فصل: باب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبِي حَفْصٍ الْقُرَشِيِّ الْعَدَوِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب مناقب عمر بن الخطاب‏)‏ أي ابن نفيل بنون وفاء مصغر ابن عبد العزى بن رياح بكسر الراء بعدها تحتانية وآخره مهملة ابن عبد الله بن قرط بن رزاح بفتح الراء بعدها زاي وآخره مهملة ابن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب، وعدد ما بينهما من الآباء إلى كعب متفاوت بواحد، بخلاف أبي بكر فبين النبي صلى الله عليه وسلم وكعب سبعة آباء، وبين عمر وبين كعب ثمانية، وأم عمر حنتمة بنت هاشم بن المغيرة ابنة عم أبي جهل والحارث ابني هشام بن المغيرة، ووقع عند ابن منده أنها بنت هشام أخت أبي جهل وهو تصحيف نبه عليه ابن عبد البر وغيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أبي حفص القرشي العدوي‏)‏ أما كنيته فجاء في السيرة لابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم كناه بها، وكانت حفصة أكبر أولاده، وأما لقبه فهو الفاروق باتفاق، فقيل أول من لقبه به النبي صلى الله عليه وسلم رواه أبو جعفر بن أبي شيبة في تاريخه عن طريق ابن عباس عن عمر، ورواه ابن سعد من حديث عائشة، وقيل أهل الكتاب أخرجه ابن سعد عن الزهري، وقيل جبريل رواه البغوي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمَاجِشُونِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَمِعْتُ خَشَفَةً فَقُلْتُ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا بِلَالٌ وَرَأَيْتُ قَصْرًا بِفِنَائِهِ جَارِيَةٌ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا فَقَالَ لِعُمَرَ فَأَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَهُ فَأَنْظُرَ إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَكَ فَقَالَ عُمَرُ بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعَلَيْكَ أَغَارُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد العزيز بن الماجشون‏)‏ كذا لأبي ذر، وسقط لفظ ‏"‏ ابن ‏"‏ من رواية غيره، وهو عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة المدني، والماجشون لقب جده وتلقب به أولاده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن المنكدر‏)‏ هكذا رواه الأكثر عن ابن الماجشون، ورواه صالح بن مالك عنه ‏"‏ عن حميد عن أنس ‏"‏ أخرجه البغوي في فوائده فلعل لعبد العزيز فيه شيخين، ويؤيده اقتصاره في حديث حميد على قصة القصر فقط، وقد أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان من وجه آخر ‏"‏ عن حميد ‏"‏ كذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة‏)‏ هي أم سليم، والرميصاء بالتصغير صفة لها لرمص كان بعينها، واسمها سهلة، وقيل رميلة، وقيل غير ذلك، وقيل هو اسمها، ويقال فيه بالغين المعجمة بدل الراء وقيل هو اسم أختها أم حرام‏.‏

وقال أبو داود هو اسم أخت أم سليم من الرضاعة، وجوز ابن التين أن يكون المراد امرأة أخرى لأبي طلحة‏.‏

وقوله ‏"‏رأيتني ‏"‏ بضم المثناة والضمير من المتكلم، وهو من خصائص أفعال القلوب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وسمعت خشفة‏)‏ بفتح المعجمتين والفاء أي حركة، وزنا ومعنى، ووقع لأحمد ‏"‏ سمعت خشفا ‏"‏ يعني صوتا، قال أبو عبيد‏:‏ الخشفة الصوت ليس بالشديد، قيل وأصله صوت دبيب الحية، ومعنى الحديث هنا ما يسمع من حس وقع القدم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت‏:‏ من هذا‏؟‏ فقال‏:‏ هذا بلال‏)‏ وهذا قد تقدم في صلاة الليل من حديث أبي هريرة مطولا، وتقدم من شرحه هناك ما يتعلق به، وتقدم بعض الكلام عليه في صفة الجنة حيث أورد هناك من حديث أبي هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ورأيت قصرا بفنائه جارية‏)‏ في حديث أبي هريرة الذي بعده ‏"‏ تتوضأ إلى جانب قصر ‏"‏ وفي حديث أنس عند الترمذي ‏"‏ قصر من ذهب ‏"‏ والفناء بكسر الفاء وتخفيف النون مع المد‏:‏ جانب الدار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقلت لمن هذا‏؟‏ فقال‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فقالوا ‏"‏ والظاهر أن المخاطب له بذلك جبريل أو غيره من الملائكة، وقد أفرد هذه القصة في النكاح وفي التعبير من وجه آخر عن ابن المنكدر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فذكرت غيرتك‏)‏ في الرواية التي في النكاح ‏"‏ فأردت أن أدخله فلم يمنعني إلا علمي بغيرتك ‏"‏ ووقع في رواية ابن عيينة عن ابن المنكدر وعمرو بن دينار جميعا عن جابر في هذه القصة الأخيرة ‏"‏ دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا يسمع في ضوضاء، فقلت‏:‏ لمن هذا‏؟‏ فقيل‏:‏ لعمر ‏"‏ والضوضاء بمعجمتين مفتوحتين بينهما واو وبالمد، ووقع في حديث أبي هريرة ‏"‏ أن عمر بكى ‏"‏ ويأتي في النكاح بلفظ ‏"‏ فبكى عمر، وهو في المجلس ‏"‏ وقوله ‏"‏ بأبي وأمي ‏"‏ أي أفديك بهما، وقوله ‏"‏أعليك أغار ‏"‏ معدود من القلب، والأصل أعليها أغار منك‏؟‏ قال ابن بطال‏:‏ فيه الحكم لكل رجل بما يعلم من خلقه، قال وبكاء عمر يحتمل أن يكون سرورا، ويحتمل أن يكون تشوقا أو خشوعا‏.‏

ووقع في رواية أبي بكر بن عياش عن حميد من الزيادة ‏"‏ فقال عمر‏:‏ وهل رفعني الله إلا بك‏؟‏ وهل هداني الله إلا بك ‏"‏‏؟‏ رويناه في ‏"‏ فوائد عبد العزيز الحربي ‏"‏ من هذا الوجه وهي زيادة غريبة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الْجَنَّةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ لِمَنْ هَذَا الْقَصْرُ قَالُوا لِعُمَرَ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في المعنى، ذكره مقتصرا على قصة رؤيا المرأة إلى جانب القصر وزاد فيه ‏"‏ قالوا‏:‏ لعمر، فذكرت غيرته فوليت مدبرا ‏"‏ وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من مراعاة الصحبة، وفيه فضيلة ظاهرة لعمر‏.‏

وقوله فيه ‏"‏ تتوضأ ‏"‏ يحتمل أن يكون على ظاهره ولا ينكر كونها تتوضأ حقيقة لأن الرؤيا وقعت في زمن التكليف، والجنة وإن كان لا تكليف فيها فذاك في زمن الاستقرار بل ظاهر قوله ‏"‏ تتوضأ إلى جانب قصر ‏"‏ أنها تتوضأ خارجة منه، أو هو على غير الحقيقة‏.‏

ورؤيا المنام لا تحمل دائما على الحقيقة بل تحتمل التأويل، فيكون معنى كونها تتوضأ أنها تحافظ في الدنيا على العبادة، أو المراد بقوله تتوضأ أي تستعمل الماء لأجل الوضاءة على مدلوله اللغوي وفيه بعد‏.‏

وأغرب ابن قتيبة وتبعه الخطابي فزعم أن قوله تتوضأ تصحيف وتغيير من الناسخ، وإنما الصواب امرأة شوهاء، ولم يستند في هذه الدعوى إلا إلى استبعاد أن يقع في الجنة وضوء لأنه لا عمل فيها، وعدم الاطلاع على المراد من الخبر لا يقتضي تغليط الحفاظ‏.‏

ثم أخذ الخطابي في نقل كلام أهل اللغة في تفسير الشوهاء فقيل هي الحسناء ونقله عن أبي عبيدة، وإنما تكون حسناء إذا وصفت بها الفرس، قال الجوهري‏:‏ فرس شوهاء صفة محمودة و ‏"‏ الشوهاء ‏"‏ الواسعة الفم وهو مستحسن في الخيل والشوهاء من النساء القبيحة كما جزم به ابن الأعرابي وغيره، وقد تعقب القرطبي كلام الخطابي لكن نسبه إلى ابن قتيبة فقط، قال ابن قتيبة‏:‏ بدل تتوضأ شوهاء ثم نقل أن الشوهاء تطلق على القبيحة والحسناء، قال القرطبي‏:‏ والوضوء هنا لطلب زيادة الحسن لا للنظافة لأن الجنة منزهة عن الأوساخ والأقذار، وقد ترجم عليه البخاري في كتاب التعبير ‏"‏ باب الوضوء في المنام ‏"‏ فبطل ما تخيله الخطابي، وفي الحديث فضيلة الرميصاء وأنها كانت مواظبة على العبادة، كذا نقله ابن التين عن غيره وفيه نظر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي حَمْزَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ شَرِبْتُ يَعْنِي اللَّبَنَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَى الرِّيِّ يَجْرِي فِي ظُفُرِي أَوْ فِي أَظْفَارِي ثُمَّ نَاوَلْتُ عُمَرَ فَقَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ قَالَ الْعِلْمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن الصلت أبو جعفر‏)‏ هو الأسيدي، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، وله شيخ آخر يقال له محمد بن الصلت يكنى أبا يعلى وهو بصري؛ وأبو جعفر أكبر من أبي يعلى وأقدم سماعا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏شربت يعني اللبن‏)‏ كذا أورده مختصرا، وسيأتي في التعبير عن عبدان عن ابن المبارك بلفظ ‏"‏ بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه ‏"‏ أي من ذلك اللبن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى أنظر إلى الري‏)‏ في رواية عبدان ‏"‏ حتى أني ‏"‏ ويجوز فتح همزة أني وكسرها ورؤية الري على سبيل الاستعارة كأنه لما جعل الري جسما أضاف إليه ما هو من خواص الجسم، وهو كونه مرئيا، وأما قوله ‏"‏ أنظر ‏"‏ فإنما أتى به بصيغة المضارعة والأصل أنه ماض استحضارا لصورة الحال، وقوله ‏"‏أنظر ‏"‏ يؤيد أن قوله ‏"‏ أرى ‏"‏ في الرواية التي في العلم من رؤية البصر لا من العلم، والري بكسر الراء ويجوز فتحها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يجري‏)‏ أي اللبن أو الري وهو حال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في ظفري أو أظفاري‏)‏ شك من الراوي‏.‏

وفي رواية عبدان ‏"‏ من أظفاري ‏"‏ ولم يشك، وكذا في رواية عقيل في العلم لكن قال ‏"‏ في أظفاري‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم ناولت عمر‏)‏ في رواية عبدان ‏"‏ ثم ناولت فضلي ‏"‏ يعني عمر‏.‏

وفي رواية عقيل في العلم ‏"‏ ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا فما أولته‏)‏ أي عبرته ‏(‏قال العلم‏)‏ بالنصب أي أولته العلم، وبالرفع أي المؤول به هو العلم، ووقع في ‏"‏ جزء الحسين بن عرفة ‏"‏ من وجه آخر عن ابن عمر ‏"‏ قال فقالوا‏:‏ هذا العلم الذي آتاكه الله، حتى امتلأت فضلت منه فضلة فأخذها عمر، قال‏:‏ أصبتم ‏"‏ وإسناده ضعيف فإن كان محفوظا احتمل أن يكون بعضهم أول وبعضهم سأل، ووجه التعبير بذلك من جهة اشتراك اللبن والعلم في كثرة النفع، وكونهما سببا للصلاح، فاللبن للغذاء البدني والعلم للغذاء المعنوي‏.‏

وفي الحديث فضيلة عمر وأن الرؤيا من شأنها أن لا تحمل على ظاهرها وإن كانت رؤيا الأنبياء من الوحي، لكن منها ما يحتاج إلى تعبير ومنها ما يحمل على ظاهره، وسيأتي تقرير ذلك في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى‏.‏

والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واختص عمر بذلك لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر، وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان، فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة فلم يكثر فيها الفتوح التي هي أعظم الأسباب في الاختلاف، ومع ذلك فساس عمر فيها - مع طول مدته - الناس بحيث لم يخالفه أحد، ثم ازدادت اتساعا في خلافة عثمان فانتشرت الأقوال واختلفت الآراء ولم يتفق له ما اتفق لعمر من طواعية الخلق له فنشأت من ثم الفتن، إلى أن أفضى الأمر إلى قتله، واستخلف علي فما ازداد الأمر إلا اختلافا والفتن إلا انتشارا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ سَالِمٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَنْزِعُ بِدَلْوِ بَكْرَةٍ عَلَى قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا يَفْرِي فَرِيَّهُ حَتَّى رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا بِعَطَنٍ قَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ الْعَبْقَرِيُّ عِتَاقُ الزَّرَابِيِّ وَقَالَ يَحْيَى الزَّرَابِيُّ الطَّنَافِسُ لَهَا خَمْلٌ رَقِيقٌ مَبْثُوثَةٌ كَثِيرَةٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبيد الله‏)‏ هو ابن عمر العمري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني أبو بكر بن سالم‏)‏ أي ابن عبد الله بن عمر، وهو من أقران الراوي عنه، وهما مدنيان من صغار التابعين، وأما أبو سالم فمعدود من كبارهم، وهو أحد الفقهاء السبعة، وليس لأبي بكر بن سالم في البخاري غير هذا الموضع، ووثقه العجلي‏.‏

ولا يعرف له راو إلا عبيد الله بن عمر المذكور، وإنما أخرج له البخاري في المتابعات‏.‏

وقد مضى الحديث من طريق الزهري عن سالم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بدلو بكرة‏)‏ بفتح الموحدة والكاف على المشهور وحكى بعضهم تثليث أوله، ويجوز إسكانها على أن المراد نسبة الدلو إلى الأنثى من الإبل وهي الشابة، أي الدلو التي يسقى بها، وأما بالتحريك فالمراد الخشبة المستديرة التي يعلق فيها الدلو‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن جبير‏:‏ العبقري عتاق الزرابي‏)‏ وصله عبد بن حميد من طريقه، وكذا رويناه في ‏"‏ صفة الجنة لأبي نعيم ‏"‏ من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير قال في قوله تعالى ‏(‏متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان‏)‏ قال‏:‏ الرفرف رياض الجنة، والعبقري الزرابي‏.‏

ووقع في رواية الأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذر هنا ‏"‏ قال ابن نمير ‏"‏ وقيل المراد محمد بن عبد الله بن نمير شيخ المصنف فيه، ويأتي بسط القول في كتاب التعبير، والمراد بالعتاق الحسان، والزرابي جمع زريبة وهي البساط العريض الفاخر، قال في المشارق‏:‏ العبقري النافذ الماضي الذي لا شيء يفوقه، قال أبو عمر‏:‏ وعبقري القوم سيدهم وقيمهم وكبيرهم‏.‏

وقال الفراء‏:‏ العبقري السيد والفاخر من الحيوان والجوهر والبساط المنقوش، وقيل هو منسوب إلى عبقر موضع بالبادية، وقيل قرية يعمل فيها الثياب البالغة الحسن والبسط، وقيل نسبة إلى أرض تسكنها الجن، تضرب بها العرب المثل في كل شيء عظيم قاله أبو عبيدة، قال ابن الأثير‏:‏ فصاروا كلما رأوا شيئا غريبا مما يصعب عمله ويدق أو شيئا عظيما في نفسه نسبوه إليها فقالوا عبقري، ثم اتسع فيه حتى سمي به السيد الكبير‏.‏

ثم استطرد المصنف كعادته فذكر معنى صفة الزرابي الواردة في القرآن في قوله تعالى ‏(‏وزرابي مبثوثة‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال يحيى‏)‏ هو ابن زياد الفراء، ذكر ذلك في ‏"‏ كتاب معاني القرآن ‏"‏ له، وظن الكرماني أنه يحيى بن سعيد القطان فجزم بذلك واستند إلى كون الحديث ورد من روايته كما تقدم في مناقب أبي بكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الطنافس‏)‏ هي جمع طنفسة وهي البساط‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لها خمل‏)‏ بفتح المعجمة والميم بعدها لام أي أهداب، وقوله ‏"‏رقيق ‏"‏ أي غير غليظة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مبثوثة كثيرة‏)‏ هو بقية كلام يحيى بن زياد المذكور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ سَعْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ قَالَ ح حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسْوَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قُمْنَ فَبَادَرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عُمَرُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ فَقَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ يَا عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيهًا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا قَطُّ إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد‏)‏ أي ابن الخطاب، وفي الإسناد أربعة من التابعين على نسق‏:‏ قرينان وهما صالح وهو ابن كيسان وابن شهاب، وقريبان وهما عبد الحميد ومحمد بن سعد وكلهم مدنيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نسوة من قريش‏)‏ هن من أزواجه، ويحتمل أن يكون معهن من غيرهن لكن قرينة قوله‏:‏ ‏"‏ يستكثرنه ‏"‏ يؤيد الأول، والمراد أنهن يطلبن منه مما يعطيهن‏.‏

وزعم الداودي أن المراد أنهن يكثرن الكلام عنده، وهو مردود بما وقع التصريح به في حديث جابر عند مسلم أنهن يطلبن النفقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عالية‏)‏ بالرفع على الصفة وبالنصب على الحال، وقوله ‏"‏أصواتهن على صوته ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ يحتمل أن يكون ذلك قبل نزول النهي عن رفع الصوت على صوته، أو كان ذلك طبعهن انتهى‏.‏

وقال غيره‏:‏ يحتمل أن يكون الرفع حصل من مجموعهن لا أن كل واحدة منهن كان صوتها أرفع من صوته، وفيه نظر‏.‏

قيل ويحتمل أن يكون فيهن جهيرة، أو النهي خاص بالرجال وقيل في حقهن للتنزيه، أو كن في حال المخاصمة فلم يتعمدن، أو وثقن بعفوه‏.‏

ويحتمل في الخلوة ما لا يحتمل في غيرها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أضحك الله سنك‏)‏ لم يرد به الدعاء بكثرة الضحك بل لازمه وهو السرور، أو نفي لازمه وهو الحزن‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أتهبنني‏)‏ من الهيبة أي توقرنني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنت أفظ وأغلظ‏)‏ بالمعجمتين بصيغة أفعل التفضيل من الفظاظة والغلظة وهو يقتضي الشركة في أصل الفعل، ويعارضه قوله تعالى ‏(‏ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك‏)‏ فإنه يقتضي أنه لم يكن فظا ولا غليظا، والجواب أن الذي في الآية يقتضي نفي وجود ذلك له صفة لازمة فلا يستلزم ما في الحديث ذلك، بل مجرد وجود الصفة له في بعض الأحوال وهو عند إنكار المنكر مثلا والله أعلم‏.‏

وجوز بعضهم أن الأفظ هنا بمعنى الفظ، وفيه نظر للتصريح بالترجيح المقتضي لحمل أفعل على بابه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يواجه أحدا بما يكره إلا في حق من حقوق الله، وكان عمر يبالغ في الزجر عن المكروهات مطلقا وطلب المندوبات، فلهذا قال النسوة له ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إيها ابن الخطاب‏)‏ قال أهل اللغة ‏"‏ أيها ‏"‏ بالفتح والتنوين معناها لا تبتدئنا بحديث، وبغير تنوين كف من حديث عهدناه، و ‏"‏ إيه ‏"‏ بالكسر والتنوين معناها حدثنا ما شئت وبغير التنوين زدنا مما حدثتنا‏.‏

ووقع في روايتنا بالنصب والتنوين‏.‏

وحكى ابن التين أنه وقع له بغير تنوين وقال معناه كف عن لومهن‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ الأمر بتوقير رسول الله صلى الله عليه وسلم مطلوب لذاته تحمد الزيادة منه، فكأن قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏إيه ‏"‏ استزادة منه في طلب توقيره وتعظيم جانبه، ولذلك عقبه بقوله ‏"‏ والذي نفسي بيده إلخ ‏"‏ فإنه يشعر بأنه رضي مقالته وحمد فعاله، والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجا‏)‏ أي طريقا واسعا، وقوله ‏"‏قط ‏"‏ تأكيد للنفي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا سلك فجا غير فجك‏)‏ فيه فضيلة عظيمة لعمر تقتضي أن الشيطان لا سبيل له عليه، لا أن ذلك يقتضي وجود العصمة إذ ليس فيه إلا فرار الشيطان منه أن يشاركه في طريق يسلكها، ولا يمنع ذلك من وسوسته له بحسب ما تصل إليه قدرته‏.‏

فإن قيل عدم تسليطه عليه بالوسوسة يؤخذ بطريق مفهوم الموافقة لأنه إذا منع من السلوك في طريق فأولى أن لا يلابسه بحيث يتمكن من وسوسته له فيمكن أن يكون حفظ من الشيطان، ولا يلزم من ذلك ثبوت العصمة له لأنها في حق النبي واجبة وفي حق غيره ممكنة، ووقع في حديث حفصة عند الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ بلفظ ‏"‏ أن الشيطان لا يلقى عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه ‏"‏ وهذا دال على صلابته في الدين، واستمرار حاله على الجد الصرف والحق المحض‏.‏

وقال النووي‏:‏ هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان يهرب إذا رآه وقال عياض‏:‏ يحتمل أن يكون ذاك على سبيل ضرب المثل، وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان، والأول أولى، انتهى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ ابن سعيد القطان، وإسماعيل هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، وعبد الله هو ابن مسعود‏.‏

ووقع في رواية ابن عيينة عن إسماعيل كما سيأتي في ‏"‏ باب إسلام عمر ‏"‏ التصريح بذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر‏)‏ أي لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر الله‏.‏

وروى ابن أبي شيبة والطبراني من طريق القاسم بن عبد الرحمن قال‏:‏ قال عبد الله بن مسعود ‏"‏ كان إسلام عمر عزا، وهجرته نصرا، وإمارته رحمة‏.‏

والله ما استطعنا أن نصلي حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر ‏"‏ وقد ورد سبب إسلامه مطولا فيما أخرجه الدار قطني من طريق القاسم بن عثمان عن أنس قال ‏"‏ خرج عمر متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة - فذكر قصة دخول عمر على أخته وإنكاره إسلامها وإسلام زوجها سعيد بن زيد وقراءته سورة طه ورغبته في الإسلام - فخرج خباب فقال‏:‏ أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، قال‏:‏ اللهم أعز الإسلام بعمر أو بعمرو بن هشام ‏"‏ وروى أبو جعفر بن أبي شيبة نحوه في تاريخه من حديث ابن عباس، وفي آخره ‏"‏ فقلت يا رسول الله ففيم الاختفاء‏؟‏ فخرجنا في صنفين‏:‏ أنا في أحدهما، وحمزة في الآخر، فنظرت قريش إلينا فأصابتهم كآبة لم يصبهم مثلها ‏"‏ وأخرجه البزار من طريق أسلم مولى عمر عن عمر مطولا، وروى ابن أبي خيثمة من حديث عمر نفسه قال ‏"‏ لقد رأيتني وما أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تسعة وثلاثون رجلا فكملتهم أربعين، فأظهر الله دينه، وأعز الإسلام ‏"‏ وروى البزار نحوه من حديث ابن عباس وقال فيه ‏"‏ فنزل جبريل فقال‏:‏ يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين ‏"‏ وفي ‏"‏ فضائل الصحابة ‏"‏ لخيثمة من طريق أبي وائل عن ابن مسعود قال ‏"‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم أيد الإسلام بعمر ‏"‏ ومن حديث علي مثله بلفظ ‏"‏ أعز ‏"‏ وفي حديث عائشة مثله أخرجه الحاكم بإسناد صحيح، وأخرجه الترمذي من حديث ابن عمر بلفظ ‏"‏ اللهم أعز الإسلام بأحب الرجلين إليك‏:‏ بأبي جهل أو بعمر، قال فكان أحبهما إليه عمر ‏"‏ قال الترمذي‏:‏ حسن صحيح‏.‏

قلت‏:‏ وصححه ابن حبان أيضا، وفي إسناده خارجة بن عبد الله صدوق فيه مقال، لكن له شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الترمذي أيضا، ومن حديث أنس كما قدمته في القصة المطولة، ومن طريق أسلم مولى عمر عن خباب، وله شاهد مرسل أخرجه ابن سعد من طريق سعيد بن المسيب والإسناد صحيح إليه، وروى ابن سعد أيضا من حديث صهيب قال ‏"‏ لما أسلم عمر قال المشركون انتصف القوم منا ‏"‏ وروى البزار والطبراني من حديث ابن عباس نحوه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ وُضِعَ عُمَرُ عَلَى سَرِيرِهِ فَتَكَنَّفَهُ النَّاسُ يَدْعُونَ وَيُصَلُّونَ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ وَأَنَا فِيهِمْ فَلَمْ يَرُعْنِي إِلَّا رَجُلٌ آخِذٌ مَنْكِبِي فَإِذَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَتَرَحَّمَ عَلَى عُمَرَ وَقَالَ مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَحَسِبْتُ إِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ

الشرح‏:‏

قوله في السند ‏(‏أخبرنا عمر بن سعيد‏)‏ أي ابن أبي حسين، ووقع في رواية القابسي ‏"‏ سعد ‏"‏ بسكون العين وهو وهم‏.‏

حديث ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ وضع عمر على سريره، فتكنفه الناس ‏"‏ بنون وفاء أي أحاطوا به من جميع جوانبه، والأكناف النواحي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وضع عمر على سريره‏)‏ تقدم في آخر مناقب أبي بكر بلفظ ‏"‏ إني لواقف مع قوم وقد وضع عمر على سريره ‏"‏ أي لما مات، وهي جملة حالية من عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلم يرعني‏)‏ أي لم يفزعني، والمراد أنه رآه بغتة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إلا رجل آخذ‏)‏ بوزن فاعل‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ أخذ ‏"‏ بلفظ الفعل الماضي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فترحم على عمر‏)‏ تقدم في مناقب أبي بكر بلفظ ‏"‏ فقال يرحمك الله‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أحب‏)‏ يجوز نصبه ورفعه، و ‏"‏ أني ‏"‏ يجوز فيه الفتح والكسر‏.‏

وفي هذا الكلام أن عليا كان لا يعتقد أن لأحد عملا في ذلك الوقت أفضل من عمل عمر‏.‏

وقد أخرج ابن أبي شيبة ومسدد من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي نحو هذا الكلام وسنده صحيح، وهو شاهد جيد لحديث ابن عباس لكون مخرجه عن آل علي رضي الله عنهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مع صاحبيك‏)‏ يحتمل أن يريد ما وقع وهو دفنه عندهما، ويحتمل أن يريد بالمعية ما يئول إليه الأمر بعد الموت من دخول الجنة ونحو ذلك، والمراد بصاحبيه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وقوله ‏"‏وحسبت أني ‏"‏ يجوز فتح الهمزة وكسرها، وتقدم في مناقب أبي بكر بلفظ ‏"‏ لأني كثيرا ما كنت أسمع ‏"‏ واللام للتعليل، وما إبهامية مؤكدة، وكثيرا ظرف زمان وعامله كان قدم عليه، وهو كقوله تعالى ‏(‏قليلا ما تشكرون‏)‏ ووقع للأكثر ‏"‏ كثيرا مما كنت أسمع ‏"‏ بزيادة ‏"‏ من ‏"‏ ووجهت بأن التقدير أني أجد كثيرا مما كنت أسمع‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ح و قَالَ لِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَاءٍ وَكَهْمَسُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَا حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُحُدٍ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَضَرَبَهُ بِرِجْلِهِ قَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ أَوْ شَهِيدَانِ

الشرح‏:‏

حديث ‏"‏ اثبت أحد ‏"‏ تقدم شرحه في مناقب أبي بكر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال لي خليفة‏)‏ هو ابن خياط، ومحمد بن سواء بمهملة وتخفيف ومد هو السدوسي البصري، أخرج له هنا وفي الأدب، وكهمس بمهملة وزن جعفر هو ابن المنهال سدوسي أيضا بصري ما له في البخاري غير هذا الموضع، وسعيد هو ابن أبي عروبة، وسقط جميع ذلك من رواية أبي ذر في بعض النسخ واقتصر على طريق يزيد بن زريع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد‏)‏ تقدم في مناقب أبي بكر بلفظ ‏"‏ فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان ‏"‏ فتكون ‏"‏ أو ‏"‏ في حديث الباب بمعنى الواو، ويكون لفظ شهيد للجنس، ووقع لبعضهم بلفظ ‏"‏ نبي وصديق أو شهيد ‏"‏ فقيل أو بمعنى الواو، وقيل تغيير الأسلوب للإشعار بمغايرة الحال لأن صفتي النبوة والصديقية كانتا حاصلتين حينئذ بخلاف صفة الشهادة فإنها لم تكن وقعت حينئذ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عُمَرُ هُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَأَلَنِي ابْنُ عُمَرَ عَنْ بَعْضِ شَأْنِهِ يَعْنِي عُمَرَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا قَطُّ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حِينَ قُبِضَ كَانَ أَجَدَّ وَأَجْوَدَ حَتَّى انْتَهَى مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني عمر هو ابن محمد‏)‏ ووقع في رواية حرملة عن ابن وهب ‏"‏ حدثني عمر بن محمد بن زيد ‏"‏ أي ابن عبد الله بن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سألني ابن عمر عن بعض شأنه يعني عمر‏)‏ يريد أن ابن عمر سأل أسلم مولى عمر عن بعض شأن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال ما رأيت‏)‏ هو مقول ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أجد‏)‏ بفتح الجيم والتشديد أفعل من جد إذا اجتهد، وأجود أفعل من الجود‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم‏)‏ يحتمل أن يكون المراد بالبعدية في الصفات ولا يتعرض فيه للزمان فيتناول زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وما بعده، فيشكل بأبي بكر الصديق وبغيره من الصحابة ممن كان يتصف بالجود المفرط، أو بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيشكل بأبي بكر الصديق أيضا، ويمكن تأويله بزمان خلافته، وأجود أفعل من الجود أي لم يكن أحد أجد منه في الأمور ولا أجود بالأموال، وهو محمول على وقت مخصوص وهو مدة خلافته ليخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى انتهى‏)‏ أي إلى عمل آخر عمره، وهذا بناء على أن فاعل انتهى عمر، وقائل ذلك ابن عمر، ويحتمل أن يكون فاعل انتهى ابن عمر أي انتهى في الإنصاف بعد أجد وأجود حتى فرغ مما عنده، وقائل ذلك نافع، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّاعَةِ فَقَالَ مَتَى السَّاعَةُ قَالَ وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا قَالَ لَا شَيْءَ إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ

الشرح‏:‏

حديث أنس ‏"‏ أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة ‏"‏ هو ذو الخويصرة اليماني، وزعم ابن بشكوال أنه أبو موسى الأشعري أو أبو ذر‏.‏

ثم ساق من حديث أبي موسى ‏"‏ قلت يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يلحق بهم ‏"‏ ومن حديث أبي ذر ‏"‏ فقلت يا رسول الله المرء يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ‏"‏ وسؤال هذين إنما وقع عن العمل، والسؤال في حديث الباب إنما وقع عن الساعة، فدل على التعدد‏.‏

وسيأتي في الأدب من طريق آخر عن أنس أن السائل عن الساعة أعرابي، وكذا وقع عند الدار قطني من حديث أبي مسعود أن الأعرابي الذي بال في المسجد قال ‏"‏ يا محمد متى الساعة‏؟‏ قال‏:‏ وما أعددت لها ‏"‏ فدل على أن السائل في حديث أنس هو الأعرابي الذي بال في المسجد، وتقدم في الطهارة أنه ذو الخويصرة اليماني كما أخرجه أبو موسى المديني في دلائل معرفة الصحابة، وسيأتي شرح هذا الحديث في كتاب الأدب، والمراد منه ذكر أبي بكر وعمر في حديث أنس هذا وأنه قرنهما في العمل بالنبي صلى الله عليه وسلم، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ كَانَ فِيمَا قَبْلَكُمْ مِنْ الْأُمَمِ مُحَدَّثُونَ فَإِنْ يَكُ فِي أُمَّتِي أَحَدٌ فَإِنَّهُ عُمَرُ زَادَ زَكَرِيَّاءُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ نَبِيٍّ وَلَا مُحَدَّثٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ كذا قال أصحاب إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبي سلمة وخالفهم ابن وهب فقال ‏"‏ عن إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد عن أبي سلمة عن عائشة ‏"‏ قال أبو مسعود‏:‏ لا أعلم أحدا تابع ابن وهب على هذا، والمعروف عن إبراهيم بن سعد أنه عن أبي هريرة لا عن عائشة، وتابعه زكريا بن أبي زائدة عن إبراهيم بن سعد يعني كما ذكره المصنف معلقا هنا‏.‏

وقال محمد بن عجلان‏:‏ ‏"‏ عن سعد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة ‏"‏ أخرجه مسلم والترمذي والنسائي، قال أبو مسعود‏:‏ وهو مشهور عن ابن عجلان، فكأن أبا سلمة سمعه من عائشة ومن أبي هريرة جميعا‏.‏

قلت‏:‏ وله أصل من حديث عائشة أخرجه ابن سعد من طريق ابن أبي عتيق عنها، وأخرجه من حديث خفاف بن أيماء أنه كان يصلي مع عبد الرحمن بن عوف فإذا خطب عمر سمعه يقول أشهد أنك مكلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏محدثون‏)‏ بفتح الدال جمع محدث، واختلف في تأويله فقيل‏:‏ ملهم، قاله الأكثر قالوا‏:‏ المحدث بالفتح هو الرجل الصادق الظن، وهو من ألقي في روعه شيء من قبل الملأ الأعلى فيكون كالذي حدثه غيره به، وبهذا جزم أبو أحمد العسكري‏.‏

وقيل من يجري الصواب على لسانه من غير قصد، وقيل مكلم أي تكلمه الملائكة بغير نبوة، وهذا ورد من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا ولفظه ‏"‏ قيل يا رسول الله وكيف يحدث‏؟‏ قال تتكلم الملائكة على لسانه ‏"‏ رويناه في ‏"‏ فوائد الجوهري ‏"‏ وحكاه القابسي وآخرون، ويؤيده ما ثبت في الرواية المعلقة‏.‏

ويحتمل رده إلى المعنى الأول أي تكلمه في نفسه وإن لم ير مكلما في الحقيقة فيرجع إلى الإلهام، وفسره ابن التين بالتفرس، ووقع في مسند ‏"‏ الحميدي ‏"‏ عقب حديث عائشة ‏"‏ المحدث الملهم بالصواب الذي يلقى على فيه ‏"‏ وعند مسلم من رواية ابن وهب ‏"‏ ملهمون، وهي الإصابة بغير نبوة ‏"‏ وفي رواية الترمذي عن بعض أصحاب ابن عيينة ‏"‏ محدثون يعني مفهمون ‏"‏ وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ قال إبراهيم - يعني ابن سعد رواية - قوله محدث أي يلقى في روعه ‏"‏ انتهى، ويؤيده حديث ‏"‏ إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه ‏"‏ أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر، وأحمد من حديث أبي هريرة، والطبراني من حديث بلال، وأخرجه في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من حديث معاوية وفي حديث أبي ذر عند أحمد وأبي داود ‏"‏ يقول به ‏"‏ بدل قوله ‏"‏ وقلبه ‏"‏ وصححه الحاكم، وكذا أخرجه الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من حديث عمر نفسه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏زاد زكريا بن أبي زائدة عن سعد‏)‏ هو ابن إبراهيم المذكور، وفي روايته زيادتان‏:‏ إحداهما بيان كونهم من بني إسرائيل، والثانية تفسير المراد بالمحدث في رواية غيره فإنه قال بدلها ‏"‏ يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏منهم أحد‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ من أحد ‏"‏ ورواية زكريا وصلها الإسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما، وقوله ‏"‏وإن يك في أمتي ‏"‏ قيل لم يورد هذا القول مورد الترديد فإن أمته أفضل الأمم، وإذا ثبت أن ذلك وجد في غيرهم فإمكان وجوده فيهم أولى، وإنما أورده مورد التأكيد كما يقول الرجل‏:‏ إن يكن لي صديق فإنه فلان، يريد اختصاصه بكمال الصداقة لا نفي الأصدقاء، ونحوه قول الأجير‏:‏ إن كنت عملت لك فوفني حقي، وكلاهما عالم بالعمل لكن مراد القائل أن تأخيرك حقي عمل من عنده شك في كوني عملت‏.‏

وقيل الحكمة فيه أن وجودهم في بني إسرائيل كان قد تحقق وقوعه، وسبب ذلك احتياجهم حيث لا يكون حينئذ فيهم نبي، واحتمل عنده صلى الله عليه وسلم أن لا تحتاج هذه الأمة إلى ذلك لاستغنائها بالقرآن عن حدوث نبي، وقد وقع الأمر كذلك حتى إن المحدث منهم إذا تحقق وجوده لا يحكم بما وقع له بل لا بد له من عرضه على القرآن، فإن وافقه أو وافق السنة عمل به وإلا تركه، وهذا وإن جاز أن يقع لكنه نادر ممن يكون أمره منهم مبنيا على اتباع الكتاب والسنة، وتمحضت الحكمة في وجودهم وكثرتهم بعد العصر الأول في زيادة شرف هذه الأمة بوجود أمثالهم فيه، وقد تكون الحكمة في تكثيرهم مضاهاة بني إسرائيل في كثرة الأنبياء فيهم، فلما فات هذه الأمة كثرة الأنبياء فيها لكون نبيها خاتم الأنبياء عوضوا بكثرة الملهمين‏.‏

وقال الطيبي‏:‏ المراد بالمحدث الملهم البالغ في ذلك مبلغ النبي صلى الله عليه وسلم في الصدق، والمعنى لقد كان فيما قبلكم من الأمم أنبياء ملهمون، فإن يك في أمتي أحد هذا شأنه فهو عمر، فكأنه جعله في انقطاع قرينه في ذلك هل نبي أم لا فلذلك أتى بلفظ ‏"‏ إن ‏"‏ ويؤيده حديث ‏"‏ لو كان بعدي نبي لكان عمر ‏"‏ فلو فيه بمنزلة إن في الآخر على سبيل الفرض والتقدير، انتهى‏.‏

والحديث المشار إليه أخرجه أحمد والترمذي وحسنه وابن حبان والحاكم من حديث عقبة بن عامر، وأخرجه الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من حديث أبي سعيد، ولكن في تقرير الطيبي نظر لأنه وقع في نفس الحديث ‏"‏ من غير أن يكونوا أنبياء ‏"‏ ولا يتم مراده إلا بفرض أنهم كانوا أنبياء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ابن عباس من نبي ولا يحدث‏)‏ أي في قوله تعالى ‏(‏وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى‏)‏ الآية، كأن ابن عباس زاد فيها ولا محدث أخرجه سفيان بن عيينة في أواخر جامعه وأخرجه عبد بن حميد من طريقه وإسناده إلى ابن عباس صحيح ولفظه عن عمرو بن دينار قال ‏"‏ كان ابن عباس يقرأ‏:‏ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث‏"‏‏.‏

والسبب في تخصيص عمر بالذكر لكثرة ما وقع له في زمن النبي صلى الله عليه وسلم من الموافقات التي نزل القرآن مطابقا لها، ووقع له بعد النبي صلى الله عليه وسلم عدة إصابات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا سَمِعْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً فَطَلَبَهَا حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ فَقَالَ لَهُ مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي فَقَالَ النَّاسُ سُبْحَانَ اللَّهِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَا ثَمَّ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في الذي كلمه الذئب، أورده مختصرا بدون قصة البقرة، وقد تقدم شرحه في مناقب أبي بكر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ النَّاسَ عُرِضُوا عَلَيَّ وَعَلَيْهِمْ قُمُصٌ فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الثَّدْيَ وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ دُونَ ذَلِكَ وَعُرِضَ عَلَيَّ عُمَرُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ اجْتَرَّهُ قَالُوا فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الدِّينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي سعيد الخدري‏)‏ كذا رواه أكثر أصحاب الزهري، ورواه معمر عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأبهمه أخرجه أحمد، وقد تقدم في الإيمان من رواية صالح بن كيسان عن الزهري فصرح بذكر أبي سعيد، ووقع في التعبير من هذا الوجه عن أبي أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأيت الناس عرضوا علي‏)‏ الحديث وفيه ‏"‏ عرض علي عمر وعليه قميص اجتره ‏"‏ أي لطوله، وقد تقدم من رواية صالح بلفظ ‏"‏ يجره‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قالوا فما أولت ذلك‏)‏ سيأتي في التعبير أن السائل عن ذلك أبو بكر، ويأتي بقية شرحه هناك إن شاء الله تعالى‏.‏

وقد استشكل هذا الحديث بأنه يلزم منه أن عمر أفضل من أبي بكر الصديق، والجواب عنه تخصيص أبي بكر من عموم قوله ‏"‏ عرض علي الناس ‏"‏ فلعل الذين عرضوا إذ ذاك لم يكن فيهم أبو بكر، وأن كون عمر عليه قميص يجره لا يستلزم أن لا يكون على أبي بكر قميص أطول منه وأسبغ، فلعله كان كذلك إلا أن المراد كان حينئذ بيان فضيلة عمر فاقتصر عليها، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ جَعَلَ يَأْلَمُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَكَأَنَّهُ يُجَزِّعُهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَئِنْ كَانَ ذَاكَ لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ أَبَا بَكْرٍ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُ ثُمَّ فَارَقْتَهُ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ثُمَّ صَحِبْتَ صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ قَالَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنْ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ بِهَذَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسماعيل بن إبراهيم‏)‏ هو الذي يقال له ابن علية‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن المسور بن مخرمة‏)‏ كذا رواه ابن علية ورواه حماد بن زيد كما علقه المصنف بعد فقال ‏"‏ عن ابن عباس ‏"‏ وأخرجه الإسماعيلي من رواية القواريري عن حماد بن زيد موصولا، ويحتمل أن يكون محفوظا عن الاثنين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لما طعن عمر‏)‏ سيأتي بيان ذلك بعد في أواخر مناقب عثمان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكأنه يجزعه‏)‏ بالجيم والزاي الثقيلة أي ينسبه إلى الجزع ويلومه عليه، أو معنى يجزعه يزيل عنه الجزع، وهو كقوله تعالى ‏(‏حتى إذا فزع عن قلوبهم‏)‏ أي أزيل عنهم الفزع، ومثله مرضه إذا عانى إزالة مرضه، ووقع في رواية الجرجاني ‏"‏ وكأنه جزع ‏"‏ هذا يرجع الضمير فيه إلى عمر بخلاف رواية الجماعة فإن الضمير فيها لابن عباس‏.‏

ووقع في رواية حماد بن زيد ‏"‏ وقال ابن عباس مسست جلد عمر فقلت جلد لا تمسه النار أبدا، قال فنظر إلي نظرة كنت أرثي له من تلك النظرة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولئن كان ذاك‏)‏ كذا في رواية الأكثر‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ ولا كل ذلك ‏"‏ أي لا تبالغ في الجزع فيما أنت فيه، ولبعضهم‏:‏ ولا كان ذلك، وكأنه دعاء، أي لا يكون ما تخافه، أو لا يكون الموت بتلك الطعنة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم فارقت‏)‏ كذا بحذف المفعول، وللكشميهني‏:‏ ‏"‏ ثم فارقته‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم صحبتهم فأحسنت صحبتهم، ولئن فارقتهم‏)‏ يعني المسلمين‏.‏

وفي رواية بعضهم ‏"‏ ثم صحبت صحبتهم ‏"‏ بفتح الصاد والحاء والموحدة، أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وفيه نظر للإتيان بصيغة الجمع موضع التثنية، قال عياض‏:‏ يحتمل أن يكون ‏"‏ صحبت ‏"‏ زائدة وإنما هو ثم صحبتهم أي المسلمين، قال‏:‏ والرواية الأولى هي الوجه، ورويناها في أمالي أبي الحسن بن رزقويه من حديث ابن عمر قال ‏"‏ لما طعن عمر قال له ابن عباس ‏"‏ فذكر حديثا قال فيه ‏"‏ ولما أسلمت كان إسلامك عزا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإن ذلك من‏)‏ أي عطاء؛ وفي رواية الكشميهني ‏"‏ فإنما ذلك‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فهو من أجلك ومن أجل أصحابك‏)‏ في رواية أبي ذر عن الحموي المستملي ‏"‏ أصيحابك ‏"‏ بالتصغير، أي من جهة فكرته فيمن يستخلف عليهم، أو من أجل فكرته في سيرته التي سارها فيهم، وكأنه غلب عليه الخوف في تلك الحالة مع هضم نفسه وتواضعه لربه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏طلاع الأرض‏)‏ بكسر الطاء المهملة والتخفيف أي ملأها، وأصل الطلاع ما طلعت عليه الشمس، والمراد هنا ما يطلع عليها ويشرف فوقها من المال‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قبل أن أراه‏)‏ أي العذاب، وإنما قال ذلك لغلبة الخوف الذي وقع له في ذلك الوقت من خشية التقصير فيما يجب عليه من حقوق الرعية، أو من الفتنة بمدحهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال حماد بن زيد‏)‏ وصله الإسماعيلي كما تقدم والله أعلم، وسيأتي مزيد في الكلام على هذا الحديث في قصة قتل عمر آخر مناقب عثمان‏.‏

وأخرج ابن سعد من طريق أبي عبيد مولى ابن عباس عن ابن عباس فذكر شيئا من قصة قتل عمر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ فَبَشَّرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَفْتَحَ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ فَفَتَحْتُ لَهُ فَإِذَا هُوَ عُمَرُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ فَقَالَ لِي افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ فَإِذَا عُثْمَانُ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ

الشرح‏:‏

حديث أبي موسى، تقدم مبسوطا مع شرحه في مناقب أبي بكر بما يغني عن الإعادة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَقِيلٍ زُهْرَةُ بْنُ مَعْبَدٍ أَنَّهُ سَمِعَ جَدَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هِشَامٍ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرني حيوة‏)‏ بفتح المهملة والواو بينهما تحتانية ساكنة هو ابن شريح المصري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبد الله بن هشام‏)‏ أي ابن زهرة بن عثمان التيمي ابن عم طلحة بن عبيد الله‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب‏)‏ هو طرف من حديث يأتي تمامه في الأيمان والنذور، وبقيته ‏"‏ فقال له عمر يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء ‏"‏ الحديث وقد ذكرت شيئا من مباحثه في كتاب الإيمان، وسيأتي بيان الوقت الذي قتل فيه عمر في آخر ترجمة عثمان إن شاء الله تعالى‏.‏