فصل: فصل: لو كان على رجلين مائة على كل منهما نصفها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

ولو كان على رجلين مائة على كل منهما نصفها‏,‏ وكل واحد ضامن عن صاحبه ما عليه فضمن آخر عن أحدهما المائة بأمره وقضاها سقط الحق عن الجميع‏,‏ وله الرجوع بها على الذي ضمن عنه ولم يكن له أن يرجع على الآخر بشيء في إحدى الروايتين لأنه لم يضمن عنه‏,‏ ولا أذن له في القضاء فإذا رجع على الذي ضمن عنه رجع على الآخر بنصفها‏,‏ إن كان ضمن عنه بإذنه لأنه ضمنها عنه بإذنه وقضاها ضامنه والرواية الثانية له الرجوع على الآخر بالمائة لأنها وجبت له على من أداها عنه‏,‏ فملك الرجوع بها عليه كالأصل ‏"‏

فصل‏:‏

إذا ضمن عن رجل بإذنه فطولب الضامن فله مطالبة المضمون عنه بتخليصه لأنه لزمه الأداء عنه بأمره‏,‏ فكانت له المطالبة بتبرئة ذمته وإن لم يطالب الضامن لم يملك مطالبة المضمون عنه لأنه لما لم يكن له الرجوع بالدين قبل غرامته لم يكن له المطالبة به قبل طلبه منه وفيه وجه آخر‏,‏ أن له المطالبة لأنه شغل ذمته بإذنه فكانت له المطالبة بتفريغها كما لو استعار عبدا فرهنه‏,‏ كان للسيد مطالبته بفكاكه وتفريغه من الرهن والأول أولى ويفارق الضمان العارية لأن السيد يتضرر بتعويق منافع عبده المستعار فملك المطالبة بما يزيل الضرر عنه والضامن لا يبطل بالضمان شيء من منافعه فأما إن ضمن عنه بغير أمره‏,‏ لم يملك مطالبة المضمون عنه قبل الأداء بحال لأنه لا حق له يطالب به ولا شغل ذمته بأمره فأشبه الأجنبي وقيل‏:‏ إن هذا ينبني على الروايتين في رجوعه على المضمون عنه بما أدى عنه‏,‏ فإن قلنا‏:‏ لا يرجع فلا مطالبة له بحال وإن قلنا‏:‏ يرجع فحكمه حكم من ضمن عنه بأمره على ما مضى تفصيله‏.‏

فصل‏:‏

فإن ضمن الضامن ضامن آخر فقضى أحدهم الدين‏,‏ برئوا جميعا فإن قضاه المضمون عنه لم يرجع على أحد وإن قضاه الضامن الأول رجع على المضمون عنه دون الضامن عنه وإن قضاه الثاني رجع على الأول‏,‏ ثم رجع الأول على المضمون عنه إذا كان كل واحد منهما قد أذن لصاحبه فإن لم يكن أذن له‏,‏ ففي الرجوع روايتان وإن أذن الأول للثاني ولم يأذن المضمون عنه أو أذن المضمون عنه لضامنه‏,‏ ولم يأذن الضامن لضامنه رجع المأذون له على من أذن له ولم يرجع الآخر على إحدى الروايتين‏,‏ فإن أذن المضمون عنه للضامن الثاني في الضمان ولم يأذن له الضامن الأول رجع على المضمون عنه‏,‏ ولم يرجع على الضامن لأنه إنما يرجع على من أذن له دون غيره‏.‏

فصل‏:‏

إذا كان له ألف على رجلين على كل واحد منهما نصفه وكل واحد منهما ضامن عن صاحبه‏,‏ فأبرأ الغريم أحدهما من الألف برئ منه وبرئ صاحبه من ضمانه‏,‏ وبقي عليه خمسمائة وإن قضاه أحدهما خمسمائة أو أبرأه الغريم منها وعين القضاء بلفظه أو ببينة عن الأصل والضمان‏,‏ انصرف إليه وإن أطلق احتمل أن له صرفها إلى ما شاء منهما كمن أخرج زكاة نصاب وله نصابان غائب وحاضر‏,‏ كان له صرفها إلى ما شاء منهما واحتمل أن يكون نصفها عن الأصل ونصفها عن الضمان لأن إطلاق القضاء والإبراء ينصرف إلى جملة ما في ذمته‏,‏ فيكون بينهما والمعتبر في القضاء لفظ القاضي ونيته وفي الإبراء لفظ المبرئ ونيته‏,‏ ومتى اختلفوا في ذلك فالقول قول من المعتبر لفظه ونيته‏.‏

فصل‏:‏

ولو ادعى ألفا على حاضر وغائب وأن كل واحد منهما ضامن عن صاحبه‏,‏ فاعترف الحاضر بذلك فله أخذ الألف منه فإذا قدم الغائب فاعترف‏,‏ رجع عليه صاحبه بنصفه وإن أنكر فالقول قوله مع يمينه‏,‏ وإن أنكر الحاضر فالقول قوله مع يمينه فإن قامت عليه بينة فاستوفى الألف منه‏,‏ لم يرجع على الغائب بشيء لأنه بإنكاره معترف أنه لا حق له عليه وإنما المدعي ظلمه وإن اعترف الغائب وعاد الحاضر عن إنكاره فله أن يستوفي منه لأنه يدعي عليه حقا يعترف له به‏,‏ فكان له أخذه منه وإن لم يقم على الحاضر بينة حلف وبرئ فإذا قدم الغائب فأنكر أيضا وحلف‏,‏ برئ وإن اعترف لزمه دفع الألف وقال بعض أصحاب الشافعي‏:‏ لا يلزمه إلا خمس المائة الأصلية دون المضمونة لأنها سقطت عن المضمون عنه بيمينه‏,‏ فتسقط عن ضامنه ولنا أنه يعترف بها وغريمه يدعيها واليمين إنما أسقطت المطالبة عنه في الظاهر‏,‏ ولم تسقط عنه الحق الذي في ذمته ولهذا لو قامت عليه بينة بعد يمينه لزمه‏,‏ ولزم الضامن‏.‏

فصل‏:‏

ولا يدخل الضمان والكفالة خيار لأن الخيار جعل ليعرف ما فيه الحظ والضمين والكفيل على بصيرة أنه لا حظ لهما ولأنه عقد لا يفتقر إلى القبول‏,‏ فلم يدخله خيار كالنذر وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي ولا نعلم عن أحد خلافهم فإن شرط الخيار فيهما فقال القاضي‏:‏ عندي أن الكفالة تبطل‏,‏ وهو مذهب الشافعي لأنه شرط ما ينافي مقتضاها ففسدت كما لو شرط أن لا يؤدى ما على المكفول به‏,‏ وذلك لأن مقتضى الضمان والكفالة لزوم ما ضمنه أو كفل به والخيار ينافي ذلك ويحتمل أن يبطل الشرط وتصح الكفالة كما قلنا في الشروط الفاسدة في البيع ولو أقر بأنه كفل بشرط الخيار‏,‏ لزمته الكفالة وبطل الشرط لأنه وصل بإقراره ما يبطله فأشبه استثناء الكل‏.‏

فصل‏:‏

وإذا ضمن رجلان عن رجل ألفا‏,‏ ضمان اشتراط فقالا‏:‏ ضمنا لك الألف الذي على زيد فكل واحد منهما ضامن لنصفه وإن كانوا ثلاثة فكل واحد منهم ضامن ثلثه فإن قال واحد منهم‏:‏ أنا وهذان ضامنون لك الألف فسكت الآخران فعليه ثلث الألف‏,‏ ولا شيء عليهما وإن قال كل واحد منهم‏:‏ كل واحد منا ضامن لك الألف فهذا ضمان اشتراك وانفراد وله مطالبة كل واحد منهم بالألف كله إن شاء وإن أدى أحدهم الألف كله أو حصته لم يرجع إلا على المضمون عنه لأن كل واحد منهم ضامن أصلي‏,‏ وليس بضامن عن الضامن الآخر‏.‏

مسألة‏:‏

قال ‏[‏ومن كفل بنفس لزمه ما عليها إن لم يسلمها‏]‏ وجملة ذلك أن الكفالة بالنفس صحيحة في قول أكثر أهل العلم هذا مذهب شريح ومالك والثوري والليث وأبي حنيفة وقال الشافعي في بعض أقواله‏:‏ الكفالة بالبدن ضعيفة واختلف أصحابه فمنهم من قال‏:‏ هي صحيحة قولا واحدا وإنما أراد أنها ضعيفة في القياس‏,‏ وإن كانت ثابتة بالإجماع والأثر ومنهم من قال‏:‏ فيها قولان أحدهما أنها غير صحيحة لأنها كفالة بعين فلم تصح‏,‏ كالكفالة بالوجه وبدن الشاهدين ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏قال لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به إلا أن يحاط بكم‏}‏ ‏[‏يوسف‏:‏ 66‏]‏‏.‏ ولأن ما وجب تسليمه بعقد وجب تسليمه بعقد الكفالة كالمال إذا ثبت هذا‏,‏ فإنه متى تعذر على الكفيل إحضار المكفول به مع حياته أو امتنع من إحضاره لزمه ما عليه وقال أكثرهم‏:‏ لا يغرم ولنا عموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏الزعيم غارم‏)‏ ولأنها أحد نوعى الكفالة‏,‏ فوجب بها الغرم كالكفالة بالمال‏.‏

فصل‏:‏

وتصح الكفالة ببدن كل من يلزم حضوره في مجلس الحكم بدين لازم سواء كان الدين معلوما أو مجهولا وقال بعض أصحاب الشافعية‏:‏ لا تصح بمن عليه دين مجهول لأنه قد يتعذر إحضار المكفول به‏,‏ فيلزمه الدين ولا يمكن طلبه منه لجهله ولنا أن الكفالة بالبدن لا بالدين‏,‏ والبدن معلوم فلا تبطل الكفالة لاحتمال عارض ولأنا قد تبينا أن ضمان المجهول يصح‏,‏ وهو التزام المال ابتداء فالكفالة التي لا تتعلق بالمال ابتداء أولى وتصح الكفالة بالصبي والمجنون لأنهما قد يجب إحضارهما مجلس الحكم للشهادة عليهما بالإتلاف وإذن وليهما يقوم مقام إذنهما وتصح الكفالة ببدن المحبوس والغائب وقال أبو حنيفة‏:‏ لا تصح ولنا‏,‏ أن كل وثيقة صحت مع الحضور صحت مع الغيبة والحبس كالرهن والضمان ولأن الحبس لا يمنع من التسليم‏,‏ لكون المحبوس يمكن تسليمه بأمر الحاكم أو أمر من حبسه ثم يعيده إلى الحبس بالحقين جميعا‏,‏ والغائب يمضي إليه فيحضره إن كانت الغيبة غير منقطعة وهو أن يعلم خبره وإن لم يعلم خبره‏,‏ لزمه ما عليه‏:‏ قاله القاضي وقال في موضع آخر‏:‏ لا يلزمه ما عليه حتى تمضي مدة يمكنه الرد فيها فلا يفعل‏.‏

فصل‏:‏

ولا تصح الكفالة ببدن من عليه حد سواء كان حقا لله تعالى‏,‏ كحد الزنى والسرقة أو لآدمي كحد القذف والقصاص وهذا قول أكثر أهل العلم منهم شريح والحسن وبه قال إسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وأصحاب الرأي وبه قال الشافعي في حدود الله تعالى‏,‏ واختلف قوله في حدود الآدمي فقال في موضع‏:‏ لا كفالة في حدود الآدمي ولا لعان وقال في موضع‏:‏ تجوز الكفالة بمن عليه حق أو حد لأنه حق لآدمي فصحت الكفالة به‏,‏ كسائر حقوق الآدميين ولنا ما روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه‏,‏ عن جده عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال ‏(‏لا كفالة في حد‏)‏ ولأنه حد فلم تصح الكفالة فيه كحدود الله تعالى‏,‏ ولأن الكفالة استيثاق والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات فلا يدخل فيها الاستيثاق‏,‏ ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به فلم تصح الكفالة بمن هو عليه‏,‏ كحد الزنى‏.‏

فصل‏:‏

ولا تجوز الكفالة بالمكاتب من أجل دين الكتابة لأن الحضور لا يلزمه فلا تجوز الكفالة به كدين الكتابة‏.‏

فصل‏:‏

وتصح الكفالة حالة ومؤجلة كما يصح الضمان حالا ومؤجلا‏,‏ وإذا أطلق كانت حالة لأن كل عقد يدخله الحلول اقتضى إطلاقه الحلول كالثمن والضمان فإذا تكفل حالا كان له مطالبته بإحضاره‏,‏ فإن أحضره وهناك يد حائلة ظالمة لم يبرأ منه ولم يلزم المكفول له تسلمه لأنه لا يحصل له غرضه وإن لم يكن يد حائلة لزمه قبوله‏,‏ فإن قبله برئ من الكفالة وقال ابن أبي موسى‏:‏ لا يبرأ حتى يقول‏:‏ قد برئت إليك منه أو قد سلمته إليك أو قد أخرجت نفسي من كفالته والصحيح الأول لأنه عقد على عمل فبرئ منه بالعمل المعقود عليه كالإجارة‏,‏ فإن امتنع من تسلمه برئ لأنه أحضر ما يجب تسليمه عند غريمه وطلب منه تسلمه على وجه لا ضرر في قبضه فبرئ منه كالمسلم فيه وقال بعض أصحابنا‏:‏ إذا امتنع من تسلمه‏,‏ أشهد على امتناعه رجلين وبرئ لأنه فعل ما وقع العقد على فعله فبرئ منه وقال القاضي‏:‏ يرفعه إلى الحاكم فيسلمه إليه فإن لم يجد حاكما أشهد شاهدين على إحضاره وامتناع المكفول له من قبوله والأول أصح فإن مع وجود صاحب الحق لا يلزمه دفعه إلى نائبه‏,‏ كحاكم أو غيره وإن كانت الكفالة مؤجلة لم يلزم إحضاره قبل الأجل كالدين المؤجل‏,‏ فإذا حل الأجل فأحضره وسلمه برئ وإن كان غائبا أو مرتدا لحق بدار الحرب لم يؤخذ بالحق حتى يمضي زمن يمكن المضي إليه وإعادته وقال ابن شبرمة‏:‏ يحبس في الحال لأن الحق قد توجه عليه ولنا أن الحق يعتبر في وجوب أدائه إمكان التسليم وإن كان حالا كالدين‏,‏ فإذا مضت مدة يمكن إحضاره فيها ولم يحضره أو كانت الغيبة منقطعة لا يعلم خبره أو امتنع من إحضاره مع إمكانه‏,‏ أخذ بما عليه وقال أصحاب الشافعي‏:‏ إن كانت الغيبة منقطعة لا يعلم مكانه لم يطالب الكفيل بإحضاره ولم يلزمه شيء‏,‏ وإن امتنع من إحضاره مع إمكانه حبس وقد دللنا على وجوب الغرم فيما مضى وإن أحضر المكفول به قبل الأجل ولا ضرر في تسليمه لزمه وإن كان فيه ضرر‏,‏ مثل أن تكون حجة الغريم غائبة أو لم يكن يوم مجلس الحاكم أو الدين مؤجل عليه لا يمكن اقتضاؤه منه‏,‏ أو قد وعده بالإنظار في تلك المدة لم يلزمه قبوله كما نقول في من دفع الدين المؤجل قبل حلوله‏.‏

فصل‏:‏

وإذا عين في الكفالة تسليمه في مكان‏,‏ فأحضره في غيره لم يبرأ من الكفالة وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال القاضي‏:‏ إن أحضره بمكان آخر من البلد وسلمه برئ من الكفالة وقال بعض أصحابنا‏:‏ متى أحضره في أي مكان كان‏,‏ وفي ذلك الموضع سلطان برئ من الكفالة لكونه لا يمكنه الامتناع من مجلس الحاكم ويمكن إثبات الحجة فيه وقيل‏:‏ إن كان عليه ضرر في إحضاره بمكان آخر‏,‏ لم يبرأ الكفيل بإحضاره فيه وإلا برئ كقولنا فيما إذا أحضره قبل الأجل ولأصحاب الشافعي اختلاف على نحو ما ذكرنا ولنا‏,‏ أنه سلم ما شرط تسليمه في مكان في غيره فلم يبرأ كما لو أحضر المسلم فيه في غير هذا الموضع الذي شرطه‏,‏ ولأنه قد سلم في موضع لا يقدر على إثبات الحجة فيه لغيبة شهوده أو غير ذلك‏,‏ وقد يهرب منه ولا يقدر على إمساكه يفارق ما إذا أحضره قبل الأجل‏,‏ فإنه عجل الحق قبل أجله فزاده خيرا فإذا لم يكن فيه ضرر وجب قبوله وإن وقعت الكفالة مطلقة‏,‏ وجب تسليمه في مكان العقد كالسلم فإن سلمه في غيره فهو كتسليمه في غير المكان الذي عينه وإن كان المكفول به محبوسا عند غير الحاكم‏,‏ لم يلزمه تسليمه محبوسا لأن ذلك الحبس يمنعه استيفاء حقه وإن كان محبوسا عند الحاكم فسلمه إليه محبوسا لزمه تسليمه لأن حبس الحاكم لا يمنعه استيفاء حقه وإذا طالب الحاكم بإحضاره أحضره مجلسه‏,‏ وحكم بينهما ثم يرده إلى الحبس فإن توجه عليه حق للمكفول له حبسه بالحق الأول أو حق المكفول له‏.‏