فصل: باب إِذَا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الِاعْتِكَافِ وَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاعتكاف وخروج النبي صلى الله عليه وسلم صبيحة عشرين‏)‏ أورد فيه حديث أبي سعيد، وقد تقدم الكلام عليه قريبا، وكأنه أراد بالترجمة تأويل ما وقع في حديث مالك من قوله ‏"‏ فلما كانت ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من اعتكافه صبيحتها ‏"‏ وقد تقدم توجيه ذلك وأن المراد بقوله صبيحتها الصبيحة التي قبلها، قال ابن بطال‏:‏ هو مثل قوله تعالى ‏(‏لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها‏)‏ فأضاف الضحى إلى العشية وهو قبلها، وكل شيء متصل بشيء فهو مضاف إليه سواء كان قبله أو بعده‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ هَارُونَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمِ اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ قَالَ فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ قَالَ فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ وَإِنِّي نُسِّيتُهَا فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي وِتْرٍ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ وَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَرْجِعْ فَرَجَعَ النَّاسُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَمَا نَرَى فِي السَّمَاءِ قَزَعَةً قَالَ فَجَاءَتْ سَحَابَةٌ فَمَطَرَتْ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَسَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطِّينِ وَالْمَاءِ حَتَّى رَأَيْتُ أَثَرَ الطِّينِ فِي أَرْنَبَتِهِ وَجَبْهَتِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏أريت‏)‏ بضم أوله وكسر الراء‏.‏

وفي رواية الكشميهني ‏"‏ رأيت ‏"‏ بتقديم الراء وفتحها‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏نسيتها‏)‏ بفتح النون وللكشميهني بضمها وتثقيل السين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏رأيت أني أسجد‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ رأيت أن أسجد ‏"‏ قال القفال‏:‏ معناه أنه رأى من يقول له في النوم ليلة القدر ليلة كذا وكذا وعلامتها كذا وكذا، وليس معناه أنه رأى ليلة القدر نفسها ثم نسيها لأن مثل ذلك لا ينسى‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدم للمصنف أن جبريل هو المخبر له بذلك‏.‏

*3*باب اعْتِكَافِ الْمُسْتَحَاضَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب اعتكاف المستحاضة‏)‏ أورد فيه حديث عائشة ‏(‏اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه‏)‏ وقد تقدم الكلام عليه في كتاب الحيض، وفي هذا اللفظ رد لقول من قال يحمل على أن قوله امرأة من نسائه أي من النساء اللواتي لهن به تعلق، لأنه لم ينقل أن امرأة من أزواجه صلى الله عليه وسلم استحاضت، وتقدم ذكر المستحاضة في عهده والخلاف فيهن، ويستدرك هنا أن تسمية هذه الزوجة وقع في رواية سعيد بن منصور عن إسماعيل وهو ابن علية حدثنا خالد وهو الحذاء الذي أخرجه المصنف من طريقه فذكر الحديث وزاد فيه ‏"‏ قال وحدثنا به خالد مرة أخرى عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة ‏"‏ فأفاد بذلك معرفة عينها وازداد بذلك عدد المستحاضات‏.‏

والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ فَكَانَتْ تَرَى الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب اعتكاف المستحاضة‏)‏ أورد فيه حديث عائشة ‏(‏اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة من أزواجه‏)‏ وقد تقدم الكلام عليه في كتاب الحيض، وفي هذا اللفظ رد لقول من قال يحمل على أن قوله امرأة من نسائه أي من النساء اللواتي لهن به تعلق، لأنه لم ينقل أن امرأة من أزواجه صلى الله عليه وسلم استحاضت، وتقدم ذكر المستحاضة في عهده والخلاف فيهن، ويستدرك هنا أن تسمية هذه الزوجة وقع في رواية سعيد بن منصور عن إسماعيل وهو ابن علية حدثنا خالد وهو الحذاء الذي أخرجه المصنف من طريقه فذكر الحديث وزاد فيه ‏"‏ قال وحدثنا به خالد مرة أخرى عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة ‏"‏ فأفاد بذلك معرفة عينها وازداد بذلك عدد المستحاضات‏.‏

والله أعلم‏.‏

*3*باب زِيَارَةِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا فِي اعْتِكَافِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب زيارة المرأة زوجها في اعتكافه‏)‏ ذكر فيه حديث صفية من وجهين عن الزهري‏:‏ أحدهما من طريق عبد الرحمن بن خالد بن مسافر وهي موصولة، والأخرى طريق هشام بن يوسف عن معمر وهي مرسلة، وساقه هنا على لفظ معمر، وأعاده بالإسناد المذكور هنا من طريق ابن مسافر في فرض الخمس على لفظه، وقد بينت ما فيه من الفوائد قريبا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ ح حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُ أَزْوَاجُهُ فَرُحْنَ فَقَالَ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ لَا تَعْجَلِي حَتَّى أَنْصَرِفَ مَعَكِ وَكَانَ بَيْتُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهَا فَلَقِيَهُ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ فَنَظَرَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَا وَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَالَيَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ قَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يُلْقِيَ فِي أَنْفُسِكُمَا شَيْئًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏في أنفسكما‏)‏ هو مثل قوله في الرواية الأخرى ‏"‏ في قلوبكما، وإضافة لفظ الجمع إلى المثنى كثير مسموع كقوله تعالى ‏(‏فقد صغت قلوبكما‏)‏ ‏.‏

*3*باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب هل يدرأ‏)‏ بفتح أوله وسكون الدال بعدها راء ثم همزة مضمومة أي يدفع، وقوله ‏(‏عن نفسه‏)‏ أي بالقول والفعل‏.‏

وقد دل الحديث على الدفع بالقول فيلحق به الفعل، وليس المعتكف بأشد في ذلك من المصلي‏.‏

ثم أورد المصنف فيه حديث صفية أيضا من وجهين عن الزهري‏:‏ أحدهما طريق ابن أبي عتيق وهي موصولة، وإسماعيل بن عبد الله شيخه هو ابن أبي أويس، وأخوه أبو بكر، وسليمان هو ابن بلال، والإسناد كله مدنيون‏.‏

والأخرى طريق سفيان وهي مرسلة، وساقه على لفظ سفيان، وأعاده بالإسناد المذكور هنا من طريق ابن أبي عتيق في الأدب على لفظه، وقد بينت ما فيه أيضا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَيٍّ أَخْبَرَتْهُ ح و حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ تَعَالَ هِيَ صَفِيَّةُ وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ هَذِهِ صَفِيَّةُ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ قُلْتُ لِسُفْيَانَ أَتَتْهُ لَيْلًا قَالَ وَهَلْ هُوَ إِلَّا لَيْلٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قلت لسفيان‏)‏ وهو ابن عيينة، القائل هو علي بن عبد الله بن المديني شيخ البخاري‏.‏

وقوله ‏(‏وهل هو إلا ليلا‏)‏ أي وهل وقع الإتيان إلا في الليل‏؟‏ وليس المراد نفي إمكانه بل نفي وقوعه، وقد وقع عند النسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان بن عيينة في نفس الحديث ‏"‏ أن صفية أتت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة‏"‏‏.‏

*3*باب مَنْ خَرَجَ مِنْ اعْتِكَافِهِ عِنْدَ الصُّبْحِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من خرج من اعتكافه عند الصبح‏)‏ ذكر فيه حديث أبي سعيد أيضا وقد تقدم الكلام عليه مستوفى وهو محمول على أنه أراد اعتكاف الليالي دون الأيام، وسبيل من أراد ذلك أن يدخل قبيل غروب الشمس ويخرج بعد طلوع الفجر، فإن أراد اعتكاف الأيام خاصة فيدخل مع طلوع الفجر ويخرج بعد غروب الشمس، فإن أراد اعتكاف الأيام والليالي معا فيدخل قبل غروب الشمس ويخرج بعد غروب الشمس أيضا‏.‏

وقد وقع في حديث الباب ‏"‏ فلما كان صبيحة عشرين نقلنا متاعنا ‏"‏ وهو مشعر بأنهم اعتكفوا الليالي دون الأيام، وحمله المهلب على نقل أثقالهم وما يحتاجون إليه من آلة الأكل والشرب والنوم، إذ لا حاجة لهم بها في ذلك اليوم، فإذا كان المساء خرجوا خفافا‏.‏

ولذلك قال ‏"‏ نقلنا متاعنا ‏"‏ ولم يقل خرجنا، وقد تقدم في ‏"‏ باب تحري ليلة القدر ‏"‏ من وجه آخر ‏"‏ فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة ويستقبل إحدى وعشرين رجع ‏"‏ وبذلك يجمع بين الطريقين فإن القصة واحدة والحديث واحد وهو حديث أبي سعيد‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ خَالِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ح قَالَ سُفْيَانُ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ ح قَالَ وَأَظُنُّ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَبِيدٍ حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ نَقَلْنَا مَتَاعَنَا فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كَانَ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إِلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّي رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكَفِهِ وَهَاجَتْ السَّمَاءُ فَمُطِرْنَا فَوَ الَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ هَاجَتْ السَّمَاءُ مِنْ آخِرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَرِيشًا فَلَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد الرحمن بن بشر‏)‏ كذا للأكثر وليس في رواية الأصيلي وكريمة قوله ‏"‏ ابن بشر ‏"‏ وذكره النسفي وحده تعليقا فقال ‏"‏ وعبد الرحمن حدثنا سفيان ‏"‏ وهو ابن عيينة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن ابن جريج‏)‏ في رواية الحميدي في مسنده عن سفيان ‏"‏ حدثنا ابن جريج‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن سليمان‏)‏ زاد الحميدي ابن أبي مسلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وحدثنا محمد بن عمرو‏)‏ القائل هو سفيان وهو ابن عيينة وهو القائل أيضا ‏"‏ وأظن أن ابن أبي لبيد حدثنا ‏"‏ والحاصل أن لسفيان فيه ثلاثة أشياخ حدثوه به عن أبي سلمة، وقد أخرجه أحمد عن سفيان قال ‏"‏ حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة وابن أبي لبيد عن أبي سلمة سمعت أبا سعيد ‏"‏ ولم يقل ‏"‏ وأظن ‏"‏ ومحمد بن عمرو هو ابن علقمة الليثي ولم يخرج له البخاري إلا مقرونا‏.‏

*3*باب الِاعْتِكَافِ فِي شَوَّالٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاعتكاف في شوال‏)‏ ذكر فيه حديث عمرة عن عائشة، وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في ‏"‏ باب اعتكاف النساء‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلَامٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ وَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ دَخَلَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ قَالَ فَاسْتَأْذَنَتْهُ عَائِشَةُ أَنْ تَعْتَكِفَ فَأَذِنَ لَهَا فَضَرَبَتْ فِيهِ قُبَّةً فَسَمِعَتْ بِهَا حَفْصَةُ فَضَرَبَتْ قُبَّةً وَسَمِعَتْ زَيْنَبُ بِهَا فَضَرَبَتْ قُبَّةً أُخْرَى فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْغَدَاةِ أَبْصَرَ أَرْبَعَ قِبَابٍ فَقَالَ مَا هَذَا فَأُخْبِرَ خَبَرَهُنَّ فَقَالَ مَا حَمَلَهُنَّ عَلَى هَذَا آلْبِرُّ انْزِعُوهَا فَلَا أَرَاهَا فَنُزِعَتْ فَلَمْ يَعْتَكِفْ فِي رَمَضَانَ حَتَّى اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الْعَشْرِ مِنْ شَوَّالٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا محمد‏)‏ في رواية كريمة ‏"‏ هو ابن سلام‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فإذا صلى الغداة دخل مكانه‏)‏ في رواية الكشميهني ‏"‏ حل ‏"‏ بمهملة وتشديد‏.‏

*3*باب مَنْ لَمْ يَرَ عَلَيْهِ صَوْمًا إِذَا اعْتَكَفَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من لم ير عليه إذا اعتكف صوما‏)‏ ذكر فيه قصة عمر في نذره اعتكاف ليلة، وقد تقدمت مباحثه في ‏"‏ باب الاعتكاف ليلا‏"‏‏.‏

*3*باب إِذَا نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ أَسْلَمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب إذا نذر في الجاهلية أن يعتكف ثم أسلم‏)‏ أي هل يلزمه الوفاء بذلك أم لا‏؟‏ ذكر فيه قصة عمر أيضا وترجم له في أبواب النذر ‏"‏ إذا نذر أو حلف لا يكلم إنسانا في الجاهلية ثم أسلم ‏"‏ وكأنه ألحق اليمين بالنذر لاشتراكهما في التعليق، وفيه إشارة إلى أن النذر واليمين ينعقد في الكفر حتى يجب الوفاء بهما على من أسلم، وستأتي مباحثه في كتاب النذر إن شاء الله تعالى‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَذَرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ قَالَ أُرَاهُ قَالَ لَيْلَةً قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال أراه ليلة‏)‏ بضم أوله أي أظنه، والقائل ذلك هو عبيد شيخ البخاري أو البخاري نفسه، فقد رواه الإسماعيلي وغيره من طريق أخرى عن أبي أسامة بغير شك‏.‏

*3*باب الِاعْتِكَافِ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الاعتكاف في العشر الأوسط من رمضان‏)‏ كأنه أشار بذلك إلى أن الاعتكاف لا يختص بالعشر الأخير وإن كان الاعتكاف فيه أفضل‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانٍ عَشْرَةَ أَيَّامٍ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو بكر‏)‏ هو ابن عياش، وأبو حصين بفتح أوله هو عثمان بن عاصم، والإسناد إلى أبي صالح كوفيون‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يعتكف في كل رمضان عشرة أيام‏)‏ في رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عند النسائي ‏"‏ يعتكف العشر الأواخر من رمضان ‏"‏ قال ابن بطال‏:‏ مواظبته صلى الله عليه وسلم على الاعتكاف تدل على أنه من السنن المؤكدة، وقد روى ابن المنذر عن ابن شهاب أنه كان يقول‏:‏ عجبا للمسلمين، تركوا الاعتكاف، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتركه منذ دخل المدينة حتى قبضه الله ا ه‏.‏

وقد تقدم قول مالك أنه لم يعلم أن أحدا من السلف اعتكف إلا أبا بكر بن عبد الرحمن، وإن تركهم لذلك لما فيه من الشدة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فلما كان العام الذي قبض فيه اعكتف عشرين‏)‏ قيل السبب في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم علم بانقضاء أجله فأراد أن يستكثر من أعمال الخير ليبين لأمته الاجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمل ليلقوا الله على خير أحوالهم، وقيل السبب فيه أن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل رمضان مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين فلذلك اعتكف قدر ما كان يعتكف مرتين‏.‏

ويؤيده أن عند ابن ماجة عن هناد عن أبي بكر بن عياش في آخر حديث الباب متصلا به ‏"‏ وكان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين‏"‏‏.‏

وقال ابن العربي‏:‏ يحتمل أن يكون سبب ذلك أنه لما ترك الاعتكاف في العشر الأخير بسبب ما وقع من أزواجه واعتكف بدله عشرا من شوال اعتكف في العام الذي يليه عشرين ليتحقق قضاء العشر في رمضان ا ه‏.‏

وأقوى من ذلك أنه إنما اعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرا، ويدل لذلك ما أخرجه النسائي واللفظ له وأبو داود وصححه ابن حبان وغيره من حديث أبي بن كعب ‏"‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعكتف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاما فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين ‏"‏ ويحتمل تعدد هذه القصة بتعدد السبب فيكون مرة بسبب ترك الاعتكاف لعذر السفر ومرة بسبب عرض القرآن مرتين‏.‏

وأما مطابقة الحديث للترجمة فإن الظاهر بإطلاق العشرين أنها متوالية فيتعين لذلك العشر الأوسط أو أنه حمل المطلق في هذه الرواية على المقيد في الروايات الأخرى‏.‏

*3*باب مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من أراد أن يعتكف ثم بدا له أن يخرج‏)‏ أورد فيه حديث عمرة عن عائشة، وقد تقدمت مباحثه، وفيه إشارة إلى الجزم بأنه لم يدخل في الاعتكاف ثم خرج منه، بل تركه قبل الدخول فيه، وهو ظاهر السياق خلافا لمن خالف فيه‏.‏

*3*باب الْمُعْتَكِفِ يُدْخِلُ رَأْسَهُ الْبَيْتَ لِلْغُسْلِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب المعتكف يدخل رأسه البيت للغسل‏)‏ أورد فيه حديث عائشة من طريق معمر عن الزهري عن عروة عنها، وقد تقدم الكلام عليه في أوائل الاعتكاف‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ ‏:‏ الرأس مذكر اتفاقا ووهم من أنثه من الفقهاء وغيرهم‏.‏

‏(‏خاتمة‏)‏ ‏:‏ اشتملت أحاديث التراويح وليلة القدر والاعتكاف من الأحاديث المرفوعة على تسعة وثلاثين حديثا، المعلق منها حديثان، المكرر منها فيه وفيما مضى ثلاثون حديثا، والخالص منها تسعة أحاديث وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث ابن عباس في ليلة القدر وحديث أبي هريرة في اعتكاف عشرين ليلة، وفيه من الآثار عن الصحابة فمن بعدهم أثر عمر في جمع الناس على أبي بن كعب في التراويح وهو موصول، وأثر الزهري في ذلك، وأثر ابن عيينة في ليلة القدر، وأثر ابن عباس في التماس ليلة القدر ليلة أربع وعشرين‏.‏

والله أعلم‏.‏