فصل: 584 - مَسْأَلَةٌ: وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَةِ‏:‏ الأَوْلِيَاءُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


584 - مَسْأَلَةٌ

وَأَحَقُّ النَّاسِ بِالصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتَةِ‏:‏ الأَوْلِيَاءُ‏:‏ وَهُمْ‏:‏ الأَبُ وَآبَاؤُهُ‏,‏ وَالاِبْنُ وَأَبْنَاؤُهُ‏,‏ ثُمَّ الإِخْوَةُ الأَشِقَّاءُ‏,‏ ثُمَّ الَّذِينَ لِلأَبِ‏,‏ ثُمَّ بَنُوهُمْ‏,‏ ثُمَّ الأَعْمَامُ لِلأَبِ وَالآُمِّ‏,‏ ثُمَّ لِلأَبِ ثُمَّ بَنُوهُمْ‏,‏ ثُمَّ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمَةٍ‏,‏ إلاَّ أَنْ يُوصِيَ الْمَيِّتُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ‏,‏ فَهُوَ أَوْلَى

ثُمَّ الزَّوْجُ‏,‏ ثُمَّ الأَمِيرُ أَوْ الْقَاضِي‏,‏ فَإِنْ صَلَّى غَيْرُ مَنْ ذَكَرْنَا أَجْزَأَ‏:‏ بُرْهَانُ ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏}‏ وَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ‏,‏ وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لاَ يُؤَمَّنَّ الرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ يَدْخُلُ فِيهِ‏:‏ ذُو الرَّحِمِ‏,‏ وَالزَّوْجُ‏,‏ فَإِذَا اجْتَمَعَا فَهُمَا سَوَاءٌ فِي الْحَدِيثِ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ وَذُو الرَّحِمِ أَوْلَى بِالآيَةِ‏,‏ ثُمَّ الزَّوْجُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِالْحَدِيثِ رُوِّينَاهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏,‏ أَنَّهُ قَالَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ‏:‏ أَبٌ‏,‏ أَوْ ابْنٌ‏,‏ أَوْ أَخٌ‏:‏ أَحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَاتَتْ‏:‏ الْوَلِيُّ دُونَ الزَّوْجِ وَعَنْ شُعْبَةَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا مَاتَتْ‏:‏ الأَخُ أَحَقُّ مِنْ الزَّوْجِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الْحَسَنِ‏:‏ كَانُوا يُقَدِّمُونَ الأَئِمَّةَ عَلَى جَنَائِزِهِمْ‏,‏ فَإِنْ تَدَارَءُوا فَالْوَلِيُّ‏,‏ ثُمَّ الزَّوْجُ‏.‏

فإن قيل‏:‏ قَدْ قَدَّمَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ‏:‏ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ عَلَى وَلِيٍّ لَهُ وَقَالَ‏:‏ لَوْلاَ أَنَّهَا سُنَّةٌ مَا قَدَّمْتُك وَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ لاِِخْوَةِ زَوْجَتِهِ‏:‏ أَنَا أَحَقُّ مِنْكُمْ قلنا‏:‏ لَمْ نَدَّعِ لَكُمْ إجْمَاعًا فَتُعَارِضُونَا بِهَذَا‏,‏ وَلَكِنْ إذَا تَنَازَعَ الأَئِمَّةُ وَجَبَ الرَّدُّ إلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ‏,‏ وَفِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ مَا أَوْرَدْنَا‏,‏ وَلَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى الرَّدَّ فِي التَّنَازُعِ إلَى غَيْرِ كَلاَمِهِ وَحُكْمِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وقال أبو حنيفة‏,‏ وَمَالِكٌ‏,‏ وَالشَّافِعِيُّ‏,‏ وَالأَوْزَاعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ‏:‏ الأَوْلِيَاءُ أَحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ‏,‏ إلاَّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ‏:‏ إنْ كَانَ وَلَدُهَا ابْنَ زَوْجِهَا الْحَاضِرُ فَالزَّوْجُ أَبُو الْوَلَدِ أَحَقُّ وَهَذَا لاَ مَعْنَى لَهُ‏,‏ لأَِنَّهُ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ ‏.‏

585 - مَسْأَلَةٌ

وَأَحَقُّ النَّاسِ بِإِنْزَالِ الْمَرْأَةِ فِي قَبْرِهَا مَنْ لَمْ يَطَأْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ‏,‏ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا‏,‏ حَضَرَ زَوْجُهَا أَوْ أَوْلِيَاؤُهَا أَوْ لَمْ يَحْضُرُوا‏,‏ وَأَحَقُّهُمْ بِإِنْزَالِ الرَّجُلِ أَوْلِيَاؤُهُ أَمَّا الرَّجُلُ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ‏}‏ وَهَذَا عُمُومٌ‏,‏ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلاَّ بِنَصٍّ‏.‏

وأما الْمَرْأَةُ فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَانِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ حَدَّثَنَا قَالَ

حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الْمُسْنَدِيُّ، حدثنا أَبُو عَامِرٍ هُوَ الْعَقَدِيُّ، حدثنا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ شَهِدْنَا بِنْتًا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ عَلَى الْقَبْرِ‏,‏ فَرَأَيْت عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ هَلْ مِنْكُمْ رَجُلٌ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ‏:‏ أَنَا‏,‏ قَالَ‏:‏ فَانْزِلْ فَنَزَلَ فِي قَبْرِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الطَّلْمَنْكِيُّ، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ الصَّمُوتُ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حدثنا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ أَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ ابْنَتُهُ رضي الله عنها‏:‏ لاَ يَدْخُلْ الْقَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ اللَّيْلَةَ‏,‏ فَلَمْ يَدْخُلْ عُثْمَانُ قال أبو محمد‏:‏ الْمُقَارَفَةُ الْوَطْءُ‏,‏ لاَ مُقَارَفَةُ الذَّنْبِ‏.‏

وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَتَزَكَّى أَبُو طَلْحَةَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِفْ ذَنْبًا‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ مَنْ لَمْ يَطَأْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَوْلَى مِنْ الأَبِ وَالزَّوْجِ وَغَيْرِهِمَا

586- بَقِيَّةٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ‏:‏ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ‏:‏ قال أبو محمد‏:‏ وَاسْتَدْرَكْنَا الْوَصِيَّةَ بِأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْمُوصِي غَيْرُ الْوَلِيِّ وَغَيْرُ الزَّوْجِ

وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَقَدْ ذَكَرَ وَصِيَّةَ الْمُحْتَضَرِ قَالَ ‏{‏فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْد مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ‏}

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ‏:‏ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله تعالى عنها أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ غَيْرُ أَمِيرٍ، وَلاَ وَلِيٍّ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهَا، وَلاَ مِنْ قَوْمِهَا‏,‏ وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ رضي الله تعالى عنهم وَبِهِ إلَى سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ‏:‏ أَنَّ أَبَا مَيْسَرَةَ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ شُرَيْحٌ وَلَيْسَ مِنْ قَوْمِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ‏:‏ أَنَّ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيَّ أَوْصَى أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ الأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ‏.‏

587 - مَسْأَلَةٌ

وَتَقْبِيلُ الْمَيِّتِ جَائِزٌ

حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ أَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ وَيُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏,‏ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَتْهُ ‏"‏ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُسَجًّى بِبُرْدِ حِبَرَةٍ تَعْنِي إذْ مَاتَ عليه السلام قَالَتْ‏:‏ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ‏,‏ ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ‏,‏ ثُمَّ بَكَى وَقَالَ‏:‏ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ ‏"‏‏.‏

وَذَكَرَ الْحَدِيثَ‏.‏

588 - مَسْأَلَةٌ

وَيُسَجَّى الْمَيِّتُ بِثَوْبٍ وَيُجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ مَا يَمْنَعُ انْتِفَاخَهُ

أَمَّا التَّسْجِيَةُ فَلِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكُلُّ مَا فُعِلَ فِيهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ حَقٌّ‏,‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاَللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ‏}‏ وَهَذَا عُمُومٌ‏,‏ لاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ إلاَّ بِنَصٍّ وأما قَوْلُنَا‏:‏ يُوضَعُ عَلَى بَطْنِهِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى‏}‏ وَكُلُّ مَا فِيهِ رِفْقٌ بِالْمُسْلِمِ وَدَفْعٌ لِلْمَثُلَةِ عَنْهُ‏,‏ فَهُوَ بِرٌّ وَتَقْوَى ‏.‏

589 - مَسْأَلَةٌ

وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ‏,‏ وَالْبُكَاءُ مُبَاحٌ‏,‏ مَا لَمْ يَكُنْ نَوْحٌ

فَإِنَّ النَّوْحَ حَرَامٌ‏,‏ وَالصِّيَاحَ‏,‏ وَخَمْشَ الْوُجُوهِ وَضَرْبَهَا‏,‏ وَضَرْبَ الصَّدْرِ‏,‏ وَنَتْفَ الشَّعْرِ وَحَلْقَهُ لِلْمَيِّتِ‏:‏ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ‏,‏ وَكَذَلِكَ الْكَلاَمُ الْمَكْرُوهُ الَّذِي هُوَ تَسَخُّطٌ لاَِقْدَارِ اللَّهِ تَعَالَى‏,‏ وَشَقُّ الثِّيَابِ

حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا آدَم، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي‏.‏

وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الآُولَى‏.‏

وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ

حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ حَدَّثَنِي قُرَيْشٌ، هُوَ ابْنُ حَيَّانَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ دَخَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ‏,‏ فَجَعَلَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَذْرِفَانِ‏,‏ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ‏:‏ وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ‏:‏ يَا ابْنَ عَوْفٍ‏,‏ إنَّهَا رَحْمَةٌ‏,‏ الْعَيْنُ تَدْمَعُ‏,‏ وَالْقَلْبُ يَحْزَنُ‏,‏ وَلاَ نَقُولُ إلاَّ مَا يُرْضِي رَبَّنَا‏,‏ وَإِنَّا بِفِرَاقِك يَا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏.‏

فَهَذَا إبَاحَةُ الْحُزْنِ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى دَفْعِهِ‏,‏ وَ لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلاَّ وُسْعَهَا وَفِيهِ إبَاحَةُ الْبُكَاءِ‏,‏ وَتَحْرِيمُ الْكَلاَمِ بِمَا لاَ يُرْضِي اللَّهَ تَعَالَى وَبِهِ إلَى الْبُخَارِيِّ

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنَا حِبَّانُ بْنُ هِلاَلٍ، حدثنا أَبَانُ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ زَيْدًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا سَلاَمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا مَالِكٍ الأَشْعَرِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ‏:‏ الْفَخْرُ فِي الأَحْسَابِ‏,‏ وَالطَّعْنُ فِي الأَنْسَابِ‏,‏ وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ‏,‏ وَالنِّيَاحَةُ‏,‏ النَّائِحَةُ إذَا مَاتَتْ وَلَمْ تَتُبْ قَبْلَ مَوْتِهَا تُقَامُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَعَلَيْهَا سِرْبَالٌ مِنْ قَطِرَانٍ‏,‏ وَدِرْعٌ مِنْ جَرَبٍ‏.‏

وَبِهِ إلَى مُسْلِمٍ

حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُمَيْدٍ‏,‏ وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالاَ‏:‏ أرنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ أَنَا أَبُو عُمَيْسٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَبَا صَخْرَةَ يَذْكُرُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ أُغْمِيَ عَلَى أَبِي مُوسَى فَأَقْبَلَتْ امْرَأَتُهُ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ تَصِيحُ بِرَنَّةٍ‏,‏ فَأَفَاقَ قَالَ‏:‏ أَلَمْ تَعْلَمِي وَكَانَ يُحَدِّثُهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ حَلَقَ وَسَلَقَ وَخَرَقَ وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ

حدثنا أَصْبَغُ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ اشْتَكَى سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَعَادَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏,‏ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ‏,‏ وَابْنِ مَسْعُودٍ‏,‏ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي غَاشِيَتِهِ فَبَكَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا رَأَى الْقَوْمُ بُكَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَكَوْا‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَلاَ تَسْمَعُونَ إنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ‏,‏ وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا وَأَشَارَ إلَى لِسَانِهِ أَوْ يَرْحَمُ‏,‏ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ‏.‏

قال أبو محمد هَذَا الْخَبَرُ بِتَمَامِهِ يُبَيِّنُ مَعْنَى مَا وَهَلَ فِيهِ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مِنْ قَوْلِهِ عليه السلام‏:‏ إنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ‏.‏

وَلاَحَ بِهَذَا أَنَّ هَذَا الْبُكَاءَ الَّذِي يُعَذَّبُ بِهِ الْمَيِّتُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي لاَ يُعَذَّبُ بِهِ مِنْ دَمْعِ الْعَيْنِ‏,‏ وَحُزْنِ الْقَلْبِ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّهُ الْبُكَاءُ بِاللِّسَانِ‏,‏ إذْ يُعَذِّبُونَهُ بِرِيَاسَتِهِ الَّتِي جَارَ فِيهَا فَعُذِّبَ عَلَيْهَا‏,‏ وَشَجَاعَتِهِ الَّتِي يُعَذَّبُ عَلَيْهَا‏,‏ إذْ صَرَفَهَا فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى‏,‏ وَبِجُودِهِ الَّذِي أَخَذَ مَا جَادَ بِهِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ‏,‏ وَوَضَعَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ فَأَهْلُهُ يَبْكُونَهُ بِهَذِهِ الْمَفَاخِرِ‏,‏ وَهُوَ يُعَذَّبُ بِهَا بِعَيْنِهَا‏,‏ وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِمَنْ يَتَكَلَّفُ فِي ظَاهِرِ الْخَبَرِ مَا لَيْسَ فِيهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏:‏ وَقَدْ رُوِّينَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ الْبُكَاءَ عَلَى الْمَيِّتِ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ اللَّهُ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ‏.‏

590 - مَسْأَلَةٌ

وَإِذَا مَاتَ الْمُحْرِمُ مَا بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إنْ كَانَ حَاجًّا‏,‏ أَوْ أَنْ يُتِمَّ طَوَافَهُ وَسَعْيَهُ‏,‏ إنْ كَانَ مُعْتَمِرًا فَإِنَّ الْفَرْضَ أَنْ يُغَسَّلَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ فَقَطْ إنْ وُجِدَ السِّدْرُ

وَلاَ يُمَسُّ بِكَافُورٍ، وَلاَ بِطَيِّبٍ‏,‏ وَلاَ يُغَطَّى وَجْهُهُ‏,‏ وَلاَ رَأْسُهُ، وَلاَ يُكَفَّنُ إلاَّ فِي ثِيَابِ إحْرَامِهِ فَقَطْ‏,‏ أَوْ فِي ثَوْبَيْنِ غَيْرَ ثِيَابِ إحْرَامِهِ‏.‏

وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فَكَذَلِكَ‏,‏ إلاَّ أَنَّ رَأْسَهَا تُغَطَّى وَيُكْشَفُ وَجْهُهَا‏,‏ وَلَوْ أُسْدِلَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا فَلاَ بَأْسَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُقَنَّعَ فَمَنْ مَاتَ مِنْ مُحْرِمٍ‏,‏ أَوْ مُحْرِمَةٍ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ فَكَسَائِرِ الْمَوْتَى‏,‏ رَمَى الْجِمَارَ أَوْ لَمْ يَرْمِهَا وقال أبو حنيفة‏,‏ وَمَالِكٌ‏:‏ هُمَا كَسَائِرِ الْمَوْتَى فِي كُلِّ ذَلِكَ‏:‏ بُرْهَانُ قَوْلِنَا‏:‏ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حدثنا شُعْبَةُ سَمِعْت أَبَا بِشْرٍ هُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَأَقْصَعَتْهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‏,‏ وَيُكَفَّنُ فِي ثَوْبَيْنِ‏,‏ خَارِجَ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ‏,‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ أَنَا أَبُو دَاوُد هُوَ الْحَفْرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ هُوَ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَاتَ رَجُلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَسِّلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‏,‏ وَكَفِّنُوهُ فِي ثِيَابِهِ‏,‏ وَلاَ تُخَمِّرُوا وَجْهَهُ، وَلاَ رَأْسَهُ‏,‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَةَ‏,‏ إذْ وَقَعَ مِنْ رَاحِلَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‏,‏ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ‏,‏ وَلاَ تُحَنِّطُوهُ‏,‏ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ‏,‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَارِمٌ، حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً وَقَصَهُ بَعِيرُهُ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُحْرِمٌ‏,‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ‏,‏ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ‏,‏ وَلاَ تَمَسُّوهُ طِيبًا‏,‏ وَلاَ تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ‏,‏ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّدًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد السِّجِسْتَانِيِّ، حدثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا جَرِيرٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ، هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ عَنْ الْحَكَمِ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ وَقَصَتْ بِرَجُلٍ مُحْرِمٍ نَاقَتُهُ فَقَتَلَتْهُ‏,‏ فَأُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ اغْسِلُوهُ وَكَفِّنُوهُ، وَلاَ تُغَطُّوا رَأْسَهُ، وَلاَ تُقَرِّبُوهُ طِيبًا‏,‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يُهِلُّ‏.‏

فَهَذَا لاَ يَسَعُ أَحَدًا خِلاَفُهُ‏,‏ لأَِنَّهُ كَالشَّمْسِ صِحَّةً‏,‏ رَوَاهُ شُعْبَةُ‏,‏ وَسُفْيَانُ‏,‏ وَأَبُو عَوَانَةَ‏,‏ وَمَنْصُورٌ‏,‏ وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ‏.‏

وَرَوَاهُ قَبْلَهُمْ أَبُو بِشْرٍ‏,‏ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ‏,‏ وَالْحَكَمُ‏,‏ وَأَيُّوبُ‏,‏ وَأَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ كُلُّهُمْ‏,‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ شَهِدَ الْقِصَّةَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ‏,‏ آخِرَ حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَّتْ أَلْفَاظُ هَذَا الْخَبَرِ كُلُّهَا‏,‏ فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُ شَيْءٍ مِنْهَا‏,‏ وَأَمَرَ عليه السلام بِذَلِكَ فِي مُحْرِمٍ سُئِلَ عَنْهُ‏,‏ وَالْمُحْرِمُ يَعُمُّ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ‏,‏ وَالْبَعْثُ وَالتَّلْبِيَةُ يَجْمَعُهُمَا‏,‏ وَبِهِمَا جَاءَ الأَثَرُ‏,‏ وَالسَّبَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْحُكْمِ‏.‏

فإن قيل‏:‏ إنَّكُمْ تُجِيزُونَ لِلْمُحْرِمِ الْحَقَّ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ‏,‏ وَتَمْنَعُونَ ذَلِكَ الْمَيِّتَ قلنا‏:‏ نَعَمْ‏,‏ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَلاَ يَحِلُّ الاِعْتِرَاضُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَأْمُرْ الْمُحْرِمَ الْحَيَّ بِكَشْفِ وَجْهِهِ‏,‏ وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ‏,‏ فَوَقَفْنَا عِنْدَ أَمْرِهِ عليه السلام‏,‏ وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى إنْ هُوَ إلاَّ وَحْيٌ يُوحَى وَمَا نَدْرِي مِنْ أَيْنَ وَقَعَ لَهُمْ أَنْ لاَ يُفَرِّقَ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ حُكْمِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ وَالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ أَمْ فِي أَيِّ سُنَّةٍ وَجَدُوا ذَلِكَ أَمْ فِي أَيِّ دَلِيلِ عَقْلٍ ثُمَّ هُمْ أَوَّلُ قَائِلِينَ بِهَذَا نَفْسِهِ‏,‏ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ حُكْمِ الْمُحْرِمِ الْحَيِّ وَالْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ بِآرَائِهِمْ الْفَاسِدَةِ‏,‏ وَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

وقال بعضهم هَذَا‏:‏ خُصُوصٌ لِذَلِكَ الْمُحْرِمِ‏.‏

فَقُلْنَا‏:‏ هَذَا الْكَذِبُ مِنْكُمْ‏;‏ لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَفْتَى بِذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ يَمُوتُ إذْ سُئِلَ عَنْهُ‏,‏ كَمَا أَفْتَى فِي الْمُسْتَحَاضَةِ‏,‏ وَكَمَا أَفْتَى أُمَّ سَلَمَةَ فِي أَنْ لاَ تَحِلَّ ضَفْرَ رَأْسِهَا فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَسَائِرِ مَا اُسْتُفْتِيَ فِيهِ عليه السلام فَأَفْتَى فِيهِ فَكَانَ عُمُومًا‏.‏

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنَّهُمْ أَتَوْا إلَى قَوْلِهِ عليه السلام فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّدًا ‏"‏ وَيُلَبِّي ‏"‏ ‏"‏ وَيُهِلُّ ‏"‏ فَلَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ‏,‏ وَأَوْقَفُوهُ عَلَى إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ‏,‏ وَأَتَوْا إلَى مَا خَصَّهُ عليه السلام مِنْ الْبُرِّ‏,‏ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ‏,‏ وَالْمِلْحِ‏,‏ وَالذَّهَبِ‏,‏ وَالْفِضَّةِ‏:‏ فَتَعَدَّوْا بِحُكْمِهَا إلَى مَا لَمْ يَحْكُمْ عليه السلام قَطُّ بِهَذَا الْحُكْمِ فِيهِ فَإِنَّمَا أَوْلَعُوا بِمُخَالَفَةِ الأَوَامِرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا وقال بعضهم‏:‏ قَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ‏:‏ تَحْنِيطُ الْمُحْرِمِ إذَا مَاتَ‏,‏ وَتَطْيِيبُهُ‏,‏ وَتَخْمِيرُ رَأْسِهِ قلنا‏:‏ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُثْمَانَ‏,‏ وَغَيْرِهِ خِلاَفُ ذَلِكَ‏:‏ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ‏:‏ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ مُعْتَمِرًا مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ‏,‏ فَمَاتَ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ‏,‏ فَلَمْ يُغَيِّبْ عُثْمَانُ رَأْسَهُ‏,‏ وَلَمْ يُمْسِسْهُ طِيبًا‏,‏ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، حدثنا أَبِي قَالَ‏:‏ تُوُفِّيَ عُبَيْدُ بْنُ يَزِيدَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يُغَيِّبْ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ رَأْسَهُ فِي النَّعْشِ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ فِي الْمُحْرِمِ‏,‏ يُغْسَلُ رَأْسُهُ بِالْمَاءِ وَالسِّدْرِ‏,‏ وَلاَ يُغَطَّى رَأْسُهُ‏,‏ وَلاَ يَمَسُّ طِيبًا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ‏,‏ وَغَيْرِهِمْ وَالْعَجَبُ أَنَّ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ‏:‏ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ‏,‏ وَهُمْ يَدَّعُونَ الإِجْمَاعَ فِي أَقَلَّ مِنْ هَذَا كَدَعْوَاهُمْ فِي الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ‏:‏ ثَمَانِينَ‏,‏ وَغَيْرَ ذَلِكَ فإن قيل‏:‏ قَدْ خَالَفَ ابْنُ عُمَرَ عُثْمَانَ بَعْدَ ذَلِكَ‏,‏ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعًا قلنا‏:‏ وَقَدْ خَالَفَ‏:‏ عُثْمَانُ‏,‏ وَعَلِيٌّ‏,‏ وَالْحَسَنُ‏,‏ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ‏:‏ فِي حَدِّ الْخَمْرِ بَعْدَ عُمَرَ‏,‏ فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ إجْمَاعًا وَإِذَا تَنَازَعَ السَّلَفُ فَالْفَرْضُ عَلَيْنَا رَدُّ مَا تَنَازَعُوا فِيهِ إلَى الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ لاَ إلَى قَوْلِ أَحَدٍ دُونَهُمَا وَمِنْ طَرَائِفِ الدُّنْيَا احْتِجَاجُهُمْ فِي هَذَا بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ خَمِّرُوا وُجُوهَهُمْ‏,‏ وَلاَ تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ‏.‏

وَهَذَا بَاطِلٌ لِوُجُوهٍ‏:‏ أَوَّلُهَا أَنَّهُ مُرْسَلٌ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي مُرْسَلٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ، وَلاَ دَلِيلٌ لَوْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُحْرِمِ أَصْلاً‏,‏ بَلْ كَانَ يَكُونُ فِي سَائِرِ الْمَوْتَى وَثَالِثُهَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَهُ عليه السلام أَصْلاً‏;‏ لأَِنَّهُ عليه السلام لاَ يَقُولُ إلاَّ الْحَقَّ‏,‏ وَالْيَهُودُ لاَ تَكْشِفُ وُجُوهَ مَوْتَاهَا‏.‏

فَصَحَّ أَنَّهُ بَاطِلٌ‏,‏ سَمِعَهُ عَطَاءٌ مِمَّنْ لاَ خَيْرَ فِيهِ أَوْ مِمَّنْ وَهَمَ وَالرَّابِعُ‏:‏ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مُسْنَدًا فِي الْمُحْرِمِينَ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ‏;‏ لأَِنَّ خَبَرَ ابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ الآخَرُ بِلاَ شَكٍّ‏,‏ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يَقُولَ عليه السلام فِي أَمْرٍ أَمَرَ بِهِ أَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ‏,‏ وَجَائِزٌ أَنْ يَنْهَى عَنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ‏,‏ ثُمَّ يَأْمُرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ‏,‏ لاَ تَشَبُّهًا بِهِمْ كَمَا قَالَ عليه السلام فِي قَوْلِ الْيَهُودِيَّةِ فِي عَذَابِ الْقَبْرِ‏,‏ ثُمَّ أَتَاهُ الْوَحْيُ بِصِحَّةِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا بِالْخَبَرِ الثَّابِتِ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاَثٍ‏:‏ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ‏,‏ وَعِلْمٌ عَلَّمَهُ‏,‏ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ‏.‏

وَهَذَا لاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلاً‏;‏ لأَِنَّهُ إنَّمَا فِيهِ أَنَّهُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ‏,‏ وَهَكَذَا نَقُولُ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ يَنْقَطِعُ عَمَلُ غَيْرِهِ فِيهِ‏,‏ بَلْ غَيْرُهُ مَأْمُورٌ فِيهِ بِأَعْمَالٍ مُفْتَرَضَةٍ‏,‏ مِنْ غُسْلٍ‏,‏ وَصَلاَةٍ‏,‏ وَدَفْنٍ‏,‏ وَغَيْرِ ذَلِكَ‏,‏ وَهَذَا الْعَمَلُ لَيْسَ هُوَ عَمَلُ الْمُحْرِمِ الْمَيِّتِ‏,‏ إنَّمَا هُوَ عَمَلُ الأَحْيَاءِ فَظَهَرَ تَخْلِيطُهُمْ وَتَمْوِيهُهُمْ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إلاَّ مَا سَعَى وَهَذِهِ إحَالَةٌ مِنْهُمْ لِلْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ‏,‏ وَلَمْ نَقُلْ قَطُّ‏:‏ إنَّ هَذَا مِنْ سَعْيِ الْمَيِّتِ‏,‏ وَلَكِنَّهُ مِنْ سَعْيِ الأَحْيَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْمَيِّتِ كَمَا أُمِرْنَا بِأَنْ لاَ نُغَسِّلَ الشَّهِيدَ، وَلاَ نُكَفِّنَهُ‏,‏ وَأَنْ نَدْفِنَهُ فِي ثِيَابِهِ‏,‏ وَلَيْسَ هُوَ عَمَلُ الشَّهِيدِ، وَلاَ سَعْيُهُ‏,‏ لَكِنَّهُ عَمَلُنَا فِيهِ وَسَعْيُنَا لاَِنْفُسِنَا الَّذِي أُمِرْنَا بِهِ فِيهِ، وَلاَ فَرْقَ وَالْقَوْلُ مُتَحَكِّمُونَ بِالآرَاءِ الْفَاسِدَةِ، وَلاَ مَزِيدَ إلاَّ إنْ كَانُوا يَحُومُونَ حَوْلَ أَنْ يَعْتَرِضُوا بِهَذَا كُلِّهِ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ مُلَبِّدًا ‏"‏ يُلَبِّي ‏"‏ ‏"‏ وَيُهِلُّ ‏"‏ فَهَذَا رِدَّةٌ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عليه السلام إنَّ الْمُحْرِمَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُلَبِّي وَيُهِلُّ وَمُلَبِّدًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ عليه السلام إنَّ مَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَثْعَبُ دَمًا‏,‏ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ‏,‏ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ‏.‏

وَكُلُّ هَذِهِ فَضَائِلُ لاَ تُنْسَخُ، وَلاَ تُرَدُّ‏,‏ وَالْقَوْمُ أَصْحَابُ قِيَاسٍ بِزَعْمِهِمْ‏,‏ فَهَلاَّ قَالُوا‏:‏ الْمَقْتُولُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏,‏ وَالْمَيِّتُ مُحْرِمًا‏:‏ كِلاَهُمَا مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى‏,‏ وَحُكْمُ أَحَدِهِمَا خِلاَفُ حُكْمِ الْمَوْتَى‏,‏ فَكَذَلِكَ الآخَرُ وَلَكِنَّهُمْ لاَ النُّصُوصَ يَتَّبِعُونَ‏,‏ وَلاَ الْقِيَاسَ يُحْسِنُونَ‏,‏ وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ الشَّبَهَ بَيْنَ الْجِهَادِ‏,‏ وَالْحَجِّ أَقْرَبُ مِنْ الشَّبَهِ بَيْنَ السَّرِقَةِ‏,‏ وَالنِّكَاحِ ‏.‏

591 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ الْقِيَامَ لِلْجِنَازَةِ إذَا رَآهَا الْمَرْءُ وَإِنْ كَانَتْ جِنَازَةَ كَافِرٍ حَتَّى تُوضَعَ أَوْ تَخْلُفَهُ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ فَلاَ حَرَجَ

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا قُتَيْبَةُ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إذَا رَأَى أَحَدُكُمْ الْجِنَازَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاشِيًا مَعَهَا فَلْيَقُمْ حَتَّى يَخْلُفَهَا أَوْ تَخْلُفَهُ أَوْ تُوضَعَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَخْلُفَهُ‏.‏

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ‏,‏ وَابْنِ جُرَيْجٍ‏,‏ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ‏,‏ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ‏,‏ كُلِّهِمْ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مُسْنَدًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ مُسْنَدًا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا مُسْلِمٌ، هُوَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، حدثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ إذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا‏,‏ فَمَنْ تَبِعَهَا فَلاَ يَقْعُدْ حَتَّى تُوضَعَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا مُعَاذُ بْنُ فُضَالَةَ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ مَرَّ بِنَا جِنَازَةٌ‏,‏ فَقَامَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَقُمْنَا بِهِ فَقُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏,‏ إنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قَالَ‏:‏ فَإِذَا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا وَبِهِ يَأْخُذُ أَبُو سَعِيدٍ وَيَرَاهُ وَاجِبًا، وَابْنُ عُمَرَ‏,‏ وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ‏,‏ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ‏,‏ وَأَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ‏,‏ وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ‏,‏ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ‏,‏ وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ‏,‏ وَقَتَادَةُ‏,‏ وَابْنُ سِيرِينَ‏,‏ وَالنَّخَعِيُّ‏,‏ وَالشَّعْبِيُّ‏,‏ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، حدثنا اللَّيْثُ، هُوَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الأَنْصَارِيُّ عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ مَسْعُودَ بْنَ الْحَكَمِ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَعَدَ يَعْنِي لِلْجِنَازَةِ فَكَانَ قُعُودُهُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَمْرِهِ بِالْقِيَامِ مُبَيِّنًا أَنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ‏,‏ وَلَيْسَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا نَسْخًا‏;‏ لأَِنَّهُ لاَ يَجُوزُ تَرْكُ سُنَّةٍ مُتَيَقَّنَةٍ إلاَّ بِيَقِينِ نَسْخٍ‏,‏ وَالنَّسْخُ لاَ يَكُونُ إلاَّ بِالنَّهْيِ‏,‏ أَوْ بِتَرْكٍ مَعَهُ نَهْيٌ فإن قيل‏:‏ قَدْ رَوَيْتُمْ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ وَاقِدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ‏:‏ قُمْت إلَى جَنْبِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي جِنَازَةٍ‏,‏ فَقَالَ لِي‏:‏ حَدَّثَنِي مَسْعُودُ بْنُ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْقِيَامِ‏.‏

ثُمَّ أَمَرَنَا بِالْجُلُوسِ فَهَلاَّ قَطَعْتُمْ بِالنَّسْخِ بِهَذَا الْخَبَرِ قلنا‏:‏ كُنَّا نَفْعَلُ ذَلِكَ‏,‏ لَوْلاَ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا يُوسُفُ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الأَعْوَرُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ عَجْلاَنَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ مَا رَأَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهِدَ جِنَازَةً قَطُّ فَجَلَسَ حَتَّى تُوضَعَ‏.‏

فَهَذَا عَمَلُهُ عليه السلام الْمُدَاوِمُ‏,‏ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ مَا فَارَقَاهُ عليه السلام حَتَّى مَاتَ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّ أَمْرَهُ بِالْجُلُوسِ إبَاحَةٌ وَتَخْفِيفٌ‏,‏ وَأَمْرَهُ بِالْقِيَامِ وَقِيَامَهُ نَدْبٌ وَمِمَّنْ كَانَ يَجْلِسُ‏:‏ ابْنُ عَبَّاسٍ‏,‏ وَأَبُو هُرَيْرَةَ‏,‏ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ‏.‏

592 - مَسْأَلَةٌ

وَيَجِبُ الإِسْرَاعُ بِالْجِنَازَةِ

وَنَسْتَحِبُّ أَنْ لاَ يَزُولَ عَنْهَا مَنْ صَلَّى عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ‏,‏ فَإِنْ انْصَرَفَ قَبْلَ الدَّفْنِ فَلاَ حَرَجَ‏,‏ وَلاَ مَعْنَى لاِنْتِظَارِ إذْنِ وَلِيِّ الْجِنَازَةِ أَمَّا وُجُوبُ الإِسْرَاعِ‏,‏ فَلِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حدثنا أَبُو الطَّاهِرِ، حدثنا ابْنُ وَهْبٍ‏:‏ أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ أَسْرِعُوا بِالْجِنَازَةِ‏,‏ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَرَّبْتُمُوهَا إلَى الْخَيْرِ‏,‏ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ شَرًّا تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ‏.‏

وَهُوَ عَمَلُ الصَّحَابَةِ‏,‏ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ وَهُشَيْمٍ كِلاَهُمَا عَنْ عُيَيْنَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ‏:‏ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّا لَنَكَادُ نَرْمُلُ بِالْجِنَازَةِ رَمَلاً‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْيَعْمُرِيِّ عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ‏,‏ فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ‏.‏

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مُغَفَّلٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا صَحِيحًا قال أبو محمد‏:‏ الإِسْرَاعُ بِهَا أَمْرٌ‏,‏ وَهَذَا الآخَرُ نَدْبٌ‏,‏ وَفِي إبَاحَتِهِ عليه السلام لِمَنْ صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ لاَ يَشْهَدَ دَفْنَهَا وَجُعِلَ لَهُ مَعَ ذَلِكَ قِيرَاطُ أَجْرٍ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ‏:‏ بَيَانٌ جَلِيٌّ بِأَنَّهُ لاَ مَعْنَى لاِِذْنِ صَاحِبِ الْجِنَازَةِ‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ إذَا صَلَّيْت عَلَى الْجِنَازَةِ فَقَدْ قَضَيْت الَّذِي عَلَيْك‏,‏ فَخَلِّهَا وَأَهْلَهَا‏,‏ وَكَانَ يَنْصَرِفُ، وَلاَ يَسْتَأْذِنُهُمْ وَبِهِ إلَى مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يَنْصَرِفُ، وَلاَ يَنْتَظِرُ إذْنَهُمْ‏,‏ يَعْنِي فِي الْجِنَازَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ مَعْمَرٌ‏.‏

قَالَ مَعْمَرٌ‏:‏ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ‏,‏ وَقَتَادَةَ‏.‏

وَصَحَّ عَنْ الْقَاسِمِ‏,‏ وَسَالِمٍ‏,‏ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ‏.‏

593 - مَسْأَلَةٌ

وَيَقِفُ الإِمَامُ إذَا صَلَّى عَلَى الْجِنَازَةِ قُبَالَةَ رَأْسِهِ وَمِنْ الْمَرْأَةِ قُبَالَةَ وَسَطِهَا‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقِفُ مِنْ الرَّجُلِ قُبَالَةَ وَسَطِهِ‏,‏ وَمِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ مَنْكِبِهَا

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا‏:‏ يَقِفُ قُبَالَةَ الصَّدْرِ مِنْ كِلَيْهِمَا بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد

حدثنا دَاوُد بْنُ مُعَاذٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي غَالِبٍ نَافِعٍ قَالَ شَهِدْت جِنَازَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ‏,‏ فَصَلَّى عَلَيْهَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَنَا خَلْفَهُ‏,‏ فَقَامَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَكَبَّرَ أَرْبَعَ تَكْبِيرَاتٍ‏,‏ ثُمَّ قَالُوا‏:‏ يَا أَبَا حَمْزَةَ‏,‏ الْمَرْأَةُ الأَنْصَارِيَّةُ فَقَرَّبُوهَا وَعَلَيْهَا نَعْشٌ أَخْضَرُ‏,‏ فَقَامَ عَلَيْهَا عِنْدَ عَجِيزَتِهَا‏,‏ فَصَلَّى عَلَيْهَا نَحْوَ صَلاَتِهِ عَلَى الرَّجُلِ فَقَالَ لَهُ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ‏:‏ يَا أَبَا حَمْزَةَ‏,‏ هَكَذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ كَصَلاَتِكَ‏,‏ يُكَبِّرُ عَلَيْهَا أَرْبَعًا‏,‏ وَيَقُومُ عِنْدَ رَأْسِ الرَّجُلِ وَعَجِيزَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ‏:‏ نَعَمْ وَرُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ، حدثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ أَبِي غَالِبٍ فَذَكَرَ حَدِيثَ أَنَسٍ هَذَا‏,‏ وَفِي آخِرِهِ‏:‏ فَأَقْبَلَ الْعَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ‏:‏ احْفَظُوا قال أبو محمد‏:‏ هَذَا مَكَانٌ خَالَفَ فِيهِ الْحَنَفِيُّونَ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ أُصُولَهُمْ‏;‏ لأَِنَّهُمْ يُشَنِّعُونَ بِخِلاَفِ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ‏,‏ وَهَذَا صَاحِبٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ‏,‏ وَقَدْ خَالَفُوهُ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَحْمَدَ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ‏,‏ وَإِلَيْهِ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ، وَلاَ نَعْلَمُ لِمَنْ قَالَ‏:‏ يَقِفُ فِي كِلَيْهِمَا عِنْدَ الْوَسَطِ‏:‏ حُجَّةً‏,‏ إلاَّ أَنَّهُمْ قَالُوا‏:‏ قِسْنَا ذَلِكَ عَلَى وُقُوفِ الإِمَامِ مُقَابِلَ وَسَطِ الصَّفِّ خَلْفَهُ‏,‏ وَهَذَا أَسْخَفُ قِيَاسٍ فِي الْعَالَمِ‏;‏ لأَِنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ مَأْمُومًا لِلإِمَامِ فَيَقِفُ وَسَطَهُ وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ‏:‏ يَقِفُ عِنْدَ الصَّدْرِ أَنَّهُمْ قَالُوا‏:‏ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ اتِّخَاذِ النُّعُوشِ‏,‏ فَيَسْتُرُ الْمَرْأَةَ مِنْ النَّاسِ وَهَذَا بَاطِلٌ‏,‏ وَدَعْوَى كَاذِبَةٌ بِلاَ بُرْهَانٍ‏,‏ وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُ‏.‏

ثُمَّ مَعَ كَذِبِهِ بَارِدٌ بَاطِلٌ‏,‏ لأَِنَّهُ وَإِنْ سَتَرَ عَجِيزَتَهَا عَنْ النَّاسِ لَمْ يَسْتُرْهَا عَنْ نَفْسِهِ‏,‏ وَهُوَ وَالنَّاسُ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ ‏.‏

594 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ يَحِلُّ سَبُّ الأَمْوَاتِ عَلَى الْقَصْدِ بِالأَذَى

وأما تَحْذِيرٌ مِنْ كُفْرٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ مِنْ عَمَلٍ فَاسِدٍ‏:‏ فَمُبَاحٌ‏,‏ وَلَعْنُ الْكُفَّارِ‏:‏ مُبَاحٌ لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ

حدثنا آدَم، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لاَ تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا‏.‏

وَقَدْ سَبَّ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ أَبَا لَهَبٍ‏,‏ وَفِرْعَوْنَ‏,‏ تَحْذِيرًا مِنْ كُفْرِهِمَا وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ‏}‏ وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ‏}‏ وَأَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي غَلَّهَا مِدْعَمٌ تَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَارًا‏,‏ وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ ‏.‏

595 - مَسْأَلَةٌ

وَيَجِبُ تَلْقِينُ الْمَيِّتِ الَّذِي يَمُوتُ فِي ذِهْنِهِ وَلِسَانُهُ مُنْطَلِقٌ أَوْ غَيْرُ مُنْطَلِقٍ شَهَادَةَ الإِسْلاَمِ‏,‏ وَهِيَ ‏"‏ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ‏"‏

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حدثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حدثنا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ‏.‏

وَصَحَّ هَذَا أَيْضًا عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏,‏ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ‏:‏ لَقِّنُونِي لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَأَسْرِعُوا بِي إلَى حُفْرَتِي وأما مَنْ لَيْسَ فِي ذِهْنِهِ فَلاَ يُمْكِنُ تَلْقِينُهُ‏,‏ لأَِنَّهُ لاَ يَتَلَقَّنُ وأما مَنْ مُنِعَ الْكَلاَمَ فَيَقُولُهَا فِي نَفْسِهِ‏,‏ نَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَ ذَلِكَ الْمَقَامِ ‏.‏

596 - مَسْأَلَةٌ

وَيُسْتَحَبُّ تَغْمِيضُ عَيْنَيْ الْمَيِّتِ إذَا قَضَى

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ‏:‏ حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حدثنا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ‏.‏

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ‏:‏ أَنَّهُ أَمَرَ بِتَغْمِيضِ أَعْيُنِ الْمَوْتَى ‏.‏

597 - مَسْأَلَةٌ

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ الْمُصَابُ ‏"‏ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ اللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا ‏"‏

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ سَمِعْتُ ابْنَ سَفِينَةَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ مَا مِنْ عَبْدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ‏:‏ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ‏,‏ اللَّهُمَّ آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا إلاَّ آجَرَهُ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا‏.‏

598 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ الصَّلاَةَ عَلَى الْمَوْلُودِ يُولَدُ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ اسْتَهَلَّ أَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَلَيْسَ الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فَرْضًا مَا لَمْ يَبْلُغْ أَمَّا الصَّلاَةُ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا فِعْلُ خَيْرٍ لَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَهْيٌ أَمَّا تَرْكُ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ

فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَارِسٍ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَ هُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا‏,‏ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

هَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ إنَّمَا فِيهِ تَرْكُ الصَّلاَةِ‏,‏ وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْهَا‏,‏ وَقَدْ جَاءَ أَثَرَانِ مُرْسَلاَنِ بِأَنَّهُ عليه السلام صَلَّى عَلَيْهِ‏,‏ وَالْمُرْسَلُ لاَ حُجَّةَ فِيهِ حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ أَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الثَّقَفِيُّ سَمِعْتُ زِيَادَ بْنَ جُبَيْرِ بْنِ حَيَّةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ‏,‏ وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا‏,‏ وَالطِّفْلُ يُصَلَّى عَلَيْهِ‏.‏

وَبِهَذَا يَأْخُذُ جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ‏:‏ أَحَقُّ مَنْ صَلَّيْنَا عَلَيْهِ أَطْفَالُنَا‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى مَنْفُوسٍ إنْ عَمِلَ خَطِيئَةً قَطُّ قَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إذَا اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ إذَا تَمَّ خَلْقُهُ فَصَاحَ‏:‏ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَوَرِثَ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ

حدثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى‏:‏ أَدْرَكْت بَقَايَا الأَنْصَارِ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا مَاتَ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ‏,‏ وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ يَحْيَى

حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، هُوَ ابْنُ عُمَرَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ

حدثنا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ‏,‏ ثُمَّ اتَّفَقَ عُبَيْدُ اللَّهِ‏,‏ وَأَيُّوبُ كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ قَالَ‏:‏ صَلَّى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سِقْطٍ لَهُ لاَ أَدْرِي اسْتَهَلَّ أَمْ لاَ هَذَا لَفْظُ أَيُّوبَ‏,‏ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ‏:‏ ‏"‏ مَوْلُودٍ ‏"‏ مَكَانَ ‏"‏ سِقْطٍ ‏"‏‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ‏:‏ السِّقْطُ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْعَى لاَِبَوَيْهِ بِالْعَافِيَةِ وَالرَّحْمَةِ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ يُعْجِبُهُ إذَا تَمَّ خَلْقُهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو عَلَى الصَّغِيرِ كَمَا يَدْعُو عَلَى الْكَبِيرِ‏,‏ فَقِيلَ لَهُ‏:‏ هَذَا لَيْسَ لَهُ ذَنْبٌ فَقَالَ‏:‏ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ‏,‏ وَأَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ وَأَيُّوبَ‏,‏ قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَقَالَ أَيُّوبُ‏:‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ إذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ‏:‏ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَرُوِّينَا عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فِي السِّقْطِ لاَِرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ قَتَادَةُ‏:‏ وَيُسَمَّى‏,‏ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ أَوْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاسْمِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، حدثنا أَبُو الْيَمَانِ أَنَا شُعَيْبٌ، هُوَ ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ‏:‏ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مَوْلُودٍ مُتَوَفًّى‏,‏ وَإِنْ كَانَ لِغَيَّةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ‏.‏

وَقَالَ الْحَسَنُ ‏,‏ وَإِبْرَاهِيمُ‏:‏ يُصَلَّى عَلَيْهِ إذَا اسْتَهَلَّ قال أبو محمد‏:‏ لاَ مَعْنَى لِلاِسْتِهْلاَلِ‏,‏ لأَِنَّهُ لَمْ يُوجِبْهُ نَصٌّ، وَلاَ إجْمَاعٌ وَقَالَ حَمَّادٌ‏:‏ إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ مِنْ السَّبْيِ لَيْسَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ صُلِّيَ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ‏:‏ أَنَّهُ مَاتَ لَهُ ابْنٌ قَدْ لَعِبَ مَعَ الصِّبْيَانِ وَاشْتَدَّ وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ‏,‏ اسْمُهُ عُمَرُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ‏:‏ لاَ يُصَلَّى عَلَى الصَّبِيِّ وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا عَنْ سُوَيْد بْنِ غَفَلَةَ ‏.‏

599 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ نَكْرَهُ اتِّبَاعَ النِّسَاءِ الْجِنَازَةَ‏,‏ وَلاَ نَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ جَاءَتْ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ آثَارٌ لَيْسَ مِنْهَا شَيْءٌ يَصِحُّ‏,‏ لأَِنَّهَا‏:‏ إمَّا مُرْسَلَةً‏,‏ وأما عَنْ مَجْهُولٍ‏,‏ وأما عَمَّنْ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ

وَأَشْبَهَ مَا فِيهِ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، حدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ نُهِينَا عَنْ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ‏,‏ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا‏.‏

وَهَذَا غَيْرُ مُسْنَدٍ‏;‏ لاَِنَّنَا لاَ نَدْرِي مَنْ هَذَا النَّاهِي وَلَعَلَّهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ثُمَّ لَوْ صَحَّ مُسْنَدًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ‏,‏ بَلْ كَانَ يَكُونُ كَرَاهَةً فَقَطْ‏.‏

بَلْ قَدْ صَحَّ خِلاَفُهُ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي جِنَازَةٍ فَرَأَى عُمَرُ امْرَأَةً‏,‏ فَصَاحَ بِهَا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعْهَا يَا عُمَرُ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ‏,‏ وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ‏,‏ وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ‏.‏

وَقَدْ صَحَّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ أَنَّهُ لَمْ يَكْرَهْ ذَلِكَ ‏.‏

600 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ‏,‏ وَهُوَ فَرْضٌ وَلَوْ مَرَّةً، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يَزُورَ الْمُسْلِمُ قَبْرَ حَمِيمِهِ الْمُشْرِكِ‏,‏ وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ سَوَاءٌ لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ

حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ هُوَ ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ‏,‏ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ

حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ زَارَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَبْرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي‏,‏ وَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأُذِنَ لِي‏,‏ فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ وَقَدْ صَحَّ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏,‏ وَابْنِ عُمَرَ‏,‏ وَغَيْرِهِمَا‏:‏ زِيَارَةُ الْقُبُورِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ النَّهْيُ مِنْ ذَلِكَ‏,‏ وَلَمْ يَصِحَّ ‏.‏

601 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ لِمَنْ حَضَرَ عَلَى الْقُبُورِ أَنْ يَقُولَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ

حدثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُمْ إذَا خَرَجُوا إلَى الْمَقَابِرِ‏,‏ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ‏:‏ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ‏,‏ وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ‏.‏

602 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْمَيِّتِ مِائَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَصَاعِدًا

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى، حدثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ أَنَا سَلاَّمُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ رَضِيعِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ مَيِّتٍ يُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ‏:‏ إلاَّ شُفِّعُوا فِيهِ‏.‏

قَالَ‏:‏ فَحَدَّثْت بِهِ شُعَيْبَ بْنَ الْحَبْحَابِ فَقَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي بِهِ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ الْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ رَوَاهُ شُرَيْكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ‏,‏ وَهُوَ ضَعِيفٌ قال أبو محمد‏:‏ الشَّفِيعُ يَكُونُ بَعْدَ الْعِقَابِ‏,‏ إلاَّ أَنَّهُ مُخَفِّفٌ مَا قَدْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْلاَ الشَّفَاعَةُ لَمْ يُخَفِّفْ‏,‏ وَشَفَاعَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّتِي هِيَ أَكْبَرُ الشَّفَاعَاتِ تَكُونُ قَبْلَ دُخُولِ النَّارِ وَبَعْدَ دُخُولِ النَّارِ كَمَا جَاءَتْ الآثَارُ‏,‏ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ ‏.‏

603 - مَسْأَلَةٌ

وَإِدْخَالُ الْمَوْتَى فِي الْمَسَاجِدِ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِمْ حَسَنٌ كُلُّهُ‏,‏ وَأَفْضَلُ مَكَان صُلِّيَ فِيهِ عَلَى الْمَوْتَى فِي دَاخِلَ الْمَسَاجِدِ‏.‏

وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ‏,‏ وَلَمْ يَرَ ذَلِكَ مَالِكٌ بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا‏:‏ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حدثنا بَهْزُ، هُوَ ابْنُ أَسَدٍ، حدثنا وُهَيْبٍ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ، حدثنا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ، هُوَ ابْنُ حَمْزَةَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمُرُّوا بِجِنَازَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّينَ عَلَيْهِ‏,‏ فَفَعَلُوا‏,‏ فَوُقِفَ بِهِ عَلَى حُجَرِهِنَّ يُصَلِّينَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُخْرِجَ بِهِ مِنْ بَابِ الْجَنَائِزِ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَقَاعِدِ فَبَلَغَهُنَّ أَنَّ النَّاسَ عَابُوا ذَلِكَ‏,‏ وَقَالُوا‏:‏ مَا كَانَتْ الْجَنَائِزُ يُدْخَلُ بِهَا الْمَسْجِدَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ‏:‏ مَا أَسْرَعَ النَّاسَ إلَى أَنْ يَعِيبُوا مَا لاَ عِلْمَ لَهُمْ بِهِ عَابُوا عَلَيْنَا أَنْ يُمَرَّ بِالْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ‏,‏ وَمَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إلاَّ فِي جَوْفِ الْمَسْجِدِ وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حدثنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ أَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَا عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ وَاَللَّهِ لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ سُهَيْلٍ‏,‏ وَأَخِيهِ فِي الْمَسْجِدِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ‏,‏ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّهُ رَأَى النَّاسَ يَخْرُجُونَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُصَلُّوا عَلَى جِنَازَةٍ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ مَا يَصْنَعُ هَؤُلاَءِ مَا صُلِّيَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ إلاَّ فِي الْمَسْجِدِ وَمِنْ طَرِيق ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ أَنَّ عُمَرَ صُلِّيَ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ فَهَذِهِ أَسَانِيدُ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ‏,‏ وَفِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَزْوَاجِهِ وَأَصْحَابِهِ‏,‏ لاَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ خِلاَفُ هَذَا أَصْلاً قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ وَقَدْ شَهِدَ الصَّلاَةَ عَلَيْهَا خِيَارُ الآُمَّةِ‏,‏ فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ‏,‏ فَأَيْنَ الْمُشَنِّعُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏:‏ وَاحْتَجَّ مَنْ قَلَّدَ مَالِكًا فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ‏.‏

قَالَ‏:‏ وَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا تَضَايَقَ بِهِمْ الْمَكَانُ رَجَعُوا وَلَمْ يُصَلُّوا وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَيْمَنَ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ لاََعْرِفَنَّ مَا صَلَّيْت عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ وقال بعضهم‏:‏ الْمَيِّتُ جِيفَةٌ‏,‏ وَيَنْبَغِي تَجْنِيبُ الْجِيَفِ الْمَسَاجِدَ مَا نَعْلَمُ لَهُ شَيْئًا مَوَّهُوا بِهِ غَيْرَ هَذَا‏,‏ وَهُوَ كُلُّهُ لاَ شَيْءَ أَمَّا الْخَبَرُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ فَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ إلاَّ صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ‏,‏ وَهُوَ سَاقِطٌ وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا تَقْلِيدُ الْمَالِكِيِّينَ مَالِكًا دِينَهُمْ‏,‏ فَإِذَا جَاءَتْ شَهَادَتُهُ الَّتِي لاَ يَحِلُّ رَدُّهَا لِثِقَتِهِ اطَّرَحُوهَا وَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَيْهَا فَوَاخِلاَفَاهُ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ

حدثنا أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ صَخْرٍ، حدثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ هُوَ الزَّهْرَانِيُّ قَالَ‏:‏ سَأَلْت مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ فَقَالَ‏:‏ لَيْسَ بِثِقَةٍ‏.‏

فَكَذَّبُوا مَالِكًا فِي تَجْرِيحِهِ صَالِحًا وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ صَالِحٍ فِي رَدِّ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ وَإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وأما الْمُنْكِرُونَ إدْخَالَ سَعْدٍ فِي الْمَسْجِدِ فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ إلاَّ تَجْهِيلُهُمْ‏,‏ وَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا مَا لاَ عِلْمَ لَهُمْ بِهِ‏.‏

فَصَحَّ أَنَّهُمْ عَامَّةٌ جُهَّالٌ أَوْ أَعْرَابٌ كَذَلِكَ بِلاَ شَكٍّ، وَلاَ يَصِحُّ لِكَثِيرِ بْنِ عَبَّاسٍ صُحْبَةٌ وأما قَوْلُ مَنْ قَالَ‏:‏ الْمَيِّتُ جِيفَةٌ‏,‏ فَقَوْلُهُ مَرْغُوبٌ عَنْهُ‏,‏ بَلْ لَعَلَّهُ إنْ تَمَادَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَنَاقَضْ خَرَجَ إلَى الْكُفْرِ‏,‏ لأَِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الأَنْبِيَاءِ عليهم السلام‏.‏

وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ الْمُؤْمِنُ لاَ يَنْجُسُ فَبَطَلَ قَوْلُ هَذَا الْجَاهِلِ‏.‏

وَصَحَّ أَنَّ الْمُؤْمِنَ‏:‏ طَاهِرٌ طَيِّبٌ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏.‏

604 - مَسْأَلَةٌ، وَلاَ بَأْسَ بِأَنْ يُبْسَطَ فِي الْقَبْرِ تَحْتَ الْمَيِّتِ ثَوْبٌ

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا شُعْبَةُ، حدثنا أَبُو جَمْرَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ بُسِطَ فِي قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَطِيفَةٌ حَمْرَاءُ‏.‏

وَرَوَاهُ أَيْضًا كَذَلِكَ وَكِيعٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ‏,‏ وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ‏,‏ كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِإِسْنَادِهِ وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا يُكْسَاهُ الْمَيِّتُ فِي كَفَنِهِ‏,‏ وَقَدْ تَرَكَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْعَمَلَ فِي دَفْنِ رَسُولِهِ الْمَعْصُومِ مِنْ النَّاسِ‏.‏

وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ‏,‏ وَفَعَلَهُ خِيَرَةُ أَهْلِ الأَرْضِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ‏,‏ لَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ‏.‏

وَلَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الْمَالِكِيُّونَ‏,‏ وَهُمْ يَدَعُونَ فِي أَقَلِّ مِنْ هَذَا عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقَدْ تَرَكُوا عَمَلَهُمْ هُنَا‏,‏ وَفِي الصَّلاَةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ‏,‏ وَفِي حَدِيثِ صَخْرٍ‏:‏ أَنَّهُ عَمَلُهُمْ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ‏.‏

605 - مَسْأَلَةٌ

وَحُكْمُ تَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ أَنْ يَكُونَ الرُّكْبَانُ خَلْفَهَا‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ الْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ‏,‏ عَنْ يَمِينِهَا أَوْ شِمَالِهَا أَوْ أَمَامِهَا أَوْ خَلْفِهَا‏,‏ وَأَحَبُّ ذَلِكَ إلَيْنَا خَلْفُهَا

بُرْهَانُ ذَلِكَ‏:‏ مَا رُوِّينَا آنِفًا فِي بَابِ الصَّلاَةِ عَلَى الطِّفْلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ الرَّاكِبُ خَلْفَ الْجِنَازَةِ‏,‏ وَالْمَاشِي حَيْثُ شَاءَ مِنْهَا‏.‏

وَمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ

حدثنا أَبُو الْوَلِيدِ هُوَ الطَّيَالِسِيُّ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ الأَشْعَثِ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ‏:‏ سَمِعْت مُعَاوِيَةَ بْنَ سُوَيْد بْنِ مُقَرِّنٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ‏:‏ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَلَفْظُ الاِتِّبَاعِ لاَ يَقَعُ إلاَّ عَلَى التَّالِي‏,‏ وَلاَ يُسَمَّى الْمُتَقَدِّمُ تَابِعًا‏,‏ بَلْ هُوَ مَتْبُوعٌ‏,‏ فَلَوْلاَ الْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا‏,‏ وَالْخَبَرُ الَّذِي رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْمُقْرِي، حدثنا أَبِي، حدثنا هَمَّامٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى، حدثنا سُفْيَانُ وَمَنْصُورٌ وَزِيَادٌ كُلُّهُمْ ذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَا بَكْرٍ‏,‏ وَعُمَرَ‏,‏ وَعُثْمَانَ يَمْشُونَ بَيْنَ يَدَيْ الْجِنَازَةِ‏:‏ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْيُ خَلْفَهَا فَرْضًا لاَ يُجْزِي غَيْرُهُ‏,‏ لِلأَمْرِ الْوَارِدِ بِاتِّبَاعِهَا‏,‏ وَلَكِنْ هَذَانِ الْخَبَرَانِ بَيَّنَّا أَنَّ الْمَشْيَ خَلْفَهَا نَدْبٌ‏.‏

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِنَسْخٍ‏,‏ لأَِنَّ اسْتِعْمَالَ كُلِّ ذَلِكَ مُمْكِنٌ‏.‏

وَلَمْ يَخْفَ عَلَيْنَا قَوْلُ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ‏:‏ أَنَّ خَبَرَ هَمَّامٍ هَذَا خَطَأٌ‏,‏ وَلَكِنَّا لاَ نَلْتَفِتُ إلَى دَعْوَى الْخَطَأِ فِي رِوَايَةِ الثِّقَةِ إلاَّ بِبَيَانٍ لاَ يُشَكُّ فِيهِ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحُمَيْدِ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ فِيهَا إيجَابُ الْمَشْيِ خَلْفَهَا‏,‏ لاَ يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْهَا‏;‏ لأَِنَّ فِيهَا أَبَا مَاجِدٍ الْحَنَفِيَّ‏,‏ وَالْمُطَرِّحَ وَعُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زُحَرٍ وَكُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ‏.‏

وَفِي الصَّحِيحِ الَّذِي أَوْرَدْنَا كِفَايَةٌ‏,‏ وَبِكُلِّ ذَلِكَ قَالَ السَّلَفُ‏.‏

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ زَائِدَةَ بْنِ أَوْسٍ الْكِنْدِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى عَنْ أَبِيهِ قَالَ‏:‏ كُنْت مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي جِنَازَةٍ‏,‏ وَعَلِيٌّ آخِذٌ بِيَدِي‏,‏ وَنَحْنُ خَلْفَهَا‏,‏ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ أَمَامَهَا‏,‏ فَقَالَ عَلِيٌّ‏:‏ إنَّ فَضْلَ الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْلِ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ‏,‏ وَإِنَّهُمَا لَيَعْلَمَانِ مِنْ ذَلِكَ مَا أَعْلَمُ‏,‏ وَلَكِنَّهُمَا يُسَهِّلاَنِ عَلَى النَّاسِ وَبِهَذَا يَقُولُ سُفْيَانُ‏,‏ وَأَبُو حَنِيفَةَ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ‏:‏ سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْمَشْيِ أَمَامَ الْجِنَازَةِ فَقَالَ‏:‏ إنَّمَا أَنْتَ مُشَيِّعٌ‏,‏ فَامْشِ إنْ شِئْت أَمَامَهَا‏,‏ وَإِنْ شِئْت خَلْفَهَا‏,‏ وَإِنْ شِئْت عَنْ يَمِينِهَا وَإِنْ شِئْت عَنْ يَسَارِهَا وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْت لِعَطَاءٍ‏:‏ الْمَشْيُ وَرَاءَ الْجِنَازَةِ خَيْرٌ أَمْ أَمَامَهَا قَالَ‏:‏ لاَ أَدْرِي‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ قَالَ مَالِكٌ‏:‏ الْمَشْيُ أَمَامُ أَفْضَلُ‏,‏ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُهُ بِفِعْلِ أَبِي بَكْرٍ‏,‏ وَعُمَرَ‏:‏ وَعَلِيٌّ‏,‏ قَدْ أَخْبَرَ عنهما بِغَيْرِ ذَلِكَ‏,‏ فَجَعَلُوا ظَنَّ مَالِكٍ أَصْدَقَ مِنْ خَبَرِ عَلِيٍّ ‏.‏

606 - مَسْأَلَةٌ

وَمَنْ بَلَعَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا أَوْ لُؤْلُؤَةً‏:‏ شُقَّ بَطْنُهُ عَنْهَا‏,‏ لِصِحَّةِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُجْبَرَ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى أَخْذِ غَيْرِ عَيْنِ مَالِهِ‏,‏ مَا دَامَ عَيْنُ مَالِهِ مُمْكِنًا‏,‏ لأَِنَّ كُلَّ ذِي حَقٍّ أَوْلَى بِحَقِّهِ‏,‏ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ‏.‏

فَلَوْ بَلَعَهُ وَهُوَ حَيٌّ حُبِسَ حَتَّى يَرْمِيَهُ‏,‏ فَإِنْ رَمَاهُ نَاقِصًا ضَمِنَ مَا نَقَصَ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يَرْمِهِ‏:‏ ضَمِنَ مَا بَلَعَ، وَلاَ يَجُوزُ شَقُّ بَطْنِ الْحَيِّ‏,‏ لأَِنَّ فِيهِ قَتْلَهُ‏,‏ وَلاَ ضَرَرَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَيِّتِ، وَلاَ يَحِلُّ شَقُّ بَطْنِ الْمَيِّتِ بِلاَ مَعْنًى‏;‏ لأَِنَّهُ تَعَدٍّ‏,‏ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَعْتَدُوا‏}‏‏.‏

فإن قيل‏:‏ قَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا‏.‏

قلنا‏:‏ نَعَمْ‏,‏ وَلَمْ نَكْسِرْ لَهُ عَظْمًا‏,‏ وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ‏,‏ وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ يُرِيدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّهْيَ عَنْ غَيْرِ كَسْرِ الْعَظْمِ فَلاَ يَذْكُرُ ذَلِكَ وَيَذْكُرُ كَسْرَ الْعَظْمِ‏,‏ وَلَوْ أَنَّ امْرَأً شَهِدَ عَلَى مَنْ شَقَّ بَطْنَ آخَرَ بِأَنَّهُ كَسَرَ عَظْمَهُ لَكَانَ شَاهِدَ زُورٍ‏,‏ وَهُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لِهَذَا الاِحْتِجَاجِ‏,‏ وَلِهَذَا الْقِيَاسِ‏,‏ فَلاَ يَرَوْنَ الْقَوَدَ‏,‏ وَلاَ الأَرْشَ‏:‏ عَلَى كَاسِرِ عَظْمِ الْمَيِّتِ بِخِلاَفِ قَوْلِهِمْ فِي عَظْمِ الْحَيِّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

607 - مَسْأَلَةٌ

وَلَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ حَامِلٌ وَالْوَلَدُ حَيٌّ يَتَحَرَّكُ قَدْ تَجَاوَزَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَإِنَّهُ يُشَقُّ بَطْنُهَا طُولاً وَيُخْرَجُ الْوَلَدُ

لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا‏}‏ وَمَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا حَتَّى يَمُوتَ فَهُوَ قَاتِلُ نَفْسٍ‏.‏

وَلاَ مَعْنَى لِقَوْلِ أَحْمَدَ رحمه الله‏:‏ تُدْخِلُ الْقَابِلَةُ يَدَهَا فَتُخْرِجُهُ‏,‏ لِوَجْهَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُحَالٌ لاَ يُمْكِنُ‏,‏ وَلَوْ فُعِلَ ذَلِكَ لَمَاتَ الْجَنِينُ بِيَقِينٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ‏,‏ وَلَوْلاَ دَفْعُ الطَّبِيعَةِ الْمَخْلُوقَةِ الْمَقْدُورَةِ لَهُ وَجُرَّ لِيَخْرُجَ لَهَلَكَ بِلاَ شَكٍّ‏.‏

وَالثَّانِي أَنَّ مَسَّ فَرْجِهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ حَرَامٌ‏.‏

608 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ‏:‏ أَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ لاَ يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا لَكِنْ لِيَقُلْ‏:‏ اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي‏.‏

وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ‏,‏ وَخَبَّابٍ فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ يُوسُفَ عليه السلام‏:‏ ‏{‏تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ‏}‏ فَلَيْسَ هَذَا عَلَى اسْتِعْجَالِ الْمَوْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ‏,‏ لَكِنْ عَلَى الدُّعَاءِ بِأَنْ لاَ يَتَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَوَفَّاهُ إلاَّ مُسْلِمًا‏,‏ وَهَذَا ظَاهِرُ الآيَةِ الَّذِي لاَ تَزَيُّدَ فِيهِ ‏.‏

609 - مَسْأَلَةٌ

وَيُحْمَلُ النَّعْشُ كَمَا يَشَاءُ الْحَامِلُ‏,‏ إنْ شَاءَ مِنْ أَحَدِ قَوَائِمِهِ‏,‏ وَإِنْ شَاءَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ

وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال أبو حنيفة‏:‏ يَحْمِلُهُ مِنْ قَوَائِمِهِ الأَرْبَعِ‏.‏

وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا هُشَيْمٌ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عَلِيٍّ الأَزْدِيِّ قَالَ‏:‏ رَأَيْت ابْنَ عُمَرَ فِي جِنَازَةٍ فَحَمَلَ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ الأَرْبَعِ‏,‏ ثُمَّ تَنَحَّى وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا حُمَيْدٍ عَنْ مِنْدَلٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ إنْ اسْتَطَعْت فَابْدَأْ بِالْقَائِمَةِ الَّتِي تَلِي يَدَهُ الْيَمِينَ‏,‏ ثُمَّ أَطِفْ بِالسَّرِيرِ‏,‏ وَإِلاَّ فَكُنْ قَرِيبًا مِنْهَا وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ نِسْطَاسَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي أَبَاهُ‏:‏ مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً فَلْيَحْمِلْ بِجَوَانِبِ السَّرِيرِ كُلِّهَا‏,‏ فَإِنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ ثُمَّ يَتَطَوَّعُ بَعْدُ إنْ شَاءَ أَوْ لِيَدَعْ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ

حدثنا حِبَّانُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ‏:‏ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ يَبْدَأُ بِمَيَامِنِ السَّرِيرِ عَلَى عَاتِقِهِ الْيُمْنَى مِنْ مُقَدَّمِهِ‏,‏ ثُمَّ الرِّجْلِ الْيُمْنَى‏,‏ ثُمَّ الرَّجُلِ الْيُسْرَى‏,‏ ثُمَّ الْيَدِ الْيُسْرَى وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ جُشَيْبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ قَالُوا‏:‏ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ تَمَامِ أَجْرِ الْجِنَازَةِ أَنْ يُشَيِّعَهَا مِنْ أَهْلِهَا‏,‏ وَأَنْ يَحْمِلَهَا بِأَرْكَانِهَا الأَرْبَعِ‏,‏ وَأَنْ يَحْثُوا فِي الْقَبْرِ وَرُوِّينَا أَيْضًا ذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ‏.‏

قَالُوا‏:‏ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ‏,‏ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ‏:‏ إنَّهُ مِنْ السُّنَّةِ‏,‏ وَلاَ يُقَالُ‏:‏ هَذَا إلاَّ عَنْ تَوْقِيفٍ قال أبو محمد‏:‏ أَمَّا هَذَا الْقَوْلُ فَفَاسِدٌ‏,‏ لأَِنَّ مِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنْ يَأْتُوا إلَى قَوْلٍ لَمْ يَصِحَّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏,‏ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ‏,‏ فَلاَ يَسْتَحْيُونَ مِنْ الْقَطْعِ بِالْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ‏,‏ ثُمَّ لاَ يَلْتَفِتُونَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّابِتِ عَنْهُ فِي قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي صَلاَةِ الْجِنَازَةِ إنَّهَا السُّنَّةُ‏.‏

وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَصْدِيقُ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا‏,‏ بِقَوْلِهِ عليه السلام‏:‏ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُضِيفَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلاً بِالظَّنِّ فَيَتَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

وَكُلُّ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ لاَ يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ إلاَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ وأما رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَعَنْ مِنْدَلٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وأما خَبَرَا ابْنِ مَسْعُودٍ فَمُنْقَطِعَانِ‏;‏ لأَِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ لاَ يَذْكُرُ مِنْ أَبِيهِ شَيْئًا‏,‏ وَعَامِرُ بْنُ جُشَيْبٍ غَيْرُ مَشْهُورٍ وَقَدْ صَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏,‏ وَغَيْرِهِ‏:‏ خِلاَفُ هَذَا كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ

حدثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهِكَ قَالَ‏:‏ خَرَجْت مَعَ جِنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَرَأَيْت ابْنَ عُمَرَ جَاءَ فَقَامَ بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ فِي مُقَدَّمِ السَّرِيرِ‏,‏ فَوَضَعَ السَّرِيرَ عَلَى كَاهِلِهِ‏,‏ فَلَمَّا وُضِعَ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ خَلَّى عَنْهُ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْمِهْزَمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ مَنْ حَمَلَ الْجِنَازَةَ ثَلاَثًا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ‏.‏

فَإِذْ لَيْسَ فِي حَمْلِهَا نَصٌّ ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلاَ اخْتِيَارَ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَكَيْفَمَا حَمَلَهَا الْحَامِلُ أَجْزَأَهُ‏.‏

610 - مَسْأَلَةٌ

وَيُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ الْغَائِبِ بِإِمَامٍ وَجَمَاعَةٍ

قَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّجَاشِيِّ رضي الله عنه وَمَاتَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ وَصَلَّى مَعَهُ أَصْحَابُهُ عَلَيْهِ صُفُوفًا‏,‏ وَهَذَا إجْمَاعٌ مِنْهُمْ لاَ يَجُوزُ تَعَدِّيهِ‏.‏

611 - مَسْأَلَةٌ

وَيُصَلَّي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ‏,‏ بَرٍّ‏,‏ أَوْ فَاجِرٍ‏,‏ مَقْتُولٍ فِي حَدٍّ‏,‏ أَوْ فِي حِرَابَةٍ‏,‏ أَوْ فِي بَغْيٍ‏,‏ وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ الإِمَامُ‏,‏ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَنَّهُ شَرُّ مَنْ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ‏,‏ إذَا مَاتَ مُسْلِمًا لِعُمُومِ أَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ وَالْمُسْلِمُ صَاحِبٌ لَنَا‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ‏}‏‏.‏

وَقَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ‏}‏‏.‏

فَمَنْ مَنَعَ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى مُسْلِمٍ فَقَدْ قَالَ قَوْلاً عَظِيمًا‏,‏ وَإِنَّ الْفَاسِقَ لاََحْوَجُ إلَى دُعَاءِ إخْوَانِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْفَاضِلِ الْمَرْحُومِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُخَالِفِينَ‏:‏ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ عَلَى ‏"‏ مَاعِزٍ ‏"‏ قلنا‏:‏ نَعَمْ‏,‏ وَلَمْ نَقُلْ إنَّ فَرْضًا عَلَى الإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ رُجِمَ‏,‏ إنَّمَا قلنا‏:‏ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمَوْتَى‏,‏ وَلَهُ أَنْ يُتْرَكَ كَسَائِرِ الْمَوْتَى‏,‏ وَلاَ فَرْقَ وَقَدْ أَمَرَهُمْ عليه السلام بِالصَّلاَةِ عَلَيْهِ‏,‏ وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ مَنْ لَمْ يَرْجُمْهُ مِمَّنْ رَجَمَهُ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ‏:‏ أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ‏,‏ قَالَ مَاتَ رَجُلٌ بِخَيْبَرَ‏,‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏:‏ صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ‏,‏ إنَّهُ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏,‏ قَالَ‏:‏ فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ‏,‏ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ‏,‏ لاَ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَؤُلاَءِ الْحَنَفِيُّونَ‏,‏ وَالْمَالِكِيُّونَ الْمُخَالِفُونَ لَنَا فِي هَذَا الْمَكَانِ لاَ يَرَوْنَ امْتِنَاعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى الْغَالِّ حُجَّةً فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ الإِمَامُ عَلَى الْغَالِّ‏,‏ فَمِنْ أَيْنَ وَجَبَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ تَرْكُهُ عليه السلام أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى ‏"‏ مَاعِزٍ ‏"‏ حُجَّةً فِي الْمَنْعِ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْمَرْجُومِ الإِمَامُ وَكِلاَهُمَا تَرْكٌ وَتَرْكٌ إنَّ هَذَا لَعَجَبٌ فَكَيْفَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عَلَى مَنْ رُجِمَ‏:‏ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ‏:‏ أَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، حدثنا خَالِدُ، هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى، هُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ‏:‏ إنِّي زَنَيْتُ وَهِيَ حُبْلَى فَدَفَعَهَا إلَى وَلِيِّهَا‏,‏ وَقَالَ لَهُ‏:‏ أَحْسِنْ إلَيْهَا‏,‏ فَإِذَا وَضَعَتْ فَأْتِنِي بِهَا‏,‏ فَأَمَرَ بِهَا فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا‏,‏ ثُمَّ رَجَمَهَا‏,‏ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا‏,‏ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ‏:‏ تُصَلِّي عَلَيْهَا وَقَدْ زَنَتْ قَالَ‏:‏ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ‏,‏ وَهَلْ وَجَدَتْ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا‏.‏

فَقَدْ صَلَّى عليه السلام عَلَى مَنْ رُجِمَ فإن قيل‏:‏ تَابَتْ قلنا‏:‏ وَ ‏"‏ مَاعِزٌ ‏"‏ تَابَ أَيْضًا، وَلاَ فَرْقَ وَالْعَجَبُ كُلُّهُ مِنْ مَنْعِهِمْ الإِمَامَ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى مَنْ أَمَرَ بِرَجْمِهِ‏,‏ وَلاَ يَمْنَعُونَ الْمُتَوَلِّينَ لِلرَّجْمِ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ‏:‏ فَأَيْنَ الْقِيَاسُ لَوْ دَرَوْا مَا الْقِيَاسُ وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ‏:‏ أَنَّهُ إذْ رَجَمَ شُرَاحَةَ الْهَمْدَانِيَّةَ قَالَ لاَِوْلِيَائِهَا‏:‏ اصْنَعُوا بِهَا كَمَا تَصْنَعُونَ بِمَوْتَاكُمْ وَصَحَّ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى وَلَدِ الزِّنَى‏,‏ وَعَلَى أُمِّهِ‏,‏ وَعَلَى الْمُتَلاَعِنَيْنِ‏,‏ وَعَلَى الَّذِي يُقَادُ مِنْهُ‏,‏ وَعَلَى الْمَرْجُومِ‏,‏ وَاَلَّذِي يَفِرُّ مِنْ الزَّحْفِ فَيُقْتَلُ‏.‏

قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ لاَ أَدَعُ الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ قَالَ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ‏}‏ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ هَؤُلاَءِ مِنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ فَسَأَلْت عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ فَقَالَ‏:‏ مِثْلَ قَوْلِ عَطَاءٍ وَصَحَّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لَمْ يَكُونُوا يَحْجُبُونَ الصَّلاَةَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ‏,‏ وَاَلَّذِي قَتَلَ نَفْسَهُ يُصَلَّى عَلَيْهِ‏.‏

وَ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ السُّنَّةُ أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْمَرْجُومِ‏.‏

فَلَمْ يَخُصَّ إمَامًا مِنْ غَيْرِهِ وَصَحَّ عَنْ قَتَادَةَ‏:‏ صَلِّ عَلَى مَنْ قَالَ‏:‏ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ‏,‏ فَإِنْ كَانَ رَجُلَ سَوْءٍ جِدًّا فَقُلْ‏:‏ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ‏,‏ وَالْمُسْلِمَاتِ‏,‏ وَالْمُؤْمِنِينَ‏,‏ وَالْمُؤْمِنَاتِ مَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ اجْتَنَبَ الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ قَالَ‏:‏ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ‏:‏ مَا أَدْرَكْت أَحَدًا يَتَأَثَّمُ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ‏.‏

وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يُصَلَّى عَلَى مَنْ قَالَ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ وَصَلَّى إلَى الْقِبْلَةِ‏,‏ إنَّمَا هِيَ شَفَاعَةٌ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي هِلاَلٍ عَنْ أَبِي غَالِبٍ قُلْت لاَِبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ‏:‏ الرَّجُلُ يَشْرَبُ الْخَمْرَ‏,‏ أَيُصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ‏:‏ نَعَمْ‏,‏ لَعَلَّهُ اضْطَجَعَ مَرَّةً عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ‏:‏ لاَ إلَهَ إلاَّ اللَّهُ‏,‏ فَغُفِرَ لَهُ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏:‏ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ‏:‏ أَيُصَلَّى عَلَيْهِ فَقَالَ‏:‏ لَوْ كَانَ يَعْقِلُ مَا قَتَلَ نَفْسَهُ وَصَحَّ عَنْ الشَّعْبِيِّ‏,‏ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ‏:‏ مَا مَاتَ فِيكُمْ مُذْ كَذَا وَكَذَا أَحْوَجُ إلَى اسْتِغْفَارِكُمْ مِنْهُ وَقَدْ رُوِّينَا فِي هَذَا خِلاَفًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ‏,‏ أَنَّهُ شَهِدَ ابْنَ عُمَرَ صَلَّى عَلَى وَلَدِ زِنًى‏,‏ فَقِيلَ لَهُ‏:‏ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ هُوَ شَرُّ الثَّلاَثَةِ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ‏:‏ هُوَ خَيْرُ الثَّلاَثَةِ وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْفُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ‏:‏ أَنَّهُ كَانَ لاَ يُصَلِّي عَلَى وَلَدِ زِنًى‏,‏ صَغِيرٍ، وَلاَ كَبِيرٍ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ‏:‏ لاَ يُصَلَّى عَلَى الْمَرْجُومِ‏,‏ وَيُصَلَّى عَلَى الَّذِي يُقَادُ مِنْهُ‏,‏ إلاَّ مَنْ أُقِيدَ مِنْهُ فِي رَجْمٍ فَلَمْ يَخُصَّ الزُّهْرِيُّ إمَامًا مِنْ غَيْرِهِ وأما الصَّلاَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي فَمَا نَعْلَمُ لِمَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ سَلَفًا مِنْ صَاحِبٍ‏,‏ أَوْ تَابِعٍ فِي هَذَا الْقَوْلِ وَقَوْلُنَا هَذَا هُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ‏,‏ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى‏,‏ وَأَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ قال أبو محمد‏:‏ لَقَدْ رَجَّانَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَفْوِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى نَقُولَ قَدْ فُزْنَا‏.‏

وَلَقَدْ خَوَّفَنَا عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى نَقُولَ‏:‏ قَدْ هَلَكْنَا‏,‏ إلاَّ أَنَّنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنْ لاَ خُلُودَ عَلَى مُسْلِمٍ فِي النَّارِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ خَيْرًا قَطُّ غَيْرَ شَهَادَةِ الإِسْلاَمِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ‏,‏ وَلاَ امْتَنَعَ مِنْ شَرٍّ قَطُّ غَيْرَ الْكُفْرِ‏,‏ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَابَ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ‏,‏ فَسَبَقَ الْمُجْتَهِدِينَ‏,‏ أَوْ لَعَلَّ لَهُ حَسَنَاتٍ لاَ نَعْلَمُهَا تَغْمُرُ سَيِّئَاتِهِ فَمَنْ صَلَّى عَلَى مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ‏,‏ أَوْ عَلَى ظَالِمٍ لِلْمُسْلِمِينَ مُتَبَلِّغٍ فِيهِمْ‏,‏ أَوْ عَلَى مَنْ لَهُ قِبَلَهُ مَظَالِمُ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَغْفِرَهَا لَهُ‏:‏ فَلْيَدْعُ لَهُ كَمَا يَدْعُو لِغَيْرِهِ‏,‏ وَهُوَ يُرِيدُ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ أَمْرُهُ بَعْدَ الْقِصَاصِ‏,‏ وَلْيَقُلْ‏:‏ اللَّهُمَّ خُذْ لِي بِحَقِّي مِنْهُ ‏.‏

612 - مَسْأَلَةٌ

وَعِيَادَةُ مَرْضَى الْمُسْلِمِينَ فَرْضٌ وَلَوْ مَرَّةً عَلَى الْجَارِ الَّذِي لاَ يَشُقُّ عَلَيْهِ عِيَادَتُهُ‏,‏ وَلاَ نَخُصُّ مَرَضًا مِنْ مَرَضٍ

رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ حدثنا مُحَمَّدُ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، حدثنا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي‏,‏ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ‏:‏ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ‏:‏ رَدُّ السَّلاَمِ‏,‏ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ‏,‏ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ‏,‏ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ‏,‏ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد

حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حدثنا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ‏:‏ عَادَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِعَيْنِي وَقَدْ عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّهُ أَبَا طَالِبٍ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد

حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا حَمَّادٌ، هُوَ ابْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ غُلاَمًا مِنْ الْيَهُودِ مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ‏,‏ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ‏,‏ فَقَالَ لَهُ‏:‏ أَسْلِمْ‏,‏ فَنَظَرَ إلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ‏:‏ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ فَأَسْلَمَ‏,‏ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

فَعِيَادَةُ الْكَافِرِ فِعْلٌ حَسَنٌ ‏.‏

613 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ يَحِلُّ أَنْ يَهْرُبَ أَحَدٌ عَنْ الطَّاعُونِ إذَا وَقَعَ فِي بَلَدٍ هُوَ فِيهِ وَمُبَاحٌ لَهُ الْخُرُوجُ لِسَفَرِهِ الَّذِي كَانَ يَخْرُجُ فِيهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الطَّاعُونُ، وَلاَ يَحِلُّ الدُّخُولُ إلَى بِلاَدٍ فِيهِ الطَّاعُونُ لِمَنْ كَانَ خَارِجًا عَنْهُ حَتَّى يَزُولَ وَالطَّاعُونُ هُوَ الْمَوْتُ الَّذِي كَثُرَ فِي بَعْضِ الأَوْقَاتِ كَثْرَةً خَارِجَةً عَنْ الْمَعْهُودِ

لِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الْحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ‏:‏ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ‏,‏ وَإِذَا وَقَعَ فِي أَرْضٍ وَأَنْتُمْ فِيهَا فَلاَ تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَلَمْ يَنْهَ عليه السلام عَنْ الْخُرُوجِ إلاَّ بِنِيَّةِ الْفِرَارِ مِنْهُ فَقَطْ وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها إبَاحَةَ الْفِرَارِ عَنْهُ‏,‏ وَلاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ‏.‏

614 - مَسْأَلَةٌ

وَنَسْتَحِبُّ تَأْخِيرَ الدَّفْنِ وَلَوْ يَوْمًا وَلَيْلَةً‏,‏ مَا لَمْ يُخَفْ عَلَى الْمَيِّتِ التَّغْيِيرُ، لاَ سِيَّمَا مَنْ تَوَقَّعَ أَنْ يُغْمَى عَلَيْهِ

وَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ضَحْوَةً‏,‏ وَدُفِنَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ الأَرْبِعَاءِ وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ الْخَيَّاطِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ يُنْتَظَرُ بِالْمَصْعُوقِ ثَلاَثًا‏.‏

615 - مَسْأَلَةٌ

وَيُجْعَلُ الْمَيِّتُ فِي قَبْرِهِ عَلَى جَنْبِهِ الْيَمِينِ‏,‏ وَوَجْهُهُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ‏,‏ وَرَأْسُهُ وَرِجْلاَهُ إلَى يَمِينِ الْقِبْلَةِ‏,‏ وَيَسَارِهَا

عَلَى هَذَا جَرَى عَمَلُ أَهْلِ الإِسْلاَمِ مِنْ عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى يَوْمِنَا هَذَا‏,‏ وَهَكَذَا كُلُّ مَقْبَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ ‏.‏

616 - مَسْأَلَةٌ

وَتَوْجِيهُ الْمَيِّتِ إلَى الْقِبْلَةِ حَسَنٌ‏,‏ فَإِنْ لَمْ يُوَجَّهْ فَلاَ حَرَجَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ‏}‏ وَلَمْ يَأْتِ نَصٌّ بِتَوْجِيهِهِ إلَى الْقِبْلَةِ‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ سَأَلْت الشَّعْبِيَّ‏,‏ عَنْ الْمَيِّتِ يُوَجَّهُ إلَى الْقِبْلَةِ فَقَالَ‏:‏ إنْ شِئْت فَوَجِّهْهُ‏,‏ وَإِنْ شِئْت فَلاَ تُوَجِّهْهُ‏,‏ وَلَكِنْ اجْعَلْ الْقَبْرَ إلَى الْقِبْلَةِ‏,‏ قَبْرُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرُ أَبِي بَكْرٍ‏,‏ وَقَبْرُ عُمَرَ إلَى الْقِبْلَةِ‏:‏ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ‏,‏ وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ‏:‏ أَنَّ رَجُلاً دَخَلَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ‏,‏ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ‏:‏ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ مُسْتَلْقٍ فَقَالَ‏:‏ وَجِّهُوهُ إلَى الْقِبْلَةِ‏,‏ فَغَضِبَ سَعِيدٌ وَقَالَ‏:‏ أَلَسْت إلَى الْقِبْلَةِ ‏.‏

617 - مَسْأَلَةٌ

وَجَائِزٌ أَنْ تُغَسِّلَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا‏,‏ وَأُمُّ الْوَلَدِ سَيِّدَهَا‏,‏ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْوِلاَدَةِ‏,‏ مَا لَمْ تُنْكَحَا‏,‏ فَإِنْ نُكِحَتَا لَمْ يَحِلَّ لَهُمَا غُسْلُهُ إلاَّ كَالأَجْنَبِيَّاتِ

وَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يُغَسِّلَ امْرَأَتَهُ‏,‏ وَأُمَّ وَلَدِهِ‏,‏ وَأَمَتَهُ‏,‏ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ حَرِيمَتَهَا‏,‏ أَوْ يَسْتَحِلَّ حَرِيمَتَهَا بِالْمِلْكِ‏,‏ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَحِلَّ لَهُ غَسْلُهَا وَلَيْسَ لِلأَمَةِ أَنْ تُغَسِّلَ سَيِّدَهَا أَصْلاً‏,‏ لأَِنَّ مِلْكَهَا بِمَوْتِهِ انْتَقَلَ إلَى غَيْرِهِ‏.‏

بُرْهَانُ ذَلِكَ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ‏}‏ فَسَمَّاهَا زَوْجَةً بَعْدَ مَوْتِهَا وَهِيَ إنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ امْرَأَتُهُ فِي الْجَنَّةِ‏,‏ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ‏,‏ وَأَمَتُهُ‏,‏ وَكَانَ حَلاَلاً لَهُ رُؤْيَةُ أَبْدَانِهِنَّ فِي الْحَيَاةِ وَتَقْبِيلُهُنَّ وَمَسُّهُنَّ‏,‏ فَكُلُّ ذَلِكَ بَاقٍ عَلَى التَّحْلِيلِ فَمَنْ ادَّعَى تَحْرِيمَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ فَقَوْلٌ بَاطِلٍ إلاَّ بِنَصٍّ‏,‏ وَلاَ سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ وأما إذَا تَزَوَّجَ حَرِيمَتَهَا‏,‏ أَوْ تَمَلَّكَهَا‏,‏ أَوْ تَزَوَّجَتْ هِيَ‏:‏ فَحَرَامٌ عَلَيْهِ الاِطِّلاَعُ عَلَى بَدَنَيْهِمَا مَعًا‏,‏ لأَِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا‏.‏

وَكَذَلِكَ حَرَامٌ عَلَى الْمَرْأَةِ التَّلَذُّذُ بِرُؤْيَةِ بَدَنِ رَجُلَيْنِ مَعًا وَقَوْلُنَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ‏,‏ وَالشَّافِعِيِّ‏,‏ وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال أبو حنيفة‏:‏ تُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا‏;‏ لأَِنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنْهُ‏,‏ وَلاَ يُغَسِّلُهَا هُوَ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ مَعْمَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّقِّيِّ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ الرَّجُلُ أَحَقُّ بِغُسْلِ امْرَأَتِهِ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ قَالَ‏:‏ إنِّي لاَُغَسِّلُ نِسَائِي‏,‏ وَأَحُولُ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أُمَّهَاتِهِنَّ وَبَنَاتِهِنَّ وَأَخَوَاتِهِنَّ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ سَمِعْت حَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ يَقُولُ‏:‏ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الْقَوْمِ فَالْمَرْأَةُ تُغَسِّلُ زَوْجَهَا‏,‏ وَالرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ هُوَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ‏:‏ الرَّجُلُ أَحَقُّ أَنْ يُغَسِّلَ امْرَأَتَهُ مِنْ أَخِيهَا وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ‏:‏ يُغَسِّلُهَا زَوْجُهَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُغَسِّلُهَا وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ‏:‏ يُغَسِّلُ كُلٌّ صَاحِبَهُ يَعْنِي الزَّوْجَ‏,‏ وَالزَّوْجَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الرَّبِيعِ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ لاَ بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ

حدثنا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ عَوْفٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي جَمِيلَةَ‏:‏ أَنَّهُ شَهِدَ قَسَامَةَ بْنَ زُهَيْرٍ وَأَشْيَاخًا أَدْرَكُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَقَدْ أَتَاهُمْ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ امْرَأَتَهُ مَاتَتْ فَأَمَرَتْهُ أَنْ لاَ يُغَسِّلَهَا غَيْرُهُ فَغَسَّلَهَا‏,‏ فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ أَنْكَرَ ذَلِكَ وَرُوِّينَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ يُغَسِّلُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ‏:‏ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسَ فِيهِمْ امْرَأَةٌ فَإِنَّ زَوْجَهَا يُغَسِّلُهَا وَالْحَنَفِيُّونَ يُعَظِّمُونَ خِلاَفَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ‏,‏ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ‏,‏ وَقَدْ خَالَفُوهُ وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ‏:‏ أَنَّهُ غَسَّلَ فَاطِمَةَ مَعَ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فَاعْتَرَضُوا عَلَى ذَلِكَ بِرِوَايَةٍ لاَ تَصِحُّ‏:‏ أَنَّهَا رضي الله عنها اغْتَسَلَتْ قَبْلَ مَوْتِهَا وَأَوْصَتْ أَلاَّ تُحَرَّكَ‏,‏ فَدُفِنَتْ بِذَلِكَ الْغُسْلِ‏.‏

وَهَذَا عَلَيْهِمْ لاَ لَهُمْ‏;‏ لأَِنَّهُمْ قَدْ خَالَفُوا فِي هَذَا أَيْضًا عَلِيًّا‏,‏ وَفَاطِمَةَ‏,‏ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ فَإِنْ ذَكَرُوا مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ لَيْثٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ‏:‏ مَاتَتْ امْرَأَةٌ لِعُمَرَ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَنَا كُنْت أَوْلَى بِهَا إذْ كَانَتْ حَيَّةً‏,‏ فأما الآنَ فَأَنْتُمْ أَوْلَى بِهَا فَلاَ حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ‏,‏ لأَِنَّهُ إنَّمَا خَاطَبَ بِذَلِكَ‏,‏ أَوْلِيَاءَهَا فِي إدْخَالِهَا الْقَبْرَ وَالصَّلاَةِ عَلَيْهَا‏,‏ وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الأَوْلِيَاءَ لاَ يَجُوزُ لَهُمْ غَسْلُهَا‏,‏ وَدَلِيلُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِلَفْظِ خِطَابِ الْمُذَكَّرِ‏,‏ وَلَوْ خَاطَبَ النِّسَاءَ لَقَالَ‏:‏ أَنْتُنَّ أَوْلَى بِهَا‏,‏ وَعُمَرُ لاَ يَلْحَنُ ‏.‏

618 - مَسْأَلَةٌ

فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسَاءٍ لاَ رَجُلَ مَعَهُنَّ‏,‏ أَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ لاَ نِسَاءَ مَعَهُمْ‏:‏ غَسَّلَ النِّسَاءُ الرَّجُلَ وَغَسَّلَ الرِّجَالُ الْمَرْأَةَ عَلَى ثَوْبٍ كَثِيفٍ‏,‏ يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَى جَمِيعِ الْجَسَدِ دُونَ مُبَاشَرَةِ الْيَدِ‏,‏ لأَِنَّ الْغُسْلَ فَرْضٌ كَمَا قَدَّمْنَا‏,‏ وَهُوَ مُمْكِنٌ كَمَا ذَكَرْنَا بِلاَ مُبَاشَرَةٍ‏,‏ فَلاَ يَحِلُّ تَرْكُهُ‏,‏ وَلاَ كَرَاهَةَ فِي صَبِّ الْمَاءِ أَصْلاً وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ

وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُعَوِّضَ التَّيَمُّمَ مِنْ الْغُسْلِ إلاَّ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ فَقَطْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

وَرُوِّينَا أَثَرًا فِيهِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ مَكْحُولٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ يُيَمَّمَانِ وَهَذَا مُرْسَلٌ‏,‏ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ضَعِيفٌ‏,‏ فَهُوَ سَاقِطٌ وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا هَذَا طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ‏:‏ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ‏,‏ وَقَتَادَةَ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ تُغَسَّلُ وَعَلَيْهَا الثِّيَابُ‏,‏ يَعْنِيَانِ فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ بَيْنَ رِجَالٍ لاَ امْرَأَةَ مَعَهُمْ وَمِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ‏,‏ وَزِيَادٍ الأَعْلَمِ‏,‏ وَالْحَجَّاجِ‏:‏ قَالَ حُمَيْدٍ‏,‏ وَزِيَادٌ‏:‏ عَنْ الْحَسَنِ‏,‏ وَقَالَ الْحَجَّاجُ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ‏,‏ قَالاَ جَمِيعًا فِي الْمَرْأَةِ تَمُوتُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسَ مَعَهُمْ امْرَأَةٌ‏:‏ أَنَّهَا يُصَبُّ عَلَيْهَا الْمَاءُ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ وَالْعَجَبُ أَنَّ الْقَائِلِينَ أَنَّهَا تُيَمَّمُ‏:‏ فَرُّوا مِنْ الْمُبَاشَرَةِ خَلْفَ ثَوْبٍ وَأَبَاحُوهَا عَلَى الْبَشَرَةِ وَهَذَا جَهْلٌ شَدِيدٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

619 - مَسْأَلَةٌ

وَلاَ تُرْفَعُ الْيَدَانِ فِي الصَّلاَةِ عَلَى الْجِنَازَةِ إلاَّ فِي أَوَّلِ تَكْبِيرَةٍ فَقَطْ لأَِنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِرَفْعِ الأَيْدِي فِيمَا عَدَا ذَلِكَ نَصٌّ وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِنَا هَذَا، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ‏,‏ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ‏,‏ وَسُفْيَانَ وَصَحَّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَفْعُ الأَيْدِي لِكُلِّ تَكْبِيرَةٍ‏,‏ وَلَقَدْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ بِالْقِيَاسِ أَنْ يَرْفَعَهَا فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ قِيَاسًا عَلَى التَّكْبِيرَةِ الآُولَى‏.‏

620 - مَسْأَلَةٌ

وَإِنْ كَانَتْ أَظْفَارُ الْمَيِّتِ وَافِرَةً‏,‏ أَوْ شَارِبُهُ وَافِيًا‏,‏ أَوْ عَانَتُهُ أَخَذَ كُلَّ ذَلِكَ‏;‏ لأَِنَّ النَّصَّ قَدْ وَرَدَ وَصَحَّ بِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مِنْ الْفِطْرَةِ‏,‏ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُجَهَّزَ إلَى رَبِّهِ تَعَالَى إلاَّ عَلَى الْفِطْرَةِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ‏:‏ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ حَلَقَ عَانَةَ مَيِّتٍ وَهُمْ يُعَظِّمُونَ مُخَالَفَةَ الصَّاحِبِ الَّذِي لاَ يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم‏,‏ وَهَذَا صَاحِبٌ لاَ يُعْرَفُ لَهُ مِنْهُمْ مُخَالِفٌ وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الْحَسَنِ‏:‏ فِي شَعْرِ عَانَةِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ وَافِرًا‏,‏ قَالَ‏:‏ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنْ قَالَ‏:‏ فَإِنْ كَانَ أَقْلَفَ أَيُخْتَنُ قلنا‏:‏ نَعَمْ‏,‏ فَكَانَ مَاذَا وَالْخِتَانُ مِنْ الْفِطْرَةِ فإن قيل‏:‏ فَأَنْتُمْ لاَ تَرَوْنَ أَنْ يُطَهَّرَ لِلْجَنَابَةِ إنْ مَاتَ مُجْنِبًا‏,‏ وَلاَ لِلْحَيْضِ إنْ مَاتَتْ حَائِضًا‏,‏ وَلاَ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ إنْ مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ‏,‏ فَمَا الْفَرْقُ قلنا‏:‏ الْفَرْقُ أَنَّ هَذِهِ الأَغْسَالَ مَأْمُورٌ بِهَا كُلُّ أَحَدٍ فِي نَفْسِهِ‏,‏ وَلاَ تَلْزَمُ مَنْ لاَ يُخَاطَبُ‏:‏ كَالْمَجْنُونِ‏,‏ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ‏,‏ وَالصَّغِيرِ‏.‏

وَقَدْ سَقَطَ الْخِطَابُ عَنْ الْمَيِّتِ وأما قَصُّ الشَّارِبِ‏,‏ وَحَلْقُ الْعَانَةِ‏,‏ وَالإِبْطِ‏,‏ وَالْخِتَانِ‏:‏ فَالنَّصُّ جَاءَنَا بِأَنَّهَا مِنْ الْفِطْرَةِ‏,‏ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِهَا الْمَرْءُ فِي نَفْسِهِ‏,‏ بَلْ الْكُلُّ مَأْمُورُونَ بِهَا‏,‏ فَيَعْمَلُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْمَجْنُونِ‏,‏ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ‏,‏ وَالصَّغِيرِ ‏.‏