فصل: فصل: إن أودع المغصوب أو وكل رجلا في بيعه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

إذا أجر الغاصب المغصوب فالإجارة باطلة على إحدى الروايات‏,‏ كالبيع ولمالكه تضمين أيهما شاء أجر مثلها فإن ضمن المستأجر‏,‏ لم يرجع بذلك لأنه دخل في العقد على أنه يضمن المنفعة إلا أن يزيد أجر المثل على المسمى في العقد‏,‏ فيرجع بالزيادة ويسقط عنه المسمى في العقد وإن كان دفعه إلى الغاصب رجع به وإن تلفت العين في يد المستأجر فلمالكها تغريم من شاء منهما قيمتها‏,‏ فإن غرم المستأجر فله الرجوع بذلك على الغاصب لأنه دخل معه على أنه لا يضمن العين ولم يحصل له بدل في مقابلة ما غرم هذا إذا لم يعلم بالغصب‏,‏ وإن علم لم يرجع على أحد لأنه دخل على بصيرة وحصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه وإن غرم الغاصب الأجر والقيمة‏,‏ رجع بالأجر على المستأجر على كل حال ويرجع بالقيمة إن كان المستأجر عالما بالغصب وإلا فلا وهذا قول الشافعي ومحمد بن الحسن في الفصل كله وحكي عن أبي حنيفة أن الأجر للغاصب دون صاحب الدار وهذا فاسد لأن الأجر عوض المنافع المملوكة لرب الدار‏,‏ فلم يملكها الغاصب كعوض الأجزاء‏.‏

فصل‏:‏

وإن أودع المغصوب أو وكل رجلا في بيعه‏,‏ ودفعه إليه فتلف في يده فللمالك تضمين أيهما شاء أما الغاصب فلأنه حال بين المالك وبين ملكه‏,‏ وأثبت اليد العادية عليه والمستودع والوكيل لإثباتهما أيديهما على ملك معصوم بغير حق فإن غرم الغاصب وكانا غير عالمين بالغصب‏,‏ استقر الضمان عليه ولم يرجع على أحد وإن غرمهما رجعا على الغاصب بما غرما من القيمة والأجر لأنهما دخلا على أن لا يضمنا شيئا من ذلك‏,‏ ولم يحصل لهما بدل عما ضمنا وإن علما أنها مغصوبة استقر الضمان عليهما لأن التلف حصل تحت أيديهما من غير تغرير بهما فاستقر الضمان عليهما فإن غرما شيئا‏,‏ لم يرجعا به وإن غرم الغاصب رجع عليهما لأن التلف حصل في أيديهما وإن جرحها الغاصب ثم أودعها‏,‏ أو ردها إلى مالكها فتلفت بالجرح استقر الضمان على الغاصب بكل حال لأنه هو المتلف‏,‏ فكان الضمان عليه كما لو باشرها بالإتلاف في يده‏.‏

فصل‏:‏

وإن أعار العين المغصوبة فتلفت عند المستعير‏,‏ فللمالك تضمين أيهما شاء أجرها وقيمتها فإن غرم المستعير مع علمه بالغصب لم يرجع على أحد‏,‏ وإن غرم الغاصب رجع على المستعير وإن لم يكن علم بالغصب فغرمه لم يرجع بقيمة العين لأنه قبضها على أن تكون مضمونة عليه وهل يرجع بما غرم من الأجر‏؟‏ فيه وجهان أحدهما‏,‏ يرجع لأنه دخل على أن المنافع له غير مضمونة عليه والثاني لا يرجع لأنه انتفع بها فقد استوفى بدل ما غرم‏,‏ وكذلك الحكم فيما تلف من الأجزاء بالاستعمال وإذا كانت العين وقت القبض أكثر قيمة من يوم التلف فضمن الأكثر فينبغي أن يرجع بما بين القيمتين لأنه دخل على أنه لا يضمنه‏,‏ ولم يستوف بدله فإن ردها المستعير على الغاصب فللمالك أن يضمنه أيضا لأنه فوت الملك على مالكه بتسليمه إلى غير مستحقه ويستقر الضمان على الغاصب إن حصل التلف في يديه وكذلك الحكم في المودع وغيره‏.‏

فصل‏:‏

وإن وهب المغصوب لعالم بالغصب‏,‏ استقر الضمان على المتهب فمهما غرم من قيمة العين أو أجزائها لم يرجع به على أحد لأن التلف حصل في يديه‏,‏ ولم يغره أحد وكذلك أجر مدة مقامه في يديه وأرش نقصه إن حصل وإن لم يعلم‏,‏ فلصاحبها تضمين أيهما شاء فإن ضمن المتهب رجع على الواهب بقيمة العين والأجزاء لأنه غره وقال أبو حنيفة أيهما ضمن لم يرجع على الآخر ولنا أن المتهب دخل على أن تسلم له العين‏,‏ فيجب أن يرجع بما غرم من قيمتها كقيمة الأولاد فإنه وافقنا على الرجوع بضمانه فأما الأجرة والمهر وأرش البكارة فهل يرجع به المتهب على الواهب‏؟‏ فيه وجهان وإن ضمنه الواهب‏,‏ فهل يرجع به على المتهب‏؟‏ فيه وجهان‏.‏

فصل‏:‏

وتصرفات الغاصب كتصرفات الفضولي على ما ذكرنا من الروايتين إحداهما بطلانها والثانية‏,‏ صحتها ووقوفها على إجازة المالك وذكر أبو الخطاب أن في تصرفات الغاصب الحكمية رواية أنها تقع صحيحة وسواء في ذلك العبادات‏,‏ كالطهارة والصلاة والزكاة والحج أو العقود كالبيع والإجارة والنكاح وهذا ينبغي أن يتقيد في العقود بما لم يبطله المالك فأما ما اختار المالك إبطاله وأخذ المعقود عليه‏,‏ فلم نعلم فيه خلافا وأما ما لم يدركه المالك فوجه التصحيح فيه أن الغاصب تطول مدته‏,‏ وتكثر تصرفاته ففي القضاء ببطلانها ضرر كثير وربما عاد الضرر على المالك‏,‏ فإن الحكم بصحتها يقتضي كون الربح للمالك والعوض بنمائه وزيادته له والحكم ببطلانه يمنع ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وإذا غصب أثمانا فاتجر بها‏,‏ أو عروضا فباعها واتجر بثمنها فقال أصحابنا‏:‏ الربح للمالك والسلع المشتراة له وقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب إن كان الشراء بعين المال فالربح للمالك قال الشريف‏:‏ وعن أحمد أنه يتصدق به وإن اشتراه في ذمته‏,‏ ثم نقد الأثمان فقال أبو الخطاب يحتمل أن يكون الربح للغاصب وهو قول أبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه لأنه اشترى لنفسه في ذمته فكان الشراء له‏,‏ والربح له وعليه بدل المغصوب وهذا قياس قول الخرقي ويحتمل أن يكون الربح للمغصوب منه لأنه نماء ملكه فكان له كما لو اشترى له بعين المال وهذا ظاهر المذهب وإن حصل خسران‏,‏ فهو على الغاصب لأنه نقص حصل في المغصوب وإن دفع المال إلى من يضارب به فالحكم في الربح على ما ذكرناه وليس على المالك من أجر العامل شيء لأنه لم يأذن له في العمل في ماله وأما الغاصب‏,‏ فإن كان المضارب عالما بالغصب فلا أجر له لأنه متعد بالعمل ولم يغره أحد‏,‏ وإن لم يعلم بالغصب فعلى الغاصب أجر مثله لأنه استعمله عملا بعوض لم يحصل له فلزمه أجره‏,‏ كالعقد الفاسد‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ومن غصب شيئا ولم يقدر على رده لزمت الغاصب القيمة‏,‏ فإن قدر عليه رده وأخذ القيمة‏]‏ وجملته أن من غصب شيئا فعجز عن رده كعبد أبق‏,‏ أو دابة شردت فللمغصوب منه المطالبة ببدله فإذا أخذه ملكه‏,‏ ولم يملك الغاصب العين المغصوبة بل متى قدر عليها لزمه ردها ويسترد قيمتها التي أداها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏,‏ ومالك‏:‏ يخير المالك بين الصبر إلى إمكان ردها فيستردها وبين تضمينه إياها فيزول ملكه عنها وتصير ملكا للغاصب‏,‏ لا يلزمه ردها إلا أن يكون دفع دون قيمتها بقوله مع يمينه لأن المالك ملك البدل فلا يبقى ملكه على المبدل‏,‏ كالبيع ولأنه تضمين فيما ينتقل الملك فيه فنقله‏,‏ كما لو خلط زيته بزيته ولنا أن المغصوب لا يصح تملكه بالبيع فلا يصح بالتضمين كالتالف‏,‏ ولأنه غرم ما تعذر عليه رده بخروجه عن يده فلا يملكه بذلك كما لو كان المغصوب مدبرا‏,‏ وليس هذا جمعا بين البدل والمبدل لأنه ملك القيمة لأجل الحيلولة لا على سبيل العوض ولهذا إذا رد المغصوب إليه‏,‏ رد القيمة عليه ولا يشبه الزيت لأنه يجوز بيعه ولأن حق صاحبه انقطع عنه‏,‏ لتعذر رده أبدا إذا ثبت هذا فإنه متى قدر على المغصوب رده ونماءه المنفصل والمتصل‏,‏ وأجر مثله إلى حين دفع بدله وهل يلزمه أجره من حين دفع بدله إلى رده‏؟‏ فيه وجهان أصحهما لا يلزمه لأنه استحق الانتفاع ببدله الذي أقيم مقامه فلم يستحق الانتفاع به وبما قام مقامه‏,‏ كسائر ما عداه والثاني له الأجر لأن العين باقية على ملكه والمنفعة له‏,‏ ويجب على المالك رد ما أخذه بدلا عنه إلى الغاصب لأنه أخذه بالحيلولة وقد زالت فيجب رد ما أخذ من أجلها إن كان باقيا بعينه‏,‏ ورد زيادته المتصلة كالسمن ونحوه لأنها تتبع في الفسوخ وهذا فسخ‏,‏ ولا يلزم رد زيادته المنفصلة لأنها وجدت في ملكه ولا تتبع في الفسوخ فأشبهت زيادة المبيع المردود بعيب‏,‏ وإن كان البدل تالفا رد مثله أو قيمته إن لم يكن من ذوات الأمثال‏.‏

فصل‏:‏

وإذا غصب شيئا ببلد فلقيه ببلد آخر‏,‏ فطالبه به نظرت فإن كان أثمانا لزمه دفعها إليه لأن الأثمان قيم الأشياء‏,‏ فلا يضر اختلاف قيمتها وإن كان غيرها وكان من المثليات وقيمته في البلدين واحدة أو كانت قيمته في بلد الغصب أكثر‏,‏ لزمه أداء مثله لأنه لا ضرر عليه وكذلك إن كانت قيمته مختلفة إلا أنه لا مؤنة لحمله فله المطالبة بمثله لأنه أمكنه رد المثل من غير ضرر يلحقه وإن كان لحمله مؤنة وقيمته في البلد الذي غصبه فيه أقل‏,‏ فليس عليه رده ولا رد مثله لأننا لا نكلفه مؤنة النقل إلى بلد لا يستحق تسليمه فيه وللمغصوب منه الخيرة بين الصبر إلى أن يستوفيه في بلده وبين المطالبة في الحال بقيمته في البلد الذي غصبه فيه لأنه تعذر رده ورد مثله وإن كان من المتقومات‏,‏ فله المطالبة بقيمته في البلد الذي غصبه فيه ومتى قدر على رد العين المغصوبة ردها‏,‏ واسترجع بدلها على ما ذكرناه في المسألة قبل هذا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏ولو غصبها حاملا فولدت في يده‏,‏ ثم مات الولد أخذها سيدها وقيمة ولدها أكثر ما كانت قيمته‏]‏ الكلام في هذه المسألة في أمرين أحدهما‏,‏ أنه إذا غصب حاملا من الحيوان أمة أو غيرها فالولد مضمون‏,‏ كذلك لو غصب حائلا فحملت عنده وولدت‏,‏ ضمن ولدها وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك لا يجب ضمان الولد في الصورتين لأنه ليس بمغصوب إذ الغصب فعل محظور ولم يوجد‏,‏ فإن الموجود ثبوت اليد عليه وليس ذلك من فعله لأنه انبنى على وجود الولد ولا صنع له فيه ولنا‏,‏ أن من ضمن خارج الوعاء ضمن ما فيه كالدرة في الصدفة والجوز‏,‏ واللوز ولأنه مغصوب فيضمن كالأم فإن الولد إما أن يكون مودوعا في الأم‏,‏ كالدرة في الحقة وإما أن يكون كأجزائها وفي كلا الموضعين‏,‏ الاستيلاء على الظرف والاستيلاء على الجملة استيلاء على الجزء المطروق فإن أسقطته ميتا‏,‏ لم يضمنه لأنه لا تعلم حياته ولكن يجب ما نقصت الأم عن كونها حاملا وأما إذا حدث الحمل‏,‏ فقد سبق الكلام فيه الأمر الثاني أنه يلزمه رد الموجود من المغصوب وقيمة التالف فإن كانت قيمة التالف لا تختلف من حين الغصب إلى حين الرد‏,‏ ردها وإن كانت تختلف نظرنا فإن كان اختلافهما لمعنى فيه‏,‏ من كبر وصغر وسمن وهزال وتعلم ونسيان ونحو ذلك من المعاني التي تزيد بها القيمة وتنقص‏,‏ فالواجب القيمة أكثر ما كانت لأنها مغصوبة في الحال التي زادت فيها والزيادة لمالكها مضمونة على الغاصب‏,‏ على ما قررناه فيما مضى فإن كانت زائدة حين تلفها لزمته قيمتها حينئذ لأنه كان يلزمه ردها زائدة‏,‏ فلزمته قيمتها كذلك وإن كانت زائدة قبل تلفها ثم نقصت عند تلفها‏,‏ لزمه قيمتها حين كانت زائدة لأنه لو ردها ناقصة للزمه أرش نقصها وهو بدل الزيادة فإذا ضمن الزيادة مع ردها‏,‏ ضمنها عند تلفها فإن كان اختلافها لتغير الأسعار لم يضمن الزيادة لأن نقصان القيمة لذلك لا يضمن مع رد العين‏,‏ فلا يضمن عند تلفها وحمل القاضي قول الخرقي على ما إذا اختلفت القيمة لتغير الأسعار وهو مذهب الشافعي لأن أكثر القيمتين فيه للمغصوب منه فإذا تعذر ردها ضمنها كقيمته يوم التلف‏,‏ وإنما سقطت القيمة مع رد العين والمذهب الأول لما ذكرنا وتفارق هذه الزيادة زيادة المعاني لأن تلك تضمن مع رد العين فكذلك مع تلفها‏,‏ وهذه لا تضمن مع رد العين فكذلك مع تلفها وقولهم‏:‏ إنها سقطت برد العين لا يصح لأنها لو وجبت لما سقطت بالرد كزيادة السمن والتعلم قال القاضي‏:‏ ولم أجد عن أحمد رواية بأنها تضمن بأكثر القيمتين لتغير الأسعار فعلى هذا تضمن بقيمتها يوم التلف رواه الجماعة عن أحمد وعنه أنها تضمن بقيمتها يوم الغصب وهو قول أبي حنيفة ومالك‏,‏ لأنه الوقت الذي أزال يده عنه فيه فيلزمه القيمة حينئذ كما لو أتلفه ولنا أن القيمة إنما تثبت في الذمة حين التلف لأن قبل ذلك كان الواجب رد العين دون قيمتها‏,‏ فاعتبرت تلك الحالة كما لو لم تختلف قيمته وما ذكروه لا يصح لأن إمساك المغصوب غصب فإنه فعل يحرم عليه تركه في كل حال‏,‏ وما روى عن أحمد من اعتبار القيمة بيوم الغصب فقال الخلال‏:‏ جبن أحمد عنه كأنه رجع إلى قوله الأول‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان المغصوب من المثليات فتلف وجب رد مثله فإن فقد المثل‏,‏ وجبت قيمته يوم انقطاع المثل وقال القاضي‏:‏ تجب قيمته يوم قبض البدل لأن الواجب المثل إلى حين قبض البدل بدليل أنه لو وجد المثل بعد فقده لكان الواجب هو دون القيمة وقال أبو حنيفة‏,‏ ومالك وأكثر أصحاب الشافعي‏:‏ تجب قيمته يوم المحاكمة لأن القيمة لم تنتقل إلى ذمته إلا حين حكم بها الحاكم ولنا أن القيمة وجبت في الذمة حين انقطاع المثل فاعتبرت القيمة حينئذ‏,‏ كتلف المتقوم ودليل وجوبها حينئذ أنه يستحق طلبها واستيفاءها ويجب على الغاصب أداؤها‏,‏ ولا ينفي وجوب المثل لأنه معجوز عنه والتكليف يستدعي الوسع ولأنه لا يستحق طلب المثل ولا استيفاءه‏,‏ ولا يجب على الآخر أداؤه فلم يكن واجبا كحالة المحاكمة وأما إذا قدر على المثل بعد فقده فإنه يعود وجوبه لأنه الأصل قدر عليه قبل أداء البدل‏,‏ فأشبه القدرة على الماء بعد التيمم ولهذا لو قدر عليه بعد المحاكمة وقبل الاستيفاء لاستحق المالك طلبه وأخذه وقد روي عن أحمد في رجل أخذ من رجل أرطالا من كذا وكذا‏:‏ أعطاه على السعر يوم أخذه‏,‏ لا يوم يحاسبه وكذلك روي عنه في حوائج البقال‏:‏ عليه القيمة يوم الأخذ وهذا يدل على أن القيمة تعتبر يوم الغصب وقد ذكرنا ذلك في الفصل قبل هذا ويمكن التفريق بين هذا وبين الغصب من قبل أن من أخذه ها هنا بإذن مالكه ملكه وحل له التصرف فيه فتثبت قيمته يوم ملكه‏,‏ ولم يتغير ما ثبت في ذمته بتغير قيمة ما أخذه لأنه ملكه والمغصوب ملك للمغصوب منه والواجب رده لا قيمته‏,‏ وإنما تثبت قيمته في الذمة يوم تلفه أو انقطاع مثله فاعتبرت القيمة حينئذ‏,‏ وتغيرت بتغيره قبل ذلك فأما إن كان المغصوب باقيا وتعذر رده فأوجبنا رد قيمته‏,‏ فإنه يطالبه بقيمته يوم قبضها لأن القيمة لم تثبت في الذمة قبل ذلك ولهذا يتخير بين أخذها والمطالبة بها وبين الصبر إلى وقت إمكان الرد ومطالبة الغاصب بالسعي في رده‏,‏ وإنما يأخذ القيمة لأجل الحيلولة بينه وبينه فيعتبر ما يقوم مقامه ولأن ملكه لم يزل عنه‏,‏ بخلاف غيره‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإذا كانت للمغصوب أجرة فعلى الغاصب رده وأجر مثله مدة مقامه في يديه‏]‏ هذه المسألة تشتمل على حكمين أحدهما‏,‏ وجوب رد المغصوب والثاني رد أجرته أما الأول فإن المغصوب متى كان باقيا وجب رده لقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏على اليد ما أخذت حتى ترده‏)‏ رواه أبو داود‏,‏ وابن ماجه والترمذي وقال‏:‏ حديث حسن وروى عبد الله بن السائب بن يزيد‏,‏ عن أبيه عن جده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا جادا‏,‏ ومن أخذ عصا أخيه فليردها‏)‏ رواه أبو داود يعني أنه يقصد المزح مع صاحبه بأخذ متاعه وهو جاد في إدخال الغم والغيظ عليه ولأنه أزال يد المالك عن ملكه بغير حق فلزمه إعادتها وأجمع العلماء على وجوب رد المغصوب إذا كان باقيا بحاله لم يتغير‏,‏ ولم يشتغل بغيره فإن غصب شيئا فبعده لزمه رده‏,‏ وإن غرم عليه أضعاف قيمته لأنه جنى بتبعيده فكان ضرر ذلك عليه فإن قال الغاصب‏:‏ خذ مني أجر رده وتسلمه مني ها هنا أو بذل له أكثر من قيمته ولا يسترده‏,‏ لم يلزم المالك قبول ذلك لأنها معاوضة فلا يجبر عليها كالبيع وإن قال المالك‏:‏ دعه لي في مكانه الذي نقلته إليه لم يملك الغاصب رده لأنه أسقط عنه حقا فسقط وإن لم يقبله كما لو أبرأه من دينه وإن قال‏:‏ رده لي إلى بعض الطريق لزمه ذلك لأنه يلزمه جميع المسافة‏,‏ فلزمه بعضها المطلوب وسقط عنه ما أسقطه وإن طلب منه حمله إلى مكان آخر في غير طريق الرد لم يلزم الغاصب ذلك‏,‏ سواء كان أقرب من المكان الذي يلزمه رده إليه أو لم يكن لأنه معاوضة وإن قال‏:‏ دعه في مكانه وأعطني أجر رده لم يجبر على إجابته لذلك ومهما اتفقا عليه من ذلك جاز لأن الحق لهما لا يخرج عنهما‏.‏

فصل‏:‏

وإن غصب شيئا‏,‏ فشغله بملكه كخيط خاط به ثوبا أو نحوه‏,‏ أو حجرا بنى عليه نظرنا فإن بلى الخيط أو انكسر الحجر‏,‏ أو كان مكانه خشبة فتلفت لم يأخذ برده ووجبت قيمته لأنه صار هالكا‏,‏ فوجبت قيمته وإن كان باقيا بحاله لزمه رده وإن انتقض البناء‏,‏ وتفصل الثوب وبهذا قال مالك والشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ لا يجب رد الخشبة والحجر لأنه صار تابعا لملكه يستضر بقلعه فلم يلزم رده كما لو غصب خيطا فخاط به جرح عبده ولنا‏,‏ أنه مغصوب أمكن رده ويحوز له فوجب كما لو بعد العين‏,‏ ولا يشبه الخيط الذي يخاف على العبد من قلعه لأنه لا يجوز له رده لما في ضمنه من تلف الآدمي ولأن حاجته إلى ذلك تبيح أخذه ابتداء بخلاف البناء‏,‏ وإن خاط بالخيط جرح حيوان فذلك على أقسام ثلاثة أحدها أن يخيط به جرح حيوان لا حرمة له‏,‏ كالمرتد والخنزير والكلب العقور فيجب نزعه ورده لأنه لا يتضمن تفويت ذي حرمة فأشبه ما لو خاط به ثوبا والثاني‏,‏ أن يخيط به جرح حيوان محترم لا يحل أكله كالآدمي‏,‏ فإن خيف من نزعه الهلاك أو إبطاء برئه فلا يجب نزعه لأن الحيوان آكد حرمة من عين المال ولهذا يجوز له أخذ مال غيره ليحفظ حياته‏,‏ وإتلاف المال لتبقيته وهو ما يأكله وكذلك الدواب التي لا يؤكل لحمها كالبغل والحمار الأهلي الثالث أن يخيط به جرح حيوان مأكول‏,‏ فإن كان ملكا لغير الغاصب وخيف تلفه بقلعه لم يقلع لأن فيه إضرارا بصاحبه‏,‏ ولا يزال الضرر بالضرر ولا يجب إتلاف مال من لم يجن صيانة لمال آخر وإن كان الحيوان للغاصب‏,‏ فقال القاضي‏:‏ لا يجب رده لأنه يمكن ذبح الحيوان والانتفاع بلحمه وذلك جائز وإن حصل فيه نقص على الغاصب‏,‏ فليس ذلك بمانع من وجوب رد المغصوب كنقص البناء لرد الحجر المغصوب وقال أبو الخطاب‏:‏ فيه وجهان أحدهما هذا والثاني‏,‏ لا يجب قلعه لأن للحيوان حرمة في نفسه وقد ‏(‏نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذبح الحيوان لغير مأكله‏)‏ ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين ويحتمل أن يفرق بين ما يعد للأكل من الحيوان كبهيمة الأنعام والدجاج وأكثر الطير‏,‏ وبين ما لا يعد له كالخيل والطير المقصود صوته فالأول يجب ذبحه إذا توقف رد المغصوب عليه والثاني لا يجب لأن ذبحه إتلاف له‏,‏ فجرى مجرى ما لا يؤكل لحمه ومتى أمكن رد الخيط من غير تلف الحيوان أو تلف بعض أعضائه أو ضرر كثير‏,‏ وجب رده‏.‏

فصل‏:‏

وإن غصب فصيلا فأدخله داره فكبر ولم يخرج من الباب‏,‏ أو خشبة وأدخلها داره ثم بنى الباب ضيقا لا يخرج منه إلا بنقضه‏,‏ وجب نقضه ورد الفصيل والخشبة كما ينقض البناء لرد الساجة‏,‏ فإن كان حصوله في الدار بغير تفريط من صاحب الدار نقض الباب وضمانه على صاحب الفصيل لأنه لتخليص ماله من غير تفريط من صاحب الدار وأما الخشبة فإن كان كسرها أكثر ضررا من نقض الباب‏,‏ فهي كالفصيل وإن كان أقل كسرت ويحتمل في الفصيل مثل هذا‏,‏ فإنه متى كان ذبحه أقل ضررا ذبح وأخرج لحمه لأنه في معنى الخشبة وإن كان حصوله في الدار بعدوان من صاحبه‏,‏ كرجل غصب دارا فأدخلها فصيلا أو خشبة أو تعدى على إنسان‏,‏ فأدخل داره فرسا ونحوها كسرت الخشبة وذبح الحيوان‏,‏ وإن زاد ضرره على نقض البناء لأن سبب هذا الضرر عدوانه فيجعل عليه دون غيره ولو باع دارا فيها خوابي لا تخرج إلا بنقض الباب أو خزائن أو حيوان‏,‏ وكان نقض الباب أقل ضررا من بقاء ذلك في الدار أو تفصيله أو ذبح الحيوان نقض‏,‏ وكان إصلاحه على البائع لأنه لتخليص ماله وإن كان أكثر ضررا لم ينقض لأنه لا فائدة فيه‏,‏ ويصطلحان على ذلك إما بأن يشتريه مشترى الدار أو غير ذلك‏.‏

فصل‏:‏

‏[‏وإن غصب جوهرة فابتلعتها بهيمة‏]‏ فقال أصحابنا‏:‏ حكمها حكم الخيط الذي خاط به جرحها ويحتمل أن الجوهرة متى كانت أكثر من قيمة الحيوان ذبح الحيوان‏,‏ وردت إلى مالكها وضمان الحيوان على الغاصب إلا أن يكون الحيوان آدميا وفارق الخيط لأنه في الغالب أقل قيمة من الحيوان‏,‏ والجوهرة أكثر قيمة ففي ذبح الحيوان رعاية حق المالك برد عين ماله إليه ورعاية حق الغاصب بتقليل الضمان عليه وإن ابتلعت شاة رجل جوهرة آخر غير مغصوبة‏,‏ ولم يمكن إخراجها إلا بذبح الشاة ذبحت إذا كان ضرر ذبحها أقل وكان ضمان نقصها على صاحب الجوهرة لأنه لتخليص ماله‏,‏ إلا أن يكون التفريط من صاحب الشاة بكون يده عليها فلا شيء على صاحب الجوهرة لأن التفريط من صاحب الشاة‏,‏ فالضرر عليه وإن أدخلت رأسها في قمقم فلم يمكن إخراجه إلا بذبحها وكان الضرر في ذبحها أقل‏,‏ ذبحت وإن كان الضرر في كسر القمقم أقل كسر القمقم وإن كان التفريط من صاحب الشاة‏,‏ فالضمان عليه وإن كان التفريط من صاحب القمقم بأن وضعه في الطريق‏,‏ فالضمان عليه وإن لم يكن منهما تفريط فالضمان على صاحب الشاة إن كسر القمقم لأنه كسر لتخليص شاته‏,‏ وإن ذبحت الشاة فالضمان على صاحب القمقم لأنه لتخليص قمقمه فإن قال من عليه الضمان منهما‏:‏ أنا أتلف مالي‏,‏ ولا أغرم شيئا للآخر فله ذلك لأن إتلاف مال الآخر إنما كان لحقه وسلامة ماله وتخليصه فإذا رضي بتلفه‏,‏ لم يجز إتلاف غيره وإن قال‏:‏ لا أتلف مالي ولا أغرم شيئا لم نمكنه من إتلاف مال صاحبه‏,‏ لكن صاحب القمقم لا يجبر على شيء لأن القمقم لا حرمة له فلا يجبر صاحبه على تخليصه وأما صاحب الشاة فلا يحل له تركها لما فيه من تعذيب الحيوان‏,‏ فيقال له‏:‏ إما أن تذبح الشاة لتريحها من العذاب وإما أن تغرم القمقم لصاحبه إذا كان كسره أقل ضررا‏,‏ ويخلصها لأن ذلك من ضرورة إبقائها أو تخليصها من العذاب فلزمه كعلفها وإن كان الحيوان غير مأكول احتمل أن يكون حكمه حكم المأكول فيما ذكرنا واحتمل أن يكسر القمقم وهو قول أصحابنا لأنه لا نفع في ذبحه‏,‏ ولا هو مشروع وقد ‏(‏نهى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ذبح الحيوان لغير مأكله‏)‏ ويحتمل أن يجري مجرى المأكول في أنه متى كان قتله أقل ضررا وكانت الجناية من صاحبه‏,‏ قتل لأن حرمته معارضة لحرمة الآدمي الذي يتلف ماله والنهي عن ذبحه معارض بالنهي عن إضاعة المال وفي كسر القمقم مع كثرة قيمته إضاعة للمال والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

وإن غصب دينارا‏,‏ فوقع في محبرته أو أخذ دينار غيره فسها فوقع في محبرته‏,‏ كسرت ورد الدينار كما ينقض البناء لرد الساجة‏,‏ وكذلك إن كان درهما أو أقل منه وإن وقع من غير فعله كسرت لرد الدينار إن أحب صاحبه‏,‏ والضمان عليه لأنه لتخليص ماله وإن غصب دينارا فوقع في محبرة آخر بفعل الغاصب أو بغير فعله كسرت لرده‏,‏ وعلى الغاصب ضمان المحبرة لأنه السبب في كسرها وإن كان كسرها أكثر ضررا من تبقية الواقع فيها ضمنه الغاصب ولم تكسر وإن رمى إنسان ديناره في محبرة غيره عدوانا‏,‏ فأبى صاحب المحبرة كسرها لم يجبر عليه لأن صاحبه تعدى برميه فيها فلم يجبر صاحبها على إتلاف ماله لإزالة ضرر عدوانه عن نفسه‏,‏ وعلى الغاصب نقص المحبرة بوقوع الدينار فيها ويحتمل أن يجبر على كسرها لرد عين مال الغاصب ويضمن الغاصب قيمتها‏,‏ كما لو غرس في أرض غيره ملك حفر الأرض بغير إذن المالك لأخذ غرسه ويضمن نقصها بالحفر وعلى كلا الوجهين‏,‏ لو كسرها الغاصب قهرا لم يلزمه أكثر من قيمتها‏.‏

فصل‏:‏

وإن غصب لوحا فرقع به سفينة‏,‏ فإن كانت على الساحل لزم قلعه ورده وإن كانت في لجة البحر‏,‏ واللوح في أعلاها بحيث لا تغرق بقلعه لزم قلعه‏,‏ وإن خيف غرقها بقلعه لم يقلع حتى تخرج إلى الساحل ولصاحب اللوح طلب قيمته‏,‏ فإذا أمكن رد اللوح استرجعه ورد القيمة كما لو غصب عبدا فأبق وقال أبو الخطاب‏:‏ إن كان فيها حيوان له حرمة‏,‏ أو مال لغير الغاصب لم يقلع كالخيط وإن كان فيها مال للغاصب‏,‏ أو لا مال فيها ففيها وجهان أحدهما لا يقلع والثاني‏:‏ يقلع في الحال لأنه أمكن رد المغصوب‏,‏ فلزم وإن أدى إلى تلف المال كرد الساجة المبني عليها ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين ولنا أنه أمكن رد المغصوب من غير إتلاف‏,‏ فلم يجز الإتلاف كما لو كان فيها مال غيره وفارق الساجة في البناء فإنه لا يمكن ردها من غير إتلاف‏.‏

فصل‏:‏

وإذا غصب شيئا‏,‏ فخلطه بما يمكن تمييزه منه كحنطة بشعير أو سمسم أو صغار الحب بكباره‏,‏ أو زبيب أسود بأحمر لزمه تمييزه ورده‏,‏ وأجر المميز عليه وإن لم يمكن تمييز جميعه وجب تمييزه ما أمكن‏,‏ وإن لم يمكن تمييزه فهو على خمسة أضرب أحدها أن يخلطه بمثله من جنسه‏,‏ كزيت بزيت أو حنطة بمثلها أو دقيق بمثله‏,‏ أو دنانير أو دراهم بمثلها فقال ابن حامد‏:‏ يلزمه مثل المغصوب منه وهو ظاهر كلام أحمد لأنه نص على أنه يكون شريكا به إذا خلطه بغير الجنس فيكون تنبيها على ما إذا خلطه بجنسه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي‏,‏ إلا في الدقيق فإنه تجب قيمته لأنه عندهم ليس بمثلي وقال القاضي‏:‏ قياس المذهب أنه يلزمه مثله إن شاء منه‏,‏ وإن شاء من غيره لأنه تعذر عليه رد عين ماله بالخلط فأشبه ما لو تلف لأنه لا يتميز له شيء من ماله ولنا أنه قدر على دفع بعض ماله إليه‏,‏ مع رد المثل في الباقي فلم ينتقل إلى المثل في الجميع كما لو غصب صانعا‏,‏ فتلف نصفه وذلك لأنه إذا دفع إليه منه فقد دفع إليه بعض ماله وبدل الباقي‏,‏ فكان أولى من دفعه من غيره الضرب الثاني والثالث والرابع أن يخلطه بخير منه أو دونه‏,‏ أو بغير جنسه فظاهر كلام أحمد أنهما شريكان يباع الجميع‏,‏ ويدفع إلى كل واحد منهما قدر حقه لأنه قال في رواية أبي الحارث في رجل له رطل زيت وآخر له رطل شيرج اختلطا‏:‏ يباع الدهن كله‏,‏ ويعطي كل واحد منهما قدر حصته وذلك لأننا إذا فعلنا ذلك أوصلنا إلى كل واحد منهما عين ماله وإذا أمكن الرجوع إلى عين المال‏,‏ لم يرجع إلى البدل وإن نقص المغصوب عن قيمته منفردا فعلى الغاصب ضمان النقص لأنه حصل بفعله وقال القاضي‏:‏ قياس المذهب أنه يلزم الغاصب مثله لأنه صار بالخلط مستهلكا وكذلك لو اشترى زيتا فخلطه بزيته‏,‏ ثم أفلس صار البائع كبعض الغرماء ولأنه تعذر عليه الوصول إلى عين ماله‏,‏ فكان له بدله كما لو كان تالفا ويحتمل أن يحمل كلام أحمد على ما إذا اختلطا من غير غصب فأما المغصوب‏,‏ فقد وجد من الغاصب ما منع المالك من أخذ حقه من المثليات مميزا فلزمه مثله كما لو أتلفه‏,‏ إلا بأن خلطه بخير منه وبذل لصاحبه مثل حقه منه لزمه قبوله لأنه أوصل إليه بعض حقه بعينه وتبرع بالزيادة في مثل الباقي وإن خلطه بأدون منه‏,‏ فرضي المالك بأخذ قدر حقه منه لزم الغاصب بذله لأنه أمكنه رد بعض المغصوب ورد مثل الباقي من غير ضرر وقيل‏:‏ لا يلزم الغاصب ذلك لأن حقه انتقل إلى الذمة فلم يجبر على غير مال‏,‏ وإن بذله للمغصوب منه فأباه لم يجبر على قبوله لأنه دون حقه وإن تراضيا بذلك جاز‏,‏ وكان المالك متبرعا بترك بعض حقه وإن اتفقا على أن يأخذ أكثر من حقه من الرديء أو دون حقه من الجيد لم يجز لأنه ربا لأنه يأخذ الزائد في القدر عوضا عن الجودة وإن كان بالعكس‏,‏ فرضي بأخذ دون حقه من الرديء أو سمح الغاصب فدفع أكثر من حقه من الجيد جاز لأنه لا مقابل للزيادة‏,‏ وإنما هي تبرع مجرد وإن خلطه بغير جنسه فتراضيا على أن يأخذ أكثر من قدر حقه أو أقل جاز لأنه بدله من غير جنسه‏,‏ فلا تحرم الزيادة بينهما الضرب الخامس أن يخلطه بما لا قيمة له كزيت خلطه بماء‏,‏ أو لبن شابه بماء فإن أمكن تخليصه خلصه ورد نقصه وإن لم يمكن تخليصه‏,‏ أو كان ذلك يفسده رجع عليه بمثله لأنه صار كالهالك وإن لم يفسده رده ورد نقصه وإن احتيج في تخليصه إلى غرامة لزم الغاصب ذلك لأنه بسببه ولأصحاب الشافعي في هذا الفصل نحو ما ذكرنا‏.‏