فصل: النوع الثلاثون: معرفة المطلق والمقيد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المزهر في علوم اللغة ***


النوع التاسع والعشرون‏:‏ معرفة العام والخاص

فيه خمسة فصول‏:‏

الفصل الأول‏:‏ العامُّ الباقي على عُمُومه

وهو ما وُضِع عامًّا واستعمل عامّاً، وقد عقَد له الثَّعالبي في فِقْه اللغة باب الكليات، وهو ما أطْلق أئمة اللغةِ في تفسيره لفظةَ الكل؛ فمن ذلك، كلّ ما عَلاك فأظلَّك فهو سماء‏.‏ كلُّ أرضٍ مستوية فهي صَعِيد‏.‏ كلُّ حاجزٍ بين شيئين فهو مَوْبق‏.‏ كلّ بناء مربّع فهو كَعبة‏.‏ كلّ بناء عال فهو صَرْح‏.‏ كل شيء دَبّ على وجه الأرض فهو دابّة‏.‏ كلُّ ما امْتِيرَ عليه من الإبل والخيل والحمير فهو عِير‏.‏ كل ما يُستعار من قَدُوم أو شَفْرة أو قِدْر أو قَصْعةٍ فهو ماعُون‏.‏ كل بستان عليه حائط فهو حَدِيقة‏.‏ كل كريمة من النساء والإبل والخيل وغيرها فهي عقيلة‏.‏ كل طائر له طوْق فهو حمام‏.‏ كلُّ نبت كانت ساقُه أنابيب وكعوباً فهو قَصب‏.‏ كل شَجر له شوْك فهو عَضاه‏.‏ كل شجر لا شوك له فهو سَرْح‏.‏ كلُّ بقعة ليس فيها بناء فهي عَرْصة‏.‏ كل مُنفرج بين جبال وآكام يكون منفذاً للسيل فهو واد‏.‏ كلُّ مدينة جامعة فهي فُسطاط‏.‏ كل ما يُؤْتدم به من زَيْت أو سمن أو دُهن أو ودَك أو شَحْم فهو إهالة‏.‏ كلّ ريح لا تحرّك شجراً ولا تعفّى أثراً فهي نَسيم‏.‏ كل صانع عند العرب فهو إسكاف‏.‏ كلُّ ما ارتفع من الأرض فهو نجد‏.‏

وقال ابن خالويه في شرح الفصيح‏:‏ قال أبو العباس أخبرت عن أبي عبيدة أنه قال قال رُؤْبة بن العجاج‏:‏ كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيءٌ وظِلٌّ، وما لم تكن عليه الشمس فهو ظِلّ‏.‏

الفصل الثاني‏:‏ في العام المخصوص

وهو ما وُضع في الأصل عامّاً، ثم خُصّ في الاستعمال ببعض أفراده- مثاله عزيز- وقد ذكر ابن دُرَيد أن الحجّ أصله قصْدُ الشيء وتجريدك له، ثم خُصّ بقَصْدِ البيت، فإن كان هذا التخصيص من اللّغة صلح أن يكون مثالاً فيه، وإن كان من الشرع لم يصلُح؛ لأنّ الكلام فيما خصته اللّغة لا الشَّرْع‏.‏

ثم رأيت له مثالاً في غاية الحُسْن، وهو لفظ السَّبت، فإنه في اللغة الدَّهْر، ثم خُصَّ في الاستعمال لغةً بأحدِ أيام الأُسبوع، وهو فردٌ من أفراد الدّهر‏.‏

ثم رأيت في الجمهرة‏:‏ رثُّ كلّ شيء خَسيسه، وأكثر ما يستعمل فيما يلبس أو يفترش، وهذا مثالٌ صحيح‏.‏

وفيها‏:‏ ثَمَمت الشيء إذا جمعته أثمُّه ثَمّاً، وأكثر ما يستعمل في الحشيش، وخَمّ اللحم وأخَمّ، وأكثر ما يستعمل في المطبوخ أو المشْوِيّ، فأما النيء فيقال صَلّ وأصَلَّ، وقزّت نفسي عن الشيء قزًّا إذا أبَت، لغة يمانية، وأكثرُ ما يستعمل في معنى عِفْتُ الشيء‏.‏ ونَضّ الشيء ينض نضّاً وهو أن يمكنك بعضه، وقولُهم‏:‏ هذا أمر ناضّ أي ممكن، وأكثرُ ما يستعمل أن يقال ما نَضّ لي منه إلاَّ اليسير، ولا يُومَأ بذلك إلى الكثير، ويقال بأرْضِ بني فلان طُمَّة من الكَلأ، وأكثر ما يُوصف بذلك اليبيس‏.‏

والرَّضْراض‏:‏ الحَصَى، وأكثر ما يُستعمل في الحصى الذي يَجْرِي عليه الماء‏.‏

وفي الغريب المصنف‏:‏ قال أبو عمر‏:‏ والسِّبْت كلُّ جلد مدبوغ، وقال الأصمعي‏:‏ هو المدبوغ بالقَرظ خاصة‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ إذا كان الثوب مصبوغاً مشبعاً فهو مُفْدَم، وعن الكسائي لا يقال‏:‏ مفدم إلا في الأحمر‏.‏

وفي الجمهرة الخَطّ‏:‏ سِيفُ البَحْرين وعُمَان‏.‏

قال بعض أهل اللغة‏:‏ بلْ كلّ سيف خطّ‏.‏

والزِّف‏:‏ رِيشٌ صغير كالزَّغَب، وقال بعض أهل اللغة‏:‏ لا يكون الزِّف إلا للنّعام‏.‏

والشك‏:‏ انتظام الصيد وغيره بالسّهم أو الرّمح، وقال قوم‏:‏ لا يكون الشّك إلا أن يجمع بين شيئين بسَهْم أو رُمح، ولا أحسب هذا ثبتاً‏.‏

وفي أمالي القالي‏:‏ الزِّبْرِج‏:‏ السّحاب الذي تَسْفِرهُ الريح، هذا قول الأصمعي‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ لا يقال فيه زبرج إلا أن يكون فيه حمرة‏.‏

وفي الكامل للمبرد‏:‏ العِهْن‏:‏ الصوف الملوّن، هذا قول أكثرُ أهل اللغة‏.‏

وأما الأصمعي فقال‏:‏ كلّ صوفٍ عِهْن، والحنْتَم‏:‏ الخزَف الأخضر‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ كلُّ خزف حَنْتم‏.‏

الفصل الثالث‏:‏ فيما وضع في الأصل خاصاً ثم استعمل عاماً

عقد له ابنُ فارس في فقه اللغة‏:‏ باب القول في أصول الأسماء، قيسَ عليها وأُلْحِق بها غيرُها‏.‏ ثم قال‏:‏ كان الأصمعي يقول‏:‏ أصلُ الوِرْد إتْيَان الماء، ثم صار إتيانُ كُلِّ شيء وِرْداً، والقُرْبُ‏:‏ طلبُ الماء، ثم صار يُقال ذلك لكلِّ طلَب؛ فيقالُ‏:‏ هو يقربُ كذا أي يطلبُه، ولا يقرب كذا، ويقولون‏:‏ رفع عَقِيرته أي صوته، وأصلُ ذلك أن رجلاً عُقِرَتْ رِجْله فرفعها، وصاح؛ فقيل بعدُ لكلّ من رَفع صَوْته‏:‏ رفع عَقيرته، ويقولون‏:‏ بينهما مَسَافة، وأصلُه من السَّوْف وهو الشمُّ، ومثل هذا كثير‏.‏

قال ابن فارس‏:‏ وهذا كلُّه توقيفٌ، وقولهم‏:‏ كَثُر حتى صار كذا، على ما فسّرناه؛ من أن الفرعَ موَقّف عليه كما أن الأصلَ موقف عليه‏.‏ انتهى‏.‏

وقد عقد ابن دُريد في الجمهرة لذلك باباً ترجم له باب الاستعارات‏:‏ وقال فيه‏:‏ النُّجْعَة أصلُها طلبُ الغيث، ثم كَثُرَ فصار كلُّ طلب انتجاعاً، والمَنيحةُ أصلُها أن يُعْطَى الرجلُ الناقَةَ، فيشرب لبنَها أو الشاةَ، ثم صارت كلُّ عطيةٍ منيحة‏.‏

ويقال‏:‏ فَلَوْت المهر إذا نَتَّجْتُه، وكان الأصل الفطام، فكثر حتى قيل للمنتج مُفْتلي‏.‏

والوَغَى‏:‏ اختلاطُ الأصوات في الحرب، ثم كثُر فصارت الحرب وَغى، وكذلك الوَاغِية‏.‏

والغَيْث‏:‏ المطرُ، ثم صار ما نَبَت بالغيث غيثاً‏.‏

والسماء‏:‏ المعروفة، ثم كثُر حتى سُمّي المطرُ سماء، وتقول العرب‏:‏ ما زِلْنا نطأُ السماءَ حتى أتيناكم‏:‏ أي مواقع الغيث‏.‏

والنَّدى‏:‏ المعروف، ثم كثر حتى صار العُشْب ندَى‏.‏

والخُرْسُ ما تُطْمعه المرأةُ عند نِفَاسها، ثم صارت الدعوةُ للولادة خُرْساً‏.‏ وكذلك الإعذار للخِتَان، وسُمّي الطعامُ للخِتَانِ إعذاراً‏.‏

وقولهم‏:‏ ساقَ إليها مهرَها في الدراهم، وكان الأصلُ أن يتزوَّجوا على الإبل والغنم فيسوقونها، فكثُرَ ذلك حتى اسْتُعْمِل في الدراهم‏.‏

ويقولون‏:‏ بَنَى الرجلُ بامرأته إذا دخلَ بها، وأصلُ ذلك أنَّ الرجلَ كان إذا تزوَّج يُبْنَى له ولأَهله خباءٌ جديد، فكثرَ ذلك حتى استُعْمِل في هذا الباب‏.‏

وقولهم‏:‏ جزَّ رأسَه، وإنما هو شعرُ رأسِه، وأخذَ من ذَقنه، أي من أطراف لِحْيَته، فلما كانت اللحيةُ في الذَّقَن استُعْمِل في ذلك‏.‏

والظَّعينة‏:‏ أصلُها المرأة في الهَوْدَج، ثم صار البعيرُ ظَعينةً، والهودَجُ‏:‏ ظعينة‏.‏

والخَطْر ضربُ البعير بذَنَبه جَانبي وركيه، ثم صار ما لَصقَ من البَول بالوركين خَطْراً‏.‏

والرَّاوية‏:‏ البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه، ثم صارت المزادة راوية‏.‏

والدَّفْنُ‏:‏ للميت، ثم قيل دَفَن سرَّه إذا كتَمَه‏.‏

والنَّوم للإنسان، ثم قيل‏:‏ ما نامت الليلةَ السماءُ بَرْقاً، وقالوا‏:‏ نام الثوبُ إذا أخْلق‏.‏

وقالوا‏:‏ همدَت النار، ثم قالوا‏:‏ همدَ الثَّوب إذا أخلق‏.‏

وأصل العَمَى في العين، ثم قالوا‏:‏ عميت عنا الأخبار إذا سُترت عنا‏.‏

والرَّكْض‏:‏ الضَّرْب بالرجل، ثم كثر حتى لزم المركوب، وإن لم يحرّك الراكب رِجْله، فيقال‏:‏ ركضت الدابة، ودفع ذلك قومٌ فقالوا‏:‏ ركضت الدّابة لا غير، وهي اللغة العالية‏.‏

والعقيقة‏:‏ الشَّعر الذي يخرج على الولد من بَطْن أمه، ثم صار ما يُذْبح عند حَلقِ ذلك الشعر عقيقة‏.‏

والظّمأ‏:‏ العطش وشهوة الماء، ثم كثر حتى قالوا‏:‏ ظمئتُ إلى لقائك‏.‏

والمجد‏:‏ امتلاء بطن الدَّابة من العلف، ثم قالوا‏:‏ مجد فلان فهو مَاجد‏:‏ إذا امتلأ كرماً‏.‏

والقفر‏:‏ الأرض التي لا تُنْبِت شيئاً ولا أنيسَ بها، ثم قالوا‏:‏ أكلت طعاماً قَفْراً بلا أُدْم وقالوا‏:‏ امرأة قَفْرة الجسم‏:‏ أي ضئيلة‏.‏

والوَجُور‏:‏ ما أوْجَرته الإنسان من دَواء أو غيره، ثم قالوا‏:‏ أوْجَره الرمح إذا طَعَنه في فيه‏.‏ والغَرْغَرة أن يردّد الرجلُ الماء في حَلْقه فلا يُسِيغه ولا يمجّه وكثُر ذلك حتى قالوا‏:‏ غَرْغَرَه بالسّكين إذا ذبحه، وغَرْغَره بالسِّنان إذا طعنه في حَلْقه، وتغَرغرت عينهُ إذا تردّد فيها الدّمع‏.‏

والقَرْقَرة‏:‏ صفاء هَدِير الفحل، وارتفاعه، ثم قيل للحسَنِ الصوتِ‏:‏ قَرْقار‏.‏

والأفْن‏:‏ قلةُ لبن الناقة، ثم قالوا‏:‏ أفن الرجل إذا كان ناقِصَ العقل فهو أفين ومأْفُون‏.‏

والحِلْس‏:‏ ما طُرِح على ظَهْر الدابة نحو البَرْذَعَة، ثم قيل للفارس الذي لا يُفارق ظَهْر دابته حِلْس، وقالوا‏:‏ بنو فلان أحْلاس الخيل‏.‏

والصبْرُ‏:‏ الحَبْس، ثم قالوا‏:‏ قُتل فلانٌ صبراً‏:‏ أي حُبس حتى قُتل‏.‏

والبَسْر‏:‏ أن تلقح النخلة قبل أوانها، وبسَرَ الناقة الفحل ضَرَبها قبل ضَبَعتِها، ثم قيل‏:‏ لا تَبْسُر حاجتك، أي لا تطلبها من غير وجهها‏.‏ هذا ما ذكره ابنُ دريد في هذا الباب‏.‏

وقال في أثناء الكتاب‏:‏ البأسُ‏:‏ الحرب؛ ثم كَثُر حتى قيل‏:‏ لا بأسَ عليك، أي لا خوف عليك‏.‏

والصُّبَابَةُ‏:‏ باقي ما في الإناء، وكثر حتى قيل‏:‏ صُبابات الكَرَى أي باقي النَّوْم في العين‏.‏

والرَّائد‏:‏ طالب الكلأ، وهو الأصل؛ ثم صار كلُّ طالب حاجة رائداً‏.‏

والنَّيرَب‏:‏ أصله النميمة، ثم صار كالداهية‏.‏

والحَوْبُ‏:‏ البعير، ثم كثُرَ ذلك فصار حوبُ زَجراً للبعير‏.‏

ويقال‏:‏ بُرْتُ الناقَة على الفَحْل أبُورُها بَوْراً‏:‏ إذا عرضتَها عليه لتنظرَ ألاقِحٌ هي أمْ حائل‏.‏ ثم كثر ذلك حتى قالوا‏:‏ بُرْت ما عندك أي بَلَوْتُه‏.‏ ودَرْدَق‏:‏ صِغَارُ الناس، ثم كثر حتى سمُّوا صغارَ كلّ شيء دَرْدَقاً‏.‏

والكِدَّة‏:‏ الأرضُ الغليظة؛ لأنها تَكُدّ الماشِيَ فيها، وكثر الكدّ في كلامهم، حتى قالوا‏:‏ كَدّ لسانه بالكلام، وقلبه بالفِكْر‏.‏

والحوَّة‏:‏ شِية من شِيات الخيل، وهي بين الدّهْمَة والكمْتَهَ، وكثر هذا في كلامهم حتى سمّوا كل أسودَ أحْوى؛ فقالوا‏:‏ ليل أحْوَى، وشَعْرٌ أحوى‏.‏

ويقال‏:‏ ارْم الصيد فقد أكْثَبَك أي دَنَا منك، وقد كثُر في كلامهم حتى صار كلُّ قريب مُكْثِباً‏.‏

والنّابث‏:‏ الحافر، ثم كثُر في كلامهم حتى قالوا‏:‏ ينبث عن عيوب الناس أي يُظْهِرها‏.‏

والرُّضاب‏:‏ تقطّع الريق في الفم، وكثُر حتى قالوا‏:‏ رُضاب المُزْن، ورُضَاب النحل‏.‏

وبَسَق النَّبت‏:‏ إذا ارتفع وتمّ، وكلُّ شيء تمَّ طوله فقد بَسق، ومنه بسَقت النخلة وكثُر ذلك، حتى قالوا‏:‏ بسَق فلان في قومه إذا علاهم كرَماً‏.‏

وأصل البَشَم‏:‏ التُّخَمة للبهائم خاصة، ثم كثر حتى استعمل في الناس أيضاً‏.‏

وانْبَعَق المطر‏:‏ إذا اشتد، وكثر ذلك في كلامهم حتى قالوا‏:‏ انْبَعَق فلانٌ علينا بكلام‏.‏

وقال القالي في أماليه‏:‏ الخَارِب‏:‏ سارق الإبل خاصّة، ثم يستعار فيقال‏:‏ لكل من سرَق بعيراً كان أو غيره‏.‏

قال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات‏:‏ قيل إنما سميت الخمر مدامة لدَوَامها في الدّن، وقيل لأنه يُغْلى عليها حتى تسكن، لأنه يقال دام‏:‏ سكن وثبت‏.‏ فإن قيل‏:‏ فهل يقال لكل ما سكن مدام‏؟‏ قيل‏:‏ الأصل هذا، ثم يخص الشيء باسمِهِ‏.‏

الفصل الرابع‏:‏ فيما وضع عاماً واستعمل خاصاً ثم أفرد لبعض أفراده اسم يخصه

عقد له الثعالبي في فقه اللغة فصلاً فقال‏:‏ فصل في العموم والخصوص‏.‏

البُغْض عامٌّ، والفِرْك فيما بين الزوجين خاصّ، التَّشهِّي عام، والوَحَم للحُبْلَى خاصّ‏.‏ النَّظر إلى الأشياء عام، والشَّيْمُ للبرقِ خاص‏.‏ والاجتلاء عام، والجِلاء للعروس خاص‏.‏ الغَسْل للأشياء عام، والقِصارة للثوب خاص‏.‏ الغسل للبدن عام، والوضوء للوجه واليدين خاص‏.‏ الحَبْلُ عام، والكُرُّ للحبل الذي يُصْعَد به إلى النَّخْلِ خاص‏.‏ والصُّراخ عام، والوَاعية على الميّت خاصّة‏.‏ العَجُز عام، والعَجيزةُ للمرأة خاص‏.‏ الذَّنَب عام، والذُّنابَى للفرس خاص‏.‏ التَّحْريك عام، والإنْغاضُ للرأسِ خاص‏.‏ الحدِيثُ عام، والسَّمَر بالليل خاص‏.‏ والسَّيرُ عام، والإدلاج والسُّرَى بالليل خاص، النَّوْمُ في الأوقات عامٌّ، والقَيْلُولةُ نصفُ النهار خاص‏.‏ الطَّلَبُ عام‏.‏ والتَّوَخّي في الخير خاصّ‏.‏ الهربُ عام، والإباق للعبيد خاص، الخَرْرُ لِلْغَلات عام، والخَرْصُ للنّخْل خاص‏.‏ الخِدْمَة عامة، والسّدَانة للكَعْبَة خاص‏.‏ الرائحة عامة، والقُتَار للشواء خاص‏.‏ الوَكْرُ للطَّير عام، والأُدْحِيّ للنَّعام خاص‏.‏ العَدْو للحيوان عام، والعَسَلان للذئب خاص‏.‏ الظَّلْع لما سوَى البشر عام، والخَمْعُ لِلضَّبُع خاص‏.‏

وما لم يذكره الثعالبي‏:‏ قال ابنُ دريد‏:‏ الصَّبابة‏:‏ رقَّةُ الهوى، والحب، وقال نفطويه‏:‏ الصّبابة‏:‏ رِقّة الشوق، والعشق‏:‏ رقّة الحب، والرأفة‏:‏ رقة الرحمة‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصنف‏:‏ سمعت الأصمعي يقول‏:‏ الرَّبْع هو الدار حيث كانت، والمَرْبَع في الربيع خاصة، والعَقار‏:‏ المنزل في البلاد، والضياع، والمُنتَجع‏:‏ المنزل في طلب الكلأ‏.‏ الفمُ‏:‏ واحد الأفواه للبشر، وكل حيوان، وأفواه الأزقة خاصّة، واحدها فُوّهة مثال حمرة، ولا يقال فم، قاله الكسائي‏.‏

وفي الجمهرة‏:‏ فُوّهة النهر‏:‏ الموضع الذي يخرج منه ماؤه، وكذلك فوّهة الوادي، قال‏:‏ وأفواه الطيب واحدها فوه‏.‏

وفي الجمهرة‏:‏ الفَحِيح من كل حيّة، وهو صَوتُها من فيها، والكشِيش للأفعى خاصة، وهو صوت جِلْدِها إذا حكّت بعضَه ببعض‏.‏

وفي مَقَاتل الفُرْسان لأبي عبيدة‏:‏ السَّهَر في الخير والشر، والأرَق لا يكون إلا في المكروه وحْدَه‏.‏

الفصل الخامس فيما وضع خاصاً لمعنى خاص

عقد له ابن فارس في فقه اللغة باباً فقال‏:‏ باب الخصائص، للعرب كلامٌ بألفاظٍ، تختصُّ به مَعَانٍ لا يجوزُ نقلُها إلى غيرها، تكونُ في الخَير والشَّر والحسَن وغيره، وفي الليل والنهار وغير ذلك‏:‏ من ذلك قولهم‏:‏ مكانك قال أهل العلم‏:‏ هي كلمةٌ وُضعَت على الوعيد، قال اللّه جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏مكانكم أنتم وشركاؤكم‏}‏ كأنه قيل لهم‏:‏ انتظروا مكانكم حتى يفصل بينكم، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ما حملكم على أن تتتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار»‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ التتايع التهافت، ولم نسمعه إلا في الشر، وأوْلَى له، تهديد ووعيد‏.‏

ومن ذلك ظلَّ فلان يفعل كذا إذا فعله نهاراً‏.‏ وبات يَفْعَلُ كذا إذا فعلَه ليلاً‏.‏

وقال المبرّد في الكامل‏:‏ التأويب‏:‏ سيرُ النهار لا تعريج فيه، والإسآد‏:‏ سيرُ الليل لا تَعْريس فيه‏.‏

ومن الباب ‏{‏وجعلناهم أحاديث‏}‏ أي مثّل بهم، ولا يُقَال في الخير‏.‏

ومنه‏:‏ ‏{‏لا عُدْوَان إلا على الظالمين‏}‏‏.‏

ومن الخصائص في الأفعال قولهم‏:‏ ظننتني، وحسبتني، وخِلْتني، لا يقال إلا فيما فيه أدنى شك، ولا يقال ضَرَبْتَني، ولا يكون التأبين إلا مدْح الرجل ميتاً، ويقال‏:‏ غَضِبت به إذا كان ميّتاً، والمساعاة‏:‏ الزّنا بالإمَاء خاصة، والرّاكب‏:‏ راكب البعير خاصّة، وأَلَحَّ الجمل، وخَلأَتْ الناقة، وحَرَن الفرس، ونَفَشَت الغنم ليلاً، وهملت نهاراً‏.‏

قال الخليلُ‏:‏ اليَعْمَلَةُ من الإبل اسم اشتقَّ من العمل، ولا يقال إلا للإناث‏.‏

قال‏:‏ والنعتُ وصفُ الشيء بما فيه من حُسْن، ولا يُقال في السوء‏.‏

وقال أبو حاتم‏:‏ ليلة ذات أزِيز أي قُرٌّ شديد، ولا يقال يوم ذو أزيز‏.‏

قال ابنُ دريد‏:‏ أشَّ القوم يؤشون إذا قام بعضُهم لبعض للشر لا للخير‏.‏

ومن ذلك‏:‏ جززت الشاة، وحلَقْتُ العنز، لا يكون الحَلْق في الضأن، ولا الجزَّ في المِعْزَى‏.‏ وخُفِضَتْ الجارية ولا يقال في الغلام، وحَقِب البعير إذا لم يستقم بَوْله لقَصْده ولا يَحْقَب إلا الجمل‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ أبْلَمَت البكرة إذا ورم حياؤها لا يكون إلا للبكرة، وعَدَنت الإبلُ في الحَمْض لا تعدُن إلا فيه، ويقال‏:‏ غَطَّ البَعِيرُ‏:‏ هَدَر، ولا يقال في الناقة‏.‏ ويقال‏:‏ ما أطيب قَدَاوَة هذا الطعام أي ريحه، ولا يقال ذلك إلا في الطبيح والشّواء، ولَقَعه ببَعْرَةٍ، ولا يقال بِغيرها، وفعلت ذلك قبلَ غيْرٍ وما جَرَى، ولا يتكلم به إلا في الواجب، لا يقال سأفعله قبلَ عَيْرٍ‏.‏

ومن الباب ما لا يقالُ إلا في النفي كقولهم‏:‏ ما بها أرَم‏:‏ أي ما بها أحد، وهذا كثير، فيه أبواب قد صنّفها العلماء‏.‏ انتهى ما ذكره ابن فارس‏.‏

قلت‏:‏ وكتاب فقه اللغة للثعالبي كله في هذا النوع، فإن موضوعه ذلك، وهو مجلّد جمع فيه فأوعى‏.‏

وهذه أمثلة منه ومن غيره قال في الجمهرة‏:‏ البَوْشُ‏:‏ الجَمْعُ الكثير، وقال يونس‏:‏ لا يُقال بَوْش إلا أن يكون من قبائل شَتّى، فإذا كانوا من أبٍ واحد لم يسمّوا بَوْشاً‏.‏

الإياب‏:‏ الرجوع، ولا يكون الإياب- زَعَموا- إلا أن يأتي الرجلُ أهلَه ليلاً، قال بعض أهل اللغة‏:‏ الثَّناء في الخير والشر مَمْدود، أو الثَّنَاء لا يكون إلا في الذِّكر الجميل‏.‏ حَلٍ في زَجْر الإبل، لا يكون إلا للنوق، وزجر الذكور جَاه بخلاف عاج فإنه لهما‏.‏ ناقة نجاة وهي السريعة، ولا يُوصفُ بذلك الجملُ بخلاف ناقة ناجيةٌ فيقال للجمل أيضاً ناجٍ‏.‏ الصُّوَاح‏:‏ عَرَقُ الخيل خاصَّة‏.‏ وقال قومٌ‏:‏ بل العرقُ كله صُوَاح، والنُّوَادُ‏:‏ التمايلُ من النعاس خاصة، ويومٌ أَرْوَنَان إذا بلغَ الغاية في الشدّة في الكَرْب، وكذلك ليلة أَرْوَنانة ولا يقال في الخير، والجعْبَة للنُّشاب خاصّة، والكنَانة للنبل خاصة، وفرس شَطْبَة طويلة، ولا يوصف به الذكر، والهِلْقِم‏:‏ الواسع الأشداق من الإبل خاصة، وعيهل وعَيْهم‏:‏ وَصْفان للناقةِ السريعة، قال قوم‏:‏ ولا يوصف به إلا النوق دون الجمل‏.‏ ويقال غلام فُرْهُود‏:‏ وهو الممتلئُ الحسن،، ولا يوصف به الرّجل‏.‏ والسُّرحُوب‏:‏ الطويل من الخيل يوصف به الإناث خاصة دون الذكور، وكُعْبُور‏:‏ العُجْرَة إذا كانت في الرأس خاصة، فإذا كانت في سائر الجسد فهي عُجْرة وَسِلْعة‏:‏ وفرس قَيْدُود‏:‏ طويلة؛ ولا يقال للذكر‏.‏ وقارورة ما قرَّ فيه الشراب وغيره من الزُّجاج خاصة، والثَّلة‏:‏ القَطيع من الضَّأْن خاصة، ويقال‏:‏ بنو فلان سواء إذا استَوَوْا في خيرٍ أو شرّ‏.‏ فإذا قلت‏:‏ سََوَاسية لم يكن إلا في الشر، والخُباج‏:‏ ضرَاط الإبل خاصّة، والخَرَابَة‏:‏ سرقة الإبل خاصة، ولا يكادون يسمعون الخارِب إلا سارق الإبل خاصّة، وتَدابر القوم‏:‏ إذا تقاطعوا وتعادَوا‏.‏ قال أبو عبيدة‏:‏ ولا يقال ذلك إلا في بني الأب خاصّة، والسَّارب‏:‏ الماضي في حاجته بالنهار خاصة، وفي التنزيل‏:‏ ‏{‏وسَاربٌ بالنّهار‏}‏‏.‏ وكبش أَلْيان‏:‏ عظيمُ الألية، وكذلك الرّجل ولا يقال للمرأة، وإنما يُقال عَجْزاء‏.‏ ويقال امرأة بَوصاء عظيمة العَجُز، ولا يقال ذلك للرّجل‏.‏

وذكر بعض أهل اللغة أنهم يقولون امرأة ثَدْياء، ولا يقولون رجل ثدِي‏.‏ ورجلٌ بَزِيع ظاهر البَزَاعة إذا كان خفيفاً لَبِقاً ولا يوصف بذلك الأحداث، ونَزَب الظبي نزيباً إذا صاحَ، وهو صوتُ الذَّكر خاصة، ويقال في الأنثى خاصة‏:‏ بغَمت الظّبية بِغاماً، ويوم عَصيب‏:‏ شديدٌ في الشرّ، خاصة، والعَبَل‏:‏ تَساقُطُ وَرقِ الشجر من الهدَب خاصة، نحو الأثل والطّرفاء والمَرْخ، ويقال‏:‏ على فلان إبل وبقر وغنم، إذا كانت له؛ لأنها تَغْدُو وتروح عليه ولا يقال في غير ذلك من الأموال عليه؛ إنما يقال له‏.‏

وفي الغريب المصنف‏:‏ الطَّرْف‏:‏ العتيق الكريمُ من الخيل، وهو نعتٌ للذكور خاصّة‏.‏ والنَّحُوص التي لا لَبَن لها من الأُتن خاصّة، واللَّجْبة والمُصِرَّة التي قلّ لبنها من المعز خاصّة، ومثلها من الضأن‏:‏ الجَدُود‏.‏

وفي أمالي القالي‏:‏ سبأت الخمر‏:‏ اشتريْتُها، ولا يكونُ السباء إلا في الخمر وحْدَها‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ ناقة عَجْلَزَةٌ وفرس عَجْلَزة أي قوية شديدة، ولا يقال للذكر‏.‏

وعبارة القاموس‏:‏ ولا يقال للذكر عَجْلَزٌ، نعم يقال‏:‏ جمل علجز وناقة علجزة‏.‏

ويقال‏:‏ غلام رُباعي وخماسي ولا يقال سُباعي؛ لأنه إذا بلغ سبعة أشبار صار رجلاً‏.‏ والمُواعَسَة ضربٌ من سير الإبل، وهو أن تمدَّ عنقها وتوسِّع خَطْوها، وواعَسْنا‏:‏ أدْلجنا، ولا تكون المُواعَسَةُ إلا بالليل‏.‏

وفي نوادر ابن الأعرابي‏:‏ إذا هبَّت الريح في يوم غيم قيل‏:‏ قد نَشَرَتْ، ولا يكون إلا في يوم غيم‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصنف‏:‏ البُسْلة‏:‏ أُجْرة الرَّاقي خاصة؛ ويُقال‏:‏ طَرَّقَتْ القَطَاةُ إذا حانَ خُروجُ بيضها، ولا يقال ذلك في غير القطاة، ويقال‏:‏ باتَ فلان بحِيبةِ سُوء، ولا يقال إلا في الشّر، ونِعَاج الرَّمل‏:‏ بقرُ الوحش، واحدتُها نعجة، ولا يقال لغير البقر من الوَحش نِعاج‏.‏

وقال الزَّجاجي في أماليه‏:‏ أخْبرنا نفطويه قال‏:‏ أخبرنا ثَعْلب عن ابن الأعرابي قال‏:‏ يُقال فَرَّثْت كبدَه إذا فَرَّقْتُها، ولا يُقال في غيرها من أعضاء البدن‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ البَغْز‏:‏ النَّشاط في الإبل خاصة‏.‏

وفي المقصور والممدود لابن السكيت يقال‏:‏ بَغْلة سَفْواء إذا كانت سريعة‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ ولا يُقال من هذا للذكر أسْفى، ويقال‏:‏ بعيرٌ عَياءٌ إذا كان لا يُحْسن الضِّراب، ولا يُقال في الناس‏.‏

وقال ابن خالويه في شرح الدريدية‏:‏ يقال باتَ يَفْعل كذا‏:‏ إذا فَعَله ليلاً، وظلَّ يفعل كذا‏:‏ إذا فعله نهاراً، وأضْحى مثلُ ظَلَّ، وأمْسَى مثل باتَ، ويقال منْ نصف الليل إلى نصف النهار‏:‏ كيف أصبحتَ‏؟‏ ومن نصف النهار إلى نصف الليل‏:‏ كيف أمْسيتَ‏؟‏ ويقال مِنْ أوّل النهار إلى الظهر‏:‏ فعلت الليلة كذا، ومن نصف النهار إذا زالت الشمس‏:‏ فعلتُ البارحة كذا، سمعت محمد بن القاسم يقول ذلك، ويَعْزوه إلى يونس بن حبيب‏.‏

وقال الأزدي في كتاب الترقيص‏:‏ الأتراب‏:‏ الأسنان، لا يقال إلا للإناث، ويقال للذكور‏:‏ الأسنان والأقران، وأما اللِّدَات فإنه يكون للذكور والإناث‏.‏

وقال أبو عبيد‏:‏ سمعتُ الأصمعي يقول‏:‏ أول اللبن اللِّبأ مهموز مقصور، ثم الذي يليه المُفْصح، يقال‏:‏ أفْصَح اللبنُ إذا ذهب اللِّبأ عنه، ثم الذي يُنْصرف به عن الضّرع حارّاً‏:‏ الصَّريف، فإذا سكنت رغوته فهو الصَّريح والمَحْضُ ما لم يخالطه ماءٌ حلواً كان أو حامضاً، فإذا ذهبت عنه حلاوة الحلب ولم يتغيَّر طعمه فهو سامِط، فإن أخذ شيئاً من الرّيح فهو خامِط، فإن أخذ شيئاً من طَعْم فهو مُمَحَّل، فإذا كان فيه طعم الحلاوة فهو قُوهَة؛ والأُمْهُجان الرَّقيق ما لم يتغيّر طعمُه، فإذا حذَى اللسان فهو قارِص، فإذا خَثَر فهو الرَّائب، فلا يزال ذلك اسمه، حتى يُنْزَع زُبْدُه واسمه على حاله، فإن شُرِب قبلَ أن يبلغَ الرُّؤُوب فهو المظْلُوم والظَّلِيمة، فإذا اشتدَّتْ حموضةُ الرَّائِب فهو حازر، فإذا تقطَّع وصار اللبن ناحية فهو مُمْذَقِرّ، فإذا تلبَّد بعضُه على بعض فلم يتقطَّع فهو إدْل، فإن خثرَ جداً وتلبَّد فهو غُثَلِط وعُكَلِط وعُجَلِط وهُدَبِد، فإذا كان بعضُ اللبن على بعضٍ فهو الضَّرِيب، قال‏:‏ وقال بعضُ أهل البادية‏:‏ لا يكون ضريباً من عدّةٍ من الإبل؛ فمنه ما يكون رقيقاً، ومنه ما يكونُ خاثراً، فإن كان قد حُقِن أياماً حتى اشتدَّ حَمْضُه فهو الصَّرْب والصَّرَب، فإذا بلغَ من الحمض ما ليس فوقه شيء فهو الصَّقْر، فإذا صُبَّ لبن حليب على حامض فهو الرَّثِيئَة والمُرِضَّة، فإن صبَّ لبنُ الماعز فهو النَّخِيسة، فإن صب لبن على مرق كائناً ما كان فهو العَكِيس‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ فإن سُخِّن الحليب خاصَّةً حتى يحترق فهو صحيرة‏.‏

وقال الأموي‏:‏ فإن أُخِذ حليب فأُنْقِع فيه تمر بَرْنيٌّ فهو كُدَيْرَاء‏.‏

قال الفراء‏:‏ يقال للبن إنه لسَمْهَج سَمَلَّج إذا كان حُلْواً دسماً‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ فإذا ظهر على الرائب تحبُّب وزُبْد فهو المُثْمِر، فإذا خثَر حتى يختلط بعضُه ببعض ولم يتمَّ خثورته فهو مُلْهَاجّ، زاد أبو زيد ومُرْغادّ‏.‏ قال‏:‏ فإذا تقطّع وتحبَّب فهو مُبَحْثِر، فإن خثَر أعلاه، وأسفلُه رقيق، فهو هَادر، وذلك بعد الحُزورِ‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ فإذا ملأ دسمه وخثورته رأسه فهو مُطَثّر، يقال‏:‏ خُذْ طَثْرَة سِقَائك، والكَثْأَة، والكَثْعَة نحو ذلك، فإذا خُلِط اللبنُ بالماء فهو المذِيق، فإذا كثُر ماؤه فهو الضَّياح والضَّيْح، فإذا جعله أرقَّ ما يكون فهو السَّجَاج والسَّمار‏.‏

زاد أبو زيد‏:‏ والخضار والمَهْو منه‏:‏ الرقيق الكثير الماء‏.‏

قال الفراء‏:‏ والمسْجُور الذي ماؤه أكثرُ منه لبنه‏.‏

قال الأموي‏:‏ والنَّسْء مثله‏.‏

قال أبو عبيدة‏:‏ والجُبَاب‏:‏ ما اجتمع من ألْبان الإبل خاصة، فصار كأنه زبد‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ والدَّاوِي من اللبن الذي تركبه جُلَيدة فتلك الجُلَيدة تسمى الدُّوَاية‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ والمَاضِرُ من اللبن الذي يحذي اللسان قبل أن يدرك، وكذلك النبيذ‏.‏

قال أبو عمرو‏:‏ والرّسْلُ‏:‏ هو اللّبن مَا كان‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ والإحْلاَبة‏:‏ اسمٌ للبن تحلبه لأَهْلِك وأَنْتَ في المَرْعَى، ثم تبعث به إليهم‏.‏

وقال أبو الجراح‏:‏ إذا ثخنَ الّلبن وخثر فهو الهَجِيمة‏.‏

قال الكسائي‏:‏ هو هجيمة ما لم يُمْخَض‏.‏

قال أبو زياد الكلابي‏:‏ ويقال للرائب منه‏:‏ الغَبِيبة‏.‏

قال أبو عمرو‏:‏ والغُبْر‏:‏ بقيّةُ الّلبن في الضرع‏.‏

قال أبو زيد‏:‏ فإذا جعل الزّبد في البزمة ليطبخ سمناً فهو الإذْوَاب والإذوابَة، فإذا جاد وخلص ذلك اللبن من الثُّفل فذلك اللبن الإثْرة، والإخْلاص، والثُّفْل الذي يكون أسفل اللبن هو الخُلُوص، وإن اختلط اللبن بالزّبد قيل‏:‏ ارتَجَنَ‏.‏

وفي الجمهرة العُفَافة‏:‏ ما يَجْتَمِع في الضِّرع من اللبن بعد الحَلْب؛ فهذه نحو سعبين اسماً للبَنِ باعتبار اختلافِ أحواله‏.‏

وقال ابن دُريد في الجمهرة‏:‏ يسمى باقي العَسِل في موضع النَّحْل‏:‏ الآس، كما يسمى باقي التمر في الجُلَّة قوْساً، وباقي السَّمْنِ في النَّخْىِ كعبْا‏.‏

زاد الزجاجي في أماليه‏:‏ والهِلال‏:‏ بقيّة الماء في الحوض، والشّفا- مقصور‏:‏ بقية كل شيء‏.‏

وقال القالي في أماليه حدثنا أبو بكر بن الأنباري قال حدثني أبي عن أحمد بن عبيد قال‏:‏ يقال للقِطْعة من الشَّعْر‏:‏ الفِليلة، وللقطعة من القطن‏:‏ السَّبيخة، وللقطعة من الصوف‏:‏ العَمِيتةَ‏.‏

ونقلت من خط الشيخ تاج الدين بن مكتوم النحوي قال بعضهم‏:‏ الاسم العام في ظروف الجلود للبن وغيره الزِّق، فإن كان فيه لبَنٌ فهو وَطْب، فإن كان فيه سَمن فهو نِحْىٌ فإن كان فيه عسل فهو عُكّة، فإن كان فيه ماء فهو شَكْوة وقِرْبة، فإن كان فيه زيت فهو حَمين‏.‏

وقال الزجاجي في أماليه‏:‏ الرطب ما كان رطباً، وهو الخلا أيضاً مقصود، والحشيش‏:‏ ما كان يابساً، والكلأ يجْمَعُهما‏.‏

وقال ابن دريد‏:‏ قال الأصمعي في أسماء رحاب الشَّجر‏:‏ رحَبة من ثُمام، وأيْكة أثل، وقصيم غضَى، وحاجِرُ رِمْث، وصِرْمة أرطى، وسمر، وسَلِيل سَلم، ووَهْطُ عُرْفط، وحَرَجة طَلْح، وحدقة نخل وعنب، وخبراء سِدْر، وخُلَّة عُرفج، ووَهْط عُشر‏.‏

وفي الصحاح يقال توطة من طَلْح، وعِيص من سِدْر، وفَرش من عُرفط، وغَدَر من سَلَم، وسَلِيل من سَمُر، وقَصِيمة من غَضى ومن رِمْث، وصَريمة من غضى ومن سَلَم، وحَرجة من شجر‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصنف سمعت أبا زيد يقول يُسمَّى الطَّعام الذي يُصْنَع عند العُرس الوليمة، والذي عند الإملاك‏:‏ النقَّيعة، والذي عند بناء دار‏:‏ الوَكِيرة، وعند الخِتان الإعذار، وعند الولادة الخُرس، وكل طعام بعد صُنِع لدعوة فهو مأْدبة‏.‏

قال الفراء‏:‏ والنقيعة؛ ما صَنعه الرجل عند قُدُومه من سفر‏.‏

وفي الجمهرة الشُّنْداخي‏:‏ طعام الإملاك، والعَقيقة‏:‏ ما يُذْبح عن المولود، والوَضِيمة‏:‏ طعامُ المأتم، والنقَّيعة‏:‏ طعام قدوم المسافر، والمأدبة والمدْعاة طعامُ أيّ وقت كان‏.‏

وقال ابنُ دريد في الجمهرة‏:‏ قال أبو عثمان عن التوزي عن أبي عبيدة عن أبي الخطاب الأخفش- وهو في نوادر أبي مالك- قال‏:‏ الشِّبْرُ‏:‏ من طَرَفِ الخِنصرَ إلى طَرَف الإبهام، والفِتْر‏:‏ مِنْ طَرف الإبهام إلى طرف السَّبابة، والرَّتب‏:‏ بين السَّبابة والوسطى، والعَتبَ‏:‏ ما بين الوسطى والبِنْصر، والوَصِيم‏:‏ ما بين الخِنْصر والبِنْصر، وهو البُصْم أيضاً، ويقال‏:‏ ما بين كل إصبعين فَوْت، وجَمْعه أفوات‏.‏

وفي فقه اللغة للثعالبي عن ثعلب عن ابن الأعرابي‏:‏ الصَّباحة في الوجه، الوَضاءة في البَشرة، الجمال في الأنف، الملاحة في الفم، الحلاوة في العينين، الظَّرْف في اللسان‏:‏ الرّشاقة في القدّ، الّلباقة في الشمائل، كَمال الحسن في الشعر‏.‏

وفيه يقال‏:‏ فُلْكٌ مَشْحون، كأس دُهاق، وادٍ زَاخِر، بحرٌ طاَمٍ، نهر طَافِح، عَيْنٌ ثَرّة، طَرْفٌ مُغرَوْرِق، جفن مُتْرع، عين شَكْرى، فؤاد ملآن، كيس أعجر، جفنة رَزُوم، قربة مُتْافة، مجلس غاصّ بأهله، جُرْج مقصّع إذا كان ممتلئاً بالدم، دجاجة مُرْتجِة ومُمْكِنَة‏:‏ إذا امتلأ بطنُها بيضاً‏.‏

وفيه الشَّعْر للإنسان وغيرِه، الصوف للغنم، المِرْ عزًى للماعز، والوَبرَ للإبل والسّباع، والعِفاء للحمير، الرّيش للطير، الزّغب للفرخ، الزِّفّ‏:‏ للنعام، الهُلْب للخِنْزيز‏.‏

وفيه يقال فلان جائع إلى الخبز، قَرِم إلى اللحم، عَطْشان إلى الماء، عَيْمان إلى اللّبن، بَرِد إلى التمر، جَعِم إلى الفاكهة، شَبِق إلى النكاح‏.‏

وفيه‏:‏ تقول العرب يده من اللحم غَمِرة، ومن الشحم زَهِمة، ومن السمك ضِمِرة، ومن الزيت قَنِمة، ومن البيض زَهِكة، ومن الدّهن زَنِخة، ومن الخل خَمِطة، ومن العسل والنَّاطِف لَزِجة، ومن الفاكهة لزقة، ومن الزعفران رَدِعة، ومن الطَّيب عَبِقة، ومن الدم ضَرِجة، ومن الماء بَشِقَة، ومن الطين رَدِغة، ومن الحديد سَهِكة، ومن العَذِرَة طَفِسة، ومن البول وشِلة، ومن الوسخ رَوِثة، ومن العمل مَجِلة، ومن البرد صَرِدة‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ يدي من الحديد صَدِئه‏.‏

وقال أبو الطيب اللغوي في كتاب الفروق‏:‏ يقال يده من اللحم غِمِرة، ونَدِلة، ومن اللبن وَضِرة، ومن السمك والحديد أيضاً سَهِكة، ومن البيض ولحم الطير زَهِمة، ومن العسل لثِقَة، ومن الجُبْن نَسِمة، ومن الوَدك وَدِكة، ومن النقس طَرِسة، ومن الدُّهن والسّمن نَمِسة، ومن الخلّ خَمِطة، ومن الماء لَثِثَة ومن الخطاب رَدِعة، ومن الطين رَدِغة، ومن العجين لَوِثة، ومن الدقيق نَثِرة، ومن الرَّطب والتمر حَمتة، ومن الزيت وَصِئة، ومن السَّويق والبزر رَغِفة، ومن النجاسة نَجِسة، ومن الأشنان حَرِضة، ومن البَقْل زَهِرة، ومن القار حَلِكة، ومن الفرصاد قَنِئة، ومن الرطاب مَصِعة، ومن البطيخ نَضِخَة، ومن الذهب والفضة قثِمة، ومن الكامخ شَهِرة، ومن الكافور سَطِعة، ومن الدم شَحِطة، ومن التراب تَرِبة، ومن الرَّماد رَمِدة، ومن الصِّحناء صَحِنة، ومن الخمط مَسِسَة، ومن الخبز خَبِزة، ومن المسك ذَفرة، ومن غيره من الطيب عَطِرة، ومن الشراب خمِرة، ومن الروائح الطيّبة أرِجة‏.‏

ونقلتُ من خطِّ الشيخ تاج الدين بن مكتوم النحوي قال قال الوزيز أبو القاسم الحسين بن علي المغربي هذا ما توصف به اليد عند لمسها كل صنف من الملوسات، نقلتُ أكثره من خط أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب وأخذت بعضه عن أبي أسامة جنادة اللغوي، وكلّه على وزن فعلة بفتح الفاء وكسر العين، تقول‏:‏ يدي من اللحم غَمِرة، ومن السَّمك صَمِرة، ومن البيض ذَفِرة ومَذِرة، ومن اللبن والزّبد وَضِرة، ومن السمن سَنِخة، ومن الجبن نَمِسة وسَنِمة، ومن العسل سَعِبة، ومن الفتات قَتِمة، ومن لحم الطير زَهِمة، ومن القديد زَنِخة، ومن الزيت وجميع الدهن قَنِمة، وقد جاء قَنِمة في التين ولا يثبت، ومن الخبيص لِمصة، ومن القَنْد قَنِدة، ومن الماء بَلِلة، ومن الخل خَلِلة، ومن الأشنان قَضِضة، وقال النامي‏:‏ خَمضة، قال‏:‏ وإنما هي من الشراب قَضِضة، ومن الغلة غَرِزَة، ومن الحطب قَشِبة، ومن البزر والنّفْطِ نَسِكة ونَسِمَة، ود مرّ نَسِمة في الجبن، ومن الزَّعفران إن أردت الريح عَبِكة، وإن أردت اللون عَلِكة‏.‏

وقال ثعلب في الزعفران‏:‏ عَطرة، ومن الرياحين والأزهار زَهرة، ومن الحناء قَنئة‏.‏

قال ابن خالويه‏:‏ من الرياحين ذَكِية، ومن جيمع الطَّيب رَدِعة وعَبقة، ومن المسك خاصة ذَفرة، ومن المِداد زَوِطة، ومن الحبر وَحِرة، ومن الحديد والصفر ونحوهما سَهِكة، ومن الطين رَدِغة، ومن الحمأة ثَبِطة، ومن الدم سَلِطة، وقال ثعلب‏:‏ عَلِقة، ومن النَّجْو قَذِرة، وقال ثعلب‏:‏ وحِرة‏.‏

قال وروي لنا عن ثعلب أنه قال‏:‏ لليد من هذا كله زَهِمة إلا الطّيب والقَذر‏.‏

وفي أمالي الزجاجي قال الفراء‏:‏ يده من العنبر عَبقة، ومن الشحم وَدِكة، ومن الطين لَثقة، ومن الشَّهد شَتِرة‏.‏

وقال غير الفرّاء‏:‏ يده من الودك زَهِمة، ومن القديد لَزِجة، ومن السمن قَنِمة، ومن الجبن نَسِمة، ومن الخلّ نَقِبة، ومن البيض مَذِرة، ومن الريحان خَمرة، ومن الفاكهة زَلِجة، ومن الدّهن سِنخَة،،وم الدم عَرِكة، ومن ريح الجورب زَفِرة، ومن الجلود دّفِرة، ومن الرَّطب وَثِرة، ومن رائحة هن المرأة بَغِمة‏.‏

قال الزجاجي وقال أبو إسحاق الأشعري قال الفراء‏:‏ يدُه من السمك طَمِرة، ومن الشهد نَشِرة‏.‏

النوع الثلاثون‏:‏ معرفة المطلق والمقيد

عقد له ابنُ فارس في فقه اللغة باباً فقال‏:‏ باب الأسماء التي لا تكون إلا باجتماع صفات، وأقلها ثنتان‏.‏ من ذلك‏:‏ المائدة لا يقال لها مائدة حتى يكونَ عليها طعام؛ لأنّ المائدة من مادني يَميدُني إذا أعطاك وإلا فاسمُها خِوَان، والكأْسُ لا تكون كأْساً حتى يكونَ فيها شرابٌ وإلا فهو قَدح أو كوب‏.‏ والحُلّة‏:‏ لا تكون إلا ثوبين إزار ورِداء من جنس واحد، فإن اختلفا لم تُدْع حَلّة‏.‏ والظعينة‏:‏ لا تكون ظعينةً حتى تكون امرأة في هَوْدج على راحلة‏.‏ والسَّجْل‏:‏ لا يكون سَجلاْ إلا أن يكون دَلْواً فيها ماء‏.‏ واللِّحْية‏:‏ لا تكون لِحيةً إلا شعراً على ذَقَن ولَحْيَيْن‏.‏ والأريِكة‏:‏ لا تكون إلا الحجَلة على السرير‏.‏ وسمعت على بن إبراهيم يقول‏:‏ سمعت ثعلباً يقول‏:‏ الأريكة لا تكون إلا سريراً مُتَّخذًا في قُبةٍ عليه شَواره ونَجَدُه‏.‏

والذَّنُوب‏:‏ لا يكون ذَنوباً إلا وهي مَلأى، ولا تسمى خاليةً ذَنُوباً، والقلم‏:‏ لا يكون قلماً إلا وقد بُرِي وأُصْلح، وإلا فهو أنبوبة‏.‏

وسمعتُ أبي يقول‏:‏ قيل لأعرابي‏:‏ ما القلم‏؟‏ فقال‏:‏ لا أدري، فقيل له‏:‏ تَوَهَّمه‏.‏ فقالك هو عودٌ قُلِّم من جانبيه كتقليم الأُظْفور فسُمِّي قلماً‏.‏ والكوب‏:‏ لا يكون إلا بلا عُرْوة‏.‏ والكوز‏:‏ لا يكون إلا بعروة‏.‏

وقال الثعالبي في فقه اللغة‏:‏ باب الأشياء تختلفُ أساؤُها وأوصافها باختلافِ أحوالها- لا يقال كأسٌ إلا إذا كان فيها شرابٌ، وإلا فهي زجاجة‏.‏ ولا يقال مائدةٌ إلا إذا كان عليها الطعام، وإلا فهي خِوان‏.‏ ولا يقال كوز إلا إذا كان له عروة، وإلا فهو كوب‏.‏ ولا يقال قلمٌ إلا إذا كان مَبْريّاً، وإلا فهو أنبوبة‏.‏ ولا يقال خاتِمَ إلا إذا كان فيه فصّ، وإلا فهو فَتْخَة‏.‏ ولا يقالُ فروٌ إلا إذا كان عليه صوف، وإلا فهو جلد، ولا يُقال رَيْطَة إلا إذا لم تكن لِفْقَين، وإلا في مَلاَءة‏.‏ ولا يقال أريكة إلا إذا كان عليه حَجَلة، وإلا فهي سرير‏.‏ ولا يقال نَفَق إلا إذا كان له مَنْفذ، وإلا فهو سَرَب‏.‏ ولا يقال عِهْن إلا إذا كان مصبوغاً، وإلا فهو صُوف‏.‏ ولا يقال خِدْرٌ إلا إذا كان مشتملا على جارية، وإلا فهو سِتْر‏.‏ ولا يقال‏:‏ لحم قَدِير إلا إذا كان معالجاً بتوابل، وإلا فهو طبيخ‏.‏ ولا يقال مِغْول إلا إذا كان في جوفه سوط وإلا فهو مِشْمَل، ولا يقال سَياعٌ إلا إذا كان فيه تِبْن، وإلا فهو طِين‏.‏ ولا يقال مُورٌ للغبار إلا إذا كان بالريح، وإلا فهو رَهْج‏.‏ ولا يقال رَكِيَّة إلا إذا كان فيها ماء، وإلا فهي بئر‏.‏ ولا يقال مِحْجَن إلا إذا كان في طرَفه عُقَّافة، وإلا فهي عصا، ولا يقال مأْزِق ولا مأْقِط إلا في الحرب وإلا فهو مَضِيق‏.‏ ولا يُقال مُغلْغَلة إلا إذا كانت محمولةً من بلد إلى بلد وإلا فهي رسالة، ولا يقال قَراح إلا إذا كانت مهيَّأة للزراعة، وإلا فهي بَراح‏.‏ ولا يقال وَقُود إلا اتَّقدت فيه النار، وإلا فهو خَطب‏.‏ ولا يقال عَويل إلاَّ إذا كان معه رفْعُ صَوْت وإلا فهو بكاء، ولا يقال ثَرى إلاَّ إذا كان نَدِيّاً، وإلا فهو تُرَاب، ولا يقال للعبد آبِق إلا إذا ذَهَب من غير خَوْف ولا كَدِّ عمل وإلا فهو هارب، ولا يقال للريق رُضاب إلا ما دام في الفم فإن فارقَه فهو بُزاق، ولا يقال للشجاع كَمىّ إلا إذا كان شاكي السلاح وإلا فهو بَطل، ولا يقال للبعير رَاوية إلا ما دام عليه الماءُ، ولا يقال للرَّوْث فَرْث إلا ما دام في الكَرِش، ولا يقال للدَّلو سَجْل إلا ما دام فيها الماء قَلّ أو كثر، ولا يقال لها ذَنُوب إلا إذا مَلأى، ولا يقال للطبق مِهْدًى إلا ما دامت عليه الهديَّة، ولا يقال للذَّهب تِبْر إلا ما دام غير مصوغ، ولا يقال للحجارة رَضْف إلا إذا كانت مُحْماةً بالشمس أو النار، ولا يقال للثوب مُطْرَف إلا إذا كان في طرفيه علَمان، ولا يقال للعظم غَرْق إلا ما دام عليه لحم، ولا يقال للخيط سِمْط إلا ما دام فيه خرز، ولا يقال للقومِ رُفَقْة إلا ما داموا منضمين في مجلس واحد وفي مَسيرٍ واحد، فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة، ولم يذهب عنهم اسم الرفيق، ولا يقال للشمس الغَزالة إلا عند ارتفاع النهار، ولا يقال للمرأة عاتِق إلا ما دامت في بيتِ أبويها، ولا يقال ظَعينة إلا ما دامت راكبةً في الهودج، ولا يقال للسرير نَعْش إلا ما دام عليه المِّيت، ولا يقال للثوب حُلة إلا إذا كانا اثنين من جنس واحدٍ، ولا يقال للحَبْلِ قرَن إلا أن يُقْرَن فيه بعيران، ولا يقال للبطيخ حَدج إلا ما دامت صغارا خُضرا، ولا يقال للمجلس النّادي إلا ما دام فيه أهلُه، ولا يقال للريح بَليل إلا إذا كانت باردةً وكان معها نَدًى، ولا يقال للبخيل شحيح إلا إذا كان مع بُخْله حريصاً، ولا يقال للذي يجد البرد خَرِص و خَصِر إلا إذا كان مع ذلك جائعاً، ولا يقال للماء الملح أُجاج إلا إذا كان مع مُلوحته مُرّاً، ولا يقال للإسراع في السر إهْطاعٌ إلا إذا كان معه خوف، ولا إهراع إلا إذا كان معه رِعْدة، وقد نطلق القرآن بهما‏.‏ ولا يقال للجبان كَعٌّ إلا إذا كان مع جَبْنِه ضعيفاً، ولا يقال للمقيم بالمكان مُتَلَوِّم إلا إذا كان على انتظار، ولا يقال للفرس محجّل إلا إذا كان البياض في قوائمة الأربع أوفي ثلاث منها، هذا جميع ما ذكره الثعالبي‏.‏

وقال ابن دُريد‏:‏ لا يُقال جَفِير إلا وفهي النبل، فلا يسمى إذا كان فارغاً جفيراً، ولا يُسمى الجيش جَحْفلا حتى يكونَ فيه خيل، ولا يُقال للجماعة عَرْجلة حتى يكونوا مشاةً على أقدامهم، وكذا الحرْجلة‏.‏

قال وقال أبو عبيدة‏:‏ لا يُقال في البئر جُبٌّ حتى يكون مما وُجد محفورا، لا ما حَفره الناس‏.‏

قال‏:‏ وقال قوم لا يُسمى الزِّق زِقّاً حتى يُسْلخَ عن عنقه؛ لأنهم يقولون‏:‏ زققت السمك تزقيقاً إذا سلخته من عنقه، قال‏:‏ ولا يكون البَهْتُ إلا مُواجهة الرجل بالكذِب عليه‏.‏

وقال بعض أهل اللغة‏:‏ لا يكون السَّغْب إلا الجوعَ مع التَّعب‏.‏ وقال قوم‏:‏ لا يسمى أبكم حتى يجمتع فيه الخرسُ والبله‏.‏ قال‏:‏ ولا يقال حاطُوم إلا للجَدْب المُتَوالي سنةً على سنة‏.‏

وفي أمالي القالي‏:‏ قال اللغويون منهم يعقوب بن السكيت‏:‏ الثَّرْثارون الذين يُكْثِرُون القول، ولا يكون إلا قولاً باطلاً‏.‏

وقال يونس في نوادره‏:‏ قال أبو عَمْرو بن العلاء‏:‏ لا يكون الشُّواظ إلا من النار والنحاس جميعاً‏.‏

وفي أمالي ثعلب‏:‏ قال الكلابي‏:‏ لا تكون الهَضْبَة إلا حمراء، ولا تكون القُنّة إلا سوداء، ولا يكونُ الأعْبل والعَبلاء إلا أبْيضين‏.‏

قال أبو جعفر النحاس في شرح المعلقات‏:‏ قال أبو الحسن بن كيسان‏:‏ الظَّعينةُ‏:‏ من الأسماء التي وضعت على شيئين إذا فارق أحدُهما صاحبه لم يقع له ذلك الاسم؛ لا يُقال للمرأة ظعينة حتى تكونَ في الهوْدَج، ولا يقال للهودج ظعينة حتى تكون فيه المرأة، كما يقال جِنازة للميت إذا كان على النعش، ولا يقال للميت وحده جنازة ولا للنَّعْش وحده جنازة، كما يقال للقدح الذي فيه الخمر كأْس ولايقال ذلك للقدح وحده ولا لِلْخمر وحدها‏.‏

النوع الحادي والثلاثون‏:‏ معرفة المشجّر

ألَّف في هذا النوع جماعةٌ من أئمة اللغة كُتباً سمَّوْها شجر الدر منها شجر الدرّ لأبي الطيب اللغوي‏.‏

قال أبو الطيب في كتابه المذكور‏:‏ هذا كتابُ مُداخلة الكلام للمعاني المختلفة سميناه كتاب شجر الدر لأنّا ترجمنا كل باب منه بشجرة، وجعلنا لها فروعاً، فكلُّ شجرة مائةُ كلمة، أصلها كلمةٌ واحدة، وكل فرع عشر كلمات، إلا شجرة ختمْناً بها الكتاب عددُ كلماتها خمسُمائة كلمة، أصلُها كلمةٌ واحدة، وإنما سمينا الباب شجرة لاشْتثجار بعض كلماته ببعض أي تَداخله، وكلُّ شيء تداخل في بعضه في بعض فقد تشاجر، فهذا الوجه الذ ذهبنا إليه‏.‏

شجرة- العين‏:‏ عين الوَجْه، والوَجْه‏:‏ القَصْد، والقصد‏:‏ الكَسْر، والكَسْر‏:‏ جانب الخباء، والخباء مصدر خابأت الرجل إذا خبأت له خبأ وخبأ لك مثله، والخبْء‏:‏ السحاب من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يُخْرِج الخبْء في السمواتِ والأرض‏}‏‏.‏ والسَّحاب‏:‏ اسم عِمامة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم، والنّبي‏:‏ التلّ العالي، والتلّ مصدر التَّليل، وهو المصروع على وجه، والتليل‏:‏ صفح العُنُق‏.‏، والعنق‏:‏ الرِّجْل من الجراد، والرّجل‏:‏ العَهْد، والعَهْد‏:‏ المطر المُعَاود‏.‏ والمُعَاوِد‏:‏ المريض الذي يَعُودك في مَرضك وتعوده في مرضه، والمريض‏:‏ الشاكّ‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ ‏{‏في قلوبهم مَرض‏}‏ أي شكّ، والشّاك‏:‏ الطاعن، يقال شكّه إذا طََعَنه، والطَّاعِن‏:‏ الدَّاخل في السنّ، والسِّنّ‏:‏ قرن من كلأ أي قِطْعة، والقَرْن‏:‏ الأمّة من الناس، والأُمة‏:‏ الحِينُ من الدهر، والحِينْ‏:‏ حَلْب الناقة من الوقت إلى الوقت، والحلب‏:‏ ماء السماء، والسماء‏:‏ سَقْف البيت، والبَيْت‏:‏ زوج الرّجل، والزوج‏:‏ النمط من فرش الدّيباج، والفَرْش‏:‏ صغار الإبل، من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏حَمُولة وفَرشاً‏}‏، والإبل قال المفسرون في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أفلا ينطرون إلى الإبل كيفَ خُلِقَت‏}‏‏.‏ قالوا‏:‏ الغيم، والغيم‏:‏ الصَّدَى من العطش، والصَّدى‏:‏ ما تحتوي عليه الهامة من الدَّماغ، والهامة‏:‏ جمع هائم وهو العَطْشان، والهائم‏:‏ السائح في الأرض، والسائح‏:‏ الصائم، وبه فسّر ‏"‏ السائحون ‏"‏‏.‏ والصائم‏:‏ القائم، والقائم‏:‏ صَوْمَعَة الرَّاهب، والرَّاهب‏:‏ المتخوّف، والمتخوّف الذي يَقْتَطِع مالَ غيره فينتقصه، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أو يأخُذهُم على تَخوّف‏}‏‏.‏ والمال‏:‏ الرّجل ذو الغنى والثّراء، والثّراء‏:‏ كثرة الأهل، والأهل‏:‏ الخليق، يقال‏:‏ فلان أهلٌ لكذا أي خَلِيق به‏.‏ والخَليق‏:‏ المخلوق أي المقدّر، والمخلوق‏:‏ الكلام الزّور، والزور‏:‏ القوة، والقوّة‏:‏ الطاقة من طاقات الحبْل، والطاقة‏:‏ المَقْدرة، والمقدرة‏:‏ اليَسار، واليَسار، خِلاف اليمين، واليمين‏:‏ الألِيَّة، والأليّة‏:‏ التقصير، والتَّقْصِير‏:‏ خلاف الحَلْق، والحَلْق‏:‏ الذبح، والذبح‏:‏ الشقّ، والشق‏:‏ شِدّةُ الأمر على الإنسان، والشدّة‏:‏ الجلَد، والجَلد‏:‏ الحزْم من الأرض، والحزْم‏:‏ شدّة خِزام الفرش، والحِزام مصدر تحازم الرّجلان إذا تباريا أيهما أحْزم للخيل أي أحذق بحزمها، والأحزم‏:‏ الأحكم في الأمور، والأحكم‏:‏ الأمنع، والأمنع‏:‏ الجانب المَنِيع، والمينع‏:‏ الشيء الممنوع ممّن طلبه، والطّلب‏:‏ القوم الطالبون، والقوم‏:‏ الرجل القائم، والقائم‏:‏ المصلّى، والمصلّى من الخيل‏:‏ الذي يجيء بعد السابق في الجَرْي، والجري‏:‏ الإفاضة في الأخبار، والإفاضة الانكفاء، والانْكفاء‏:‏ انكباب الإناء، والانكباب‏:‏ دنوّ الصدر من الأرض، والصَّدْر‏:‏ الرئيس، والرئيس‏:‏ المصاب في رأسه بِسَهْم، والسهم‏:‏ القِسْط من الشيء، والقِسط‏:‏ العَدْل، والعَدْل‏:‏ المَيْل، والمَيْل‏:‏ الحُبّ، والحبّ‏:‏ آنية من الجَرِّ‏:‏ والجَرّ‏:‏ سَفْح الجبل، والسّفح‏:‏ الصّب، والصّب‏:‏ الدنف من عَشْقٍ به، والدنف‏:‏ العِلّة، والعلة، السبب، والسَّبب‏:‏ الحبل، والحبل‏:‏ صد العصفور بالحبالة، والعُصْفُور‏:‏ عرّة دقيقة في جبين الفرس، والغُرّة‏:‏ أول ليلةٍ يُرَى فيها الهلال، والهلال‏:‏ الرّحى المَثْلومَة، والرَّحى، سيّد القبيلة، والقبيلة‏:‏ واحد شؤون الرأس، والشؤون‏:‏ الأحوال، والأحوال‏:‏ جمع حالة، والحالة‏:‏ الكارة، والكارة‏:‏ جمع كائر وهو الذي يكوّر عمامته على رأسه، والرأس‏:‏ فارس القوم، والفارس، الكاسر، فرسه السّبع، والكاسر‏:‏ العُقاب، والعُقَاب‏:‏ رَاية الجيش، والجيش‏:‏ جَيشان النّفس، والنّفس‏:‏ مِلْءُ كفٍّ مِن دِباغ، والكف‏:‏ خياطة كفة الثوب، والثوب‏:‏ نفس الإنسان، والإنسان‏:‏ الناس كلهم قال الراجز‏:‏

وعصبة نبيهم مِن عدنان *** بها هدَى اللّه جميع الإنسان

فرع- والعَيْنُ‏:‏ عين الشمس، والشمس‏:‏ شِمَاس الخَيْل، والخيل‏:‏ الوَهْم، والوَهْم‏:‏ الجمل الكبير، والجمل‏:‏ دابّة من دوابُ البحر، والبحر‏:‏ الماء المِلح، والمِِلْحُ‏:‏ الحُرمة، والحرمة‏:‏ ما كان للإنسان حراماً على غيْره، وحرام‏:‏ حيٌّ من العرب، والحيُّ‏:‏ ضد الميت‏.‏

فرع- والعين‏:‏ النقد، والنقد‏:‏ ضربك أذن الرجل أو أنفه بإصبعك، والأذُن‏:‏ الرجلُ القابلُ لما يسمع، والقابل‏:‏ الذي يأخذ الدّلو من الماتح، والدّلو‏:‏ السير الرفيق، والرفيق‏:‏ الصاحب، والصاحب‏:‏ سيف، والسيف‏:‏ مصدر ساف ماله إذا أوْدَى، وأودى الرجل‏:‏ إذا خرج من إحليله الوَدْي، والوَدِيّ‏:‏ الفسيل‏.‏

فرع- والعَيْن‏:‏ موضع انفجار الماء، والانفجار‏:‏ انشقاقُ عمودِ الصبح، والصّبح جمع أصبح وهو لَوْن من ألوان الأسود، واللون‏:‏ الضَّرْب، والضَّرْب‏:‏ الرجل المهزول، والمهزول‏:‏ الفقير، والفقير‏:‏ المكسور فِقَر الظَّهْر، والفقر‏:‏ البوادر، والبوادر‏:‏ أُنوف الجبال، والأنوف‏:‏ الأوائل من كلّ شيء، والواحد أُنُفِ بضم الهمزة وفي النون الضم والسكون‏.‏

فرع- والعَيْنُ‏:‏ عَيْنُ الميزان، والميزان‏:‏ برج في السماء، والسماء‏:‏ أعلى متن الفرس، والمَتْن‏:‏ الصُّلب من الأرض، والأرض‏:‏ قوائم الدابة، والقوائم جمع قائمة، وهي السارية، والسارية‏:‏ المُزْنة تنشأ ليلاً، والليل‏:‏ فرخ الكروان، والفَرْخُ‏:‏ ما اشَتَملتْ عليه قبائلُ الرأس من الدِّماغ، والقبائل من العرب‏:‏ دون الأحْباء‏.‏

فرع- والعَيْنُ‏:‏ مَطَرٌ لا يُقْلِع أياماً، ومطر حَيّ من أحياء العرب، والأحْياء، جمع حَياء الناقة، والحياء‏:‏ الاسْتِحياء، والاستحياء‏:‏ الاستبقاء، والاستبقاء‏:‏ التّمِاس النّظرة، والالتماس‏:‏ الجِماع، والجِماع ضدّ الفِراق، والفِراق جمع فَرَق وهو ظرف يسع سِتّين رطلاً، والفرَّق جمع فارق، والفارِق من النوق والأتن‏:‏ التي تذهب على وجهها عند الوِلادة فلا يُدْرَى أين تنتج‏.‏

فرع- والعَيْنُ‏:‏ رَئيس القوم، والرئيس‏:‏ المُصاب في رأسه بعصاً أو غيرها، والرأس‏:‏ زعيم القبيلة أي سيّدها، والزَّعيم‏:‏ الصبير أي الكفيل، والصبير‏:‏ السحَاب الأبيض المُتراكِم أعناقاً في الهواء، والأعناق جمع عنق، والعُنقُ‏:‏ الرِّجْل من الجراد، والجَراد‏:‏ العَهْد، والعَهْد‏:‏ المطر الأول في السنة، والأول‏:‏ يوم الأحد في لغة أهل الجاهلية‏.‏

روى أبو بكر بن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعيّ وأبي عبيدة وأبي زيد كلهم، قالوا حدثنا يونس بن حبيب عن أبي عمرو قال‏:‏ كانت العرب في الجاهلية تسمي الأحد الأوْل، والاثنين الأهون، وبعضهم يقول الأهود، والثلاثاء جُبَاراً، والأربعاء دُباراً، والخميس مُؤْنسا، والجمعة العَرُوبة، وبعضهم يقول‏:‏ عَرُوبة فلا يعرفها، والسبت شِياراً‏.‏

فرع- والعَيْنُ‏:‏ نفس الشيء، والنفس‏:‏ ملء الكف من دِباغ، والكفّ‏:‏ الذَّب، والذَّب‏:‏ الثّوْر الوَحْشي، والثور‏:‏ قشور القصب تعلو على وَجْه الماء، والقَصَب‏:‏ رِهان الخيل، والرِّهان‏:‏ المُرَاهنة من الرهون، والمراهنة‏:‏ المقاومة، فلان يراهن فلاناً أي يُقاومِه، والمُقاومة مع الرَّجُل‏:‏ أن تذكر قومك ويذكر قومه فتتفاخرا بذلك، والقوم‏:‏ القيام‏.‏

فرع- والعَيْنُ‏:‏ الذّهب، والذَّهب‏:‏ زوال العَقْل، والعَقْلُ‏:‏ الشدّ، والشدّ الإحكام، والإحكام‏:‏ الكفّ والمَنْع، والكف‏:‏ قدَم الطائر، والقدم‏:‏ الثبوت، والثبوت جمع ثَبْت من الرِّجال وهو الشِّجاع، والشجاع‏:‏ الحيّة، والحية‏:‏ شجاع القبيلة، يقال فلان حيّةٌ ذكر إذا كان شجاعاً جَرِيًّا قال الشاعر‏:‏

وإن رأيتَ بوادٍ حيةً ذَكرا *** فاذهب ودَعْنى أُمارسُ حَيَّة الوَادِي

هذا آخر هذا المثال، وفي الكتب المؤلفة في هذا النوع أمثلة كثيرة من ذلك‏.‏

لطيفة- هذا النوع يناظره من علم الحديث نوع المسلسل‏.‏

النوع الثاني والثلاثون‏:‏ معرفة الإبدال

قال ابنُ فارس في فقه اللغة‏:‏ من سُنَن العرب إبدالُ الحروف، وإقامةُ بعضها مقام بعض‏:‏ مَدَحَه ومَدَهَه، وفرس رِفَلّ ورِفَنّ، وهو كثير مشهور، قد ألف فيه العلماء؛ فأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فانْفَلَقَ فكانَ كلُّ فِرْقٍ كالطَّوْدِ‏}‏‏.‏ فاللام والراء متعاقبان، كما تقول العرب‏:‏ فَلَق الصبح وَفرَقه، وذُكِر عن الخليل، ولم أسمعه سماعاً، أنه قال في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فجاسُوا خِلالَ الديِّارِ‏}‏ إنما أراد فحاسُوا؛ فقامت الجيم مَقامَ الحاء، وما أحسب الخليلَ قال هذا‏.‏ انتهى‏.‏

وممن ألَّفَ في هذا النوع ابن السكّيت، وأبو الطيب اللغوي‏.‏

قال أبو الطيب في كتابه‏:‏ ليس المراد بالإبدال أنّ العرب تتَعَمَّد تعويض حرف من حرف، وإنما هي لغاتٌ مختلفة لمعانٍ متفقةٍ؛ تتقارَبُ اللفظتان في لُغتين لمعنى واحد، حتى لا يختلفا إلا في حرفٍ واحد‏.‏

قال‏:‏ والدليلُ على ذلك أن قبيلةً واحدةً لا تتكلم بكلمة طوراً مهموزةً وطوراً غير مهموزة، ولا بالصّاد مرة، وبالسين أخرى؛ وكذلك إبدال لام التعريف مِيماً، والهمزة المصدرة عَيْناً؛ كقولهم في نحو أنْ عَنْ؛ لا تشتركُ العرب في شيء من ذلك، إنما يقول هذا قومٌ وذاك آخرون‏.‏ انتهى‏.‏

وقال أبو حيَّان في شرح التسهيل‏:‏ قال شيخنا الأستاد أبو الحسن بن الصائغ‏:‏ قلما تجدُ حرفاً إلا وقد جاء فيه البدلُ، ولو نادراً‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصنف‏:‏ باب المُبْدَل من الحروف- مدَهْتهُ أمْدهُه مَدْها، يعني مَدَحْته، واسْتَأْدَيْتُ عليه مثل اسْتَعْدَيْتُ، والأيْم والأيْن‏:‏ الحية، وطانَة اللّه على الخير وطاَمَه يعني جَبَله، وفناء الدار وثِناء الدار بمعنى، وجَدَث وجَدَف للقبر، والمغافِير والمغاثير، وجَذَوْتُ وجَثَوْت، والجذْوُ أن تقوم على أطراف الأصابع، ومَرَث فلان الخبزَ في الماء ومَرَدَه، ونبض العرق ونَبَذ، وقد تََرَيَّع السرابُ وتَرَيَّه إذا جاء وذَهب، وهَرَت الثَّوب وهرَدَه إذا خَرّقه، وهو الغَرِين والغِرْيَل يعني ما في أسفل القارورة، وهو شَثْن الأصابع وشَتْل، وكَبْنُ الدَّلْو وكبْلُها، يعني شَفَتها‏.‏

ومن المضاعف‏:‏ قَصَّيت أظفاري بمعنى قَصصت، والتَّصْدِيَةُ التصفيق، والصوت، وفعلت منه صددت أصد؛ ومنه ‏"‏ إذا قومُك منه يصدُّون ‏"‏؛ فحوّل إحدى الدَّالين ياء، ومنه قول العجّاج‏:‏

تقَضّى البازي إذا البازِي كَسَرْ

وهو من انقضَضْتُ، وكذلك تَظَنيْت من ظنَنْتُ، ولبيك من لبَبْتُ بالمكان أقمتُ به‏.‏ انتهى‏.‏

وهذه أمثلة من كتاب الإبدال ليعقوب بن السكيت‏:‏ فمن إبدال الهمزة هاء‏:‏ أيا وهَيَا، وإياك وهياك، واتمألّ السنام واتمهلْ إذا انتصب، وأرحت دابتي وهَرَحْتها، وأبَزْت له وهَبَزت له، وأرَقْتُ الماء وهَرقته‏.‏

ومن الهمزة والعين‏:‏ آديته على كذا، وأعديته‏:‏ أي قوّيته وأعَنْتُه، وكثَّأ اللبن وكثّع وهي الكُثْأة والكُثْعَة، وهي أن يعلو دسمه وخُثُورته على رأسه في الإناء، وموت ذؤاف وذُعَاف، وهو الذي يعجّل القتل، وأردت أنْ تفعل وعَن تفعل، ولعلني ولأنّني، والْتُمِئ لونهُ والتمُع، وهو السّأف والسَّعف، والأُسُن‏:‏ قديد الشَّحم، وبعضهم يقول‏:‏ العُسُن‏.‏

ومن الهمزة والواو‏:‏ أرّخ الكتاب وورَّخَه، والإكاف والوكاف، وأكّدت العهد ووَكَّدته، وآخيته ووَاخيتُه، وآصدت الباب وأوْصدْتُه، وما أبَهْتُ له، وما وَبَهت له، ووشاح وإشاح، ووِسادة وإسادة، وذَأي البقل يذأى بلغةِ أهل الحجاز، ولغة نجد، ذوَى يذوِى‏.‏

ومن الهمزة والياء‏:‏ رجل ألْمَعيّ ويَلْمَعى، ويَلَمَلْم وألَملم‏:‏ جَبَل، ورمحٌ يَزَنيّ وأزني‏.‏ ويرَقان وأرقان‏:‏ داءٌ يصيب الزّرع، ويقال للرجل الشديد الخصومة والجدل‏:‏ ألدّ ويَلدّ، ويَلَنْدَد وألَنْدد‏.‏ ويَبْرِين وأبْرِين‏:‏ موضع‏.‏ وهذه أذْرِعات ويَذْرِعات، وطير يَنادِيد وأناديد‏:‏ مُتفرِّقة‏.‏

وعود يَلَنْجُوج وألَنْجُوج‏.‏ وسهم يَثْرَبيّ وأثْرَبي منسوب إلى يثرب‏.‏

ويُسْرُوع وأُسْرُوع دويْبة‏.‏ وقطع اللّه يَدَيْه وأدَيْه‏.‏ ويعصُر وأعصُر، وفي أسنانه يَلَل وألَلٌ إذا كان فيها إقبالٌ على باطن الفم‏.‏

ومن الباء والميم‏:‏ الظَّأبُ والظَّأْم‏:‏ سِلْف الرجل، يقال‏:‏ تَظَاءَبا وتَظاءَما‏:‏ إذا تزوّجا أختين، والربا والرما، وما اسْمك وبا اسمك، ويقال للعجوز وكل مسنّة‏:‏ قَحْبة وقَحْمة، والرُّجْبة والرُّجْمة‏:‏ ما تُعْمَد به النخلة لئلا تقع، وسبْد شعْره وسمّده أي حلَقه، والسَّاسم والساسب‏:‏ شجر، وما عليه طِحْرِبة وطِحْرِمة أي خرقة، وضربة لازِب ولازم، وهو يرمي من كثَب ومن كَثَم‏:‏ أي من قرب وتمكّن، ووقَع في بنات طَمار وطَبار أي داهية، وعَجْب الذنَب وعَجْمه، وأسود غَيْهَب وغَيْهَم، وأزمه وأزبة وهي الشِّدّة والضيق، وزَكَب بنُطفته زَكَم أي قذف بها، والقَرْهب والقَرْهَم‏:‏ السيّد، ويقال‏:‏ مهلاً وبَهلاً في معنى واحد‏.‏

وقال أبو عمرو‏:‏ يقال‏:‏ مهلاً، وبهلاً إتباع، ويقال للظليم أرْمد وأربد هو لون إلى الغُبْرة، وقال بعضهم‏:‏ ليس هذا من الإبدال، ومعنى أرْبد نسبة إلى لون الرماد‏.‏

ومن التاء والدال‏:‏ اعتدّه وأعدّه، وسَبَنْتَى وسَبَنْدى للنَّمِر، والتوَّلَج والدَّوْلَج‏:‏ الكِناس، ومدّ في السَّيْرِ ومتّ، والسَّدَي والسَّتَى لسَدَى الثَّوب‏.‏

ومن التاء والسين‏:‏ يقال‏:‏ الكَرَم من تُوسِه ومن سُوسِه‏:‏ أي من خَلِيقته، ورجل خَفَيتأ وخَفَيْسأ إذا كان ضَخْم البطن إلى القصر ما هو، والناس والنَّات، وأكياس وأكيات‏.‏

ومن التاء والطاء‏:‏ الأقطار والأقتار‏:‏ النواحي، ورجل طَبن وتَبن، وما أسْتطيع وما أستيع‏.‏

ومن التاء والواو‏:‏ التّكلان، والتّراث، والتّخمة، والتَّقوى، وتَتْرى، والتّليد، والتِّلاد؛ أصلها من وكلت، وورثت، والوخامة، والوقِاية، والمُواترة، والولادة‏.‏

ومن الثاء والذال‏:‏ يقال لِتُراب البئر‏:‏ النّبيثة والنّبيذة، وقَثم له من ماله وقَذَم، وغَثَم له من ماله، وغذم إذا دَفع له دفعة فأكثر، وقرأ فما تلعثم ولا تلعْذَم، وقَرَب حَثْحَاث وخَذْحاذ إذا كان سريعاً، وغَثِيثة الجُرْحِ وغَذِيذته‏:‏ مِدّته، وقدغَثَّ يِغَث وغَذ يَغُذّ، وجثْوَة وجِذْوة، ويلُوثُ ويَلُوذ‏.‏

ومن الثاء والفاء‏:‏ الحُثالة والحُفالة‏:‏ الرَّديء من كلِّ شيء، وثَلَغ رأسه وفَلَغه إذا شَدَخه، والدُّثَينة والدُّفَيْنة‏:‏ منزل لبني سُليم، واغْتَثَّت الخيل واغْتَفَّت‏:‏ أصابت شيئاً من الرَّبيع، وهي الغُثّة والغفّة، وغلام ثَوْهَد وفَوْهد وهو النَّاعم، والثُّوم والفُوم‏:‏ الحنطة، وقرئ بهما‏.‏ ووقعنا في غَاثُور شَرٍّ وعافُورِ شرّ، والأثافيّ ولغة بني تميم الأثاثي، وثُمّ وفُمّ في النسق، والّلثام واللِّفام؛ وقال الفراء‏:‏ الّلثام على الفم واللِّفام على الأرنبة، وفلان ذو ثَرْوة وفَرْوة أي كَثْرة‏.‏

ومن الجيم والكاف‏:‏ مرَّ يرتجّ ويرتكّ إذا تَرَجْرج، وأخذه سجّ في بطنه وسَكّ إذا لان بَطْنه، وزِمجّاء الطير وِزِمكّاؤه، وربح سَيْهُوج وسَيْهُوك‏:‏ شديدة‏.‏

ومن الحاء والعين‏:‏ يقال‏:‏ ضَبحت الخيلُ وضَبَعت، وهو عِفْضاج وحِفْضاج إذا تفتق وكثُر لحمُه، وَبَحثَر الشيء وبَعْثره، وحَنْظى الرجل وعَنْظى‏:‏ بذا وأفحَش في الكلام، ونزل بحراه وعَراه‏:‏ أي قريباً منه‏.‏

ومن الحاء والهاء‏:‏ كدَحه وكدَهه، وقَح جلْدُه وقَهل‏:‏ إذا يبس، والجَلح والجَله‏:‏ انحسارُ الشعر عن مقدِّم الرأس، وحَبش وهَبشَ أي جمع، وحَقْحَق في السير وهَقْهَق‏:‏ إذا سار سيراً مُتْعباً، وبُحْتُر وبُهْتُر‏:‏ القصير، ويقال‏:‏ نَحَم يَنْحِم، ونهَم ينهِم، ونأم يَنْأم بمعنى زَحَر، والنَّهْم والنّهيم، وهو صَوْتٌ كأنه زَحِير، وأنَح يأْنِح وأنَه يأْنِه، وفي صوته صَحْل وصَهْل أي بحُوحَة، وهي يَتَفَيهَقُ ويَتفيْحَق في كلامه‏:‏ إذا توسع وتَنَطَّع‏.‏

ومن الخاء والهاء‏:‏ إذا اطْرَخَمّ واطْرَهَمّ‏:‏ إذا كان طويلاً مُشرفاً، وبَخْ بَخْ وبَهْ بَهْ‏:‏ إذا تعجّب من الشيء، وصَخَدْته الشمس وصَهدَتْه إذا اشتد وقْعُها عليه‏.‏

ومن الدال والطاء‏:‏ مدّ الحرفَ وَمطَّه، وبَدِغ وبَطِغَ إذا تلطَّخ بَعذِرته، والإبعاد والإبْعاط، وما عندي إلاَّ هذا فَقد، وإلاّ هذا فقط‏.‏

ومن الدال واللام‏:‏ المَعْكُود والمْكُول‏:‏ المحبوس، ومَعَده ومَعله‏:‏ إذا اخْتَلسه‏.‏

ومن الزاي والسين‏:‏ مكان شأز وشأس‏:‏ غَليظ، ونزغه ونَسَغَه‏:‏ طعنه، والشَّازِب والشَّاسب‏:‏ اليابس، والزَّعَل والسَّعل‏:‏ النشاط، وتَزَلّع جلده وتَسَلّع‏:‏ تشقّق وخزَقه وخَسَقه، ومَعْجِس القَوْس ومَعْجِزها‏:‏ مقْبضها‏.‏

ومن الزاي والصاد يقال‏:‏ جاءتنا زِمْزمة من بني فلان وصِمْصِمة أي جماعة، ونَشزت المرأة ونشصت، والشَّرَز والشَّرص‏:‏ الغَلْظ من الأرض، وسمعت خلفاً يقول‏:‏ سمعتُ أعرابياً يقول‏:‏ لم يُحرم من فُزْدَ له، أراد من فُصْدَ له؛ فأبدل الصاد زاياً، يقول‏:‏ لم يُحْرَم من أصاب بعضَ حاجتَه وإن لم يَنلْها كلها‏.‏

ومن الصاد والطاء‏:‏ أمْلصَت الناقة وأمْلطَت‏:‏ ألْقت ولدها ولم يُشعِر، اعْتاصَت رَحِمُها واعْتاطت‏:‏ إذا لم تحمل أعواماً‏.‏

ومن الفاء والكاف‏:‏ في صدره عليهَ حَسِيفة وحَسِيكة‏:‏ أي غِلّ وعَداوة، والحسَافِل والحسَاكِل‏:‏ الصّغار‏.‏

ومن الميم والنون‏:‏ الغَيْم والغَيْن‏:‏ السحاب، ومِسْع ونِسْع ريح الشمال، وامْتُقع لونه وانْتُقع، والمَجَر والنَّجَر أن يكثر شرب الماء ولا يكاد يروى، ومخَجْت بالدلو ونخجت إذا جذبْت بها لتمتلئ، والمدى والنَّدى‏:‏ الغايَة، ورطب مُحَلْقِمٌ ومُحَلْقِن إذا بلغ التَّرْطيب ثُلُثي البُسْرة، والحزْن والحزْم‏:‏ ما غلُظ من الأرض، وبعير دُهامج ودُهانج‏:‏ إذا قارب الخطْو وأسْرع، وأسود قاتِم وقاتِن‏.‏

ومن المضاعف قال أبو عبيدة‏:‏ العرب تقلب حروف المضاعف إلى الياء، ومنه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقدْ خاب من دسّاها‏}‏‏.‏ وهو من دَسَست‏.‏ وقوله‏:‏ ‏{‏لم يتَسنّه‏}‏‏.‏ من مسنون‏.‏ وقولهم‏:‏ سُرِّيَّة من تَسرَّرْت، وتَلعَّيْت من اللُّعَاعة‏.‏

هذا غالب ما أورده أبنُ السكيت، وبقيت منه أحرف أخرى أخِّرتها إلى النوع السابع والثلاثين، والذي يليه، وفات ابن السكيت ألفاظاً جمّة مُفَرَّقة في كُتب الّلغة، ومن أهمّ ما فاته الإبدال بين السين والصاد نحو السِّراط والصِّراط‏.‏

وفي الجمهرة قالوا‏:‏ أذّ يؤُذّ مثل هَذّ يهذّ سواء، قلبُوا الهاء همزة، وشفرة هَودُ وَأذُوذ‏:‏ قَاطِعة، والأضُّ‏:‏ الكَسْر مثل الهَضّ، ويقال‏:‏ جاء علي إّفان ذاك وهفان ذاك، أي على أثره، وقالوا‏:‏ باتُوا على ماءٍ لنا وعلى ماهٍ لنا، والتمطّي أصله التمطّط فأبدلوه، كما قالوا‏:‏ تَقَضى البازِي، وما أشبهه‏.‏

قال أبو محمد البطليوسي في كتاب الفرق بين الأحرف الخمسة‏:‏ مِنْ هذا الباب ما يَنْقاس، ومنه ما هو موقوفٌ على السِّماع‏:‏ كلُّ سينٍ وقعت بعدها عينٌ، أو غينٌ، أو خاءٌ‏:‏ أوقافٌ، أو طاءٌ، جاز قلبُها صاداً؛ مثل‏:‏ يُساقون ويصاقون، وصَقْر وسَقْر، وصَخْر وسَخْر، مصدر سخِرت منه إذا هَزَأت؛ فأما الحجارة فبالصَّاد لا غير‏.‏

قال‏:‏ وشرطُ هذا الباب أن تكون السينُ متقدَّمةً على هذه الحروف لا متأخرةً بعدها، وأن تكونَ هذه الحروفُ مُقارِبةً لها لا متباعدة عنها، وأن تكون السين هي الأصل، فإن كانت الصاد هي الأصل لم يَجُزْ قلبُها سيناً، لأن الأضْعفَ يُقْلَب إلى الأقوى، ولا يُقْلَب الأقوى إلى الأضْعَف، وإنما قلبوها صاداً مع هذه الحروف؛ لأنها حروفٌ مُسْتَعلية، والسينُ حرف مُتَسَفِّل؛ فثقُل عليهم الاستعلاء بعد التَّسفل؛ لما فيه من الكُلْفة؛ فإذا تقدّم حرفُ الاستعلاء لم يُكْرَه وقوعُ السين بعدَه، لأنه كالانْحِدار من العلوّ، وذلك خفيفٌ لا كُلْفةَ فيه‏.‏

قال‏:‏ فهذا هو الذي يجوز القياسُ عليه،وما عداه موقوفٌ على السِّماع، ثم سَرَد أمثلةً كثيرة منها‏:‏ القُعاص والقُعاس‏:‏ داء يأخذُ في الصّدر، والصُّقع والسُّقع‏:‏ النَّاحِية من الأرض، وهما أيضاً ما تحت الرِّكيّة من نواحيها، والأصْقَع والأسْقع‏:‏ طائر كالعصفور وفي ريشه خضرة ورأسه أبيض، والصَّوْقعة والسَّوْقعة‏:‏ وَقْبَةُ الثَّرِيد، وخطيب مِصْقَع ومِسْقَع‏:‏ بليغ، وصَقَع الدّيك وسَقَع‏:‏ صاح، والعَصْد والعَسْد والعَزْد‏:‏ النكاح، ودليلٌ مِصْدَ ومِسْدَع‏:‏ حاذق، وتَصَيَّع الماء على وَجْه الأرض وتَسَيَّع‏:‏ إذا اضْطرب، ورجل عَكِص وعَكِس‏:‏ سيء الخلق، ورَصِعَت عينُ الرجل ورَسِعت إذا فَسدت، والرُّضْغ والرُّسْغ‏:‏ مُنْتَهى الكفّ عند المفصل ومنتهى القدم حين يتَّصل بالساق، وصِماخ وسِماخ‏:‏ ثقْب الأذُن، والخِرْصَة والخِرْسَة‏:‏ ما تُطْعمَه النُّفساء، والصَّخْبَر والسَّخْبر‏:‏ ضربٌ من الشجر، وبَخَصْت عينه وبَخَسْتها‏:‏ فقأتَها بإصبتعك، فأما بَخسته حقّه فبالسين لا غير، والصَّلْهب والسلهب‏:‏ الطويل، و الصندوق والسَّندوق، وسيف صَقيل وَسقيل، والصَّمْلق من الأرض والسَّمْلق‏:‏ ما لا ينبت شيئاً، وصنْجَة الميزان وسنْجَته، والبُصاق والبُساق والبُزَاق معروف، والوَهْص والوَهْس‏:‏ شدّة الوطء بالقَدَم، وقد وهَصه ووَهَسه، ويقال لامرأة من العرب حكيمة‏:‏ ابنة الخصّ وابنة الخسّ، وفرس صَغِل وَسغِل‏:‏ سيءُ الغذاء، وشاة صالِغ وسَالغِ وهي في الشاء بمنزلة القَارِح من الدوابّ، وصبّغت الناقة بولدها وسبّغت‏:‏ أي رمتْ به، وفي بطنه مَغْص ومَغْس، ولَصِ ولَسق ولزق، وجاء يضرب أصْدريه وأسْدرَيْهِ وأزْدَرَيه، وهما عِرقان في الصُّدغين‏:‏ أي يلطم خدّيه، والصَّراط والسّراط والزّراط، والصَّقر من الطير والسٍّر والزَّقر، والصَّلق والسَّلَق بالتحريك‏:‏ المطمئن من الأرض، والصلْق والسلْق بالسكون‏:‏ مصدر صلقه بلسانه وسَلقَه، والصنَق والسَّنق بفتح النون‏:‏ البيت المجصّص، وثوب صَفيق وسَفيق، وأصْفقت الباب وأسْفقته، والصَّرَق والسَّرَق‏:‏ الحرير، ورجل صَقْب وسَقْب وهو الممتلىء الجسمِ نعمةً، ويقال لكل جبل‏:‏ صَدّ وصُدَّ وسَدَّ وسُدَّ، والفَرْصَة والفَرْسَة، ريح الجدب، والصَّقَب والسَّقَب بفتح القاف‏:‏ القُرْب، والصَّقْب والسَّقْب بسكون القاف‏:‏ الذَّكر من أولاد الإبل، والفِصْفَصة والفِسْفِسة‏:‏ القتَّ الرطب، وشمَّصْتُ الدابة وشمستها‏:‏ طردتُها، فأما الشُّموس من الدواب فلا أعلمُه إلا بالسين، هذا ما كره البطليوسي‏.‏

وفي الجمهرة‏:‏ كل شيء اصطبغت به من أدم فهو صباغ بالصاد والسين، وأسْبَغ اللّه النعمة وأصْبغها إسباغا وإصباغا، ويقال السبَخة والصبَخة‏.‏

وفي أمالي ثعلب‏:‏ أخْرَنْمَس الرجل بالسين والصاد‏:‏ سكت‏.‏

وفي ديوان الأدب‏:‏ سَفْح الجبل‏:‏ مضطجعه، وهو بالصاد أجود فيما يقال، ونخل باسِقة وباصِقة‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ لَسِب بالشيء ولَصِب به‏:‏ أي لزق، وأشْخص فلان بفلان وأشْخَس به‏:‏ إذا اغْتابه‏.‏

ومن إبدال بقية الحروف قال في الغريب المصنف‏:‏ يقال‏:‏ حَمَلتْه تضعْاً، أرادوا وَضْعا من الوَضْع، وهو أن تحمله على حَيْضٍ فأبدلوا الواو تاء، والاختزال‏:‏ الاحتزام بالثوب، والكرِيص والكَرِيز‏:‏ الأقِط، والعِلَّوْص والعِلَّوْز‏:‏ الوجع الذي يقال له اللَّوَى‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ الوهطة لغةٌ في الوَهْدة، ورجل خِنْظيان وخِنْذِيان وحِنْظيان بالحاء غير معجمة أي فحَّاش، وحَنْظَى به وخَنْظَى به وغَنْظَى به وعَنْظَى به، كلُّ يقال، أي ندّد به وأسْمَعه المكروه‏.‏

وفي أمالي القالي يقال‏:‏ قِرْطاق وقِرْطان، وحجر أصرّ وأيَرّ‏:‏ صلب، وأغْبِن من ثوبك وأخْبِن وأكْبِن، ومروا يدّبون دبيباً، ويَدِجون دجيجاً أي يمشون مشياً ضعيفاً، ومَرَن على الأمر وجرَن عليه أي تعوّده، وريح ساكرة وساكنة، والزَّور والزُّون‏:‏ كل شيء يُعْبد من دون اللّه، والمُغطغِطة، والمَغطْمِطة‏:‏ القدر الشديدة الغليان، وشيخ قَحْرٌ وقحمٌ، وطارُوا عَباديِد وأباديد، أي متفرقين، وعاثَ فيه وهاثَ إذا أفسد، وأخذ الشيء بغير رفق، وبطّ جُرْحه وبجّه، وارمدّ فلان وارقدّ إذا مضى على وجهه، والعرّاص والعرّات‏:‏ المضطرب، والفوْدَج والهَوْدج، وإلْدَة ووِلْدَة، وما أَبهَت له وما وَبهت له، والغَمْرة والخمْرة وغُمار الناس وخُمارهم أي جماعَتُهم، والمحْتِد والمَحْفِد‏:‏ الأصل، والهِزَفَّ والهِجَفّ‏:‏ الجافي، واسْتَوْثَقَ من المال واسْتَوْثَج‏:‏ استكثر، وشاكَهه وشاكله، وأمْشاج من غزل وأوْشاج أي داخلة بعضُها في بعض، ومَلقه بالسوط ووَلَقه إذا ضربه‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ حُجْزَة السراويل وحجرته‏:‏ التي فيها التّكة، وكبش رَبيز ورَبيس‏:‏ أي مكتنزِ أعْجز، وربَّز القربة وربَّسها‏:‏ ملأها، والرُّنز لغة لعبد القيس في الرز، كأنهم أبْدلُوا من إحدى الزايين نونا، والشَّخر لغة في الشَّخْس وهو الاضطراب، والشَّرْز والشَّرْس‏:‏ الغِلَظ، والمُشارزة والمُشارَسة‏:‏ المنازعة، وعَرْطَز لغة في عَرْطس‏:‏ أي تنحّى، وحسيت بالخير وأحسيت به أي حسست وأحسست يُبْدلون من إحدى السينين ياء، والرِّجس‏:‏ العذاب والرِّجز، أبدلت السين زاياً كما قيل للأسد الأزَد، واللَّهس لغة في اللَّحس، والأشاش مثل الهَشاش‏:‏ وهو النشاط والارتياح، والقيراط أصله قِرّاط؛ لأن جمعه قراريط، فأبد من أحد حرفي تضعيفه ياء، وكذا دينار‏.‏

وفي ديوان الأدب‏:‏ الضَّحل‏:‏ الماء القليل يكون في الغدير والضَّهْل مثله، والطَّلْس‏:‏ الَمحْو والطَّمْس مثله، والغَطْسُ في الماء‏:‏ المقْل فيه والغَمْس مثله، وكذا القَمس بالقاف، ويقال‏:‏ صرفه عن كذا وطرفه بمعنى، وزَمخ بأنفه وشمَخ بأنفه بمعنى، وزنَخ لغة في سنَخ، واطْمأنَّ واطْبأنَّ بمعنى‏.‏

وفي أمالي ثعلب‏:‏ عيش أغْضف وأغطف وأوطف‏:‏ واسِع‏.‏

وأزد شَنُوءة يقولون‏:‏ تفكَّهون، وتميم يقولون‏:‏ تفكَّنون، بمعنى تَعْجبون، ويقال في حَيْث حَوّث، وفي هَيْهات أيْهاتَ، وفي حَتّى عَتّى، وفي الثعالب والأرانب الثَّعالبي والأرَاني‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ قد يبدلون بعض الحروف ياء كقولهم في أمّا أيْما، وفي سادس سَادِي، وفي خامس خامي‏.‏

وفي ديوان الأدب للفارابي‏:‏ رجل جَضْد أي جَلْد، يجعلون اللام ضاداً مع الجيم إذا سكنت اللام، والزَّقْر لغة في الصَّقْر، والسَّقر لغة فيه، وكذلك يفعلون في الحرف إذا كانت فيه الصاد مع القاف، يقال‏:‏ اللَّصْق واللَّسْق واللَّزْق، والبُصَاق والبُساق والبُزاق، ومثله الصاد مع الطاء، يقال‏:‏ صِراط، وسِراط وزِراط، والسَّطر والصَّطر‏:‏ الخطُّ والكِتابة‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصّنف‏:‏ تدخل الزاي عل السين، وربما دَخلت على الصاد أيضاً إذا كان في الاسم طاء أو غين أو قاف، ولا يكون في غير هذه الثلاثة نحو الصَّندوق والسَّندوق والزَّندوق، والمِصْدَغة والمِسْدغة‏.‏

وقال ابن خالويه‏:‏ إذا وقع بعد الصاد دال أبدلوها زاياً مثل يَصْدر ويزْدر، والأصْدران والأسْدران والأزدران‏:‏ المنكبان‏.‏

وقال ثعلب في أماليه‏:‏ إذا جاءت الصاد ساكنة، أو كان بعدها طاء، أو حرف من السبعة المطبقة والمفردة جُعِلت صاداً أو سيناً أو زاياً أو ممالة بين الصاد والزاي- أربعة‏.‏

وفي الصحاح يقال‏:‏ ما كدت أتملَّز من فلان وأتملّس وأتملّص‏:‏ أي أتخلص‏.‏

وفي الجمهرة يقال‏:‏ نَشزت المرأة ونَشصت ونَشست، ونظيرُ هذه الأحرف الثلاثة- أعني الزاي والسين والصاد في التّعاور‏:‏ التاء والدّال والطاء‏.‏

قال القالي في أماليه يقال‏:‏ هَرتَ الثوب وهرده وهَرَطه- ثلاث لغات‏.‏

وفي الجمهرة‏:‏ المدَ والمتّ والمطّ متقاربة في المعنى‏.‏

وفي غيرها يقال‏:‏ ترياق ودِرياق وطِرياق‏.‏

خاتمة- قال القالي في أماليه- بعد أن سرد جملةً من ألفاظ الإبدال‏:‏ اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال، وليس هو كذلك عند علماء أهل النحو، وإنما حروف الإبدال عندهم اثنا عشر حرفاً بجمعها قولك‏:‏ طال يوم أنجدته‏.‏

وقال البطليوسي في شرح الفصيح‏:‏ ليس الألف في الأرَقان ونحوه مبدلة من الياء، ولكنها لغتان، ومما يدل على أن هذه الأحرف لغات ما رواه اللحياني قال‏:‏ قلت لأعرابي‏:‏ أتقول مثل حَنَكِ الغراب أو مثل حلَكه‏؟‏ فقال‏:‏ لا أقول مثل حلَكه، حكاه القالي‏.‏

وقال البطليوسي في شرح الفصيح‏:‏ قال أبو بكر بن دريد قال أبو حاتم قلت لأم الهيثم‏:‏ كيف تقولين أشدّ سواداً مماذا‏؟‏ قالت‏:‏ من حَلَك الغراب‏.‏ قلت‏:‏ أفتقولينها من حَنَك الغراب‏؟‏ فقالت‏:‏ لا أقولها أبداً‏.‏

وقال ابن خالويه في شرح الفصيح‏:‏ أخبرنا ابن دريد عن أبي حاتم عن الأصمعي قال‏:‏ اختلف رجلان في الصَّْقر، فقال أحدهما بالسين وقال الآخر بالصاد، فتحاكما إلى أعرابي ثالث، فقال‏:‏ أما أنا فأقول الزٍّقر بالزاي، قال ابن خالويه‏:‏ فدل على أنها ثلاث لغات‏.‏

وقال ابن السكيت‏:‏ حضرني أعرابيان من بني كلاب فقال أحدهما إنْفَحَة، وقال الآخر مِنْفَحة، ثم افترقا على أن يسألا جماعة من أشياخ بني كلاب، فاتفق جماعة على قول ذا وجماعة على قول ذا، وهما لغتان‏.‏

وفي شرح التسهيل لأبي حيّان قال أبو حاتم‏:‏ قلت لأم الهيثم- واسمها عثيمة‏:‏ هل تبدل العرب من الجيم ياء في شيء من الكلام‏؟‏ فقالت‏:‏ نعم، ثم أنشدتني‏:‏

إن لم يكن فيكن ظِلٌّ ولا جَنى *** فأبعدَكنَّ اللّهُ مِنْ شَيرات

النوع الثالث والثلاثون‏:‏ معرفة القلب

قال ابنُ فارس في فقه اللغة‏:‏ من سُنَن العرب الْقَلْبُ؛ وذلك يكونُ في الكلمة، ويكونُ في القصَّة، فأما الكلمةُ فقولهم‏:‏ جَبَذَ وجَذَب، وبكَل ولَبك، وهو كثير‏.‏ وقد صنَّفَه علماءُ اللغة؛ وليس في القرآن شيءٌ من هذا فيما أظنُّ‏.‏ انتهى‏.‏

وقد ألَّف ابنُ السكّيت في هذا النوع كتاباً ينقل عنه صاحبُ الصحاح‏.‏

قال ابنُ دُريد في الجمهرة‏:‏ باب الحروف التي قُلِبت، وزعم قومٌ من النحويين أنها لغاتٌ، وهذا القولُ خلافٌ على أهل اللغة، يقال‏:‏ جَبَذ وجَذَب، وما أطْيبه وأيْطَبه، ورَبض ورَضب، وأنْبَض القَوْس وأنْضب، وصاعِقة وصَاقِعة، ولعَمْري ورعملي، واضمحلّ وامضحلّ، وعميق ومَعيق، ولبكْتُ الشيء وبكلته‏:‏ إذا خلطته، وأسير مُكَلّب ومكبَّل، وسبَسْب وَبسبْس‏:‏ القفر، سوحاب مكفهرّ، ومكرهفّ، وناقة ضِمْرِز وضِمْزِر‏:‏ إذا كانت مُسِنّة، وفي موضع آخر‏:‏ شديدة قويّة، وضُما رِز وضُمازِر مثله، وطريق طَامِس وطَاسِم، وقافَ الأثر وقَفا الأثر، وقاعَ البعير النّاقة وقَعَاها، وقوس عُلط وعطل‏:‏ لا وَتَر عليها، وكذلك ناقة عُلُط وعُطُل، وجارِية قَتِين وقَنِيت، وهي القليلة الزَّرد، وشرْخ الشباب وشَخْره‏:‏ أولّه، وكم خَنزِ وخَزِن، وعاث يَعِيث، وعَثا يعثِي‏:‏ إذا أفْسد، وتنحى عن لَقم الطريق ولَمق الطريق، والفَحِث والحفِث وهي القبّة، وحرٌّ حَمْتٌ ومَحْت‏:‏ وهو الشديد، وهفا فؤاده وفَها، ولَفَحْتُه بجمْع يَدِي ولحفته‏:‏ إذا ضربته بها، وهَجْهَجْتُ بالسبع وجهجهت به، وطِبّيخ وبِطِّيخ، وفي الحديث‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه البطّيخ بالرطب‏.‏ وماء سَلْسال ولَسلاْس، ومُسَلْسل ومُلَسلس‏:‏ إذا كان صافياً،دقم فاه بالحجر ودَمقه‏:‏ إذا ضربه، وفَثَأْت القدر وثفأتها إذا سكنت غليانها، وبَكبكت الشيء وكَبْكَبته‏:‏ إذا طرحت بعضه على بعض، وثَكم الطريق وكثَمه‏:‏ وَجْه، وجارية قبعَة ويُقَعة وهي التي تُظْهر وجهَها ثم تُخْفيه، وكعْبرة بالسيف وبعكره‏:‏ إذا ضربه، وتَقَرطب على فقاه وتبرقط‏:‏ إذا سقط؛ هذا ما ذكره في هذا الباب، وذكر في تضاعيف الكتاب‏:‏ خَجّ وخجا برجله إذا نسف بها التراب في مَشْيه، وربما قالوا‏:‏ جَخَّ بها وجَخاَ‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ الْوَطب والعَوبَط‏:‏ من أسماء الداهية، قال ابن دريد‏:‏ كأنه مقلوب عنده‏.‏

وفي الجمهرة أيضاً‏:‏ غلام مُبْعَنْقى ومُعْبَنْقى إذا ساء خُلقه، والغَمْغَمة والمغمغة‏:‏ كلامٌ لا يُفهم، ورجل خُنافِر وفُناخِر‏:‏ عظيم الأنف، وقال الرّاجز‏:‏

وشِعْبَ كلّ باجحٍ ضُمازِر

قال الأصمعي‏:‏ أراد ضُمارزاً فقلب‏:‏ وهو الصّلب الشّديد الغليظ‏.‏ ورُماحس وحُمارس وهو الجريء المقام، ورجل طُماحر وطُحامر‏:‏ عظيمُ الجوْف‏.‏ والبَتْل والتبل‏:‏ القطع، والبَخَنْدَاة والخبَنْدَاة‏:‏ المرأة الغليظة الساقين، والعصافير والعراصيف‏:‏ المسامير التي تجمعُ رأس القتَب، وفي لسانه حُكْلة وحُلْكَة‏:‏ وهي الغلظ، وضربه فبَخْذَعَه وخَذْعَبَه‏:‏ إذا قطعه بالسيف، وعجوز شَهْبرة وشهْرَبة‏:‏ مسنّة، والصَّعْبور والصَّعْرُوب‏:‏ الصغير الرأس من الناس وغيرهم‏.‏ والثَّرْطَمة والطَّرْثَمة‏:‏ الإطراق من غَضب أو تكبّر‏.‏ والنَّطْثرة والطَّنْثرة‏:‏ أكل الدَّسم حتى يثْقُلَ عليه جسمه، والثَّمْطَلة والثَّلْمَطة‏:‏ الاسترخاء، دَحْملْت الشيء ودَمْحَلْتُه‏:‏ إذا دحرجته على الأرض، ورجل دُحْسُماني ودُحْمُساني‏:‏ وهو الغليظ الأسود، والغَذْرَمة والغَذْمَرة‏:‏ اختلاط الكلام، وسَرْطَع وطَرْسَع‏:‏ إذا عدا عَدْواً شديداً، والكُرْسُف والكُرْفُس‏:‏ القطن، وطرْشَم الليلُ وطَرْمَش‏:‏ إذا أظْلم، والشُّرفْوُغ والشَّرغوف‏:‏ الضّفْدَع الصغير، وتَقَرْعَف الرجلُ وتقرفع‏:‏ إذا تقبّض، والعَلْسَطة والعَسْطَلة‏:‏ الكلام غير ذي نظام، وقَصْمَلت الشيء وقَصْلَمته‏:‏ كسرته، وطُرْمُوح وطُرْحُوم‏:‏ طويل، ودُحْمُوق ودُحْقُوم‏:‏ العظيم الخَلْق، وطَيْثَار وطَثْيَار‏:‏ البعوض، وما لفلان قِرْع طْبة وقِرْطَعْبَة‏:‏ أي ماله قليلٌ ولا كثير، وماء عُقٌّ وعُقَاق، وقُعّ وقُعَاع‏:‏ شديدُ المرارة، والخُدْخُد والدُّخْدُخ‏:‏ دويّبة، ومن أمثالهم غَرْثان فابْكُلوا له وقال قوم‏:‏ فالْبُكوا له مقلوب، أي حيسوا، وقوس طَحُور وطَرُوح‏:‏ سريعةُ السّهم، وحِبَجْر وحُبَاجر‏:‏ ذكر الحبارى، وكذلك حِبَرْج وحُبَارج‏.‏

وقال ابن الأعرابي في نوادره‏:‏ كلّ شيء لم يكن له قَدْرٌ فهو سَفِيط وفَسِيط‏.‏

وقال أبو عبيد في الغريب المصنف‏:‏ باب المَقْلوب، فما ذُكِر فيه زيادة على ما تقدّم‏:‏ أَحْجَمت عن الأمر وأَحْجَمت، واضْمَحلّ الشيء واضحملّ إذا ذهب‏.‏ وشَنِفت إلى الشيء وشَفِنْت‏:‏ إذا نظرتُ إليه، وعُقاب عَقنْبَاة وعَبْنقاة وهي ذات المخالب، وأشافَ الرّجل على الأمر وأَشْفى إذا أشرف عليه،، واعتام الرجل واعْتَمى إذا اختار، واعْتَاقَه الشيء واعْتقَاه‏:‏ إذا حبَسَه، وبَتَلْتُ الشيء وبَلَتّه‏:‏ إذا قطعتُه، ولَفَت الرجل وجهه عن القوم وفَتَله إذا صرَفه عنهم، وشَاءَني الأمر وشَآنِي‏:‏ إذا حَزَنني، قال الحارث بن خالد المخزومي‏:‏

مَرَّ الحُمُولُ فما شَأَوْنَكَ نَقْرَةً *** ولقدْ أَرَاك تُشَاءٌ بالأَظْعَانِ

فجاء باللغتين جميعاً، وثَنِت الّلحم ونَثِت‏:‏ إذا نتن، وفَطَس الرجل وطَفَس‏:‏ إذا مات، ورجل أَغْرل وأَرْغل‏:‏ أَقْلَف، وتَزَحْزَحْت عن المكان وتَحَزْحَزْت‏.‏ وهي الفُرْصة والرُّفْصَة للنَّوْبة تكونُ بينَ القوم يَتَناوبونها على الماء‏.‏ واستَدْمَى الرجلُ غريمه واستدامه إَذا رفق به، وانْتقى فلان الشيء وانْتَاقه من النَقَاوة، وجاءت الخيلُ شَوَاعِي وشَوَائِع‏:‏ متفرقة، وشَاكِي السلاح وشَائك السلاح، وشَائِهُ البصر وشَاهِي البصر‏:‏ حديده، ولاثٍ به ولاَئِث، ورجل هَاعٍ لاَعٍ وهَائِع لائع، وهو الجزوع، وهَارٍ وهائر، وعاقني عنه عائق وعاقٍ، والصُّبْر والبُصْر‏:‏ الجانب، وشَبْرَقْت الثوب وشَرْبَقْتُه‏:‏ إذا قطعته، والقاءة والآقة‏:‏ الطاعة، وأنّ يئن وأَنى يأنى، ورَاوَدته على الماء ورَادَيتُه، وَعمَج في السير ومَعَج، ورأى فلاناً ورَاءَ فلاناً، وقَلْقَلْت الشيء ولَقْلَقْتُه، وغَذْمَرْته وغَذْرَمْتُه إذا بعته جُزَافا، وجَحْجَحَ الرجل وحَجْحَجَ إذا لم يُبْد ما في نفسه‏.‏ انتهى‏.‏

وفي ديوان الأدب للفارابي‏:‏ نَغَز الشيطان بينهم لغة في نَزَغ، على القلب‏.‏

وفي أمالي ثعلب يقال‏:‏ هو في أُسْطُمّة قومه وأُطْسُمّة قومه، وهو يتكسّع ويتسكّع في طُمّته‏:‏ إذا تحيّر، ومِزرَاب ومِرْزاب، وهو الميزاب‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ الّلجِز مقلوب اللَّزِج، قاله ابنُ السكّيت في كتاب القَلْب، والحَمْشَة مقلوب الحشْمة وهي الغضب، وكلام حُوشي ووَحْشي، والأوباش من الناس‏:‏ الأخلاط مثل الأوْشَاب وهو مقلوب، والمِقاط حبل مثل القَماط، مَقْلوب منه‏.‏

وقال الزجاجي في شرح أدب الكاتب‏:‏ ذكر بعضُ أهل اللغة أن الجاه مَقْلوب من الوجْه، واستدلّ على ذلك بقولهم‏:‏ وجه الرجل فهو وَجِيه إِذا كان ذا جَاهٍ، ففصَلُو بين الجاه والوجْهِ بالقلب‏.‏

فائدة- ذهب ابنُ دستوريه إلى إِنكار القلب، فقال في شرح الفصيح‏:‏ في البِطِّيخ لغة أخرى طِّبيخ بتقديم الطاء، وليست عندنا على القَلْب كما يزعُم اّللغويون، وقد بيَّنا الحجة في ذلك في كتاب إِبطال القلب‏.‏ انتهى‏.‏

وقال النحاس في شرح المعلقات‏:‏ القلبُ الصحيح عند البصريين مثل شَاكي السلاح وشائك، وجرف هارٍ وهائِر، أما ما يسمّيه الكوفيون القلب، نحو جَبَذ وجَذَب، فليس هذا بقَلْب عند البصريين، وإنما هما لغتان، وليس بمنزلة شاك وشائك، ألا ترى أنه قد أُخّرت الياء في شاكي السلاح‏؟‏ قال السخاوي في شرح المفصل‏:‏ إذا قلبوا لم يجعلوا للفَرْع مصدراً، لئلا يلْتَبس بالأصل، بل يُقْتَصر على مصدر الأصل، ليكون شاهداً للأصالة نحو يئس يأساً، وأيس مقلوب منه ولا مَصْدَرَ له، فإذا وُجِد المصدران حَكَم النُّحَاة بأن كلَّ واحد من الفعلين أصلٌ، وليس بمقلوب من الآخر‏.‏ نحو جبذ وَجَذب، وأهلُ اللغة يقولون‏:‏ إن ذلك كلَّه مقلوب‏.‏ انتهى‏.‏

النوع الرابع والثلاثون‏:‏ معرفة النحت

معرفته من اللوازم

قال ابن فارس في فقه اللغة- باب النَّحت‏:‏ العرب تَنْحَت من كلمتين كلمةً واحدة، وهو جنسٌ من الاختصار، وذلك رجل عَبْشميّ منسوبٌ إلى اسمين، وأنشد الخليل‏:‏

أقولُ لها ودمعُ العين جَارٍ *** ألم تُخْرِنْك حَيْعَلَةُ المُنَادِي

من قوله‏:‏ حيّ عَلَى، وهذا مَذْهَبُنا فى أن الأَشياء الزائدةَ على ثلاثة أحرف فكثرُها منحوتٌ، مثل قول العرب للرَّجل الشديدِ ضِبَطرٌ من ضَبَط وضَبَر، وفي قولهمْ‏:‏ صَهْصَلِق إنه من صَهَل وصَلَق وفي الصِّلْدِم إِنه من الصَّلْد والصَّدْم، قال‏:‏ وقد ذكرنا ذلك بوجوهه في كتابِ مقاييس اللُّغة‏.‏ انتهى كلام بان فارس‏.‏

وقد ألَّف في هذا النوع أبو علي الظهير بن الخطير الفارسي العماني كتاباً سمَّاه تنبيه البارعين على المنحوت من كلام العرب، ولم أَقِفْ عليه، وإنما ذكره ياقوت الحموي في ترجمته في كِتابه معجم الأدباء‏.‏

قال ياقوت في معجم الأدباء‏:‏ سأل الشيخ أبو الفتح عثمان بن عيسى الملطي النحوي الظهير الفارسي عما وقع في ألفاظ العرب، على مثال شَقَحْطَب فقال‏:‏ هذا يسمى في كلام العرب المنحوت، ومعناه أن الكلمةَ منحوتَةٌ من كلمتين كما ينحت النجّار خشبتين ويجعلهما واحدة، فشقحطب منحوت من شِقّ حَطَب، فسأله الملطي أن يُثْبت له ما وَقع من هذا المثال إليه ليعوّل في معرفتها عليه، فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حِفْظه، وسمَّاها كتاب تنبيه البارعين على المنحوت من كلامِ العرب‏.‏

وفي إِصلاح المنطق لا بن السكيت، وتهذيبه للتبريزي‏:‏ يقال قد أكثر من البَسْملة إذا أكثر من قول‏:‏ باسم اللَّه ومن الهيلَلة إذا أكثر من قول لا إله إلا اللَّه، ومن اَلحوْلقة واَلحوْقَلة إذا أكثر من قول‏:‏ لا حَوْلَ ولا قوَّة إِلا باللَّه، ومن الحَمْدَلة أي من الحمد للَّه، ومن الجَعْفَدة أي من جعلت فداك، ومن السَّبْحَلة أي من سبحان اللَّه‏.‏

وحكى الفراء عن بعض العرب‏:‏ معي عشرة فأَحِّدْهنّ لي‏:‏ أي صيّرهنّ أَحَدَ عشر‏.‏

وزاد الثعالبي في فقه اللغة‏:‏ الحَيْعَلَة حكاية قول المؤذن‏:‏ حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، والطَّلْبَقَة حكاية قول القائل‏:‏ أطال اللَّه بقاك، والدَّمْعَزة حكاية قوله‏:‏ أدام اللَّه عزَّك‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ قد حَيْعَل الموذن كما يقال حَوْلَق، وتَعْبَشَم مُرَكبا من كلمتين‏.‏

وقال ابن دحية في التنوير‏:‏ ربما يتّفقُ اجتماعُ كلمتين من كلمة واحدة دالة على كلتا الكلمتين، وإِن كان لا يمكن اشتقاق كلمةٍ من كلمتين في قياس التصريف، كقولهم‏:‏ هَلَّل‏:‏ أي قال لا إله إلا اللَّه، وحَمْدَل أي قال‏:‏ الحمد للَّه، والحَوْلَقَة قول‏:‏ لا حَوْلَ ولا قوّة إلا باللَّه، ولا تقل حَوْقَل بتقديم القاف، فإن الحوقلة مِشْية الشيخ الضعيف، والبسملة قول باسم اللَّه، والسَّبْحَلة قول‏:‏ سبحان اللَّه، والهَيْلَلة قول‏:‏ لا إله إلا اللَّه، والحَسْبَلة قول‏:‏ حسبي اللَّه، والمشألة قول ما شاء اللَّه، يقال‏:‏ فلان كثير المشألة إذا أكثر من هذه الكلمة، والَحَيْعَلة‏:‏ قول حيّ على الشيء، والحَيْهَلة حيهلا بالشيء، والسَّمْعَلة‏:‏ سلام عليكم والطَّلْبَقة‏:‏ أطال اللَّه بقالك، والدَّمْعَزة‏:‏ أدام اللَّه عزّك، ومنه قول الشاعر‏:‏ لا زلتَ في سَعْدٍ يدومُ ودَمعزه أي دوام عز، والجَعْفَدة‏:‏ جعلت فِداك، وقولهم‏:‏ الجَعْفَلة باللام خطأ، والكَبْتَعَة‏.‏

وفي الجمهرة‏:‏ العَجَمْضَى‏:‏ ضرب من التمر، وهما اسمان جُعلا اسماً واحداً‏:‏ عجم وهو النّوى، وضَاحِم واد معروف‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ يقال في النسبة إلى عبد شَمس‏:‏ عَبْشَميّ، وإلى عبد الدار عَبْدَ ريّ، وإلى عبد القيس عَبْقسيّ، يُؤْخَذ من الأول حرفان، ومن الثاني حرفان، ويقال‏:‏ تَعَبْشَم الرجلُ‏:‏ إذا تعلَّق بسبب من أسباب عبد شمس، إِما بحِلْف، أو جوار، أو وَلاَء، وتَعَبْقس‏:‏ إذا تعلّق بعبد القيس‏.‏

قال‏:‏ وأما عَبْشَمس بنُ زيد مناةَ بن تميم فإن أبا عمر بن العلاء يقول‏:‏ أصله عَبُّ شمسٍ أو حبُّ شمس وهو ضوءها، والعين مبدلة من الحاء كما قالوا‏:‏ حَبْقُرّ في عَبُّ قُرٍّو هو البَرد‏.‏

وقال ابنُ الأعرابي‏:‏ اسمه عَبْءُ شَمسٍ بالهمز، والعَبْءُ‏:‏ العِدْل، أي هو عِدْلها ونطيرها يفتح ويكسر‏.‏

وقال ابنُ مالك في التسهيل‏:‏ قد يُبْنى من جُزْأي المركب فعلل بفاء كل منهما وعينه، فإِن اعتّلت عين الثاني كمل البناء بلامِه أو بلام الأوّل ونسب إليه‏.‏

وقال أبو حيّان في شرحه‏:‏ وهذا الحكم لا يطّرد، إنما يقال منه ما قالته العرب، والمحفوظ عَبْشميّ في عبد شمس، وعَبْد ريّ في عبد الدار، ومرقسيّ في امرئ القيس، وعَبْقَسيّ في عبد القيس، وتيملي في تيم اللَّه‏.‏ انتهى‏.‏

وفي المستوفي لابن الفرحان‏:‏ ينسب إلى الشافعي مع أبي حنيفة شفعنتيّ وإلى أبي حنيفة مع المعتزلة حنفلتيّ‏.‏

وفي المجمل لابن فارس‏:‏ الأزَل‏:‏ القِدَم، يقال هو أَزَلِيّ، قال‏:‏ وأرى الكلمة ليست بمشهورة، وأحسب أنهم قالوا للقديم لم يَزَل، ثم نسب إلى هذا فلم يستقم إلا بالاختصار، فقالوا‏:‏ يَزَليّ، ثم أبدلت الياء ألفاً لأنها أخف فقالوا‏:‏ أَزَلى، وهو كقولهم في الرمح المنسوب إلى ذِي يَزَن‏:‏ أَزَنيّ‏.‏

وفي الصحاح قولهم‏:‏ بَلْحَارث لبني الحارث بن كَعْب من شواذّ التخفيف، لأن النون واللام قريبا المَخْرج، فلمَّا لم يمكنهم الإدغامُ لسكون اللام حذفوا النون، كما قالوا‏:‏ مَسْتُ وظَلْت، وكذلك يفعلون بكل قبيلة تظهر فيها لام المعرفة، مثل بَلْعنبر وبَلْهُجَيم، فأما إذا لم تظهر اللام فلا يكون ذلك‏.‏

النوع الخامس والثلاثون‏:‏ معرفة الأمثال

قال أبو عُبَيد‏:‏ الأمثال حكمة العرب في الجاهلية والإسلام، وبها كانت تعاوض كلامها فتبلغ بها ما حاوَلَتْ من حاجاتها في المنطق بكنايةٍ غير تصريح، فيجتمع لها بذلك ثلاث خلال‏:‏ إيجازُ اللفظ، وإصابة المعنى، وحسن التشبيه، وقد ضربها النبي صلى الله عليه وسلم، وتمثَّل بها هو ومن بعده من السلف‏.‏

وقال الفارابيّ في ديوان الأدب‏:‏ المثلُ ما تراضاه العامة والخاصّة في لفظِه ومعناه حتى ابتذَلوه فيما بينهم، وفَاهُوا به في السرّاء والضرّاء، واستدرّوا به الممتنع من الدرّ، ووصلوا به إلى المطالب القصيّة، وتفرَّجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أَبْلغ الحِكمة، لأنَّ الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصِّر في الجودة، أو غير مبالغ في بلوغ المَدَى في النَّفَاسة‏.‏

قال‏:‏ والنادرة حكمةٌ صحيحة تؤدِّي ما يؤدَّى عنه المثل، إلا أنها لم تشع في الجمهور، ولم تَجْرِ إلا بين الخواص، وليس بينها وبين المثل إلا الشيوع وحدَه‏.‏

وقال المرزوقي في شرح الفصيح‏:‏ المثلُ جملة من القول مقتضَبةٌ من أصلها، أو مرسلةٌ بذاتها، فتتَّسم بالقبول، وتشّهر بالتداول، فتنقل عما وردت فيه إلى كلِّ ما يصح قَصْدُه بها من غير تغيير يلحقها في لفظها، وعما يُوجِبه الظاهر إلى أشباهه من المعاني، فلذلك تُضْرب وإن جُهِلت أسبابُها التي خرجت عليها، واستجيز من الحذف ومُضَارع ضرورات الشعر فيها ما لا يُسْتَجازُ في سائر الكلام‏.‏ وقال أبو عبيد في المثل‏:‏ أجناؤها أبناؤها، أي الذين جَنَوْا على هذه الدار بالهدم هم الذين كانوا بنوها، قال‏:‏ وأنا أظن أن أصلَ المثل‏:‏ جُناتها بُناتها لا أبناؤها، لأنَّ فاعلاً لا يُجْمع على أفعال إلا أن يكون هذا من النوادر، لأنه يجيء في الأمثال مالا يجيءُ في غيرها‏.‏

قاعدة- الأمثال لا تُغيَّر، بل تجري كما جاءت؛ قال ابنُ دريد في الجمهرة وابن خالويه‏:‏ كانت نساءُ الأعراب يُؤَخِّذْن الرجال بخَرَزة يَقُلْن‏:‏ يا قَبَلَة اِقْبِليه ويا كَرَارِ كُرِّيه أُعيذه باليَنْجَلِب، هكذا جاء الكلام وإن كان ملحوناً، لأن العرب تجري الأمثال على ما جاءت، ولا تستعملُ فيها الإعراب‏.‏ انتهى‏.‏

قال الزجاجي في شرح أدب الكاتب‏:‏ قال سيبويه‏:‏ لا يجوزُ إظهار الفعل في نحو أمَّا أنتَ منطلقاً انطلقت‏.‏ وأجازه المبرد، والقول ما قال سيبويه، لأن هذا كلام جرَى كالمثل، والأمثالُ قد تخرج عن القياس، فتُحْكَى كما سُمِعت، ولا يطَّرِدُ فيها القياس، فتخرج عن طريقة الأمثال‏.‏

وقال المرزوقي‏:‏ من شرط المثل ألاَّ يغيَّر عما يقع في الأصل عليه، ألاَ ترى أن قولهم أعط القوس بارِيها، تُسكَّن ياؤه، وإن كان التحريك الأصل؛ لوقوع المثل في الأصل على ذلك، وكذلك قولهم الصيفَ ضيعتِ اللبن، لمَّا وقع في الأصل للمؤنث لم يُغيَّر من بعد، وإن ضُرِب للمذكر‏.‏

وقال التبريزي في تهذيبه‏:‏ تقول‏:‏ الصيف ضيعتِ اللبن مكسورة التاء، إذا خوطب بها المذكر والمؤنث والاثنان والجمع؛ لأن أصلَ المثل خوطبت به امرأة، وكذلك قولهم‏:‏ أَطِرِّي فإنَك ناعِلِه، يضرَبُ للمذكر والمؤنث والاثنين والجمع على لفظ التأنيث‏.‏

ذكر جملة من الأمثال‏:‏

قال القالي في أماليه‏:‏ من أمثال العرب‏:‏ مَنْ أَجْدَب انْتَجَع؛ يقال عند كراهة المنزل، والجوار، وقلة المال‏.‏

ومن أمثالهم‏:‏ الجحْشَ لما بَذَّكَ الأعيارُ، يضرب لمن يطلب الأمر الرفيع فيفوته فيقال له‏:‏ اطلب دون ذلك‏.‏

ومن أمثالهم‏:‏ يا حبَّذَا التُّرَاثُ لولا الذَّلة‏.‏ أي الميراث حُلو لولا أن أهلَ بيته يِقّلون‏.‏

ومنها‏:‏ أصلح غَيْثٌ ما أفسد بَرَدُه‏.‏ يضرب لمن يكون فاسداً ثم يصلح‏.‏

هذا ولمّا تَردى تِهَامة‏.‏ يُضرب لمن يَجْزَع قبل وقت الجزَع‏.‏

عرف حَمِيق جَمَله‏.‏ يُضْرب لمن عرف خصمه فاجترأ عليه‏.‏

من استرعى الذّئب ظَلم‏.‏ يُضرب لمن وَلّى غيرَ الأَمين‏.‏

خَرْقَاء وجدت صُوفا‏.‏ يضرب للسّفيه يقع في يده مالٌ فيعبَث فيه‏.‏

الذَّوْد إلى الذَّوْد إبل‏.‏ أي إذا اجتمع القليل إلى القليل صار كثيراً‏.‏

ربَّ عجَلة تَهَبُ ريثًا‏.‏ أي ربما استعجل الرجل فألقاه استعجاله في بُطء‏.‏

بفلان تُفْرَن الصَّعْبة‏.‏ أي أنه يذل المستصعب‏.‏

حيث لا يضعُ الرَّاقي أنفَه‏.‏ أي أن ذلك الأمر لا يُقْرَب ولا يُدنى منه، وأصله أن ملسوعا لسع في اسْتِه، فلم يقدر الراقي أن يقرّب أنفه مما هنالك‏.‏

أهون هالكٍ عجوزُ في عامِ سَنَةٍ‏.‏ مثل للشيءُ يستخفّ بهلاكه‏.‏

لا يُعْجَب للعروس عام هِدَائِها‏.‏ يُراد أن الرجل إذا استأنف أمراً تحمّل له‏.‏

الشرُّ ألجأ إلى مخِّ العراقيب‏.‏ يقال عند مسألة اللئيم أَعْطَى أو مَنَع‏.‏

سكت ألفاً ونطق خَلْفاً‏.‏ أي سكت عن ألف كلمة ونطق بواحدة رديئة‏.‏

تَفْرقُ من صَوْتِ الغراب وتفترسُ الأسد المَشبَّم‏.‏ وهو الذي قد شُدّ فوه، وذلك أن امرأة افترست أسداً وسمعت صوت غراب ففزغت منه، يقال للذي يَخَاف اليسير من الأمر وهو جريء على الجسيم‏.‏

رُوغِي جَعَارٍ وانظري أينَ المفرّ‏.‏ يقال للذي يَهْرب ولا يقدر أن يَغْلب صاحبه‏.‏

أسمع جعجعةً ولا أرى طِحْناً‏.‏ أي أسمع جَلَبة ولا أرى عملاً ينفع، والجعجعة‏:‏ صوت الرحى، والطِّحْنُ‏:‏ الدقيق‏.‏

إِن البِغَاثَ بأرضنا يَسْتَنْسر‏.‏ يضرب مثال للرجل يكون ضعيفاً ثم يقوى‏.‏

قال القالي‏:‏ سمعت هذا المثل في صباي من أبي العباس، وفسره لي فقال‏:‏ يعود الضعيف بأرضنا قوياً‏.‏ ثم سألت عن أصل هذا المثل أبا بكر بن دريد فقال‏:‏ البَغَاث‏:‏ ضِعاف الطَّير، والنّسر قوي، فيقول‏:‏ إن الضعيف يصير كالنّسر في قوته‏.‏

لو أَجِد لِشَفْرَةٍ محزّاً، أي لو أجد للكلام مساغاً‏.‏

كأنما قُدّ سيْرُه الآن‏.‏ يقال للشيخ إذا كان في خِلْقة الأحداث‏.‏

يجري بُلَيْقٌ ويُذَمّ‏.‏ يقال للرجل يحسن ويُذَمْ‏.‏

لا يَبِضْ حَجَرُه‏.‏ أي لا يخرُج منه خير، يقال‏:‏ بَضَّ الماء إذا خرَج قليلاً قليلاً‏.‏

الحُسْنُ أَحْمَرُ‏.‏ أي من أراد الحسن صَبَر على أشياء يكرهُها‏.‏

يداك أوْكَتَا وفُوك نَفخ‏.‏ يقال لمن فعل فَعَلَةً أخطأ فيها، يُراد بذلك أنك من قِبَلك أُتِيت، وأصلُه أن رجلاً قطع بحراً بزقّ فانفتح، فقيل له ذلك‏.‏

العيْر أَوْتَى لدَمِه‏.‏ يقال ذلك للرجل، أي أنه أشد إبقاء على نفسه‏.‏

عبدٌ صريخُه أَمَة‏.‏ يضرب مثلاً للضعيف يستصرخ بمثله‏.‏

النَّقْدُ عند الحافِر‏.‏ يراد به عند أوَّل كلمة، قال بعض اللغويين‏:‏ كانت الخيل أفضلَ ما يباع، فإذا اشترى الرجل الفرس قال له صاحبه‏:‏ النَّقد عند الحافر، أي عند حافِر الفرس في موضعه قبل أن يزولَ‏.‏

خُبَأةٌ خيرٌ من يَفَعَة سَوْءٍ‏.‏ أي بنت تلزم البيت تَخَبأُ نفسها فيه خيرٌ من غلام سَوْء لا خير فيه‏.‏

طلَب الأبَلقَ العَقوق فلمّا *** لم يَجدْه أرادَ بَيْض الأنُوق

يضرب مثلاً لمن طلب ما لا يقدِر عليه، والأنوق‏:‏ الذكر من الرّخم ولا بيضَ له، وقيل بل الأنثى، لأنها لا تبيض إلا في مكان لا يُوصَل فيه إلى بيضها‏.‏

وفي أمالي ثعلب‏:‏ إذا سُئِل الرجل ما لا يكون أو ما لا يقدر عليه يقول‏:‏ كلّفتني الأبَلق العَقُوق، وكلفتني سَلَى جَمَلٍ وكلفتني بَيْضَ الأنوق، وهي الرّخمة لا يُقْدَر على بَيْضها وكلفتني بيض السماسم، وهو طير مثل الخطَاف، والعَقوق‏:‏ الحامل، والأبلق ذكر فهذا ما لا يكون‏.‏ والسَّلى ما تلقيه الناقة إذا وضعت وهذا لا يكون في الجمل، والسّماسم لا يقدر لها على بيض‏.‏ انتهى‏.‏

وقال القالي‏:‏ ومن أمثالهم برّقٌ لمن لا يعرفك، يقال للذي توعّد من يعرفه، أي اصنع هذا بمن لا يعرفك‏.‏

شرَّاب بأنْقُع‏.‏ أي معاود للأمور يأتيها مرَّة بعد أخرى‏.‏

مُخْرَ نْبِقٌ لِيَنْبَاع‏.‏ أي مطرق ساكت لِيَثِبَ‏.‏

وقال ثعلب في أماليه‏:‏ ضرَب أخماساً لأسْداس، يُضْرَب مثلاً في المكر، قال الشاعر‏:‏

إذا أرادَ امرؤٌ مكراً جنى عللا *** وظلَّ يضرب أخماساً لأسْدَاس

وأصله أن قوماً كانوا في إِبل لأبيهم غَرَاباً، فكانوا يقولون للرِّبْع من الإبل‏:‏ الخِمْس، وللخِمْس السِّدْس، فقال أبوهم‏:‏ إنما تقولون هذا لترجعوا إلى أهليكم، فصارت مثلاً في كل مكر‏.‏

وقال ابن دريد في أماليه أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال‏:‏ سئل يونس يوماً عن المثل مُجِير أم عامر، فقال‏:‏ خرج فتيان من العرب للصيد فأثاروا ضبعاً فانفلتت من بين أيديهم، ودخلت خباءَ بعض العرب فخرج إليهم، فقال‏:‏ واللَّه لا تَصِلون إليها، فقد استجارت بي، فخلّوا بينه وبينها، فلما انصرفُوا عمد إلى خُبْز ولَبَن وسَمْن، فترده وقرَّبه إليها، فأكلت حتى شبعت وتمدّدت في جانب الخِباء، وغلَب الأعرابيَّ النوم، فلما استثقل وثبت عليه فقرضت حَلْقه، وبقَرَتْ بطنه، وأكلت حُشْوته، وخرجت تسعى وجاء أخٌ للأعرابي فلما نظر إليه أنشأ يقول‏:‏

ومن يصنع المعروف في غير أهله *** يلاقِ الذي لاقى مجيرُ أمّ عامر

أعدّ لها لما استجارت ببيته *** قِراها من اَلبان اللقاح البَهَازِر

فأشبعها حتى إذا ما تمطَّرَت *** فَرَتْه بأنيابٍ لها وأظافر

فقل لذي المعروف‏:‏ هذا جزاء من يجودُ بمعروف إلى غير شاكر ومن الأمثال المشهورة مَوَاعيده عُرٍقوب‏.‏

قال أبو علي أحمد بن إسماعيل القمي النحوي في كتاب جامع الأمثال‏:‏ هو رجلٌ من خَيبر كان يهوديا وكان يَعِد ولا يَفي، فضَرَبت به العربُ المثلَ، قال المتلمس‏:‏

الغدر والآفات شيمتُه *** فافهمْ فعرقوبٌ له مَثَل

وقال كعب بن زهير‏:‏

كانت موعيدُ عُرْقُوب لها مثلا *** وما مواعيدُها إلا الأباطيل

وقال أبو عبيد‏:‏ عُرْقوب رجل من العماليق أتاه أخٌ له يسألُه فقال له عرقوب‏:‏ إذا أطْلعت هذه النخلة فَلك طَلْعُها‏.‏ فلما أطلعت أتاه للعِدَة فقال‏:‏ دَعْها حتى تصيرَ بلحاً‏.‏ فلما أبَلَحَت قال‏:‏ دعْها حتى تصيرَ زَهْواً، فلما أَزهَتْ قال‏:‏ دعها حتى تصير رُطَباً، فلما أرطبت قال‏:‏ دعها حتى تصير تمراً، فلما أَتْمَرت عمَد إليها عُرْقُوب من الليل فجذَّها، ولم يُعْطِ أخاه منه شيئاً، فصار مثلاً، وفيه يقول الأَشجعي‏:‏

وعدتَ وكان الخُلْفُ منك سَجيّةً *** مواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَثْربِ

وقال آخر

وأكذُب من عُرْقُوب يَثْرب لهجةً *** وأبين شؤماً في الحوائج من زُحَلْ

ومن الأمثال المشهورة تَسْمَعُ بالمُعَيْدِي خيرٌ من أن تراه‏.‏ قال أبو عبيد‏:‏ أخبرني ابن الكلبي أن هذا المثلَ ضُربَ للصقعب بن عمرو النهدي قاله له النعمان بن المنذر‏.‏

وقال الفضل‏:‏ المثلُ للمنذر بن ماء السماء، قاله لشقة بن ضَمْرة سَمع بذكره، فلما رآه اقتحمته عينه فقال‏:‏ تسمع بالمُعَيْدِيّ خيرٌ من أن تراه، فأرسلها مثلاً فقال‏:‏ له شقة‏:‏ أبيتَ اللعن إن الرجال ليسوا بجزُر يراد منهم الأجسام، وإِنما المرء بأصْغريه قلبه ولسانه فذهب مثلاً، وأعجب المنذر بما رأى من عَقْله وبيانه، ثم سماه باسم أبيه فقال‏:‏ أنت ضَمْرة بن ضَمْرة‏.‏

وقال ابن دريد في أماليه‏:‏ أخبرنا السكن بن سعيد الجرموزي عن محمد بن عباد، عن الكلبي، قال‏:‏ وفد الصَّقْعب بن عمرو النهدي في عشرة من بني نهد على النِعمان بن المنذر، وكان الصَّقْعب رجلاً قصيراً دميماً تقتحمُه العين، شريفاً بعيدَ الصوت، وكان قد بلغ النعمان حديثُه، فلما أخبر النعمان بهم قال للآذن‏:‏ ائذن للصَّقْعب، فنظر الآذِن إلى أعظمهم وأجملهم، فقال‏:‏ انت الصَّقْعب‏؟‏ قال‏:‏ لا، فقال للذي يليه في العِظِم والهيئة‏:‏ أأنت هو‏؟‏ فقال‏:‏ لا‏.‏ فاستحيا فقال‏:‏ أيكم الصَّقْعب‏؟‏ فقال الصَّقْعب‏:‏ هأنذا فأدخلّه إلى النعمان، فلما رآه قال‏:‏ تَسْمعُ بالمُعيديّ خيرٌ من أن تراه فقال له الصَّقْعب‏:‏ أبيت اللعن إن الرجال ليسوا بالمُسُوك يُسْتَقى فيها، إنما الرجل بأصغرَيه بلسانه وقلبه، إنْ قاتل قاتل بجَنَان، وإن نطق نطق ببَيان‏.‏ فقال له النعمان‏:‏ فلِلّه أبوك فكيف بَصَرُك بالأمور‏؟‏ فقال‏:‏ أَنْقض منهما المفتول، وأُبرم منها المَسْحول، وأُحيلها حتى تحول، ثم أنظر إلى ما يئول وليس لها بصاحب مَنْ لم ينظر في العواقب‏.‏ قال‏:‏ قد أحلت وأحسنت، فأخْبرني عن العَجْزِ الظاهر، والفَقْر الحاضر‏.‏ قال‏:‏ أما العجز الظاهر فالشابّ الضعيف الحيلة، التَّبوع للحليلة، الذي يحوم حولها، ويسمع قولها، إن غَضِبَت ترضَّاها، وإن رضيت تفدّاها، فذاك الذي لا كان ولا ولد النساءُ مِثْله، وأما الفقرُ الحاضر فالذي لا تشبعُ نفسه، وإن كان له قنطارٌ من ذهب‏.‏ قال‏:‏ فأخبرني عن السوءة السوءاء، والداء العَيَاء‏.‏ قال‏:‏ أما السوءة السوءاء فالمرأةَ السَّليطة التي تَعجب من غير عَجب، وتغضَب من غير غضَب، فصاحبُها لا يَنْعَمُ بالُه، ولا يَحْسُن حالُه، إن كان ذا مال لم ينفعْه، وإن كان فقيراً عيِّر به، فأراح اللَّه منها بعْلَها، ولا متَّع بها أهلها، وأما الداء العَياء فالجارُ جارُ البيت إن شهِدَك سافَهك وإن غِبْتَ عنه سَبَعك، وإِن قاولتَه بهتَك، وإن سكتّ عنه ظلمك‏.‏ فقال له النعمان‏:‏ أنت أنت فأَحْسَن صلَته وصلةَ أصحابه‏.‏

ومن الأمثال المشهورة قولهم‏:‏ يعرف من أين تُؤْكل الكتف، قال المطرزي في شرح المقامات‏:‏ يضرب للدّاهية الذي يأتي الأمورَ من مَأَتاها، لأن أكل الكتف أعسر من غيرها، وقيل‏:‏ أكلها من أسفلها لأنه يسهل انحدار لحمها، ومن أعلاها يكون متعقداً ملتوياً لأنه غُضروف مشتبك باللحم، وبعضهم يقول‏:‏ المرقة تجري بين لحم الكتف والعَظْم فإذا أخذتها من أعلى خرّت عليك المرقة وانصبَّت، وإذا أخذتها من أسفلها انقشر من عظمها خاصة، والمرقة مكانها ثابتة‏.‏

وقال الأصمعي‏:‏ العرب تقول للضعيف الرأي إنه لا يُحسن أكل الكتف، وأنشد‏:‏

إني على ما ترين من كبري *** أعلم من أين تُؤكل الكتف

وفي شرح المقامات لسلامة الأنباري قيل‏:‏ إن في الكتف موضعاً إذا أمسكه الإنسان سقط جميع لحمها‏.‏

ومن الأمثال المشهورة إِنما سُمِّيَت هانئاً لِتَهْنَأ‏.‏ أي لتُفضل على الناس وتعطف عليهم‏.‏

ومن الأمثال المشهورة قولهم عند جُهَينة الخبر اليقين، وكان الأصمعي يرويه‏:‏ عند جُفَينة بالجيم والفاء، وكان أبو عبيدة يقول‏:‏ حُفَينة بحاء غير معجمة قال أبو عبيد‏:‏ كان ابنٌ الكلبي في هذا النوع أكبرَ من الأصمعي، وكان يرويه‏:‏ جُهينة، وكان من حديثه أن حُصَين بن عَمرو بنِ معاوية بن عمرو بن كلاب خرج، ومعه رجل من جهينة يقال له الأَخْنَس، فنزلا منزلا، فقام الجُهَنيُّ إلى الكِلابي وكانا فاتِكين فقتله، وأخذ مالَه، وكانت أخته صَخْرَةُ بنتَ عمروٍ تَبْكيه في المواسم، وتسألُ عنه فلا تجد مَن يُخبرها، فقال الأخنس فيها‏:‏

كصَخْرَة إذ تُسائل في مِرَاح *** وفي جَرْمٍ وعِلْمُهما ظُنونُ

تُسَائل عن حُصَيْنٍ كلَّ رَكْبٍ *** وعند جُهَينةَ الخبرُ اليقينُ

قال البطليوسي في شرح الفصيح‏:‏ الصحيح جهينة‏.‏

وقال ابن خالويه في شرح الدريدية قيل‏:‏ جهينة اسم امرأة، وقيل القبيلة وقيل اسم خمّار‏.‏

ومن أمثالهم المشهورة قولهم بِمِثْلِ جَارية فلْتَزْن الزَّانية، وذلك أن جارية بن سليط بن الحرث بن يربوع بن حنظلة كان أحسنَ الناس وجْهاً وأمدّهم قامة، وأنه أتَى سوقَ عُكاظ فأبصرته فتاةٌ من خثعم فأعجبها فتلطَّفت له، حتى وقع عليها، فَعلقت منه، فلما ولدت أقبلت هي وأمها وخالتها تلتمسه بعُكاظ، فلما رأته الفتاةُ قالت‏:‏ هذا جارية فقالت أمها‏:‏ بمثل جارية فلْتَزْن الزانية سرا أو علانية، فذهب مثلاً‏.‏

ومن الأمثال المشهورة قولهم لا تَعْدَمُ الحسناء ذَاماً‏.‏ أي لا يسلم أحدٌ من أن يكون فيه شيء من عيب، والذَّام‏:‏ العَيْب‏.‏ وأصله أن حُبّى بنت مالك ابن عمرو العدوانية كانت من أجمل النساء، فتزوَّجها مالك بن غسان فقالت أمها لِتبَّاعها‏:‏ إن لنا عند الملامسة رشحة فيها هنة‏.‏ فإذا أردتنَّ إدخالها على زوجها فطيِّبْنها بما في أصدافها- تعني الطيب، فلما كان الوقت أعجلهنّ زوجها‏.‏ فغَفْلن عن ذلك‏.‏ فلما أصبح قيل له‏:‏ كيف رأيتَ طَرُوقَتك البارحة‏؟‏ فقال‏:‏ ما رأيت كالليلة قط لولا رُويحة أنكرتها فقالت هي من خَلْف السّتر‏:‏ لا تعدَم الحسناء ذَاماً‏.‏

وفي الجمهرة من أمثالهم‏:‏ لا يعرف الهِرّ من البِرّ، وقد كثر كلام العلماء في هذا المثل؛ فذكر أبو عثمان أن الهرّ‏:‏ السّنّور، والبِرّ، الفأرة في بعض اللغات أودويّبة تشبهها، ولا أعرف صحّة ذلك، وأخبرني أبو حاتم بن طرفة عن بعض علماء الكوفة أنه فسر هذا فقال‏:‏ لا يعرف مَن يَهُرّ عليه ممن يَبِرّه‏.‏

قال ابن خالويه في شرح الدريدية وقال آخرون‏:‏ لا يعرف سَوْق الشاء من دُعائه‏.‏

وفي المجمل لابن فارس‏:‏ هذا المثل مختلف فيه؛ فقال قوم‏:‏ الهِرّ دعاء الغنم، والبِرّ‏:‏ سَوْقها، وقال قوم‏:‏ الهرّ‏:‏ ولد السِّنَّور، والبِرّ‏:‏ ولد الثعلب‏.‏ وقال آخرون‏:‏ لا يعرف من يكرهه ممن يَبِرّه‏.‏

وقالوا‏:‏ جاء بالطِّمِّ والرِّمّ، قال ابن دريد‏:‏ أحسنُ ما قالوا فيه‏:‏ إن الطِّمّ‏:‏ ما حمله الماء، والرِّم‏:‏ ما حملته الريح‏.‏

وقالوا‏:‏ ما يعرف قَبيلَه من دَبِيره‏.‏ قال قوم‏:‏ أي لا يعرف نسبب أبيه من نسب أمه‏.‏

وقال آخرون القبيل‏:‏ الخيط الذي يفتل إلى قدّام، والدبير‏:‏ الذي يفُتْل إلى خلف‏.‏

قال ثعلب في أماليه‏:‏ أي لا يدري فُتِل إلى فوق أو إلى أسفل‏.‏

وفي أمالي ثعلب قولهم‏:‏ لا يدري الحوّ من اللَّوّ، والحيّ من الليّ، أي لا يعرف الكلامَ الذي يُفْهم من الذي لا يُفْهَم‏.‏

وقال في موضع آخر‏:‏ هو الكلام البيّن وغير البينّ‏.‏

قلت‏:‏ رضي اللّه عن سيدي عمر بن الفارض؛ ما كان أوسع علمه باللغة قال في قصيدته اليائية‏:‏

صار وصف الضر ذاتياً له *** من عناء والكلام الحيّ ليّ

ولما شرحت قصيدته هذه ما وجدتُ من يعرف منها إلا القليل، ولقد سألت خَلقاً من الصوفية عن معنى قوله‏:‏ والكلام الحيّ ليّ، فلم أجد من يعرف معناه، حتى رأيتُ هذا الكلام في أمالي ثعلب‏.‏

وفي جامع الأمثال لأبي علي أحمد بن إسماعيل القمي النحوي قال هشام بن الكلبي‏:‏ أول مَثَلٍ جري في العرب قولهم‏:‏ المرأة من المرء وكلُّ أدْماء من آدمَ‏.‏

ومن الأمثال المشهورة قولهم‏:‏ سكَت ألفاً ونطق خَلْفاً‏.‏

قال أبو عبيد‏:‏ والخَلْف من القول‏:‏ السَّقط الرديء، والمثل للأحنف بن قيس كان يجالسه رجل يُطيل الصَّمت حتى أُعجب به، ثم إنه تكلم فقال للأحنف‏:‏ يا أبا بحر؛ هل تقدر أن تمشي على شرف المسجد‏؟‏ فعندها تمثّل بذلك‏.‏

وقال ابن دريد في أماليه‏:‏ حدثنا العكلي عن أبيه عن سليط بن سعد قال كان أكْثم بن صَيْغي يقول‏:‏ ربَّ عَجَلةٍ تَهَب ريثاً‏.‏ ادَّرعوا الليلَ فإنّ الليلَ أخْفى للويل‏.‏ المرءُ يَعْجز لا المحالة‏.‏ لا جماعةَ لمن اختلف‏.‏ لكلّ امرئ سلطان على أخيه حتى يأخذ السلاح فإنه كفى بالمشرفيّة واعظاً‏.‏ وأسرع العقوبات عقوبة البَغْي، وشر النّصرة التعدّي، وآلم الأخلاق أضيقها، وأسوأ الآداب سُرْعَةُ العِقاب ورُب قولٍ أنْفذ من صَوْل‏.‏ الحرُّ حرٌّ وإن مسَّه الضّر، والعَبْد عَبد وإن ساعده الجدّ، وإذا فزع الفؤاد ذهب الرّقاد‏.‏ رُبّ كلامٍ ليس فيه اكتتام‏.‏ حافظ على الصَّديق ولو في الحريق‏.‏ ليس من العَدْل سرعة العَذل، ليس بيَسيرٍ تقويمُ العسير، إذا بالغت في النَّصيحة هجمت بك على الفضيحة لو أنصف المظلوم لم يبق فينا مَلوم‏.‏ قد يبلغ الخَضْم بالقضم‏.‏ أسْتأْنِ أخاك فإنّ مع اليوم غداً‏.‏ كل ذات بَعْلٍ سَتئِيم‏.‏ النفس عروف فلا تطمع في كل ما تَسْمع‏.‏

ومن الأمثال قولهم‏:‏ إن فلاناً من رَطاتِه لا يعرفُ قطاتَه من لطاتِه؛ الرّطاة‏:‏ الحمق، والقطاة‏:‏ سفل الظهر، واللَّطاة‏:‏ الجَبْهة‏.‏

فصل- فيما جاء على أفعل في أمالي القالي يقال‏:‏ أجْوَدُ من لافِظة أي البحر، أجبت من صافِر وهو ما يَصْفِر من الطير؛ لأنه ليس من سِباعها‏.‏ أحذر من ضَبٍّ‏.‏ أسمع من قُراد‏.‏ أبْصَرُ من عُقاب‏.‏ أحْذَرُ من غُراب‏.‏ أنَوْمَ من فَهْد‏.‏ أخَفُّ رأساً من الذِّئب ومن الطائر‏.‏ و أفْحَش من فاسِية‏.‏ وهي الخُنْفُساء إذا حرّكوها فَسَتْ‏.‏ فأنْتَنت القومَ بخُبْثِ ريحها‏.‏ إنه لأصْنع من سُرْفة، وهي دابة غَبْراء من الدّود تكون في الحَمْضِ فتتَّخِذ بيتاً من كُسار عيدانه ثم تُلْزِقه بمثل نَسْج العنكبوت إلا أنه أصْلب، ثم تلزقه بعوُد من أعواد الشجر، وقد غطَّت رأسها وجميعها فتكون فيه‏.‏

أصنع من تَنَوُّطة وهي طائر تركّب عشَّها على عودين، ثم تطيل عشّها، فلا يصل الرجل إلى بيضها، حتى يدخلَ يدهُ إلى المنكب‏.‏

أخْرق من حمامة‏.‏ وذلك أنها تبيض بيضها على الأعواد البالية، فربما وقع بيضُها فتكَسَّر‏.‏ أظْلم من أفْعى‏.‏ وذلك أنها لا تَحْتَفِرُ جُحْراً، إنما تهجم على الحيّات في حِجَرَتها وتدخل في كل شَقّ وثَقْب‏.‏

وفي جامع الأمثال للقمّي‏:‏ أبلغ من قُسّ‏:‏ وهو قسّ بن ساعِدة الإيادي، وكان من حكماء العرب، وأعقل من سمع به منهم، وأول من قال‏:‏ أما بعد وأول من أقرّ بالبعث من غير عِلم، ويقال‏:‏ هو أنطق من قسّ، وأدْهى من قس‏.‏

أعيا من بَاقِل‏.‏ وهو رجل من إياد، وقيل من ربيعة‏.‏ اشترى ظَبياً بأحد عَشر درهماً، فمرّ بقوم فقالوا له‏:‏ بكم اشتريتَ الظبي‏؟‏ فمدّ يديه وأخرج لسانه يريدُ أحد عشر، فشرد الظَّبْي حين مدَّ يديه،وكان تحتَ إبطِه‏.‏

أحمَق من هَبّنقة‏.‏ وهو يَزيد بن ثَرْوان، أحد بني قيس بن ثعلبة ضلّ له بعير، فجعل ينادي‏:‏ من وجد بعيراً فهو له فقيل له‏:‏ فَلِم تنشده‏؟‏ قال‏:‏ فأين حلاوة الوجدان‏؟‏ واختصمت إليه بنو الطُّفَاوة وبنو راسب في مولودٍ ادَّعاه كلٌّ منهم، فقال‏:‏ الحُكم في هَذا يذهبُ به إلى نهر البصرة فيلقى فيه، فإن كان راسبياً رسب، وإن كان طُفاويّاً طفا، فقال الرجل‏:‏ لا أريد أن أكون من هذين الحيين، ويقال‏:‏ إنه كان يرعى غنم أهله فيرعى السّمان في العشب وينحّى المهازيل، فقيل له‏:‏ ويحك ما تصنع‏؟‏ قال‏:‏ لا أُصْلِح ما أفسد اللّه، ولا أفسِد ما أصلح اللّه، وقال الشاعر فيه‏:‏

عِش بجَدٍّ ولا يضرّك نَوْكٌ *** إنما عيشُ مَنْ تَرى بالجدُود

عِش بَجَدٍّ وكُنْ هَبَنَّقة القَي *** سيَّ نوكاً أو شَيْبَةَ بن الوليد

أبْخَل من مادِر‏.‏ أخْطب من سَحْبان وائل‏.‏ أنْسَب من دَغْفَل وهو رجل من بني ذهل، كان أنسب أهل زَمانه، سأله مُعاوية عن أشياء فخبّره بها، فقال‏:‏ بمَ علمت‏؟‏ قال بلسان سَؤُول، وقَلْب عقول، غيرَ أنّ للعلم آفة وإضاعة ونكداً واسِتجاعة؛ فآفتُه النسيان، وإضاعته أن يحدّث به مَنْ ليس مِن أهله، ونكده الكذب فيه، واستجاعته أن صاحبه منهوم لا يشبَع‏.‏ أجود من حاتم‏.‏ أجود من كعب بن مامة الإيادي‏.‏ أحلم من الأحنف بن قيس‏.‏ أغْزَل من امرئ القيس‏.‏

وفي الصحاح‏:‏ أبرد من عَضْرس، وهو البَرد‏.‏ أبَرّ من العَمَلّس، وهو رجل كان يحجُّ بأمه على ظهره‏.‏

أسألُ من فَلْحَس، وهو رجل كان يسأل سَهْماً في الجيش وهو في بيته فيعْطَى لعزِّه وسُودَده، فإذا أعطيه سألَ لامرأتِه، فإذا أعطيَه سأل لبعيره‏.‏

أسمَح من لافظَِة، يقال هي العنز، لأنها تُشْلى للحَلْب، وهي تجتزّ فتلفظ بِجِرها، وتقبل فَرَحاً منها بالحلب، ويقال‏:‏ هي التي تزق فرخها من الطير؛ لأنها تُخرج ما في جوفها وتطعمه، ويقال‏:‏ هي الرّحى، ويقال‏:‏ الديك، ويقال‏:‏ البحر، لأنه يلفًطُ بالعنبر والجواهر، والهاء فيه للمبالغة‏.‏

أشأم من خَوْتَعة، وهو رجل من بني غُفَيلة بن قاسط، دلّ على بني الزَّبّان الذُّهْلي حتى قُتلوا وحملت رؤوسهم على الدُّهيم‏.‏

وفي نوادر ابن الأعرابيّ‏:‏ يقال‏:‏ أخْدَع من ضبَ‏.‏ وذلك أنه إذا دخَل في جُحْره لم يقدر عليه‏.‏

ويقال‏:‏ أعقّ من ضبّ، وإنما يُراد به الأنثى، وأما الذكر فإنه إذا سفدها لم يقر بها بعد‏.‏ ويقال‏:‏ هو أروى من ضبّ، وذلك لأنه لا يشرب الماء إنما يستنشق الريح فيكفيه‏.‏

أغرب من العنقاء‏.‏ قال المطرزي في شرح المقامات‏:‏ وهي طائر عظيم معرف الاسم، مجهول الجِسم‏.‏ قال الخليل‏:‏ لم يبق في أيدي الناس من صِفتها غيرُ اسمها‏.‏ قال‏:‏ ويقال سميت عَنقاء؛ لأنه كان في عنقها بياض كالطَّوْق وقيل‏:‏ لطولٍ في عنقها، وكانت من أحسن الطير، فيها من كلِّ لون، وكانت تأكل الوحش والطير، وتخطفُ الصِّبيان، فدعا عليها خالد بن سنان العبسي نبيّ الفترة، فانقطع نَسْلها وانقرضت‏.‏ قال الجاحظ‏:‏ كل الأمم تضرب المثل بعنقاء في الشيء الذي يُسْمع ولا يُرى‏.‏