فصل: فصل: إذا باع شقصًا لثلاثة دفعة واحدة‏‏ فلشريكه أن يأخذ من الثلاثة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

وإن قال المشتري‏:‏ لا أعلم مبلغ الثمن فالقول قوله لأن ما يدعيه ممكن لجواز أن يكون اشتراه جزافا‏,‏ أو بثمن نسي مبلغه ويحلف فإذا حلف سقطت الشفعة لأنها لا تستحق بغير بذل‏,‏ ولا يمكن أن يدفع إليه ما لا يدعيه فإن ادعى أنك فعلت ذلك تحيلا على إسقاط الشفعة فعليه اليمين على نفى ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وإن اشترى شقصا بعرض واختلفا في قيمته‏,‏ فإن كان موجودا عرضاه على المقومين وإن تعذر إحضاره فالقول قول المشتري‏,‏ كما لو اختلفا في قدر الثمن وإن ادعى جهل قيمته فهو على ما ذكرنا فيما إذا ادعى جهل ثمنه وإن اختلفا في الغراس والبناء في الشقص فقال المشتري‏:‏ أنا أحدثته وأنكر الشفيع‏,‏ فالقول قول المشتري لأنه ملكه والشفيع يريد تملكه عليه‏,‏ فكان القول قول المالك‏.‏

فصل‏:‏

إذا ادعى الشفيع على بعض الشركاء أنك اشتريت نصيبك فلى أخذه بالشفعة فإنه يحتاج إلى تحرير دعواه‏,‏ فيحدد المكان الذي فيه الشقص ويذكر قدر الشقص والثمن ويدعى الشفعة فيه‏,‏ فإذا فعل ذلك سئل المدعى عليه فإن أقر‏,‏ لزمه وإن أنكر وقال‏:‏ إنما اتهبته أو ورثته‏,‏ فلا شفعة لك فيه فالقول قول من ينفيه كما لو ادعى عليه نصيبه من غير شفعة فإن حلف برئ‏,‏ وإن نكل قضى عليه وإن قال لا تستحق على شفعة فالقول قوله مع يمينه ويكون يمينه على حسب قوله في الإنكار وإذا نكل وقضى عليه بالشفعة‏,‏ عرض عليه الثمن فإن أخذه دفع إليه وإن قال‏:‏ لا أستحقه ففيه ثلاثة أوجه أحدها يقر في يد الشفيع إلى أن يدعيه المشتري‏,‏ فيدفع إليه كما لو أقر له بدار فأنكرها والثاني‏:‏ أن يأخذه الحاكم فيحفظه لصاحبه إلى أن يدعيه المشتري‏,‏ ومتى ادعاه دفع إليه والثالث يقال له‏:‏ إما أن تقبضه وإما أن تبرئ منه‏,‏ كسيد المكاتب إذا جاءه المكاتب بمال المكاتبة فادعى أنه حرام اختار هذا القاضي وهذا مفارق للمكاتب لأن سيده يطالبه بالوفاء من غير هذا الذي أتاه به فلا يلزمه ذلك بمجرد دعوى سيده تحريم ما أتاه به‏,‏ وهذا لا يطلب الشفيع بشيء فلا ينبغي أن يكلف إبراء مما لا يدعيه والوجه الأول أولى ـ إن شاء الله تعالى ـ ‏.‏

فصل‏:‏

وإن قال اشتريته لفلان وكان حاضرا‏,‏ استدعاه الحاكم وسأله فإن صدقه‏,‏ كان الشراء له والشفعة عليه وإن قال‏:‏ هذا ملكي‏,‏ ولم أشتره انتقلت الخصومة إليه وإن كذبه حكم بالشراء لمن اشتراه‏,‏ وأخذ منه بالشفعة وإن كان المقر له غائبا أخذه الحاكم ودفعه إلى الشفيع‏,‏ وكان الغائب على حجته إذا قدم لأننا لو وقفنا الأمر في الشفعة إلى حضور المقر له لكان في ذلك إسقاط الشفعة لأن كل مشتر يدعى أنه لغائب وإن قال‏:‏ اشتريته لابنى الطفل أو لهذا الطفل وله عليه ولاية‏,‏ ففيه وجهان أحدهما لا تثبت الشفعة لأن الملك ثبت للطفل ولا تجب الشفعة بإقرار الولى عليه لأنه إيجاب حق في مال صغير‏,‏ بإقرار وليه والثاني تثبت لأنه يملك الشراء له فصح إقراره فيه‏,‏ كما يصح إقراره بعيب في مبيعه فأما إن ادعى عليه شفعة في شقص فقال‏:‏ هذا لفلان الغائب أو لفلان الطفل ثم أقر بشرائه له لم تثبت فيه الشفعة‏,‏ إلا أن تثبت ببينة أو يقدم الغائب ويبلغ الطفل فيطالبهما بها لأن الملك يثبت لهما بإقراره به‏,‏ فإقراره بالشراء بعد ذلك إقرار في ملك غيره فلا يقبل بخلاف ما إذا أقر بالشراء ابتداء‏:‏ لأن الملك ثبت لهما بذلك الإقرار المثبت للشفعة‏,‏ فثبتا جميعا وإن لم يذكر سبب الملك لم يسأله الحاكم عنه ولم يطالب ببيانه لأنه لو صرح بالشراء لم تثبت به شفعة‏,‏ فلا فائدة في الكشف عنه ومذهب الشافعي في هذا الفصل كله كمذهبنا‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت دار بين حاضر وغائب فادعى الحاضر على من في يده نصيب الغائب أنه اشتراه منه وأنه يستحقه بالشفعة‏,‏ فصدقه فللشفيع أخذه بالشفعة لأن من في يده العين يصدق في تصرفه فيما في يديه وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه ولأصحاب الشافعي في ذلك وجهان أحدهما‏,‏ ليس له أخذه لأن هذا إقرار على غيره ولنا أنه أقر بما في يده فقبل إقراره‏,‏ كما لو أقر بأصل ملكه وهكذا لو ادعى عليه أنك بعت نصيب الغائب بإذنه وأقر له الوكيل‏,‏ كان كإقرار البائع بالبيع فإذا قدم الغائب فأنكر البيع أو الإذن في البيع فالقول قوله مع يمينه وينتزع الشقص‏,‏ ويطالب بأجره من شاء منهما ويستقر الضمان على الشفيع لأن المنافع تلفت تحت يده فإن طالب الوكيل‏,‏ رجع على الشفيع وإن طالب الشفيع لم يرجع على أحد وإن ادعى على الوكيل‏,‏ أنك اشتريت الشقص الذي في يدك فأنكر وقال‏:‏ إنما أنا وكيل فيه أو مستودع له فالقول قوله مع يمينه‏,‏ فإن كان للمدعى بينة حكم بها وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي‏,‏ مع أن أبا حنيفة لا يرى القضاء على الغائب لأن القضاء ها هنا على الحاضر بوجوب الشفعة عليه واستحقاق انتزاع الشقص من يده وحصل القضاء على الغائب ضمنا فإن لم تكن بينة‏,‏ وطالب الشفيع بيمينه فنكل عنها احتمل أن يقضى عليه لأنه لو أقر لقضى عليه‏,‏ فكذلك إذا نكل واحتمل أن لا يقضى عليه لأنه قضاء على الغائب بغير بينة ولا إقرار من الشقص في يده‏.‏

فصل‏:‏

وإذا ادعى على رجل شفعة في شقص اشتراه فقال‏:‏ ليس له ملك في شركتى فعلى الشفيع إقامة البينة أنه شريك وبه قال أبو حنيفة‏,‏ ومحمد والشافعي وقال أبو يوسف‏:‏ إذا كان في يده استحق به الشفعة لذلك لأن الظاهر من اليد الملك ولنا‏,‏ أن الملك لا يثبت بمجرد اليد وإذا لم يثبت الملك الذي يستحق به الشفعة لم تثبت‏,‏ ومجرد الظاهر لا يكفى كما لو ادعى ولد أمة في يده فإن ادعى أن المشتري يعلم أنه شريك فعلى المشتري اليمين أنه لا يعلم ذلك لأنها يمين على نفى فعل الغير‏,‏ فكان على العلم كاليمين على نفى دين الميت فإذا حلف سقطت دعواه‏,‏ وإن نكل قضى عليه‏.‏

فصل‏:‏

إذا اختلف المتبايعان في الثمن فادعى البائع أن الثمن ألفان‏,‏ وقال المشتري‏:‏ هو ألف فأقام البائع بينة أن الثمن ألفان أخذهما من المشتري وللشفيع أخذه بالألف لأن المشتري مقر له باستحقاقه بألف ويدعى أن البائع ظلمه وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ إن حكم الحاكم عليه بألفين‏,‏ أخذه الشفيع بهما لأن الحاكم إذا حكم عليه بالبينة بطل قوله وثبت ما حكم به الحاكم ولنا أن المشتري مقر بأن هذه البينة كاذبة‏,‏ وأنه ظلمه بألف فلم يحكم له به وإنما حكم بها للبائع لأنه لا يكذبها فإن قال المشتري‏:‏ صدقت البينة‏,‏ وكنت أنا كاذبا أو ناسيا ففيه وجهان أحدهما لا يقبل رجوعه لأنه رجوع عن إقرار تعلق به حق آدمي غيره فأشبه ما لو أقر له بدين والثاني‏,‏ يقبل قوله وقال القاضي‏:‏ هو قياس المذهب عندي كما لو أخبر في المرابحة بثمن ثم قال‏:‏ غلطت والثمن أكثر‏,‏ قبل قوله مع يمينه بل ها هنا أولى لأنه قد قامت البينة بكذبه وحكم الحاكم بخلاف قوله‏,‏ فقبل رجوعه عن الكذب وإن لم تكن للبائع بينة فتحالفا فللشفيع أخذه بما حلف عليه البائع‏,‏ وإن أراد أخذه بما حلف عليه المشتري لم يكن له ذلك لأن للبائع فسخ البيع وأخذه بما قال المشتري يمنع ذلك‏,‏ ولأنه يقضى إلى إلزام العقد بما حلف عليه المشتري ولا يملك ذلك فإن رضي المشتري بأخذه بما قال البائع جاز‏,‏ وملك الشفيع أخذه بالثمن الذي حلف عليه المشتري لأن حق البائع من الفسخ قد زال فإن عاد المشتري فصدق البائع وقال‏:‏ الثمن ألفان وكنت غالطا فهل للشفيع أخذه بالثمن الذي حلف عليه‏؟‏ فيه وجهان‏,‏ كما لو قامت به بينة‏.‏

فصل‏:‏

ولو اشترى شقصا له شفيعان فادعى على أحد الشفيعين أنه عفا عن الشفعة وشهد له بذلك الشفيع الآخر‏,‏ قبل عفوه عن شفعته لم تقبل شهادته لأنه يجر إلى نفسه نفعا وهو توفر الشفعة عليه فإذا ردت شهادته‏,‏ ثم عفا عن الشفعة ثم أعاد تلك الشهادة لم تقبل لأنها ردت للتهمة‏,‏ فلم تقبل بعد زوالها كشهادة الفاسق إذا ردت ثم تاب وأعادها لم تقبل ولو لم يشهد حتى عفا‏,‏ قبلت شهادته لعدم التهمة ويحلف المشتري مع شهادته ولو لم تكن بينة فالقول قول المنكر مع يمينه وإن كانت الدعوى على الشفيعين معا‏,‏ فحلفا ثبتت الشفعة وإن حلف أحدهما‏,‏ ونكل الآخر نظرنا في الحالف فإن صدق شريكه في الشفعة في أنه لم يعف لم يحتج إلى يمين‏,‏ وكانت الشفعة بينهما لأن الحق له فإن الشفعة تتوفر عليه إذا سقطت شفعة شريكه وإن ادعى أنه عفا فنكل‏,‏ قضى له بالشفعة كلها وسواء ورثا الشفعة أو كانا شريكين وإن شهد أجنبى بعفو أحد الشفيعين واحتيج إلى يمين معه قبل عفو الآخر حلف‏,‏ وأخذ الكل بالشفعة وإن كان بعده حلف المشتري وسقطت الشفعة وإن كانوا ثلاثة شفعاء‏,‏ فشهد اثنان منهم على الثالث بالعفو بعد عفوهما قبلت وإن شهدا‏,‏ قبله ردت وإن شهدا بعد عفو أحدهما وقبل عفو الآخر ردت شهادة غير العافي‏,‏ وقبلت شهادة العافى وإن شهد البائع بعفو الشفيع بعد قبض الثمن قبلت شهادته وإن كان قبله‏,‏ ففيه وجهان أحدهما تقبل لأنهما سواء عنده والثاني لا تقبل لأنه يحتمل أن يكون قصد ذلك ليسهل استيفاء الثمن لأن المشتري يأخذه من الشفيع‏,‏ فيسهل عليه وفاؤه أو يتعذر على المشتري الوفاء لفلسه فيستحق استرجاع المبيع وإن شهد لمكاتبه بعفو شفيعه‏,‏ أو شهد بشراء شيء لمكاتبه فيه شفعة لم تقبل لأن المكاتب عبده فلا تقبل شهادته له‏,‏ كمدبره ولأن ما يحصل للمكاتب ينتفع به السيد لأنه إن عجز صار له وإن لم يعجز سهل عليه الوفاء له وإن شهد على مكاتبه بشيء من ذلك‏,‏ قبلت شهادته لأنه غير متهم فأشبه الشهادة على ولده‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏وإن كانت دار بين ثلاثة لأحدهم نصفها وللآخر ثلثها‏,‏ وللآخر سدسها فباع أحدهم كانت الشفعة بين النفسين على قدر سهامهما‏]‏‏.‏

الصحيح في المذهب أن الشقص المشفوع إذا أخذه الشفعاء‏,‏ قسم بينهم على قدر أملاكهم اختاره أبو بكر وروى ذلك عن الحسن وابن سيرين وعطاء وبه قال مالك‏,‏ وسوار والعنبرى وإسحاق‏,‏ وأبو عبيد وهو أحد قولي الشافعي وعن أحمد رواية ثانية أنه يقسم بينهم على عدد رءوسهم اختارها ابن عقيل وروى ذلك عن النخعي‏,‏ والشعبي وبه قال ابن أبى ليلى وابن شبرمة والثوري‏,‏ وأصحاب الرأي لأن كل واحد منهم لو انفرد لاستحق الجميع فإذا اجتمعوا تساووا كالبنين في الميراث‏,‏ وكالمعتقين في سراية العتق ولنا أنه حق يستفاد بسبب الملك فكان على قدر الأملاك‏,‏ كالغلة ودليلهم ينتقض بالابن والأب أو الجد وبالجد مع الإخوة وبالفرسان مع الرجالة في الغنيمة‏,‏ وأصحاب الديون والوصايا إذا نقص ماله عن دين أحدهم أو الثلث عن وصية أحدهم وفارق الأعيان لأنه إتلاف‏,‏ والإتلاف يستوى فيه القليل والكثير كالنجاسة تلقى في مائع وأما البنون فإنهم تساووا في التسبب‏,‏ وهو البنوة فتساووا في الإرث بها فنظيره في مسألتنا تساوى الشفعاء في سهامهم‏,‏ فعلى هذا ننظر مخرج سهام الشركاء كلهم فنأخذ منها سهام الشفعاء فإذا علمت عدتها‏,‏ قسمت السهم المشفوع عليها ويصير العقار بين الشفعاء على تلك العدة كما يفعل في مسائل الرد سواء‏,‏ ففي هذه المسألة التي ذكر الخرقي مخرج سهام الشركاء ستة فإن باع صاحب النصف‏,‏ فسهام الشفعاء ثلاثة لصاحب الثلث سهمان وللآخر سهم فالشفعة بينهم على ثلاثة‏,‏ ويصير العقار بينهم أثلاثا لصاحب الثلث ثلثاه وللآخر ثلثه‏,‏ وإن باع صاحب الثلث كانت بين الآخرين أرباعا لصاحب النصف ثلاثة أرباعه‏,‏ وللآخر ربعه وإن باع صاحب السدس كانت بين الآخرين أخماسا‏,‏ لصاحب النصف ثلاثة أخماسه وللآخر خمساه وعلى الرواية الأخرى يقسم الشقص المشفوع بين الآخرين نصفين على كل حال‏,‏ فإن باع صاحب النصف قسم النصف بين شريكيه لكل واحد الربع‏,‏ فيصير لصاحب الثلث ثلث وربع وللآخر ربع وسدس وإن باع صاحب الثلث‏,‏ صار لصاحب النصف الثلثان وللآخر الثلث وإن باع صاحب السدس‏,‏ فلصاحب النصف ثلث وربع ولصاحب الثلث ربع وسدس والله أعلم‏.‏

فصل‏:‏

وإن كان المشتري شريكا فللشفيع الآخر أن يأخذ بقدر نصيبه وبهذا قال أبو حنيفة‏,‏ والشافعي وحكى عن الحسن والشعبي والبتى‏:‏ لا شفعة للآخر لأنها تثبت لدفع ضرر الشريك الداخل‏,‏ وهذا شركته متقدمة فلا ضرر في شرائه وحكى ابن الصباغ عن هؤلاء أن الشفعة كلها لغير المشتري ولا شيء للمشترى فيها لأنها تستحق عليه‏,‏ فلا يستحقها على نفسه ولنا أنهما تساويا في الشركة فتساويا في الشفعة‏,‏ كما لو اشترى أجنبى بل المشتري أولى لأنه قد ملك الشقص المشفوع وما ذكرناه للقول الأول لا يصح لأن الضرر يحصل بشراء هذا السهم المشفوع من غير نظر إلى المشتري‏,‏ وقد حصل شراؤه والثاني لا يصح أيضا لأننا لا نقول إنه يأخذ من نفسه بالشفعة وإنما يمنع الشريك أن يأخذ قدر حقه بالشفعة فيبقى على ملكه‏,‏ ثم لا يمنع أن يستحق الإنسان على نفسه لأجل تعلق حق الغير به ألا ترى أن العبد المرهون إذا جنى على عبد آخر لسيده‏,‏ ثبت للسيد على عبده أرش الجناية لأجل تعلق حق المرتهن به ولو لم يكن رهنا ما تعلق به إذا ثبت هذا فإن للشريك المشتري أخذ قدر نصيبه لا غير أو العفو وإن قال له المشتري‏:‏ قد أسقطت شفعتي‏,‏ فخذ الكل أو اترك لم يلزمه ذلك ولم يصح إسقاط المشتري لأن ملكه استقر على قدر حقه فجرى مجرى الشفيعين إذا أخذا بالشفعة ثم عفا أحدهما عن حقه وكذلك إذا حضر أحد الشفيعين‏,‏ فأخذ جميع الشقص بالشفعة ثم حضر الآخر فله أخذ النصف من ذلك‏,‏ فإن قال الأول‏:‏ خذ الكل أو دع فإنى قد أسقطت شفعتى لم يكن له ذلك فإن قيل‏:‏ هذا تبعيض للصفقة على المشتري قلنا‏:‏ هذا التبعيض اقتضاه دخوله في العقد فصار كالرضى منه به‏,‏ كما قلنا في الشفيع الحاضر إذا أخذ جميع الشقص وكما لو اشترى شقصا وسيفا‏.‏

مسألة‏:‏

قال‏:‏ ‏[‏فإن ترك أحدهما شفعته لم يكن للآخر أن يأخذ إلا الكل أو يترك‏]‏

وجملته أنه إذا كان الشقص بين شفعاء‏,‏ فترك بعضهم فليس للباقين إلا أخذ الجميع أو ترك الجميع وليس لهم أخذ البعض قال ابن المنذر‏:‏ أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على هذا وهذا قول مالك‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي ولأن في أخذ البعض إضرارا ب المشتري بتبعيض الصفقة عليه‏,‏ والضرر لا يزال بالضرر لأن الشفعة إنما تثبت على خلاف الأصل دفعا لضرر الشريك الداخل خوفا من سوء المشاركة ومؤنة القسمة‏,‏ فإذا أخذ بعض الشقص لم يندفع عنه الضرر فلم يتحقق المعنى المجوز لمخالفة الأصل‏,‏ فلا تثبت ولو كان الشفيع واحدا لم يجز له أخذ بعض المبيع لذلك فإن فعل‏,‏ سقطت شفعته لأنها لا تتبعض فإذا سقط بعضها سقط جميعها‏,‏ كالقصاص وإن وهب بعض الشركاء نصيبه من الشفعة بعض شركائه أو غيره لم يصح لأن ذلك عفو وليس بهبة‏,‏ فلم يصح لغير من هو عليه كالعفو عن القصاص‏.‏

فصل‏:‏

فإن كان الشفعاء غائبين لم تسقط الشفعة لموضع العذر فإذا قدم أحدهم‏,‏ فليس له أن يأخذ إلا الكل أو يترك لأنا لا نعلم اليوم مطالبا سواه ولأن في أخذه البعض تبعيضا لصفقة المشتري‏,‏ فلم يجز ذلك كما لو لم يكن معه غيره ولا يمكن تأخير حقه إلى أن يقدم شركاؤه لأن في التأخير إضرارا ب المشتري فإذا أخذ الجميع‏,‏ ثم حضر آخر قاسمه إن شاء أو عفا فيبقى للأول لأن المطالبة إنما وجدت منهما فإن قاسمه‏,‏ ثم حضر الثالث قاسمهما إن أحب أو عفا فيبقى للأولين فإن نما الشقص في يد الأول نماء منفصلا‏,‏ لم يشاركه فيه واحد منهما لأنه انفصل في ملكه فأشبه ما لو انفصل في يد المشتري قبل الأخذ بالشفعة وكذلك إذا أخذ الثاني فنما في يده نماء منفصلا‏,‏ لم يشاركه الثالث فيه وإن خرج الشقص مستحقا فالعهدة على المشتري يرجع الثلاثة عليه‏,‏ ولا يرجع أحدهم على الآخر فإن الأخذ وإن كان من الأول فهو بمنزلة النائب عن المشتري في الدفع إليهما والنائب عنهما في دفع الثمن إليه لأن الشفعة مستحقة عليه لهم وهذا ظاهر مذهب الشافعي وإن امتنع الأول من المطالبة حتى يحضر صاحباه‏,‏ أو قال‏:‏ آخذ قدر حقى ففيه وجهان أحدهما يبطل حقه لأنه قدر على أخذ الكل وتركه فأشبه المنفرد والثاني‏,‏ لا يبطل لأنه تركه لعذر وهو خوف قدوم الغائب فينتزعه منه‏,‏ والترك لعذر لا يسقط الشفعة بدليل ما لو أظهر المشتري ثمنا كثيرا فترك لذلك‏,‏ ثم بان خلافه فإن ترك الأول شفعته توفرت الشفعة على صاحبيه فإذا قدم الأول منهما فله أخذ الجميع‏,‏ على ما ذكرنا في الأول فإن أخذ الأول بها ثم رد ما أخذه بعيب فكذلك وبهذا قال الشافعي وحكي عن محمد بن الحسن أنها لا تتوفر عليهما‏,‏ وليس لهما أخذ نصيب الأول لأنه لم يعف وإنما رد نصيبه لأجل العيب فأشبه ما لو رجع إلى المشتري ببيع أو هبة ولنا أن الشفيع فسخ ملكه‏,‏ ورجع إلى المشتري بالسبب الأول فكان لشريكه أخذه كما لو عفا ويفارق عوده بسبب آخر لأنه عاد غير الملك الأول الذي تعلقت به الشفعة‏.‏

فصل‏:‏

إذا أخذ الأول الشقص كله بالشفعة‏,‏ فقدم الثاني فقال‏:‏ لا آخذ منك نصفه بل أقتصر على قدر نصيبي وهو الثلث فله ذلك لأنه اقتصر على بعض حقه‏,‏ وليس فيه تبعيض الصفقة على المشتري فجاز كترك الكل فإذا قدم الثالث‏,‏ فله أن يأخذ من الثاني ثلث ما في يده فيضيفه إلى ما في يد الأول ويقتسمانه نصفين‏,‏ فتصح قسمة الشقص من ثمانية عشر سهما لأن الثالث أخذ حقه من الثاني ثلث الثلث ومخرجه تسعة فضمه إلى الثلثين وهي ستة‏,‏ صارت تسعة ثم قسما التسعة نصفين لا تنقسم فاضرب اثنين في تسعة‏,‏ تكن ثمانية عشر للثاني أربعة أسهم ولكل واحد من شريكيه سبعة وإنما كان كذلك لأن الثاني ترك سدسا كان له أخذه‏,‏ وحقه منه ثلثاه وهو التسع فتوفر ذلك على شريكيه في الشفعة‏,‏ فللأول والثالث أن يقولا‏:‏ نحن سواء في الاستحقاق ولم يترك واحد منا شيئا من حقه فنجمع ما معنا فنقسمه‏,‏ فيكون على ما ذكرنا وإن قال الثاني‏:‏ أنا آخذ الربع فله ذلك لما ذكرنا في التي قبلها فإذا قدم الثالث أخذ منه نصف سدس‏,‏ وهو ثلث ما في يده فضمه إلى ثلاثة الأرباع وهي تسعة‏,‏ يصير الجميع عشرة فيقتسمانها لكل واحد منهما خمسة وللثاني سهمان وتصح من اثنى عشر‏.‏

فصل‏:‏

إذا اشترى رجل من رجلين شقصا‏,‏ فللشفيع أخذ نصيب أحدهما دون الآخر وبهذا قال الشافعي وحكي عن القاضي أنه لا يملك ذلك وهو قول أبي حنيفة ومالك‏,‏ لئلا تتبعض صفقة المشتري ولنا أن عقد الاثنين مع واحد عقدان لأنه مشتر من كل واحد منهما ملكه بثمن مفرد فكان للشفيع أخذه‏,‏ كما لو أفرده بعقد وبهذا ينفصل عما ذكروه وإن اشترى اثنان نصيب واحد فللشفيع أخذ نصيب أحد المشتريين وبه قال مالك‏,‏ والشافعي وأبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه وقال في الأخرى‏:‏ يجوز له ذلك بعد القبض ولا يجوز قبله لأنه قبل القبض تتبعض صفقة البائع ولنا‏,‏ أنهما مشتريان فجاز للشفيع أخذ نصيب أحدهما كما بعد القبض وما ذكروه لا نسلمه‏,‏ على أن المشتري الآخر أخذ نصيبه فلا يكون تبعيضا فإن باع اثنان من اثنين فهي أربعة عقود‏,‏ وللشفيع أخذ الكل أو ما شاء منهما‏.‏

فصل‏:‏

وإذا باع شقصا لثلاثة دفعة واحدة‏,‏ فلشريكه أن يأخذ من الثلاثة وله أن يأخذ من أحدهم وله أن يأخذ من اثنين دون الثالث لأن عقد كل منهما منفرد فلا يتوقف الأخذ به على الأخذ بما في العقد الآخر‏,‏ كما لو كانت متفرقة فإذا أخذ نصيب واحد لم يكن للآخرين مشاركته في الشفعة لأن ملكهما لم يسبق ملك من أخذ نصيبه ولا يستحق الشفعة إلا بملك سابق فأما إن باع نصيبه لثلاثة‏,‏ في ثلاثة عقود متفرقة ثم علم الشفيع فله أيضا أن يأخذ الثلاثة‏,‏ وله أن يأخذ ما شاء منها فإن أخذ نصيب الأول لم يكن للآخرين مشاركته في شفعته لأنهما لم يكن لهما ملك حين بيعه وإن أخذ نصيب الثاني وحده‏,‏ لم يملك الثالث مشاركته لذلك ويشاركه الأول في شفعته لأن ملكه سابق لشراء الثاني فهو شريك حال شرائه ويحتمل أن لا يشاركه لأن ملكه حال شراء الثاني يستحق أخذه بالشفعة‏,‏ فلا يكون سببا في استحقاقها وإن أخذ من الثالث وعفا عن الأولين ففي مشاركتهما له وجهان وإن أخذ من الثلاثة ففيه وجهان أحدهما‏,‏ أنه لا يشاركه أحد منهم لأن أملاكهم قد استحقها بالشفعة فلا يستحق عليه بها شفعة والثاني يشاركه الثاني في شفعة الثالث وهذا قول أبي حنيفة‏,‏ وبعض أصحاب الشافعي لأنه كان مالكا ملكا صحيحا حال شراء الثالث ولذلك استحق مشاركته إذا عفا عن شفعته فكذلك إذا لم يعف لأنه إنما استحق الشفعة بالملك الذي صار به شريكا‏,‏ لا بالعفو عنه ولذلك قلنا في الشفيع إذا لم يعلم بالشفعة حتى باع نصيبه‏:‏ فله أخذ نصيب المشتري الأول وللمشتري الأول أخذ نصيب المشتري الثاني وعلى هذا يشاركه الأول في شفعة الثاني والثالث جميعا فعلى هذا إذا كانت دار بين اثنين نصفين‏,‏ فباع أحدهما نصيبه لثلاثة في ثلاثة عقود في كل عقد سدسا‏,‏ فللشفيع السدس الأول وثلاثة أرباع الثاني وثلاثة أخماس الثالث وللمشتري الأول ربع السدس الثاني وخمس الثالث وللمشتري الثاني خمس الثالث فتصح المسألة من مائة وعشرين سهما‏,‏ للشفيع الأول مائة وسبعة أسهم وللثاني تسعة وللثالث أربعة وإن قلنا‏:‏ إن الشفعة على عدد الرءوس فللمشتري الأول نصف السدس الثاني وثلث الثالث‏,‏ وللثاني ثلث الثالث وهو نصف التسع فتصح من ستة وثلاثين للشفيع تسعة وعشرون‏,‏ وللثاني خمسة وللثالث سهمان‏.‏

فصل‏:‏

دار بين أربعة أرباعا باع ثلاثة منهم في عقود متفرقة‏,‏ ولم يعلم شريكهم ولا بعضهم ببعض فللذي لم يبع الشفعة في الجميع وهل يستحق البائع الثاني والثالث الشفعة فيما باعه البائع الأول والثاني‏؟‏ على وجهين وكذلك هل يستحق الثالث الشفعة فيما باعه الأول والثاني‏؟‏ على وجهين وهل يستحق مشتري الربع الأول الشفعة فيما باعه الثاني والثالث‏؟‏ وهل يستحق الثاني شفعة الثالث‏؟‏ على ثلاثة أوجه أحدها‏,‏ يستحقان لأنهما مالكان حال البيع والثاني لا حق لهما لأن ملكهما متزلزل يستحق أخذه بالشفعة فلا تثبت به والثالث إن عفا عنهما أخذا‏,‏ وإلا فلا فإذا قلنا‏:‏ يشترك الجميع فللذي لم يبع ثلث كل ربع لأن له شريكين فصار له الربع مضموما إلى ملكه فكمل له النصف‏,‏ وللبائع و المشتري الأول الثلث لكل واحد منهما السدس لأنه شريك في شفعة وللبائع الثاني و المشتري الثاني السدس لكل واحد منهما نصفه لأنه شريك في شفعة بيع واحد‏,‏ وتصح من اثني عشر‏.‏

فصل‏:‏

وإذا كانت دار بين ثلاثة فوكل أحدهم شريكه في بيع نصيبه مع نصيبه فباعهما لرجل واحد‏,‏ فلشريكهما الشفعة فيهما وهل له أخذ أحد النصيبين دون الآخر‏؟‏ فيه وجهان أحدهما له ذلك لأن المالك اثنان فهما بيعان‏,‏ فكان له أخذ نصيب أحدهما كما لو توليا العقد والثاني ليس له ذلك لأن الصفقة واحدة‏,‏ وفي أخذ أحدهما تبعيض الصفقة على المشتري فلم يجز كما لو كانا لرجل واحد وإن وكل رجل رجلا في شراء نصف نصيب أحد الشركاء‏,‏ فاشترى الشقص كله لنفسه ولموكله فلشريكه أخذ نصيب أحدهما لأنهما مشتريان فأشبه ما لو وليا العقد والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها‏,‏ أن أخذ أحد النصيبين لا يفضي إلى تبعيض صفقة المشتري ولأنه قد يرضي شركة أحد المشتريين دون الآخر بخلاف التي قبلها فإن المشتري واحد‏.‏