

قتلت‏:‏ يحتمل أنها كانت صافية فجاء أسامة شديد السواد فوقع الإنكار لذلك، وفي الحديث جواز الشهادة على المنتقبة والاكتفاء بمعرفتها من غير رؤية الوجه، وجواز اضطجاع الرجل مع ولده في شعار واحد، وقبول شهادة من يشهد قبل أن يستشهد عند عدم التهمة، وسرور الحاكم لظهور الحق لأحد الخصمين عند السلامة من الهوى، وتقدم في ‏"‏ باب إذا عرض بنفي الولد ‏"‏ من كتاب اللعان حدث أبي هريرة في قصة الذي قال ‏"‏ إن امرأتي ولدت غلاما أسود، وفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ لعله نزعه عرق ‏"‏ ومضى شرحه هناك وبالله التوفيق ‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ وجه إدخال هذا الحديث في كتاب الفرائض الرد على من زعم أن القائف لا يعتبر قوله، فإن من اعتبر قوله فعمل به لزم منه حصول التوارث بين الملحق والملحق به‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَهُوَ مَسْرُورٌ فَقَالَ يَا عَائِشَةُ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ وَزَيْدًا وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَبَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏عن الزهري‏)‏ في رواية الحميدي عن سفيان ‏"‏ حدثنا الزهري ‏"‏ أخرجه أبو نعيم‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتمل كتاب الفرائض من الأحاديث المرفوعة على ثلاثة وأربعين حديثا، المعلق منها حديث تميم الداري فيمن أسلم على يديه رجل والبقية موصولة، والمكرر منها فيه وفيما مضى سبعة وثلاثون حديثا والبقية خالصة لم يخرج مسلم منها سوى حديث أبي هريرة ‏"‏ في الجنين غرة ‏"‏ وحديث ابن عباس ‏"‏ ألحقوا الفرائض بأهلها ‏"‏ وأما حديث معاذ في توريث الأخت والبنت وحديث ابن مسعود في توريث بنت الابن وحديثه في السائبة وحديث تميم الداري المعلق فانفرد البخاري بتخريجها‏.‏

وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أربعة وعشرون أثرا، والله سبحانه وتعالى أعلم‏.‏