فصل: فصل: إن كان عليه ألف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين به

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

إذا أحال رجلا على زيد بألف فأحاله زيد بها على عمر فالحوالة صحيحة لأن حق الثاني ثابت مستقر في الذمة‏,‏ فصح أن يحيل به كالأول وهكذا لو أحال الرجل عمرا على زيد بما يثبت له في ذمته صح أيضا لما ذكرنا وتكرر المحتال والمحيل لا يضر‏.‏

فصل‏:‏

إذا اشترى عبدا‏,‏ فأحال المشتري البائع بالثمن ثم ظهر العبد حرا أو مستحقا فالبيع باطل‏,‏ والحوالة باطلة لأننا تبينا أنه لا ثمن على المشتري وإنما تثبت حريته ببينة أو اتفاقهم فإن اتفق المحيل والمحال عليه على حريته‏,‏ وكذبهما المحتال ولا بينة بذلك لم يقبل قولهما عليه لأنهما يبطلان حقه‏,‏ أشبه ما لو باع المشتري العبد ثم اعترف هو وبائعه أنه كان حرا لم يقبل قولهما على المشتري الثاني‏,‏ وإن أقاما بينة لم تسمع لأنهما كذباها بدخولهما في التبايع وإن أقام العبد بينة بحريته قبلت‏,‏ وبطلت الحوالة وإن صدقهما المحتال وادعى أن الحوالة بغير ثمن العبد فالقول قوله مع يمينه لأن الأصل صحة الحوالة‏,‏ وهما يدعيان بطلانها فكانت جنبته أقوى فإن أقاما البينة أن الحوالة كانت بالثمن قبلت لأنهما لم يكذباها وإن اتفق المحيل والمحتال على حرية العبد‏,‏ وكذبهما المحال عليه لم يقبل قولهما عليه في حرية العبد لأنه إقرار على غيرهما وتبطل الحوالة لاتفاق المرجوع عليه بالدين والراجع به على استحقاق الرجوع‏,‏ والمحال عليه يعترف للمحتال بدين لا يصدقه فيه فلا يأخذ منه شيئا وإن اعترف المحتال والمحال عليه بحرية العبد عتق لإقرار من هو في يده بحريته وبطلت الحوالة بالنسبة إليهما‏,‏ ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل لأن دخوله معه في الحوالة اعتراف ببراءته فلم يكن له الرجوع عليه‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى عبدا فأحال المشتري البائع بالثمن على آخر‏,‏ فقبضه من المحال عليه ثم رد المشتري العبد بعيب أو مقايلة‏,‏ أو اختلاف في ثمن فقد برئ المحال عليه لأنه قبض منه بإذنه ويرجع المشتري على البائع وإن رده قبل القبض‏,‏ فقال القاضي‏:‏ تبطل الحوالة ويعود المشتري إلى ذمة المحال عليه ويبرأ البائع‏,‏ فلا يبقى له دين ولا عليه لأن الحوالة بالثمن وقد سقط بالفسخ فيجب أن تبطل الحوالة لذهاب حقه من المال المحال به وقال أبو الخطاب‏:‏ لا تبطل الحوالة في أحد الوجهين لأن المشتري عوض البائع عما في ذمته ماله في ذمة المحال عليه‏,‏ ونقل حقه إليه نقلا صحيحا وبرئ من الثمن وبرئ المحال عليه من دين المشتري‏,‏ فلم يبطل ذلك بفسخ العقد الأول كما لو أعطاه بالثمن ثوبا وسلمه إليه فسخ العقد‏,‏ لم يرجع بالثوب كذا ها هنا فإن قلنا ببطلان الحوالة رجع المحيل على المحال عليه بدينه‏,‏ ولم يبق بينهما وبين البائع معاملة وإن قلنا‏:‏ لا تبطل رجع المشتري على البائع بالثمن ويأخذه البائع من المحال عليه فإن عاد البائع فأحال المشتري بالثمن على من أحاله المشتري عليه صح وبرئ البائع‏,‏ وعاد المشتري إلى غريمه وإن كانت المسألة بحالها لكن أحال البائع أجنبيا على المشتري ثم رد العبد المبيع‏,‏ ففي الحوالة وجهان‏:‏ أحدهما لا تبطل لأن ذمة المشتري برئت بالحوالة من حق البائع وصار الحق عليه للأجنبي المحتال‏,‏ فأشبه ما لو دفعه المشتري إلى المحيل فعلى هذا يرجع المشتري على البائع بالثمن ويسلم إلى المحتال ما أحاله به والثاني‏,‏ تبطل الحوالة إن كان الرد قبل القبض لسقوط الثمن الذي كانت الحوالة به ولأنه لا فائدة في بقاء الحوالة ها هنا‏,‏ فيعود البائع بدينه ويبرأ المشتري منهما كالمسألة قبلها‏,‏ وإذا قلنا‏:‏ لا تبطل فأحال المشتري المحال عليه بالثمن على البائع صح وبرئ المشتري منها‏.‏

فصل‏:‏

إذا كان لرجل على آخر دين‏,‏ فأذن لآخر في قبضه ثم اختلف هو والمأذون له فقال‏:‏ وكلتك في قبض ديني بلفظ التوكيل فقال‏:‏ بل أحلتني بلفظ الحوالة أو كانت بالعكس‏,‏ فقال‏:‏ أحلتك بدينك فقال‏:‏ بل وكلتني فالقول قول مدعى الوكالة منهما مع يمينه لأنه يدعي بقاء الحق على ما كان وينكر انتقاله والأصل معه‏,‏ فإن كان لأحدهما بينة حكم بها لأن اختلافهما في اللفظ وهو مما يمكن إقامة البينة عليه وإن اتفقا على أنه قال‏:‏ أحلتك بالمال الذي لي قبل زيد ثم اختلفا فقال المحيل‏:‏ إنما وكلتك في القبض لي وقال الآخر‏:‏ بل أحلتني بديني عليك فالقول قول مدعي الحوالة‏,‏ في أحد الوجهين لأن الظاهر معه فإن اللفظ حقيقة في الحوالة دون الوكالة فيجب حمل اللفظ على ظاهره كما لو اختلفا في دار في يد أحدهما والثاني‏,‏ القول قول المحيل لأن الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه والمحتال يدعي نقله والمحيل ينكره‏,‏ والقول قول المنكر فعلى الوجه الأول يحلف المحتال ويثبت حقه في ذمة المحال عليه ويستحق مطالبته‏,‏ ويسقط عن المحيل وعلى الوجه الثاني يحلف المحيل ويبقى حقه في ذمة المحال عليه وعلى كلا الوجهين‏:‏ إن كان المحتال قد قبض الحق من المحال عليه‏,‏ وتلف في يده فقد برئ كل واحد منهما من صاحبه ولا ضمان عليه‏,‏ سواء تلف بتفريطه أو غيره لأنه إن تلف بتفريط وكان المحتال محقا فقد أتلف ماله‏,‏ وإن كان مبطلا ثبت لكل واحد منهما في ذمة الآخر مثل ما في ذمته له فيتقاصان‏,‏ ويسقطان وإن تلف بغير تفريط فالمحال قد قبض حقه وتلف في يده‏,‏ وبرئ منه المحيل بالحوالة والمحال عليه بتسلمه والمحيل يقول‏:‏ قد تلف المال في يد وكيلي بغير تفريط فلا ضمان عليه وإن لم يتلف‏,‏ احتمل أن لا يملك المحيل طلبه لأنه معترف أن له عليه من الدين مثل ما له في يده وهو مستحق لقبضه فلا فائدة في أن يقبضه منه ثم يسلمه إليه ويحتمل أن يملك أخذه منه‏,‏ ويملك المحتال مطالبته بدينه وقيل‏:‏ يملك المحيل أخذه منه ولا يملك المحتال المطالبة بدينه لاعترافه ببراءة المحيل منه بالحوالة وليس بصحيح لأن المحتال إن اعترف بذلك فهو يدعي أنه قبض هذا المال منه بغير حق‏,‏ وأنه يستحق المطالبة به فعلى كلا الحالين هو مستحق للمطالبة بمثل هذا المال المقبوض منه‏,‏ في قولهما جميعا فلا وجه لإسقاطه ولا موضع للبينة في هذه المسألة‏:‏ لأنهما لا يختلفان في لفظ يسمع‏,‏ ولا فعل يرى وإنما يدعى المحيل بينة وهذا لا تشهد به البينة نفيا ولا إثباتا‏.‏

فصل‏:‏

وإن كانت المسألة بالعكس‏,‏ فقال‏:‏ أحلتك بدينك فقال‏:‏ بل وكلتني ففيها الوجهان أيضا لما قدمناه فإن قلنا‏:‏ القول قول المحيل فحلف برئ من حق المحتال وللمحتال قبض المال من المحال عليه لنفسه لأنه يجوز له ذلك بقولهما معا‏,‏ فإذا قبضه كان له بحقه وإن قلنا‏:‏ القول قول المحتال فحلف كان له مطالبة المحيل بحقه ومطالبة المحتال عليه لأنه إما وكيل وإما محتال فإن قبض منه قبل أخذه من المحيل‏,‏ فله أخذ ما قبض لنفسه لأن المحيل يقول‏:‏ هو لك والمحتال يقول‏:‏ هو أمانة في يدي ولي مثله على صاحبه وقد أذن له في أخذه ضمنا فإذا أخذه لنفسه حصل غرضه‏,‏ ولم يأخذ من المحيل شيئا وإن استوفى من المحيل رجع على المحال في أحد الوجهين لأنه قد تثبتت الوكالة بيمين المحتال وبقي الحق في ذمة المحال عليه للمحيل والثاني‏,‏ لا يرجع عليه لأنه يعترف أنه قد برئ من حقه وإنما المحتال ظلمه بأخذ ما كان عليه قال القاضي‏:‏ والأول أصح وإن كان قد قبض الحوالة فتلفت في يده بتفريط‏,‏ أو أتلفها سقط حقه على الوجهين لأنه إن كان محقا فقد أتلف حقه وإن كان مبطلا فقد أتلف مثل دينه‏,‏ فيثبت في ذمته ويتقاصان وإن تلفت بغير تفريطه فعلى الوجه الأول يسقط حقه أيضا لأن ماله تلف تحت يده وعلى الثاني‏,‏ له أن يرجع على المحيل بحقه وليس للمحيل الرجوع على المحال عليه لأنه يعترف ببراءته‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كان لرجل دين على آخر فطالبه به‏,‏ فقال‏:‏ قد أحلت به على فلانا الغائب وأنكر صاحب الدين فالقول قول مع يمينه وإن كان لمن عليه الدين بينة بدعواه سمعت بينته‏,‏ لإسقاط حق المحيل عليه وإن ادعى رجل أن فلانا الغائب أحالنى عليك فأنكر المدعى عليه فالقول قوله فإن أقام المدعى بينة‏,‏ ثبتت في حقه وحق الغائب لأن البينة يقضى بها على الغائب ولزم الدفع إلى المحتال وإن لم يكن له بينة فأنكر المدعى عليه‏,‏ فهل تلزمه اليمين‏؟‏ فيه وجهان بناء على ما لو اعترف له هل يلزمه الدفع‏؟‏ على وجهين أحدهما يلزمه الدفع إليه لأنه مقر بدينه عليه‏,‏ ووجوب دفعه إليه فلزمه الدفع إليه كما لو كانت بينة والثاني لا يلزمه الدفع إليه لأنه لا يأمن من إنكار المحيل ورجوعه عليه‏,‏ فكان له الاحتياط لنفسه كما لو ادعى عليه إني وكيل فلان في قبض دينه منك فصدقه‏,‏ وقال‏:‏ لا أدفعه إليك فإذا قلنا‏:‏ يلزمه الدفع مع الإقرار لزمه اليمين مع الإنكار فإذا حلف برئ ولم يكن للمحتال الرجوع على المحيل لاعترافه ببراءته وكذلك إن قلنا‏:‏ لا تلزمه اليمين فليس للمحتال الرجوع على المحيل‏,‏ ثم ينظر في المحيل فإن صدق المدعي في أنه أحاله ثبتت الحوالة له لأن رضي المحال عليه لا يعتبر وإن أنكر الحوالة‏,‏ حلف وسقط حكم الحوالة وإن نكل المحال عليه عن اليمين فقضى عليه بالنكول واستوفى الحق منه‏,‏ ثم إن المحيل صدق المدعي فلا كلام وإن أنكر الحوالة فالقول قوله‏,‏ وله أن يستوفي من المحال عليه لأنه معترف له بالحق ويدعي أن المحتال ظلمه ويبقى دين المحتال على المحيل وإن كان المحيل ينكر أن له عليه دينا فالقول قوله بغير يمين لأن المحتال يقر ببراءته منه‏,‏ لاستيفائه من المحال عليه وإن كان المحيل يعترف به لم يكن للمحتال المطالبة به لأنه يقر بأنه قد برئ منه بالحوالة والمحيل يصدق المحال عليه في كون المحتال قد ظلمه‏,‏ واستوفى منه بغير حق والمحتال يزعم أن المحيل قد أخذ منه أيضا بغير حق وإنه يجب عليه أن يرد ما أخذه منه إليه‏,‏ فينبغي أن يقبضها المحتال ويسلمها إلى المحال عليه أو يأذن للمحيل في دفعها إلى المحال عليه وإن صدق المحال عليه المحتال في الحوالة‏,‏ ودفع إليه فأنكر المحيل الحوالة حلف‏,‏ ورجع على المحال عليه والحكم في الرجوع بما على المحيل من الدين على ما ذكرنا في التي قبلها‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان عليه ألف ضمنه رجل فأحال الضامن صاحب الدين به برئت ذمته وذمة المضمون عنه لأن الحوالة كالتسليم‏,‏ ويكون الحكم ها هنا كالحكم فيما لو قضى عنه الدين فإن كان الألف على رجلين على كل واحد منهما خمسمائة وكل واحد كفيل عن الآخر بذلك‏,‏ فأحاله أحدهما بالألف برئت ذمتهما معا كما لو قضاها وإن أحال صاحب الألف رجلا على أحدهما بعينه بالألف‏,‏ صحت الحوالة لأن الدين على كل واحد منهما مستقر وإن أحال عليهما جميعا ليستوفي منهما أو من أيهما شاء صحت الحوالة أيضا عند القاضي لأنه لا فضل ها هنا في نوع ولا أجل ولا عدد‏,‏ وإنما هو زيادة استيثاق فلم يمنع ذلك صحة الحوالة كحوالة المعسر على المليء وقال بعض أصحاب الشافعي‏:‏ لا تصح الحوالة لأن الفضل قد دخلها‏,‏ فإن المحتال ارتفق بالتخيير بالاستيفاء منهما أو من أيهما شاء فأشبه ما لو أحاله على رجلين له على كل واحد منهما ألف ليستوفي من أيهما شاء والأول أصح والفرق بين هذه المسألة‏,‏ وبين ما إذا أحاله بألفين أنه لا فضل بينهما في العدد ها هنا وثم تفاضلا فيه‏,‏ ولأن الحوالة ها هنا بألف معين وثم الحوالة بأحدهما من غير تعيين وأنه إذا قضاه أحدهما الألف فقد قضى جميع الدين‏,‏ وثم إذا قضى أحدهما بقي ما على الآخر ولو لم يكن كل واحد من الرجلين ضامنا عن صاحبه فأحال عليهما‏,‏ صحت الحوالة بغير إشكال لأنه لما كان له أن يستوفي الألف من واحد كان له أن يستوفي من اثنين كالوكيلين‏.‏