فصل: قِصّةُ سُرَاقَةَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.بَدْءُ الْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ:

فَأَذِنَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ إلَى الْمَدِينَةِ فَبَادَرَ النّاسُ إلَى ذَلِكَ فَكَانَ أَوّلَ مَنْ خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ وَامْرَأَتُهُ أُمّ سَلَمَةَ وَلَكِنّهَا احْتَبَسَتْ دُونَهُ وَمُنِعَتْ مِنْ اللّحَاقِ بِهِ سَنَةً وَحِيلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا سَلَمَةَ ثُمّ خَرَجَتْ بَعْدَ السّنَةِ بِوَلَدِهَا إلَى الْمَدِينَةِ وَشَيّعَهَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ. ثُمّ خَرَجَ النّاسُ أَرْسَالًا يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَلَمْ يَبْقَ بِمَكّةَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلّا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ وَعَلِيّ أَقَامَا بِأَمْرِهِ لَهُمَا وَإِلّا مَنْ احْتَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ كَرْهًا وَقَدْ أَعَدّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جِهَازَهُ يَنْتَظِرُ مَتَى يُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ وَأَعَدّ أَبُو بَكْرٍ جَهَازَهُ.

.فصل ائْتِمَارُ قُرَيْشٍ بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِقَتْلِهِ:

فَلَمّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ تَجَهّزُوا وَخَرَجُوا وَحَمَلُوا وَسَاقُوا الذّرَارِيّ وَالْأَطْفَالَ وَالْأَمْوَالَ إلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَعَرَفُوا أَنّ الدّارَ دَارُ مَنَعَةٍ وَأَنّ الْقَوْمَ أَهْلُ حَلْقَةٍ وَشَوْكَةٍ وَبَأْسٍ فَخَافُوا خُرُوجَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَيْهِمْ وَلُحُوقَهُ بِهِمْ فَيَشْتَدّ عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ فَاجْتَمَعُوا فِي دَارِ النّدْوَةِ وَلَمْ يَتَخَلّفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الرّأْيِ وَالْحِجَا مِنْهُمْ لِيَتَشَاوَرُوا فِي أَمْرِهِ وَحَضَرَهُمْ وَلِيّهُمْ وَشَيْخُهُمْ إبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ مُشْتَمِلٌ الصّمّاءَ فِي كِسَائِهِ فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَشَارَ كُلّ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِرَأْيٍ وَالشّيْخُ يَرُدّهُ وَلَا يَرْضَاهُ إلَى أَنْ قَالَ أَبُو جَهْلٍ: قَدْ فُرِقَ لِي فِيهِ رَأْيٌ مَا أَرَاكُمْ قَدْ وَقَعْتُمْ عَلَيْهِ قَالُوا: مَا هُوَ؟ قَالَ أَرَى أَنْ نَأْخُذَ مِنْ كُلّ قَبِيلَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ غُلَامًا نَهْدًا جَلْدًا ثُمّ نُعْطِيهِ سَيْفًا صَارِمًا فَيَضْرِبُونَهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيَتَفَرّقُ دَمُهُ فِي الْقَبَائِلِ فَلَا تَدْرِي بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ تَصْنَعُ وَلَا يُمْكِنُهَا مُعَادَاةُ الْقَبَائِلِ كُلّهَا وَنَسُوقُ إلَيْهِمْ دِيَتَهُ فَقَالَ الشّيْخُ لِلّهِ دَرّ الْفَتَى هَذَا وَاَللّهِ الرّأْيُ قَالَ فَتَفَرّقُوا عَلَى ذَلِكَ وَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ مِنْ عِنْدِ رَبّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ لَا يَنَامَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللّيْلَةَ.

.قِصّةُ هِجْرَتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ:

وَجَاءَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى أَبِي بَكْرٍ نِصْفَ النّهَارِ فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِيهِ فِيهَا مُتَقَنّعًا فَقَالَ لَهُ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَك فَقَالَ إنّمَا هُمْ أَهْلُكَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ إنّ اللّهَ قَدْ أَذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَعَمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِي وَأُمّي إحْدَى رَاحِلَتَيْ هَاتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالثّمَنِ.

.نَوْمُ عَلِيّ فِي مَضْجَعِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم:

وَأَمَرَ عَلِيّا أَنْ يَبِيتَ فِي مَضْجَعِهِ تِلْكَ اللّيْلَةَ وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ النّفَرُ مِنْ قُرَيْشٍ يَتَطَلّعُونَ مِنْ صَيْرِ الْبَابِ وَيَرْصُدُونَهُ وَيُرِيدُونَ بَيَاتَهُ وَيَأْتَمِرُونَ أَيّهُمْ يَكُونُ أَشْقَاهَا فَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَيْهِمْ فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ الْبَطْحَاءِ فَجَعَلَ يَذَرُهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَهُمْ لَا يَرَوْنَهُ وَهُوَ يَتْلُو {وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [يس: 9] وَمَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ فَخَرَجَا مِنْ خَوْخَةٍ فِي دَارِ أَبِي بَكْرٍ لَيْلًا وَجَاءَ رَجُلٌ وَرَأَى الْقَوْمَ بِبَابِهِ فَقَالَ مَا تَنْتَظِرُونَ؟ قَالُوا: مُحَمّدًا قَالَ خِبْتُمْ وَخَسِرْتُمْ قَدْ وَاَللّهِ مَرّ بِكُمْ وَذَرّ عَلَى رُءُوسِكُمْ التّرَابَ قَالُوا: وَاَللّهِ مَا أَبْصَرْنَاهُ وَقَامُوا يَنْفُضُونَ التّرَابَ عَنْ رُءُوسِهِمْ وَهُمْ أَبُو جَهْلٍ وَالْحَكَمُ بْنُ الْعَاصِ وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ وَزَمْعَة بْنُ الْأَسْوَدِ وَطُعَيْمَة بْنُ عَدِيّ وَأَبُو لَهَبٍ وَأُبَيّ بْنُ خَلَفٍ وَنُبَيْه وَمُنَبّهُ ابْنَا الْحَجّاجِ فَلَمّا أَصْبَحُوا قَامَ عَلِيّ عَنْ الْفِرَاشِ فَسَأَلُوهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لَا عِلْمَ لِي بِهِ. ثُمّ مَضَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ إلَى غَارِ ثَوْرٍ فَدَخَلَاهُ وَضَرَبَ الْعَنْكَبُوتُ عَلَى بَابِهِ. وَكَانَا قَدْ اسْتَأْجَرَا عَبْدَ اللّهِ بْنَ أُرَيْقِط اللّيْثِيّ وَكَانَ هَادِيًا مَاهِرًا بِالطّرِيقِ وَكَانَ عَلَى دِينِ قَوْمِهِ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَمِنَاهُ عَلَى ذَلِكَ وَسَلّمَا إلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَجَدّتْ قُرَيْشٌ فِي طَلَبِهِمَا وَأَخَذُوا مَعَهُمْ الْقَافَةَ حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَابِ الْغَارِ فَوَقَفُوا عَلَيْهِ. فَفِي الصّحِيحَيْنِ أَنّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ أَنّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إلَى مَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنّكَ بِاثْنَيْنِ اللّهُ ثَالِثُهُمَا لَا تَحْزَنْ فَإِنّ اللّهَ مَعَنَا وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْر يَسْمَعَانِ كَلَامَهُمْ فَوْقَ رُءُوسِهِمَا وَلَكِنّ اللّهَ سُبْحَانَهُ عَمّى عَلَيْهِمْ أَمْرَهُمَا وَكَانَ عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ يَرْعَى عَلَيْهِمَا غَنَمًا لِأَبِي بَكْرٍ وَيَتَسَمّعُ مَا يُقَالُ بِمَكّةَ ثُمّ يَأْتِيهِمَا بِالْخَبَرِ فَإِذَا كَانَ السّحَرُ سَرَحَ مَعَ النّاسِ. قَالَتْ عَائِشَةُ وَجَهّزْنَاهُمَا أَحْسَنَ الْجَهَازِ وَوَضَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَتْ بِهِ الْجِرَابَ وَقَطَعَتْ الْأُخْرَى فَصَيّرَتْهَا عِصَامًا لِفَمِ الْقِرْبَةِ فَلِذَلِكَ لُقّبَتْ ذَاتَ النّطَاقَيْنِ. وَذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ عَنْ عُمَرَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْغَارِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ فَجَعَلَ يَمْشِي سَاعَةً بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَاعَةً خَلْفَهُ حَتّى فَطِنَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَأَلَهُ فَقَالَ لَهُ يَا رَسُولَ اللّهِ أَذْكُرُ الطّلَبَ فَأَمْشِي خَلْفَك ثُمّ أَذْكُرُ الرّصَدَ فَأَمْشِي بَيْنَ يَدَيْك فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَوْ كَانَ شَيْءٌ أَحْبَبْتَ أَنْ يَكُونَ بِكَ دُونِي؟ قَالَ نَعَمْ وَاَلّذِي بَعَثَك بِالْحَقّ فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَكَانَكَ يَا رَسُولَ اللّهِ حَتّى أَسْتَبْرِئَ لَك الْغَارَ فَدَخَلَ فَاسْتَبْرَأَهُ حَتّى إذَا كَانَ فِي أَعْلَاهُ ذَكَرَ أَنّهُ لَمْ يَسْتَبْرِئْ الْجِحَرَةَ فَقَالَ مَكَانَك يَا رَسُولَ اللّهِ حَتّى أَسْتَبْرِئَ الْجِحَرَةَ ثُمّ قَالَ انْزِلْ يَا رَسُولَ اللّهِ فَنَزَلَ فَمَكَثَا فِي الْغَارِ ثَلَاثَ لِيَالٍ حَتّى خَمَدَتْ عَنْهُمَا نَارُ الطّلَبِ فَجَاءَهُمَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ أُرَيْقِط بِالرّاحِلَتَيْنِ فَارْتَحَلَا وَأَرْدَفَ أَبُو بَكْرٍ عَامِرَ بْنَ فُهَيْرَةَ وَسَارَ الدّلِيلُ أَمَامَهُمَا وَعَيْنُ اللّهِ تَكْلَؤُهُمَا وَتَأْيِيدُهُ يَصْحَبُهُمَا وَإِسْعَادُهُ يُرَحّلُهُمَا وَيُنْزِلُهُمَا.

.قِصّةُ سُرَاقَةَ:

وَلَمّا يَئِسَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الظّفَرِ بِهِمَا جَعَلُوا لِمَنْ جَاءَ بِهِمَا دِيَةَ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَجَدّ النّاسُ فِي الطّلَبِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ فَلَمّا مَرّوا بِحَيّ بَنِي مُدْلِجٍ مُصْعِدِينَ مِنْ قُدَيْد بَصُرَ بِهِمْ رَجُلٌ مِنْ الْحَيّ فَوَقَفَ عَلَى الْحَيّ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ آنِفًا بِالسّاحِلِ أَسْوِدَةً مَا أُرَاهَا إلّا مُحَمّدًا وَأَصْحَابَهُ فَفَطِنَ بِالْأَمْرِ سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَأَرَادَ أَنْ يَكُونَ الظّفَرُ لَهُ خَاصّةً وَقَدْ سَبَقَ لَهُ مِنْ الظّفَرِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي حِسَابِهِ فَقَالَ بَلْ هُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ خَرَجَا فِي طَلَبِ حَاجَةٍ لَهُمَا ثُمّ مَكَثَ قَلِيلًا ثُمّ قَامَ فَدَخَلَ خِبَاءَهُ وَقَالَ لِخَادِمِهِ اُخْرُجْ بِالْفَرَسِ مِنْ وَرَاءِ الْخِبَاءِ وَمَوْعِدُك وَرَاءَ الْأَكَمَةِ ثُمّ أَخَذَ رُمْحَهُ وَخَفَضَ عَالِيَهُ يَخُطّ بِهِ الْأَرْضَ حَتّى رَكِبَ فَرَسَهُ فَلَمّا قَرُبَ مِنْهُمْ وَسَمِعَ قِرَاءَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَلْتَفِتُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ رَهِقَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسَاخَتْ يَدَا فَرَسِهِ فِي الْأَرْضِ فَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنّ الّذِي أَصَابَنِي بِدُعَائِكُمَا فَادْعُوَا اللّهَ لِي وَلَكُمَا عَلَيّ أَنْ أَرُدّ النّاسَ عَنْكُمَا فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَطْلَقَ وَسَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا فَكَتَبَ لَهُ أَبُو بِأَمْرِهِ فِي أَدِيمٍ وَكَانَ الْكِتَابُ مَعَهُ إلَى يَوْمِ فَتْحِ مَكّةَ فَجَاءَهُ بِالْكِتَابِ فَوَفّاهُ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرّ وَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الزّادَ وَالْحِمْلَانِ فَقَالَا: لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ وَلَكِنْ عَمّ عَنّا الطّلَبَ فَقَالَ قَدْ كَفَيْتُمْ وَرَجَعَ فَوَجَدَ النّاسَ فِي الطّلَبِ فَجَعَلَ يَقُولُ قَدْ اسْتَبْرَأْتُ لَكُمْ الْخَبَرَ وَقَدْ كَفَيْتُمْ مَا هَاهُنَا وَكَانَ أَوّلُ النّهَارِ جَاهِدًا عَلَيْهِمَا وَآخِرُهُ حَارِسًا لَهُمَا.

.فصل أُمّ مَعْبَدٍ:

ثُمّ مَرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ حَتّى مَرّ بِخَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدٍ الْخُزَاعِيّة وَكَانَتْ امْرَأَةً بَرْزَةً جَلْدَةً تَحْتَبِي بِفَنَاءِ الْخَيْمَةِ ثُمّ تُطْعِمُ وَتَسْقِي مَنْ مَرّ بِهَا فَسَأَلَاهَا: هَلْ عِنْدَهَا شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ وَاَللّهِ لَوْ كَانَ عِنْدَنَا شَيْءٌ مَا أَعْوَزَكُمْ الْقِرَى وَالشّاءُ عَازِبٌ وَكَانَتْ مُسِنّةً شَهْبَاءَ فَنَظَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى شَاةٍ فِي كِسْرِ الْخَيْمَةِ فَقَالَ مَا هَذِهِ الشّاةُ يَا أُمّ مَعْبَدٍ؟ قَالَتْ شَاةٌ خَلّفَهَا الْجَهْدُ عَنْ الْغَنَمِ فَقَالَ هَلْ بِهَا مِنْ لَبَنٍ؟ قَالَتْ هِيَ أَجْهَدُ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَتَأْذَنِينَ لِي أَنْ أَحْلِبَهَا؟ قَالَتْ نَعَمْ بِأَبِي وَأُمّي إنْ رَأَيْتَ بِهَا حَلْبًا فَاحْلُبْهَا فَمَسَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِيَدِهِ ضَرْعَهَا وَسَمّى اللّهَ وَدَعَا فَتَفَاجّتْ عَلَيْهِ وَدَرّتْ فَدَعَا بِإِنَاءٍ لَهَا يُرْبِضُ الرّهْطَ فَحَلَبَ فِيهِ حَتّى عَلَتْهُ الرّغْوَةُ فَسَقَاهَا فَشَرِبَتْ حَتّى رَوَيْت وَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتّى رَوَوْا ثُمّ شَرِبَ وَحَلَبَ فِيهِ ثَانِيًا حَتّى مَلَأَ الْإِنَاءَ ثُمّ غَادَرَهُ عِنْدَهَا فَارْتَحَلُوا فَقَلّمَا لَبِثَتْ أَنْ جَاءَ زَوْجُهَا أَبُو مَعْبَدٍ يَسُوقُ أَعْنُزًا عِجَافًا يَتَسَاوَكُنّ هُزَالًا لَا نِقْيَ بِهِنّ فَلَمّا رَأَى اللّبَنَ عَجِبَ فَقَالَ مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا وَالشّاةُ عَازِبٌ؟ وَلَا حَلُوبَةَ فِي الْبَيْتِ؟ فَقَالَتْ لَا وَاَللّهِ إلّا أَنّهُ مَرّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ كَانَ مِنْ حَدِيثِهِ كَيْتَ وَكَيْتَ وَمِنْ حَالِهِ كَذَا وَكَذَا قَالَ وَاَللّهِ إنّي لَأَرَاهُ صَاحِبَ قُرَيْشٍ الّذِي تَطْلُبُهُ صِفِيهِ لِي يَا أُمّ مَعْبَدٍ قَالَتْ ظَاهِرُ الْوَضَاءَةِ أَبْلَجُ الْوَجْهِ حَسَنُ الْخَلْقِ لَمْ تَعِبْهُ ثُجْلَة وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صُعْلَة وَسِيمٌ قَسِيمٌ فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ وَفِي أَشْفَارِهِ وَطَفٌ وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ أَحْوَرُ أَكْحَلُ أَزَجّ أَقْرَنُ شَدِيدُ سَوَادِ الشّعْرِ إذَا صَمَتَ عَلَاهُ الْوَقَارُ وَإِنْ تَكَلّمَ عَلَاهُ الْبَهَاءُ أَجْمَلُ النّاسِ وَأَبْهَاهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ حُلْوُ الْمَنْطِقِ فَصْلٌ لَا نَزْرٌ وَلَا هَذْرٌ كَأَنّ مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَتَحَدّرْنَ رَبْعَةٌ لَا تُقْحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ وَلَا تَشْنَؤُهُ مِنْ طُولٍ غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ فَهُوَ أَنْضَرُ الثّلَاثَةِ مَنْظَرًا وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفّونَ بِهِ إذَا قَالَ اسْتَمَعُوا لِقَوْلِهِ وَإِذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إلَى أَمْرِهِ مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ لَا عَابِسٌ وَلَا مُفْنِدٌ فَقَالَ أَبُو مَعْبَدٍ وَاَللّهِ هَذَا صَاحِبُ قُرَيْشٍ الّذِي ذَكَرُوا مِنْ أَمْرِهِ مَا ذَكَرُوا لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَصْحَبُهُ وَلَأَفْعَلَنّ إنْ وَجَدْتُ إلَى ذَلِكَ سَبِيلًا وَأَصْبَحَ صَوْتٌ بِمَكّةَ عَالِيًا يَسْمَعُونَهُ وَلَا يَرَوْنَ الْقَائِلَ:
جَزَى اللّهُ رَبّ الْعَرْشِ خَيْرَ جَزَائِه ** رَفِيقَيْنِ حَلّا خَيْمَتَيْ أُمّ مَعْبَدٍ

هُمَا نَزَلَا بِالْبِرّ وَارْتَحَلَا بِه **وَأَفْلَحَ مَنْ أَمْسَى رَفِيقَ مُحَمّدِ

فَيَالَقُصَيّ مَا زَوَى اللّهُ عَنْكُمْ ** بِهِ مِنْ فَعَالٍ لَا يُجَازَى وَسُودَدِ

لِيَهْنَ بَنِي كَعْبٍ مَكَانَ فَتَاتِهِمْ ** وَمَقْعَدُهَا لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَرْصَدِ

سَلُوا أُخْتَكُمْ عَنْ شَاتِهَا وَإِنَائِهَا ** فَإِنّكُمْ إنْ تَسْأَلُوا الشّاءَ تَشْهَدِ

قَالَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ: مَا دَرَيْنَا أَيْنَ تَوَجّهَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ الْجِنّ مِنْ أَسْفَلِ مَكّةَ فَأَنْشَدَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ وَالنّاسَ يَتْبَعُونَهُ وَيَسْمَعُونَ صَوْتَهُ وَلَا يَرَوْنَهُ حَتّى خَرَجَ مِنْ أَعْلَاهَا قَالَتْ فَلَمّا سَمِعْنَا قَوْلَهُ عَرَفْنَا حَيْثُ تَوَجّهَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَنّ وَجْهَهُ إلَى الْمَدِينَةِ.

.فصل وُصُولُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَدِينَةِ:

وَبَلَغَ الْأَنْصَارَ مَخْرَجُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ مَكّةَ وَقَصْدُهُ الْمَدِينَةُ وَكَانُوا يَخْرُجُونَ كُلّ يَوْمٍ إلَى الْحَرّةِ يَنْتَظِرُونَهُ أَوّلَ النّهَارِ فَإِذَا اشْتَدّ حَرّ الشّمْسِ رَجَعُوا عَلَى عَادَتِهِمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعٍ الْأَوّلِ عَلَى رَأْسِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً مِنْ النّبُوّةِ خَرَجُوا عَلَى عَادَتِهِمْ فَلَمّا حَمِيَ حَرّ الشّمْسِ رَجَعُوا وَصَعِدَ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ عَلَى أُطُمٍ مِنْ آطَامِ الْمَدِينَةِ لِبَعْضِ شَأْنِهِ فَرَأَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَصْحَابَهُ مُبَيّضِينَ يَزُولُ بِهِمْ السّرَابُ فَصَرَخَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ يَا بَنِي قَيْلَةَ هَذَا صَاحِبُكُمْ قَدْ جَاءَ هَذَا جَدّكُمْ الّذِي تَنْتَظِرُونَهُ فَبَادَرَ الْأَنْصَارُ إلَى السّلَاحِ لِيَتَلَقّوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسُمِعَتْ الرّجّةُ وَالتّكْبِيرُ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ وَكَبّرَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحًا بِقُدُومِهِ وَخَرَجُوا لِلِقَائِهِ فَتَلَقّوْهُ وَحَيّوْهُ بِتَحِيّةِ النّبُوّةِ فَأَحْدَقُوا بِهِ مُطِيفِينَ حَوْلَهُ وَالسّكِينَةُ تَغْشَاهُ وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِ {فَإِنّ اللّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [التّحْرِيمُ 4] فَسَارَ حَتّى نَزَلَ بِقُبَاءَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَنَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ وَقِيلَ بَلْ عَلَى سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ وَالْأَوّلُ أَثْبَتُ فَأَقَامَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً وَأَسّسَ مَسْجِدَ قُبَاءَ وَهُوَ أَوّلُ مَسْجِدٍ أُسّسَ بَعْدَ النّبُوّةِ. كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ رَكِبَ بِأَمْرِ اللّهِ لَهُ فَأَدْرَكَتْهُ الْجُمُعَةُ فِي بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ فَجَمَعَ بِهِمْ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي فِي بَطْنِ الْوَادِي. ثُمّ رَكِبَ فَأَخَذُوا بِخِطَامِ رَاحِلَتِهِ هَلُمّ إلَى الْعَدَدِ وَالْعُدّةِ وَالسّلَاحِ وَالْمَنَعَةِ فَقَالَ خَلّوا سَبِيلَهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَة فَلَمْ تَزَلْ نَاقَتُهُ سَائِرَةً بِهِ لَا تَمُرّ بِدَارٍ مِنْ دُورِ الْأَنْصَارِ إلّا رَغِبُوا إلَيْهِ فِي النّزُولِ عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ دَعُوهَا فَإِنّهَا مَأْمُورَةٌ فَسَارَتْ حَتّى وَصَلَتْ إلَى مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ الْيَوْمَ وَبَرَكَتْ وَلَمْ يَنْزِلْ عَنْهَا حَتّى نَهَضَتْ وَسَارَتْ قَلِيلًا ثُمّ الْتَفَتَتْ فَرَجَعَتْ فَبَرَكَتْ فِي مَوْضِعِهَا الْأَوّلِ فَنَزَلَ عَنْهَا وَذَلِكَ فِي بَنِي النّجّارِ أَخْوَالِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ. وَكَانَ مِنْ تَوْفِيقِ اللّهِ لَهَا فَإِنّهُ أَحَبّ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى أَخْوَالِهِ يُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ فَجَعَلَ النّاسُ يُكَلّمُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي النّزُولِ عَلَيْهِمْ وَبَادَرَ أَبُو أَيّوبَ الْأَنْصَارِيّ إلَى رَحْلِهِ فَأَدْخَلَهُ بَيْتَهُ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ الْمَرْءُ مَعَ رَحْلِهِ وَجَاءَ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ فَأَخَذَ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ وَكَانَتْ عِنْدَهُ وَأَصْبَحَ كَمَا قَالَ أَبُو قَيْسٍ صِرْمَةُ الْأَنْصَارِيّ وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَخْتَلِفُ إلَيْهِ يَتَحَفّظُ مِنْهُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
ثَوَى فِي قُرَيْشٍ بِضْعَ عَشْرَةَ حِجّةً ** يُذَكّرُ لَوْ يَلْقَى حَبِيبًا مُوَاتِيَا

وَيَعْرِضُ فِي أَهْلِ الْمَوَاسِمِ نَفْسَهُ ** فَلَمْ يَرَ مَنْ يُؤْوِي وَلَمْ يَرَ دَاعِيَا

فَلَمّا أَتَانَا وَاسْتَقَرّتْ بِهِ النّوَى ** وَأَصْبَحَ مَسْرُورًا بِطَيْبَةَ رَاضِيَا

وَأَصْبَحَ لَا يَخْشَى ظُلَامَةَ ظَالِمٍ ** بَعِيدٍ وَلَا يَخْشَى مِنْ النّاسِ بَاغِيَا

بَذَلْنَا لَهُ الْأَمْوَالَ مِنْ حِلّ مَالِنَا ** وَأَنْفُسَنَا عِنْدَ الْوَغَى وَالتّآسِيَا

نُعَادِي الّذِي عَادَى مِنْ النّاسِ كُلّهِمْ ** جَمِيعًا وَإِنْ كَانَ الْحَبِيبَ الْمُصَافِيَا

وَنَعْلَمُ أَنّ اللّهَ لَا رَبّ غَيْرُهُ ** وَأَنّ كِتَابَ اللّهِ أَصْبَحَ هَادِيَا