فصل: باب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب شُهُودِ الْمَلَائِكَةِ بَدْرًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب شهود الملائكة بدرا‏)‏ تقدم القول في ذلك قبل بابين‏.‏

وأخرج يونس بن بكير في زيادات المغازي والبيهقي من طريق الربيع بن أنس قال‏:‏ ‏"‏ كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة من قتلى الناس بضرب فوق الأعناق وعلى البنان مثل وسم النار ‏"‏ وفي مسند إسحاق ‏"‏ عن جبير بن مطعم قال‏:‏ رأيت قبل هزيمة القوم ببدر مثل النجاد الأسود أقبل من السماء كالنمل فلم أشك أنها الملائكة، فلم يكن إلا هزيمة القوم ‏"‏ وعند مسلم من حديث ابن عباس ‏"‏ بينما رجل مسلم يشتد في أثر رجل مشرك إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ذلك مدد من السماء الثالثة‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْمَلَائِكَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏يحيى بن سعيد‏)‏ هو الأنصاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن معاذ بن رفاعة‏)‏ أورده عنه من ثلاثة طرق، ففي رواية جرير معاذ عن أبيه وهذه موصولة‏.‏

وفي رواية حماد وهو ابن زيد معاذ بن رفاعة بن رافع وكان رفاعة من أهل بدر إلخ‏.‏

وهذا صورته مرسل ولكن عند التأمل يظهر أن فيه رواية لمعاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه عن جده، ورواية يزيد وهو ابن هارون وهي الثالثة قال فيها معاذ‏:‏ ‏"‏ إن ملكا سأله ‏"‏ وهذا ظاهره الإرسال، لكن أفاد التصريح بسماع يحيى بن سعيد للحديث من معاذ، ولهذا قال الإسماعيلي‏:‏ هذا الحديث وصله عن يحيى بن سعيد وجرير بن عبد الحميد، وتابعه يحيى بن أيوب فأرسله عنه حماد بن زيد ويزيد بن هارون وقوله في آخره‏:‏ ‏"‏ وعن يحيى أن يزيد بن الهاد حدثه ‏"‏ يستفاد منه أن تسمية الملك السائل جبريل إنما تلقاها يحيى بن سعيد من يزيد بن الهاد عن معاذ، فيقتضي ذلك أن في رواية جرير الجزم بتسميته في رواية يحيى بن سعيد إدراجا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَكَانَ رِفَاعَةُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ وَكَانَ رَافِعٌ مِنْ أَهْلِ الْعَقَبَةِ فَكَانَ يَقُولُ لِابْنِهِ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي شَهِدْتُ بَدْرًا بِالْعَقَبَةِ قَالَ سَأَلَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى سَمِعَ مُعَاذَ بْنَ رِفَاعَةَ أَنَّ مَلَكًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ وَعَنْ يَحْيَى أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْهَادِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُ يَوْمَ حَدَّثَهُ مُعَاذٌ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ يَزِيدُ فَقَالَ مُعَاذٌ إِنَّ السَّائِلَ هُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بدرا بالعقبة‏)‏ أي بدل العقبة، يريد أن شهود العقبة عنده أفضل من شهود بدر، وقوله في آخر رواية حماد ‏"‏ بهذا ‏"‏ يريد ما تقدم في رواية جرير، وقد أخرجه البيهقي من طريق إسماعيل بن إسحاق القاضي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه بلفظ ‏"‏ عن معاذ بن رفاعة بن رافع ‏"‏ وكان رفاعة بدريا وكان رافع عقبيا وكان يقول لابنه ما أحب أني شهدت بدرا ولم أشهد العقبة ‏"‏ قال سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ كيف أهل بدر فيكم‏؟‏ قال خيارنا، قال‏:‏ وكذلك من شهد بدرا من الملائكة هم خيار الملائكة ‏"‏ وقوله في رواية يزيد ‏"‏ نحوه ‏"‏ ساق الإسماعيلي لفظ يزيد من طريق محمد بن شجاع عنه بلفظ ‏"‏ إن ملكا من الملائكة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ما تعدون أهل بدر فيكم‏؟‏ قال يحيى بن سعيد‏:‏ حدثني يزيد بن الهاد أن السائل هو جبريل ‏"‏ والذي يظهر أن رافع بن مالك لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم التصريح بتفضيل أهل بدر على غيرهم فقال ما قال باجتهاد منه، وشبهته أن العقبة كانت منشأ نصرة الإسلام وسبب الهجرة التي نشأ منها الاستعداد للغزوات كلها، لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِرَأْسِ فَرَسِهِ عَلَيْهِ أَدَاةُ الْحَرْبِ

الشرح‏:‏

قوله في حديث ابن عباس ‏(‏أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر‏:‏ هذا جبريل‏)‏ الحديث هو من مراسيل الصحابة، ولعل ابن عباس حمله عن أبي بكر، فقد ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم بدر خفق خفقة ثم انتبه فقال‏:‏ أبشر يا أبا بكر، أتاك نصر الله، هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه الغبار ‏"‏ ووقعت في بعض المراسيل تتمة لهذا الحديث مقيدة، وهي ما أخرج سعيد بن منصور من مرسل عطية بن قيس ‏"‏ أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما فرغ من بدر على فرس حمراء معقودة الناصية قد تخضب الغبار بثنيته عليه درعه وقال‏:‏ يا محمد إن الله بعثني إليك وأمرني أن لا أفارقك حتى ترضى، أفرضيت‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏ نعم ‏"‏ ووقع عند ابن إسحاق من حديث أبي واقد الليثي قال‏:‏ ‏"‏ إني لأتبع يوم بدر رجلا من المشركين لأضربه فوقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي ‏"‏ ووقع عند البيهقي من طريق ابن محمد بن جبير بن مطعم أنه سمع عليا يقول ‏"‏ هبت ريح شديدة لم أر مثلها، ثم هبت ريح شديدة، وأظنه ذكر ثالثة، فكانت الأولى جبريل والثانية ميكائيل والثالثة إسرافيل، وكان ميكائيل عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر، وإسرافيل عن يساره وأنا فيها ‏"‏ ومن طريق أبي صالح عن علي قال‏:‏ ‏"‏ قيل لي ولأبي بكر يوم بدر‏:‏ مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يحضر الصف ويشهد القتال ‏"‏ وأخرجه أحمد وأبو يعلى وصححه الحاكم، والجمع بينه وبين الذي قبله ممكن، قال الشيخ تقي الدين السبكي‏:‏ سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فقلت‏:‏ وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عبادة‏.‏

والله تعالى هو فاعل الجميع والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَاتَ أَبُو زَيْدٍ وَلَمْ يَتْرُكْ عَقِبًا وَكَانَ بَدْرِيًّا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب‏)‏ كذا للجميع بغير ترجمة، وهو فيما يتعلق ببيان من شهد بدرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثني خليفة‏)‏ هو ابن خياط بالمعجمة ثم التحتانية الشديدة ‏(‏قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري‏)‏ هو من كبار شيوخ البخاري، وربما حدث عنه بواسطة كما في هذا الموضع، وسعيد هو ابن أبي عروبة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مات أبو زيد ولم يترك عقبا وكان بدريا‏)‏ كذا أورده مختصرا، وقد مضى في مناقب الأنصار بأتم من هذا أنه سأل أنسا عن أبي زيد الذي جمع القرآن فقال‏:‏ هو قيس بن السكن، رجل من بني عدي بن النجار، مات فلم يترك عقبا، نحن ورثناه‏.‏

وقد تقدم نقل الخلاف في اسمه هناك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ خَبَّابٍ أَنَّ أَبَا سَعِيدِ بْنَ مَالِكٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَقَدَّمَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ لَحْمًا مِنْ لُحُومِ الْأَضْحَى فَقَالَ مَا أَنَا بِآكِلِهِ حَتَّى أَسْأَلَ فَانْطَلَقَ إِلَى أَخِيهِ لِأُمِّهِ وَكَانَ بَدْرِيًّا قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ إِنَّهُ حَدَثَ بَعْدَكَ أَمْرٌ نَقْضٌ لِمَا كَانُوا يُنْهَوْنَ عَنْهُ مِنْ أَكْلِ لُحُومِ الْأَضْحَى بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن خباب‏)‏ بالمعجمة وموحدتين الأولى ثقيلة واسمه عبد الله، وفي الإسناد ثلاثة من التابعين في نسق، وسيأتي شرح الحديث في كتاب الأضاحي، والغرض منه هنا وصف قتادة بن النعمان بكونه شهد بدرا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَهُوَ مُدَجَّجٌ لَا يُرَى مِنْهُ إِلَّا عَيْنَاهُ وَهُوَ يُكْنَى أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ فَقَالَ أَنَا أَبُو ذَاتِ الْكَرِشِ فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالْعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَمَاتَ قَالَ هِشَامٌ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لَقَدْ وَضَعْتُ رِجْلِي عَلَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّأْتُ فَكَانَ الْجَهْدَ أَنْ نَزَعْتُهَا وَقَدْ انْثَنَى طَرَفَاهَا قَالَ عُرْوَةُ فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ سَأَلَهَا إِيَّاهُ عُمَرُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أَخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا عُثْمَانُ مِنْهُ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهَا فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ وَقَعَتْ عِنْدَ آلِ عَلِيٍّ فَطَلَبَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى قُتِلَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال الزبير‏)‏ هو ابن العوام‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عبيدة‏)‏ بالضم أي ابن سعيد بن العاص بن أمية، وكان لسعيد بن العاص عدة إخوة أسلم منهم عمرو وخالد وأبان، وقتل العاص كافرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مدجج‏)‏ بجيمين الأولى ثقيلة ومفتوحة وقد تكسر، أي مغطى بالسلاح ولا يظهر منه شيء‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال هشام‏)‏ هو ابن عروة، وهو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فأخبرت ‏"‏ بضم الهمزة على البناء للمجهول ولم أقف على تعيين المخبر بذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم تمطأت‏)‏ قيل‏:‏ الصواب تمطيت بالتحتانية غير مهموز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فكان الجهد‏)‏ بفتح الجيم وبضمها ‏(‏أن‏)‏ بفتح الهمزة ‏(‏نزعتها‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال عروة‏)‏ هو موصول بالإسناد المذكور‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏أخدها‏)‏ يعني الزبير ‏(‏ثم طلبها أبو بكر‏)‏ أي من الزبير وقوله‏:‏ ‏(‏وقعت عند آل علي‏)‏ أي عند علي نفسه ثم عند أولاده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فطلبها عبد الله بن الزبير‏)‏ أي من آل علي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ عَائِذُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَايِعُونِي

الشرح‏:‏

حديث عبادة بن الصامت في البيعة قد تقدم بتمامه في الإيمان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ بِنْتَ أَخِيهِ هِنْدَ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ وَهُوَ مَوْلًى لِامْرَأَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ كَمَا تَبَنَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا وَكَانَ مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ دَعَاهُ النَّاسُ إِلَيْهِ وَوَرِثَ مِنْ مِيرَاثِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ فَجَاءَتْ سَهْلَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن أبا حذيفة‏)‏ هو ابن عتبة بن ربيعة الذي تقدم صفه قتل والده قريبا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏تبنى سالما‏)‏ أي ادعى أنه ابنه، وكان ذلك قبل نزول قوله تعالى‏:‏ ‏(‏ادعوهم لآبائهم‏)‏ فإنها لما نزلت صار يدعى مولى أبي حذيفة، وقد شهد سالم بدرا مع مولاه المذكور‏.‏

والوليد بن عتبة والد هند قتل مع أبيه كما تقدم، وسميت هند هذه باسم عمتها هند بنت عتبة، قال الدمياطي‏:‏ رواه يونس ويحيى بن سعيد وشعيب وغيرهم عن الزهري فقالوا‏:‏ ‏"‏ هند ‏"‏ وروى مالك عنه فقال ‏"‏ فاطمة ‏"‏ واقتصر أبو عمر في الصحابة على فاطمة بنت الوليد فلم يترجم لهند بنت الوليد، ولا ذكرها محمد بن سعد في الصحابة‏.‏

ووقع عنده فاطمة بنت عتبة، فإما نسبها لجدها وإما كانت لهند أخت اسمها فاطمة‏.‏

وحكى أبو عمر عن غيره أن اسم جد فاطمة بنت الوليد المغيرة، فإن ثبت فليست هي بنت أخي أبي حذيفة، ويمكن الجمع بأن بنت أبي حذيفة كان لها اسمان والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏مولى لامرأة من الأنصار‏)‏ هي ثبيتة بمثلثة ثم موحدة ثم مثناة مصغر بنت يعار بفتح التحتانية ثم مهملة خفيفة، وقد تقدم في مناقب الأنصار أن سالما مولى أبي حذيفة، وهي نسبة مجازية باعتبار ملازمته له، وهو في الحقيقة مولى الأنصارية المذكورة، والمراد يزيد الذي مثل به زيد بن حارثة الصحابي المشهور، وسهلة هي بنت سهيل بن عمرو زوج أبي حذيفة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فذكر الحديث ‏"‏ سيأتي بيان ذلك في كتاب النكاح إن شاء تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ ذَكْوَانَ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةَ بُنِيَ عَلَيَّ فَجَلَسَ عَلَى فِرَاشِي كَمَجْلِسِكَ مِنِّي وَجُوَيْرِيَاتٌ يَضْرِبْنَ بِالدُّفِّ يَنْدُبْنَ مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِنَّ يَوْمَ بَدْرٍ حَتَّى قَالَتْ جَارِيَةٌ وَفِينَا نَبِيٌّ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقُولِي هَكَذَا وَقُولِي مَا كُنْتِ تَقُولِينَ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏حدثنا علي‏)‏ هو ابن عبد الله المديني، والربيع بالتشديد بنت معوذ وهو ابن عفراء الذي تقدم ذكره في قتل أبي جهل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يندبن من قتل من آبائي‏)‏ كان الذي قتل ببدر ممن يدخل في هذه العبارة ولو بالمجاز أبوها وعمها عوف أو عوذ ومن يقرب لهما من الخزرج كحارثة بن سراقة، وقولها‏:‏ ‏"‏ يندبن ‏"‏ الندب دعاء الميت بأحسن أوصافه، وهو مما يهيج التشوق إليه والبكاء عليه‏.‏

والدف معروف وداله مضمومة ويجوز فتحها، وفيه جواز سماع الضرب بالدف صبيحة العرس، وكراهة نسبة علم الغيب لأحد من المخلوقين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ ح حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو طَلْحَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ يُرِيدُ التَّمَاثِيلَ الَّتِي فِيهَا الْأَرْوَاحُ

الشرح‏:‏

حديث أبي طلحة الأنصاري في الصور، وسيأتي شرحه في اللباس، وأورده هنا لقوله فيه‏:‏ ‏"‏ وكان قد شهد بدرا‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ ح و حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمْ السَّلَام أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَنَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنْ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنْ الْأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ قُلْتُ مَنْ فَعَلَ هَذَا قَالُوا فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الْأَنْصَارِ عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا أَلَا يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا قَالَ عَلِيٌّ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَقِيتُ فَقَالَ مَا لَكَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَأَجَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ وَهَلْ أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ فَنَكَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ

الشرح‏:‏

حديث علي في قصة الشارفين وحمزة بن عبد المطلب‏.‏

وقد مضى شرحه في الخمس، وأورده هنا لقوله فيه ‏"‏ من نصيبي من المغنم يوم بدر ‏"‏ واستدل بقوله‏:‏ ‏"‏ وكان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاني شارفا مما أفاء الله عليه من الخمس يومئذ ‏"‏ أن غنيمة بدر خمست خلافا لما ذهب إليه أبو عبيد في ‏"‏ كتاب الأموال ‏"‏ أن آية الخمس إنما نزلت بعد قسمة غنائم بدر، وموضع الدلالة منه قوله‏:‏ ‏"‏ يومئذ ‏"‏ ولكن تقدم الحديث في كتاب الخمس بلفظ ‏"‏ وأعطاني شارفا من الخمس ‏"‏ ليس فيه ‏"‏ يومئذ ‏"‏ وفي رواية مسلم ‏"‏ وأعطاني شارفا آخر ‏"‏ ولم يقيده باليوم ولا بالخمس، والجمهور على أن آية الخمس نزلت في قصة بدر‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ أَنْفَذَهُ لَنَا ابْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ مَعْقِلٍ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَبَّرَ عَلَى سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فَقَالَ إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد بن عباد‏)‏ هو المكي نزيل بغداد، ثقة مشهور، وليس له عند البخاري غير هذا الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أنفذه لنا ابن الأصبهاني‏)‏ أي بلغ منتهاه من الرواية وتمام السياق فنفذ فيه، كقولك أنفذت السهم أي رميت به فأصبت، وقيل‏:‏ المراد بقوله‏:‏ ‏"‏ أنفذه لنا ‏"‏ أي أرسله، فكأنه حمله عنه مكاتبة أو إجازة‏.‏

وابن الأصبهاني هو عبد الرحمن بن عبد الله الكوفي، وعبد الله بن معقل بسكون المهملة وكسر القاف قال أبو مسعود‏.‏

هذا الحديث مما كان ابن عيينة سمعه من إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن معقل، ثم أخذه عاليا بدرجتين عن ابن الأصبهاني عن عبد الله بن معقل‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كبر على سهل بن حنيف‏)‏ أي الأنصاري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فقال لقد شهد بدرا‏)‏ كذا في الأصول لم يذكر عدد التكبير، وقد أورده أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق البخاري بهذا الإسناد فقال فيه ‏"‏ كبر خمسا‏"‏، وأخرجه البغوي في ‏"‏ معجم الصحابة ‏"‏ عن محمد بن عباد بهذا الإسناد، والإسماعيلي والبرقاني والحاكم من طريقه فقال‏:‏ ‏"‏ ستا ‏"‏ وكذا أورده البخاري في ‏"‏ التاريخ ‏"‏ عن محمد بن عباد، وكذا أخرجه سعيد بن منصور عن ابن عيينة وأورده بلفظ ‏"‏ خمسا ‏"‏ زاد في رواية الحاكم ‏"‏ التفت إلينا فقال إنه من أهل بدر ‏"‏ وقول علي رضي الله عنه ‏"‏ لقد شهد بدرا ‏"‏ يشير إلى أن لمن شهدها فضلا على غيرهم في كل شيء حتى في تكبيرات الجنازة، وهذا يدل على أنه كان مشهورا عندهم أن التكبير أربع وهو قول أكثر الصحابة، وعن بعضهم التكبير خمس، وفي صحيح مسلم عن زيد بن أرقم حديث مرفوع في ذلك‏.‏

وقد تقدم في الجنائز أن أنسا قال ‏"‏ إن التكبير على الجنازة ثلاث، وإن الأولى للاستفتاح ‏"‏ وروى ابن أبي خيثمة من وجه آخر مرفوعا ‏"‏ إنه كان يكبر أربعا وخمسا وستا وسبعا وثمانيا، حتى مات النجاشي فكبر عليه أربعا، وثبت على ذلك حتى مات ‏"‏ وقال أبو عمر‏:‏ انعقد الإجماع على أربع، ولا نعلم من فقهاء الأمصار من قال بخمس إلا ابن أبي ليلى، انتهى‏.‏

وفي ‏"‏ المبسوط ‏"‏ للحنفية عن أبي يونس مثله‏.‏

وقال النووي في ‏"‏ شرح المهذب ‏"‏ كان بين الصحابة خلاف ثم انقرض وأجمعوا على أنه أربع، لكن لو كبر الإمام خمسا لم تبطل صلاته إن كان ناسيا، وكذا إن كان عامدا على الصحيح، لكن لا يتابعه المأموم على الصحيح، والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِي فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ ذَكَرَهَا فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا

الشرح‏:‏

حديث عمر حين تأيمت حفصة‏.‏

وتأيمت بالتحتانية، الثقيلة أي صارت أيما، وهي من مات زوجها‏.‏

وخنيس بخاء معجمة ثم نون مهملة مصغر وهو أخو عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي، وسيأتي شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب النكاح، والغرض منه هنا قوله فيه ‏"‏ قد شهد بدرا ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ أوجد مني عليه ‏"‏ أي أشد غضبا وهو من الموجدة، وإنما قال عمر ذلك لما كان لأبي بكر عنده وله عند أبي بكر من مزيد المحبة والمنزلة، فلذلك كان غضبه منه أشد من غضبه من عثمان‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَدِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ سَمِعَ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَفَقَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ صَدَقَةٌ

الشرح‏:‏

حديث أبي مسعود ‏"‏ نفقة الرجل على أهله صدقة ‏"‏ وسيأتي في كتاب النكاح، والغرض منه إثبات كون أبي مسعود شهد بدرا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا مسلم‏)‏ هو ابن إبراهيم، وعدي هو ابن ثابت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سمع أبا مسعود البدري‏)‏ سيأتي اسمه في الذي يليه‏.‏

واختلف في شهوده بدرا فالأكثر على أنه لم يشهدها، ولم يذكره محمد بن إسحاق ومن اتبعه من أصحاب المغازي في البدريين‏.‏

وقال الواقدي وإبراهيم الحربي‏:‏ لم يشهد بدرا، وإنما نزل بها فنسب إليها، وكذا قال الإسماعيلي‏:‏ لم يصح شهود أبي مسعود بدرا، وإنما كانت مسكنه فقيل له البدري، فأشار إلى أن الاستدلال بأنه شهدها بما يقع في الروايات أنه بدري ليس بقوي، لأنه يستلزم أن يقال لكل من شهد بدرا البدري وليس ذلك مطردا، قلت‏:‏ لم يكتف البخاري في جزمه بأنه شهد بدرا بذلك بل بقوله في الحديث الذي يليه إنه شهد بدرا، فإن الظاهر أنه من كلام عروة بن الزبير وهو حجة في ذلك لكونه أدرك أبا مسعود، وإن كان روي عنه هذا الحديث بواسطة، ويرجح اختيار البخاري ذلك بقول نافع حين حدثه أبو لبابة البدري فإنه نسبه إلى شهود بدر لا إلى نزولها وقد اختار أبو عبيد القاسم بن سلام أنه شهدها ذكره البغوي في معجمه عن عمه علي بن عبد العزيز عنه، وبذلك جزم ابن الكلبي ومسلم في الكنى‏.‏

وقال الطبراني وأبو أحمد الحاكم يقال إنه شهدها‏.‏

وقال البرقي‏:‏ لم يذكره ابن إسحاق في البدريين‏.‏

وفي غير هذا الحديث أنه شهدها انتهى‏.‏

والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي‏.‏

وإنما رجح من نفي شهوده بدرا باعتقاده أن عمدة من أثبت ذلك وصفه بالبدري وأن تلك نسبة إلى نزول بدر لا إلى شهودها، لكن يضعف ذلك تصريح من صرح منهم بأنه شهدها كما في قوله‏:‏ ‏"‏ فدخل عليه أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري جد زيد بن حسن شهد بدرا ‏"‏ قد مضى شرح الحديث في المواقيت من الصلاة، وزيد بن الحسن أي ابن علي بن أبي طالب لأن أمه أم بشير بنت أبي مسعود وكانت قبل الحسن عند سعيد بن زيد، ثم بعد الحسن عند عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يُحَدِّثُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي إِمَارَتِهِ أَخَّرَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ الْعَصْرَ وَهُوَ أَمِيرُ الْكُوفَةِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ جَدُّ زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ شَهِدَ بَدْرًا فَقَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ نَزَلَ جِبْرِيلُ فَصَلَّى فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا أُمِرْتُ كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ بْنُ أَبِي مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ

الشرح‏:‏

مضى شرح الحديث في المواقيت من الصلاة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَتَانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَهُمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَلَقِيتُ أَبَا مَسْعُودٍ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ فَسَأَلْتُهُ فَحَدَّثَنِيهِ

الشرح‏:‏

حديث أبي مسعود في فضل آخر البقرة، وسيأتي شرحه في فضائل القرآن، وشيخه موسى هو ابن إسماعيل التبوذكي، وفي إسناده أربعة من التابعين في نسق كلهم كوفيون‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ هُوَ ابْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ ثُمَّ سَأَلْتُ الْحُصَيْنَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ أَحَدُ بَنِي سَالِمٍ وَهُوَ مِنْ سَرَاتِهِمْ عَنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ الرَّبِيعِ عَنْ عِتْبَانَ بْنِ مَالِكٍ فَصَدَّقَهُ

الشرح‏:‏

ذكر في الحديث طرفا من حديث عتبان بن مالك في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، وشيخه أحمد هو ابن صالح المصري، وعنبسة هو ابن خالد، ويونس هو ابن يزيد، ولم يورد البخاري موضع الحاجة من الحديث وهي قوله في أوله‏:‏ ‏"‏ إن عتبان بن مالك وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا من الأنصار ‏"‏ وقد تقدم في أبواب المساجد من كتاب الصلاة، وكأنه اكتفى بالإيماء إليه كعادته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ وَكَانَ مِنْ أَكْبَرِ بَنِي عَدِيٍّ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ عَلَى الْبَحْرَيْنِ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا وَهُوَ خَالُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَحَفْصَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان من أكبر بني عدي‏)‏ أي ابن كعب بن لؤي، ولم يكن منهم وإنما كان حليفا لهم، ووصفه بكونه أكبر منهم بالنسبة لمن لقيه الزهري منهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان أبوه شهد بدرا‏)‏ هو عامر بن ربيعة المزني، تقدم ذكره في أوائل الهجرة وأنه كان ممن سبق بالهجرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن عمر استعمل قدامة بن مظعون‏)‏ أي ابن حبيب بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحي، وهو أخو عثمان بن مظعون أحد السابقين، ولم يذكر البخاري القصة لكونها موقوفة ليست على شرطه، لأن غرضه ذكر من شهد بدرا فقط، وقد أوردها عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري فزاد ‏"‏ فقدم الجارود العقدي على عمر فقال‏:‏ إن قدامة سكر، فقال‏:‏ من يشهد معك‏؟‏ فقال‏:‏ أبو هريرة، فشهد أبو هريرة أنه رآه سكران يقيء، فأرسل إلى قدامة، فقال له الجارودي‏:‏ أقم عليه الحد‏.‏

فقال له عمر‏:‏ أخصم أنت أم شاهد‏؟‏ فصمت‏.‏

ثم عاوده فقال‏:‏ لتمسكن أو لأسوأنك‏.‏

فقال ليس في الحق أن يشرب ابن عمك وتسوءني‏.‏

فأرسل عمر إلى زوجته هند بنت الوليد فشهدت على زوجها، فقال عمر لقدامة‏:‏ إني أريد أن أحدك، فقال‏:‏ ليس لك ذلك لقول الله عز وجل‏:‏ ‏(‏ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا‏)‏ الآية‏.‏

فقال‏:‏ أخطأت التأويل، فإن بقية الآية ‏(‏إذا ما اتقوا‏)‏ فإنك إذا اتقيت اجتنبت ما حرم الله عليك، ثم أمر به فجلد، فغاضبه قدامة، ثم حجا جميعا، فاستيقظ عمر من نومه فزعا فقال‏:‏ عجلوا بقدامة، أتاني آت فقال‏:‏ صالح قدامة فإنه أخوك، فاصطلحا‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ قَالَ أَخْبَرَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَنَّ عَمَّيْهِ وَكَانَا شَهِدَا بَدْرًا أَخْبَرَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كِرَاءِ الْمَزَارِعِ قُلْتُ لِسَالِمٍ فَتُكْرِيهَا أَنْتَ قَالَ نَعَمْ إِنَّ رَافِعًا أَكْثَرَ عَلَى نَفْسِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبر رافع بن خديج‏)‏ بالرفع على الفاعلية ‏(‏عبد الله بن عمر‏)‏ بالنصب على المفعولية ووقع في رواية المستملي ‏"‏ أخبرني رافع ‏"‏ بزيادة النون والياء وهو خطأ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن عميه‏)‏ هما ظهير ومظهر وقد تقدم ذلك في المزارعة مع شرح الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكانا شهدا بدرا‏)‏ أنكر ذلك الدمياطي وقال‏:‏ إنما شهدا أحدا واعتمد على ابن سعد في ذلك، ومن أثبت شهودهما أثبت ممن نفاه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيَّ قَالَ رَأَيْتُ رِفَاعَةَ بْنَ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأيت رفاعة بن رافع الأنصاري وكان قد شهد بدرا‏)‏ قد تقدم ذكر رفاعة ونسبه في باب شهود الملائكة بدرا، وبقية هذا الحديث أخرجه الإسماعيلي من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة بلفظ ‏"‏ سمع رجلا من أهل بدر يقال له رفاعة بن رافع كبر في صلاته حين دخلها ‏"‏ ومن طريق ابن أبي عدي عن شعبة ولفظه ‏"‏ عن رفاعة رجل من أهل بدر أنه دخل في الصلاة فقال الله أكبر كبيرا ‏"‏ ولم يذكر البخاري ذلك لأنه موقوف ليس من غرضه‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ وَهُوَ حَلِيفٌ لِبَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنْ الْبَحْرَيْنِ فَسَمِعَتْ الْأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِي عُبَيْدَةَ فَوَافَوْا صَلَاةَ الْفَجْرِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا انْصَرَفَ تَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ رَآهُمْ ثُمَّ قَالَ أَظُنُّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِشَيْءٍ قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن عمرو بن عوف‏)‏ هو الأنصاري حليف بني عامر بن لؤي، تقدم حديثه مشروحا في كتاب الجزية، وفي الإسناد صحابيان وتابعيان، وسيأتي في الرقاق بزيادة تابعي ثالث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهَا حَتَّى حَدَّثَهُ أَبُو لُبَابَةَ الْبَدْرِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ فَأَمْسَكَ عَنْهَا

الشرح‏:‏

حديث أبي لبابة وسيأتي شرحه في اللباس، وأبو لبابة ممن ضرب له بسهمه وأجره ولم يحضر القتال‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رِجَالًا مِنْ الْأَنْصَارِ اسْتَأْذَنُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا ائْذَنْ لَنَا فَلْنَتْرُكْ لِابْنِ أُخْتِنَا عَبَّاسٍ فِدَاءَهُ قَالَ وَاللَّهِ لَا تَذَرُونَ مِنْهُ دِرْهَمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن رجالا من الأنصار‏)‏ أي ممن شهد بدرا، لأن العباس كان أسر ببدر كما سيأتي، وكان المشركون أخرجوه معهم إلى بدر، فأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر‏:‏ قد عرفت أن رجالا من بني هاشم قد أخرجوا كرها‏.‏

فمن لقي أحدا منهم فلا يقتله ‏"‏ وروى أحمد من حديث البراء قال‏:‏ ‏"‏ جاء رجل من الأنصار بالعباس قد أسره، فقال العباس‏:‏ ليس هذا أسرني بل أسرني رجل أنزع‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم للأنصاري‏:‏ أيدك الله بملك كريم ‏"‏ واسم هذا الأنصاري أبو اليسر بفتح التحتانية والمهملة، وهو كعب بن عمرو الأنصاري‏.‏

وروى الطبراني من حديث أبي اليسر أنه أسر العباس‏.‏

ومن حديث ابن عباس ‏"‏ قلت لأبي كيف أسرك أبو اليسر‏؟‏ ولو شئت لجعلته في كفك‏.‏

قال‏:‏ لا تقل ذلك يا بني‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلنترك‏)‏ بصيغة الأمر واللام للمبالغة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لابن اختنا عباس‏)‏ أي ابن عبد المطلب، وأم العباس ليست من الأنصار بل جدته أم عبد المطلب هي الأنصارية، فأطلقوا على جدة العباس أختا لكونها منهم، وعلى العباس ابنها لكونها جدته، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد من بني عدي بن النجار ثم من بني الخزرج‏.‏

وأما أم العباس فهي نتيلة بنون ومثناة من فوق ثم لام مصغر بنت جناب - بجيم ونون خفيفة بعد الألف موحدة - من ولد تيم اللات بن النمر بن قاسط، ووهم الكرماني فقال‏:‏ أم العباس بن عبد المطلب كانت من الأنصار، وأخذ ذلك من ظاهر قول الأنصار ‏"‏ ابن أختنا ‏"‏ وليس كما فهمه، بل فيه تجوز كما بينته‏.‏

وروى ابن عائذ في المغازي من طريق مرسل أن عمر لما ولي وثاق الأسرى شد وثاق العباس، فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم يئن فلم يأخذه النوم، فبلغ الأنصار فأطلقوا العباس، فكأن الأنصار لما فهموا رضا رسول الله صلى الله عليه وسلم بفك وثاقه سألوه أن يتركوا له الفداء طلبا لتمام رضاه فلم يجبهم إلى ذلك‏.‏

وأخرج ابن إسحاق من حديث ابن عباس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يا عباس افد نفسك وابن أخويك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن عمرو فإنك ذو مال، قال‏:‏ إني كنت مسلما، ولكن القوم استكرهوني، قال‏:‏ الله أعلم بما تقول إن كنت ما تقول حقا إن الله يجزيك، ولكن ظاهر أمرك أنك كنت علينا ‏"‏ وذكر موسى بن عقبة أن فداءهم كان أربعين أوقية ذهبا، وعند أبي نعيم في ‏"‏ الأوائل ‏"‏ بإسناد حسن من حديث ابن عباس ‏"‏ كان فداء كل واحد أربعين أوقية، فجعل على العباس مائة أوقية، وعلى عقيل ثمانين، فقال له العباس‏:‏ أللقرابة صنعت هذا‏؟‏ قال فأنزل الله تعالى‏:‏ ‏(‏يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم‏)‏ الآية، فقال العباس‏:‏ وددت لو كنت أخذت مني أضعافها لقوله تعالى‏:‏ ‏(‏يؤتكم خيرا مما أخذ منكم‏)‏ ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لا تذرون‏)‏ بفتح الذال المعجمة أي لا تتركون من الفداء شيئا، وزاد الكشميهني في روايته ‏"‏ لا تذرون له ‏"‏ أي للعباس‏.‏

قبل‏:‏ والحكمة في ذلك أنه خشي أن يكون في ذلك محاباة له لكونه عمه لا لكونه قريبهم من النساء فقط، وفيه إشارة إلى أن القريب لا ينبغي له أن يتظاهر بما يؤذي قريبه وإن كان في الباطن يكره ما يؤذيه، ففي ترك قبول ما يتبرع له الأنصار به من الفداء تأديب لمن يقع له مثل ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ ح حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ ثُمَّ الْجُنْدَعِيُّ أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَأَيْتَ إِنْ لَقِيتُ رَجُلًا مِنْ الْكُفَّارِ فَاقْتَتَلْنَا فَضَرَبَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا ثُمَّ لَاذَ مِنِّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ أَسْلَمْتُ لِلَّهِ أَأَقْتُلُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ قَطَعَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَقْتُلْهُ فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَإِنَّكَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ

الشرح‏:‏

حديث المقداد بن الأسود، وفي إسناده ثلاثة من التابعين في نسق وهم مدنيون، وسيأتي شرحه في الديات مع ما يرفع الإشكال في قوله‏:‏ ‏"‏ فإنك بمنزلته ‏"‏ والغرض من إيراده هنا قوله‏:‏ ‏"‏ وكان ممن شهد بدرا ‏"‏ وقد تقدم أنه كان فارسا يومئذ‏.‏

وإسحاق في الطريق الثانية شيخه هو ابن منصور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنَا أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ مَنْ يَنْظُرُ مَا صَنَعَ أَبُو جَهْلٍ فَانْطَلَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ فَوَجَدَهُ قَدْ ضَرَبَهُ ابْنَا عَفْرَاءَ حَتَّى بَرَدَ فَقَالَ آنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ سُلَيْمَانُ هَكَذَا قَالَهَا أَنَسٌ قَالَ أَنْتَ أَبَا جَهْلٍ قَالَ وَهَلْ فَوْقَ رَجُلٍ قَتَلْتُمُوهُ قَالَ سُلَيْمَانُ أَوْ قَالَ قَتَلَهُ قَوْمُهُ قَالَ وَقَالَ أَبُو مِجْلَزٍ قَالَ أَبُو جَهْلٍ فَلَوْ غَيْرُ أَكَّارٍ قَتَلَنِي

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة قتل أبي جهل‏.‏

تقدم شرحه في أوائل هذه الغزوة، والغرض منه هنا بيان كون ابني عفراء شهدا بدرا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِأَبِي بَكْرٍ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى إِخْوَانِنَا مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَقِينَا مِنْهُمْ رَجُلَانِ صَالِحَانِ شَهِدَا بَدْرًا فَحَدَّثْتُ بِهِ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ هُمَا عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ

الشرح‏:‏

ذكر طرفا من حديث السقيفة والغرض منه ذكر عويم بن ساعدة ومعن بن عدي في أهل بدر فأما عويم فهو بالمهملة مصغر ابن ساعدة بن عياش بتحتانية ومعجمة ابن قيس بن النعمان وهو أوسي من بني عمرو بن عوف‏.‏

وأما معن فهو بفتح الميم وسكون المهملة أي ابن عدي بن الجد بن عجلان أخو عاصم بن عدي، وهو بكري من حلفاء بني عمرو بن عوف‏.‏

وموسى شيخه هو ابن إسماعيل، وعبد الواحد هو ابن زياد، وعبيد الله أي ابن عتبة بن مسعود، وقد مضى شرح حديث السقيفة في المناقب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ فُضَيْلٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ كَانَ عَطَاءُ الْبَدْرِيِّينَ خَمْسَةَ آلَافٍ خَمْسَةَ آلَافٍ وَقَالَ عُمَرُ لَأُفَضِّلَنَّهُمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن إسماعيل‏)‏ هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كان عطاء البدريين خمسة آلاف‏)‏ أي المال الذي يعطاه كل واحد منهم في كل سنة من عهد عمر فمن بعده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال عمر لأفضلنهم‏)‏ أي على غيرهم في زيادة العطاء، وفي حديث مالك بن أوس عن عمر ‏"‏ أنه أعطى المهاجرين خمسة آلاف خمسة آلاف، والأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف، وفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأعطى كل واحده اثني عشر ألفا‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي

الشرح‏:‏

حديث جبير بن مطعم في القراءة في المغرب بالطور، تقدم شرحه في الصلاة، وقد عزا المزي في ‏"‏ الأطراف ‏"‏ طريق إسحاق بن منصور هذه إلى التفسير فوهم، وهي في المغازي كما ترى، ووجه إيراده هنا ما تقدم في الجهاد أنه كان قدم في أسارى بدر، أي في طلب فدائهم‏.‏

الحديث‏:‏

وَعَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ الْأُولَى يَعْنِي مَقْتَلَ عُثْمَانَ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ بَدْرٍ أَحَدًا ثُمَّ وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ الثَّانِيَةُ يَعْنِي الْحَرَّةَ فَلَمْ تُبْقِ مِنْ أَصْحَابِ الْحُدَيْبِيَةِ أَحَدًا ثُمَّ وَقَعَتْ الثَّالِثَةُ فَلَمْ تَرْتَفِعْ وَلِلنَّاسِ طَبَاخٌ

الشرح‏:‏

حديث جبير بن مطعم أيضا، وهو موصول بالإسناد الذي قبله، والمطعم هو والد جبير المذكور، والمراد بالنتنى - جمع نتن وهو بالنون والمثناة - أسارى بدر من المشركين، وقوله ‏"‏ليتركنهم له ‏"‏ أي بغير فداء، وبين ابن شاهين من وجه آخر السبب في ذلك وأن المراد باليد المذكورة ما وقع منه حين رجع النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف ودخل في جوار المطعم بن عدي، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة، وكذلك أوردها الفاكهي بإسناد حسن مرسل وفيه ‏"‏ أن المطعم أمر أربعة من أولاده فلبسوا السلاح، وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة‏.‏

فبلغ ذلك قريشا فقالوا له‏:‏ أنت الرجل الذي لا تخفر ذمتك ‏"‏ وقيل المراد باليد المذكورة أنه كان من أشد من قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في أوائل السيرة، وروى الطبراني من طريق محمد بن صالح التمار عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه قال قال المطعم بن عدي لقريش‏:‏ إنكم قد فعلتم بمحمد ما فعلتم، فكونوا أكف الناس عنه ‏"‏ وذلك بعد الهجرة ثم مات المطعم بن عدي قبل وقعة بدر وله بضع وتسعون سنة، وذكر الفاكهي بإسناد مرسل أن حسان بن ثابت رثاه لما مات مجازاة له على ما صنع للنبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وروى الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم بإسناد صحيح عن علي قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر فقال‏:‏ خير أصحابك في الأسرى‏:‏ إن شاءوا الفداء على أن يقتل منهم عاما مقبلا مثلهم، قالوا‏:‏ الفداء ويقتل منا‏"‏‏.‏

وأخرج مسلم هذه القصة مطولة من حديث عمر ذكر فيها السبب ‏"‏ هو أنه قال ما ترون في هؤلاء الأسرى‏؟‏ فقال أبو بكر‏:‏ أرى أن نأخذ منهم فدية تكون قوة لنا، وعسى الله أن يهديهم‏.‏

فقال عمر‏:‏ أرى أن تمكنا منهم فتضرب أعناقهم، فإن هؤلاء أئمة الكفر‏.‏

فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ‏"‏ الحديث، وفيه نزول قوله تعالى ‏(‏ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض‏)‏ وقد تقدم نقل خلاف الأئمة في جواز فداء أسرى الكفار بالمال في باب ‏(‏فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها‏)‏ من كتاب الجهاد، وقد اختلف السلف في أي الرأيين كان أصوب‏؟‏ فقال بعضهم كان رأي أبي بكر لأنه وافق ما قدر الله في نفس الأمر ولما استقر الأمر عليه، ولدخول كثير منهم في الإسلام إما بنفسه وإما بذريته التي ولدت له بعد الوقعة، ولأنه وافق غلبة الرحمة على الغضب كما ثبت ذلك عن الله في حق من كتب له الرحمة، وأما العتاب على الأخذ ففيه إشارة إلى ذم من آثر شيئا من الدنيا على الآخرة ولو قل، والله أعلم‏.‏

الحديث السابع والعشرون‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال الليث عن يحيى بن سعيد‏)‏ لم يقع لي هذا الأثر من طريق الليث، وصله أبو نعيم في ‏"‏ المستخرج ‏"‏ من طريق أحمد بن حنبل ‏"‏ عن يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري ‏"‏ نحوه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقعت الفتنة الأولى‏)‏ يعني مقتل عثمان فلم تبق من أصحاب بدرا أحدا، أي أنهم ماتوا منذ قامت الفتنة بمقتل عثمان إلى أن قامت الفتنة الأخرى بوقعة الحرة، وكان آخر من مات من البدريين سعد بن أبي وقاص، ومات قبل وقعة الحرة ببضع سنين، وغفل من زعم أن قوله في الخبر ‏"‏ يعني مقتل عثمان ‏"‏ غلط مستندا إلى أن عليا وطلحة والزبير وغيرهم من البدريين عاشوا بعد عثمان زمانا، لأنه ظن أن المراد أنهم قتلوا عند مقتل عثمان، وليس ذلك مرادا، وقد أخرج ابن أبي خيثمة هذا الأثر من وجه آخر عن يحيى بن سعيد بلفظ ‏"‏ وقعت فتنة الدار ‏"‏ الحديث، وفتنة الدار هي مقتل عثمان، وزعم الداودي أن المراد بالفتنة الأولى مقتل الحسين بن علي، وهو خطأ فإن في زمن مقتل الحسين بن علي لم يكن أحد من البدريين موجودا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم وقعت الفتنة الثانية يعني الحرة إلخ‏)‏ كانت الحرة في آخر زمن يزيد بن معاوية، وسيأتي شيء من خبرها في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم وقعت الثالثة‏)‏ كذا في الأصول، ووقع في رواية ابن أبي خيثمة ‏"‏ ولو قد وقعت الثالثة ‏"‏ ورجحها الدمياطي بناء على أن يحيى بن سعيد قال ذلك قبل أن تقع الثالثة، ولم يفسر الثالثة كما فسر غيرها، وزعم الداودي أن المراد بها فتنة الأزارقة، وفيه نظر لأن الذي يظهر أن يحيى بن سعيد أراد الفتن التي وقعت بالمدينة دون غيرها، وقد وقعت فتنة الأزارقة عقب موت يزيد بن معاوية واستمرت أكثر من عشرين سنة‏.‏

وذكر ابن التين أن مالكا روى عن يحيى بن سعيد الأنصاري قال ‏"‏ لم تترك الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم إلا يوم قتل عثمان ويوم الحرة ‏"‏ قال مالك ‏"‏ ونسيت الثالثة ‏"‏ قال ابن عبد الحكم‏:‏ هو يوم خروج أبي حمزة الخارجي، قلت‏:‏ كان ذلك في خلافة مروان بن محمد بن مروان بن الحكم سنة ثلاثين ومائة، وكان ذلك قبل موت يحيى بن سعيد بمدة‏.‏

ثم وجدت ما أخرجه الدار قطني في غرائب مالك بإسناد صحيح إليه عن يحيى بن سعيد نحو هذا الأثر وقال في آخره ‏"‏ وإن وقعت الثالثة لم ترتفع وبالناس طباخ ‏"‏ وأخرجه ابن أبي خيثمة بلفظ ‏"‏ ولو وقعت ‏"‏ وهذا بخلاف الجزم بالثالثة في حديث الباب، ويمكن بأن يكون يحيى بن سعيد قال هذا أولا ثم وقعت الفتنة الثالثة المذكورة وهو حي فقال ما نقله عنه الليث بن سعد، وقوله ‏"‏طباخ ‏"‏ بفتح المهملة والموحدة الخفيفة وآخره معجمة أي قوة، قال الخليل‏:‏ أصل الطباخ السمن والقوة، ويستعمل في العقل والخير، قال حسان‏:‏ المال يغشى رجالا لا طباخ لهم كالسيل يغشى أصول الدندن البالي انتهى‏.‏

والدندن بكسر المهملتين وسكون النون الأولى ما اسود من النبات‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ سَمِعْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ وَسَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ الْحَدِيثِ قَالَتْ فَأَقْبَلْتُ أَنَا وَأُمُّ مِسْطَحٍ فَعَثَرَتْ أُمُّ مِسْطَحٍ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ تَعِسَ مِسْطَحٌ فَقُلْتُ بِئْسَ مَا قُلْتِ تَسُبِّينَ رَجُلًا شَهِدَ بَدْرًا فَذَكَرَ حَدِيثَ الْإِفْكِ

الشرح‏:‏

ذكر طرفا من حديث الإفك المذكور في هذا السند، وسيأتي شرحه في التفسير مستوفى، والغرض منه شهادة عائشة لمسطح بأنه من أهل بدر، وهو مسطح بن أثاثة بضم الهمزة وتخفيف المثلثة ابن عباد بن المطلب وليس لعبد الله بن عمر النميري عند البخاري غير هذا الحديث‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ هَذِهِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُلْقِيهِمْ هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالَ مُوسَى قَالَ نَافِعٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُنَادِي نَاسًا أَمْوَاتًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا قُلْتُ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ فَجَمِيعُ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ قُرَيْشٍ مِمَّنْ ضُرِبَ لَهُ بِسَهْمِهِ أَحَدٌ وَثَمَانُونَ رَجُلًا وَكَانَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ يَقُولُ قَالَ الزُّبَيْرُ قُسِمَتْ سُهْمَانُهُمْ فَكَانُوا مِائَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن شهاب قال‏:‏ هذه مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الحديث‏)‏ أي ما حمله موسى بن عقبة عن ابن شهاب من ذلك‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو يلقيهم‏)‏ بتشديد القاف المكسورة بعدها تحتانية ساكنة‏.‏

وفي رواية المستملي بسكون اللام وتخفيف القاف من الإلقاء وفي رواية الكشميهني بعين مهملة ونون من اللعن، وكذا هو في ‏"‏ مغازي موسى بن عقبة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال موسى بن عقبة‏)‏ هو بالإسناد المذكور إليه، وعبد الله هو ابن عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال ناس من أصحابه‏)‏ تقدم شرحه وأن ممن خاطبه بذلك عمر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجميع من شهد بدرا من قريش‏)‏ هو بقية كلام موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وقوله ‏(‏ممن ضرب له بسهمه أحد وثمانون‏)‏ يريد بقوله ‏"‏ ضرب له بسهمه ‏"‏ أي أعطاه نصيبا من الغنيمة وإن لم يشهدها لعذر له فصيره كمن شهدها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وكان عروة بن الزبير يقول‏)‏ هو بقية كلام موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وقد استظهر له المصنف بالحديث الذي بعده، لكن العدد الذي ذكره يغاير حديث البراء الماضي في أوائل هذه القصة وهي قوله ‏"‏ أن المهاجرين كانوا زيادة على ستين ‏"‏ فيجمع بينهما بأن حديث البراء أورده فيمن شهدها حسا، وحديث الباب فيمن شهدها حسا وحكما‏.‏

ويحتمل أن يكون المراد بالعدد الأول الأحرار والثاني بانضمام مواليهم وأتباعهم، وقد سرد ابن إسحاق أسماء من شهد بدرا من المهاجرين وذكر معهم حلفاءهم ومواليهم فبلغوا ثلاثة وثمانين رجلا، وزاد عليه ابن هشام في ‏"‏ تهذيب السيرة ‏"‏ ثلاثة‏.‏

وأما الواقدي فسردهم خمسة وثمانين رجلا‏.‏

وروى أحمد والبزار والطبراني من حديث ابن عباس ‏"‏ أن المهاجرين ببدر كانوا سبعة وسبعين رجلا ‏"‏ فلعله لم يذكر من ضرب له بسهم ممن لم يشهدها حسا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ قَالَ ضُرِبَتْ يَوْمَ بَدْرٍ لِلْمُهَاجِرِينَ بِمِائَةِ سَهْمٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أخبرنا هشام‏)‏ هو ابن يوسف الصنعاني‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ضربت يوم بدر للمهاجرين بمائة سهم‏)‏ عند ابن عائذ من طريق أبي الأسود عن عروة ‏"‏ سألت الزبير على كم سهم جاء للمهاجرين يوم بدر‏؟‏ قال على مائة سهم ‏"‏ قال الداودي هذا يغاير قوله ‏"‏ كانوا إحدى وثمانين ‏"‏ قال فإن كان قوله بمائة سهم من كلام الزبير فلعله دخله شك في العدد، ويحتمل أن يكون من قول الراوي عنه، قال‏:‏ وإنما كانوا على التحرير أربعة وثمانين، وكان معهم ثلاثة أفراس فأسهم لها سهمين سهمين، وضرب لرجال كان أرسلهم في بعض أمره بسهامهم فصح أنها كانت مائة بهذا الاعتبار‏.‏

قلت‏:‏ هذا الذي قاله أخيرا لا بأس به، لكن ظهر أن إطلاق المائة إنما هو باعتبار الخمس، وذلك أنه عزل خمس الغنيمة ثم قسم ما عداه على الغانمين على ثمانين سهما عدد من شهدها ومن ألحق بهم، فإذا أضيف إليه الخمس كان ذلك من حساب مائة سهم، والله أعلم‏.‏