فصل: مسألة: الحامل إذا صار لها ستة أشهر‏ عطيتها من الثلث

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وكذلك الحامل إذا صار لها ستة أشهر‏)‏

يعني عطيتها من الثلث وهذا قول مالك وقال إسحاق‏:‏ إذا أثقلت لا يجوز لها إلا الثلث ولم يحد وحكاه ابن المنذر عن أحمد وقال سعيد بن المسيب وعطاء وقتادة‏:‏ عطية الحامل من الثلث وقال أبو الخطاب‏:‏ عطية الحامل من رأس المال‏,‏ ما لم يضربها المخاض فإذا ضربها المخاض فعطيتها من الثلث وبهذا قال النخعي‏,‏ ومكحول ويحيى الأنصاري والأوزاعي‏,‏ والثوري والعنبري وابن المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي لأنها قبل ضرب المخاض لا تخاف الموت‏,‏ ولأنها إنما تخاف الموت إذا ضربها الطلق فأشبهت صاحب الأمراض الممتدة قبل أن يصير صاحب فراش وقال الحسن والزهري‏:‏ عطيتها كعطية الصحيح وهو القول الثاني للشافعي لأن الغالب سلامتها ووجه قول الخرقي أن ستة الأشهر وقت يمكن الولادة فيه‏,‏ وهي من أسباب التلف والصحيح إن شاء الله أنها إذا ضربها الطلق كان مخوفا لأنه ألم شديد يخاف منه التلف‏,‏ فأشبهت صاحب سائر الأمراض المخوفة وأما قبل ذلك فلا ألم بها واحتمال وجوده خلاف العادة‏,‏ فلا يثبت الحكم باحتماله البعيد مع عدمه كالصحيح فأما بعد الولادة‏,‏ فإن بقيت المشيمة معها فهو مخوف وإن مات الولد معها‏,‏ فهو مخوف لأنه يصعب خروجه وإن وضعت الولد وخرجت المشيمة‏,‏ وحصل ثم ورم أو ضربان شديد فهو مخوف وإن لم يكن شيء من ذلك‏,‏ فقد روي عن أحمد في النفساء‏:‏ إن كانت ترى الدم فعطيتها من الثلث ويحتمل أنه أراد بذلك إذا كان معه ألم للزومه لذلك في الغالب ويحتمل أن يحمل على ظاهره فإنها إذا كانت ترى الدم‏,‏ كانت كالمريض وحكمها بعد السقط كحكمها بعد وضع الولد التام وإن أسقطت مضغة أو علقة فلا حكم له‏,‏ إلا أن يكون ثم مرض أو ألم وهذا كله مذهب الشافعي إلا أن مجرد الدم عنده ليس بمخوف‏.‏

فصل‏:‏

ويحصل الخوف بغير ما ذكرناه في مواضع خمسة‏,‏ تقوم مقام المرض أحدها إذا التحم الحرب واختلطت الطائفتان للقتال‏,‏ وكانت كل طائفة مكافئة للأخرى أو مقهورة فأما القاهرة منهما بعد ظهورها فليست خائفة وكذلك إذا لم يختلطوا بل كانت كل واحدة منهما متميزة‏,‏ سواء كان بينهما رمى بالسهام أو لم يكن فليست حالة خوف ولا فرق بين كون الطائفتين متفقتين في الدين أو مفترقتين وبه قال مالك والأوزاعي والثوري ونحوه عن مكحول وعن الشافعي قولان أحدهما‏,‏ كقول الجماعة والثاني ليس بمخوف لأنه ليس بمريض ولنا أن توقع التلف ها هنا كتوقع المرض أو أكثر‏,‏ فوجب أن يلحق به ولأن المرض إنما جعل مخوفا لخوف صاحبه التلف وهذا كذلك قال أحمد‏:‏ إذا حضر القتال‏,‏ كان عتقه من الثلث وعنه‏:‏ إذا التحم الحرب فوصيته من المال كله فيحتمل أن يجعل هذا رواية ثانية وتسمى العطية وصية تجوزا لكونها في حكم الوصية‏,‏ ولكونها عند الموت ويحتمل أن يحمل على حقيقته في صحة الوصية من المال كله لكن يقف الزائد على الثلث على إجازة الورثة فإن حكم وصية الصحيح وخائف التلف واحد الثانية إذا قدم ليقتل‏,‏ فهي حالة خوف سواء أريد قتله للقصاص أو لغيره وللشافعي فيه قولان‏:‏ أحدهما‏:‏ أنه مخوف والثاني‏:‏ إن جرح فهو مخوف‏,‏ وإلا فلا لأنه صحيح البدن والظاهر العفو عنه ولنا أن التهديد بالقتل جعل إكراها يمنع وقوع الطلاق‏,‏ وصحة البيع ويبيح كثيرا من المحرمات ولولا الخوف لم تثبت هذه الأحكام‏,‏ وإذا حكم للمريض وحاضر الحرب بالخوف مع ظهور السلامة وبعد وجود التلف فمع ظهور التلف وقربه أولى‏,‏ ولا عبرة بصحة البدن فإن المرض لم يكن مثبتا لهذا الحكم لعينه بل لخوف إفضائه إلى التلف فثبت الحكم ها هنا بطريق التنبيه‏,‏ لظهور التلف الثالثة إذا ركب البحر فإن كان ساكنا فليس بمخوف‏,‏ وإن تموج واضطرب وهبت الريح العاصف فهو مخوف فإن الله تعالى وصفهم بشدة الخوف بقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ 22‏]‏‏.‏ الرابعة‏,‏ الأسير والمحبوس إذا كان من عادته القتل فهو خائف‏,‏ عطيته من الثلث وإلا فلا وهذا قول أبي حنيفة ومالك‏,‏ وابن أبي ليلى وأحد قولي الشافعي وقال الحسن لما حبس الحجاج إياس بن معاوية‏:‏ ليس له من ماله إلا الثلث وقال أبو بكر‏:‏ عطية الأسير من الثلث ولم يفرق وبه قال الزهري والثوري‏,‏ وإسحاق وحكاه ابن المنذر عن أحمد وتأول القاضي ما روي عن أحمد في هذا على ما ذكرناه من التفصيل ابتداء وقال الشعبي ومالك‏:‏ الغازي عطيته من الثلث وقال مسروق‏:‏ إذا وضع رجله في الغرز وقال الأوزاعي‏:‏ المحصور في سبيل الله والمحبوس ينتظر القتل أو تفقأ عيناه‏,‏ هو في ثلثه والصحيح إن شاء الله ما ذكرنا من التفصيل لأن مجرد الحبس والأسر من غير خوف القتل ليس بمرض‏,‏ ولا هو في معني المرض في الخوف فلم يجز إلحاقه به وإذا كان المريض الذي لا يخاف التلف عطيته من رأس ماله‏,‏ فغيره أولى الخامسة إذا وقع الطاعون ببلدة فعن أحمد أنه مخوف ويحتمل أنه ليس بمخوف فإنه ليس بمرض‏,‏ وإنما يخاف المرض والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

ويعتبر خروج العطية من الثلث حال الموت فمهما خرج من الثلث تبينا أن العطية صحت فيه حال العطية فإن نما المعطي أو كسب شيئا‏,‏ قسم بين الورثة وبين صاحبه على قدر ما لهما فيه فربما أفضى إلى الدور فمن ذلك إذا أعتق عبدا لا مال له سواه‏,‏ فكسب مثل قيمته في حياة سيده فللعبد من كسبه بقدر ما عتق منه وباقيه لسيده‏,‏ فيزداد به مال السيد وتزداد الحرية لذلك ويزداد حقه من كسبه‏,‏ فينقص به حق السيد من الكسب وينقص بذلك قدر المعتق منه‏,‏ فيستخرج ذلك بالجبر فيقال‏:‏ عتق من العبد شيء وله من كسبه شيء لأن كسبه مثله وللورثة من العبد وكسبه شيئان‏,‏ لأن لهم مثلي ما عتق منه وقد عتق منه شيء ولا يحسب على العبد ما حصل له من كسبه لأنه استحقه بجزئه الحر لا من جهة سيده‏,‏ فصار للعبد شيئان وللورثة شيئان من العبد وكسبه فيقسم العبد وكسبه نصفين‏,‏ يعتق منه نصفه وله نصف كسبه وللورثة نصفهما وإن كسب مثلي قيمته‏,‏ فله من كسبه شيئان صار له ثلاثة أشياء ولهم شيئان‏,‏ فيقسم العبد وكسبه أخماسا يعتق منه ثلاثة أخماسه وله ثلاثة أخماس كسبه‏,‏ وللورثة خمساه وخمسا كسبه وإن كسب ثلاثة أمثال قيمته فله ثلاثة أشياء من كسبه مع ما عتق منه ولهم شيئان‏,‏ فيعتق منه ثلثاه وله ثلثا كسبه ولهم الثلث منهما وإن كسب نصف قيمته‏,‏ عتق منه شيء وله نصف شيء ولهم شيئان‏,‏ فالجميع ثلاثة أشياء ونصف إذا بسطتها أنصافا صارت سبعة له ثلاثة أسباعها‏,‏ فيعتق ثلاثة أسباعه وله ثلاثة أسباع كسبه والباقي لهم إن كانت قيمته مائة‏,‏ فكسب تسعة فاجعل له من كل دينار شيئا فقل‏:‏ عتق منه مائة شيء‏,‏ وله من كسبه تسعة أشياء ولهم مائتا شيء ويعتق منه مائة جزء وتسعة أجزاء من ثلاثمائة وتسعة‏,‏ وله من كسبه مثل ذلك ولهم مائتا جزء من نفسه ومائتان من كسبه وإن كان على السيد دين يستغرق قيمته وقيمة كسبه صرفا في الدين ولم يعتق منه شيء لأن الدين مقدم على التبرع‏,‏ وإن لم يستغرق قيمته وقيمة كسبه صرف من العبد وكسبه ما يقضي به الدين وما بقي منهما يقسم على ما يعمل في العبد الكامل وكسبه فلو كان على السيد دين كقيمته‏,‏ صرف فيه نصف العبد ونصف كسبه وقسم الباقي بين الورثة والعتق نصفين وكذلك بقية الكسب وإن كسب العبد مثل قيمته‏,‏ وللسيد مال مثل قيمته قسمت العبد ومثلي قيمته على الأشياء الأربعة فلكل شيء ثلاثة أرباع‏,‏ فيعتق من العبد ثلاثة أرباعه وله ثلاثة أرباع كسبه ولو أعتق عبدا قيمته عشرون ثم أعتق عبدا قيمته عشرة‏,‏ فكسب كل واحد منهما مثل قيمته لكملت الحرية في العبد الأول فيعتق منه شيء وله من كسبه شيء‏,‏ وللورثة شيئان ويقسم العبدان وكسبهما على الأشياء الأربعة فيكون لكل شيء خمسة عشر‏,‏ فيعتق منه بقدر ذلك وهو ثلاثة أرباعه وله ثلاثة أرباع كسبه‏,‏ والباقي لهم وإن بدأ بعتق الأدنى عتق كله وأخذ كسبه ويستحق الورثة من العبد الآخر وكسبه مثلي العبد الذي عتق‏,‏ وهو نصفه ونصف كسبه ويبقى نصفه ونصف كسبه بينهما نصفين فيعتق ربعه‏,‏ وله ربع كسبه ويرق ثلاثة أرباعه ويتبعه ثلاثة أرباع كسبه وذلك مثلا ما انعتق منهما وإن أعتق العبدين دفعة واحدة‏,‏ قرعنا بينهما فمن خرجت له قرعة الحرية فحكمه كما لو بدأ بإعتاقه‏.‏

فصل‏:‏

وإن أعتق ثلاثة أعبد‏,‏ قيمتهم سواء وعليه دين بقدر قيمة أحدهم وكسب أحدهم مثل قيمته‏,‏ أقرعنا بينهم لإخراج الدين فإن وقعت على غير المكتسب بيع في الدين ثم أقرعنا بين المكتسب والآخر‏,‏ لأجل الحرية فإن وقعت على غير المكتسب عتق كله والمكتسب وماله للورثة‏,‏ وإن وقعت قرعة الحرية على المكتسب عتق منه ثلاثة أرباعه وله ثلاثة أرباع كسبه وباقيه وباقي كسبه والعبد الآخر للورثة‏,‏ كما قلنا فيما إذا كان للسيد مال بقدر قيمته ولو وقعت قرعة الدين ابتداء على المكتسب لقضينا الدين بنصفه ونصف كسبه ثم أقرعنا بين باقيه وبين العبدين الآخرين في الحرية‏,‏ فإن وقعت على غيره عتق كله وللورثة ما بقي وإن وقعت على المكتسب‏,‏ عتق باقيه وأخذ باقي كسبه ثم نقرع بين العبدين لإتمام الثلث‏,‏ فمن وقعت عليه القرعة عتق ثلثه وبقي ثلثاه‏,‏ والعبد الآخر للورثة لو كان العبد موهوبا لإنسان كان له من العبد وكسبه مثل ما للعبد من كسبه ونفسه في هذه المسائل كلها‏.‏

فصل‏:‏

وإن أعتق عبدين متساويي القيمة‏,‏ بكلمة واحدة ولا مال له غيرهما فمات أحدهما‏,‏ أقرع بين الحي والميت فإن وقعت على الميت فالحي رقيق وتبين أن الميت نصفه حر لأن مع الورثة مثلي نصفه‏,‏ وإن وقعت على الحي عتق ثلثه ولا يحسب الميت على الورثة لأنه لم يصل إليهم‏.‏

فصل‏:‏

رجل أعتق عبدا لا مال له سواه‏,‏ قيمته عشرة فمات قبل سيده وخلف عشرين‏,‏ فهي لسيده بالولاء وتبين أنه مات حرا وكذلك إن خلف أربعين وبنتا وإن خلف عشرة‏,‏ عتق منه شيء وله من كسبه شيء ولسيده شيئان‏,‏ وقد حصل في يد سيده عشرة تعدل شيئين فتبين أن نصفه حر وباقيه رقيق‏,‏ والعشرة يستحقها السيد نصفها بحكم الرق ونصفها بالولاء فإن خلف العبد ابنا‏,‏ فله من رقبته شيء ومن كسبه شيء يكون لأبيه بالميراث‏,‏ ولسيده شيئان فتقسم العشرة على ثلاثة للابن ثلثها‏,‏ وللسيد ثلثاها وتبين أنه عتق من العبد ثلثه وإن خلف بنتا فلها نصف شيء‏,‏ وللسيد شيئان فصارت العشرة على خمسة للبنت خمسها‏,‏ وللسيد أربعة أخماسها تعدل شيئين فتبين أن خمسي العبد مات حرا وإن خلف العبد عشرين وابنا‏,‏ فله من كسبه شيئان يكونان لابنه ولسيده شيئان‏,‏ فصارت العشرون بين السيد وبين ابنه نصفين وتبين أنه عتق منه نصفه فإن مات الابن قبل موت السيد وكان ابن معتقه‏,‏ ورثه السيد لأنا تبينا أن أباه مات حرا لكون السيد ملك عشرين وهي مثلا قيمته‏,‏ فعتق وجر ولاء ابنه إلى سيده فورثه وإن لم يكن ابن معتقه‏,‏ لم ينجر ولاؤه ولم يرثه سيد أبيه وكذلك الحكم لو خلف هذا الابن عشرين ولم يخلف أبوه شيئا‏,‏ أو ملك السيد عشرين من أي جهة كانت وإن لم يملك عشرين لم ينجر ولاء الابن إليه لأن أباه لم يعتق وإن عتق بعضه‏,‏ جر من ولاء ابنه بقدره فلو خلف الابن عشرة وملك السيد خمسة‏,‏ فإنك تقول‏:‏ عتق من العبد شيء ويجر من ولاء أبيه مثل ذلك ويحصل له من ميراثه شيء مع خمسته‏,‏ وهما يعدلان شيئين وباقي العشرة لمولى أمه فيقسم بين السيد ومولى الأم نصفين وتبين أنه قد عتق من العبد نصفه‏,‏ وحصل للسيد خمسه من ميراث ابنه وكانت له خمسة وذلك مثلا ما عتق من العبد فإن مات الابن في حياة أبيه قبل موت سيده‏,‏ وخلف مالا وحكمنا بعتق الأب أو عتق بعضه ورث مال ابنه إن كان حرا‏,‏ أو بقدر ما فيه من الحرية إن كان بعضه حرا ولم يرث سيده منه شيئا وفي هذه المسائل خلاف تركت ذكره كراهة التطويل‏.‏

فصل‏:‏

في المحاباة في المرض وهي أن يعاوض بماله‏,‏ ويسمح لمن عاوضه ببعض عوضه وهي على أقسام القسم الأول المحاباة في البيع والشراء ولا يمنع ذلك صحة العقد في قول الجمهور وقال أهل الظاهر‏:‏ العقد باطل ولنا‏,‏ عموم قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأحل الله البيع‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 275‏]‏‏.‏ ولأنه تصرف صدر من أهله في محله فصح كغير المريض فلو باع في مرضه عبدا لا يملك غيره‏,‏ قيمته ثلاثون بعشرة فقد حابى المشتري بثلثي ماله وليس له المحاباة بأكثر من الثلث‏,‏ فإن أجاز الورثة ذلك لزم البيع وإن لم يجيزوا فاختار المشتري فسخ البيع فله ذلك لأن الصفقة تبعضت عليه وإن اختار إمضاء البيع فالصحيح عندي أنه يأخذ نصف المبيع بنصف الثمن‏,‏ ويفسخ البيع في الباقي وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي والوجه الثاني أنه يأخذ ثلثي المبيع بالثمن كله وإلى هذا أشار القاضي في نحو هذه المسألة‏:‏ لأنه يستحق الثلث بالمحاباة والثلث الآخر بالثمن وقال أهل العراق‏:‏ يقال له‏:‏ إن شئت أديت عشرة أخرى وأخذت المبيع‏,‏ وإن شئت فسخت ولا شيء لك وعند مالك‏:‏ له أن يفسخ ويأخذ ثلث المبيع بالمحاباة ويسميه أصحابه خلع الثلث ولنا أن فيما ذكرناه مقابلة بعض المبيع بقسطه من الثمن عند تعذر أخذ جمعيه بجميعه فصح ذلك‏,‏ كما لو اشترى سلعتين بثمن فانفسخ البيع في إحداهما لعيب أو غيره أو كما لو اشترى شقصا وسيفا‏,‏ فأخذ الشفيع الشقص أو كالشفعاء يأخذ كل واحد منهم جزءا من المبيع بقسطه أو كما لو اشترى قفيزا يساوي ثلاثين‏,‏ بقفيز قيمته عشرة وأما الوجه الذي اختاره القاضي فلا يصح لأنه أوجب له المبيع بثمن فيأخذ بعضه بالثمن كله فلا يصح‏,‏ كما لو قال‏:‏ بعتك هذا بمائة فقال‏:‏ قبلت نصفه بها ولأنه إذا فسخ البيع في بعضه وجب أن يفسخه في قدره من ثمنه ولا يجوز فسخ البيع فيه مع بقاء ثمنه‏,‏ كما لا يجوز فسخ البيع في الجميع مع بقاء ثمنه وأما قول أهل العراق فإن فيه إجبار الورثة على المعاوضة على غير الوجه الذي عاوض مورثهم وإذا فسخ البيع‏,‏ لم يستحق شيئا لأن الوصية إنما حصلت في ضمن البيع فإذا بطل البيع زالت الوصية كما لو وصى لرجل بعينه أن يحج عنه بمائة وأجر مثله خمسون‏,‏ فطلب الخمسين الفاضلة بدون الحج وإن اشترى عبدا يساوي عشرة بثلاثين فإنه يأخذ نصفه بنصف الثمن وإن باع العبد الذي يساوي ثلاثين بخمسة عشر جاز والبيع في ثلثيه بثلثي الثمن وعلى قول القاضي‏,‏ للمشتري خمسة أسداسه بكل الثمن وطريق هذا أن تنسب الثمن وثلث المبيع إلى قيمته فيصح البيع في مقدار تلك النسبة‏,‏ وهو خمسة أسداسه وعلى الوجه الأول يسقط الثمن من قيمة المبيع وينسب الثلث إلى الباقي‏,‏ فيصح البيع في قدر تلك النسبة وهو ثلثاه بثلثي الثمن فإن خلف البائع عشرة أخرى فعلى الوجه الأول‏,‏ يصح البيع في ثمانية أتساعه بثمانية أتساع الثمن وعلى الوجه الثاني يأخذ المشتري نصفه وأربعة أتساعه بجميع الثمن‏,‏ ويرد نصف تسعه وإن باع قفيز حنطة يساوي ثلاثين بقفيز يساوي عشرة أو بقفيز يساوي خمسة عشر‏,‏ تعين الوجه الذي اخترناه في قول القاضي ومن وافقه لأن المساواة ها هنا شرط في صحة البيع ولا تحصل بغير هذا الوجه وطريق حسابها بالجبر فيما إذا باعه بما يساوي ثلث قيمته أن نقول‏:‏ يجوز البيع في شيء من الأرفع بشيء من الأدون‏,‏ وقيمته ثلث شيء فتكون المحاباة بثلثي شيء ألقهما من الأرفع‏,‏ يبق قفيز إلا ثلثي شيء يعدل مثلي المحاباة وذلك شيء وثلث شيء‏,‏ فإذا جبر به عدل شيئين فالشيء نصف القفيز‏.‏

فصل‏:‏

القسم الثاني المحاباة في التزويج إذا تزوج في مرضه امرأة صداق مثلها خمسة‏,‏ فأصدقها عشرة لا يملك سواها ثم مات فإن ورثته بطلت المحاباة‏,‏ إلا أن يجيزها سائر الورثة وإن لم ترثه لكونها مخالفة له في الدين أو غير ذلك فلها مهرها وثلث ما حاباها به وإن ماتت قبله‏,‏ فورثها ولم تخلف مالا سوى ما أصدقها دخلها الدور فتصح المحاباة في شيء‏,‏ فيكون له خمسة بالصداق وشيء بالمحاباة ويبقى لورثة الزوج خمسة الأشياء‏,‏ ثم رجع إليهم بالميراث نصف مالها وهو اثنان ونصف ونصف شيء صار لهم سبعة ونصف إلا نصف شيء يعدل شيئين اجبر وقابل‏,‏ يخرج الشيء ثلاثة فكان لها ثمانية رجع إلى ورثة الزوج نصفها أربعة‏,‏ صار لهم ستة ولورثتها أربعة فإن ترك الزوج خمسة أخرى قلت‏:‏ يبقى مع ورثة الزوج اثنا عشر ونصف إلا نصف شيء يعدل شيئين‏,‏ فالشيء خمسة فجازت لها المحاباة جميعها ورجع جميع ما حاباها به إلى ورثة الزوج‏,‏ وبقي لورثتها صداق مثلها وإن كان للمرأة خمسة ولم يكن للزوج شيء قلت‏:‏ يبقى مع ورثة الزوج عشرة إلا نصف شيء‏,‏ يعدل شيئين فالشيء أربعة فيكون لها بالصداق تسعة مع خمسها أربعة عشر‏,‏ رجع إلى ورثة الزوج نصفها مع الدينار الذي بقي لهم صار لهم ثمانية ولورثتها سبعة وإن كان عليها دين ثلاثة قلت‏:‏ يبقى مع ورثة الزوج ستة إلا نصف شيء‏,‏ يعدل شيئين فالشيء ديناران وخمسان والباب في هذا أن ننظر ما يبقى في يد ورثة الزوج فخمساه هو الشيء الذي صحت المحاباة فيه وذلك لأنه بعد الجبر يعدل شيئين ونصفا‏,‏ والشيء هو خمسا شيئين ونصف وإن شئت أسقطت خمسة وأخذت نصف ما بقي‏.‏

فصل‏:‏

القسم الثالث‏,‏ أن يخالعها في مرضها بأكثر من مهرها فمذهب أحمد أن لورثتها أن لا يعطوه أكثر من ميراثه منها يكون له الأقل من العوض أو ميراثه منها وبهذا قال أبو حنيفة إن خالعها بعد دخوله بها‏,‏ وماتت قبل انقضاء عدتها لأنها متهمة في أنها قصدت إيصال أكثر من ميراثه إليه وعند مالك‏:‏ إن زاد على مهر المثل فالزيادة مردودة وعن مالك أن خلع المريضة باطل وقال الشافعي‏:‏ الزيادة على مهر المثل محاباة تعتبر من الثلث وقال أبو حنيفة‏:‏ إن خالعها قبل دخوله بها‏,‏ أو مات بعد انقضاء عدتها فالعوض من الثلث ومثال ذلك‏:‏ امرأة اختلعت من زوجها بثلاثين‏,‏ لا مال لها سواها وصداق مثلها اثنا عشر فله خمسة عشر‏,‏ سواء قل صداقها أو كثر لأنها قدر ميراثه وعند الشافعي‏:‏ له ثمانية عشر اثنا عشر لأنها قدر صداقها وثلث باقي المال بالمحاباة وهو ستة وإن كان صداقها ستة‏,‏ فله أربعة عشر لأن ثلث الباقي ثمانية مريض تزوج امرأة على مائة لا يملك غيرها ومهر مثلها عشرة ثم مرضت‏,‏ فاختلعت منه بالمائة ولا مال لها سواها فلها مهر مثلها‏,‏ ولها شيء بالمحاباة والباقي له ثم رجع إليه نصف مالها بالمحاباة‏,‏ وهو خمسة ونصف شيء فصار مع ورثته خمسة وتسعون إلا نصف شيء يعدل شيئين‏,‏ فبعد الجبر يخرج الشيء ثمانية وثلاثين فقد صح لها بالصداق والمحاباة ثمانية وأربعون وبقي مع ورثته اثنان وخمسون‏,‏ ورجع إليهم بالخلع أربعة وعشرون فصار معهم ستة وسبعون وبقي للمرأة أربعة وعشرون وعند الشافعي يرجع إليهم صداق المثل وثلث شيء بالمحاباة‏,‏ فصار بأيديهم مائة إلا ثلثي شيء يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أثمانها‏,‏ وهو سبعة وثلاثون ونصف فصار لها ذلك ومهر المثل رجع إليه مهر المثل وثلث الباقي اثنا عشر ونصف‏,‏ فيصير بأيدي ورثته خمسة وسبعون وهو مثلا محاباتها وعند أبي حنيفة يرجع إليهم ثلث العشر وثلث الشيء‏,‏ فصار معهم ثلاثة وتسعون وثلث إلا ثلثي شيء فالشيء ثلاثة أثمانها وهو خمسة وثلاثون مع العشرة‏,‏ صار لها خمسة وأربعون رجع إلى الزوج ثلثها صار لورثتها ثلاثون ولورثته سبعون‏,‏ هذا إذا ماتت بعد انقضاء عدتها وإن تركت المرأة مائة أخرى فعلى قولنا يبقى مع ورثة الزوج مائة وخمسة وأربعون إلا نصف شيء يعدل شيئين‏,‏ فالشيء خمسا ذلك وهو ثمانية وخمسون وهو الذي صحت المحاباة فيه‏,‏ فلها ذلك وعشرة بالمثل صار لها مائة وثمانية وستون رجع إلى الزوج نصفها أربعة وثمانون‏,‏ وكان الباقي معه اثنان وثلاثون صار له مائة وستة عشر ولورثتها أربعة وثمانون‏.‏

فصل‏:‏

في الهبة رجل وهب أخاه مائة لا يملك غيرها‏,‏ فقبضها ثم مات وخلف بنتا‏,‏ فقد صحت الهبة في شيء والباقي للواهب ورجع إليه بالميراث نصف الشيء الذي جازت الهبة فيه‏,‏ صار معه مائة إلا نصف شيء يعدل شيئين فالشيء خمسا ذلك أربعون‏,‏ رجع إلى الواهب نصفها عشرون صار معه ثمانون وبقي لورثة أخي الواهب عشرون وطريقها بالباب أن تأخذ عددا لثلثه نصف‏,‏ وهو ستة فتأخذ ثلثه اثنين وتلقي نصفه سهما‏,‏ يبقى سهم فهو للموهوب له ويبقى للواهب أربعة‏,‏ فتقسم المائة سهم على خمسة والسهم الذي أسقطته لا يذكر لأنه يرجع على جميع السهام الباقية بالسوية‏,‏ فيجب اطراحه كالسهام الفاضلة عن الفروض في مسألة الرد وشبه هذه المسألة من مسائل الرد أم وأختان‏,‏ فللأختين أربعة وللأم سهم يسقط ذكر السهم السادس ولو كان ترك اثنتين‏,‏ ضربت ثلاثة في ثلاثة صارت تسعة وأسقطت منها سهما يبقى ثمانية‏,‏ فهي المال وخذ الثلث ثلاثة أسقط منهما سهما‏,‏ يبقى سهمان فهي التي تبقى لورثة الموهوب له ويبقى ستة للواهب‏,‏ وهي مثلا ما جازت الهبة فيه وإن خلف امرأة وبنتا فمسألتها من ثمانية تضربها في ثلاثة تكون أربعة وعشرين تسقط منها الثلاثة التي ورثها الواهب‏,‏ يبقى أحد وعشرون فهي المال وتأخذ ثلث الأربعة والعشرين‏,‏ وهي ثمانية تلقي منها الثلاثة يبقى خمسة‏,‏ فهي الباقية لورثة الموهوب له والباقي للواهب فتقسم المائة على هذه السهام‏.‏

فصل‏:‏

فإن وهب مريض مريضا مائة‏,‏ لا يملك سواها ثم عاد الموهوب له فوهبها للأول ولا يملك سواها‏,‏ فبالباب نضرب ثلاثة في ثلاثة ونسقط منها سهما يبقى ثمانية‏,‏ فاقسم المائة عليها لكل سهمين خمسة وعشرون ثم خذ ثلثها ثلاثة أسقط منها سهما‏,‏ يبقى سهمان فهو للموهوب الأول وذلك هو الربع وبالجبر قد صحت الهبة في شيء‏,‏ ثم صحت الهبة الثانية في ثلثه بقي للموهوب الأول ثلثا شيء وللواهب مائة إلا ثلثي شيء يعدل شيئين‏,‏ اجبر وقابل يخرج الشيء سبعة وثلاثين ونصفا رجع إلى الواهب ثلثها اثنا عشر ونصف‏,‏ وبقي للموهوب له خمسة وعشرون فإن خلف الواهب مائة أخرى فقد بقي مع الواهب مائتان إلا ثلثي شيء تعدل شيئين‏,‏ الشيء ثلاثة أثمانها وذلك خمسة وسبعون رجع إلى الواهب ثلثها‏,‏ بقي مع ورثته خمسون‏.‏

فصل‏:‏

فإن وهب رجل رجلا جارية فقبضها الموهوب له ووطئها ومهرها ثلث قيمتها‏,‏ ثم مات الواهب ولا شيء له سواها وقيمتها ثلاثون ومهرها عشرة‏,‏ فقد صحت الهبة في شيء وسقط عنه من مهرها ثلث شيء وبقي للواهب أربعون إلا شيئا وثلثا يعدل شيئين‏,‏ اجبر وقابل يخرج الشيء خمس ذلك وعشره‏,‏ وهو اثنا عشر وذلك خمسا الجارية فقد صحت الهبة فيه ويبقى للواهب ثلاثة أخماسها وله على الموهوب له ثلاثة أخماس مهرها ستة ولو وطئها أجنبي فكذلك‏,‏ ويكون عليه مهرها ثلاثة أخماسه للواهب وخمساه للموهوب له‏,‏ إلا أن نفوذ الهبة فيما زاد على الثلث منها موقوف على حصول المهر من الواطئ فإن لم يحصل منه شيء لم تزد الهبة على ثلثها وكلما حصل منه شيء نفذت الهبة في الزيادة بقدر ثلثه وإن وطئها الواهب‏,‏ فعليه من عقرها بقدر ما جازت الهبة فيه وهو ثلث شيء يبقى معه ثلاثون إلا شيئا‏,‏ يعدل شيئين فالشيء تسعة وهو خمس الجارية‏,‏ وعشرها وسبعة أعشارها لورثة الواطئ وعليهم عقر الذي جازت الهبة فيه فإن أخذ من الجارية بقدرها‏,‏ صار له خمساها‏.‏

فصل‏:‏

وإن وهب مريض رجلا عبدا لا يملك غيره فقتل العبد الواهب‏,‏ قيل للموهوب له‏:‏ إما أن تفديه وإما أن تسلمه فإن اختار تسليمه سلمه كله‏,‏ نصفه بالجناية ونصفه لانتقاض الهبة فيه وذلك لأن العبد كله قد صار إلى ورثة الواهب وهو مثلا نصفه‏,‏ فتبين أن الهبة جازت في نصفه وإن اختار فداءه ففيه روايتان إحداهما يفديه بأقل الأمرين من قيمة نصيبه منه أو أرش جنايته والأخرى يفديه بقدر ذلك من أرش جنايته بالغة ما بلغت فإن كانت قيمته دية‏,‏ فإنك تقول‏:‏ صحت الهبة في شيء وتدفع إليهم نصف العبد وقيمة نصفه وذلك يعدل شيئين‏,‏ فتبين أن الشيء نصف العبد وإن كانت قيمته ديتين واختار دفعه‏,‏ فإن الهبة تجوز في شيء وتدفع إليهم نصفه يبقى معهم عبد إلا نصف شيء‏,‏ يعدل شيئين فالشيء خمساه ويرد إليهم ثلاثة أخماسه لانتقاص الهبة‏,‏ وخمسا من أجل جنايته فيصير لهم أربعة أخماسه وذلك مثلا ما جازت الهبة فيه وإن اختار فداءه‏,‏ فداه بخمسي الدية ويبقى لهم ثلاثة أخماسه وخمسا الدية وهي بمنزلة خمس منه‏,‏ ويبقى له خمساه وإن كانت قيمته نصف الدية أو أقل وقلنا‏:‏ نفديه بأرش جنايته نفذت الهبة في جميعه لأن أرشها أكثر من مثلي قيمته أو مثليها وإن كانت قيمته ثلاثة أخماس الدية فاختار فداءه بالدية‏,‏ فقد صحت الهبة في شيء ويفديه بشيء وثلثين فصار مع الورثة عبد وثلثا شيء‏,‏ يعدل شيئين فالشيء ثلاثة أرباع فتصح الهبة في ثلاثة أرباع العبد‏,‏ ويرجع إلى الواهب ربعه مائة وخمسون وثلاثة أرباع الدية سبعمائة وخمسون صار الجميع تسعمائة‏,‏ وهو مثلا ما صحت الهبة فيه فإن ترك الواهب مائة دينار فاضممها إلى قيمة العبد فإن اختار دفع العبد‏,‏ دفع ثلثه وربعه وذلك قدر نصف جميع المال بالجناية وباقيه لانتقاص الهبة فيصير العبد والمائة‏,‏ وذلك مثلا ما جازت الهبة فيه وإن اختار الفداء فقد علمت أنه يفدي ثلاثة أرباعه إذا لم يترك شيئا فزد على ذلك ثلاثة أرباع المائة‏,‏ يصير ذلك سبعة أثمان العبد فيفديه بسبعة أثمان الدية‏.‏