فصل: فصل: من استعار شيئًا فانتفع به ثم ظهر مستحقًا فلمالكه أجر مثله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

ومن استعار شيئا فانتفع به ثم ظهر مستحقا فلمالكه أجر مثله‏,‏ يطالب به من شاء منهما فإن ضمن المستعير رجع على المعير بما غرم لأنه غره بذلك وغرمه‏,‏ لأنه دخل على أن لا أجر عليه وإن رجع على المعير لم يرجع على أحد فإن الضمان استقر عليه قال أحمد في قصار دفع ثوبا إلى غير صاحبه‏,‏ فلبسه فالضمان على القصار دون اللابس وإن تلف فالقيمة تستقر على المستعير لأنه دخل على العين مضمونة عليه فإن ضمن المعير رجع على المستعير‏,‏ وإن ضمن المستعير لم يرجع على أحد لأن الضمان استقر عليه وإن نقصت العين بالاستعمال انبنى على ضمان النقص‏,‏ فإن قلنا‏:‏ هو على المستعير فحكمه حكم القيمة وإن قلنا‏:‏ هو على المعير فهو كالأجر على ما بيناه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا حمل السيل بذر رجل من أرضه إلى أرض غيره فنبت فيها لم يجبر على قلعه وقال أصحاب الشافعي‏,‏ في أحد الوجهين‏:‏ يجبر على ذلك إذا طالبه رب الأرض به لأن ملكه حصل في ملك غيره بغير إذنه فأشبه ما لو انتشرت أغصان شجرته في هواء ملك جاره ولنا‏,‏ أن قلعه إتلاف للمال على مالكه ولم يوجد منه تفريط ولا يدوم ضرره‏,‏ فلا يجبر على ذلك كما لو حصلت دابته في دار غيره على وجه لا يمكن خروجها إلا بقلع الباب أو قتلها فإننا لا نجبره على قتلها ويفارق أغصان الشجرة‏,‏ فإنه يدوم ضرره ولا يعرف قدر ما يشغل من الهواء فيؤدي أجره إذا ثبت هذا فإنه يقر في الأرض إلى حين حصاده بأجر مثله وقال القاضي‏:‏ ليس عليه أجر لأنه حصل في أرض غيره بغير تفريطه‏,‏ فأشبه ما لو باتت دابته في أرض إنسان بغير تفريطه وهذا بعيد لأن إلزامه تبقية زرع ما أذن فيه في أرضه بغير أجر ولا انتفاع‏,‏ إضرار به وشغل لملكه بغير اختياره من غير عوض‏,‏ فلم يجز كما لو أراد إبقاء بهيمته في دار غيره عاما ويفارق مبيتها لأن ذلك لا يجبر المالك عليه ولا يمنع من إخراجها‏,‏ فإذا تركها اختيارا منه كان راضيا به بخلاف مسألتنا ويكون الزرع لمالك البذر لأنه من عين ماله ويحتمل أن يكون حكم هذا الزرع حكم زرع الغاصب‏,‏ على ما سنذكره لأنه حصل في أرضه بغير إذنه فأشبه ما لو زرعه مالكه والأول أولى لأن هذا بغير عدوان وقد أمكن جبر حق مالك الأرض‏,‏ بدفع الأجر إليه وإن أحب مالكه قلعه فله ذلك وعليه تسوية الحفر‏,‏ وما نقصت الأرض لأنه أدخل النقص على ملك غيره لاستصلاح ملكه فأشبه المستعير وأما إن كان السيل حمل نوى‏,‏ فنبت شجرا في أرض غيره كالزيتون والنخيل ونحوه فهو لمالك النوى لأنه من نماء ملكه‏,‏ فهو كالزرع ويجبر على قلعه ها هنا لأن ضرره يدوم فأجبر على إزالته‏,‏ كأغصان الشجرة المنتشرة في هواء ملك غير مالكها وإن حمل السيل أرضا بشجرها فنبتت في أرض آخر كما كانت فهي لمالكها‏,‏ يجبر على إزالتها كما ذكرنا وفي كل ذلك إذا ترك صاحب الأرض المنتقلة أو الشجر أو الزرع ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها‏,‏ لم يلزمه نقله ولا أجر ولا غير ذلك لأنه حصل بغير تفريطه ولا عدوانه وكانت الخيرة إلى صاحب الأرض المشغولة به‏,‏ إن شاء أخذه لنفسه وإن شاء قلعه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا اختلف رب الدابة وراكبها فقال الراكب‏:‏ هي عارية وقال المالك‏:‏ بل اكتريتها فإن كانت الدابة باقية لم تنقص‏,‏ لم يخل من أن يكون الاختلاف عقيب العقد أو بعد مضى مدة لمثلها أجر فإن كان عقيب العقد‏,‏ فالقول قول الراكب لأن الأصل عدم عقد الإجارة وبراءة ذمة الراكب منها فيحلف‏,‏ ويرد الدابة إلى مالكها لأنها عارية وكذلك إن ادعى المالك أنها عارية وقال الراكب‏:‏ بل اكتريتها فالقول قول المالك مع يمينه لما ذكرنا وإن كان الاختلاف بعد مضي مدة لمثلها أجر فادعى المالك الإجارة‏,‏ فالقول قوله مع يمينه وحكى ذلك عن مالك وقال أصحاب الرأي‏:‏ القول قول الراكب وهو منصوص الشافعي لأنهما اتفقا على تلف المنافع على ملك الراكب وادعى المالك عوضا لها والأصل عدم وجوبه وبراءة ذمة الراكب منه‏,‏ فكان القول قوله ولنا أنهما اختلفا في كيفية انتقال المنافع إلى ملك الراكب فكان القول قول المالك‏,‏ كما لو اختلفا في عين فقال المالك‏:‏ بعتكها وقال الآخر‏:‏ وهبتنيها ولأن المنافع تجري مجرى الأعيان في الملك والعقد عليها‏,‏ ولو اختلفا في الأعيان كان القول قول المالك كذا ها هنا وما ذكروه يبطل بهذه المسألة ولأنهما اتفقا على أن المنافع لا تنتقل إلى الراكب إلا بنقل المالك لها‏,‏ فيكون القول قوله في كيفية الانتقال كالأعيان فيحلف المالك‏,‏ ويستحق الأجر وفي قدره وجهان أحدهما‏:‏ أجر المثل لأنهما لو اتفقا على وجوبه واختلفا في قدره وجب أجر المثل‏,‏ فمع الاختلاف في أصله أولى والثاني‏:‏ المسمى لأنه وجب بقول المالك ويمينه فوجب ما حلف عليه كالأصل وإن كان اختلافهما في أثناء المدة‏,‏ فالقول قول الراكب فيما مضى منها والقول قول المستعير فيما بقي لأن ما بقي بمنزلة ما لو اختلفا عقيب العقد وإن ادعى المالك في هذه الصورة أنها عارية وادعى الراكب أنها بأجر فالراكب يدعي استحقاق المنافع‏,‏ ويعترف بالأجر للمالك والمالك ينكر ذلك كله فالقول قوله مع يمينه‏,‏ فيحلف ويأخذ بهيمته وإن اختلفا في ذلك بعد تلف البهيمة قبل مضى مدة لمثلها أجر فالقول قول المالك‏,‏ سواء ادعى الإجارة أو الإعارة لأنه إن ادعى الإجارة فهو معترف للراكب ببراءة ذمته من ضمانها فيقبل إقراره على نفسه‏,‏ وإن ادعى الإعارة فهو يدعي قيمتها فالقول قوله لأنهما اختلفا في صفة القبض‏,‏ والأصل فيما يقبضه الإنسان من مال غيره الضمان لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏على اليد ما أخذت حتى تؤديه‏)‏ فإذا حلف المالك استحق القيمة‏,‏ والقول في قدرها قول الراكب مع يمينه لأنه ينكر الزيادة المختلف فيها والأصل عدمها وإن اختلفا في ذلك بعد مضي مدة لمثلها أجر وتلف البهيمة‏,‏ وكان الأجر بقدر قيمتها أو كان ما يدعيه المالك منهما أقل مما يعترف به الراكب فالقول قول المالك بغير يمين‏,‏ سواء ادعى الإجارة أو الإعارة إذ لا فائدة في اليمين على شيء يعترف له به ويحتمل أن لا يأخذه إلا بيمين لأنه يدعي شيئا لا يصدق فيه ويعترف له الراكب بما لا يدعيه‏,‏ فيحلف على ما يدعيه وإن كان ما يدعيه المالك أكثر مثل إن كانت قيمة البهيمة أكثر من أجرها فادعى المالك أنها عارية‏,‏ لتجب له القيمة وأنكر استحقاق الأجرة وادعى الراكب أنها مكتراة‏,‏ أو كان الكراء أكثر من قيمتها فادعى المالك أنه أجرها ليجب له الكراء وادعى الراكب أنها عارية‏,‏ فالقول قول المالك في الصورتين لما قدمنا فإذا حلف استحق ما حلف عليه ومذهب الشافعي في هذا كله نحو ما ذكرنا‏.‏