فصل: فصل: يقسم بين نسائه ليلة ليلة فإن أحب الزيادة على ذلك لم يجز إلا برضاهن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

والوطء واجب على الرجل إذا لم يكن له عذر وبه قال مالك وعلى قول القاضي‏:‏ لا يجب إلا أن يتركه للإضرار وقال الشافعي لا يجب عليه لأنه حق له فلا يجب عليه‏,‏ كسائر حقوقه ولنا ما تقدم في الفصل الذي قبله وفي بعض روايات حديث كعب أنه حين قضى بين الرجل وامرأته‏,‏ قال‏:‏

إن لها عليك حقا يا بــعل ** تصيبها في أربع لمن عدل

فأعطها ذاك ودع عنك العلل **

فاستحسن عمر قضاءه ورضيه ولأنه حق واجب بالاتفاق وإذا حلف على تركه‏,‏ فيجب قبل أن يحلف كسائر الحقوق الواجبة يحقق هذا أنه لو لم يكن واجبا‏,‏ لم يصر باليمين على تركه واجبا كسائر ما لا يجب ولأن النكاح شرع لمصلحة الزوجين‏,‏ ودفع الضرر عنهما وهو مفض إلى دفع ضرر الشهوة عن المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عن الرجل فيجب تعليله بذلك‏,‏ ويكون النكاح حقا لهما جميعا ولأنه لو لم يكن لها فيه حق لما وجب استئذانها في العزل‏,‏ كالأمة إذا ثبت وجوبه فهو مقدر بأربعة أشهر نص عليه أحمد ووجهه إن الله تعالى قدره بأربعة أشهر في حق المولى فكذلك في حق غيره لأن اليمين لا توجب ما حلف على تركه‏,‏ فيدل على أنه واجب بدونها فإن أصر على ترك الوطء وطالبت المرأة فقد روى ابن منصور‏,‏ عن أحمد في رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها يقول‏:‏ غدا أدخل بها‏,‏ إلى شهر هل يجبر على الدخول‏؟‏ فقال‏:‏ أذهب إلى أربعة أشهر إن دخل بها‏,‏ وإلا فرق بينهما فجعله أحمد كالمولى وقال أبو بكر بن جعفر‏:‏ لم يرو مسألة ابن منصور غيره وفيها نظر وظاهر قول أصحابنا أنه لا يفرق بينهما لذلك‏,‏ وهو قول أكثر الفقهاء لأنه لو ضرب له المدة لذلك وفرق بينهم لم يكن للإيلاء أثر‏,‏ ولا خلاف في اعتباره‏.‏

فصل‏:‏

وإن سافر عن امرأته لعذر وحاجة سقط حقها من القسم والوطء وإن طال سفره‏,‏ ولذلك لا يصح نكاح المفقود إذا ترك لامرأته نفقة وإن لم يكن له عذر مانع من الرجوع فإن أحمد ذهب إلى توقيته بستة أشهر فإنه قيل له‏:‏ كم يغيب الرجل عن زوجته‏؟‏ قال‏:‏ ستة أشهر‏,‏ يكتب إليه فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما وإنما صار إلى تقديره بهذا الحديث عمر رواه أبو حفص‏,‏ بإسناده عن زيد بن أسلم قال‏:‏ بينما عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة في بيتها وهي تقول‏:‏

تطاول هذا الليل واسود جانبه ** وطال علي أن لا خليل ألاعبه

ووالله لولا خشية الله وحـده ** لحرك من هذا السرير جوانبه

فسأل عنها عمر فقيل له‏:‏ هذه فلانة زوجها غائب في سبيل الله فأرسل إليها امرأة تكون معها‏,‏ وبعث إلى زوجها فأقفله ثم دخل على حفصة فقال‏:‏ يا بنية‏,‏ كم تصبر المرأة عن زوجها‏؟‏ فقالت‏:‏ سبحان الله مثلك يسأل مثلي عن هذا فقال‏:‏ لولا إني أريد النظر للمسلمين ما سألتك قالت‏:‏ خمسة أشهر ستة أشهر فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر يسيرون شهرا‏,‏ ويقيمون أربعة ويسيرون شهرا راجعين وسئل أحمد كم للرجل أن يغيب عن أهله‏؟‏ قال‏:‏ يروى ستة أشهر وقد يغيب الرجل أكثر من ذلك لأمر لا بد له فإن غاب أكثر من ذلك لغير عذر‏,‏ فقال بعض أصحابنا‏:‏ يراسله الحاكم فإن أبى أن يقدم فسخ نكاحه ومن قال‏:‏ لا يفسخ نكاحه إذا ترك الوطء وهو حاضر فهاهنا أولى وفي جميع ذلك‏,‏ لا يجوز الفسخ عند من يراه إلا بحكم حاكم لأنه مختلف فيه‏.‏

فصل‏:‏

وسئل أحمد يؤجر الرجل أن يأتي أهله وليس له شهوة‏؟‏ فقال‏:‏ أي والله يحتسب الولد وإن لم يرد الولد‏؟‏ يقول‏:‏ هذه امرأة شابة‏,‏ لم لا يؤجر‏؟‏ وهذا صحيح فإن أبا ذر روى ‏(‏أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ مباضعتك أهلك صدقة قلت يا رسول الله أنصيب شهوتنا ونؤجر‏؟‏ قال‏:‏ أرأيت لو وضعه في غير حقه كان عليه وزر‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ بلى قال‏:‏ أفتحتسبون بالسيئة‏,‏ ولا تحتسبون بالخير‏)‏ ولأنه وسيلة إلى الولد وإعفاف نفسه وامرأته وغض بصره‏,‏ وسكون نفسه أو إلى بعض ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وليس عليه التسوية بين نسائه في النفقة والكسوة إذا قام بالواجب لكل واحدة منهن قال أحمد في الرجل له امرأتان‏:‏ له أن يفضل إحداهما على الأخرى في النفقة والشهوات والكسي إذا كانت الأخرى في كفاية‏,‏ ويشتري لهذه أرفع من ثوب هذه وتكون تلك في كفاية وهذا لأن التسوية في هذا كله تشق فلو وجب لم يمكنه القيام به إلا بحرج‏,‏ فسقط وجوبه كالتسوية في الوطء ‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وعماد القسم الليل‏]‏

لا خلاف في هذا وذلك لأن الليل للسكن والإيواء يأوي فيه الإنسان إلى منزله‏,‏ ويسكن إلى أهله وينام في فراشه مع زوجته عادة والنهار للمعاش‏,‏ والخروج والتكسب والاشتغال قال الله تعالى ‏{‏وجعل الليل سكنا‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وجعلنا الليل لباسا وجعلنا النهار معاشا‏}‏ وقال ‏{‏ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله‏}‏ فعلى هذا يقسم الرجل بين نسائه ليلة وليلة‏,‏ ويكون في النهار في معاشه وقضاء حقوق الناس وما شاء مما يباح له‏,‏ إلا أن يكون ممن معاشه بالليل كالحراس ومن أشبههم فإنه يقسم بين نسائه بالنهار‏,‏ ويكون الليل في حقه كالنهار في حق غيره‏.‏

فصل‏:‏

والنهار يدخل في القسم تبعا لليل بدليل ما روي أن سودة وهبت يومها لعائشة متفق عليه وقالت عائشة ‏(‏قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في بيتي وفي يومي وإنما قبض النبي -صلى الله عليه وسلم- نهارا‏)‏ ويتبع اليوم الليلة الماضية لأن النهار تابع لليل ولهذا يكون أول الشهر الليل ولو نذر اعتكاف شهر دخل معتكفه قبل غروب شمس الشهر الذي قبله‏,‏ ويخرج منه بعد غروب شمس آخر يوم منه فيبدأ بالليل وإن أحب أن يجعل النهار مضافا إلى الليل الذي يتعقبه جاز لأن ذلك لا يتفاوت‏.‏

فصل‏:‏

وإن خرج من عند بعض نسائه في زمانها فإن كان ذلك في النهار أو أول الليل‏,‏ أو آخره الذي جرت العادة بالانتشار فيه والخروج إلى الصلاة جاز فإن المسلمين يخرجون لصلاة العشاء‏,‏ ولصلاة الفجر قبل طلوعه وأما النهار فهو للمعاش والانتشار وإن خرج في غير ذلك‏,‏ ولم يلبث أن عاد لم يقض لها لأنه لا فائدة في قضاء ذلك وإن أقام قضاه لها سواء كانت إقامته لعذر من شغل أو حبس‏,‏ أو لغير عذر لأن حقها قد فات بغيبته عنها وإن أحب أن يجعل قضاءه لذلك غيبته عن الأخرى مثل ما غاب عن هذه جاز لأن التسوية تحصل بذلك ولأنه إذا جاز له ترك الليلة بكمالها في حق كل واحدة منهما‏,‏ فبعضها أولى ويستحب أن يقضي لها في مثل ذلك الوقت لأنه أبلغ في المماثلة والقضاء تعتبر المماثلة فيه كقضاء العبادات والحقوق وإن قضاه في غيره من الليل‏,‏ مثل إن فاتها في أول الليل فقضاه في آخره أو من آخره‏,‏ فقضاه في أوله ففيه وجهان أحدهما يجوز لأنه قد قضى قدر ما فاته من الليل والآخر لا يجوز لعدم المماثلة إذا ثبت هذا‏,‏ فإنه لا يمكن قضاؤه كله من ليلة الأخرى لئلا يفوت حق الأخرى فتحتاج إلى قضاء‏,‏ ولكن إما أن ينفرد بنفسه في ليلة فيقضي منها وإما أن يقسم ليلة‏,‏ بينهن ويفضل هذه بقدر ما فات من حقها وإما أن يترك من ليلة كل واحدة مثل ما فات من ليلة هذه‏,‏ وإما أن يقسم المتروك بينهما مثل أن يترك من ليلة إحداهما ساعتين فيقضي لها من ليلة الأخرى ساعة واحدة‏,‏ فيصير الفائت على كل واحدة منهما ساعة‏.‏

فصل‏:‏

وأما الدخول على ضرتها في زمنها فإن كان ليلا لم يجز إلا الضرورة مثل أن تكون منزولا بها‏,‏ فيريد أن يحضرها أو توصي إليه أو ما لا بد منه‏,‏ فإن فعل ذلك ولم يلبث أن خرج لم يقض وإن أقام وبرئت المرأة المريضة‏,‏ قضى للأخرى من ليلتها بقدر ما أقام عندها وإن خرج لحاجة غير ضرورية أتم والحكم في القضاء كما لو دخل لضرورة‏,‏ لأنه لا فائدة في قضاء اليسير وإن دخل عليها فجامعها في زمن يسير ففيه وجهان‏:‏ أحدهما لا يلزمه قضاؤه لأن الوطء لا يستحق في القسم‏,‏ والزمن اليسير لا يقضي والثاني يلزمه أن يقضيه وهو أن يدخل على المظلومة في ليلة المجامعة‏,‏ فيجامعها ليعدل بينهما ولأن اليسير مع الجماع يحصل به السكن‏,‏ فأشبه الكثير وأما الدخول في النهار إلى المرأة في يوم غيرها فيجوز للحاجة من دفع النفقة‏,‏ أو عيادة أو سؤال عن أمر يحتاج إلى معرفته أو زيارتها لبعد عهده بها‏,‏ ونحو ذلك لما روت عائشة قالت‏:‏ ‏(‏كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدخل على في يوم غيري فينال مني كل شيء إلا الجماع‏)‏ وإذا دخل إليها لم يجامعها‏,‏ ولم يطل عندها لأن السكن يحصل بذلك وهي لا تستحقه وفي الاستمتاع منها بما دون الفرج وجهان‏:‏ أحدهما‏,‏ يجوز لحديث عائشة والثاني لا يجوز لأنه يحصل لها به السكن فأشبه الجماع فإن أطال المقام عندها‏,‏ قضاه وإن جامعها في الزمن اليسير ففيه وجهان على ما ذكرنا ومذهب الشافعي على نحو ما ذكرنا إلا أنهم قالوا‏:‏ لا يقضي إذا جامع في النهار ولنا‏,‏ أنه زمن يقضيه إذا طال المقام فيقضيه إذا جامع فيه كالليل‏.‏

فصل‏:‏

والأولى أن يكون لكل واحدة منهن مسكن يأتيها فيه لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقسم هكذا‏,‏ ولأنه أصون لهن وأستر حتى لا يخرجن من بيوتهن وإن اتخذ لنفسه منزلا يستدعي إليه كل واحدة منهن في ليلتها ويومها كان له ذلك لأن للرجل نقل زوجته حيث شاء‏,‏ ومن امتنعت منهن من إجابته سقط حقها من القسم لنشوزها وإن اختار أن يقصد بعضهن في منازلهن ويستدعي البعض كان له ذلك لأن له أن يسكن كل واحدة منهن حيث شاء وإن حبس الزوج‏,‏ فأحب القسم بين نسائه بأن يستدعي كل واحدة في ليلتها فعليهن طاعته‏,‏ إن كان ذلك سكني مثلهن وإن لم يكن لم تلزمهن إجابته لأن عليهن في ذلك ضررا وإن أطعنه‏,‏ لم يكن له أن يترك العدل بينهن ولا استدعاء بعضهن دون بعض كما في غير الحبس‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولو وطئ زوجته‏,‏ ولم يطأ الأخرى فليس بعاص‏]‏

لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أنه لا تجب التسوية بين النساء في الجماع‏,‏ وهو مذهب مالك والشافعي وذلك لأن الجماع طريقه الشهوة والميل ولا سبيل إلى التسوية بينهن في ذلك فإن قلبه قد يميل إلى إحداهما دون الأخرى‏,‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم‏}‏ قال عبيدة السلماني في الحب والجماع وإن أمكنت التسوية بينهما في الجماع كان أحسن وأولى فإنه أبلغ في العدل ‏(‏وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقسم بينهن فيعدل ثم يقول‏:‏ اللهم هذا قسمي فيما أملك‏,‏ فلا تلمني فيما لا أملك‏)‏ وروي أنه كان يسوي بينهن حتى في القبل ولا تجب التسوية بينهن في الاستمتاع فيما دون الفرج من القبل واللمس ونحوهما لأنه إذا لم تجب التسوية في الجماع‏,‏ ففي دواعيه أولى‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ويقسم لزوجته الأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانت كتابية‏]‏

وبهذا قال على بن أبي طالب وسعيد بن المسيب‏,‏ ومسروق والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وذكر أبو عبيد أنه مذهب الثوري والأوزاعي وأهل الرأي وقال مالك في إحدى الروايتين عنه‏:‏ يسوي بين الحرة والأمة في القسم لأنهما سواء في حقوق النكاح من النفقة والسكنى وقسم الابتداء‏,‏ كذلك ها هنا ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول‏:‏ إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين رواه الدارقطني‏,‏ واحتج به أحمد ولأن الحرة يجب تسليمها ليلا ونهارا فكان حظها أكثر في الإيواء ويخالف النفقة والسكنى‏,‏ فإنه مقدر بالحاجة وحاجتها إلى ذلك كحاجة الحرة وأما قسم الابتداء فإنما شرع ليزول الاحتشام من كل واحد منهما من صاحبه ولا يختلفان في ذلك‏,‏ وفي مسألتنا يقسم لهما لتساوي حظهما‏.‏

فصل‏:‏

والمسلمة والكتابية سواء في القسم فلو كانت له امرأتان أمه مسلمة‏,‏ وحرة كتابية قسم للأمة ليلة وللحرة ليلتين وإن كانتا جميعا حرتين‏,‏ فليلة وليلة قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن القسم بين المسلمة والذمية سواء كذلك قال سعيد بن المسيب والحسن والشعبي والنخعي والزهري والحكم وحماد‏,‏ ومالك والثوري والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وذلك لأن القسم من حقوق الزوجية فاستوت فيه المسلمة والكتابية كالنفقة والسكنى ويفارق الأمة لأن الأمة لا يتم تسليمها‏,‏ ولا يحصل لها الإيواء التام بخلاف الكتابية‏.‏

فصل‏:‏

فإن أعتقت الأمة في أثناء مدتها أضاف إلى ليلتها ليلة أخرى‏,‏ لتساوي الحرة وإن كان بعد انقضاء مدتها استؤنف القسم متساويا‏,‏ ولم يقض لها ما مضى لأن الحرية حصلت بعد استيفاء حقها وإن عتقت وقد قسم للحرة ليلة لم يزدها على ذلك لأنهما تساويا‏,‏ فيسوي بينهما‏.‏

فصل‏:‏

والحق في القسم للأمة دون سيدها فلها أن تهب ليلتها لزوجها ولبعض ضرائرها‏,‏ كالحرة وليس لسيدها الاعتراض عليها ولا أن يهبه دونها لأن الإيواء والسكن حق لها دون سيدها‏,‏ فملكت إسقاطه وذكر القاضي أن قياس قول أحمد إنه يستأذن سيد الأمة في العزل عنها أن لا تجوز هبتها لحقها من القسم إلا بإذنه ولا يصح هذا لأن الوطء لا يتناوله القسم فلم يكن للولى فيه حق‏,‏ ولأن المطالبة بالفيئة للأمة دون سيدها وفسخ النكاح بالجب والعنة لها دون سيدها فلا وجه لإثبات الحق له ها هنا‏.‏

فصل‏:‏

ولا قسم على الرجل في ملك يمينه‏,‏ فمن كان له نساء وإماء فله الدخول على الإماء كيف شاء والاستمتاع بهن إن شاء كالنساء‏,‏ وإن شاء أقل وإن شاء أكثر وإن شاء ساوى بين الإماء‏,‏ وإن شاء فضل وإن شاء استمتع من بعضهن دون بعض بدليل قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم‏}‏ وقد ‏(‏كان للنبى - صلى الله عليه وسلم- مارية القبطية وريحانة‏,‏ فلم يكن يقسم لهما‏)‏ ولأن الأمة لا حق لها في الاستمتاع ولذلك لا يثبت لها الخيار بكون السيد مجبوبا أو عنينا‏,‏ ولا تضرب لها مدة الإيلاء لكن إن احتاجت إلى النكاح فعليه إعفافها‏,‏ إما بوطئها أو تزويجها أو بيعها‏.‏

فصل‏:‏

ويقسم بين نسائه ليلة ليلة فإن أحب الزيادة على ذلك لم يجز إلا برضاهن وقال القاضي‏:‏ له أن يقسم ليلتين ليلتين‏,‏ وثلاثا ثلاثا ولا تجوز الزيادة على ذلك إلا برضاهن والأولى مع هذا ليلة وليلة لأنه أقرب لعهدهن به وتجوز الثلاث لأنها في حد القلة فهي كالليلة‏,‏ وهذا مذهب الشافعي ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما قسم ليلة وليلة ولأن التسوية واجبة‏,‏ وإنما جوز بالبداية بواحدة لتعذر الجمع فإذا بات عند واحدة ليلة‏,‏ تعينت الليلة الثانية حقا للأخرى فلم يجز جعلها للأولى بغير رضاها ولأنه تأخير لحقوق بعضهن‏,‏ فلم يجز بغير رضاهن كالزيادة على الثلاث ولأنه إذا كان له أربع نسوة‏,‏ فجعل لكل واحدة ثلاثا حصل تأخير الأخيرة في تسع ليال وذلك كثير‏,‏ فلم يجز كما لو كان له امرأتان فأراد أن يجعل لكل واحدة تسعا‏,‏ ولأن للتأخير آفات فلا يجوز مع إمكان التعجيل بغير رضي المستحق كتأخير الدين الحال‏,‏ والتحديد بالثلاث تحكم لا يسمع من غير دليل وكونه في حد القلة لا يوجب جواز تأخير الحق كالديون الحالة وسائر الحقوق‏.‏