فصل: فصل: إذا طلقها طلاقًا رجعيًا وغاب‏ وقضت عدتها وأرادت التزوج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن طلقها ثم راجعها ثم طلقها قبل دخوله بها‏,‏ ففيه روايتان إحداهما تبنى على ما مضى من العدة نقلها الميموني وهي اختيار أبي بكر وقول عطاء‏,‏ وأحد قولي الشافعي لأنهما طلاقان لم يتخللهما دخول بها فكانت العدة من الأول منهما كما لو لم يرتجعها‏,‏ ولأن الرجعة لم يتصل بها دخول فلم يجب بالطلاق منها عدة كما لو نكحها ثم طلقها قبل الدخول والثانية‏,‏ تستأنف العدة نقلها ابن منصور وهي أصح وهذا قول طاوس وأبي قلابة وعمرو بن دينار‏,‏ وجابر وسعيد بن عبد العزيز وإسحاق‏,‏ وأبي ثور وأبي عبيد وأصحاب الرأي‏,‏ وابن المنذر وقال الثوري‏:‏ أجمع الفقهاء على هذا وحكى أبو الخطاب عن مالك إن قصد الإضرار بها بنت‏,‏ وإلا استأنفت لأن الله تعالى إنما جعل الرجعة لمن أراد الإصلاح بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا‏}‏ والذي قصد الإضرار لم يقصد الإصلاح ولنا أنه طلاق في نكاح مدخول بها فيه فأوجب عدة كاملة كما لو لم يتقدمه طلاق وهذا لأن الطلقة الأولى شعثت النكاح‏,‏ والرجعة لمت شعثه وقطعت عمل الطلاق فصار الطلاق الثاني في نكاح غير مشعث مدخول بها فيه‏,‏ فأوجب عدة كالأول وكما لو ارتدت ثم أسلمت ثم طلقها فإنها تستأنف عدة‏,‏ كذا ها هنا ويفارق الطلاق قبل الرجعة فإنه جاء بعد طلاق مفض إلى بينونة فإن راجعها ثم دخل بها ثم طلقها فإنها تستأنف عدة بغير اختلاف بين أهل العلم لأنه بالوطء بعد الرجعة صار كالناكح ابتداء إذا وطئ‏.‏

فصل‏:‏

وإن خالع زوجته‏,‏ أو فسخ النكاح ثم نكحها في عدتها ثم طلقها فإن كان دخل بها فعليها العدة‏,‏ بلا خلاف لأنه طلاق في نكاح مدخول بها فيه لم يتقدمه طلاق سواه وإن لم يكن دخل بها بنت على العدة الأولى‏,‏ في الصحيح من المذهب وعنه أنها تستأنف العدة وهو قول أبي حنيفة لأن النكاح أقوى من الرجعة ولو طلقها بعد الرجعة‏,‏ استأنفت العدة فهاهنا أولى ولنا أنه طلاق من نكاح لم يصبها فيه‏,‏ فلم تجب به عدة كما لو نكحها بعد انقضاء عدتها وفارق الرجعة لأنها ردت المرأة إلى النكاح الأول فكان الطلاق الثاني في نكاح اتصل به الدخول‏,‏ وهذا النكاح جديد بعد البينونة من الأول ولم يوجد فيه دخول فأشبه التزويج بعد قضاء العدة وأما بناؤها على العدة الأولى‏,‏ فلأنها إنما قطع في حكمها النكاح وقد زال فيعود إليها ولو أسلمت زوجته ثم أسلم في عدتها‏,‏ أو أسلم هو ثم أسلمت هي في عدتها وطلقها قبل وطئه أو بعده أو ارتدت ثم أسلمت ثم طلقها‏,‏ فعليها عدة مستأنفة بلا خلاف لأنه طلاق في نكاح وطئ فيه أشبه الطلاق في النكاح الأول‏.‏

فصل‏:‏

ومتى وطئ الرجعية‏,‏ وقلنا‏:‏ إن الوطء لا تحصل به الرجعة فعليها أن تستأنف العدة من الوطء ويدخل فيها بقية عدة الطلاق لأنهما عدتان من رجل واحد‏,‏ فتداخلتا كما لو طلقها واحدة فلم تنقض عدتها حتى طلقها وله ارتجاعها في بقية العدة الأولى لأنها عدة من الطلاق‏,‏ فإذا مضت البقية لم يكن له ارتجاعها في بقية عدة الوطء لأنها عدة من وطء شبهة فإن حبلت من الوطء‏,‏ صارت في عدة الوطء وتدخل فيها البقية الأولى لأنهما عدتان لواحد فأشبه ما لو كانا بالأقراء‏,‏ وتنقضي العدتان جميعا بوضع الحمل لأنه لا يتبعض وله مراجعتها قبل وضعه لأنها في عدة من الطلاق ويحتمل أن لا يتداخلا لأنهما من جنسين فعلى هذا تصير معتدة من الوطء خاصة وهل له رجعتها في مدة الحمل‏؟‏ على وجهين مضى توجيههما فيما إذا حملت من وطء زوج ثان‏,‏ فإذا وضعت أتمت عدة الطلاق وله ارتجاعها في هذه البقية لأنها من عدة الطلاق ولو طلقها حاملا ثم وطئها انقضت عدتها بوضع الحمل منهما جميعا ويحتمل أن تستأنف عدة للوطء بعد وضع الحمل لما ذكرنا ولا رجعة له بعد وضع الحمل في هذه الصورة بكل حال ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله على ما ذكرنا سواء‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وإذا طلقها‏,‏ ثم أشهد على المراجعة من حيث لا تعلم فاعتدت ثم نكحت من أصابها‏,‏ ردت إليه ولا يصيبها حتى تنقضي عدتها في إحدى الروايتين والأخرى هي زوجة الثاني وجملة ذلك‏,‏ أن زوج الرجعية إذا راجعها وهي لا تعلم صحت المراجعة لأنها لا تفتقر إلى رضاها‏,‏ فلم تفتقر إلى علمها كطلاقها فإذا راجعها ولم تعلم فانقضت عدتها وتزوجت‏,‏ ثم جاء وادعى أنه كان راجعها قبل انقضاء عدتها وأقام البينة على ذلك ثبت أنها زوجته‏,‏ وأن نكاح الثاني فاسد لأنه تزوج امرأة غيره وترد إلى الأول سواء دخل بها الثاني أو لم يدخل بها هذا هو الصحيح‏,‏ وهو مذهب أكثر الفقهاء منهم الثوري والشافعي وأبو عبيد‏,‏ وأصحاب الرأي وروي ذلك عن علي ـ رضي الله عنه وعن أبي عبد الله - رحمه الله- رواية ثانية‏,‏ إن دخل بها الثاني فهي امرأته ويبطل نكاح الأول روي ذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو قول مالك وروي معناه عن سعيد بن المسيب وعبد الرحمن بن القاسم‏,‏ ونافع لأن كل واحد منهما عقد عليها وهي ممن يجوز له العقد في الظاهر ومع الثاني مزية الدخول‏,‏ فقدم بها ولنا أن الرجعة قد صحت وتزوجت وهي زوجة الأول فلم يصح نكاحها‏,‏ كما لو لم يطلقها فإذا ثبت هذا فإن كان الثاني ما دخل بها فرق بينهما‏,‏ وردت إلى الأول ولا شيء على الثاني وإن كان دخل بها فلها عليه مهر المثل لأن هذا وطء شبهة‏,‏ وتعتد ولا تحل للأول حتى تنقضي عدتها منه وإن أقام البينة قبل دخول الثاني بها ردت إلى الأول‏,‏ بغير خلاف في المذهب وهو إحدى الروايتين عن مالك وأما إن تزوجها مع علمها بالرجعة أو علم أحدهما فالنكاح باطل بغير خلاف‏,‏ والوطء محرم على من علم منهما وحكمه حكم الزاني في الحد وغيره لأنه وطئ امرأة غيره مع علمه فأما إن لم يكن لمدعي الرجعة بينة فأنكره أحدهما‏,‏ لم يقبل قوله ولكن إن أنكراه جميعا فالنكاح صحيح في حقهما‏,‏ وإن اعترفا له بالرجعة ثبتت والحكم فيه كما لو قامت به البينة سواء وإن أقر له الزوج وحده‏,‏ فقد اعترف بفساد نكاحه فتبين منه وعليه مهرها إن كان بعد الدخول‏,‏ أو نصفه إن كان قبله لأنه لا يصدق على المرأة في إسقاط حقها عنه ولا تسلم المرأة إلى المدعي لأنه لا يقبل قول الزوج الثاني عليها‏,‏ وإنما يلزمه في حقه ويكون القول قولها وهل هو مع يمينها أو لا‏؟‏ على وجهين والصحيح أنها لا تستحلف لأنها لو أقرت لم يقبل إقرارها‏,‏ فإذا أنكرت لم تجب اليمين بإنكارها وإن اعترفت المرأة وأنكر الزوج لم يقبل اعترافها على الزوج في فسخ النكاح لأن قولها إنما يقبل على نفسها في حقها وهل يستحلف‏؟‏ يحتمل وجهين‏:‏ أحدهما‏:‏ لا يستحلف اختاره القاضي لأنه دعوى في النكاح فلم يستحلف‏,‏ كما لو ادعى زوجية امرأة فأنكرته والثاني يستحلف قال القاضي‏:‏ وهو قول الخرقي لعموم قوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏ولكن اليمين على المدعى عليه‏)‏ ولأنه دعوى في حق آدمي فيستحلف فيه كالمال فإن حلف فيمينه على نفي العلم لأنه على نفي فعل الغير فإن زال نكاحه بطلاق‏,‏ أو فسخ أو موت ردت إلى الأول من غير عقد لأن المنع من ردها إنما كان لحق الثاني‏,‏ فإذا زال زال المانع وحكم بأنها زوجة الأول‏,‏ كما لو شهد بحرية عبد ثم اشتراه عتق عليه ولا يلزمها للأول مهر بحال وذكر القاضي أن عليها له مهرا وهو قول بعض أصحاب الشافعي لأنها أقرت أنها حالت بينه وبين بضعها بغير حق‏,‏ فأشبه شهود الطلاق إذا رجعوا ولنا أن ملكها استقر على المهر فلم يرجع به عليها كما لو ارتدت‏,‏ أو أسلمت أو قتلت نفسها فإن مات الأول وهي في نكاح الثاني‏,‏ فينبغي أن ترثه لإقراره بزوجيتها أو إقرارها بذلك وإن ماتت لم يرثها‏,‏ لأنها لا تصدق في إبطال ميراث الزوج الثاني كما لم تصدق في إبطال نكاحه ويرثها الزوج الثاني لذلك وإن مات الزوج الثاني‏,‏ لم ترثه لأنها تنكر صحة نكاحه فتنكر ميراثه‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ وإذا طلقها ثلاثا وانقضت عدتها منه ثم أتته فذكرت أنها نكحت من أصابها‏,‏ ثم طلقها أو مات عنها وانقضت عدتها منه‏,‏ وكان ذلك ممكنا فله أن ينكحها إذا كان يعرف منها الصدق والصلاح وإن لم تكن عنده في هذه الحال‏,‏ لم ينكحها حتى يصح عنده قولها وجملة ذلك أن المطلقة المبتوتة إذا مضى زمن بعد طلاقها يمكن فيه انقضاء عدتين بينهما نكاح ووطء‏,‏ فأخبرته بذلك وغلب على ظنه صدقها إما لمعرفته بأمانتها أو بخبر غيرها ممن يعرف حالها‏,‏ فله أن يتزوجها في قول عامة أهل العلم منهم الحسن وقتادة‏,‏ والأوزاعي والثوري والشافعي‏,‏ وأبو عبيد وأصحاب الرأي وذلك لأن المرأة مؤتمنة على نفسها وعلى ما أخبرت به عنها‏,‏ ولا سبيل إلى معرفة هذه الحال على الحقيقة إلا من جهتها فيجب الرجوع إلى قولها كما لو أخبرت بانقضاء عدتها فأما إن لم يعرف ما يغلب على ظنه صدقها‏,‏ لم يحل له نكاحها وقال الشافعي‏:‏ له نكاحها لما ذكرنا أولا والورع أن لا ينكحها ولنا أن الأصل التحريم ولم يوجد غلبة ظن تنقل عنه‏,‏ فوجب البقاء عليه كما لو أخبره فاسق عنها‏.‏

فصل‏:‏

وإذا أخبرت أن الزوج أصابها فأنكر‏,‏ فالقول قولها في حلها للأول والقول قول الزوج في المهر ولا يلزمه إلا نصفه إذا لم يقر بالخلوة بها فإن قال الزوج الأول‏:‏ أنا أعلم أنه ما أصابها لم يحل له نكاحها لأنه يقر على نفسه بتحريمها فإن عاد فأكذب نفسه وقال‏:‏ قد علمت صدقها دين فيما بينه وبين الله تعالى لأن الحل والحرمة من حقوق الله تعالى فإذا علم حلها له‏,‏ لم تحرم بكذبه وهذا مذهب الشافعي ولأنه قد يعلم ما لم يكن علمه ولو قال‏:‏ ما أعلم أنه أصابها لم تحرم عليه بهذا لأن المعتبر في حلها له خبر يغلب على ظنه صدقه لا حقيقة العلم‏.‏

فصل‏:‏

وإذا طلقها طلاقا رجعيا وغاب‏,‏ وقضت عدتها وأرادت التزوج فقال وكيله‏:‏ توقفي كي لا يكون راجعك لم يجب عليها التوقف‏,‏ لأن الأصل عدم الرجعة وحل النكاح فلا يجب الزوال عنه بأمر مشكوك فيه‏,‏ ولأنه أمر لو وجب عليها التوقف في هذه الحال لوجب عليها التوقف قبل قوله لأن احتمال الرجعة موجود سواء قال أو لم يقل‏,‏ فيفضي إلى تحريم النكاح على كل رجعية غاب عنها زوجها أبدا‏.‏

فصل‏:‏

فإذا قالت‏:‏ قد تزوجت من أصابني ثم رجعت عن ذلك قبل أن يعقد عليها لم يجز العقد لأن الخبر المبيح للعقد قد زال‏,‏ فزالت الإباحة وإن كان بعد ما عقد عليها لم يقبل لأن ذلك إبطال للعقد الذي لزمها بقولها فلم يقبل‏,‏ كما لو ادعى زوجية امرأة فأقرت له بذلك ثم رجعت عن الإقرار‏.‏