فصل: فصل: إن كانت الدار بين ثلاثة أثلاثًا فاشترى أجنبي نصيب أحدهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

إذا توكل الشفيع في البيع لم تسقط شفعته بذلك‏,‏ سواء كان وكيل البائع أو المشتري ذكره الشريف وأبو الخطاب وهو ظاهر مذهب الشافعي وقال القاضي وبعض الشافعية‏:‏ إن كان وكيل البائع‏,‏ فلا شفعة له لأنه تلحقه التهمة في البيع لكونه يقصد تقليل الثمن ليأخذ به بخلاف وكيل المشتري وقال أصحاب الرأي‏:‏ لا شفعة لوكيل المشتري‏,‏ بناء على أصلهم أن الملك ينتقل إلى الوكيل فلا يستحق على نفسه ولنا أنه وكيل‏,‏ فلا تسقط شفعته كالآخر ولا نسلم أن الملك ينتقل إلى الوكيل إنما ينتقل إلى الموكل‏,‏ ثم لو انتقل إلى الوكيل لما ثبتت في ملكه إنما ينتقل في الحال إلى الموكل فلا يكون الأخذ من نفسه‏,‏ ولا الاستحقاق عليها وأما التهمة فلا تؤثر لأن الموكل وكله مع علمه بثبوت شفعته راضيا بتصرفه مع ذلك فلا يؤثر‏,‏ كما لو أذن لوكيله في الشراء من نفسه فعلى هذا لو قال لشريكه‏:‏ بع نصف نصيبي مع نصف نصيبك ففعل ثبتت الشفعة لكل واحد منهما في المبيع من نصيب صاحبه وعند القاضي تثبت في نصيب الوكيل‏,‏ دون نصيب الموكل‏.‏

فصل‏:‏

وإن ضمن الشفيع العهدة للمشتري أو شرط له الخيار فاختار إمضاء العقد لم تسقط شفعته وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي‏:‏ تسقط لأن العقد تم به‏,‏ فأشبه البائع إذا باع بعض نصيب نفسه ولنا أن هذا سبب سبق وجوب الشفعة فلم تسقط به الشفعة‏,‏ كالإذن في البيع والعفو عن الشفعة قبل تمام البيع وما ذكروه لا يصح فإن البيع لا يقف على الضمان ويبطل بما إذا كان المشتري شريكا‏,‏ فإن البيع قد تم به وتثبت له الشفعة بقدر نصيبه‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت دار بين ثلاثة فقارض واحد منهم أحد شريكيه بألف‏,‏ فاشترى به نصف نصيب الثالث لم تثبت فيه شفعة في أحد الوجهين لأن أحد الشريكين رب المال‏,‏ والآخر العامل فهما كالشريكين في المتاع فلا يستحق أحدهما على الآخر شفعة وإن باع الثالث باقي نصيبه لأجنبي‏,‏ كانت الشفعة مستحقة بينهم أخماسا لرب المال خمساها وللعامل خمساها‏,‏ ولمال المضاربة خمسها بالسدس الذي له فيجعل مال المضاربة كشريك آخر لأن حكمه متميز عن مال كل واحد منهما‏.‏

فصل‏:‏

فإن كانت الدار بين ثلاثة أثلاثا فاشترى أجنبي نصيب أحدهم‏,‏ فطالبه أحد الشريكين بالشفعة فقال‏:‏ إنما اشتريته لشريكك لم تؤثر هذه الدعوى في قدر ما يستحق من الشفعة فإن الشفعة بين الشريكين نصفين‏,‏ سواء اشتراها الأجنبي لنفسه أو للشريك الآخر وإن ترك المطالب بالشفعة حقه منها بناء على هذا القول‏,‏ ثم تبين كذبه لم تسقط شفعته وإن أخذ نصف المبيع لذلك ثم تبين كذب المشتري‏,‏ وعفا الشريك عن شفعته فله أخذ نصيبه من الشفعة لأن اقتصاره على أخذ النصف بني على خبر المشتري فلم يؤثر في إسقاط الشفعة‏,‏ واستحق أخذ الباقي لعفو شريكه عنه وإن امتنع من أخذ الباقي سقطت شفعته كلها لأنه لا يملك تبعيض صفقة المشتري ويحتمل أن لا يسقط حقه من النصف الذي أخذه ولا يبطل أخذه له لأن المشتري أقر بما تضمن استحقاقه لذلك‏,‏ فلا يبطل برجوعه عن إقراره وإن أنكر الشريك كون الشراء له وعفا عن شفعته وأصر المشتري على الإقرار للشريك به فللشفيع أخذ الكل لأنه لا منازع له في استحقاقه‏,‏ وله الاقتصار على النصف لإقرار المشتري له باستحقاق ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال أحد الشفيعين للمشتري‏:‏ شراؤك باطل وقال الآخر‏:‏ هو صحيح فالشفعة كلها للمعترف بالصحة وكذلك إن قال‏:‏ ما اشتريته إنما اتهبته وصدقه الآخر أنه اشتراه فالشفعة للمصدق بالشراء لأن شريكه مسقط لحقه باعترافه أنه لا بيع صحيح ولو احتال المشتري على إسقاط الشفعة بحيلة لا تسقطها‏,‏ فقال أحد الشفيعين‏:‏ قد أسقطت الشفعة توفرت على الآخر لاعتراف صاحبه بسقوطها ولو توكل أحد الشفيعين في البيع أو الشراء أو ضمن عهدة المبيع‏,‏ أو عفا عن الشفعة قبل البيع وقال‏:‏ لا شفعة لي كذلك توفرت على الآخر وإن اعتقد أن له شفعة وطالب بها‏,‏ فارتفعا إلى حاكم فحكم بأنه لا شفعة له توفرت على الآخر لأنها سقطت بحكم الحاكم فأشبه ما لو سقطت بإسقاط المستحق‏.‏

فصل‏:‏

إذا ادعى رجل على آخر ثلث داره فأنكره‏,‏ ثم صالحه عن دعواه بثلث دار أخرى صح ووجبت الشفعة في الثلث المصالح به لأن المدعي يزعم أنه محق في دعواه‏,‏ وأن ما أخذه عوض عن الثلث الذي ادعاه فلزمه حكم دعواه ووجبت الشفعة ولا شفعة على المنكر في الثلث المصالح عنه لأنه يزعم أنه على ملكه لم يزل‏,‏ وإنما دفع ثلث داره إلى المدعي اكتفاء لشره ودفعا لضرر الخصومة واليمين على نفسه فلم تلزمه فيه شفعة وإن قال المنكر للمدعي‏:‏ خذ الثلث الذي تدعيه بثلث دارك ففعل‏,‏ فلا شفعة على المدعي فيما أخذه وعلى المنكر الشفعة في الثلث الذي أخذه لأنه يزعم أنه أخذه عوضا عن ملكه الثابت له وقال أصحاب الشافعي‏:‏ تجب الشفعة في الثلث الذي أخذه المدعي أيضا لأنهما معاوضة من الجانبين بشقصين فوجبت الشفعة فيهما‏,‏ كما لو كانت بين مقرين ولنا أن المدعي يزعم أن ما أخذه كان ملكا له قبل الصلح ولم يتجدد له عليه ملك‏,‏ وإنما استنقذه بصلحه فلم تجب فيه شفعة كما لو أقر به‏.‏

فصل‏:‏

إذا كانت دار بين ثلاثة أثلاثا فاشترى أحدهم نصيب أحد شريكيه‏,‏ ثم باعه لأجنبي ثم علم شريكه فله أن يأخذ بالعقدين‏,‏ وله الأخذ بأحدهما لأنه شريك فيهما فإن أخذ بالعقد الثاني أخذ جميع ما في يد مشتريه لأنه لا شريك له في شفعته وإن أخذ بالعقد الأول ولم يأخذ بالثاني‏,‏ أخذ نصف المبيع وهو السدس لأن المشتري شريكه في شفعته ويأخذ نصفه من المشتري الأول‏,‏ ونصفه من المشتري الثاني لأن شريكه لما اشترى الثلث كان بينهما نصفين لكل واحد منهما السدس‏,‏ فإذا باع الثلث من جميع ما في يده وفي يده ثلثان فقد باع نصف ما في يده‏,‏ والشفيع يستحق ربع ما في يده وهو السدس فصار منقسما في يديهما نصفين‏,‏ فيأخذ من كل واحد منهما نصفه وهو نصف السدس ويدفع ثمنه إلى الأول‏,‏ ويرجع المشتري الثاني على الأول بربع الثمن الذي اشترى به وتكون المسألة من اثني عشر ثم ترجع إلى أربعة‏,‏ للشفيع نصف الدار ولكل واحد من الآخرين الربع وإن أخذ بالعقدين أخذ جميع ما في يد الثاني‏,‏ وربع ما في يد الأول فصار له ثلاثة أرباع الدار ولشريكه الربع‏,‏ ويدفع إلى الأول نصف الثمن الأول ويدفع إلى الثاني ثلاثة أرباع الثاني ويرجع الثاني على الأول بربع الثمن الثاني لأنه يأخذ نصف ما اشتراه الأول‏,‏ وهو السدس فيدفع إليه نصف الثمن لذلك وقد صار نصف هذا النصف في يد الثاني‏,‏ وهو ربع ما في يده فيأخذه منه ويرجع الثاني على الأول بثمنه‏,‏ وبقي المأخوذ من الثاني ثلاثة أرباع ما اشتراه فأخذها منه ودفع إليه ثلاثة أرباع الثمن وإن كان المشتري الثاني هو البائع الأول‏,‏ فالحكم على ما ذكرنا لا يختلف وإن كانت الدار بين الثلاثة أرباعا لأحدهم نصفها وللآخرين نصفها بينهما‏,‏ فاشترى صاحب النصف من أحد شريكيه ربعه ثم باع ربعا مما في يده لأجنبي ثم علم شريكه فأخذ بالبيع الثاني‏,‏ أخذ جميعه ودفع إلى المشتري ثمنه وإن أخذ بالبيع الأول وحده أخذ ثلث المبيع‏,‏ وهو نصف سدس لأن المبيع كله ربع فثلثه نصف سدس يأخذ ثلثه من المشتري الأول‏,‏ وثلثه من الثاني ومخرج ذلك من ستة وثلاثين النصف ثمانية عشر‏,‏ ولكل واحد منهما تسعة فلما اشترى صاحب النصف تسعة كانت شفعتها بينه وبين شريكه الذي لم يبع أثلاثا‏,‏ لشريكه ثلثها ثلاثة فلما باع صاحب النصف ثلث ما في يده حصل في المبيع من الثلاثة ثلثها‏,‏ وهو سهم بقي في يد البائع منها سهمان فترد الثلاثة إلى الشريك ويصير في يده اثنا عشر‏,‏ وهي الثلث ويبقى في يد المشتري الثاني ثمانية وهي تسعان‏,‏ وفي يد صاحب النصف ستة عشر وهي أربعة أتساع ويدفع الشريك الثمن إلى المشتري الأول‏,‏ ويرجع المشتري الثاني عليه بتسع الثمن الذي اشترى به لأنه قد أخذ منه تسع مبيعه وإن أخذ بالعقدين أخذ من الثاني جميع ما في يده وأخذ من الأول نصف التسع‏,‏ وهو سهمان من ستة وثلاثين فيصير في يده عشرون سهما‏,‏ وهي خمسة أتساع ويبقى في يد الأول ستة عشر سهما وهي أربعة أتساع‏,‏ ويدفع إليه ثلث الثمن الأول ويدفع إلى الثاني ثمانية أتساع الثمن الثاني ويرجع الثاني على الأول بتسع الثمن الثاني‏.‏

فصل‏:‏

إذا كانت دار بين ثلاثة لزيد نصفها‏,‏ ولعمرو ثلثها ولبكر سدسها فاشترى بكر من زيد ثلث الدار‏,‏ ثم باع عمرا سدسها ولم يعلم عمرو بشراه للثلث ثم علم‏,‏ فله المطالبة بحقه من شفعة الثلث وهو ثلثاه وذلك تسعا الدار‏,‏ فيأخذ من بكر ثلثي ذلك وقد حصل ثلثه الباقي في يده بشرائه للسدس فيفسخ بيعه فيه‏,‏ ويأخذه بشفعة البيع الأول ويبقى من مبيعه خمسة أتساعه لزيد ثلث شفعته‏,‏ فيقسم بينهما أثلاثا وتصح المسألة من مائة واثنين وستين سهما الثلث المبيع أربعة وخمسون سهما لعمرو ثلثاها بشفعته ستة وثلاثون سهما‏,‏ يأخذ ثلثيها من بكر وهي أربعة وعشرون سهما وثلثها في يده اثنا عشر سهما‏,‏ والسدس الذي اشتراه سبعة وعشرون سهما قد أخذ منها اثني عشر بالشفعة بقي منها خمسة عشر‏,‏ له ثلثاها عشرة ويأخذ منها زيد خمسة فحصل لزيد اثنان وثلاثون سهما‏,‏ ولبكر ثلاثون سهما ولعمرو مائة سهم وذلك نصف الدار وتسعها ونصف تسع تسعها‏,‏ ويدفع عمرو إلى بكر ثلثي الثمن في البيع الأول وعليه وعلى زيد خمسة أتساع الثمن الباقي بينهما أثلاثا وإن عفا عمرو عن شفعة الثلث فشفعة السدس الذي اشتراه بينه وبين زيد أثلاثا‏,‏ ويحصل لعمرو أربعة أتساع الدار ولزيد تسعاها ولبكر ثلثها‏,‏ وتصح من تسعة وإن باع بكر السدس لأجنبي فهو كبيعه إياه لعمرو‏,‏ إلا أن لعمرو العفو عن شفعته في السدس بخلاف ما إذا كان هو المشتري فإنه لا يصح عفوه عن نصيبه منها وإن باع بكر الثلث لأجنبي‏,‏ فلعمرو ثلثا شفعة المبيع الأول وهو التسعان يأخذ ثلثهما من بكر‏,‏ وثلثهما من المشتري الثاني وذلك تسع ثلث تسع يبقى في يد الثاني سدس وسدس تسع‏,‏ وهو عشرة من أربعة وخمسين بين عمرو وزيد أثلاثا وتصح أيضا من مائة واثنين وستين ويدفع عمرو إلى بكر ثلثي ثمن مبيعه ويدفع هو وزيد إلى المشتري الثاني ثمن خمسة أسباع مبيعه بينهما أثلاثا‏,‏ ويرجع المشتري الثاني على بكر بثمن أربعة أتساع مبيعه وإن لم يعلم عمرو حتى باع مما في يده سدسا لم تبطل شفعته في أحد الوجوه وله أن يأخذ بها كما لو لم يبع شيئا الثاني تبطل شفعته كلها والثالث‏,‏ تبطل في قدر ما باع وتبقى فيما لم يبع وقد ذكرنا توجيه هذه الوجوه فأما شفعة ما باعه ففيها ثلاثة أوجه أحدهما أنها بين المشتري الثاني وزيد وبكر أرباعا‏,‏ للمشتري نصفها ولكل واحد منهما ربعها على قدر أملاكهم حين بيعه والثاني‏,‏ أنها بين زيد وبكر على أربعة عشر سهما لزيد تسعة‏,‏ ولبكر خمسة لأن لزيد السدس ولبكر سدس يستحق منه أربعة أتساعه بالشفعة فيبقى معه خمسة أتساع السدس‏,‏ ملكه مستقر عليها فأضفناه إلى سدس زيد وقسمنا الشفعة على ذلك‏,‏ ولم نعط المشتري الثاني ولا بكرا بالسهام المستحقة بالشفعة شيئا لأن الملك عليها غير مستقر والثالث إن عفا لهم عن الشفعة استحقوا بها وإن أخذت بالشفعة لم يستحقوا بها شيئا وإن عفا عن بعضهم دون بعض‏,‏ استحق المعفو عنه بسهامه دون غير المعفو عنه وما بطلت الشفعة فيه ببيع عمرو فهو بمنزلة المعفو عنه فيخرج في قدره وجهان ولو استقصينا فروع هذه المسألة على سبيل البسط‏,‏ لطال وخرج إلى الإملال‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت دار بين أربعة أرباعا فاشترى اثنان منهم نصيب أحدهم‏,‏ استحق الرابع الشفعة عليهما واستحق كل واحد من المشتريين الشفعة على صاحبه فإن طالب كل واحد منهم بشفعته قسم المبيع بينهم أثلاثا‏,‏ وصارت الدار بينهم كذلك وإن عفا الرابع وحده قسم المبيع بين المشتريين نصفين وكذلك إن عفا الجميع عن شفعتهم فيصير لهما ثلاثة أرباع الدار‏,‏ وللرابع الربع بحاله وإن طالب الرابع وحده أخذ منهما نصف المبيع لأن كل واحد منهما له من الملك مثل ما للمطالب فشفعة مبيعه بينه وبين شفيعه نصفين‏,‏ فيحصل للرابع ثلاثة أثمان الدار وباقيها بينهما نصفين وتصح من ستة عشر وإن طالب الرابع وحده أحدهما دون الآخر‏,‏ قاسمه الثمن نصفين فيحصل للمعفو عنه ثلاثة أثمان والباقي بين الرابع والآخر نصفين‏,‏ وتصح من ستة عشر وإن عفا أحد المشتريين ولم يعف الآخر ولا الرابع قسم مبيع المعفو عنه بينه وبين الرابع نصفين‏,‏ ومبيع الآخر بينهم أثلاثا فيحصل للذي لم يعف عنه ربع وثلث ثمن وذلك سدس وثمن‏,‏ والباقي بين الآخرين نصفين وتصح من ثمانية وأربعين وإن عفا الرابع عن أحدهما ولم يعف أحدهما عن صاحبه‏,‏ أخذ ممن لم يعف عنه ثلث الثمن والباقي بينهما نصفين ويكون الرابع كالعافي في التي قبلها وتصح أيضا من ثمانية وأربعين وإن عفا الرابع‏,‏ أو أحدهما عن الآخر ولم يعف الآخر فلغير العافي ربع وسدس‏,‏ والباقي بين العافيين نصفين لكل واحد منهما سدس وثمن وتصح من أربعة وعشرين وما يفرع من المسائل فهو على مساق ما ذكرنا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولا شفعة لكافر على مسلم‏]‏‏.‏

وجملة ذلك أن الذمي إذا باع شريكه شقصا لمسلم‏,‏ فلا شفعة له عليه روى ذلك عن الحسن والشعبي وروي عن شريح وعمر بن عبد العزيز‏,‏ أن له الشفعة وبه قال النخعي وإياس بن معاوية وحماد بن أبي سليمان‏,‏ والثوري ومالك والشافعي‏,‏ والعنبري وأصحاب الرأي لعموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه وإن باعه‏,‏ ولم يؤذنه فهو أحق به‏)‏ ولأنه خيار ثابت لدفع الضرر بالشراء فاستوى فيه المسلم والكافر‏,‏ كالرد بالعيب ولنا ما روى الدارقطني في كتاب ‏"‏ العلل ‏"‏ بإسناده عن أنس‏,‏ أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا شفعة لنصراني‏)‏ وهذا يخص عموم ما احتجوا به ولأنه معنى يملك به يترتب على وجود ملك مخصوص فلم يجب للذمي على المسلم‏,‏ كالزكاة ولأنه معنى يختص العقار فأشبه الاستعلاء في البنيان يحققه أن الشفعة إنما ثبتت للمسلم دفعا للضرر عن ملكه‏,‏ فقدم دفع ضرره على دفع ضرر المشتري ولا يلزم من تقديم دفع ضرر المسلم على المسلم تقديم دفع ضرر الذمي فإن حق المسلم أرجح‏,‏ ورعايته أولى ولأن ثبوت الشفعة في محل الإجماع على خلاف الأصل‏,‏ رعاية لحق الشريك المسلم وليس الذمي في معنى المسلم فيبقى فيه على مقتضى الأصل وتثبت الشفعة للمسلم على الذمي لعموم الأدلة الموجبة‏,‏ ولأنها إذا ثبتت في حق المسلم على المسلم مع عظم حرمته ورعاية حقه فلأن تثبت على الذمي مع دناءته‏,‏ أولى وأحرى‏.‏

فصل‏:‏

وتثبت للذمي على الذمي لعموم الأخبار ولأنهما تساويا في الدين والحرمة فتثبت لأحدهما على الآخر‏,‏ كالمسلم على المسلم ولا نعلم في هذا خلافا وإن تبايعوا بخمر أو خنزير وأخذ الشفيع بذلك لم ينقض ما فعلوه وإن كان التقابض جرى بين المتبايعين دون الشفيع‏,‏ وترافعوا إلينا لم نحكم له بالشفعة وبهذا قال الشافعي وقال أبو الخطاب‏:‏ إن تبايعوا بخمر وقلنا‏:‏ هي مال لهم حكمنا لهم بالشفعة وقال أبو حنيفة‏:‏ تثبت الشفعة إذا كان الثمن خمرا لأنها مال لهم‏,‏ فأشبه ما لو تبايعوا بدراهم لكن إن كان الشفيع ذميا أخذه بمثله وإن كان مسلما أخذه بقيمة الخمر ولنا أنه بيع عقد بخمر‏,‏ فلم تثبت فيه الشفعة كما لو كان بين مسلمين ولأنه عقد بثمن محرم‏,‏ أشبه البيع بالخنزير والميتة ولا نسلم أن الخمر مال لهم فإن الله تعالى حرمه‏,‏ كما حرم الخنزير واعتقادهم حله لا يجعله مالا كالخنزير وإنما لم ينقض عقدهم إذا تقابضوا‏,‏ لأننا لا نتعرض لما فعلوه مما يعتقدونه في دينهم ما لم يتحاكموا إلينا قبل تمامه ولو تحاكموا إلينا قبل التقابض لفسخناه‏.‏

فصل‏:‏

فأما أهل البدع‏,‏ فمن حكم بإسلامه فله الشفعة لأنه مسلم فتثبت له الشفعة كالفاسق بالأفعال ولأن عموم الأدلة يقتضي ثبوتها لكل شريك‏,‏ فيدخل فيها وقد روى حرب أن أحمد سئل عن أصحاب البدع هل لهم شفعة ويروى عن إدريس‏,‏ أنه قال‏:‏ ليس للرافضة شفعة فضحك وقال‏:‏ أراد أن يخرجهم من الإسلام فظاهر هذا أنه أثبت لهم الشفعة وهذا محمول على غير الغلاة منهم وأما من غلا‏,‏ كالمعتقد أن جبريل غلط في الرسالة فجاء إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما أرسل إلى على ونحوه ومن حكم بكفره من الدعاة إلى القول بخلق القرآن فلا شفعة له لأن الشفعة إذا لم تثبت للذمي الذي يقر على كفره‏,‏ فغيره أولى‏.‏

فصل‏:‏

وتثبت الشفعة للبدوي على القروي وللقروي على البدوي في قول أكثر أهل العلم وقال الشعبي والبتي‏:‏ لا شفعة لمن لم يسكن المصر ولنا عموم الأدلة واشتراكهما في المعنى المقتضي لوجوب الشفعة‏.‏

فصل‏:‏

قال أحمد‏,‏ في رواية حنبل‏:‏ لا نرى في أرض السواد شفعة وذلك لأن أرض السواد موقوفة وقفها عمر رضي الله عنه على المسلمين ولا يصح بيعها‏,‏ والشفعة إنما تكون في البيع وكذلك الحكم في سائر الأرض التي وقفها عمر رضي الله عنه وهي التي فتحت عنوة في زمنه ولم يقسمها‏,‏ كأرض الشام وأرض مصر وكذلك كل أرض فتحت عنوة ولم تقسم بين الغانمين‏,‏ إلا أن يحكم ببيع ذلك حاكم أو يفعله الإمام أو نائبه فإن فعل ذلك‏,‏ ثبتت فيه الشفعة لأنه فصل مختلف فيه ومتى حكم الحاكم في المختلف فيه بشيء نفذ حكمه والله أعلم‏.‏