فصل: مسألة: معنى الفيئة‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وابتداء المدة من حين اليمين‏,‏ ولا يفتقر إلى ضرب مدة لأنها ثبتت بالنص والإجماع فلم تفتقر إلى ضرب كمدة العنة ولا يطالب بالوطء فيها لما ذكرنا‏,‏ فإن وطئها فيها فقد عجل حقها قبل محله وخرج من الإيلاء كمن عليه دين دفعه قبل الأجل وهكذا إن وطئ بعد المدة‏,‏ قبل المطالبة أو بعدها خرج من الإيلاء وسواء وطئها وهي عاقلة أو مجنونة أو يقظانة أو نائمة لأنه فعل ما حلف عليه‏,‏ فإن وطئها وهو مجنون لم يحنث ذكره ابن حامد وهو قول الشعبي وقال أبو بكر‏:‏ يحنث وعليه الكفارة لأنه فعل ما حلف عليه والأول أصح لأنه غير مكلف‏,‏ والقلم عنه مرفوع ويخرج بوطئه عن الإيلاء لأنه قد وفاها حقها وحصل منه في حقها ما يحصل من العاقل‏,‏ وإنما تسقط الكفارة عنه لرفع القلم عنه ذكر هذا ابن حامد وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وذكر القاضي ما يدل على أنه يبقى موليا فإنه قال‏:‏ إذا وطئ بعد إفاقته تجب عليه الكفارة لأن وطأه الأول ما حنث به وإذا بقيت يمينه‏,‏ بقي الإيلاء كما لو لم يطأ وهذا قول المزني وينبغي أن يستأنف له مدة الإيلاء من حين وطئ لأنه لا ينبغي أن يطالب بالفيئة مع وجودها منه ولا يطلق عليه لانتفائها وهي موجودة‏,‏ ولكن تضرب له مدة لبقاء حكم يمينه وقيل‏:‏ تضرب له المدة إذا عقل لأنه حينئذ يمنع من الوطء بحكم يمينه ومن قال بالأول قال‏:‏ قد وفاها حقها فلم يبق الإيلاء كما لو حنث‏,‏ ولا يمتنع انتفاء الإيلاء مع اليمين كما لو حلف لا يطأ أجنبية ثم تزوجها‏.‏

فصل‏:‏

وإن وطئ العاقل ناسيا ليمينه‏,‏ فهل يحنث‏؟‏ على روايتين فإن قلنا‏:‏ يحنث انحل إيلاؤه وذهبت يمينه وإن قلنا‏:‏ لا يحنث فهل ينحل إيلاؤه‏؟‏ على وجهين قياسا على المجنون وكذلك يخرج فيما إذا آلى من إحدى زوجتيه‏,‏ ثم وجدها على فراشه فظنها الأخرى فوطئها لأنه جاهل بها‏,‏ والجاهل كالناسي في الحنث وكذلك إن ظنها أجنبية فبانت زوجته وإن استدخلت ذكره وهو نائم لم يحنث لأنه لم يفعل ما حلف عليه ولأن القلم مرفوع عنه وهل يخرج من حكم الإيلاء‏؟‏ يحتمل وجهين‏:‏ أحدهما‏,‏ يخرج لأن المرأة وصلت إلى حقها فأشبه ما لو وطئ والثاني لا يخرج من حكم الإيلاء لأنه ما وفاها حقها‏,‏ وهو باق على الامتناع من الوطء بحكم اليمين فكان موليا كما لو لم يفعل به ذلك والحكم فيما إذا وطئ وهو نائم كذلك لأنه لا يحنث به‏.‏

فصل‏:‏

وإن وطئها وطئا محرما‏,‏ مثل أن وطئها حائضا أو نفساء أو محرمة‏,‏ أو صائمة صوم فرض أو كان محرما أو صائما‏,‏ أو مظاهرا حنث وخرج من الإيلاء وهذا مذهب الشافعي وقال أبو بكر‏:‏ قياس المذهب أن لا يخرج من الإيلاء لأنه وطء لا يؤمر به في الفيئة‏,‏ فلم يخرج به من الإيلاء كالوطء في الدبر ولا يصح هذا لأن يمينه انحلت ولم يبق ممتنعا من الوطء بحكم اليمين‏,‏ فلم يبق الإيلاء كما لو كفر عن يمينه أو كما لو وطئها مريضة وقد نص أحمد‏,‏ في من حلف ثم كفر يمينه أنه لا يبقى موليا لعدم حكم اليمين مع أنه ما وفاها حقها‏,‏ فلأن يزول بزوال اليمين بحنثه فيها أولى وقد ذكر القاضي في المحرم والمظاهر أنهما إذا وطئا فقد وفياها حقها وفارق الوطء في الدبر فإنه لا يحنث به وليس بمحل للوطء‏,‏ بخلاف مسألتنا‏.‏

فصل‏:‏

وإذا آلى منها وثم عذر يمنع الوطء من جهة الزوج كمرضه‏,‏ أو حبسه أو إحرامه أو صيامه‏,‏ حسبت عليه المدة من حين إيلائه لأن المانع من جهته وقد وجد التمكين الذي عليها ولذلك لو أمكنته من نفسها وكان ممتنعا لعذر‏,‏ وجبت لها النفقة وإن طرأ شيء من هذه الأعذار بعد الإيلاء أو جن لم تنقطع المدة للمعنى الذي ذكرناه وإن كان المانع من جهتها‏,‏ نظرنا فإن كان حيضا لم يمنع ضرب المدة لأنه لو منع لم يمكن ضرب المدة لأن الحيض في الغالب لا يخلو منه شهر فيؤدي ذلك إلى إسقاط حكم الإيلاء‏,‏ وإن طرأ الحيض لم يقطع المدة لما ذكرناه وفي النفاس وجهان أحدهما هو كالحيض لأن أحكامه أحكام الحيض والثاني‏,‏ هو كسائر الأعذار التي من جهتها لأنه نادر غير معتاد فأشبه سائر الأعذار وأما سائر الأعذار التي من جهتها كصغرها ومرضها وحبسها‏,‏ وإحرامها وصيامها واعتكافها المفروضين ونشوزها‏,‏ وغيبتها فمتى وجد منها شيء حال الإيلاء لم تضرب له المدة حتى يزول لأن المدة تضرب لامتناعه من وطئها‏,‏ والمنع ها هنا من قبلها وإن وجد شيء من هذه الأسباب استؤنفت المدة ولم يبن على ما مضى لأن قوله سبحانه‏:‏ ‏{‏تربص أربعة أشهر‏}‏ يقتضي متوالية فإذا قطعتها‏,‏ وجب استئنافها كمدة الشهرين في صوم الكفارة وإن حنث وهربت من يده انقطعت المدة وإن بقيت في يده وأمكنه وطؤها‏,‏ احتسب عليه بها فإن قيل‏:‏ فهذه الأسباب منها ما لا صنع لها فيه فلا ينبغي أن تقطع المدة كالحيض قلنا‏:‏ إذا كان المنع لمعنى فيها‏,‏ فلا فرق بين كونه بفعلها أو بغير فعلها كما أن البائع إذا تعذر عليه تسليم المعقود عليه لم يتوجه له المطالبة بعوضه‏,‏ سواء كان لعذر أو غير عذر وإن آلى في الردة لم تضرب له المدة إلا من حين رجوع المرتد منهما إلى الإسلام وإن طرأت الردة في أثناء المدة انقطعت لأن النكاح قد تشعث وحرم الوطء‏,‏ فإذا عاد إلى الإسلام استؤنفت المدة سواء كانت الردة منهما أو من أحدهما وكذلك إن أسلم أحد الزوجين الكافرين‏,‏ أو خالعها ثم تزوجها والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

وإذا انقضت المدة فلها المطالبة بالفيئة إن لم يكن عذر فإن طالبته‏,‏ فطلب الإمهال فإن لم يكن له عذر لم يمهل لأنه حق توجه عليه‏,‏ لا عذر له فيه فلم يمهل به كالدين الحال‏,‏ ولأن الله تعالى جعل المدة أربعة أشهر فلا تجوز الزيادة عليها بغير عذر وإنما يؤخر قدر ما يتمكن من الجماع في حكم العادة فإنه لا يلزمه الوطء في مجلسه‏,‏ وليس ذلك بإمهال فإن قال‏:‏ أمهلوني حتى آكل فإني جائع أو حتى ينهضم الطعام فإني كظيظ أو أصلي الفرض أو أفطر من صومي أمهل بقدر ذلك فإنه يعتبر أن يصير إلى حال يجامع في مثلها في العادة وكذلك يمهل حتى يرجع إلى بيته لأن العادة فعل ذلك في بيته وإن كان لها عذر يمنع من وطئها‏,‏ لم يكن لها المطالبة بالفيئة لأن الوطء ممتنع من جهتها فلم يكن لها مطالبته بما يمنعه منه ولأن المطالبة مع الاستحقاق‏,‏ وهي لا تستحق الوطء في هذه الأحوال وليس لها المطالبة بالطلاق لأنه إنما يستحق عند امتناعه من الفيئة الواجبة ولم يجب عليه شيء‏,‏ ولكن تتأخر المطالبة إلى حال زوال العذر إن لم يكن العذر قاطعا للمدة كالحيض أو كان العذر حدث بعد انقضاء المدة‏.‏

فصل‏:‏

فإن عفت عن المطالبة بعد وجوبها‏,‏ فقال بعض أصحابنا‏:‏ يسقط حقها وليس لها المطالبة بعده وقال القاضي‏:‏ هذا قياس المذهب لأنها رضيت بإسقاط حقها من الفسخ لعدم الوطء فسقط حقها منه‏,‏ كامرأة العنين إذا رضيت بعنته ويحتمل أن لا يسقط حقها ولها المطالبة متى شاءت وهذا مذهب الشافعي لأنها تثبت لرفع الضرر بترك ما يتجدد مع الأحوال فكان لها الرجوع‏,‏ كما لو أعسر بالنفقة فعفت عن المطالبة بالفسخ ثم طالبت‏,‏ وفارق الفسخ للعنة فإنه فسخ لعيبه فمتى رضيت بالعيب سقط حقها‏,‏ كما لو عفا المشتري عن عيب المبيع وإن سكتت عن المطالبة ثم طالبت بعد‏,‏ فلها ذلك لأن حقها يثبت على التراخي فلم يسقط بتأخير المطالبة كاستحقاق النفقة‏.‏

فصل‏:‏

والأمة كالحرة في استحقاق المطالبة‏,‏ سواء عفا السيد عن ذلك أو لم يعف لأن الحق لها حيث كان الاستمتاع يحصل لها فإن تركت المطالبة لم يكن لمولاها الطلب لأنه لا حق له فإن قيل‏:‏ حقه في الولد‏,‏ ولهذا لم يجز العزل عنها إلا بإذنه قلنا‏:‏ لا يستحق على الزوج استيلاد المرأة ولذلك لو حلف ليعزلن عنها أو لا يستولدها لم يكن موليا ولو أن المولى وطئ بحيث يوجد التقاء الختانين‏,‏ حصلت الفيئة وزالت عنه المطالبة وإن لم ينزل‏,‏ وإنما استؤذن السيد في العزل لأنه يضر بالأمة فربما نقص قيمتها‏.‏

فصل‏:‏

فإن كانت المرأة صغيرة أو مجنونة‏,‏ فليس لهما المطالبة لأن قولهما غير معتبر وليس لوليهما المطالبة لهما لأن هذا طريقه الشهوة فلا يقوم غيرهما مقامهما فيه فإن كانتا ممن لا يمكن وطؤهما‏,‏ لم يحتسب عليه بالمدة لأن المنع من جهتهما وإن كان وطؤهما ممكنا فإن أفاقت المجنونة أو بلغت الصغيرة قبل انقضاء المدة‏,‏ تممت المدة ثم لها المطالبة وإن كان ذلك بعد انقضاء المدة‏,‏ فلهما المطالبة يومئذ لأن الحق لهما ثابت وإنما تأخر لعدم إمكان المطالبة وقال الشافعي‏:‏ لا تضرب المدة في الصغيرة حتى تبلغ وقال أبو حنيفة‏:‏ تضرب المدة سواء أمكن الوطء أو لم يمكن الوطء‏,‏ فإن لم يمكن فاء بلسانه وإلا بانت بانقضاء المدة وكذلك الحكم عنده في الناشز والرتقاء‏,‏ والقرناء والتي غابت في المدة لأن هذا إيلاء صحيح فوجب أن تتعقبه المدة‏,‏ كالتي يمكنه جماعها ولنا أن حقها من الوطء يسقط بتعذر جماعها فوجب أن تسقط المدة المضروبة له كما يسقط أجل الدين بسقوطه وأما التي أمكنه جماعها‏,‏ فتضرب له المدة في حقها لأنه إيلاء صحيح ممن يمكنه جماعها فتضرب له المدة كالبالغة ومتى قصد الإضرار بها بترك الوطء أثم‏,‏ ويستحب أن يقال له‏:‏ اتق الله فإما أن تفيئ وإما أن تطلق فإن الله تعالى قال‏:‏ ‏{‏وعاشروهن بالمعروف‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان‏}‏ وليس الإضرار من المعاشرة بالمعروف‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏والفيئة‏:‏ الجماع‏)‏

ليس في هذا اختلاف بحمد الله قال ابن المنذر‏:‏ أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم‏,‏ على أن الفيء الجماع كذلك قال ابن عباس وروي ذلك عن علي وابن مسعود وبه قال مسروق وعطاء‏,‏ والشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والثوري والأوزاعي‏,‏ والشافعي وأبو عبيدة وأصحاب الرأي‏,‏ إذا لم يكن عذر وأصل الفيء الرجوع ولذلك يسمى الظل بعد الزوال فيئا لأنه رجع من المغرب إلى المشرق فسمى الجماع من المولى فيئة لأنه رجع إلى فعل ما تركه وأدنى الوطء الذي تحصل به الفيئة‏,‏ أن تغيب الحشفة في الفرج فإن أحكام الوطء تتعلق به ولو وطئ دون الفرج أو في الدبر لم يكن فيئة لأنه ليس بمحلوف على تركه‏,‏ ولا يزول الضرر بفعله‏.‏

فصل‏:‏

وإذا فاء لزمته الكفارة في قول أكثر أهل العلم روي ذلك عن زيد‏,‏ وابن عباس وبه قال ابن سيرين والنخعي والثوري‏,‏ وقتادة ومالك وأهل المدينة‏,‏ وأبو عبيد وأصحاب الرأي وابن المنذر وهو ظاهر مذهب الشافعي وله قول آخر‏:‏ لا كفارة عليه وهو قول الحسن وقال النخعي‏:‏ كانوا يقولون ذلك لأن الله تعالى قال ‏{‏فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم‏}‏ قال قتادة‏:‏ هذا خالف الناس يعني قول الحسن ولنا قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين‏}‏ الآية إلى قوله‏:‏ ‏{‏ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم‏}‏ وقال سبحانه‏:‏ ‏{‏قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم‏}‏ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- ‏(‏إذا حلفت على يمين‏,‏ فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك‏)‏ متفق عليه ولأنه حالف حانث في يمينه‏,‏ فلزمته الكفارة كما لو حلف على ترك فريضة ثم فعلها والمغفرة لا تنافي الكفارة فإن الله تعالى قد غفر لرسوله -صلى الله عليه وسلم- ما تقدم من ذنبه وما تأخر‏,‏ وقد كان يقول‏:‏ ‏(‏إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها‏)‏ متفق عليه‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان الإيلاء بتعليق عتق أو طلاق‏,‏ وقع بنفس الوطء لأنه معلق بصفة وقد وجدت وإن كان على نذر أو عتق‏,‏ أو صوم أو صلاة أو صدقة‏,‏ أو حج أو غير ذلك من الطاعات أو المباحات فهو مخير بين الوفاء به وبين كفارة يمين لأنه نذر لجاج وغضب‏,‏ فهذا حكمه وإن علق طلاقها الثلاث بوطئها لم يؤمر بالفيئة وأمر بالطلاق لأن الوطء غير ممكن لكونها تبين منه بإيلاج الحشفة‏,‏ فيصير مستمتعا بأجنبية وهذا قول بعض أصحاب الشافعي وأكثرهم قالوا‏:‏ تجوز الفيئة لأن النزع ترك للوطء وترك الوطء ليس بوطء وقد ذكر القاضي أن كلام أحمد يقتضي روايتين كهذين الوجهين واللائق بمذهب أحمد تحريمه لوجوه ثلاثة‏:‏ أحدها أن آخر الوطء حصل في أجنبية كما ذكرنا فإن النزع يلتذ به كما يلتذ بالإيلاج‏,‏ فيكون في حكم الوطء ولذلك قلنا في من طلع عليه الفجر وهو مجامع فنزع‏:‏ أنه يفطر والتحريم ها هنا أولى لأن الفطر بالوطء ويمكن منع كون النزع وطئا‏,‏ والمحرم ها هنا الاستمتاع والنزع استمتاع فكان محرما‏,‏ ولأن لمسها على وجه التلذذ بها محرم فلمس الفرج بالفرج أولى بالتحريم فإن قيل‏:‏ فهذا إنما يحصل ضرورة ترك الوطء المحرم قلنا‏:‏ فإذا لم يمكن الوطء إلا بفعل محرم حرم ضرورة ترك الحرام كما لو اختلط لحم الخنزير بلحم مباح لا يمكنه أكله إلا بأكل لحم الخنزير‏,‏ حرم ولو اشتبهت ميتة بمذكاة أو امرأته بأجنبية‏,‏ حرم الكل الوجه الثاني أنه بالوطء يحصل الطلاق بعد الإصابة وهو طلاق بدعة‏,‏ وكما يحرم إيقاعه بلسانه يحرم تحقيق سببه الثالث أن يقع به طلاق البدعة من وجه آخر‏,‏ وهو جمع الثلاث فإن وطئ فعليه أن ينزع حين يولج الحشفة ولا يزيد على ذلك‏,‏ ولا يلبث ولا يتحرك عند النزع لأنها أجنبية فإذا فعل ذلك فلا حد ولا مهر لأنه تارك للوطء‏,‏ وإن لبث أو تمم الإيلاج فلا حد عليه لتمكن الشبهة منه‏,‏ لكونه وطئا بعضه في زوجته وفي المهر وجهان‏:‏ أحدهما - يلزمه لأنه حصل منه وطء محرم في محل غير مملوك فأوجب المهر‏,‏ كما لو أولج بعد النزع والثاني - لا يجب لأنه تابع الإيلاج في محل مملوك فكان تابعا له في سقوط المهر وإن نزع ثم أولج‏,‏ وكانا جاهلين بالتحريم فلا حد عليهما وعليه المهر لها‏,‏ ويلحقه النسب وإن كانا عالمين بالتحريم فعليهما الحد لأنه إيلاج في أجنبية بغير شبهة فأشبه ما لو طلقها ثلاثا‏,‏ ثم وطئها ولا مهر لها لأنها مطاوعة على الزنا ولا يلحقه النسب لأنه من زنا لا شبهة فيه وذكر القاضي وجها‏,‏ أنه لا حد عليهما لأن هذا مما يخفى على كثير من الناس وهو وجه لأصحاب الشافعي والصحيح الأول لأن الكلام في العالمين وليس هو في مظنة الخفاء فإن أكثر المسلمين يعلمون أن الطلاق الثلاث محرم للمرأة وإن كان أحدهما عالما‏,‏ والآخر جاهلا نظرت فإن كان هو العالم فعليه الحد‏,‏ ولها المهر ولا يلحقه النسب لأنه زان محدود وإن كانت هي العالمة دونه فعليها الحد وحدها‏,‏ ولا مهر لها والنسب لاحق بالزوج لأن وطأه وطء شبهة‏.‏