فصل: باب السَّرَاوِيلِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الْأَرْدِيَةِ

وَقَالَ أَنَسٌ جَبَذَ أَعْرَابِيٌّ رِدَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الأردية‏)‏ جمع رداء بالمد وهو ما يوضع على العاتق أو بين الكتفين من الثياب على أي صفة كان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس جبذ أعرابي رداء النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ بجيم وموحدة ومعجمة‏.‏

وهذا طرف من حديث وصله المؤلف بعد أبواب في ‏"‏ باب البرود والحبرة‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيّاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنُوا لَهُمْ

الشرح‏:‏

ذكر طرفا من حديث علي قال‏:‏ ‏"‏ فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بردائه فارتدى ‏"‏ وهو طرف من حديثه في قصة حمزة والشارفين، وقد تقدم بتمامه في فرض الخمس، وقوله‏:‏ ‏"‏ فدعا ‏"‏ عطف على ما ذكر في أول الحديث وهو قول علي ‏"‏ كان لي شارف من نصيبي من المغنم يوم بدر ‏"‏ الحديث بطوله وقوله هنا‏:‏ ‏"‏ فاستأذن فأذنوا لهم ‏"‏ كذا للأكثر بصيغة الجمع والمراد حمزة ومن معه‏.‏

وفي رواية المستملي ‏"‏ فأذن ‏"‏ بالإفراد والمراد حمزة لكونه كان كبير القوم‏.‏

*3*باب لُبْسِ الْقَمِيصِ

وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ يُوسُفَ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لبس القميص‏.‏

وقال الله تعالى حكاية عن يوسف‏:‏ ‏(‏اذهبوا بقميص هذا فألقوه على وجه أبي‏)‏‏)‏ كأنه يشير إلى أن لبس القميص ليس حادثا، وإن كان الشائع في العرب لبس الإزار والرداء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا الْخُفَّيْنِ إِلَّا أَنْ لَا يَجِدَ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ مَا هُوَ أَسْفَلُ مِنْ الْكَعْبَيْنِ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر فيما يلبس المحرم من الثياب، وقد مضى شرحه في الحج مستوفى، وفيه ‏"‏ لا يلبس المحرم القميص ‏"‏ وفيه دلالة على وجود القمصان حينئذ‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ قَبْرَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ وَوُضِعَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ فَاللَّهُ أَعْلَمُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الله بن عثمان‏)‏ هو المروزي الملقب عبدان، زاد القابسي ‏"‏ عبد الله بن عثمان بن محمد ‏"‏ وهو تحريف، وليس في شيوخ البخاري من اسمه عبد الله بن عثمان إلا عبدان، وجده هو جبلة بن أبي رواد، ووقع في رواية أبي زيد المروزي ‏"‏ عبد الله بن محمد ‏"‏ فإن كان ضبطه فلعله اختلاف على البخاري، وفي شيوخه عبد الله بن محمد الجعفي وهو أشهرهم وابن أبي شيبة، وأكثر ما يجيء أبوه عنده غير مسمى، وابن أبي الأسود كذلك، وعبد الله بن محمد بن أسماء وليست له رواية عنده عن ابن عيينة، وعبد الله بن محمد النفيلي كذلك، وقد مضى شرحه في تفسير سورة براءة أورده هنا مختصرا إلى قوله‏:‏ ‏"‏ وألبسه قميصه ‏"‏ فالله أعلم‏.‏

وهذه الكلمة الأخيرة من جملة الحديث قالها جابر، وقد وقعت في كلام عمر أيضا في هذه القصة كما تقدم في تفسير براءة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا صَدَقَةُ أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَقَالَ إِذَا فَرَغْتَ مِنْهُ فَآذِنَّا فَلَمَّا فَرَغَ آذَنَهُ بِهِ فَجَاءَ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَجَذَبَهُ عُمَرُ فَقَالَ أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكَ اللَّهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ فَنَزَلَتْ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ

الشرح‏:‏

حديث ابن عمر في قصة عبد الله بن أبي أيضا وقد تقدم شرحه أيضا‏.‏

‏(‏تكملة‏)‏ ‏:‏ قال ابن العربي‏:‏ لم أر للقميص ذكرا صحيحا إلا في الآية المذكورة وقصة ابن أبي ولم أر لهما ثالثا فيما يتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم، قال هذا في كتابه ‏"‏ سراج المريدين ‏"‏ وكأنه صنفه قبل ‏"‏ شرح الترمذي ‏"‏ فلم يستحضر حديث أم سلمة ولا حديث أبي هريرة ‏"‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس قميصا بدا بميامنه ‏"‏ ولا حديث أسماء بنت يزيد ‏"‏ كانت يد كم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ ‏"‏ ولا حديث معاوية بن قرة بن إياس المزني ‏"‏ حدثني أبي قال‏:‏ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق، فبايعته، ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم ‏"‏ ولا حديث أبي سعيد ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه قميصا أو عمامة أو رداء ثم يقول‏:‏ اللهم لك الحمد ‏"‏ وكلها في السنن، وأكثرها في الترمذي، وفي الصحيحين حديث عائشة ‏"‏ كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمسة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة ‏"‏ وحديث أنس ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير لحكة كانت به ‏"‏ وحديث ابن عمر رفعه ‏"‏ لا يلبس المحرم القميص ولا العمائم ‏"‏ الحديث وغير ذلك‏.‏

*3*باب جَيْبِ الْقَمِيصِ مِنْ عِنْدِ الصَّدْرِ وَغَيْرِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب جيب القميص من عند الصدر وغيره‏)‏ الجيب بفتح الجيم وسكون التحتانية بعدها موحدة هو ما يقطع من الثوب ليخرج منه الرأس أو اليد أو غير ذلك، واعترضه الإسماعيلي فقال‏:‏ الجيب الذي يحيط بالعنق، جيب الثوب أي جعل فيه ثقب، وأورده البخاري على أنه ما يجعل في الصدر ليوضع فيه الشيء، وبذلك فسره أبو عبيد، لكن ليس هو المراد هنا، وإنما الجيب الذي أشار إليه في الحديث هو الأول، كذا قال، وكأنه يعني ما وقع في الحديث من قوله‏:‏ ‏"‏ ويقول بإصبعه هكذا في جيبه ‏"‏ فإن الظاهر أنه كان لابس قميص، وكان في طوقه فتحة إلى صدره، ولا مانع من حمله على المعنى الآخر، بل استدل به ابن بطال على أن الجيب في ثياب السلف كان عند الصدر، قال‏:‏ وهو الذي تصنعه النساء بالأندلس‏.‏

وموضع الدلالة منه أن البخيل إذا أراد إخراج يده أمسكت في الموضع الذي ضاق عليها وهو الثدي والتراقي، وذلك في الصدر، قال‏:‏ فبان أن جيبه كان في صدره، لأنه لو كان في يده لم تضطر يداه إلى ثدييه وتراقيه‏.‏

قلت‏:‏ وفي حديث قرة بن إياس الذي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه هو وابن حبان لما بايع النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ قال فأدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم ‏"‏ ما يقتضي أن جيب قميصه كان في صدره لأن في أول الحديث أنه رآه مطلق القميص أي غير مزرور‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلَ الْبَخِيلِ وَالْمُتَصَدِّقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ قَدْ اضْطُرَّتْ أَيْدِيهِمَا إِلَى ثُدِيِّهِمَا وَتَرَاقِيهِمَا فَجَعَلَ الْمُتَصَدِّقُ كُلَّمَا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ انْبَسَطَتْ عَنْهُ حَتَّى تَغْشَى أَنَامِلَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ وَجَعَلَ الْبَخِيلُ كُلَّمَا هَمَّ بِصَدَقَةٍ قَلَصَتْ وَأَخَذَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ بِمَكَانِهَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَنَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا فِي جَيْبِهِ فَلَوْ رَأَيْتَهُ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَوَسَّعُ تَابَعَهُ ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ فِي الْجُبَّتَيْنِ وَقَالَ حَنْظَلَةُ سَمِعْتُ طَاوُساً سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ جُبَّتَانِ وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ الْأَعْرَجِ جُبَّتَانِ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة مثل البخيل والمتصدق، وقد مضى شرحه مستوفى في كتاب الزكاة، وقوله في هذه الرواية ‏"‏ مادت ‏"‏ بتخفيف الدال أي مالت، ولبعض الرواة ‏"‏ مارت ‏"‏ بالراء بدل الدال أي سالت وقوله‏:‏ ‏"‏ ثديهما ‏"‏ بضم المثلثة على الجمع وبفتحها على التثنية، وقوله‏:‏ ‏"‏ يغشى ‏"‏ بضم أوله والتشديد ويجوز فتح أول وسكون ثانيه بمعنى، وعبد الله بن محمد هو الجعفي وأبو عامر هو القعدي والحسن هو ابن مسلم بن يناق وقد تقدم ضبط اسم جده قريبا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وتراقيهما‏)‏ جمع ترقوة بفتح المثناة وضم القاف هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق‏.‏

وقال ثابت بن قاسم في ‏"‏ الدلائل ‏"‏ الترقوتان العظمان المشرفان في أعلى الصدر إلى طرف ثغرة النحر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلو رأيته‏)‏ جوابه محذوف وتقديره لتعجبت منه، أو هو للتمني‏.‏

والأول أوضح‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يقول بإصبعه هكذا في جيبه‏)‏ كذا للأكثر بفتح الجيم وهو الموافق للترجمة، وكذا في رواية مسلم وعليه اقتصر الحميدي، وللكشميهني وحده بضم الجيم وتشديد الموحدة بعدها مثناة ثم ضمير، والأول أولى لدلالته على الموضع بخصوصه بخلاف الثاني‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه ابن طاوس‏)‏ يعني عبد الله ‏(‏عن أبيه‏)‏ يعني عن أبي هريرة، وقد تقدم موصولا في الزكاة، ولم يسقه بتمامه فيه بل ساقه في الجهاد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأبو الزناد عن الأعرج‏)‏ يعني عن أبي هريرة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في الجبتين‏)‏ يعني بالموحدة وقد بينت اختلاف الرواة في ذلك هل هو بالموحدة أو النون في كتاب الزكاة، ورواية أبي الزناد وصلها المؤلف في الزكاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال حنظلة‏)‏ هو ابن أبي سفيان، وقد سبق القول فيه أيضا في الزكاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال جعفر بن ربيعة‏)‏ كذا للأكثر وهو الصواب، ووقع في رواية أبي ذر‏:‏ وقال جعفر بن حبان وكذا وقع عند ابن بطال وهو خطأ، وقد ذكرها في الزكاة أيضا تعليقا بزيادة فقال‏:‏ ‏"‏ وقال الليث حدثني جعفر ‏"‏ وبينت هناك أن لليث فيه إسنادا آخر من رواية عيسى بن حماد عنه عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد‏.‏

*3*باب مَنْ لَبِسَ جُبَّةً ضَيِّقَةَ الْكُمَّيْنِ فِي السَّفَرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر‏)‏ ترجم له في الصلاة ‏"‏ في الجبة الشامية ‏"‏ وفي الجهاد ‏"‏ الجبة في السفر والحرب ‏"‏ وكأنه يشير إلى أن لبس النبي صلى الله عليه وسلم الجبة الضيقة إنما كان لحال السفر لاحتياج المسافر إلى ذلك وأن السفر يغتفر فيه لبس غير المعتاد في الحضر، وقد تواردت الأحاديث عمن وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وليس في شيء منها أن كميه ضاقا عن إخراج يديه منهما، أشار إلى ذلك ابن بطال‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الضُّحَى قَالَ حَدَّثَنِي مَسْرُوقٌ قَالَ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ قَالَ انْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ فَتَلَقَّيْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ فَذَهَبَ يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ فَكَانَا ضَيِّقَيْنِ فَأَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَعَلَى خُفَّيْهِ

الشرح‏:‏

حديث المغيرة في مسح الخفين، تقدم شرحه في الطهارة وفيه القصة المذكورة، وفيه‏:‏ ‏"‏ وعليه جبة شامية ‏"‏ وهي بتشديد الياء ويجوز تخفيفها، وعبد الواحد المذكور في سنده هو ابن زياد، وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ فأخرج يديه من تحت بدنه ‏"‏ بفتح الموحدة والمهملة بعدها نون أي جبته، ووقع كذلك في رواية أبي علي بن السكن، والبدن درع ضيقة الكمين‏.‏

*3*باب لُبْسِ جُبَّةِ الصُّوفِ فِي الْغَزْوِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب لبس جبة الصوف‏)‏ ذكر فيه حديث المغيرة المشار إليه من وجه آخر عنه وساقه عنه أتم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي سَفَرٍ فَقَالَ أَمَعَكَ مَاءٌ قُلْتُ نَعَمْ فَنَزَلَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَمَشَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فِي سَوَادِ اللَّيْلِ ثُمَّ جَاءَ فَأَفْرَغْتُ عَلَيْهِ الْإِدَاوَةَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مِنْ صُوفٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُخْرِجَ ذِرَاعَيْهِ مِنْهَا حَتَّى أَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ أَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا

الشرح‏:‏

زكريا المذكور فيه هو ابن أبي زائدة وعامر هو الشعبي، قال ابن بطال‏:‏ كره مالك لبس الصوف لمن يجد غيره لما فيه من الشهرة بالزهد لأن إخفاء العمل أولى، قال ولم ينحصر التواضع في لبسه بل في القطن وغيره ما هو بدون ثمنه‏.‏

*3*باب الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ

وَهُوَ الْقَبَاءُ وَيُقَالُ هُوَ الَّذِي لَهُ شَقٌّ مِنْ خَلْفِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القباء‏)‏ بفتح القاف وبالموحدة ممدود فارسي معرب، وقيل‏:‏ عربي واشتقاقه من القبو وهو الضم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وفروج حرير‏)‏ بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وآخره جيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو القباء‏)‏ قلت ووقع كذلك مفسرا في بعض طرق الحديث كما سأبينه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ويقال هو الذي له شق من خلفه‏)‏ أي فهو قباء مخصوص، وبهذا جزم أبو عبيد ومن تبعه من أصحاب الغريب نظرا لاشتقاقه‏.‏

وقال ابن فارس‏:‏ هـو قميص الصبي الصغير‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ القباء والفروج كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط مشقوق من خلف يلبس في السفر والحرب لأنه أعون على الحركة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبِيَةً وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئاً فَقَالَ مَخْرَمَةُ يَا بُنَيِّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَقَالَ ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي قَالَ فَدَعَوْتُهُ لَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا فَقَالَ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ قَالَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ رَضِيَ مَخْرَمَةُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن أبي مليكة‏)‏ في رواية أحمد عن أبي النضر هاشم عن الليث حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة وسيأتي كذلك في ‏"‏ باب المزرور بالذهب ‏"‏ معلقا‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن المسور بن مخرمة‏)‏ هكذا أسنده الليث، وتابعه حاتم بن وردان عن أيوب عن ابن أبي مليكة على وصله كما تقدم في الشهادات، وأرسله حماد بن زيد كما تقدم في الخمس، وإسماعيل بن علية كما سيأتي في الأدب، كلاهما عن أيوب، وقد تقدم الكلام على ذلك في ‏"‏ باب قسمة الإمام ما يقدم عليه ‏"‏ من كتاب الخمس‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قسم النبي صلى الله عليه وسلم أقبية‏)‏ في رواية حاتم قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم أقبية وفي رواية حماد ‏"‏ أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم أقبية من ديباج مزرورة بالذهب فقسمها في ناس من أصحابه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ولم يعط مخرمة شيئا‏)‏ أي في حال تلك القسمة‏.‏

وإلا فقد وقع في رواية حماد بن زيد متصلا بقوله من أصحابه ‏"‏ وعزل منها واحدا لمخرمة ‏"‏ ومخرمة هـو والد المسور، وهو ابن نوفل الزهري، كان من رؤساء قريش ومن العارفين بالنسب وأنصاب الحرم، وتأخر إسلامه إلى الفتح، وشهد حنينا وأعطي من تلك الغنيمة مع المؤلفة، ومات سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وخمس عشرة سنة ذكره ابن سعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏انطلق بنا‏)‏ في رواية حاتم ‏"‏ عسى أن يعطينا منها شيئا‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ادخل فادعه لي‏)‏ في رواية حاتم ‏"‏ فقام أبي على الباب فتكلم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم صوته ‏"‏ قال ابن التين‏:‏ لعل خروج النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع صوت مخرمة صادف دخول المسور إليه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فخرج إليه وعليه قباء منها‏)‏ ظاهره استعمال الحرير، قيل‏:‏ ويجوز أن يكـون قبل النهي، ويحتمل أن يكون المراد أنه نشره على أكتافه ليراه مخرمة كله ولم يقصد لبسه‏.‏

قلت‏:‏ ولا يتعين كونه على أكتافه بل يكفي أن يكون منشورا على يديه فيكون قوله عليه من إطلاق الكل على البعض، وقد وقع في رواية حاتم ‏"‏ فخرج ومعه قباء وهو يريه محاسنه ‏"‏ وفي رواية حماد ‏"‏ فتلقاه به واستقبله بأزراره‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏خبأت هذا لك‏)‏ في رواية حاتم تكرار ذلك، زاد في رواية حماد ‏"‏ يا أبا المسور ‏"‏ هكذا دعاه أبا المسور وكأنه على سبيل التأنيس له بذكر ولده الذي جاء صحبته، وإلا فكنيته في الأصل أبو صفوان وهو أكبر أولاده، ذكر ذلك ابن سعد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنظر إليه فقال رضي مخرمة‏)‏ زاد في رواية هاشم ‏"‏ فأعطاه إياه‏"‏، وجزم الداودي أن قوله‏:‏ ‏"‏ رضي مخرمة ‏"‏ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رجحت في الهبة أنه من كلام مخرمة، زاد حماد في آخر الحديث ‏"‏ وكان في خلقه شدة ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ يستفاد منه استئلاف أهل اللسن ومن في معناهم بالعطية والكلام الطيب، وفيه الاكتفاء في الهبة بالقبض، وقد تقدم البحث فيه هناك، وتقدم في كتاب الشهادات الاستدلال به على جواز شهادة الأعمى لأن النبي صلى الله عليه وسلم عرف صوت مخرمة فاعتمد على معرفته به، وخرج إليه ومعه القباء الذي خبأه له، واستنبط بعض المالكية منه جواز الشهادة على الخط، وتعقب بأن الخطوط تشتبه أكثر مما تشتبه الأصوات، وقد تقدم بقية ما يتعلق بذلك في الشهادات، وفيه رد على من زعم أن المسور لا صحبة له‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُّوجُ حَرِيرٍ فَلَبِسَهُ ثُمَّ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَزَعَهُ نَزْعاً شَدِيداً كَالْكَارِهِ لَهُ ثُمَّ قَالَ لَا يَنْبَغِي هَذَا لِلْمُتَّقِينَ تَابَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ عَنْ اللَّيْثِ وَقَالَ غَيْرُهُ فَرُّوجٌ حَرِيرٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن يزيد بن أبي حبيب‏)‏ في رواية أحمد عن حجاج هو ابن محمد، وهاشم هو ابن القاسم عن الليث ‏"‏ حدثني يزيد بن أبي حبيب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن أبي الخير‏)‏ هو مرثد بن عبد الله اليزني وثبت كذلك في رواية أحمد المذكورة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ هو الجهني وصرح به في رواية عبد الحميد بن جعفر ومحمد بن إسحاق كلاهما عن يزيد بن أبي حبيب عند أحمد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فروج حرير‏)‏ في رواية ابن إسحاق عند أحمد فروج من حرير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم صلى فيه‏)‏ زاد في رواية ابن إسحاق وعبد الحميد عند أحمد ‏"‏ ثم صلى فيه المغرب‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم انصرف‏)‏ في رواية ابن إسحاق ‏"‏ فلما قضى صلاته ‏"‏ وفي رواية عبد الحميد ‏"‏ فلما سلم من صلاته ‏"‏ وهو المراد بالانصراف في رواية الليث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فنزعه نزعا شديدا‏)‏ زاد أحمد في روايته عن حجاج وهاشم ‏"‏ عنيفا ‏"‏ أي بقوة ومبادرة لذلك على خلاف عادته في الرفق والتأني، وهو مما يؤكد أن التحريم وقع حينئذ‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏كالكاره له‏)‏ زاد أحمد في رواية عبد الحميد بن جعفر ‏"‏ ثم ألقاه، فقلنا يا رسول الله قد لبسته وصليت فيه‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم قال لا ينبغي هذا‏)‏ يحتمل أن تكون الإشارة للبس، ويحتمل أن تكون للحرير فيتناول غير اللبس من الاستعمال كالافتراش‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏للمتقين‏)‏ قال ابن بطال‏:‏ يمكن أن يكون نزعه لكونه كان حريرا صرفا، ويمكن أن يكون نزعه لأنه من جنس لباس الأعاجم، وقد ورد حديث ابن عمر رفعه ‏"‏ من تشبـه بقوم فهو منهم ‏"‏ قلت‏:‏ أخرجه أبو داود بسند حسن‏.‏

وهذا التردد مبني على تفسير المراد بالمتقين، فإن كان المراد به مطلق المؤمن حمل على الأول وإن كان المراد به قدرا زائدا على ذلك حمل على الثاني والله أعلم‏.‏

قال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة‏:‏ اسم التقوى يعم جميع المؤمنين، لكن الناس فيه على درجات، قال الله ‏(‏ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات‏)‏ الآية، فكل من دخل في الإسلام فقد اتقى، أي وقى نفسه من الخلود في النار، وهذا مقام العموم، وأما مقام الخصوص فهو مقام الإحسان كما قال صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أن تعبد الله كأنك تراه ‏"‏ انتهى‏.‏

وقد رجح عياض أن المنع فيه لكونه حريرا، واستدل لذلك بحديث جابر الذي أخرجه مسلم في الباب من حديث عقبة، وقد قدمت ذكره في كتاب الصلاة، وبينت هناك أن هذه القصة كانت مبتدأ تحريم لبس الحرير‏.‏

وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏‏:‏ المراد بالمتقين المؤمنون، لأنهم الذين خافوا الله تعالى واتقوه بإيمانهم وطاعتهم له‏.‏

وقال غيره‏:‏ لعل هذا من باب التهييج للمكلف على الأخذ بذلك، لأن من سمع أن من فعل ذلك كان غير متق فهم منه أنه لا يفعله إلا المستخف فيأنف من فعل ذلك لئلا يوصف بأنه غير متق، واستدل به على تحريم الحرير على الرجال دون النساء لأن اللفظ لا يتناولهن على الراجح، ودخولهن بطريق التغليب مجاز يمنع منه ورود الأدلة الصريحة على إباحته لهن، وسيأتي في باب مفرد بعد قريب من عشرين بابا، وعلى أن الصبيان لا يحرم عليهم لبسه لأنهم لا يوصفون بالتقوى‏.‏

وقد قال الجمهور بجواز إلباسهم ذلك في نحو العيد، وأما في غيره فكذلك في الأصح عند الشافعية، وعكسه عند الحنابلة، وفي وجه ثالث يمنع بعد التمييز‏.‏

وفي الحديث أن لا كراهة في لبس الثياب الضيقة والمفرجة لمن اعتادها أو احتاج إليها، وقد أشرت إلى ذلك قريبا في ‏"‏ باب لبس الجبة الضيقة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏تابعه عبد الله بن يوسف عن الليث‏.‏

وقال غيره‏)‏ يعني بسنده ‏(‏فروج حرير‏)‏ ‏.‏

أما رواية عبد الله بن يوسف فوصلها المؤلف رحمه الله في أوائل الصلاة، وأما رواية غيره فوصلها أحمد عن حجاج بن محمد وهاشم وهو أبو النضر ومسلم والنسائي عن قتيبة والحارث عن يونس بن محمد المؤدب كلهم عن الليث‏.‏

وقد اختلف في المغايرة بين الروايتين على خمسة أوجه‏:‏ أحدها التنوين والإضافة كما يقال ثوب خز بالإضافة وثوب خز بتنوين ثوب قاله ابن التين احتمالا‏.‏

ثانيها‏:‏ ضم أوله وفتحه حكاه ابن التين رواية، قال‏:‏ والفتح أوجه لأن فعولا لم يرد إلا في سبوح وقدوس وفروخ يعني الفرخ صن الدجاج انتهى، وقد قدمت في كتاب الصلاة حكاية جواز الضم عن أبي العلاء المعري‏.‏

وقال القرطبي في ‏"‏ المفهم ‏"‏ حكي الضم والفتح والضم هو المعروف‏.‏

ثالثها‏:‏ تشديد الراء وتخفيفها حكاه عياض ومن تبعه‏.‏

رابعها‏:‏ هل هو بجيم آخره أو خاء معجمة حكاه عياض أيضا‏.‏

خامسها‏:‏ حكاه الكرماني قال‏:‏ الأول فروج من حرير بزيادة من والثاني بحذفها‏.‏

قلت‏:‏ وزيادة ‏"‏ من ‏"‏ ليست في الصحيحين، وقد ذكرناها عن رواية لأحمد‏.‏

*3*باب الْبَرَانِسِ

وَقَالَ لِي مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أَبِي قَالَ رَأَيْتُ عَلَى أَنَسٍ بُرْنُساً أَصْفَرَ مِنْ خَزٍّ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب البرانس‏)‏ جمع برنس بضم الموحدة والنون بينهما راء ساكنة وآخره مهملة، تقدم تفسيره في كتاب الحج وكذا شرح حديث ابن عمر المذكور فيه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال لي مسدد حدثنا معتمر‏)‏ يعني ابن التيمي وقوله‏:‏ ‏"‏ من خز ‏"‏ بفتح المعجمة وتشديد الزاي هو ما غلظ من الديباج وأصله من وبر الأرنب، ويقال لذكر الأرنب خزز بوزن عمر، وسيأتي شرحه وحكمه في ‏"‏ باب ليس القسي ‏"‏ بعد أربعة عشر بابا‏.‏

وهذا الأثر موصول لتصريح المصنف بقوله‏:‏ ‏"‏ قال لي ‏"‏ لكن لم يقع في رواية النسفي لفظ لي فهو تعليق، وقد رويناه موصولا في مسند مسدد رواية معاذ بن المثنى عن مسدد، وكذا وصله ابن أبي شيبة عن ابن علية عن يحيى بن أبي إسحاق قال‏:‏ ‏"‏ رأيت على أنس ‏"‏ فذكر مثله‏.‏

وقد كره بعض السلف لبس البرنس لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال‏:‏ لا بأس به‏.‏

قيـل‏:‏ فإنه من لبوس النصارى‏.‏

قال‏:‏ كان يلبس هاهنا‏.‏

وقال عبد الله بن أبي بكر‏:‏ ما كان أحد من القراء إلا له برنس‏.‏

وأخرج الطبراني من حديث أبي قرصافة قال‏:‏ ‏"‏ كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم برنسا فقال‏:‏ البسه ‏"‏ وفي سنده من لا يعرف‏.‏

ولعل من كرهه أخذ بعموم حديث علي رفعه ‏"‏ إياكم ولبوس الرهبان، فإنه من تزيا بهم أو تشبه فليس مني ‏"‏ أخرجه الطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ بسند لا بأس به‏.‏

*3*باب السَّرَاوِيلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب السراويل‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عباس رفعه ‏"‏ من لم يجد إزارا فليلبس سراويل ‏"‏ وحديث ابن عمر فيما لا يلبس المحرم من الثياب وقد تقدما وشرحهما في كتاب الحج، ولم يرد فيه حديث على شرطه‏.‏

وقد أخرج حديث الدعاء للمتسرولات البزار من حديث علي بسند ضعيف، وصح أنه صلى الله عليه وسلم اشترى رجل سراويل من سويد بن قيس أخرجه الأربعة وأحمد وصححه ابن حبان من حديثه، وأخرجه أحمد أيضا من حديث مالك بن عميرة الأسدي قال‏:‏ ‏"‏ قدمت قبل مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشترى مني سراويل فأرجح لي ‏"‏ وما كان ليشتريه عبثا وإن كان غالب لبسه الإزار‏.‏

وأخرج أبو يعلى والطبراني في ‏"‏ الأوسط ‏"‏ من حديث أبي هريرة ‏"‏ دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلى البزاز فاشترى سراويل بأربعة دراهم ‏"‏ الحديث وفيه ‏"‏ قلت يا رسول الله وإنك لتلبس السراويل‏؟‏ قال‏:‏ أجل، في السفر والحضر والليل والنهار، فإني أمرت بالتستر ‏"‏ وفيه يونس بن زياد البصري وهو ضعيف‏.‏

قال ابن القيم في ‏"‏ الهدى ‏"‏‏:‏ اشترى صلى الله عليه وسلم السراويل، والظاهر أنه إنما اشتراه ليلبسه ثم قال‏:‏ وروي في حديث أنه لبس السراويل، وكانوا يلبسونه في زمانه وبإذنه‏.‏

قلت‏:‏ وتؤخذ أدلة ذلك كله مما ذكرته‏.‏

ووقع في الإحياء للغزالي أن الثمن ثلاثة دراهم والذي تقدم أنه أربعة دراهم أولى‏.‏

*3*باب فِي الْعَمَائِمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب العمائم‏)‏ ذكر فيه حديث ابن عمر المذكور قبله من وجه آخر، وقد سبق في الحج، وكأنه لم يثبت عنده على شرطه في العمامة شيء، وقد ورد فيها الحديث الماضي في آخر ‏"‏ باب من جر ثوبه من الخيلاء ‏"‏ من حديث عمرو بن حريث أنه قال‏:‏ ‏"‏ كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه ‏"‏ أخرجه مسلم، وعن أبي المليح بن أسامة عن أبيه رفعه ‏"‏ اعتموا تزدادوا حلما ‏"‏ أخرجه الطبراني والترمذي في ‏"‏ العلل المفرد ‏"‏ وضعفه البخاري؛ وقد صححه الحاكم فلم يصب، وله شاهد عند البزار عن ابن عباس ضعيف أيضا، وعن ركانة رفعه ‏"‏ فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم ‏"‏ أخرجه أبو داود والترمذي، وعن ابن عمر ‏"‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه ‏"‏ أخرجه الترمذي، وفيه أن ابن عمر كان يفعله والقاسم وسالم، وأما مالك فقال‏:‏ إنه لم ير أحدا يفعله إلا عامر بن عبد الله بن الزبير‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب التَّقَنُّعِ

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ عِصَابَةٌ دَسْمَاءُ وَقَالَ أَنَسٌ عَصَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِهِ حَاشِيَةَ بُرْدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب التقنع‏)‏ بقاف ونون ثقيلة، وهو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال ابن عباس خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه عصابة دسماء‏)‏ هذا طرف من حديث مسند عنده في مواضع منها في مناقب الأنصار في ‏"‏ باب اقبلوا من محسنهم ‏"‏ ومن طريق عكرمة ‏"‏ سمعت ابن عباس يقول‏:‏ خرج النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ملحفة متعطفا بها على منكبيه وعليه عصابة دسماء ‏"‏ الحديث، والدسماء بمهملتين والمد ضد النظيفة وقد يكون ذلك لونها في الأصل، ويؤيده أنه وقع في رواية أخرى ‏"‏ عصابة سوداء‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أنس‏:‏ عصب النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه حاشية برد‏)‏ هو أيضا طرف من حديث أخرجه في الباب المذكور من طريق هشام بن زيد بن أنس ‏"‏ سمعت أنس بن مالك يقول ‏"‏ فذكر الحديث وفيه ‏"‏ فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد‏"‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ هَاجَرَ نَاسٌ إِلَى الْحَبَشَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِراً

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكَ فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَوَ تَرْجُوهُ بِأَبِي أَنْتَ قَالَ نَعَمْ فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصُحْبَتِهِ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ وَرَقَ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْماً جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ فَقَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلاً مُتَقَنِّعاً فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فِداً لَكَ أَبِي وَأُمِّي وَاللَّهِ إِنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا لِأَمْرٍ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ حِينَ دَخَلَ لِأَبِي بَكْرٍ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ قَالَ إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ قَالَ فَالصُّحْبَةُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالثَّمَنِ قَالَتْ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ وَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَأَتْ بِهِ الْجِرَابَ وَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ ثُمَّ لَحِقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ فَمَكُثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ لَقِنٌ ثَقِفٌ فَيَرْحَلُ مِنْ عِنْدِهِمَا سَحَراً فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْراً يُكَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حَتَّى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ وَيَرْعَى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلِهِمَا حَتَّى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ

الشرح‏:‏

حديث عائشة في شأن الهجرة بطوله، وقد تقدم في السيرة النبوية أتم منه وتقدم شرحه مستوفى، والغرض منه قوله‏:‏ ‏"‏ قال قائل لأبي بكر‏.‏

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها ‏"‏ وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ فدا لك ‏"‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ فدا له ‏"‏ وقوله ‏"‏ إن جاء به في هذه الساعة لأمر ‏"‏ يفتح اللام وبالتنوين مرفوعا واللام للتأكيد لأن إن الساكنة مخففة من الثقيلة، وللكشميهني ‏"‏ إلا لأمر ‏"‏ و ‏"‏ إن ‏"‏ على هذا نافية‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ أحث ‏"‏ بمهملة ثم مثلثة ثقيلة، في رواية الكشميهني ‏"‏ أحب ‏"‏ بموحـدة وأظنه تصحيفا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ ويرعى عليهما عامر بن فهيرة منحه من غنم فيريحه ‏"‏ أي يريح الذي يرعاه، وللكشميهني ‏"‏ فيريحها ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ في رسلهما ‏"‏ بالتثنية في رواية الكشميهني ‏"‏ في رسلها ‏"‏ وكذا القول في قوله‏:‏ ‏"‏ حتى ينعق بهما ‏"‏ عنده ‏"‏ بها ‏"‏ قال الإسماعيلي‏:‏ ما ذكر من العصابة لا يدخل في التقنع فالتقنع تغطية الرأس والعصابة شد الخرقة على ما أحاط بالعمامة‏.‏

قلت‏:‏ الجامع بينهما وضع شيء زائد على الرأس فوق العمامة والله أعلم‏.‏

ونازع ابن القيم في ‏"‏ كتاب الهدى ‏"‏ من استدل بحديث التقنع على مشروعية لبس الطيلسان بأن التقنع غير التطيلس، وجزم بأنه صلى الله عليه وسلم لم يلبس الطيلسان ولا أحد من أصحابه‏.‏

ثم على تقدير أن يؤخذ من التقنع بأنه صلى الله عليه وسلم لم يتقنع إلا لحاجة ويرد عليه حديث أنس ‏"‏ كان صلى الله عليه وسلم يكثر القناع ‏"‏ وقد ثبت أنه قال‏:‏ ‏"‏ من تشبه بقوم فهو منهم ‏"‏ كما تقدم معلقا في كتاب الجهاد من حديث ابن عمر ووصله أبو داود، وعند الترمذي من حديث أنس ‏"‏ ليس منا من تشبه بغيرنا ‏"‏ وقد ثبت عند مسلم من حديث النواس بن سمعان في قصة الدجال ‏"‏ يتبعه اليهود وعليهم الطيالسة ‏"‏ وفي حديث أنس أنه رأى قوما عليهم الطيالسة فقال‏:‏ ‏"‏ كأنهم يهود خيبر ‏"‏ وعورض بما أخرجه ابن سعد بسند مرسل ‏"‏ وصف لرسول الله صلى الله عليه وسلم الطيلسان فقال‏:‏ هذا ثوب لا يؤدي شكره ‏"‏ أخرجه وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك في هذه الأزمنة فصار داخلا في عموم المباح، وقد ذكره ابن عبد السلام في أمثلة البدعة المباحة، وقد يصير من شعائر قوم فيصير تركه من الإخلال بالمروءة كما نبه عليه الفقهاء أن الشيء قد يكون لقوم وتركه بالعكس، ومثل ابن الرفعة ذلك بالسوقي والفقيه في الطيلسان‏.‏

*3*باب الْمِغْفَرِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب المغفر‏)‏ بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح الفاء بعدها راء‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ

الشرح‏:‏

تقدم الكلام على حديث أنس الذي في الباب في كتاب المغازي مستوفى، وذكر ابن بطال هنا أن بعض المتعسفين أنكر على مالك قوله في هذا الحديث ‏"‏ وعلى رأسه المغفر ‏"‏ وأنه تفرد به قال‏:‏ والمحفوظ أنه دخل مكة وعليه عمامة سوداء، ثم أجاب عن دعوى التفرد أنه وجد في ‏"‏ كتاب حديث الزهري ‏"‏ تصنيف النسائي هذا الحديث من رواية الأوزاعي عن الزهري مثل ما رواه مالك، وعن الحديث الآخر بأنه ‏"‏ دخل وعلى رأسه المغفر وكانت العمامة السوداء فوق المغفر‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ وقد ذكرت في شرح الحديث أن بضعة عشر نفسا رووه عن الزهري غير مالك، وبينت مخارجها وعللها بما أغني عن إعادته والحمد لله‏.‏

*3*باب الْبُرُودِ وَالْحِبَرَةِ وَالشَّمْلَةِ

وَقَالَ خَبَّابٌ شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب البرود‏)‏ جمع بردة بضم الموحدة وسكون الراء بعدها مهملة، قال الجوهري‏:‏ كساء أسود مربع فيه صور تلبسه الأعراب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والحبر‏)‏ بكسر المهملة وفتح الموحدة بعدها راء جمع حبرة، يأتي شرحها في خامس أحاديث الباب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والشملة‏)‏ بفتح المعجمة وسكون الميم ما يشتمل به من الأكسية أي يلتحف، وذكر فيه ستة أحاديث‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال خباب‏)‏ بخاء معجمة وموحدتين الأولى ثقيلة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وهو متوسد بردته‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ بردة له ‏"‏ وهذا طرف ‏"‏ حديث تقدم موصولا في المبعث النبوي في ‏"‏ باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة ‏"‏ وتقدم شرحه هناك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الْبُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ

الشرح‏:‏

حديث أنس في قصة الأعرابي، والغرض منه قوله‏:‏ ‏"‏ حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد ‏"‏ وسيأتي شرحه في كتاب الأدب‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ قَالَ سَهْلٌ هَلْ تَدْرِي مَا الْبُرْدَةُ قَالَ نَعَمْ هِيَ الشَّمْلَةُ مَنْسُوجٌ فِي حَاشِيَتِهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِي أَكْسُوكَهَا فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْتَاجاً إِلَيْهَا فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا لَإِزَارُهُ فَجَسَّهَا رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ اكْسُنِيهَا قَالَ نَعَمْ فَجَلَسَ مَا شَاءَ اللَّهُ فِي الْمَجْلِسِ ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ سَائِلاً فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهَا إِلَّا لِتَكُونَ كَفَنِي يَوْمَ أَمُوتُ قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ

الشرح‏:‏

حديث سهل بن سعد ‏"‏ جاءت امرأة ببردة، قال سهل‏:‏ تدرون ما البردة‏؟‏ قال‏:‏ نعم، هي الشملة ‏"‏ الحديث وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الجنائز في ‏"‏ باب من استعد للكفن‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفاً تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ قَالَ ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ سَبَقَكَ عُكَاشَةُ

الشرح‏:‏

حديث أبي هريرة في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب، وسيأتي شرحه في كتاب الرقاق، والغرض منه هنا قوله فيه‏:‏ ‏"‏ يرفع نمرة عليه ‏"‏ والنمرة بفتح النون وكسر الميم هي الشملة التي فيها خطوط ملونة كأنها أخذت من جلد النمر لاشتراكهما في التلون‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قُلْتُ لَهُ أَيُّ الثِّيَابِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا قَالَ الْحِبَرَةُ

الشرح‏:‏

حديث أنس ‏"‏ كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسها الحبرة ‏"‏ وفي رواية أخرى أن أنسا قاله جواب سؤال قتادة له عن ذلك، فتضمن السلامة من تدليس قتادة‏.‏

قال الجوهري‏:‏ الحبرة بوزن عنبة برد يمان‏.‏

وقال الهروي‏:‏ موشية مخططة‏.‏

وقال الداودي‏:‏ لونها أخضر لأنها لباس أهل الجنة‏.‏

كذا قال‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ هي من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين، والتحبير التزيين والتحسين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ حَدَّثَنَا مُعَاذٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ أَحَبُّ الثِّيَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَلْبَسَهَا الْحِبَرَةَ

الشرح‏:‏

حديث أنس ‏"‏ كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبسها الحبرة ‏"‏ وفي رواية أخرى أن أنسا قاله جواب سؤال قتادة له عن ذلك، فتضمن السلامة من تدليس قتادة‏.‏

قال الجوهري‏:‏ الحبرة بوزن عنبة برد يمان‏.‏

وقال الهروي‏:‏ موشية مخططة‏.‏

وقال الداودي‏:‏ لونها أخضر لأنها لباس أهل الجنة‏.‏

كذا قال‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ هي من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم‏.‏

وقال القرطبي‏:‏ سميت حبرة لأنها تحبر أي تزين، والتحبير التزيين والتحسين‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدٍ حِبَرَةٍ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي سجي ببرد حبرة‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سجي‏)‏ بضم أوله وكسر الجيم الثقيلة أي غطي وزنا ومعني، يقال سجيت الميت إذا مددت عليه الثوب، وكأن المصنف رمز إلى ما جاء عن عمر بن الخطاب في ذلك، فأخرج أحمد من طريق الحسن البصري ‏"‏ أن عمر بن الخطاب أراد أن ينهى عن حلل الحبرة لأنها تصبغ بالبول، فقال له أبي‏:‏ ليس ذلك لك، فقد لبسهن النبي صلى الله عليه وسلم ولبسناهن في عهده ‏"‏ والحسن لم يسمع من عمر‏.‏

*3*باب الْأَكْسِيَةِ وَالْخَمَائِصِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الأكسية والخمائص‏)‏ جمع خميصة بالخاء المعجمة والصاد المهملة، وهي كساء من صوف أسود أو خز مربعة لها أعلام، ولا يسمى الكساء خميصة إلا إن كان لها علم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَا لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ فَقَالَ وَهُوَ كَذَلِكَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا

الشرح‏:‏

عن عائشة وابن عباس قالا ‏"‏ لما نزل ‏"‏ بضم أوله على البناء للمجهول والمراد نزول الموت، وقوله‏:‏ ‏"‏ طفق يطرح خميصة له على وجهه ‏"‏ أي يجعلها على وجهه من الحمى ‏"‏ فإذا اغتم كشفها ‏"‏ وذكر الحديث في التحذير من اتخاذ القبور مساجد، وقد تقدم شرحه في كتاب الجنائز‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ ذكر أبو علي الجياني أنه وقع في رواية أبي محمد الأصيلي عن أبي أحمد الجرجاني في هذا الإسناد عن الزهري ‏"‏ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عائشة وابن عباس قال‏:‏ ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ وهم وهي زيادة لا حاجة إليها‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَمِيصَةٍ لَهُ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفاً عَنْ صَلَاتِي وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ

الشرح‏:‏

حديث عائشة ‏"‏ في خميصة لها أعلام ‏"‏ وفي آخر ‏"‏ وائتوني بانبجانية أبي جهم بن حذيفة بن غانم من بني عدي بن كعب ‏"‏ انتهى آخر الحديث عند قوله بانبجانية أبي جهم وبقية نسبه مدرج في الخبر من كلام ابن شهاب، وقد تقدم شرحه مستوفى في أوائل كتاب الصلاة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ قَالَ أَخْرَجَتْ إِلَيْنَا عَائِشَةُ كِسَاءً وَإِزَاراً غَلِيظاً فَقَالَتْ قُبِضَ رُوحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَيْنِ

الشرح‏:‏

حديث أبي بردة وهو ابن أبي موسى الأشعري قال‏:‏ ‏"‏ أخرجت إلينا عائشة كساء وإزارا غليظا فقالت‏:‏ قبض روح رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين ‏"‏ تقدم هذا الحديث في أوائل الخمس، وذكر له طريقا أخرى تعليقا زاد فيها وصف الإزار والكساء إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من هذه التي تدعونها الملبدة، والملبدة اسم مفعول من التلبيد‏.‏

وقال ثعلب‏:‏ يقال للرقعة التي يرقع بها القميص لبدة‏.‏

وقال غيره هي التي ضرب بعضها في بعض حتى تتراكب وتجتمع‏.‏

وقال الداودي‏:‏ هو الثوب الضيق ولم يوافق‏.‏