فصل: هُنَاكَ جِهَادٌ ثَالِثٌ هُوَ جِهَادُ الشّيْطَانِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.كَرَاهَةُ تَسْمِيَةِ أَدِلّةِ الْقُرْآنِ وَالسّنّةِ ظَوَاهِرَ لَفْظِيّةٍ وَمَجَازَاتٍ:

وَمِنْهَا: أَنْ يُسَمّيَ أَدِلّةَ الْقُرْآنِ وَالسّنّةِ ظَوَاهِرَ لَفْظِيّةٍ وَمَجَازَاتٍ فَإِنّ هَذِهِ التّسْمِيَةَ تُسْقِطُ حُرْمَتَهَا مِنْ الْقُلُوبِ وَلَا سِيّمَا إِذَا أَضَافَ إلَى ذَلِكَ تَسْمِيَةَ شُبَهِ الْمُتَكَلّمِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ قَوَاطِعَ عَقْلِيّةٍ فَلَا إلَهَ إلّا اللّهُ كَمْ حَصَلَ بِهَاتَيْنِ التّسْمِيَتَيْنِ مِنْ فَسَادٍ فِي الْعُقُولِ وَالْأَدْيَانِ وَالدّنْيَا وَالدّينِ. فَصْلٌ وَمِنْهَا: أَنْ يُحَدّثَ الرّجُلُ بِجِمَاعِ أَهْلِهِ وَمَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَقَالُوا، وَنَحْوَهُ.
وَمِمّا يُكْرَهُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِلسّلْطَانِ خَلِيفَةُ اللّهِ أَوْ نَائِبُ اللّهِ فِي أَرْضِهِ فَإِنّ الْخَلِيفَةَ وَالنّائِبَ إنّمَا يَكُونُ عَنْ غَائِبٍ وَاللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلِيفَةُ الْغَائِبِ فِي أَهْلِهِ وَوَكِيلُ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ.

.فصل التّحْذِيرُ مِنْ (أَنَا) وَ(لِي) و(عِنْدِي):

وَلْيَحْذَرْ كُلّ الْحَذَرِ مِنْ طُغْيَانِ أَنَا، وَلِي، وَعِنْدِي، فَإِنّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ الثّلَاثَةَ اُبْتُلِيَ بِهَا إبْلِيسُ وَفِرْعَوْنُ، وَقَارُونُ، فَأَنَا خَيْرٌ مِنْهُ لِإِبْلِيسَ وَلِي مُلْكُ مِصْرَ لِفِرْعَوْنَ وإنّمَا أُوتِيته عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي لِقَارُونَ. وَأَحْسَنُ مَا وُضِعَتْ أَنَا فِي قَوْلِ الْعَبْدِ أَنَا الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ الْمُخْطِئُ الْمُسْتَغْفِرُ الْمُعْتَرِفُ وَنَحْوُهُ. وَلِي، فِي قَوْلِهِ لِي الذّنْبُ وَلِي الْجُرْمُ وَلِي الْمَسْكَنَةُ وَلِي الْفَقْرُ وَعِنْدِي فِي قَوْلِهِ اغْفِرْ لِي جِدّي، وَهَزْلِي، وَخَطَئِي، وَعَمْدِي، وَكُلّ ذَلِكَ عِنْدِي.

.فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْجِهَادِ وَالْمَغَازِي وَالسّرَايَا وَالْبُعُوثِ:

كَانَ الْجِهَادُ ذِرْوَةَ سَنَامِ الْإِسْلَامِ وَقُبّتَهُ وَمَنَازِلُ أَهْلِهِ أَعْلَى الْمَنَازِلِ فِي الْجَنّةِ كَمَا لَهُمْ الرّفْعَةُ فِي الدّنْيَا فَهُمْ الْأَعْلَوْنَ فِي الدّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الذّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنْهُ وَاسْتَوْلَى عَلَى أَنْوَاعِهِ كُلّهَا فَجَاهَدَ فِي اللّهِ حَقّ جِهَادِهِ بِالْقَلْبِ وَالْجِنَانِ وَالدّعْوَةِ وَالْبَيَانِ وَالسّيْفِ وَالسّنَانِ وَكَانَتْ سَاعَاتُهُ مَوْقُوفَةً عَلَى الْجِهَادِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ. وَلِهَذَا كَانَ أَرْفَعَ الْعَالَمِينَ ذِكْرًا وَأَعْظَمَهُمْ عِنْدَ اللّهِ قَدْرًا.

.أنواع الجهاد:

.كَانَ الْجِهَادُ فِي أَوّلِ الْإِسْلَامِ بِتَبْلِيغِ الْحُجّةِ:

وَأَمَرَهُ اللّهُ تَعَالَى بِالْجِهَادِ مِنْ حِينِ بَعْثِهِ وَقَالَ: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [الْفُرْقَانُ: 52] فَهَذِهِ سُورَةٌ مَكّيّةٌ أَمَرَ فِيهَا بِجِهَادِ الْكُفّارِ بِالْحُجّةِ وَالْبَيَانِ وَتَبْلِيغِ الْقُرْآنِ وَكَذَلِكَ جِهَادُ الْمُنَافِقِينَ إنّمَا هُوَ بِتَبْلِيغِ الْحُجّةِ وَإِلّا فَهُمْ تَحْتَ قَهْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ قَالَ تَعَالَى: {يَا أَيّهَا النّبِيّ جَاهِدِ الْكُفّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [التّوْبَةُ 73] فَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ أَصْعَبُ مِنْ جِهَادِ الْكُفّارِ وَهُوَ جِهَادُ خَوَاصّ الْأُمّةِ وَوَرَثَةُ الرّسُلِ وَالْقَائِمُونَ بِهِ أَفْرَادٌ فِي الْعَالَمِ وَالْمُشَارِكُونَ فِيهِ وَالْمُعَاوِنُونَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانُوا هُمْ الْأَقَلّينَ عَدَدًا فَهُمْ الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللّهِ قَدْرًا. وَلَمّا كَانَ مِنْ أَفْضَلِ الْجِهَادِ قَوْلُ الْحَقّ مَعَ شِدّةِ الْمُعَارِضِ مِثْلَ أَنْ تَتَكَلّمَ بِهِ عِنْدَ مَنْ تَخَافُ سَطْوَتَهُ وَأَذَاهُ كَانَ لِلرّسُلِ- صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ وَسَلَامُهُ- مِنْ ذَلِكَ الْحَظّ الْأَوْفَرِ وَكَانَ لِنَبِيّنَا- صَلَوَاتُ اللّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ- مِنْ ذَلِكَ أَكْمَلُ الْجِهَادِ وَأَتَمّهُ.

.جِهَادُ أَعْدَاءِ اللّهِ فَرْعٌ عَلَى جِهَادِ النّفْسِ:

وَلَمّا كَانَ جِهَادُ أَعْدَاءِ اللّهِ فِي الْخَارِجِ فَرْعًا عَلَى جِهَادِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ فِي ذَاتِ قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللّهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللّهُ عَنْهُ كَانَ جِهَادُ النّفْسِ مُقَدّمًا عَلَى جِهَادِ الْعَدُوّ فِي الْخَارِجِ وَأَصْلًا لَهُ فَإِنّهُ مَا لَمْ يُجَاهِدْ نَفْسَهُ أَوّلًا لِتَفْعَلَ مَا أُمِرْت بِهِ وَتَتْرُكَ مَا نُهِيت عَنْهُ وَيُحَارِبُهَا فِي اللّهِ لَمْ يُمْكِنْهُ جِهَادُ عَدُوّهِ فِي الْخَارِجِ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ جِهَادُ عَدُوّهِ وَالِانْتِصَافُ مِنْهُ وَعَدُوّهُ الّذِي بَيْنَ جَنْبَيْهِ قَاهِرٌ لَهُ مُتَسَلّطٌ عَلَيْهِ لَمْ يُجَاهِدْهُ وَلَمْ يُحَارِبْهُ فِي اللّهِ بَلْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ إلَى عَدُوّهِ حَتّى يُجَاهِدَ نَفْسَهُ عَلَى الْخُرُوجِ.

.هُنَاكَ جِهَادٌ ثَالِثٌ هُوَ جِهَادُ الشّيْطَانِ:

فَهَذَانِ عَدُوّانِ قَدْ اُمْتُحِنَ الْعَبْدُ بِجِهَادِهِمَا وَبَيْنَهُمَا عَدْوٌ ثَالِثٌ لَا يُمْكِنُهُ جِهَادُهُمَا إلّا بِجِهَادِهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَهُمَا يُثَبّطُ الْعَبْدَ عَنْ جِهَادِهِمَا وَيَخْذُلُهُ وَيَرْجُفُ بِهِ وَلَا يَزَالُ يُخَيّلُ لَهُ مَا فِي جِهَادِهِمَا مِنْ الْمَشَاقّ وَتَرْكِ الْحُظُوظِ وَفَوْتِ اللّذّاتِ وَالْمُشْتَهَيَاتِ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُجَاهِدَ ذَيْنِكَ الْعَدُوّيْنِ إلّا بِجِهَادِهِ فَكَانَ جِهَادُهُ هُوَ الْأَصْلُ لِجِهَادِهِمَا وَهُوَ الشّيْطَانُ قَالَ تَعَالَى: {إِنّ الشّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتّخِذُوهُ عَدُوّا} [فَاطِرٌ 6] وَالْأَمْرُ بِاِتّخَاذِهِ عَدْوًا تَنْبِيهٌ عَلَى اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي مُحَارَبَتِهِ وَمُجَاهَدَتِهِ كَأَنّهُ عَدُوّ لَا يَفْتُرُ وَلَا يُقَصّرُ عَنْ مُحَارَبَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَدَدِ الْأَنْفَاسِ.

.جِهَادُ هَؤُلَاءِ الْأَعْدَاءِ الثّلَاثَةِ لِيَمْتَحِنَ مَنْ يَتَوَلّاهُ:

فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَعْدَاءٍ أُمِرَ الْعَبْدُ بِمُحَارَبَتِهَا وَجِهَادِهَا وَقَدْ بُلِيَ بِمُحَارَبَتِهَا فِي هَذِهِ الدّارِ وَسُلّطَتْ عَلَيْهِ امْتِحَانًا مِنْ اللّهِ لَهُ وَابْتِلَاءً فَأَعْطَى اللّهُ الْعَبْدَ مَدَدًا وَعُدّةً وَأَعْوَانًا وَسِلَاحًا لِهَذَا الْجِهَادِ وَأَعْطَى أَعْدَاءَهُ مَدَدًا وَعُدّةً وَأَعْوَانًا وَسِلَاحًا وَبَلَا أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ بِالْآخَرِ وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً لِيَبْلُوَ أَخْبَارَهُمْ وَيَمْتَحِنَ مَنْ يَتَوَلّاهُ وَيَتَوَلّى رُسُلَهُ مِمّنْ يَتَوَلّى الشّيْطَانَ وَحِزْبَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبّكَ بَصِيرًا} [الْفُرْقَانُ: 20] وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} [مُحَمّدٌ 4] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَنَبْلُوَنّكُمْ حَتّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [مُحَمّدٌ 31] فَأَعْطَى عِبَادَهُ الْأَسْمَاعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْعُقُولَ وَالْقُوَى وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ كُتُبَهُ وَأَرْسَلَ إلَيْهِمْ رُسُلَهُ وَأَمَدّهُمْ بِمَلَائِكَتِهِ وَقَالَ لَهُمْ {أَنّي مَعَكُمْ فَثَبّتُوا الّذِينَ آمَنُوا} [الْأَنْفَالُ 12] وَأَمَرَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ بِمَا هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْعَوْنِ لَهُمْ عَلَى حَرْبِ عَدُوّهِمْ وَأَخْبَرَهُمْ أَنّهُمْ إنْ امْتَثَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ لَمْ يَزَالُوا مَنْصُورِينَ عَلَى عَدُوّهِ وَعَدُوّهِمْ وَأَنّهُ إنْ سَلّطَهُ عَلَيْهِمْ فَلِتَرْكِهِمْ بَعْضَ مَا أُمِرُوا بِهِ وَلِمَعْصِيَتِهِمْ لَهُ ثُمّ لَمْ يُؤَيّسْهُمْ وَلَمْ يُقَنّطْهُمْ بَلْ أَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَقْبِلُوا أَمْرَهُمْ وَيُدَاوُوا جِرَاحَهُمْ وَيَعُودُوا إلَى مُنَاهَضَةِ عَدُوّهِمْ فَيَنْصُرُهُمْ عَلَيْهِ وَيُظْفِرُهُمْ بِهِمْ فَأَخْبَرَهُمْ أَنّهُ مَعَ الْمُتّقِينَ مِنْهُمْ وَمَعَ الْمُحْسِنِينَ وَمَعَ الصّابِرِينَ وَمَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنّهُ يُدَافِعُ عَنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ مَا لَا يُدَافِعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بَلْ بِدِفَاعِهِ عَنْهُمْ انْتَصَرُوا عَلَى عَدُوّهِمْ وَلَوْلَا دِفَاعُهُ عَنْهُمْ لَتَخَطّفَهُمْ عَدُوّهُمْ وَاجْتَاحَهُمْ. وَهَذِهِ الْمُدَافَعَةُ عَنْهُمْ بِحَسْبِ إيمَانِهِمْ وَعَلَى قَدْرِهِ فَإِنْ قَوِيَ الْإِيمَانُ قَوِيَتْ الْمُدَافَعَةُ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنّ إلّا نَفْسَهُ.

.مَعْنَى: {وَجَاهِدُوا فِي اللّهِ حَقّ جِهَادِهِ}:

وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُجَاهِدُوا فِيهِ حَقّ جِهَادِهِ كَمَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَتّقُوهُ حَقّ تُقَاتِهِ وَكَمَا أَنّ حَقّ تُقَاتِهِ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ فَحَقّ جِهَادِهِ أَنْ يُجَاهِدَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ لِيُسْلِمَ قَلْبَهُ وَلِسَانَهُ وَجَوَارِحَهُ لِلّهِ فَيَكُونُ كُلّهُ لِلّهِ وَبِاَللّهِ لَا لِنَفْسِهِ وَلَا بِنَفْسِهِ وَيُجَاهِدُ شَيْطَانَهُ بِتَكْذِيبِ وَعْدِهِ وَمَعْصِيَةِ أَمْرِهِ وَارْتِكَابِ نَهْيِهِ فَإِنّهُ يَعِدُ الْأَمَانِيّ وَيُمَنّي الْغُرُورَ وَيَعِدُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَيَنْهَى عَنْ التّقَى وَالْهُدَى وَالْعِفّةِ وَالصّبْرِ الْإِيمَانِ كُلّهَا فَجَاهِدْهُ بِتَكْذِيبِ وَعْدِهِ وَمَعْصِيَةِ أَمْرِهِ فَيَنْشَأُ لَهُ مِنْ هَذَيْنِ الْجَهَادَيْنِ قُوّةٌ وَسُلْطَانٌ وَعُدّةٌ يُجَاهِدُ بِهَا أَعْدَاءَ اللّهِ فِي الْخَارِجِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَمَالِهِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا. وَاخْتَلَفَتْ عِبَارَاتُ السّلَفِ فِي حَقّ الْجِهَادِ فَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ: هُوَ اسْتِفْرَاغُ الطّاقَةِ فِيهِ وَأَلّا يَخَافَ فِي اللّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اعْمَلُوا لِلّهِ حَقّ عَمَلِهِ وَاعْبُدُوهُ حَقّ عِبَادَتِهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هُوَ مُجَاهَدَةُ النّفْسِ وَالْهَوَى. وَلَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ إنّ الْآيَتَيْنِ مَنْسُوخَتَانِ لِظَنّهِ أَنّهُمَا تَضَمّنَتَا الْأَمْرَ بِمَا لَا يُطَاقُ وَحَقّ تُقَاتِهِ وَحَقّ جِهَادِهِ هُوَ مَا يُطِيقُهُ كُلّ عَبْدٍ فِي نَفْسِهِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْمُكَلّفِينَ فِي الْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ وَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ. فَحَقّ التّقْوَى وَحَقّ الْجِهَادِ بِالنّسْبَةِ إلَى الْقَادِرِ الْمُتَمَكّنِ الْعَالِمِ شَيْءٌ وَبِالنّسْبَةِ إلَى الْعَاجِزِ الْجَاهِلِ الضّعِيفِ شَيْءٌ وَتَأَمّلْ كَيْفَ عَقّبَ الْأَمْرَ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الْحَجّ 78] وَالْحَرَجُ الضّيقُ بَلْ جَعَلَهُ وَاسِعًا يَسَعُ كُلّ أَحَدٍ كَمَا جَعَلَ رِزْقَهُ يَسَعُ كُلّ حَيّ وَكَلّفَ الْعَبْدَ بِمَا يَسَعُهُ الْعَبْدُ وَرَزَقَ الْعَبْدَ مَا يَسَعُ الْعَبْدَ فَهُوَ يَسَعُ تَكْلِيفَهُ وَيَسَعُهُ رِزْقُهُ وَمَا جَعَلَ عَلَى عَبْدِهِ فِي الدّينِ مِنْ حَرَجٍ بِوَجْهِ مَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيّةِ السّمْحَةِ أَيْ بِالْمِلّةِ فَهِيَ حَنِيفِيّةٌ فِي التّوْحِيدِ سَمْحَةٌ فِي الْعَمَلِ. وَقَدْ وَسّعَ اللّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ غَايَةَ التّوْسِعَةِ فِي دِينِهِ وَرِزْقِهِ وَعَفْوِهِ وَمَغْفِرَتِهِ وَبَسَطَ عَلَيْهِمْ التّوْبَةَ مَا دَامَتْ الرّوحُ فِي الْجَسَدِ وَفَتَحَ لَهُمْ بَابًا لَهَا لَا يُغْلِقُهُ عَنْهُمْ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا وَجَعَلَ لِكُلّ سَيّئَةٍ كَفّارَةً تُكَفّرُهَا مِنْ تَوْبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَسَنَةٍ مَاحِيَةٍ أَوْ مُصِيبَةٍ مُكَفّرَةٍ وَجَعَلَ بِكُلّ مَا حَرّمَ عَلَيْهِمْ عِوَضًا مِنْ الْحَلَالِ أَنْفَعَ لَهُمْ مِنْهُ وَأَطْيَبَ وَأَلَذّ فَيَقُومُ مَقَامَهُ لِيَسْتَغْنِيَ الْعَبْدُ وَجَعَلَ لِكُلّ عُسْرٍ يَمْتَحِنُهُمْ بِهِ يُسْرًا قَبْلَهُ وَيُسْرًا بَعْدَهُ فَلَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ سُبْحَانَهُ مَعَ عِبَادِهِ فَكَيْفَ يُكَلّفُهُمْ مَا لَا يَسَعُهُمْ فَضْلًا عَمّا لَا يُطِيقُونَهُ وَلَا يَقْدُرُونَ عَلَيْهِ.

.فصل مَرَاتِبِ الْجِهَادِ:

إذَا عُرِفَ هَذَا فَالْجِهَادُ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ:
جِهَادُ النّفْسِ وَجِهَادُ الشّيْطَانِ وَجِهَادُ الْكُفّارِ وَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ.

.مَرَاتِبُ جِهَادِ النّفْسِ:

فَجِهَادُ النّفْسِ أَرْبَعُ مَرَاتِبَ أَيْضًا: إحْدَاهَا: أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى تَعَلّمِ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ الّذِي لَا فَلَاحَ لَهَا وَلَا سَعَادَةَ فِي مَعَاشِهَا وَمَعَادِهَا إلّا بِهِ وَمَتَى فَاتَهَا عَلِمَهُ شَقِيَتْ فِي الدّارَيْنِ.
الثّانِيةُ أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَإِلّا فَمُجَرّدُ الْعِلْمِ بِلَا عَمَلٍ إنْ لَمْ يَضُرّهَا لَمْ يَنْفَعْهَا.
الثّالِثَةُ أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الدّعْوَةِ إلَيْهِ وَتَعْلِيمِهِ مَنْ لَا يَعْلَمُهُ وَإِلّا كَانَ مِنْ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللّهُ مِنْ الْهُدَى وَالْبَيّنَاتِ وَلَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ اللّهِ.
الرّابِعَةُ أَنْ يُجَاهِدَهَا عَلَى الصّبْرِ عَلَى مَشَاقّ الدّعْوَةِ إلَى اللّهِ وَأَذَى الْخَلْقِ وَيَتَحَمّلُ ذَلِكَ كُلّهُ لِلّهِ. فَإِذَا اسْتَكْمَلَ هَذِهِ الْمَرَاتِبَ الْأَرْبَعَ صَارَ مِنْ الرّبّانِيّينَ فَإِنّ السّلَفَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنّ الْعَالِمَ لَا يَسْتَحِقّ أَنْ يُسَمّى رَبّانِيّا حَتّى يَعْرِفَ الْحَقّ وَيَعْمَلَ بِهِ وَيُعَلّمَهُ فَمَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلّمَ فَذَاكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السّمَاوَاتِ.

.فصل مَرَاتِبُ جِهَادِ الشّيْطَانِ:

الشّيْطَانِ فَمَرْتَبَتَانِ إحْدَاهُمَا: جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقِي إلَى الْعَبْدِ مِنْ الشّبُهَاتِ وَالشّكُوكِ الْقَادِحَةِ فِي الْإِيمَانِ.
الثّانِيةُ جِهَادُهُ عَلَى دَفْعِ مَا يُلْقِي إلَيْهِ مِنْ الْإِرَادَاتِ الْفَاسِدَةِ وَالشّهَوَاتِ فَالْجِهَادُ الْأَوّلُ يَكُونُ بَعْدَهُ الْيَقِينُ وَالثّانِي يَكُونُ بَعْدَهُ الصّبْرُ. قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السّجْدَةُ 24] فَأَخْبَرَ أَنّ إمَامَةَ الدّينِ إنّمَا تُنَالُ بِالصّبْرِ وَالْيَقِينِ فَالصّبْرُ يَدْفَعُ الشّهَوَاتِ وَالْإِرَادَاتِ الْفَاسِدَةَ وَالْيَقِينُ يَدْفَعُ الشّكُوكَ وَالشّبُهَاتِ.

.فصل مَرَاتِبُ جِهَادِ الْكُفّارِ وَالْمُنَافِقِينَ:

وَأَمّا جِهَادُ الْكُفّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَأَرْبَعُ مَرَاتِبَ بِالْقَلْبِ وَاللّسَانِ وَالْمَالِ وَالنّفْسِ وَجِهَادُ الْكُفّارِ أَخُصّ بِالْيَدِ وَجِهَادُ الْمُنَافِقِينَ أَخُصّ بِاللّسَانِ.

.فصل جِهَادُ أَرْبَابِ الظّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ:

وَأَمّا جِهَادُ أَرْبَابِ الظّلْمِ وَالْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ فَثَلَاثُ مَرَاتِبَ الْأُولَى: بِالْيَدِ إذَا قَدَرَ فَإِنْ عَجَزَ انْتَقَلَ إلَى اللّسَانِ فَإِنْ عَجَزَ جَاهَدَ بِقَلْبِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مُرَتّبَةً مِنْ الْجِهَادِ وَمَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ النّفَاقِ.

.فصل شَرْطُ الْجِهَادِ:

وَلَا يَتِمّ الْجِهَادُ إلّا بِالْهِجْرَةِ وَلَا الْهِجْرَةُ وَالْجِهَادُ إلّا بِالْإِيمَانِ وَالرّاجُونَ رَحْمَةَ اللّهِ هُمْ الّذِينَ قَامُوا بِهَذِهِ الثّلَاثَةِ. قَالَ تَعَالَى: {إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَالّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الْبَقَرَةُ 218] وَكَمَا أَنّ الْإِيمَانَ فَرْضٌ عَلَى كُلّ أَحَدٍ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ هِجْرَتَانِ فِي كُلّ وَقْتٍ عَزّ وَجَلّ بِالتّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْإِنَابَةِ وَالتّوَكّلِ وَالْخَوْفِ وَالرّجَاءِ وَالْمَحَبّةِ وَالتّوْبَةِ وَهِجْرَةٌ إلَى رَسُولِهِ بِالْمُتَابَعَةِ وَالِانْقِيَادِ لِأَمْرِهِ وَالتّصْدِيقِ بِخَبَرِهِ وَتَقْدِيمِ أَمْرِهِ وَخَبَرِهِ عَلَى أَمْرِ غَيْرِهِ وَخَبَرِهِ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ وَفَرَضَ عَلَيْهِ جِهَادَ نَفْسِهِ فِي ذَاتِ اللّهِ وَجِهَادَ شَيْطَانِهِ فَهَذَا كُلّهُ فَرْضُ عَيْنٍ لَا يَنُوبُ فِيهِ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. وَأَمّا جِهَادُ الْكُفّارِ وَالْمُنَافِقِينَ فَقَدْ يُكْتَفَى فِيهِ بِبَعْضِ الْأُمّةِ إذَا حَصَلَ مِنْهُمْ مَقْصُودُ الْجِهَادِ.

.فصل أَكْمَلُ الْخَلْقِ مَنْ كَمّلَ مَرَاتِبَ الْجِهَادِ وَأَكْمَلُهُمْ مُحَمّدٌ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ:

وَأَكْمَلُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللّهِ مَنْ كَمّلَ مَرَاتِبَ الْجِهَادِ كُلّهَا وَالْخَلْقُ مُتَفَاوِتُونَ فِي مَنَازِلِهِمْ عِنْدَ اللّهِ تَفَاوُتُهُمْ فِي مَرَاتِبِ الْجِهَادِ وَلِهَذَا كَانَ أَكْمَلُ الْخَلْقِ وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللّهِ خَاتِمَ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ فَإِنّهُ كَمّلَ مَرَاتِبَ الْجِهَادِ وَجَاهَدَ فِي اللّهِ حَقّ جِهَادِهِ وَشَرَعَ فِي الْجِهَادِ مِنْ حِينَ بُعِثَ إلَى أَنْ تَوَفّاهُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فَإِنّهُ لَمّا نَزَلَ عَلَيْهِ {يَا أَيّهَا الْمُدّثّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبّكَ فَكَبّرْ وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ} [الْمُدّثّرُ 1- 4] شَمّرَ عَنْ سَاقِ الدّعْوَةِ وَقَامَ فِي ذَاتِ اللّهِ أَتَمّ قِيَامٍ وَدَعَا إلَى اللّهِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَسِرّا وَجِهَارًا وَلَمّا نَزَلَ عَلَيْهِ {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الْحِجْرُ: 94] فَصَدَعَ بِأَمْرِ اللّهِ لَا تَأْخُذُهُ فِيهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ فَدَعَا إلَى اللّهِ الصّغِيرَ وَالْكَبِيرَ وَالْحُرّ وَالْعَبْدَ وَالذّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ وَالْجِنّ وَالْإِنْسَ. وَلَمّا صَدَعَ بِأَمْرِ اللّهِ وَصَرّحَ لِقَوْمِهِ بِالدّعْوَةِ وَنَادَاهُمْ بِسَبّ آلِهَتِهِمْ وَعَيّبَ دِينَهُمْ وَنَالُوهُ وَنَالُوهُمْ بِأَنْوَاعِ الْأَذَى وَهَذِهِ سُنّةُ اللّهِ عَزّ وَجَلّ فِي خَلْقِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فُصّلَتْ 43] وَقَالَ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِيّ عَدُوّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنّ} [الْأَنْعَامُ 112] وَقَالَ: {كَذَلِكَ مَا أَتَى الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ} [الذّارِيَاتُ 52- 53] فَعَزّى سُبْحَانَهُ نَبِيّهُ بِذَلِكَ وَأَنّ لَهُ أُسْوَةً بِمَنْ تَقَدّمَهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَعَزّى أَتْبَاعَهُ بِقَوْلِهِ: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنّةَ وَلَمّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّى يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلَا إِنّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [الْبَقَرَةُ 214] وَقَوْلُهُ: {الم أَحَسِبَ النّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنّا الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنّ اللّهُ الّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنّ الْكَاذِبِينَ أَمْ حَسِبَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ السّيّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللّهِ فَإِنّ أَجَلَ اللّهِ لَآتٍ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنّ اللّهَ لَغَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنُكَفّرَنّ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَحْسَنَ الّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ وَالّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنّهُمْ فِي الصّالِحِينَ وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِاللّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النّاسِ كَعَذَابِ اللّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبّكَ لَيَقُولُنّ إِنّا كُنّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [الْعَنْكَبُوتُ 1- 11].