فصل: فصل: الزيادة المنفصلة كالولد والثمرة والكسب‏‏ لا تمنع الرجوع بغير خلاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وأما الخبر فمحمول على من وجد متاعه على صفته‏,‏ ليس بزائد ولم يتعلق به حق آخر وهاهنا قد تعلقت به حقوق الغرماء‏,‏ لما فيه من الزيادة لما ذكرنا من الدليل يحققه أنه إذا كان تلف بعض المبيع مانعا من الرجوع من غير ضرر يلحق بالمفلس‏,‏ ولا بالغرماء فلأن يمنع الزيادة فيه مع تفويتها بالرجوع عليهم أولى ولأنه إذا رجع في الناقص‏,‏ فما رجع إلا فيما باعه وخرج منه وإذا رجع في الزائد أخذ ما لم يبعه‏,‏ واسترجع ما لم يخرج عنه فكان بالمنع أحق‏.‏

فصل‏:‏

فأما الزيادة المنفصلة كالولد والثمرة والكسب‏,‏ فلا تمنع الرجوع بغير خلاف بين أصحابنا وهو قول مالك والشافعي وسواء نقص بها المبيع أو لم ينقص‏,‏ إذا كان نقص صفة والزيادة للمفلس هذا ظاهر كلام الخرقي لأنه منع الرجوع بالزيادة المتصلة لكونها للمفلس‏,‏ فالمنفصلة أولى وهذا قول ابن حامد والقاضي ومذهب الشافعي وهو الصحيح ـإن شاء الله تعالى ـ وقال أبو بكر‏:‏ الزيادة للبائع وهو مذهب مالك ونقل حنبل عن أحمد‏,‏ في ولد الجارية ونتاج الدابة‏:‏ هو للبائع لأنها زيادة فكانت للبائع كالمتصلة ولنا‏,‏ أنها زيادة انفصلت في ملك المشتري فكانت له كما لو رده بعيب ولأنه فسخ استحق به استرجاع العين‏,‏ فلم يستحق أخذ الزيادة المنفصلة كفسخ البيع بالعيب أو الخيار أو الإقالة وفسخ النكاح بسبب من أسباب الفسخ‏,‏ وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏الخراج بالضمان‏)‏ يدل على أن النماء والغلة للمشتري لكون الضمان عليه وأما الزيادة المتصلة فقد دللنا على أنها للمفلس أيضا‏,‏ وفي ذلك تنبيه على كون المنفصلة له ثم لو سلمنا ثم فالفرق ظاهر فإن المتصلة تتبع في الفسوخ والرد بالعيب‏,‏ بخلاف المنفصلة ولا ينبغي أن يقع في هذا اختلاف لظهوره وكلام أحمد‏,‏ في رواية حنبل يحمل على أنه باعهما في حال حملهما فيكونان مبيعين‏,‏ ولهذا خص هذين بالذكر دون بقية النماء‏.‏

فصل‏:‏

ولو اشترى أمة حاملا ثم أفلس وهي حامل فله الرجوع فيها‏,‏ إلا أن يكون الحمل قد زاد بكبره وكثرت قيمتها من أجله فيكون من قبيل الزائد زيادة متصلة‏,‏ على ما مضى وإن أفلس بعد وضعها فقال القاضي‏:‏ له الرجوع فيهما بكل حال من غير تفصيل والصحيح أننا إن قلنا‏:‏ إن الحمل لا حكم له فالولد زيادة منفصلة‏,‏ فعلى قول أبي بكر لا يمنع الرجوع فيهما وعلى قول غيره‏,‏ يكون الولد للمفلس فيحتمل أن يمنع الرجوع في الأم لئلا يفضي إلى التفريق بين الأم وولدها ويحتمل أن يرجع في الأم‏,‏ ويدفع قيمة الولد ليكونا جميعا له وإن لم يفعل بيعت الأم وولدها جميعا‏,‏ وقسم الثمن على قدر قيمتهما فما خص الأم فهو للبائع وما خص الولد كان للمفلس وإن قلنا إن للولد حكما وهو الصحيح لما ذكرناه فيما تقدم‏,‏ فإن كانت الأم والولد قد زادا بالوضع فحكمهما حكم المبيع الزائد زيادة متصلة وإن لم يزيدا جاز الرجوع فيهما وإن زاد أحدهما دون الآخر‏,‏ خرج على الروايتين فيما إذا كان المبيع عينين فتلف بعض أحدهما فهل يمنع ذلك الرجوع في الأخرى كذلك‏؟‏ يخرج ها هنا وجهان أحدهما أنه له الرجوع فيما لم يزد‏,‏ دون ما زاد فيكون حكمه كحكم الرجوع في الأم دون الولد على ما فصلناه الثاني‏,‏ ليس له الرجوع في شيء منهما لأنه لم يجد المبيع إلا زائدا فامتنع عليه الرجوع كالعين الواحدة وإن كان المبيع حيوانا غير الأمة‏,‏ فحكمه حكمها إلا في أن التفريق بينها وبين ولدها جائز والأمة بخلاف ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى حائلا‏,‏ فحملت ثم أفلس وهي حامل فزادت قيمتها به‏,‏ فهي زيادة متصلة تمنع الرجوع على قول الخرقي ولا تمنعه‏,‏ على رواية الميموني وإن أفلس بعد وضعها فهي زيادة منفصلة‏,‏ فتكون للمفلس على الصحيح ويمتنع الرجوع في الأم دون ولدها لما فيه من التفريق بينهما وهذا أحد قولي الشافعي ويحتمل أن يرجع في الأم على ما ذكرنا في التي قبلها وعلى قول أبي بكر‏,‏ الزيادة للبائع فيكون له الرجوع فيهما وقال القاضي‏:‏ إذا وجدنا حاملا انبنى على أن الحمل هل له حكم أو لا‏؟‏ فإن قلنا‏:‏ لا حكم له جرى مجرى الزيادة المتصلة وإن قلنا‏:‏ له حكم فالولد في حكم المنفصل‏,‏ يتربص به حتى تضع ويكون الحكم فيه كما لو وجده بعد وضعه وإن كان الحمل في غير الآدمية جاز التفريق بينهما‏,‏ كما تقدم‏.‏

فصل‏:‏

إذا كان المبيع نخلا أو شجرا فأفلس المشتري لم يخل من أربعة أحوال‏:‏ أحدها‏,‏ أن يفلس وهي بحالها لم تزد ولم تثمر ولم يتلف بعضها فله الرجوع فيها الثاني‏,‏ أن يكون فيها ثمر ظاهر أو طلع مؤبر ويشترطه المشتري‏,‏ فيأكله أو يتصرف فيه أو يذهب بجائحة‏,‏ ثم يفلس فهذا في حكم ما لو اشترى عينين فتلفت إحداهما ثم أفلس‏,‏ فهل للبائع الرجوع في الأصول ويضرب مع الغرماء بحصة التالف من الثمر‏؟‏ على روايتين وإن تلف بعضها فهو كتلف جميعها وإن زادت‏,‏ أو بدا صلاحها فهذه زيادة متصلة في إحدى العينين وقد ذكرنا بيان حكمها الحال الثالث‏,‏ أن يبيعه نخلا قد أطلعت ولم تؤبر أو شجرا فيها ثمرة لم تظهر فهذه الثمرة تدخل في البيع المطلق‏,‏ فإن أفلس بعد تلف الثمرة أو تلف بعضها أو الزيادة فيها‏,‏ أو بدو صلاح فحكم ذلك حكم تلف بعض المبيع وزيادته المتصلة لأن المبيع كان بمنزلة العين الواحدة ولهذا دخل الثمر في مطلق البيع‏,‏ بخلاف التي قبلها الحال الرابع باعه نخلا حائلا فأثمر أو شجرا فأثمر‏,‏ فذلك على أربعة أضرب أحدها أن يفلس قبل تأبيرها فالطلع زيادة متصلة‏,‏ تمنع الرجوع على قول الخرقي كالسمن والكبر ويحتمل أن يرجع في النخل دون الطلع‏,‏ لأنه يمكن فصله ويصح إفراده بالبيع فهو كالمؤبر‏,‏ بخلاف السمن والكبر وهذا قول ابن حامد وعلى رواية الميموني لا يمنع بل يرجع‏,‏ ويكون الطلع للبائع كما لو فسخ بعيب وهو أحد قولي الشافعي والقول الثاني يرجع في الأصل دون الطلع‏,‏ وكذلك عندهم الرد بالعيب والأخذ بالشفعة الضرب الثاني أفلس بعد التأبير وظهور الثمرة‏,‏ فلا يمنع الرجوع بغير خلاف والطلع للمشتري إلا على قول أبي بكر والصحيح الأول‏,‏ لأن الثمرة لا تتبع في البيع الذي ثبت بتراضيهما ففي الفسخ الحاصل بغير رضا المشتري أولى ولو باعه أرضا فارغة فزرعها المشتري ثم أفلس‏,‏ فإنه يرجع في الأرض دون الزرع وجها واحدا لأن ذلك من فعل المشتري الضرب الثالث أفلس والطلع غير مؤبر‏,‏ فلم يرجع حتى أبر لم يكن له الرجوع كما لو أفلس بعد تأبيرها لأن العين لا تنتقل إلا باختياره لها‏,‏ وهذا لم يخترها إلا بعد تأبيرها فإن ادعى البائع الرجوع قبل التأبير وأنكره المفلس فالقول قول المفلس مع يمينه‏,‏ لأن الأصل بقاء ملكه وعدم زواله وإن قال له البائع‏:‏ بعت بعد التأبير وقال المفلس‏:‏ بل قبله فالقول قول البائع لهذه العلة فإن شهد الغرماء للمفلس‏,‏ لم تسمع شهادتهم لأنهم يجرون إلى أنفسهم نفعا وإن شهدوا للبائع وهم عدول قبلت شهادتهم لعدم التهمة الضرب الرابع‏,‏ أفلس بعد أخذ الثمرة أو ذهبت بجائحة أو غيرها‏,‏ رجع البائع في الأصل والثمرة للمشتري إلا على قول أبي بكر وكل موضع لا يتبع الثمر الشجر إذا رجع البائع فيه‏,‏ فليس له مطالبة المفلس بقطع الثمرة قبل أوان الجذاذ وكذلك إذا رجع في الأرض وفيها زرع للمفلس فليس له المطالبة بأخذه قبل أوان الحصاد لأن المشتري زرع في أرضه بحق‏,‏ وطلعه على الشجر بحق فلم يلزمه أخذه قبل كماله كما لو باع الأصل وعليه الثمرة أو الزرع‏,‏ وليس على صاحب الزرع أجر لأنه زرع في أرضه زرعا تجب تبقيته فكأنه استوفى منفعة الأرض فلم يكن عليه ضمان ذلك إذا ثبت هذا‏,‏ فإن اتفق المفلس والغرماء على التبقية أو القطع فلهم ذلك‏,‏ وإن اختلفوا فطلب بعضهم قطعه وبعضهم تبقيته نظرنا فإن كان مما لا قيمة له مقطوعا‏,‏ أو قيمته يسيرة لم يقطع لأن قطعه سفه وتضييع للمال وقد نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن إضاعته‏,‏ وإن كانت قيمته كثيرة ففيه وجهان أحدهما يقدم قول من طلب القطع لأنه أحوط‏,‏ فإن في تبقيته غررا ولأن طالب القطع إن كان المفلس فهو يقصد تبرئة ذمته وإن كان الغرماء فهم يطلبون تعجيل حقوقهم‏,‏ وذلك حق لهم وهذا قول القاضي وأكثر أصحاب الشافعي والثاني ينظر إلى ما فيه الحظ فيعمل به لأن ذلك أنفع لجميعهم‏,‏ والظاهر سلامته ولهذا يجوز أن يزرع للمولى عليه وفيه وجه آخر أنه إن كان الطالب للقطع الغرماء وجبت إجابتهم لأن حقوقهم حالة‏,‏ فلا يلزمهم تأخيرها مع إمكان إيفائها وإن كان الطالب له المفلس دونهم وكان التأخير أحظ له‏,‏ لم يقطع لأنهم رضوا بتأخير حقوقهم لحظ يحصل لهم وللمفلس والمفلس يطلب ما فيه ضرر بنفسه ومنع للغرماء من استيفاء القدر الذي يحصل من الزيادة بالتأخير‏,‏ فلا يلزم الغرماء إجابته إلى ذلك‏.‏

فصل‏:‏

إذا أقر الغرماء بأن الزرع أو الطلع للبائع ولم يشهدوا به أو شهدوا به ولم يكونوا عدولا‏,‏ أو لم يحكم بشهادتهم حلف المفلس وثبت الطلع له ينفرد به دونهم لأنهم يقرون أنهم لا حق لهم فيه فإن أراد دفعه إلى أحدهم وتخصيصه بثمنه فله ذلك لإقرار باقيهم بعدم حقهم فيه‏,‏ فإن امتنع ذلك الغريم من قبوله أجبر على قبوله أو الإبراء من قدره من دينه‏,‏ فيقال له‏:‏ إما أن تقبضه وإما أن تبرئ من قدر ذلك من دينك وهذا مذهب الشافعي لأنه محكوم به على المفلس‏,‏ فكان له أن يقضي دينه منه كما لو أدى المكاتب إلى سيده نجوم كتابته فقال سيده‏:‏ هذا حرام وأنكر المكاتب وإن أراد قسمته على الغرماء‏,‏ لزمهم قبوله أو الإبراء لذلك فإن قبضوا الثمرة بعينها لزمهم رد ما حصل لهم إلى البائع لأنهم يقرون له بها‏,‏ فلزمهم دفعها إليه كما لو أقروا بعتق عبد في ملك غيرهم ثم اشتروه منه وإن باع الثمرة‏,‏ وفرق ثمنها فيهم أو دفعه إلى بعضهم لم يلزمهم رد ما أخذوا من ثمنها لأنهم إنما اعترفوا بالعين‏,‏ لا بثمنها وإن شهد بعض الغرماء دون بعض أو أقر بعضهم دون بعض لزم الشاهد أو المقر الحكم الذي ذكرناه‏,‏ دون غيره وإن عرض عليهم المفلس الثمرة بعينها فأبوا أخذها لم يلزمهم ذلك لأنه إنما يلزمهم الاستيفاء من جنس ديونهم‏,‏ إلا أن يكون فيهم من له جنس من الثمر أو الزرع كالمقرض أو المسلم فيلزمه أخذ ما عرض عليه‏,‏ إذا كان بصفة حقه ولو أقر الغرماء بأن المفلس أعتق عبدا له قبل فلسه فأنكر ذلك لم يقبل قولهم‏,‏ إلا أن يشهد منهم عدلان ويكون حكمهم في قبض العبد أو أخذ ثمنه إن عرضه عليهم حكم ما لو أقروا بالثمن للبائع‏,‏ وكذلك إن أقروا بعين مما في يديه أنها غصب أو عارية أو نحو ذلك فالحكم كما ذكرنا سواء وإن أقروا بأنه أعتق عبده بعد فلسه انبنى على صحة عتق المفلس‏,‏ فإن قلنا‏:‏ لا يصح عتقه فلا أثر لإقرارهم وإن قلنا بصحته فهو كإقرارهم بعتقه قبل فلسه‏,‏ وإن حكم الحاكم بصحته أو بفساده نفذ حكمه على كل حال لأنه فعل مجتهد فيه‏,‏ فيلزم ما حكم به الحاكم ولا يجوز نقضه ولا تغييره‏.‏

فصل‏:‏

وإن صدق المفلس البائع في الرجوع قبل التأبير وكذبه الغرماء‏,‏ لم يقبل إقراره لأن حقوقهم تعلقت بالثمرة ظاهرا فلم يقبل إقراره كما لو أقر بالنخيل‏,‏ وعلى الغرماء اليمين أنهم لا يعلمون أن البائع رجع قبل التأبير ولأن هذه اليمين لا ينوبون فيها عن المفلس بل هي ثابتة في حقهم ابتداء‏,‏ بخلاف ما لو ادعى حقا وأقام شاهدا فلم يحلف لم يكن للغرماء أن يحلفوا معه لأن اليمين ثم على المفلس فلو حلفوا حلفوا ليثبتوا حقا لغيرهم‏,‏ ولا يحلف الإنسان ليثبت لغيره حقا ولا يجوز أن يكون نائبا فيها لأن الأيمان لا تدخلها النيابة وفي مسألتنا الأصل أن هذا الطلع قد تعلقت حقوقهم به‏,‏ لكونه في يد غريمهم ومتصل بنخله والبائع يدعى ما يزيل حقوقهم عنه‏,‏ فأشبه سائر أعيان ماله ويحلفون على نفي العلم لأنه يمين على نفي الدين عن الميت ولو أقر المفلس بعين من أعيان ماله لأجنبي أو لبعض غرمائه‏,‏ فأنكره الغرماء فالقول قولهم وعليهم اليمين أنهم لا يعلمون ذلك وكذلك لو أقر بغريم آخر يستحق مشاركتهم‏,‏ فأنكروه فعليهم اليمين أيضا ويكون على نفي العلم لذلك وإن أقر أنه‏,‏ أعتق عبده انبنى ذلك على صحة عتق المفلس فإن قلنا‏:‏ يصح عتقه صح إقراره وعتق لأن من ملك شيئا ملك الإقرار به‏,‏ ولأن الإقرار بالعتق يحصل به العتق فكأنه أعتقه في الحال وإن قلنا‏:‏ لا يصح عتقه لم يقبل إقراره وكان على الغرماء اليمين أنهم لا يعلمون ذلك وكل موضع قلنا على الغرماء اليمين‏,‏ فهو على جميعهم فإن حلفوا أخذوا وإن نكلوا قضى للمدعي بما ادعاه‏,‏ إلا أن نقول برد اليمين فترد على المدعي فيحلف ويستحق‏,‏ وإن حلف بعضهم دون بعض أخذ الحالف نصيبه وحكم الناكل ما ذكرناه‏.‏

فصل‏:‏

وإن أقر المفلس أنه أعتق عبده منذ شهر‏,‏ وكان العبد قد اكتسب بعد ذلك مالا وأنكر الغرماء فإن قلنا‏:‏ لا يقبل إقراره حلفوا‏,‏ واستحقوا العبد وكسبه وإن قلنا‏:‏ يقبل إقراره لم يقبل في كسبه وكان للغرماء أن يحلفوا أنهم لا يعلمون أنه أعتقه قبل الكسب ويأخذون كسبه لأن إقراره إنما قبل في العتق دون غيره لصحته منه‏,‏ ولبنائه على التغليب والسراية فلا يقبل في المال لعدم ذلك فيه‏,‏ ولأننا نزلنا إقراره منزلة إعتاقه في الحال فلا تثبت له الحرية فيما مضى فيكون كسبه محكوما به لسيده‏,‏ كما لو أقر بعتقه ثم أقر له بعين في يده‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان المبيع أرضا فبناها المشتري أو غرسها‏,‏ ثم أفلس فأراد البائع الرجوع في الأرض نظرت فإن اتفق المفلس والغرماء على قلع الغراس والبناء‏,‏ فلهم ذلك لأن الحق لهم لا يخرج عنهم فإذا قلعوه‏,‏ فللبائع الرجوع في أرضه لأنه وجد متاعه بعينه قال أصحابنا ويستحق الرجوع قبل القلع وهو مذهب الشافعي ويحتمل أن لا يستحقه حتى يوجد القلع لأنه قبل القلع لم يدرك متاعه إلا مشغولا بملك المشتري‏,‏ فأشبه ما لو كانت مسامير في باب المشتري فإن قلنا‏:‏ له الرجوع قبل القلع فقلعوه لزمهم تسوية الأرض من الحفر وأرش نقص الأرض الحاصل به لأن ذلك نقص حصل لتخليص ملك المفلس‏,‏ فكان عليه كما لو دخل فصيله دار إنسان وكبر فأراد صاحبه إخراجه‏,‏ فلم يمكن إلا بهدم بابها فإن الباب يهدم ليخرج ويضمن صاحبه ما نقص‏,‏ بخلاف ما إذا وجد البائع عين ماله ناقصة فرجع فيها فإنه لا يرجع في النقص لأن النقص كان في ملك المفلس وهنا حدث بعد رجوعه في العين‏,‏ فلهذا ضمنوه ويضرب بالنقص مع الغرماء وإن قلنا‏:‏ ليس له الرجوع قبل القلع لم يلزمهم تسوية الحفر ولا أرش النقص لأنهم فعلوا ذلك في أرض المفلس قبل رجوع البائع فيها‏,‏ فلم يضمنوا النقص كما لو قلعه المفلس قبل فلسه فأما إن امتنع المفلس والغرماء من القلع‏,‏ فلهم ذلك ولا يجبرون عليه لأنه غرس بحق ومفهوم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏ليس لعرق ظالم حق‏)‏ أنه إذا لم يكن ظالما فله حق فإن بذل البائع قيمة الغراس والبناء ليكون له الكل أو قال‏:‏ أنا أقلع‏,‏ وأضمن ما نقص فإن قلنا‏:‏ له الرجوع قبل القلع فله ذلك لأن البناء والغراس حصل في ملكه لغيره بحق فكان له أخذه بقيمته أو قلعه وضمان نقصه‏,‏ كالشفيع إذا أخذ الأرض وفيها غراس وبناء للمشتري والمعير إذا رجع في أرضه بعد غرس المستعير وإن قلنا‏:‏ ليس له الرجوع قبل القلع لم يكن له ذلك لأن بناء المفلس وغرسه في ملكه فلم يجبر على بيعه لهذا البائع‏,‏ ولا على قلعه كما لو لم يرجع في الأرض فأما إن امتنع البائع من بذل ذلك سقط حق الرجوع وهذا قول ابن حامد‏,‏ وأحد الوجهين لأصحاب الشافعي وقال القاضي‏:‏ يحتمل أن له الرجوع وهو القول الثاني للشافعي لأنه أدرك متاعه بعينه وفيه مال المشتري على وجه التبع فلم يمنعه ذلك الرجوع‏,‏ كالثوب إذا صبغه المشتري ولنا أنه لم يدرك متاعه على وجه يمكنه أخذه منفردا عن غيره فلم يكن له أخذه‏,‏ كالحجر في البناء والمسامير في الباب ولأن في ذلك ضررا على المشتري والغرماء‏,‏ ولا يزال الضرر ولأنه لا يحصل بالرجوع ها هنا انقطاع النزاع والخصومة بخلاف ما إذا وجدها غير مشغولة بشيء وأما الثوب إذا صبغه‏,‏ فلا نسلم له الرجوع فهو كمسألتنا فالفرق بينهما من وجهين أحدهما‏,‏ أن الصبغ تقرر في الثوب فصار كالصفة فيه بخلاف البناء والغرس‏,‏ فإنه أعيان متميزة وأصل في نفسه والثاني أن الثوب لا يراد للبقاء‏,‏ بخلاف الأرض والبناء فإذا قلنا‏:‏ لا يرجع فلا كلام وإن قلنا‏:‏ يرجع فرجع واتفق الجميع على بيعهما‏,‏ بيعا لهما وأخذ كل واحد بقدر حقه وإن امتنع أحدهما من البيع احتمل أن يجبر عليه‏,‏ كما لو كان المبيع ثوبا فصبغه المشتري فإن الثوب يباع لهما‏,‏ كذا ها هنا ويحتمل أن لا يجبر لأنه أمكن طالب البيع أن يبيع ملكه مفردا بخلاف الثوب المصبوغ فإن بيعا لهما‏,‏ قسما الثمن على قدر القيمتين فتقوم الأرض غير ذات شجر ولا بناء ثم تقوم وهما فيها‏,‏ فما كان قيمة الأرض بغير غراس ولا بناء فللبائع قسطه من الثمن وما زاد فهو للمفلس والغرماء وإن قلنا‏:‏ لا يجبر الممتنع على البيع أو لم يطلب أحدهما البيع فاتفقا على كيفية كونهما بينهما‏,‏ جاز ما اتفقا عليه وإن اختلفا كانت الأرض للبائع‏,‏ والغراس والبناء للمفلس والغرماء ولهم دخول الأرض لسقي الشجر وأخذ الثمرة وليس لهم دخولها للتفرج ولغير حاجة‏,‏ وللبائع دخولها للزرع ولما شاء لأن الأرض له وملكه وإن باعوا الشجر والبناء لإنسان فحكمه في ذلك حكمهم ولو بذل المفلس والغرماء‏,‏ أو المشتري منهم قيمة الأرض للبائع ليدفعها لهم‏,‏ لم يلزمه ذلك لأن الأرض أصل فلا يجبر على بيعها بخلاف ما فيها من الغرس والبناء‏.‏